ج3.كتاب العجاب في بيان الأسبابشهاب الدين أبي الفضل
أحمد بن علي
---
صدقناك وإلا فلست بنبي فنزلت وقوله وبالذي قلتم أي
القربان الذي تأكله النار
وذكر الثعلبي عن ابن الكلبي قال نزلت في كعب بن الأشرف
ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن التابوت وفنحاص بن عازورا وحيي بن أخطب
قالوا يا محمد إنك تزعم أن الله بعثك إلينا رسولا وأنزل عليك كتابا 334 وإن الله أنزل
علينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله حتى يأتينا بقربان تأكله
النار فإن جئتنا به صدقناك فنزلت
وذكر الثعلبي عن السدي قال أمر الله بني إسرائيل في
التوراة من جاءكم من أحد يزعم أنه رسول الله فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكله
النار حتى يأتيكم المسيح ومحمد فإذا أتياكم فآمنوا بهما فإنهما يأتيان بغير قربان
قال الله قل يا محمد إقامة للحجة عليهم قد جاءكم أيها اليهود رسل من قبلي بالبينات
وبالذي قلتم فلم قتلتموهم وأراد بذلك أسلافهم فخاطبهم بذلك أنهم رضوا فعل أسلافهم
قال الثعلبي فمعنى الآية تكذيبهم إياك يا محمد مع علمهم
بصدقك كقتل أسلافهم الأنبياء مع إتيانهم بالقربان والمعجزات
قلت إن ثبت هذا السدي نقله الذي من أنهم حذفوا من
التوراة استثناء المسيح ومحمد أزال أشكالا كبيرا
264 - قوله تعالى لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من
الذي أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا 186
تقدم قريبا في قصة أبي بكر مع فنحاص
وروينا في حديث الزهري جمع الذهلي من طريق الزهري عن عبد
الرحمن ابن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أن كعب بن الأشرف كان شاعرا وكان يؤذي
النبي ويحرض عليه كفار قريش في شعره وكان النبي قدم المدينة وبها المشركون واليهود
فأراد أن يستصلحهم وكانوا يؤذونه وأصحابه أشد الأذى فأمره الله بالصبر على ذلك
منهم وأنزل ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذى كثيرا
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 335 عن معمر عن الزهري ولم
يذكر أحدا قوله
وشاهده في صحيح البخاري من حديث أسامة بن زيد أن رسول
الله ركب على حمار وتحته قطيفة فذكر القصة وفيها وكان رسول الله وأصحابه
يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون
على الأذى قال الله تعالى ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذي أشركوا
أذى كثيرا إلى آخر الآية
265 - قوله تعالى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب
187
يأتي في الذي بعده
266 - قوله تعالى لا تحسبن الذين يفرحون أتوا ويحبون أن
يحمدوا بما لم يفعلوا الآية 188
1 - أخرج البخاري من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار
عن أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله إلى الغزو
تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله فإذا قدم رسول الله من الغزو اعتذروا
إليه وحلفوا له وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت
وأخرجه أيضا مسلم وابن حبان من هذا الوجه
ورواه هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فقصر به لم يذكر عطاء
بن يسار
أخرجه ابن مردويه في تفسيره من طريق الليث عنه عن زيد بن
أسلم قال كان أبو سعيد وزيد بن ثابت عند مروان فقال يا أبا سعيد أرأيت قول الله
تعالى لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ونحن نفرح
بما أويتنا ونحب أن نحمد بما لم نفعل فقال أبو سعيد إن هذا ليس من ذلك إنما ذلك أن
ناسا من المنافقين فذكر الحديث وفيه فإن كان فيهم نكبة فرحوا بتخلفهم وإن كان لهم
نصر حلفوا لهم ليرضوهم ويحمدونهم 336 على سرورهم بالنصر
فقال مروان أين هذا من هذا فقال أبو سعيد وهذا يعلم ذلك
فقال مروان أكذلك يا زيد قال نعم صدق أبو سعيد ثم قال أبو سعيد وهذا يعلم ذلك يعني
رافع بن خديج ولكنه يخشى إن أخبرك أن تنزع قلائصه في الصدقة فلما خرجوا قال زيد بن
ثابت لأبي سعيد ألا تحمدني على ما شهدت لك فقال شهدت بالحق فقال أولا تحمدني إذا
شهدت بالحق
وأخرجه ابن مردويه والثعلبي من طريق عبد العزيز بن يحيى
المدني عن مالك عن زيد بن أسلم عن رافع بن خديج أنه كان هو وزيد بن ثابت عند مروان
وهو أمير المدينة يومئذ فقال مروان لرافع في أي شيء أنزلت هذه الآية لا تحسبن
الذين يفرحون بما أتوا فقال رافع أنزلت في أناس من المنافقين كانوا إذا خرج رسول
الله وأصحابه في سفر تخلفوا عنه فأنكر مروان ذلك وقال ما هذا فجزع رافع وقال لزيد
بن ثابت أنشدك بالله هل تعلم ما قال رسول الله قال زيد نعم فخرجا من عند مروان
فقال زيد لرافع وهو يمزح معه أما تحمدني لما شهدت لك فقال رافع وأي شيء هذا أحمدك على
أن تشهد بالحق قال زيد نعم قد حمد الله
على الحق أهله
قلت عبد العزيز بن يحيى ضعيف جدا ورواية هشام أصح لأنها
موافقة لرواية محمد بن جعفر بن أبي كثير المخرجة في الصحيح
ودلت هذه الرواية على أن مروان كان يكرر السؤال على هذه
الآية لأن في الصحيح من طريق ابن أبي مليكة 337 أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن
مروان قال لبوابه اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له لئن كان كل امرىء يفرح بما أتى
وأجب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعين فقال ابن عباس ما لكم ولهذه إنما
أنزلت هذه في أهل الكتاب ثم تلا وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه
للناس ولا تكتمونه قال ابن عباس سألهم النبي عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره
وخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بالذي سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما
أتوا من كتمان ما سألهم عنه
وكذا أخرجه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم
ويمكن الجمع بين الحديثين بنزول الآية في حق المنافقين
وفي أهل الكتاب
3 - قول آخر ذكر ابن إسحاق عن محمد مولى زيد بن ثابت عن
عكرمة قال في قوله تعالى ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا الآية قال يعني فنحاص
وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس
من الضلال ويحبون أن يحمدوا أن يقول لهم الناس علماء وليسوا بأهل علم
4 - قول آخر قال عبد الرزاق عن الثوري عن أبي الجحاف عن
مسلم البطين سأل الحجاج جلساءه عن هذه الآية والتي بعدها وإذا أخذ الله ميثاق
الذين أوتوا الكتاب و لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا فقالوا الأولى كتمانهم محمدا
والثانية قولهم أنهم على دين إبراهيم
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق شريك عن أبي الجحاف لفظه
يقولون نحن على دين إبراهيم وليسوا كذلك
5 - قول آخر أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة إن أهل
خيبر أتوا النبي 338 فقالوا إنا على رأيك ودينك وإنا لكم ود فأكذبهم الله وقال ولا
تحسبن الذين يفرحون بما أتوا الآية
وأخرجه عبد بن حميد من رواية شيبان عنه نحوه
6 - قول آخر أخرج عبد بن حميد من طريق جويبر عن الضحاك
كتب يهود المدينة إلى يهود العراق ويهود اليمن ويهود الشام ومن بلغهم كتابهم من
أهل الأرض أن محمدا ليس بنبي واثبتوا على دينكم وأجمعوا كلمتكم على ذلك فاجتمعت
كلمتهم على الكفر بمحمد والقرآن وفرحوا بذلك وقالوا الحمد لله الذي جمع كلمتنا ولم
نتفرق ولم نترك ديننا وقالوا نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله وذلك قول
الله تعالى ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من العبادة كالصوم والصلاة وغير ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عباد بن منصور سألت الحسن عن
قوله ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا قال هم يهود خيبر قدموا على النبي قالوا
للناس حين خرجوا إليهم إنا قد قبلنا الدين ورضينا به فأحبوا أن يحمدوا بما لم
يفعلوا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق مغيرة بن مقسم
عن إبراهيم النخعي في هذه الآية قال ناس من اليهود جهزوا جيشا لرسول الله
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أفلح بن سعيد عن محمد بن كعب
قال كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء فأدخلتهم الملوك عليهم فرخصوا لهم فأعطوهم
فخرجوا وهم فرحون بما أخذوه
وأخرجا من طريق أبي المعلى سمعت سعيد بن جبير قال أولئك
اليهود فرحوا بما أعطى الله تعالى آل إبراهيم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد 339
هم يهود فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب وجحودهم إياه
267 - قوله تعالى إن في خلق السموات والأرض واختلاف
الليل والنهار لآيات لأولي الألباب 190
أخرج عبد بن حميد عن الحسن بن موسي عن يعقوب القمي عن
جعفر بن
أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال انطلقت قريش إلى اليهود
فسألوهم ما أتى به موسى من الآيات فذكروا عصاه ويده وأتوا النصارى فقالوا كيف كان
عيسى فقالوا كان يبرىء الأكمه والأبرص فأتوا النبي فقالوا ادع لنا ربك يجعل لنا ربك
يجعل لنا الصفا ذهبا فأنزل الله تعالى هذه الآية
وأخرجه ابن أبي حاتم والطبراني من رواية يحيى بن عبد
الحميد عن يعقوب موصولا يذكر ابن عباس فيه والمرسل أصح
268 - قوله تعالى فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل
منكم الآية 195
أخرج الترمذي والحاكم من طريق عمرو بن دينار عن أبي عمر
بن أبي سلمة رجل من ولد أم سلمة قال قالت أم سلمة يا رسول الله لا أسمع الله ذكر
النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله تعالى فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع
عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى في رواية الحاكم سلمة بن
عمر بن سلمة
وقال عبد الرزاق في تفسيره أنا ابن عيينة عن عمرو بن
دينار سمعت رجلا من ولد أظنه قال أم سلمة فذكره
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبن أبي نجيح عن مجاهد قال
قالت أم سلمة لا نستشهد ولا نقاتل ولا نقطع الميراث فنزلت أني لا أضيع الآية
269 - قوله تعالى لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد الآية
196
قال الثعلبي نزلت في مشركي العرب وذلك لأنهم كانوا في
رخاء من العيش فقال بعض المؤمنين أعداء الله 340 فيما نرى من الخير وقد هلكنا من
الجوع فنزلت
270 - قوله تعالى وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما
أنزل إليكم الآية 199
نزلت في النجاشي وذلك أنه لما مات نعاه جبريل لرسول الله
في اليوم الذي مات فيه فقال لأصحابه أخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم
فقالوا ومن هو قال النجاشي فخرج إلى البقيع فكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة
فأبصر سرير النجاشي وصلى عليه فكبر أربع تكبيرات واستغفر له وقال لأصحابه استغفروا
له فقال المنافقون انظروا إلى هذا يصلي على حبشي نصراني لم يره قط ولم يكن على
دينه فأنزل الله تعالى وإن من أهل الكتاب وينظر في تفسير البقرة من قوله ولله
المشرق والمغرب
وأخرج الدارقطني في الأفراد من رواية معتمر عن حميد عن
انس قال
قال النبي قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي فقال بعضهم
لبعض يأمرنا أن نصلي على علج من الحبشة فأنزل الله وإن من أهل الكتاب الآية
قال الدارقطني تفرد به معتمر ولا نعلم رواه عنه غير أبي
هاني أحمد بن بكار كذا قال وقد أخرجه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش عن حميد
وله طريق أخرى عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال لما مات النجاشي قال النبي استغفروا
لأخيكم فقال بعض القوم يأمرنا أن نستغفر لهذا العلج يموت بأرض الحبشة فنزلت وإن من
أهل الكتاب لمن يؤمن بالله الآية
وهو من رواية مؤمل بن إسماعيل عن حماد وفيه لين
وأخرجه عبد بن حميد عن سليمان 341 بن حرب عن حماد بن
سلمة عن ثابت عن الحسن وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه عن ابن عائشة عن حماد
وقال عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة نزلت في النجاشي
وأصحابه
وأخرج عبد بن حميد من رواية شيبان عن قتادة نحوه وزاد
وكانوا على شريعة من الحق يقولون في عيسى ما قال الله عز و جل ويؤمنون برسول الله
ويصدقون بما أنزل الله فيه وذكر لنا أن رسول الله صلى على النجاشي حين بلغه موته
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نزلت
هذه الآية في مؤمني أهل الكتاب
وأخرج الطبراني في الأوسط من طريق عبد الرحمن بن زيد بن
أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال لما قدم على النبي موت النجاشي قال
اخرجوا فصلوا على أخ لكم فخرجنا وتقدم فصلى وصلينا فلما انصرف قال المنافقون انظروا
إلى هذا خرج فصلى على علج نصراني لم يره قط فأنزل الله عز و جل فيه الآية
وأخرجه أيضا من رواية قطن بن خليفة عن عطية عن أبي سعيد
نحوه
وأخرج الطبراني في الكبير من حديث وحشي بن حرب نحوه لكن
قال فقال رجل يا رسول الله كيف نصلي عليه وقد مات في كفره فقال ألا تسمعون إلى
قول الله تعالى وإن من أهل الكتاب الآية
2 - وأخرج سنيد من طريق ابن جريج نزلت في عبد الله بن
سلام وأصحابه
وأخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحوه
271 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا
ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون 200
أخرج الحاكم 343 من طريق مصعب بن ثابت حدثني داود بن
صالح قال قال أبو سلمة بن عبد الرحمن يا ابن أخي هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية
يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا الآية قلت لا قال يا ابن أخي
إني سمعت أبا هريرة يقول لم يكن في زمان رسول الله غزو
يرابط فيه ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة
قلت أورده الواحدي وليس من شرطه
آخر ما في سورة آل عمران
سورة النساء 272 - قوله تعالى وآتوا اليتامى أموالهم ولا
تتبدلوا الخبيث بالطيب إلى قوله حوبا كبيرا 2
1 - نقل الواحدي عن الكلبي قال نزلت هذه الآية في رجل من
غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه
فترافعا إلى رسول الله فنزلت الآية فقال العم أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله
من الحوب الكبير فدفع إليه ماله
وذكر مقاتل نحوه وسمى العم المنذر بن رفاعة
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار
عن سعيد بن جبير فذكر نحوه ولم يقل من غطفان
2 - قول آخر
أخرج الطبري من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن
أسلم كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان ويأخذ الأكبر وحده المال فنزلت
273 - قوله تعالى ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب 2
قال السدي كان أحدهم يأخذ الشاة المسمنة من غنم اليتيم
ويجعل بدلها الشاة المهزولة ويقول شاة بشاة ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح الدرهم الزيف
ويقول بدرهم أخرجه ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي 343 وذكر الطبري وغيره
عن الزهري والنخعي والضحاك وغيرهم نحوه
274 - قوله تعالى وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة الآية
3
1 - أخرج عبد بن حميد عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد
واللفظ له وعبد الرزاق عن معمر كلاهما عن أيوب عن سعيد بن جبير قال بعث الله
محمدا والناس على أمر جاهليتهم إلا أن يؤمروا بشيء أو
ينهوا عن شيء وكانوا يسألون عن اليتامى فنزلت هذه الآية فقصرهم على أربع فكما
تخافون أن لا تعدلوا في اليتامى فكذلك خافوا أن لا تعدلوا بين النساء
ولفظ معمر خاف الناس أن لا يقسطوا في اليتامى فنزلت
فانكحوا ما طاب لكم من النساء يقول ما أحل لكم مثنى وثلاث ورباع وخافوا في النساء
مثل الذي خفتم في اليتامى
ووصله عبد بن حميد بذكر ابن عباس مختصرا أخرجه من طريق
عبد الكريم الجزري عن سعيد عن ابن عباس قال كما خفتم في اليتامى فخافوا في النساء
إذا اجتمعن عندكم
وأخرج ابن المنذر من طريق سماك بن حرب عن عكرمة كان
الرجل يتزوج الأربع والخمس والست والعشر فيقول الآخر ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج
فلان فيأخذ مال اليتيم فيتزوج به فنهوا أن يتزوج الرجل فوق الأربع
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن ابي طلحة عن ابن عباس
كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء فيتزوجون ما شاؤا فربما عدلوا
وربما لم يعدلوا فلما سألوا عن اليتامى فنزلت وآتوا اليتامى أموالهم بدل وإن خفتم
أن لا تقسطوا في اليتامى 344 فكذلك فخافوا في النساء أن
لا تعولوهن فلا تزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن لأن النساء كاليتامى في الصغر
والعجز
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة نحو الأول
وزاد في أوله كان الرجل في الجاهلية يتزوج العشرة فما دون ذلك فأحل الله أربعا
فقصرهم على أربعة
2 - قول آخر أخرج البخاري من طريق ابن جريج أخبرني هشام
بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق فكان يمسكها عليه
ولم يكن لها في نفسه شيء فنزلت فيه وإن خفتم أن لا تقسطوا أحسبه قال كانت شريكته
في ذلك العذق وفي ماله هكذا أورده مختصرا من هذا الوجه وأورده هو ومسلم وغيرهما من
طريق أبي أسامة عن هشام بلفظ أنزلت هذه
الآية في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليها ولها مال وليس
لها أحد يخاصم دونها ولا ينكحها إلا لمالها فيضربها ويسيىء عشرتها فقال الله تعالى
وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم أي حل ودعوا هذه
وأورده أتم منه من طريق الزهري أخبرني عروة أنه سأل
عائشة عن قوله تعالى وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى قالت يا ابن أختي هذه
اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها فيريد أن يتزوجها
بغير أن يقسط لها في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره فنهوا أن ينكحوهن إلا أن
يقسطوا لهن فيبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من
النساء سواهن
قالت عائشة وقول الله في الآية الأخرى وترغبون 345 أن
تنكحوهن رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال
قالت فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من
يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن إذ كن قليلات المال والجمال
275 - قوله ز تعالى وآتوا النساء صدقاتهن نحلة 4
1 - أخرج عبد بن حميد والطبري وابن أبي حاتم من طريق
هشيم عن سيار عن أبي صالح قال كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها فنهاهم
الله عن ذلك ونزلت وآتوا النساء صدقاتهن نحلة الآية
2 - قول آخر نقل الثعلبي عن الكلبي وجماعة قالوا هذا
خطاب للأولياء وذلك أن ولي المرأة كان إذا زوجها فإن كانت معهم في العشيرة لم
يعطها من مهرها قليلا ولا كثيرا وإن كان زوجها غريبا حملوها إليه على بعير ولا
يعطونها من مهرها غير ذلك وكذلك كانوا يقولون لمن ولدت له بنتا هنيئا لك النافحة
أي يأخذ في مهرها إبلا يضمها إلى إبله فيكثرها بها فنهاهم الله عن ذلك وأمر بأن
يعطى الحق لأهله
3 - قول آخر نقل الثعلبي عن الحضرمي كان أولياء النساء
يعطي هذا أخته على أن يعطيه الآخر أخته فنهوا عن ذلك وأمروا بتسمية المهر عند
العقد
4 - قول آخر قال الثعلبي قال آخرون الخطاب للأزواج أمروا
بإيفاء نسائهم مهورهن التي هي أثمان فروجهن قال وهذا أوضح وأصح وهو أشبه بظاهر
الآية وقول الأكثر
276 - قوله ز تعالى فكلوه هنيئا مريئا 4
قال الثعلبي قيل إن ناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في
شيء مما ساق إلى امرأته فقال الله تعالى فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا
مريئا
277 - قوله ز تعالى ولا تؤتوا السفهاء 346 أموالكم التي
جعل الله لكم قياما الآية 5
1 - قال الثعلبي عن الحضرمي عمد رجل إلى أمرأته فدفع
إليها ماله فوضعته في غير الحق فأنزل الله هذه الآية
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس هو
الأولاد وقاله طوائف
3 - قول آخر عن سعيد بن جبير هو مال اليتيم يكون عندك لا
تعطه إياه وأنفق عليه حتى يبلغ
قال الطبري أضيفت الأموال إلى أولياء الأيتام لأنهم هم
الذين يقومون عليها وهي بأيديهم
278 - قوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح
فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم 6
قال الثعلبي نزلت في ثابت بين رفاعة فذكر قوله متى أدفع
إليه ماله فنزلت فإن آنستم منهم رشدا الآية وسيذكر في الذي يليه
279 - قوله تعالى ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا
فليأكل بالمعروف 6
1 - قال الثعلبي نزلت في ثابت بن رفاعة وعمه وذلك أن
رفاعة مات وترك
ابنه ثابتا وهو صغير فأتى عم ثابت النبي فقال إن ابن أخي
يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ومتى أدفع إليه ماله فأنزل الله تعالى وابتلوا
اليتامى انتهى
وقال مقاتل بن سليمان نزلت في ثابت بن رفاعة فذكر نحوه
وقال فيه فنزلت فيه الآية كلها إلى قوله وكفى بالله حسيبا
قلت أخرجه عبد بن حميد عن يونس بن محمد عن شيبان عن
قتادة قال ذكر لنا أن عم ثابت بن وديعة لأبيه صار إلى النبي فقال إن ابن أخي يتيم
في حجري فماذا يحل لي من ماله قال أن تأكل من ماله بالمعروف من غير أن تقي مالك
بماله ولا تتخذ من ماله وفرا
ومن ثلاثة طرق 347 إلى الحسن العرني قال سأل رجل النبي
فقال إن في حجري يتيما فآكل من ماله قال بالمعروف غير متأثل مالا ولا واق مالك
بماله
وقال البخاري حدثنا إسحاق أنا ابن نمير عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف أنزلت في
والي اليتيم
وأخرج أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي من طريق عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا سأل رسول الله فقال ليس لي مال ولي يتيم فقال كل من
مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ومن غير أن تقي أو تفتدي مالك بماله
ورجاله إلى عمرو رجال الصحيح
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق ابن وهب عن نافع بن أبي
نعيم
قال سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قوله تعالى ومن كان
فقيرا فليأكل بالمعروف قالا ذلك في اليتيم إن كان فقيرا أنفق عليه يعني الولي بقدر
فقره ولم يكن للولي منه شيء
280 - قوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان
والأقربون الآية 7
قال الثعلبي نزلت في أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك
امرأة يقال لها أم كجة وثلاث بنات له منها فقام ابنا عمه وهما وصياه قال ابن
الكلبي هما قتادة وعرفطة وقال غيره سويد وعرفجة فلم يعطيا امرأته ولا بناته شيئا
وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغيرة ولو كان ذكرا ويقولون لا يعطى
إلا من يقاتل على ظهور الخيل ويحوز الغنيمة فجاءت أم كجة فقالت يا رسول الله إن أوس
بن ثابت مات وترك علي ثلاث بنات وترك أبوهن مالا حسنا فأخذ أخواه المال ولم
يعطياني شيئا وهن في حجري 348 ولا يطعماني ولا يسقياني ولا يرفعان لهن رأسا
فدعاهما فقالا يا رسول الله ولدها لا تركب فرسا ولا تحمل كلا ولا تنكأ عدوا فقال
انصرفوا حتى أنظر فأنزل الله للرجال نصيب الآية فأثبت لهن في الميراث حقا ولم يبين
كم هو فأرسل إليهما فقال لا تفرقا من مال أوس شيئا حتى
أنظر فأنزل الله يوصيكم الله في أولادكم الآية فأرسل إليهما
رسول الله ادفعا إلى أم كجة الثمن مما ترك وإلى بناته الثلثين ولكما باقي المال
قلت هذا السياق الذي أورده لم أره فيحتمل أن يكون لابن
الكلبي وأما قوله وقال غيره سويد وعرفجة فوقع في تفسير مقاتل ترك ابني عمه عرفطة
وسويد ابني الحارث وامرأته أم كجة وابنتين إحداهما صفية فذكر معنى القصة ونزول
الآية الأولى
وأخرج سنيد والطبري من طريقه عن حجاج عن ابن جريج عن
عكرمة في هذه الآية نزلت في أم كجة وبنت كجة وثعلبة وأوس بن ثابت وهما من الأنصار
أحدهما زوجها والآخر عم ولدها فذكرها باختصار
وأخرجه ابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن
ابن جريج قال قال ابن عباس نزلت في أم كلثوم وبنت أم كجة وثعلبة بن أوس وسويد كان
أحدهما زوجها والآخر عم ولدها فذكره باختصار زاد ابن المنذر وقال ابن جريج
قال آخرون أم كجة
ومن طريق أسباط بن نصر عن السدي كان أهل الجاهلية لا
يورثون الجواري ولا الصغار إنما يرث من الولد من أطاق القتال فمات عبد الرحمن بن
ثابت أخو حسان وترك امرأة يقال لها أم كجة وترك خمس جواري فجاء الورثة فأخذوا ماله
فشكت أمهم ذلك لرسول الله 349 فنزلت آية الميراث فإن كن نساء فوق اثنتين كما قال
ومن طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير نحوه إلى قوله
ولا الصغار فقال بعدها يجعلون الميراث لذوي الأسنان من الرجال فنزلت للرجال نصيب
الآية ولم يسم أحدا منهم
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كانوا لا يورثون
النساء فنزلت وللنساء نصيب
وكذا أخرجه عبد بن حميد عن عبد الرزاق مختصرا
وأخرج ابن مردويه من طريق إبراهيم بن هراسة عن الثوري عن
عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر جاءت أم كجة إلى رسول الله فقالت يا رسول الله
إن لي ابنتين قد مات أبوهما وليس لهما شيء فأنزل الله للرجال نصيب الآية
وإبراهيم ضعيف
وقد أخرج أحمد الحديث من رواية عبيد الله بن عمرو الرقي
عن ابن عقيل عن جابر قال جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت يا رسول الله قتل سعد بن
الربيع معك وترك اثنتين فأخذ عمهما المال الحديث فنزلت يوصيكم الله في أولادكم الآية
وسيأتي بيان ذلك قريبا وهذا أثبت من رواية ابن هراسة
281 - قوله تعالى وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى
والمساكين فارزقوهم منه وقولو لهم قولا معروفا 8
أخرج ابن أبي حاتم من طريق همام عن قتادة عن سعيد بن
المسيب قال كان الرجل ينفق على جاره وعلى قريبه فإذا مات فحضروا قال لهم وليه ما
أملك منه شيئا فأمرهم الله أن يقولوا لهم قولا معروفا يرزقكم الله يغنيكم الله
ويرضخ لهم من الثمار
وقال الفريابي نا قيس هو ابن الربيع عن سالم الأفطس عن
سعيد بن جبير كانت أموالهم الثمار فكان الوالي إذا اراد 350 القسمة أتى أولو القربى
واليتامى والمساكين فيقول لهم مالي من هذا من وما أملك لهم أن يطعموا وأمرهم إذا
حضروا أن يطعموا معروفا يقول لهم
الولي حين يطعمهم خذ بارك الله فيك قيس بن الربيع وهو سيىء
الحفظ والمحفوظ عن سعيد بن جبير تفصيل أخرجه البخاري وابن المنذر من طريق أبي
عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت وإذا حضر
القسمة الآية ولا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون بها الناس وهما واليان فوال يرث
فذلك الذي يرزق ويكسو ووال ليس بوارث فذاك الذي يقول قولا معروفا يقول إنه مال
يتيم ومالي فيه شيء
وأخرج البخاري والنسائي عن عكرمة عن ابن عباس قال هي
محكمة وليست بمنسوخة
وتابعه سعيد عن ابن عباس وهذه المتابعة
وأخرج عبد الرزاق من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر عن
ابن عباس أن المراد بذلك أن يوصي الميت لذوي قرابته واليتامى والمساكين
وجاء عن ابن عباس أنها منسوخة نسختها آية المواريث فإنها
من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه وقد عرف السند
ومن طريق عطية العوفي عن ابن عباس وعطية يسمع من ابن
عباس
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق إسماعيل بن ابن جريج وعثمان
بن عطاء كلاهما عن عطاء وهو الخراساني 351 وإسماعيل وعطاء الخراساني ضعيفان مع
الانقطاع بين عطاء هذا وابن عباس
282 - قوله ز تعالى وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية
ضعافا خافوا عليهم الآية 9
قال الفريابي حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت قال أتيت
أنا والحكم سعيد بن جبير فسألته عن هذه الآية فقال هذا القول يقوله من حضر عند
الميت إذا أوصى فيذكره بذوي قرابته يقول أعطهم صلهم برهم قال فأتينا مقسما فذكرنا
له ذلك فقال ليس هكذا ولكن يقول من حضره اتق الله أمسك عليك مالك فليس أحد أحق بمالك
من ولدك ولو كان من أوصى لهم من أقاربهم لأحبوا أن يوصى لهم
وأخرج عبد بن حميد عن قبيصة عن سفيان نحوه انتهى
ويمكن الحمل على الصنفين معا ويجمعهما أن كلا من
الفريقين يحب إيثار قرابته وحرمان الأجانب
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هذا في الرجل يحضره
الموت فيسمعه رجل يوصي بوصية تضر بورثته فيرشده ويوفقه ويذكره للصواب وأن ينظر
لورثته كما لو كان هو الذي يوصي ويخشى على ورثته الضيعة
قلت وهذا منزع آخر وهو يشبه ما ثبت في الصحيحن من قصة
إشارة النبي على سعد بن أبي وقاص أن يبقي لورثته
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس أنها نزلت
تنبيها للأوصياء على حفظ أموال اليتامى وهو حسن لكن يحتاج إلى حمل القول في قوله
وليقولوا قولا سديدا على جميع الأعمال البدنية واللفظية والقلبية
283 - قوله تعالى إن الذين يأكلون 352 أموال اليتامى
ظلما 10
نقل الثعلبي عن مقاتل بن حيان أنها نزلت في رجل من غطفان
يقال له مرثد بن زيد ولي مال ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله فأنزل الله تعالى فيه
هذه الآية
284 - قوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ
الاثنيين الآية 11
1 - قال البخاري في أول باب الفرائض باب قوله يوصيكم
الله في أولادكم إلى قوله والله عليم حليم
حدثني إبراهيم بن موسى نا هشام بن يوسف أن ابن جريج
أخبرهم أخبرني محمد بن المنكدر عن جابر قال عادني النبي وأبو بكر ماشيين ووجدني لا
أعقل شيئا فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش علي فأفقت فقلت ما تأمرني أن أصنع في مالي يا
رسول الله فنزلت يوصيكم الله في أولادكم
وأخرجه مسلم من رواية حجاج عن بن محمد عن ابن جريج وقد
اختلف الرواة عن ابن المنكدر فالأكثر أبهموا الآية وكشفها ابن جريج وابن عيينة
فممن أبهمها سفيان الثوري ولفظه نزلت آية الميراث وكذا قال شعبة وقال مرة آية
الفرائض فأما ابن عيينة فقال حتى نزلت يستفتونك الآية وكلها في الصحيح
ورواية أحمد بن حنبل عن ابن عيينة تشير إلى أن تعيين
الآية من جهة ابن عيينة وأن آخر الحديث عنده كما عند الثوري وشعبة
قال أحمد عن ابن عيينة حتى نزلت آية الميراث يستفتونك قل
الله يفتيكم في الكلالة وكان له أخوات ولم يكن له ولد
والذي يظهر أن من قوله يستفتونك إلى آخره من كلام ابن
عيينة أدرج في الخبر لخلو رواية الباقين عن قوله وكان له أخوات إلى آخره فرأى
البخاري أن تعيين ابن جريج 353 أولى بالقبول من تعيين ابن عيينة لقوله إلى قوله
عليهم حليم وإن كان رجل يورث كلالة وقد فسرت الكلالة بمن لا ولد له ولا والد وهي منطبقة
على حال جابر
وقد توبع ابن جريج على هذا التعيين قال عبد بن حميد نا
عبد الرحمن بن سعد نا عمرو بن أبي قيس عن ابن المنكدر إلى آخره فنزلت يوصيكم الله
الآية
وهذا من المواضع التي تواردوا بها على استغراب ما وقع
عند البخاري ولم يقفوا على دقة نظره في ذلك
فإن قيل قد وقع في رواية بهز عن شعبة
قلت لابن المنكدر لما وقف عند قوله آية الميراث قلت له
يستفتونك قل
الله يفتيكم في الكلالة قال هكذا أنزلت فإن ظاهره يساعد
ابن عيينة قلت نعم ولعل هذا هو الذي غر ابن عيينة حتى جزم بذلك وليس صريحا في
المراد فإنه يحتمل أنه أراد بقوله هكذا أنزلت أي كما حدثتك بغير تعيين ويحتمل أنه
أشار إلى الآية بعينها ولكن لا يمتنع نزولها في عدة أسباب فقد تقدم في قوله وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ذكر قصة بنتي سعد بن الربيع
2 - وقد جاء عن جابر من وجه آخر في نزول آية الفرائض سبب
آخر قال أبو داود حدثنا مسدد نا بشر بن المفضل نا عبد الله بن محمد بن عقيل عن
جابر بن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواق
فجاءت المرأة بابنتين فقالت يا رسول الله هاتان بنتا ثابت بن قيس قتل معك يوم أحد وقد
استفاء عمهما مالهما كله ولم يدع لهما مالا إلا أخذه فما ترى يا رسول الله 354
فوالله لا تنكحان أبدا إلا ولهما مال فقال رسول الله يقضي الله في ذلك قال ونزلت
سورة النساء يوصيكم الله في أولادكم الآية
فقال رسول الله ادعوا لي المرأة وصاحبها فقال لعمهما
أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فلك
قال أبو داود أخطأ فيه هما ابنتا سعد بن الربيع وثابن بن
قيس قتل يوم اليمامة النبي ثم ساق الحديث من طريق ابن وهب عن داود ابن قيس وغير
واحد من أهل العلم عن ابن عقيل وقال فيه جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيهما من سعد
إلى رسول الله
وكذا رواه شريك النخعي وعبيد الله بن عمرو الرقي كلاهما
عن ابن عقيل
أخرجه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وقالوا امرأة سعد بن
الربيع
ونقل الثعلبي القصة عن عطاء مرسلا وزاد فيها إنها لما
شكت قال لها النبي ارجعي فلعل الله أن يقضي في ذلك فأقامت حينا ثم عادت وشكت وبكت
فنزل يوصيكم الله الحديث
3 - سبب آخر لأول الآية المذكورة قال البخاري حدثنا محمد
بن يوسف عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال كان المال للولد وكانت
الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل
حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس أو الثلث وجعل للزوجة الثمن أو
الربع وللزوج الشطر أو الربع
4 - سبب آخر لبعضها فأخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق
العوفي عن ابن عباس لما نزلت آية 355 الفرائض قال بعضهم يا رسول الله أنعطي
الجارية نصف ما ترك أبوها وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم وكذلك الصبي وكانوا في
الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل ويعطونه الأكبر فالأكبر فنزلت فريضة من
الله إن الله كان عليما حكيما
285 - قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا لا يحل لكم أن
ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة
مبينة الآية 19
1 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن
عباس في هذه الآية قال كان الرجل إذا مات وترك زوجة ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها
فإن كانت جميلة تزوجها وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها
وأخرج البخاري من طريق أبي إسحاق الشيباني عن عكرمة عن ابن
عباس
قال كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء
بعضهم تزوجها وإن شاؤوا زوجوها وإن شاؤوا لم يزوجوها هم أحق بها من أهلها فنزلت
هذه الآية في ذلك
وأخرجه أبو داود من طريق يزيد النحوي لعن عكرمة عن ابن
عباس في هذه الآية قال وذلك أن الرجل كان يرث أمرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو
ترد إليه صداقها يعني الذي كان الميت أعطاها فأحكم الله ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الليث عن سعيد بن أبي هلال
قال زيد ابن أسلم في هذه الآية كان أهل يثرب إذا مات الرجل منهم في الجاهلية ورث
امرأته من يرث ماله فكان يعضلها حتى يرثها أو يزوجها ممن أراد وكان أهل تهامة يسيء
الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها ويشترط عليها أن لا تتزوج إلا من أراد حتى تفتدي منه
ببعض
356 - ما أعطاها فنهى الله المؤمنين عن ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عن
السدي عن أبي مالك كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها جاء وليه فألقى عليها
ثوبا فإن كان له ابن صغير أو أخ حبسها حتى تشيب أو تموت فيرثها وإن هي انفلتت فأتت
أهلها من
قبل أن يلقى عليها ثوبا نجت فنزلت
وأخرج الطبري وابن مردويه من طريق محمد بن فضيل عن يحيى
بن سعيد عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال لما توفي أبو قيس ابن
الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته وكان لهم ذلك في الجاهلية فنزلت
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج أخبرني عطاء أن أهل
الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل وترك امرأة حبسها أهلها على الصبي يكون فيهم فنزلت
وبه عن ابن جريج قال وقال مجاهد كان الرجل إذا توفي كان
ابنه أحق بأمرأته ينكحها إن شاء لم يكن ابنها أو يزوجها من شاء أخاه أو أبن أخيه
وبه قال ابن جريج قال عكرمة نزلت في كبيشة بنت معن بن
عاصم من الأوس توفي عنها أبو قيس بن الأسلت فجنح عليها ابنه فجاءت إلى رسول الله
فقالت يا رسول الله لا أنا ورثت زوجي ولا أنا تركت فأتزوج فنزلت
وأخرج ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج قال
قال عكرمة فذكره إلا أنه قال مات الأسلت فجنح عليها ابنه أبو قيس وهذا منكر
والمحفوظ
مات أبو قيس بن الأسلت فألقى عليها ابنه ثوبا
وقد جمع الثعلبي ما تقدم فنظمه في سياق واحد بزيادة ونقص
فقال 357
قال المفسرون كان من أهل المدينة في الجاهلية في أول
الإسلام إذا مات الرجل وله امرأة جاء ابنه من غيرها أو قريبه من عصبته فألقى ثوبه
عليها أو على خبائها فصار أحق بها من نفسها ومن غيره فإن شاء أن يتزوجها تزوجها
بغير صداق إلا الصداق الأول الذي أصدقها الميت وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها فلم
يعطها منه شيئا وإن شاء عضلها ومنعها من الأزواج وطول عليها وضارها لتفتدي منه بما
ورثت من الميت أو تموت هي فيرثها فإن ذهبت المرأة إلى منزل أهلها قبل أن يلقي
عليها ابن زوجها ثوبه فهي أحق بنفسها فكانوا كذلك حتى توفي أبو قيس بن الأسلت
الأنصاري وترك زوجته كبيشة بن معن الأنصارية فقام ابن له من غيرها يقال له حصن
فطرح ثوبه عليها فولي نكاحها ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها يضارها بذلك
لتفتدي منه بمالها وكذلك كانوا يفعلون إذا كانت جميلة موسرة دخل بها وإلا طول
عليها لتفتدي منه فأتت كبيشة رسول الله فقالت يا رسول الله إن أبا قيس توفي وولي
ابنه نكاحي وقد أضربي وطول علي فلا هو ينفق علي ولا هو يدخل بي ولا هو يخلي سبيلي
فقال لها اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك
أمر الله قال فانصرفت وسمع النساء بذلك فأتين رسول الله
وهو في مسجد الفضيخ فقلن يا رسول الله ما نحن إلا كهيئة كبيشة غير أنه لم ينكحنا
الأبناء وإنما نكحنا بنو العم فأنزل الله عز و جل هذه الآية
قلت وفي قوله إن المرأة كانت ترث زوجها مخالفة لما تقدم
في قوله إنهم كانوا لا يورثون النساء 358
2 - سبب آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق قيس بن الربيع عن
سالم هو الأفطس عن مجاهد في قوله إن ترثوا النساء كرها قال الرجل يكون في حجره
اليتيمة هو يلي أمرها فيحبسها رجاء أن يتزوجها أو يزوجها ابنه إلى أن تموت فيرثها
286 - قوله ز تعالى ولا تعضلوهن 19
تقدم في الذي قبله
وأخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كان
العضل في قريش بمكة ينكح الرجل المرأة الشريفة فقد لا توافقه فيشارطها على أن
يطلقها ولا تتزوج إلا بإذنه فإذا خطبها الخاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها وإلا
عضلها
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل عن ابن
البيلماني
نزلت هاتان الآيتان إحداهما في أمر الجاهلية والأخرى في
أمر الإسلام
وأخرجه الطبري من طريق ابن المبارك عن معمر وزاد يعني في
الأولى لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها في الجاهلية والثاني ولا تعضلوهن في
الإسلام
287 - قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء
إلا ما قد سلف 22
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت
عن رجل من الأنصار قال توفي أبو قيس بن الأسلت وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنه
قيس امرأة أبيه فقالت إني أعدك ولدا ولكن أتي رسول الله أستأمره فأتته فأخبرته
فأنزلت هذه الآية
وأخرجه الفريابي والحسن بن سفيان والطبراني من طريق قيس
بن الربيع
عن أشعث بسنده قال توفي أبو قيس فذكره فقالت إن أبا قيس
توفي فقال لها خيرا وإن ابنه قيسا خطبني وهو من صالحي 359 قومه وإنما كنت أعده ولدا
فقال لها أرجعي إلى بيتك فنزلت ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء
وأخرج سنيد في تفسيره والطبري من طريقه عن حجاج بن محمد
عن ابن جريج عن عكرمة في هذه الآية قال نزلت في أبي قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد
الله بنت ضمرة وكانت تحت أبيه الأسلت وفي الأسود بن خلف خلف على امرأة أبيه بنت
أبي طلحة بن عبد العزى وفي صفوان بن أمية خلف على فاختة بنت الأسود بن المطلب تحت أبيه
فقتل عنها
وقال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى لا يحل لكم أن ترثوا
النساء كرها
نزلت في محصن بن أبي قيس بن الأسلت وفي امرأته هند بنت
صبيرة وفي الأسود بن خلف وفي امرأته حبيبة بنت أبي طلحة بن عبد العزى وفي منظور بن
سيار الفزاري وفي امرأته كندة بنت خارجة بن شيبان المري تزوجوا نساء آبائكم بعد الموت
ثم قال في قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من
النساء الآية
نزلت في محصن بن أبي قيس بن الأسلت وفي امرأته كبيشة بنت
معن بن سعيد بن عدي بن ناصر من الأوس انتهى وهذا هو الصواب في تسمية ابن أبي
الأسلت
زاد الثعلبي وفي أبي مقبل العدوي تزوج امرأة أبيه 288
قوله تعالى وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم الآية 23
أخرج ابن أبي حاتم من طريق داود بن عبد الرحمن وابن
المنذر من طريق عبد الرزاق كلاهما عن ابن جريج سألت عطاء عن قوله وحلائل أبنائكم
قال كنا نتحدث والله أعلم أن النبي لما نكح امرأة زيد بن حارثة قال المشركون 360
في ذلك فأنزل الله تعالى وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم
وقال يحيى بن سلام في تفسيره إنما قال من أصلابكم لأن الرجل
كان يتبنى الرجل في الجاهلية فأحل الله نكاح نساء الذين تبنوا وقد تزوج النبي
امرأة زيد بن حارثة بعدما طلقها وكان النبي قبل ذلك قد تبنى زيدا
وأخرج ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج لما
نكح النبي امرأة زيد بن حارثة قالت قريش نكح امرأة ابنه فنزلت وحلائل أبنائكم
الذين من أصلابكم
289 - قوله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت
إيمانكم الآية 24
ذكر سبب الاستثناء
أخرج مسلم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي
الخليل علي أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله يوم حنين بعث جيشا
إلى أوطاس فلقي عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكان ناسا من أصحاب
رسول الله تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله تعالى
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أبي الخليل أبو
غيره عن أبي سعيد قال نزلت في يوم أوطاس فذكر نحوه وزاد قال فاستحللناهن بملك اليمين
وعن الثوري عن عثمان ولم يذكر أبا علقمة
وقال الفريابي عن سعيد بن جبير ومجاهد قالا كان المسلمون
يصيبون نساء المشركين فيذكروا أن لهن أزواجا فيقول المسلم
قد نهى الله في ذلك قبل نزول والمحصنات من النساء إلا ما
ملكت 361 أيمانكم فذكر ذلك لرسول الله فنزلت
2 - وأخرج عبد بن حميد وابن أبي خيثمة وأبو مسلم الكجي
بسنده من طريق العباس بن أنس عن عكرمة إن هذه الآية والمحصنات من النساء نزلت في
امرأة يقال لها معاذة كانت تحت شيخ من بني سدوس يقال له شجاع بن الحارث وكان معها ضرة
لها قد ولدت من شجاع أولادا رجالا فانطلق شجاع يمير أهله من هجر فمر بمعاذة ابن عم
لها فقالت له احملني إلى أهلي ليس عند هذا الشيخ خير فحملها فوافق ذلك مجيء الشيخ
فلم يجدها فانطلق إلى النبي فقال
يا رسول الله أفضل العرب ... خرجت أبغيها الطعام في رجب
فقد تولت وألطت بالذنب ... وهن شر غالب لمن غلب
رأت غلاما واركا على القتب ... لها به وله بها أرب
فقال رسول الله عل عل فإن كان الرجل كشف لها ثوبا
فارجموها وإلا ردوا على الشيخ امرأته
فانطلق مالك بن شجاع ابن ضرتها فطلبها فجاء بها فقالت له
أمه يا ضار أمه ونزلت معاذة بيتها وولدت لشجاع وجعل شجاع يشبب بها في أبيات
قلت وقصتها شبيهة بقصة معاذة زوج الأعشى المازني وهي عند
أحمد في المسند وما أدري أهما واحدة أو اتفق الاسم والقصة
290 - قوله ز تعالى فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن
فريضة الآية 24
1 - قال مقاتل نزلت في المتعة فما استمتعتم به منهن إلى
أجل مسمى ثم قال ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة أي إذا زدتم في
الأجر وازددتم في الأجل 362 ثم نسخ ذلك
ويؤيده ما أخرجه الشيخان في الصحيحين عن ابن مسعود كنا
نغزو وليس
لنا نساء فرخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل الحديث
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج نا إسحاق بن
سليمان عن موسى ابن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس قال كانت متعة النساء
في أول الإسلام كان الرجل إذا قدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته ولا يحفظ له متاعه
فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته لذلك وكان يقرأ فما استمتعتم به
منهن إلى أجل مسمى الآية
وأخرج أبو عبيد في كتاب النكاح وابن المنذر من طريقه عن
حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عطاء سمعت ابن عباس يقول يرحم الله عمر ما كانت
المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنى إلا
شقي قال وقال كأني أسمع قوله الآن إلا شقي عطاء القائل
قال وقال عطاء وهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به
منهن إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا قال وليس بينهما وراثة فإن بدا لهما أن
يتراضيا بعد الأجل فنعم وإن تفرقا فنعم ليس بينهما نكاح قال وأخبرني أنه سمع ابن
عباس يراها الآن حلالا وقال عبد الأعلى عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة سألت ابن
عباس عن المتعة فقال أما تقرأ سورة النساء قلت بلى قال فما تقرأ فما استمتعتم به
منهن إلى أجل مسمى قلت لا قال فقال ابن عباس والله
لهكذا أنزلها الله عز و جل أخرجه
وقال حبيب بن أبي ثابت أعطاني ابن عباس مصحفا فقال هذا
على قراءة 363 أبي بن كعب فرأيت منه فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى أخرجه
الطبري
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي عمر عن ابن عيينة هي
المتعة أمروا بها قبل أن ينهوا عنها
2 - سبب آخر في قوله تعالى ولا جناح عليكم فيما تراضيتم
به من بعد الفريضة
أخرج الطبري من طريق سليمان التيمي عن حضرمي بن لاحق أن
رجالا كانوا يفترضون المهر ثم عسى أن تدرك أحدهم العسرة فنزلت
291 - قوله تعالى ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا
ميلا عظيما 27
أخرج ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن
حيان قال كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه
الآية
ومن طريق السدي الذين يتبعون الشهوات هم اليهود والنصارى
292 - قوله تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على
بعض للرجال نصيب الآية 32
1 - قال الترمذي حدثنا ابن أبي عمر نا سفيان عن ابن أبي
نجيح عن مجاهد عن أم سلمة أنها قالت يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف
الميراث
فأنزل الله ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
قال مجاهد وأنزل فيها إن المسلمين والمسلمات
وكذا أخرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة
قال الترمذي هذا مرسل يعني قول مجاهد وقد رواه بعضهم عن
الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن أم سلمة قالت كذا وكذا
قلت أخرجه الفريابي عن الثوري كذلك قال قالت أم سلمة
فذكره وسيأتي في سورة الأحزاب
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن
أبي المغيرة 364 عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن امرأة أتت النبي فقالت يا نبي
الله للذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين بشهادة رجل أفنحن في العمل كذا إن عملت
امرأة حسنة كتب لها نصف حسنة فأنزل الله تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله الآية فإنه عدل
مني وأنا صنعته
وقال مقاتل لما نزلت للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء
نحن
كنا أحق أن يكون لنا سهمان ولهم سهم لأنا ضعاف الكسب
والرجال أقوى على التجارة والطلب منا فإذ لم يفعل الله ذلك بنا فإنا نرجو أن يكون
الوزر على نحو ذلك عنا وعنهم فنزلت
وأخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره من طريق خصيف عن عكرمة
أن النساء سألت الجهاد فقلن وددنا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب
الرجال فنزلت
وقال عبد الرزاق عن معمر عن شيخ من أهل مكة كان النساء
يقلن ليتنا كنا رجالا فنجاهد كما يجاهد الرجال ونغزو في سبيل الله فقال الله تعالى
ولا تتمنوا
وأخرج عبد بن حميد من رواية شيبان عن قتادة كان أهل
الجاهلية لا يورثون النساء إلا الصبيان يجعلون الميراث لذوي الأسنان وقال النساء
لو جعل نصيبنا من الميراث كنصيب الرجال وقال الرجال إنا لنرجوا أن نفضل بحسناتنا
كما
فضلنا في مواريثنا فأنزل الله ولا تتمنوا الآية يقول أن
المرأة تجزي بحسنتها كما يجزي الرجل
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي في هذه الآية قال إن
الرجال قالوا نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف علي أجر النساء كما لنا في السهام
سهمان ونريد أن يكون لنا في الأجر أجران 365
وقالت النساء نريد أن يكون لنا أجر مثل أجرهم فإنا لا
نستطيع القتال ولو كتب علينا القتال لقاتلنا فأبى الله ذلك وقال سلوا الله من فضله
2 - سبب آخر قال عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي لا تتمن
زوجة أخيك ولا مال أخيك واسأل الله من فضله
293 - قوله تعالى ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان
والأقربون والذين عاقدت أيمانكم 33
1 - قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كان الرجل في
الجاهلية يعاقد الرجل فيقول دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك
فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس فأمروا أن يورثوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس ثم
نسخها وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق حصن عن أبي
مالك في قوله والذين عاقدت أيمانكم قال هو حليف القوم يقول أشهدوه أمركم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدى عن أبي مالك في هذه
الآية والذين عاقدت أيمانكم قال كان الرجل في الجاهلية يأتي القوم فيعقدون له أنه
رجل منهم إن كان ضر أو نفع أو دم فإنه فيه مثلهم ويأخذون له من أنفسهم مثل الذين
يأخذون منه فكانوا إذا كان قتال قالوا يا فلان أنت منا فانصرنا وإن كانت مشقة قالوا
أعطنا أنت منا وإن نزل به امر أعطوه وربما منعه بعضهم ولم ينصروه كنصرة بعضهم بعضا
فتحرجوا من ذلك فسألوا النبي فأنزل الله تعالى والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم
قال أعطوهم مثل الذي تأخذون منهم
وقال مقاتل كان الرجل يرغب في الرجل فيحالفه بأن يعاقده
على أن يكون
معه وله سهم 366 من ميراثه كبعض ولده فلما نزلت آية
المواريث ولم يذكر أهل العقد أنزل الله بعدها والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم
يعني من الميراث الذي عاقدتموهم عليه فلم تزل حتى نسختها وأولوا الأرحام بعضهم
أولى ببعض الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حجاج عن أبي جريج وعثمان بن عطاء
كلاهما عن عطاء عن ابن عباس قال كان الرجل يعاقد الرجل فذكر نحوه وزاد كل حلف كان
في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة
2 - سبب آخر أخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن أبي
حاتم من طريق طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى ولكل جعلنا
موالي قال ورثة والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم كان المهاجرون حين قدموا
المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمة بالأخوة التي آخى النبي بينهم فنسختها
هذه الآية ولكل جعلنا موالي ثم قال والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصرة والنصيحة
والرفادة ويوصي لهم وذهب الميراث
وأخرج عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن مجاهد نحوه
وكذا أخرجه عبد بن حميد عن قبيصة عن الثوري
3 - سبب آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن
داود ابن الحصين قال كنت أقرأ على أم سعد بنت سعد بن الربيع أنا وابن ابنها موسى
ابن سعد وكانت يتيمة في حجر أبي بكر الصديق فقرأت عليها والذين عاقدت أيمانكم
فقالت لا ولكن والذين عقدت أيمانكم قالت إنها نزلت في أبي بكر الصديق وولده عبد الرحمن
حين أبى أن يسلم فحلف أبو بكر أن لا يورثه فلما أسلم 367 حين حمل على الإسلام
بالسيف أمره الله أن يؤتيه نصيبه
ونقل الثعلبي عن أبي روق نزلت في أبي بكر وابنه عبد
الرحمن وكان أبو بكر حلف أن لا يتبعه ولا يورثه شيئا من ماله فلما أسلم عبد الرحمن
أمر أن يؤتى نصيبه
في المال
294 - قوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله
بعضهم على بعض الآية 34
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن
قال جاءت امرأة إلى النبي تستعدي على زوجها أنه لطمها فقال رسول الله القصاص فأنزل
الله تعالى الرجال قوامون على النساء الآية فرجعت بغير قصاص
وأخرجه عبد بن حميد وابن المنذر من طريق حماد بن سلمة
وأخرجه الواحدي من طريق هشام كلاهما عن يونس
وأخرج ابن المنذر من طريق جرير بن حازم كلاهما عن الحسن
أن رجلا لطم امرأته فخاصمته إلى النبي فجاء أهلها معها فذكر نحوه وفيه فجعل رسول
الله يقول القصاص القصاص ولا يقضي قضاء فأنزل الله هذه الآية فقال النبي أرادوا أمرا
وأراد الله غيره
ونقل الثعلبي عن الكلبي قال نزلت في سعد بن الربيع
وامرأته عميرة بنت محمد بن مسلمة وذكر نحو القصة الآتية عن مقاتل
ونقل عن أبي روق أنها نزلت في جميلة بنت عبد الله بن أبي
وزوجها ثابت بن قيس بن شماس كانت نشزت عليه فلطمها فاستعدت عليه فنزلت
قلت وقد تقدم ذكر هذه الأخيرة في تفسير البقرة في قوله
تعالى فيما افتدت به وكان ذلك 368 الخلع أول خلع في الإسلام
وقال مقاتل نزلت في سعد بن الربيع كان من النقباء
وامرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير وهما من الأنصار وذلك إنها نشزت عليه فلطمها
فانطلق أبوها معها إلى رسول الله فقال أفرشته كريمتي فلطمها فقال لتقتص من زوجها
فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي ارجعا هذا جبريل أتاني فأنزل الله تعالى
الرجال قوامون على النساء الآية فقال النبي أردنا أمرا وأراد الله أمرا والذي أراد
الله خير ورفع القصاص
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة صك رجل امرأته فأتت
النبي فأراد أن يقيدها منه فنزلت
وأخرجه عبد بن حميد من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
بلغنا فذكر
نحوه وزاد في آخره أردنا وله طريق آخرى ذكرت في أواخر
سورة طه
295 - قوله تعالى الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل
ويكتمون ما أتاهم الله من فضله 37
قال ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو عن سعيد
بن جبير عن ابن عباس قال كان كردم بن زيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع
بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار
وكانوا يخالطونهم ينصحون لهم من أصحاب رسول الله فيقولون لهم لا تنفقوا أموالكم
فإنا نخشى عليكم في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون فأنزل
الله فيهم الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل 369 ويكتمون ما أتاهم الله من فضله
أي من النبوة التي فيها تصديق ما جاء به محمد أخرجه الطبري
وأخرج الطبري أيضا من طريق سليمان التيمي عن الحضرمي بن
لاحق في قوله تعالى الذين يبخلون الآية قال هم اليهود بخلوا بما عندهم من العلم
فكتموا ذلك
ومن طريق مجاهد نحوه
ومن طريق السدي ومن طريق قتادة مثله
وقال مقاتل في قوله ويكتمون ما آتاهم الله من فضله إن
رؤوس اليهود كعب بن الأشرف وغيره كانوا يأمرون سفلة اليهود بكتمان أمر محمد أن
يظهروه
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد
بن جبير قال كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم وينهون العلماء أن
يعلموا الناس شيئا فعيرهم الله بذلك فأنزل الله تعالى الذي يبخلون ويأمرون الناس بالبخل
الآية
296 - قوله ز تعالى وإن تك حسنة يضاعفها الآية 40
أخرج الطبري من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن
عبد الله بن عمر قال نزلت هذه الآية في الأعراب من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها
فقال رجل فما للمهاجرين قال ما هو أعظم من ذلك وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه
أجرا عظيما وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم
297 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة
وأنتم
سكارى الآية 43
1 - قال عبد بن حميد نا أبو نعيم نا طلحة هو ابن عمرو عن
عطاء هو ابن أبي رباح قال أول ما نزل في الخمر يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما
إثم كبير 370 ومنافع للناس فقال بعض المنافقين نشربها لمنافعها وقال آخرون لا خير في شيد
فيه إثم ثم نزلت يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فقال بعض الناس
نشربها ونجلس في بيوتنا وقال آخرون لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة مع
المسلمين فنزلت يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من
عمل الشيطان فاجتنبوه فنهاهم فانتهوا
وأخرج هو والفريابي والطبري وأحمد والبزار وأصحاب السنن
والحاكم كلهم من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي ابن أبي
طالب أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من الصحابة
فأكلوا وشربوا حتى ثملوا فقدموا عليا فقرأ بهم في المغرب
قل يا أيها الكافرون فخلط فأنزل الله تعالى يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة
وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون
وفي لفظ قال دعا رجل من الأنصار عليا وعبد الرحمن
فأصابوا من الخمر فقدموا عليا في صلاة المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون فخلط فيها فنزلت
لفظ الفريابي عن الثوري
وأخرج ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج كما
سيأتي قال وقال عن عكرمة قرأ علي في آخر المغرب فقال في آخرها ليس لكم دين وليس لي
دين
وأخرجه الطبري من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن
عطاء عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه كان هو وعبد الرحمن بن عوف ورجل آخر شربوا
الخمر فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ قل يا أيها الكافرون فخلط فيها فنزلت لا تقربوا
الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولن وقال فيه 371 أن عبد الرحمن هو الذي صلى
بهم وقال أصح طرقه لأن الثوري سمع من عطاء قبل اختلاطه وعبد الرحمن بن مهدي أثبت
من الفريابي
وفي رواية ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن عطاء
عن أبي عبد الرحمن قال صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما ودعا أناسا من أصحاب رسول الله
فطعموا وشربوا وحضرت صلاة المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب فقرأ قل يا أيها
الكافرون فلم يقمها فأنزل الله تعالى الآية
وأخرجه عبد من طريق حماد عن عطاء عن أبي عبد الرحمن أن
عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من أصحاب رسول الله فأكلوا وشربوا
حتى ثملوا فقدموا عليا فصلى بهم المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون
وأنتم عابدون ما أعبد فنزلت
وفي رواية أبي داود عن علي أن رجلا دعاه وعبد الرحمن
وفيه فقدموا عليا
وللترمذي والحاكم صنع لنا عبد الرحمن وفيه فقدموني
وللحاكم دعانا رجل من الأنصار وأبهمه الأكثر
وقال مقاتل بن سليمان صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعا
أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص فأكلوا وسقاهم خمرا فحضرت الصلاة فأمهم
علي فقرأ بقل يا أيها الكافرون فخلط فنزلت فتركوا شربها إلا من بعد صلاة الفجر إلى
الضحى الأكبر ليصلوا الأولى وهم أصحياء ثم يشربونها من بعد صلاة
العشاء إلى ثلث الليل فيصبحون وهم أصحياء ثم أن رجلا من
الأنصار يقال له عتبان ابن مالك دعا سعدا فأكلا وشربا ثم سكرا 372 فأخذ عتبان لحى
البعير فكسر أنف سعد فأنزل الله عز و جل تحريم الخمر في المائدة بعد غزاة الأحزاب
وقال أبو داود الطيالسي نا شعبة أخبرني سماك بن حرب سمعت
مصعب ابن سعد يحدث عن سعد هو ابن أبي وقاص قال نزلت في أربع آيات صنع رجل من
الأنصار طعاما فدعا أناسا من المهاجرين وأناسا من الأنصار فأكلنا وشربنا حتى سكرنا
ثم افتخرنا فرفع رجل لحى بعير ففزر به أنف سعد فنزلت
وأخرجه مسلم بطوله وأصحاب السنن وبقية طريقه تأتي في
تفسير
المائدة
2 - قول آخر أخرج الطبري وابن المنذر من طريق سلمة عن
الضحاك لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال لم يعن بها الخمر إنما عنى بها سكر النوم
298 - قوله ز تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل 43
أخرج الطبري من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن رجالا
من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فتصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم فلا يجدون ممرا
إلا في المسجد فنزلت
299 - قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا 43
1 - قال مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه
عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله في بعض أسفاره حتى إذا كان بالبيداء أو بذات
الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله على التماسه وأقام وبالناس معه وليسوا على ماء
وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول
الله لناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه 373
علي فخذي قد نام فقال
حبست رسول الله والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء
فقال أبو بكر ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك
إلا مكان رسول الله على فخذي فنام رسول الله حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله آية
التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت فبعثنا
البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته
أخرجه البخاري ومسلم من طريق مالك وأخرجاه من رواية هشام
بن عروة عن أبيه عن عائشة
وأخرجه الطبري من رواية عبيد الله بن عمر العمري عن عبد
الرحمن بن
القاسم ووقع عنده فجاء أبو بكر فجعل يهمزني ويقرصني ولا
أتحرك مخافة أن يستيقظ رسول الله وقد أوجعني ولا أدري كيف أصنع
ومن طريق أيوب عن ابن أبي مليكة مرسلا وفي آخره قال
الناس ما رأينا امرأة قط أعظم بركة منها
حديث آخر أخرج أحمد وأبو داود والنسائي من رواية الزهري
عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار بن ياسر أن رسول الله عرس بأولات
الجيش ومعه عائشة زوجته فانقطع عقد لها من جزع ظفار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك
حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء فأنزل الله على رسول الله رخصة التطهر بالصعيد
الطيب الحديث
وأخرجه النسائي وابن حبان وأبو داود من
طرق عن الزهري 374 وقال أبو داود قال ابن عيينة يعني عن
الزهري مرة عن ابن عباس ومرة عن أبيه يعني عبد الله بن عتبة
قلت وهي رواية ابن ماجه وأخرجه الطبري من رواية الزهري
عن عبيد الله عن أبي اليقظان وهي كنية عمار بن ياسر فذكره مختصرا وهو منقطع بين
عبيد الله وعائشة
وفيه بعد قوله فتغيظ أبو بكر على عائشة وزاد فيه فدخل
أبو بكر على عائشة فقال لها إنك لمباركة
2 - سبب آخر أخرج الطبري وابن مردويه من طريق الهيثم
ابن رزيق المالكي من بني مالك بن كعب بن سعد وعاش مئة
وسبع عشرة سنة عن أبيه عن الأسلع بن شريك قال كنت أرحل ناقة رسول الله فأصابتني
جنابة في ليلة باردة وأراد رسول الله الرحلة فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب وخشيت
أن اغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض فأمرت رجلا من الأنصار فرحلها ثم رضفت أحجارا
فأسخنت بها ماء فاغتسلت ثم لحقت برسول الله وأصحابه فقال لي يا أسلع مالي أرى
رحلتك تغيرت فقلت يا رسول الله لم أرحلها إنما رحلها رجل من الأنصار قال ولم قلت
أصابتني جنابة فذكرت له القصة فأنزل الله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فساق
الآية إلى قوله عفوا غفورا
3 - سبب آخر قال الفريابي أنا قيس بن الربيع عن ابن أبي
ليلى عن المنهال ابن عمرو عن عباد بن عبد الله عن علي في قوله تعالى ولا جنبا إلا
عابري سبيل حتى تغتسلوا 375 قال نزلت في المسافر تصيبه الجنابة فيتيمم ثم يصلي
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق قيس وفيه ضعف وانقطاع
وأخرجا أيضا من طريق قيس بن الربيع عن خصيف عن مجاهد قال
نزلت في رجل من الأنصار كان مريضا فلم يستطع أن يقوم يتوضأ ولم يكن له خادم
فيناوله فأتى رسول الله فذكر ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية وفيه أيضا ضعف
وانقطاع
4 - سبب آخر أخرج الطبري من طريق محمد بن جابر اليمامي
عن
حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أصاب أصحاب رسول
الله جراحة ففشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة فشكوا ذلك إلى النبي وإن كنتم مرضى أو
على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط الآية
وقال مقاتل نزلت في عبد الرحمن بن عوف أصابته جنابة وهو
جريح فشق عليه الغسل وخاف منه شرا فنزلت وإن كنتم مرضى يعني من به جرح ونزلت وإن
كنتم على سفر وأنتم أصحاء نزلت في عائشة أم المؤمنين
300 - قوله ز تعالى ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا إلى
قوله من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه 44 - 46
أخرج الطبري من تفسير سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال قال
عكرمة نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت
301 - قوله ز تعالى ليا بألسنتهم وطعنا في الدين 46
ذكر الثعلبي عن ابن عباس قال نزلت في رفاعة بن زيد بن
التابوت ومالك بن دحشم كانا إذا تكلم رسول الله لويا لسانهما وعاباه
وذكر عنه أيضا 376 كانت اليهود يأتون رسول الله ويسألونه
فيخبرهم ويظن أنهم يأخذون بقوله فإذا انصرفوا من عنده حرفوا كلامه وقالوا سمعنا
وعصينا إلى قوله إلا قليلا
وأخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد
عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء اليهود فكان إذا
كلم رسول الله لوى لسانه وقال راعنا يا محمد حتى نفهمك فنزلت
ومن طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال في قوله راعنا
ليا بألسنتهم قال كان الرجل من المشركين يقول أرعني سمعك
302 - قوله تعالى يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما
نزلنا مصدقا لما معكم الآية 47
أخرج الطبري من طريق السدي قال نزلت في مالك بن الصيف
ورفاعة بن زيد ومن طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن
ابن عباس نزلت في أحبار اليهود عبد الله بن صوريا وكعب بن أسد في قصة
وأورده الثعلبي عن ابن عباس وزاد أن النبي كلمهم فقال
معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئت به الحق فقالوا ما
نعرف ذلك وأصروا على الكفر فنزلت
وقال الثعلبي فقال لما نزلت أتى عبد الله بن سلام رسول
الله من قبل أن يأتي أهله فأسلم وقال يا رسول الله قد كنت أرى أن لا أصل إليك حتى
يتحول وجهي من قفاي
303 - قوله تعالى إن الله لا يغفر إن يشرك به 48
يأتي في أواخر السورة
304 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم الآية
49
3771 7 - 1 أخرج الفريابي وعبد بن حميد من طريق ابن أبي
نجيح عن مجاهد قال نزلت في اليهود كان يقدمون صبيانهم في الصلاة فيؤمونهم يزعمون
أنهم لا ذنوب لهم
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس قال كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ويقربون قربانهم ويزعمون
أنه لا ذنوب لهم وكذبوا قال الله تعالى إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له ثم أنزل
عز و جل الم تر إلى الذين يزكون أنفسهم الآية
وقال مقاتل منهم بحري بن عمرو ومرحب بن زيد
وقال ابن الكلبي نزلت في رجال من اليهود أتوا رسول الله
بأطفالهم فقالوا يا محمد هل على أولادنا هؤلاء من ذنب قال لا قالوا والذي يحلف به
ما نحن إلا كهيئتهم ما من ذنب نعمله بالليل إلا كفر عنا بالنهار وما من ذنب نعمله بالنهار
إلا كفر عنا بالليل
فهذا الذي زكوا به أنفسهم
2 - سبب آخر أخرج عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري في
هذه الآية قال هم اليهود والنصارى الذين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وقالوا لن
يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة قال هم أعداء
الله
اليهود زكوا أنفسهم بأمر لم يبلغوه فقالوا نحن أبناء
الله وأحباؤه وقالوا لا ذنوب لنا إلا كذنوب أبنائنا الأطفال
305 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من
الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت 51
قال مقاتل هم اليهود منهم أصبغ ورافع ابنا حريملة
306 - قوله تعالى ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى 378 من
الذين آمنوا سبيلا 51
قال الطبري حدثنا محمد بن المثنى ثنا ابن أبي عدي عن
داود عن عكرمة عن ابن عباس لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش أنت حبر أهل
المدينة وسيدهم قال نعم قالوا ألا ترى إلى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه
خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السلطنة قال أنتم خير منه قال فأنزل الله
إن شانئك هو الأبتر وأنزل ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت
والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا
وأخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه نحوه يذكر ابن عباس
فيه
وأخرجه الطبري من طريق عبد الوهاب الثقفي ومن طريق خالد
الواسطي كلاهما عن داود عن عكرمة نحوه وقال فيه فقال أنتم والله خير منه لم يذكر ابن
عباس في السند
ومن طريق معمر عن أيوب عن عكرمة كذلك وقال فيه إن كعب بن
الأشرف استجاشهم وأمرهم أن يقاتلوا محمدا قال وإنا معكم فقالوا له إنكم أهل كتاب وهو
صاحب كتاب فنخشى أن يكون هذا خترا منك فإن أردت أن نخرج فاسجد لهذين الصنمين ففعل
ثم قالوا نحن أهدى أم محمد فذكر نحو ما تقدم
وأخرج والفاكهي في كتاب مكة وابن أبي حاتم من طريق ابن
عيينة عن عمرو بن حصين عن عكرمة جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة فذكر
القصة نحو الأول
وأخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال لما كان
من أمر يهود بني النضير ما كان أتاهم 379 النبي يستعينهم في دم العامريين فهموا
بقتله فاطلع الله ورسوله على ما هموا به هرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة فعاهدهم
على المسلمين فقال له أبو سفيان يا أبا سعد إنكم قوم تقرؤون الكتاب فذكر نحو رواية
أيوب عن عكرمة وفيه فقال كعب دينكم خير من دين محمد فأثبتوا عليه ألا ترون أن
محمدا بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء وما نعلم ملكا أعظم من ملك النساء
فذلك حين يقول الله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب الآية إلى قوله سبيلا
وأخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل بن
يونس عن السدي عن أبي مالك أن أهل مكة قالوا لكعب بن الأشرف
وأخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد
عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان ومن
قريظة حيي بن أخطب وأبو رافع سلام بن أبي الحقيق والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق
وأبو عمار ووحوح بن عامر وهوذة بن قيس فقدموا على قريش قالوا هؤلاء أحبار يهود فسلوهم
أدينكم خيرا أم دين محمد فذكر الخبر
ومن طريق سعيد عن قتادة ذكر لنا أنها نزلت في كعب بن
الأشرف وحيي
ابن أخطب ورجلين من اليهود فذكر القصة مختصرة
307 - قوله ز تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله
من فضله الآية 54
أخرج ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن
حيان قال أعطى رسول الله بضع سبعين 380 شابا فحسدته اليهود فنزلت هذه الآية
ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال قال أهل الكتاب زعم
محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح فأي ملك أفضل من
هذا فنزلت
وقد تقدم في الذي قبله قول كعب بن الأشرف في ذلك
وقال عبد بن حميد حدثنا عمرو بن عون عن هشيم عن خالد
الحذاء عن عكرمة أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله قال الناس في هذا
الموضع محمد خاصة
وأخرج عبد بن حميد من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك
في قوله تعالى أم يحسدون الناس قال يحسدون محمدا إذ لم يكن منهم فكفروا به
وأخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي في قوله
وآتيناهم
ملكا عظيما أي في النساء فكان لداود تسع وتسعون امرأة
ولسليمان مئة فما بال محمد لا يحل له ما أحل لهم
وأخرج الثعلبي بسند ضعيف إلى أبي حمزة الثمالي قال يعني
بالناس في هذه الآية نبي الله وحده قالت اليهود انظروا إلى هذا الذي ما شبع من
الطعام لا والله ما له هم إلا النساء لو كان نبيا لشغله هم النبوة عن النساء حسدوه
على كثرة نسائه وعابوه بذلك فأكذبهم الله تعالى فقال فقد آتينا آل إبراهيم إلى
قوله ملكا عظيما فأخبرهم بما كان لداود وسليمان فأقرت اليهود لرسول الله إنه كان
لسليمان ألف امرأة ثلثمائة مهرية وسبعمئة سرية وعند داود مئة امرأة فقال لهم ألف
امرأة 381 عند رجل أكثر أم تسع نسوة وكان عنده يومئذ تسع لسوة فسكتوا قال الله عز
و جل فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه يعني من آمن عبد الله بن سلام وأصحابه كذا
قال وقال السدي الهاء راجعة إلى إبراهيم وذلك أنه زرع وزرع الناس فهلكت زروع الناس
وزكا زرع إبراهيم فاحتاج الناس فكانوا يأتونه فقال من آمن أعطيته ومن لم يؤمن
منعته منهم من آمن به ومنهم من أبى
308 - قوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى
أهلها الآية 58
أخرج الطبري من تفسير سنيد وهو الحسين بن داود عن حجاج
بن محمد عن ابن جريج في هذه الآية نزلت في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة
العبدري قبض منه مفاتيح الكعبة ودخل به البيت يوم الفتح
فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح قال وقال عمر بن الخطاب لما
خرج رسول الله من الكعبة وهو يتلو هذه الآية فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل
ذلك
وقال سنيد أيضا حدثنا الزنجي بن خالد عن الزهري دفعه
إليه وقال أعينوه وقال محمد بن إسحاق في السيرة النبوية حدثني محمد بن جعفر بن
الزبير بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت شيبة أن رسول الله لما
نزل بمكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن
في يده فلما فرغ من طوافه دعا عثمان بن أبي طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له
فدخلها فوجد فيها صمامة من عيدان 382 وكسرها بيده ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة
وقد استكف الناس له في المسجد
ثم قال ثم جلس رسول الله في المسجد فقام إليه علي بن أبي
طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية فقال
رسول الله أين عثمان بن طلحة فدعي له فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم وفاء وبر
قال الأزرقي في كتاب مكة حدثنا جدي عن سعيد بن سالم عن
ابن جريج عن مجاهد في هذه الآية إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال
نزلت في عثمان بن طلحة قبض النبي مفتاح الكعبة يوم فتح مكة فدخل الكعبة وهو يتلو
هذه الآية فدعا عثمان فدفع المفتاح إليه وقال خذوها يا بني
أبي طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم
وذكر ابن أبي خيثمة عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال قال
شيبة بن عثمان دفع النبي إلي وإلى عثمان بن طلحة وقال خذوها يا بني أبي طلحة خالدة
تالدة لا يأخذها منكم إلا ظالم فبنو أبي طلحة هم سدنة الكعبة دون بقية بني عبد الدار
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس في هذه الآية إن الله يأمركم قال لما فتح رسول الله مكة دعا عثمان بن طلحة فلما
أتاه قال أرني المفتاح فأتاه به فلما بسط يده إليه قام العباس بن عبد المطلب فقال
يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية فكف عثمان يده فقال رسول الله
أرني المفتاح يا عثمان 383 فبسط يده يعطيه فقال العباس مثل كلمته الأولى فكف عثمان
يده ثم قال رسول الله يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فأتني المفتاح فقال
هاك بأمانة الله قال فقام رسول الله ففتح باب الكعبة فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم
معه قداح يستقسم بها فقال رسول الله ما للمشركين قاتلهم الله ما شأن إبراهيم وشأن
القداح ثم دعا بجفنة فيها ماء فأخذ ماء فغمسه ثم غمس به تلك التماثيل وأخرج مقام
إبراهيم وكان في الكعبة ثم خرج فطاف بالبيت شوطا أو شوطين فنزل عليه جبريل فيما
ذكر لنا برد المفتاح فدعا رسول الله عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال إن الله يأمركم
أن تؤدوا الأمانات إلى أهله حتى فرغ من الآية
إلى أهلها حتى فرغ من الآية
وقال الثعلبي نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد
الدار وكان سادن الكعبة فلما دخل النبي مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب البيت وصعد
السطح فطلب رسول الله المفتاح فقيل له إنه مع عثمان فطلب منه فأبى وقال لو علمت
أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح
الباب فدخل رسول الله البيت وصلى فيه ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه
المفتاح فيجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله عز و جل هذه الآية فأمر رسول
الله عليا 384 أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ففعل ذلك فقال له عثمان يا
علي أكرهت وأذيت ثم جئت ترفق فقال علي لقد أنزل الله عز و جل في شأنك وقرأ عليه
الآية فقال عثمان أشهد أن محمدا رسول الله وجاء فأسلم فجاء جبريل عليه السلام فقال
ما دام هذا البيت أو لبنة من لبناته قائمة فإن السدانة في أولاد عثمان فهو اليوم
في أيديهم
قلت كذا أورده الثعلبي بغير سند جازما به وتلقاه عنه غير
واحد منهم الواحدي وفيه زيادات منكرة منها أن المحفوظ أن إسلام عثمان بن طلحة كان
قبل الفتح بمدة قدم هو وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد فأسلموا جميعا بين الحديبية
والفتح
ومنها أنه أغلق الباب وصعد السطح والمعروف في كتب السير
أن المفتاح كان
عند أمه وأن النبي لما طلب منه المفتاح امتنعت أمه من
دفعه فدار بينهما في ذلك كلام كثير ثم كيف يلتئم قوله لوى علي يده مع كونه فوق
السطح ثم قد أسند الطبري عن مكحول في قوله تعالى وأولي الأمر منكم قال هم أهل
الآية التي قبلها إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها إلى آخر الآية
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال قال أبي هم
الولاة
ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أمر الولاة أن
يعطوا النساء حقوقهن
قال الطبري والأولى أنه خطاب من الله لولاة الأمور أن
تودي الأمانة إلى من ولوا أمره في حقوقهم وبالعدل بينهم والقسم بالسوية وأمر
الرعية بطاعتهم فأوصى
الراعي بالرعية وأوصى الرعية بالطاعة
ثم 385 قال وأما من قال إنها نزلت في عثمان بن طلحة فجائز
أن تنزل فيه وفي كل مؤتمن فدخل فيه ولاة الأمور وكل مؤتمن
309 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم 59
1 - أخرج البخاري ومسلم والثلاثة والطبري من طريق يعلى
بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم قال نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي في
سرية ولم يسمه الطبري قال نزلت في رجل وقال الباقون عبد الله بن حذافة بغير زيادة
في النسب
وأخرجه الطبري من تفسير سنيد قال نا حجاج بن محمد عن ابن
جريج عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير مثله
قلت وهذا من أغلاط سنيد
قلت وإنما هو يعلى بن مسلم أخرجه الجماعة من رواية حجاج
بن محمد كذلك كما تقدم وهو الصواب
وأخرج الشيخان وأحمد والطبري وغيرهم من طريق أبي عبد
الرحمن السلمي عن علي قال بعث رسول الله سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فوجد
عليهم في شيء فقال أليس أمركم الله أن تطيعوني قالوا بلى قال فاجمعوا لي حطبا ثم
دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال عزمت عليكم لتدخلنها فقال بعضهم إنما فررتم إلى رسول
الله من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله فرجعوا إلى رسول الله فأخبروه بذلك
فقال لهم لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف
2 - قول آخر أخرج 386 الطبري من طريق أسباط بن نصر عن
السدي قال بعث النبي خالد بن الوليد على سرية فيهم عمار بن ياسر فساروا قبل
القوم الذي يريدون حتى دنوا من الماء فعرسوا قربيا فبلغ
العدو أمرهم فهربوا وبقي منهم رجل فجمع متاعه ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى
عسكر خالد فسأل عن عمار فأتاه فقال يا أبا اليقظان إن القوم سمعوا بكم فهربوا ولم
يبق غيري وقد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله فهل ذاك نافعي غدا
وإلا هربت فقال عمار بل ينفعك فأقم فلما أصبح خالد أغار بجنده فلم يجد إلا الرجل
وماله فأخذوه وأخذوا ماله فبلغ عمارا الخبر فأتى خالدا فقال عمار خل عن الرجل فقد
أسلم وهو في أماني فقال خالد فيم أنت تجير علي وأنا أمير عليك فاستبا فلما رجعا
إلى المدينة أجاز النبي أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير فقال خالد يا
رسول الله يسبني هذا العبد فقال النبي لا تسب عمارا فإنه من سب عمارا سبه الله ومن
أبغض عمارا أبغضه الله ومن لعن عمارا لعنه الله فغض عمار وقام فقال النبي لخالد قم
فاعتذر إليه فقام فأخذ بثوبه واعتذر إليه فرضي عنه فأنزل الله تعالى يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
هكذا رواه أسباط عن السدي مرسلا ووصله ابن مردويه من
طريق الحكم ابن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس وهكذا ساقه مقاتل بن سليمان
بطوله وأكثر ألفاظه
3 - قول آخر 387 أخرج الطبري من طرق عن مجاهد ومن طريق
علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس ومن طريق عطاء بن أبي رباح ومن طريق الحسن البصري
ومن طريق أبي العالية قالوا كلهم معنى وأولي الأمر منكم أولي العلم والفقه زاد أبو
العالية ألا ترى أنه يقول ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم
4 - قول آخر أخرج الطبري من طريق ليث بن أبي سليم قال
سأل مسلمة يعني ابن عبد الملك ميمون بن مهران عن هذه الآية من أولو الأمر قال
أصحاب السرايا على عهد رسول الله
ومن طريق الحكم بن أبان عن عكرمة قال هم أبو بكر وعمر
واختار الطبري اختصاصها بولاة الأمور
وسبقه الشافعي وقرره تقريرا حسنا فقال كان من حول مكة من
العرب لم
يكن يعرف الإمارة وكانت تأنف أن تعطي بعضها بعضا طاعة
الإمارة فلما دانت لرسول الله بالطاعة لم تكن ترى ذلك يصلح لغير النبي فأمروا أن
يطيعوا أولى الأمر
310 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا
بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآية 60
1 - أخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره والطبري من طريق
داود بن أبي هند عن عامر هو الشعبي في هذه الآية ألم تر إلى الذين يزعمون قال كان
بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة فكان المنافق يدعو اليهودي إلى اليهود
لأنه يعلم أنهم يقبلون الرشوة وكان اليهودي يدعو إلى 388 المسلمين لأنه يعلم أنهم
لا يقبلون الرشوة فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة فأنزل الله هذه الآية إلى
قوله ويسلموا تسليما
وفي رواية فأنزل الله ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم
آمنوا بما أنزل إليك يعني المنافقين وما أنزل من قبلك يعني اليهود يريدون أن
يتحاكموا إلى الطاغوت يعني الكاهن وقد أمروا أن يكفروا به أمر هذا في كتابه وهذا
في كتابه أن يكفروا بالكاهن
وفي رواية كان بين رجل ممن يزعم أنه مسلم وقال فيها
أحاكمك إلى أهل دينك لأنه علم أن النبي لا يأخذ الرشوة في الحكم فاختلفا ثم اتفقا
على أن يأتيا كاهنا في جهينة وفيها يعني الذي من الأنصار والثاني مثل الثاني وزاد
ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وتلا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك الآية
ومن طريق سليمان التيمي قال زعم حضرمي أن رجلا من اليهود
كان قد أسلم كانت بينه وبين رجل من اليهود ودارأة في حق فقال اليهودي انطلق إلى
نبي الله فعرف أنه سيقضي عليه فأبى فانطلقا إلى رجل من الكهان فتحاكما إليه فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم والحسن بن سفيان والطبراني من طريق
صفوان بن عمرو وعن عكرمة عن ابن عباس قال كان أبو برزة الأسلمي يقضي بين اليهود
فيما يتنافرون إليه فتنافر إليه ناس من أسلم
قلت كذا وقع في هذه الرواية أبو برزة براء ثم زاي منقوطة
ووقع في غيرها
أبو بردة بدال بدل الزاي وضم أوله وهو أولى فما أظن أبا
برزة الأسلمي الصحابي المشهور إلا غير هذا الكاهن
وقد أخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن 389 السدي قال
كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل
الرجل من بني النضير قتلته قريظة قتلوا به منهم فإذا قتل الرجل من بني قريظة قتلته
بنو النضير أعطوا ديته ستين وسقا من تمر فلما أسلم ناس من بني قريظة والنضير قتل
رجل من بني النضير رجلا من بني قريظة فتحاكموا إلى النبي فقال النضيري يا رسول
الله إنما كان نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم ذاك فقالت قريظة لا
ولكن إخوانكم في النسب والدين ودماؤنا مثل دمائكم ولكنكم كنتم تغلبوننا في
الجاهلية فقد جاء الله بالإسلام فأنزل الله يعيرهم بما فعلوا فقال وكتبنا عليهم
فيها أن النفس بالنفس فعيرهم ثم ذكر قول النضيري فذكر القصة الآتية في سورة
المائدة إلى أن قال فتفاخرت قريظة والنضير قالت كل
فرقة نحن أكرم منكم ودخلوا المدينة إلى أبي بردة الكاهن
الأسلمي فقال المنافق من قريظة والنضير وانطلقوا إلي أبي بردة ينفر بيننا وقال
المسلمون لا بل ينفر بيننا النبي فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بردة فسألوه
فقال أعظموا اللقمة يقول أعظموا الخطر فقالوا لك عشرة أوساق فقال لا بل مئة وسق
ديتي فإني أخاف أن أنفر النضير فتقتلني قريظة أو أنفر قريظة فتقتلني النضير فأبوا
أن يعطوه فوق العشرة أو ساق وأبى أن يحكم بينهم وأنزل الله يريدون أن يتحاكموا إلى
الطاغوت وهو أبو بردة الأسلمي
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن
أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس 390 قال كان الجلاس بن الصامت قبل توبته
فيما بلغني ومتعب بن قشير ورافع بن زيد وبشر كانوا يدعون الإسلام فدعاهم رجال من
قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية
فأنزل الله فيهم هذه الآية
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق عطية العوفي عن ابن
عباس في قوله تعالى يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآية قال والطاغوت رجل من
اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى
الرسول قالوا بل نحاكمكم إلى كعب فنزلت
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ومن طريق الربيع بن
أنس وغيرهما نحو ذلك
وأخرج عبد بن حميد وغيره من طريق قتادة قال ذكر لنا أن
هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار يقال له قيس وفي رجل من اليهود في مدارأة كانت
بينهما في حق فساقوا إلى كاهن ليحكم بينهما وتركا النبي فعاب الله ذلك عليهما وكان
اليهودي يدعو إلى نبي الله وقد علم أنه لا يجوز عليه وجعل الأنصاري يأبى وهو يزعم
أنه مسلم ويدعو إلى الكاهن فنزلت
3 - قول آخر قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت في
رجل من المنافقين يقال له بشر كان بينه وبين يهودي خصومة فقال اليهودي انطلق بنا
إلى محمد وقال المنافق بل نأتي كعب بن الأشرف وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت
فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول الله فلما رأى المنافق ذلك أتى معه النبي
واختصما إليه 391 فقضى رسول الله لليهودي فلما خرجا من عنده لزمه المنافق وقال
ننطلق إلى عمر بن الخطاب فأقبلا إلى عمر فقال
اليهودي اختصمت أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه فلم يرض
بقضائه وزعم أنه مخاصم إليك وتعلق بي فجئت معه فقال عمر للمنافق أكذلك فقال نعم
فقال لهما رويدكما حتى أخرج إليكما فدخل عمر البيت وأخذ السيف فاشتمل عليه ثم خرج
إليهما فضرب به المنافق حتى برد وقال هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء رسول الله
وهرب اليهودي ونزلت هذه الآية وقال جبريل عليه السلام إن عمر فرق بين الحق والباطل
فسمي الفاروق وسيأتي في السبب الآتي شبيه بهذه القصة
311 - قوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن
الله الآية 64
تقدم في الذي قبله من طريق الكلبي أن تلك الآية وما
قبلها وماا بعدها أيضا إلى قوله ويسلموا تسليما كلها في قصة اللذين تحاكما إلى
الكاهن وبهذا جزم مجاهد أخرج الطبري وغيره من طريق ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد في
قوله وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله وفي قوله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك
فاستغفروا الله الآية قال هذا الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذان تحاكما إلى كعب
بن الأشرف فنزلت في ذلك هذه الآية إلى قوله تعالى ويسلموا تسليما
وأخرج الطبري من طريق ابن علية عن داود بن أبي هند عن
الشعبي نحوه إلا أنه قال إلى الكاهن
312 - قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك إلى
قوله
ويسلموا تسليما 65
1 - تقدم قبل هذا النقل عمن قال إنها نزلت في تحاكم 392
إلى الكاهن وهو ظاهر السياق فإن الآيات المذكورة متعاطفة بعضها على بعض وأولها قصة
المتحاكمين علي الاختلاف في ذلك
2 - وجاء عن جماعة أن هذه الآية الأخيرة نزلت في قصة
أخرى قال الإمام أحمد والبخاري جميعا حدثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أخبرني
عروة بن الزبير عن أبيه أنه كان يحدث أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا إلى
النبي في شراج الحرة التي يسقون بها فقال النبي للزبير اسق ثم أرسل إلى جارك فغضب
الأنصاري وقل يا رسول الله إن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله ثم قال للزبير اسق
ثم احبس الماء حتي يرجع إلى الجدر فاستوعى للزبير حقه وكان قبل ذلك أشار على
الزبير برأي فيه سعة للأنصاري وله فلما أحفظه الأنصاري استوعى للزبير حقه في صريح
الحكم قال الزبير والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك فلا وربك لا يؤمنون حتى
يحكموك الآية
وأخرجه البخاري ومسلم من طريق الليث عن الزهري عن عروة
عن
عبد الله بن الزبير خاصم فذكر الحديث
وكذا أخرجه البزار وابن حبان
وأخرجه النسائي والطبري والإسماعيلي وغيرهم من طريق ابن
وهب أخبرني يونس بن يزيد والليث عن ابن شهاب عن عروة حدثه أن عبد الله بن الزبير
حدثه عن الزبير بن العوام أنه خاصم رجلا من الأنصار
قيل إن ابن وهب كمل رواية يونس الليث على رواية يونس
والليث لا يقول عن الزبير وإنما قال إن الزبير كما تقدم
وأخرجه الطبري وغيره من رواية 393 عبد الرحمن بن إسحاق
وغيره عن الزهري عن عروة أرسلوه ولفظ عبد الرحمن خاصم الزبير رجل من الأنصار وفيه
يا زبير اشرب ثم خل سبيل الماء فقال الأنصاري وهو من بني أمية بطن من الأنصار اعدل
يا نبي الله وإن كان ابن عمتك وفيه احبس الماء إلى الكعبين وفيه فنزلت
فلا وربك إلى آخرها
وغفل الحاكم فقال بعد أن أخرجه من طريق ابن أخي الزهري
عن عمه عن عروة عن عبد الله بن الزبير عن الزبير صحيح الإسناد ولم يخرجاه ولا أعلم
أحدا أقام هذا الإسناد يذكر عبد الله بن الزبير غير ابن أخيه وهو عنه ضعيف طريق
أخرى سمي فيها خصم الزبير
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي نا عمرو بن عثمان نا أبو
حيوة عن سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن سعيد بن المسيب في هذه الآية فلا وربك لا
يؤمنون حتى يحكموك الآية قال اختصم الزبير بن العوام حاطب بن أبي بلتعة في ماء
فقضى النبي أن يسقي الأعلى قبل الأسفل
وقال الثعلبي قال الصالحي اسمه ثعلبة بن حاطب ثم ساق
القصة وزاد في آخرها ثم خرجا على المقداد فقال لمن كان القضاء يا ثعلبة قال قضى لابن
عمته ولوى شدقه ففطن له يهودي فقال قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله
ثم يتهمونه في قضاء بينهم وايم الله لقد أتينا ذنبا مرة
في حياة موسى فدعاه موسى إلى التوبة فقال اقتلوا أنفسكم القصة فنزلت
طريق أخرى قال ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سلمة رجل
من ولد أم سلمة عن أم سلمة أن الزبير خاصم فقضى رسول الله للزبير فقال الرجل إنما
قضى له 394 أنه ابن عمته فأنزل الله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك الآية
أخرجه الطبري والطبراني ورجاله ثقات إلا أن بعض أصحاب ابن عيينة أرسلوه
وأخرجه الفريابي عن ابن عيينة لم يقل عن أم سلمة وكذا
أخرجه عبد بن حميد عن أبي نعيم عن ابن عيينة
3 - سبب آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن أبي
الأسود قال اختصم رجلان إلى النبي فقضى بينهما فقال الذي قضى عليه ردنا إلى عمر
فقال النبي نعم انطلقا إليه فلما أتيا عمر قال الرجل يا ابن الخطاب قضى لي رسول
الله على هذا فقال ردنا إلى عمر فردنا إليك قال أكذلك قال نعم فقال عمر مكانكما حتى
أخرج إليكما فأقضي بينكما فخرج إليهما مشتملا
على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الآخر
فارا إلى رسول الله فقال يا رسول الله قتل عمر صاحبي ولوما أنني أعجزته لقتلني
فقال رسول الله ما كنت أظن أن عمر يجترئ على قتل مسلم فأنزل الله تعالى فلا وربك
لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم وأهدر دم ذلك الرجل ويرى عمر من قتله وستأتي
بقية هذا الخبر في الذي بعده
وتقدم من طريق الكلبي في الذي قبله وفيه تقوية لقول من
قال إن الآيات كلها أنزلت في حق المتخاصمين إلى الكاهن كما تقدم وبهذا جزم الطبري
وقواه بأن الزبير لم يجزم بأن الآية نزلت في قصته بل أورده ظنا
قلت لكن تقدم في حديث أم سلمة الجزم بذلك ويحتمل 395 أن
تكون قصة الزبير وقعت في أثناء ذلك فتناولها عموم الآية والله أعلم
وقد تقدم أن القصة المذكورة نزل فيها ألم تر إلى الذين
أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت
طريق أخرى فيها أن الذي ترافعا إليه عمر
قال الحافظ بن الحافظ إبراهيم بن دحيم في مسنده نا شعيب
بن شعيب نا أبو المغيرة نا عتبة بن ضمرة حدثني أبي أن رجلين اختصما إلى النبي فقضى
للمحق على المبطل فقال المقضي عليه لا أرضى حتى ترضى فقال صاحبه
فما تريد قال أن نذهب إلى ابي بكر الصديق فذكرا ذلك له
فقال الذي قضى له النبي اختصمنا إلى النبي فقضى لي عليه فقال أبو بكر فأنتما على
ما قضى به النبي فأبى صاحبه أن يرضى وفيه أنه رد به إلى عمر ثم ذكر قصة عمر في
قتله
313 - قوله ز تعالى ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا
لقتلنا أنفسكم إلى قوله مستقيما 66 - 68
أخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال افتخر
ثابت بن قيس بن شماس ورجل من يهود فقال اليهودي والله لقد كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم
فقتلنا أنفسنا
فقال والله لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا
فأنزل الله في هذا ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا
ومن طريق أبي إسحاق السبيعي لما نزلت ولو أنا كتبنا
عليهم أن اقتلوا أنفسكم الآية
قال رجل لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا فبلغ
ذلك النبي فقال
إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال
الرواسي
وذكر مقاتل 396 بن سليمان إن الرجل المذكور هو عمر بن
الخطاب ولفظه
لما نزلت قال عمر بن الخطاب لو فعل ربنا لفعلنا الحمد
لله الذي لم يفعل بنا ذلك فقال النبي فذكره
وأخرج عبد بن حميد عن عمر بن سعد عن سفيان هو الثوري في
قوله تعالى ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم الآية قال نزلت في ثابت بن قيس
وقال مقاتل أيضا لما نزلت إلا قليل منهم قال رسول الله
لعمار ابن ياسر وعبد الله بن مسعود وثابت بن قيس بن شماس هم من أولئك القليل
314 - قوله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين
أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الآية 69
أخرج الطبري من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن
جبير قال جاء رجل من الأنصار إى النبي وهو محزون فقال له النبي يا فلان مالي أراك
محزونا قال يا نبي الله شيء فكرت فيه نحن نغدو عليك ونروح ننظر في وجهك ونجالسك
غدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك فلم يرد عليه شيئا فأتاه جبريل بهذه الآية ومن يطع
الله والرسول الآية قال فبعث إليه النبي فبشره
ومن طريق أبي الضحى عن مسروق قال قال أصحاب محمد يا رسول
الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا فإنك لو مت رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله
ومن يطع الله الآية
ومن طريق سعيد عن قتادة ذكر لنا أن رجالا قالوا هذا نبي
الله نراه في الدنيا وأما في الآخرة فيرفع فلا نراه فنزلت إلى قوله رفيقا
ومن طريق السدي في هذه الآية قال ناس من الأنصار 397 يا
رسول الله إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك فكيف نصنع فنزلت
ومن طريق الربيع بن أنس قال إن أصحاب النبي قالوا قد
علمنا أن النبي له فضل علي من آمن به في درجات الجنة ممن اتبعه وصدقه فكيف لهم إذا
اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا فأنزل الله في ذلك فقال إن الأعلين ينحدرون
إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في رياضها فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه وينزل
لهم أهل الدرجات فيسعون عليهم بما يشتهون وما يدعون به فهم في روضة يحبرون
ويتنعمون فيه
وروينا في المعجم الأوسط للطبراني في ترجمة أحمد بن عمرو
الخلال عن
عبد الله بن عمران نا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم
عن الأسود عن عائشة قالت جاء رجل إلى رسول الله فقال يا رسول الله إنك لأحب إلي من
نفسي وأهلي وولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك وإذا ذكرت
موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين فإني دخلت إذا دخلت الجنة
خشيت أن لا أراك فلم يرد عليه رسول الله شيئا حتى نزل جبريل هذه الآية ومن يطع الله
والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الآية
قلت رجاله موثقون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم معا من طريق الحكم بن
أبان عن عكرمة قال أتى فتى النبي فقال يا نبي الله إن لنا منك نظرة في الدنيا وفي
يوم القيامة لا نراك فإنك في الدرجات 398
العلا فأنزل الله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم
وذكر الثعلبي بغير إسناد قال نزلت في ثوبان مولى رسول
الله وكان
شديد الحب لرسول الله قليل الصبر عنه فأتاه ذات يوم وقد
تغير لونه ونحل جسمه فعرف الحزن في وجهه فقال له يا ثوبان ما غير لونك فقال يا
رسول الله لا بي مرض ولا وجع غير إني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة
حتى ألقاك ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك هناك لأني عرفت إنك ترفع مع النبيين وإني
إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك وإن لم أدخل فذاك حين لا أراك أبدا
فأنزل الله تعالى هذه الآية ثم قال رسول الله عند ذلك والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد
حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله والناس أجمعين
وقال مقاتل بن سليمان قال رجل من الأنصار يسمى عبد الله
بن زيد ابن عبد ربه وهو الذي رأى الأذان مع عمر يا رسول الله إنا إذا خرجنا من
عندك إلى أهلينا اشتقنا إليك فلم ينفعنا شيء حتى نرجع إليك فذكرت درجتك في الجنة فكيف
لنا برؤيتك إن دخلنا الجنة
فنزلت هذه الآية قال فلما توفي النبي وهو في حديقة أتاه
ابنه فأخبره فقال عند ذلك اللهم لا أرى شيئا بعد حبيبي أبدا فعمي مكانه وذلك من
شدة حبه لرسول الله
315 - قوله ز تعالى وإن منكم لمن ليبطئن 72
أخرج ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن
حيان في قوله وإن منكم لمن ليبطئن قال هو فيما بلغنا عبد الله بن أبي 399 رأس
المنافقين وبذلك جزم مقاتل بن سليمان
وأخرج عبد بن حميد والطبري من طريق ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال نزلت في المنافقين
316 - قوله ز تعالى فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون
الحياة الدنيا بالآخرة
قال الثعلبي معناه أنه يؤمر بالإيمان ثم بالقتال
قال وقال بعضهم معناه نزلت هذه الآية في المؤمنين المخلصين
317 - قوله ز تعالى وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله 75
أخرج عبد بن حميد من رواية سعيد عن قتادة كان بمكة رجال
ونساء وولدان من المسلمين فأمر الله نبيه أن يقاتل حتى يستنقذهم
وأخرج من رواية أبي يونس القوي قلت لسعيد بن جبير في
قوله والمستضعفين
قال كان بمكة ناس مظلومون مقهورون
318 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم
وأقيموا الصلاة الآية 77
1 - أخرج الطبري والفاكهي في كتاب مكة و الحسن بن سفيان
في مسنده وابن أبي حاتم من رواية الحسين بن واقد عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن
عباس إن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي بمكة فشكوا إنا كنا في عز و نحن مشركون
فلما آمنا صرنا أذلة فقال إني أمرت بالعفو فلا تقتلوا القوم فلما حوله الله تعالى
إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا فأنزل الله تعالى هذه الآية
وأخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي
قال هم قوم أسلموا قبل أن يفرض عليهم القتال ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة فسألوا
الله أن يفرض عليهم القتال فلما كتب عليهم إذا فريق منهم يكره ذلك فذكر الخبر
ومن طريق سنيد بسنده إلى عكرمة 400 نحوه
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة وعبد ابن حميد من طريق شيبان
كلاهما
عن قتادة قال ذكر لنا أن أناسا من الصحابة وهم يومئذ
بمكة قبل الهجرة فزعموا إلى القتال وسرعوا فيه حتى قالوا للنبي ذرنا نتخذ معنا
معاول للمشركين فنهاهم عن ذلك وقال لم أؤمر بالقتال فلما كانت الهجرة أمروا بالقتال
فكره ذلك بعض وقالوا فيه ما تسمعون فقال الله تعالى قل متاع الدنيا قليل والآخرة
خير لمن اتقى
وقال مقاتل بن سليمان نزلت في عبد الرحمن بن عوف وسعد بن
أبي وقاص وهما من بني زهرة وقدامة بن مظعون والمقداد بن الأسود وذلك أنهم استأذنوا
في قتال كفار مكة لما يلقون منهم من الأذى فقال لم أؤمر بالقتال فلما هاجر إلى
المدينة وأذن بالقتال كره بعضهم ذلك
وذكر مقاتل المذكور أن من هذا الفريق طلحة بن عبيد الله
كذا قال ولعله كان ممن قال ذلك أولا وأما الفريق الذين
قالوا لم كتبت علينا القتال فاللائق أنهم ممن لم يرسخ الإيمان في قلبه وطلحة كان
من الراسخين
ونقل الثعلبي عن الكلبي قال نزلت فذكر نحو مقاتل إلا
تسمية طلحة
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد
ألم تر إلى
الذين قيل لهم كفوا أيديكم الآية نزلت في يهود
ومن طريق عطية العوفي عن ابن عباس نحوه وزاد أن تصنعوا
كصنيعهم
319 - قوله تعالى أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم
في بروج مشيدة الآية 78
1 - قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس لما استشهد الله
من المسلمين من استشهد يوم أحد قال المنافقون 401 الذين تخلفوا عن الجهاد لو كان
إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا فأنزل الله عز و جل هذه الآية
2 - قول آخر قال الطبري حدثنا علي بن سهل ثنا مؤمل بن
إسماعيل نا أبو همام ثنا كثير أبو الفضل ح وقال ابن أبي حاتم نا أبو سعيد بن يحيى
بن سعيد القطان نا عيسى نا حميد الرؤاسي واللفظ له قال ثنا كثير
الكوفي ثنا مجاهد أبو الحجاج قال كان قبل أن يبعث النبي
وفي رواية مؤمل كان فيمن كان قبلكم امرأة وكان لها أجير
فولدت فقالت لأجيرها انطلق فاقتبس لي نارا فانطلق الأجير فإذا هو برجلين قائمين
على الباب فقال أحدهما لصاحبه ما ولدت فقال ولدت جارية فقال أحدهما لصاحبه لا تموت
هذه الجارية حتى تزني بمئة ويتزوجها الأجير ويكون موتها بعنكبوت فقال الأجير أما
والله لأكذبن حديثكما فرمى بما في يده وأخذ السكين فشحذها وقال ألا تراني أتزوجها
بعد ما تزني بمئة قال مجاهد ففرى كبدها ورمى بالسكين وظن أنه قد قتلها
وقال مؤمل في روايته فخرج فوجد بالباب رجلا فقال له ما ولدت
هذه المرأة قال جارية قال أما إن هذه الجارية فذكره لكن قال وأخذ شفرة فدخل فشق
بطن الصبية فصاحت الصبية فقامت أمها فرأت بطنها قد شق فخاطته وداوته حتى برئت وفي
رواية مؤمل وخرج على وجهه فركب البحر وخيط بطن الصبية وعولجت فبرئت فكانت تبغي
فأتت ساحلا من سواحل فأقامت فيه تبغي ولبث الرجل ما شاء الله ثم قدم ذلك الساحل
ومعه مال كثير
وفي رواية عيسى 402 وركب الأجير رأسه فلبث ما شاء الله
أن يلبث وأصاب الأجير مالا فأراد أن يطلع أرضه فينظر من مات منهم ومن حي فأقبل حتى
نزل على عجوز وقال للعجوز ابغي لي أحسن امرأة في البلد أصيب منها وأعطيها فانطلقت
العجوز إلى تلك المرأة وهي أحسن جارية في البلد فدعتها إلى الرجل وقالت تصيبين منه
معروفا
وفي رواية مؤمل فقال لامرأة من أهل الساحل ابغيني امرأة
من أجمل امرأة في القرية أتزوجها فقال ها هنا امرأة من أجمل الناس لكنها تبغي قال
ائتيني بها
إلى هنا انتهى ما وجد من أسباب النزول لشيخ الإسلام
العالم العلامة الحافظ الشيخ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بخطه
انتهى ذلك وكتبه من أوله إلى أثناء قوله نساؤكم حرث أني
شئتم من خط الشيخ الإمام العامل العالم العلامة كمال الدين ومن أثناء قوله نساؤكم
حرث لكم إلى هنا من خط الشيخ الإمام الحافظ مؤلف هذا الكتاب شيخ الإسلام الشيخ
شهاب الدين أمده الله بالرحمة والرضوان عبد الحق بن محمد السنباطي غفر الله له ولوالديه
ولمشايخه ولمن دعا لهم بالغفرة ولجميع المسلمين وكان الفراغ من كتابة ذلك في الليلة
المسفر صباحها عن الساد من شهر شوال المبارك سنة تسع وثمانين وثمانمئة بخير بمحمد
وآله وصحبه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
اندكس ن فح الباري من ن
الرابط
https://drive.google.com/file/d/1oQ6F4ip_x4FPYXEL9by5sq_at0QyoUMM/view?usp=sharing
اندكس / جاهز للالصاق بأي موفعالجمعة، 24 فبراير 2023
ج3.كتاب العجاب في بيان الأسبابشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
اندكس بريد مكة
الرابط
-
تُلزمك قوانين الاتحاد الأوروبي بأن تعطي المستخدمين معلومات عن ملفات تعريف الارتباط المستخدمة والبيانات التي يتم جمعها في مدونتك. كم...
-
قائمة مؤلفات ابن حجر الهيتمي من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة برع الإمام ابن حجر الهيتمي (909-973هـ) في علوم كثيرة منها: التفسير والحديث و...
-
سنن أبي داود/كتاب الصوم كتاب الصيام باب مبدأ فرض الصيام 2313 - حدثنا أحمد بن محمد بن شبويه قال حدثني علي بن حسين بن واقد عن أ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق