اندكس ن فح الباري من ن

الرابط

 https://drive.google.com/file/d/1oQ6F4ip_x4FPYXEL9by5sq_at0QyoUMM/view?usp=sharing

اندكس / جاهز للالصاق بأي موفع

الخميس، 24 فبراير 2022

كتاب الأم - للشافعي

كتاب الأم - المجلد الأول1  . 
 
بسم الله الرحمن الرحيم 
 
كتاب الطهارة 
 
أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال قال الله عز وجل إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم الآية قال الشافعي: فكان بينا عند من خوطب بالآية أن غسلهم إنما كان بالماء ثم أبان في هذه الآية أن الغسل بالماء وكان معقولا عند من خوطب بالآية أن الماء ما خلق الله تبارك وتعالى مما لاصنعة فيه للآدميين وذكر الماء عاما فكان ماء السماء وماء الأنهار والآبار والقلات والبحار العذب من جميعه والأجاج سواء في أنه يطهر من توضأ واغتسل منه وظاهر القرآن يدل على أن كل ماء طاهر ماء بحر وغيره وقد روي فيه عن النبي ﷺ حديث يوافق ظاهر القرآن في إسناده من لا أعرفه قال الشافعي: أخبرنا مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة رجل من آل ابن الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار خبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول سأل رجل النبي ﷺ فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ومعنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر فقال النبي ﷺ هو الطهور ماؤه الحل ميتته قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد العزيز بن عمر عن سعيد بن ثوبان عن أبي هند الفراسي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال من لم يطهره البحر فلا طهره الله قال الشافعي: فكل الماء طهور ما لم تخالطه نجاسة ولا طهور إلا فيه أو في الصعيد وسواء كل ماء من برد أو ثلج أذيب وماء مسخن وغير مسخن لأن الماء له طهارة والنار لا تنجس الماء قال الشافعي: رحمه الله أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسخن له الماء فيغتسل به ويتوضأ به قال الشافعي: ولا أكره الماء المشمس إلا من جهة الطب قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن صدقة ابن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال إنه يورث البرص قال الشافعي: الماء على الطهارة ولا ينجس إلا بنجس خالطه والشمس والنار ليسا بنجس إنماالنجس المحرم فأما ما اعتصره الآدميون من ماء شجر ورد أو غيره فلا يكون طهورا وكذلك ماء أجساد ذوات الأرواح لا يكون طهور لأنه لا يقع على واحد من هذا اسم ماء إنما يقال له ماء بمعنى ماء ورد وماء شجر كذا وماء مفصل كذا وجسد كذا وكذلك لو نحر جزورا وأخذ كرشها فاعصتر منه ماء لم يكن طهورا لأن هذا لا يقع عليه اسم الماء إلا بالإضافة إلى شيء غيره يقال ماء كرش وماء مفصل كما يقال ماء ورد وماء شجر كذا وكذا فلا يجزي أن يتوضأ بشيء من هذاالماء الذي ينجس والذي لا ينجس .
قال الشافعي: رحمه الله الماء ماآن ماء جار وما راكد فأما الماء الجاري فإذا وقع فيه محرم من ميتة أو دم أو غير ذلك فإن كان فيه ناحية يقف فيها الماء فتلك الناحية منه خاصة ماء راكد ينجس إن كان موضعه الذي فيه الميتة منه أقل من خمس قرب نجس وإن لكان أكثر من خمس قرب لم ينجس إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه فإن كان جاريا لا يقف منه شيء فإذا مرت الجيفة أو ما خالطه في الجاري توضأ بما يتبع موضع الجيفة من الماء لأن ما يتبع موضعها من الماء غير موضعها منه لأنه لم يخالطه نجاسة وإن كان الماء الجاري قليلا فيه جيفة فتوضأ رجل مما حول الجيفة لم يجزه إذا ما كان حولها أقل من خمس قرب كالماء الراكد ويتوضأ بما بعده لأن معقولا في الماء الجاري أن كل ما مضى منه غير ما حدث وأنه ليس واحدا يختلط بعضه ببعض فإذا كان المحرم في موضع منه يحتمل النجاسة نجس ولولا ما وصفت وكان الماء الجاري قليلا فخالطت النجاسة منه موضعا فجرى نجس الباقي منه إذا كانا إذا اجتمعا معا يحملان النجاسة ولكنه كما وصفت كل شيء جاء منه غير ما مضى وغير مختلط بما مضى والماء الراكد في هذا مخالف له لأنه مختلط كله فيقف فيصير ما حدث فيه مختلطا بما كان قبله لا ينفصل فيجري بعضه قبل بعض كما ينفصل الجاري قال الشافعي: وإذا كان الماء الجاري قليلا أو كثيرا فخالطته نجاسة فغيرت ريحه أو طعمه أو لونه كان نجسا وإن مرت جريته بشيء متغير بحرام خالطه فتغيرت ثم مرت به جرية أخرى غير متغيرة فالجرية التي غير متغيرة طاهرة والمتغيرة نجسة قال وإذا كان في الماء الجاري موضع منخفض فركد فيه الماء وكان زائلا عن سنن جريته بالماء يستنقع فيه فكان يحمل النجاسة فخالطه حرام نجس لأنه راكد وكذلك إن كان الجاري يدخله إذا كان يدخله منه مالا يكثره حتى يصير كله خمس قرب ولا يجري به وإن كان في سنن الماء الجاري موضع منخفض فوقع فيه محرم وكان الماء يجري به فهو جار كله لا ينجس إلا بما ينجس به الجاري وإذا صار الماء الجاري إلى موضع يركد فيه الماء فهو ماء راكد ينجسه ما ينجس الماء الراكد قال الشافعي: والماء الراكد ماءان ماء لا ينجس بشى خالطه من المحرم إلا أن يكون لونه فيه أو ريحه أو طعمه قائما وإذا كان شيء من المحرم فيه موجودا بأحد ما وصفنا تنجس كله قل أو كثر قال وسواء إذا وجد المحرم في الماء جاريا كان أو راكدا قال وماء ينجس بكل شيء خالطه من المحرم وإن لم يكن موجودا فيه فإن قال قائل ما الحجة في فرق بين ما ينجس وما لا ينجس ولم يتغير واحد منهما قيل السنة أخبرنا الثقة عن الوليد بن كثير عن محمد ابن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي ﷺ قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا أو خبثا أخبرنا مسلم عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره أن رسول الله ﷺ اذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا وقال في الحديث بقلال هجر قال ابن جريج ورأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا قال الشافعي: رحمه الله كان مسلم يذهب إلى أن ذلك أقل من نصف القربة أو نصف القربة فيقول خمس قرب هو أكثر ما يسع قلتين وقد تكون القلتان أقل من خمس قرب وفي قول رسول الله ﷺ إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا دلالة على أن مادون القلتين من الماء يحمل النجس قال الشافعي: فالاحتياط أن تكون القلة قربتين ونصفا فإذا كان الماء خمس قرب لم يحمل نجسا في جريان أو غيره وقرب الحجاز كبار فلا يكون الماء الذي لا يحمل النجاسة إلا بقرب كبار وإذا كان الماء أقل من خمس قرب فخالطته ميتة نجس ونجس كل وعاء كان فيه فأهريق ولم يطهر الوعاء إلا بأن يغسل وإذا كان الماء أقل من خمس قرب فخالطته نجاسة ليست بقائمة فيه نجسته فإن صب عليه ماء حتى يصير هو بالذي صب عليه خمس قرب فأكثر طهر وكذلك لو صب هو على الماء أقل وأكثر منه حتى يصير الماآن معا أكثر من خمس قرب لم ينجس واحد منهما صاحبه وإذا صارا خمس قرب فطهرا ثم فرقا لم ينجسا بعد ما طهرا إلا بنجاسة تحدث فيهما وإذا وقعت الميتة في بئر أو غيرها فأخرجت في دلو أو غيره طرحت وأريق الماء الذي معها لأنه أقل من خمس قرب منفردا من ماء غيره وأحب إلى لو غسل الدلو فإن لم يغسل ورد في الماء الكثير طهره الماء الكثير ولم ينجس هو الماء الكثير قال والمحرم كله سواء إذا وقع في أقل من خمس قرب نجسه ولو وقع حوت ميت في ماء قليل أو جرادة ميتة لم ينجس لأنهما حلال ميتتين وكذلك كل ما كان من ذوات الأرواح مما يعيش في الماء ومما لا يعيش في الماء من ذوات الأرواح إذا وقع في الماء الذي ينجس ميتا نجسه إذا كان مما له نفس سائلة فأما ما كان مما لا نفس له سائلة مثل الذباب والخنافس وما أشبههما ففيه قولان أحدهما أن ما مات من هذا في ماء قليل أو كثير لم ينجسه ومن قال هذا قال فإن قال قائل هذه ميتة فكيف زعمت أنها لا تنجس قيل لا تغير الماء بحال ولا نفس لها فإن قال فهل من دلالة على ما وصفت قيل نعم إن رسول الله ﷺ أمر بالذباب يقع في الماء أن يغمس فيه وكذلك أمر به في الطعام وقد يموت بالغمس وهو لا يأمر بغمسه في الماء والطعام وهو ينجسه لو مات فيه لأن ذلك عمد إفسادهما والقول الثاني أنه إذا مات فيما ينجس نجس لأنه محرم وقد يأمر بغمسه للداء الذي فيه والأغلب أن لا يموت وأحب إلى أن كل ما كان حراما أن يؤكل فوقع في ماء فلم يمت حتى أخرج منه لم ينجسه وإن مات فيه نجسه وذلك مثل الخنفساء والجعل والذباب والبرغوث والقملة وما كان في هذا المعنى قال وذرق الطير كله ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه إذا خالط الماء نجسه لأنه يرطب برطوبة الماء قال الربيع وعرق النصرانية والجنب والحائض طاهر وكذلك المجوسي وعرق كل دابة طاهر وسؤر الدواب والسباع كلها طاهر إلا الكلب والخنزير
قال الربيع وهو قول الشافعي وإذا وضع المرء ماء فاستن بسواك وغمس السواك في الماء ثم أخرجه توضأ بذلك الماء لأن أكثر ما في السواك ريقه وهو لو بصق أو تنخم أو التخط في ماء لم ينجسه والدابة نفسها تشرب في الماء وقد يختلط به لعابها فلا ينجسه إلا أن يكون كلبا أو خنزيرا قال وكذلك لو عرق فقطر عرقه في الماء لم ينجس لأن عرق الإنسان والدابة ليس بنجس وسواء من أي موضع كان العرق من تحت منكبه أو غيره وإذا كان الحرام موجودا في الماء وإن كثر الماء لم يطهر أبدا بشيء ينزح منه وإن كثر حتى يصير الحرام منه عدما لا يوجد منه في شيء قائم فإذا صار الحرام فيه عدما طهر الماء وذلك أن يصب عليه ماء غيره أو يكون معينا فتنبع العين فيه فيكثر ولا يوجد المحرم فيه فإذا كان هكذا طهر وإن لم ينزح منه شيء قال وإذا نجس الإناء فيه الماء القليل أو الأرض أو البئر ذات البناء فيها الماء الكثير بحرام يخالطه فكان موجودا فيه ثم صب عليه ماء غيره حتى يصير الحرام غير موجود فيه وكان الماء قليلا فنجس فصب عليه ماء غيره حتى صار ماء لا ينجس مثله ولم يكن في حرام فالماء طاهر والإناء والأرض التي الماء فيهما طاهران لأنهما إنما نجسا ينجاسة الماء فإذا صار حكم الماء إلى أن يكون طاهرا كان كذلك حكم مامسه الماء ولم يجز أن يحول حكم الماء ولا يحول حكمه وإنما هو تبع للماء يطهر بطهارته وينجس بنجاسته وإذا كان الماء قليلا في إناء فخالطته نجاسة أريق وغسل الإناء وأحب إلى لو غسل ثلاثا فإن غسل واحدة تأتي عليه طهر وهذا من كل شيء خالطه إلا أن يشرب فيه كلب أو خنزير فلا يطهر إلا بأن يغسل سبع مرات وإذا غسلهن سبعا جعل أولاهن أو أخراهن تراب لا يطهر إلا بذلك فإن كان في بحر لا يجد فيه ترابا فغسله بما يقوم مقام تراب في التنظيف من أشنان أو نخالة أو ما أشبهه ففيه قولان أحدهما لا يطهر إلا بأن يماسه التراب والآخر يطهر بما يكون خلفا من التراب وأنظف منه مما وصفت كما نقول في الاستنجاء وإذا نجس الكلب أو الخنزير بشربهما نجسا ما ماسا به الماء من أبدانهما وإن لم يكن عليهما نجاسة وكل ما لم ينجس بشربه فإذا أدخل في الماء يدا أو رجلا أو شيئا من بدنه لم ينجسه إلا بأن يكون عليه قذر فينجس القذر الماء لا جسده فإن قال قائل فكيف جعلت الكلب والخنزير إذا شربا في إناء لم يطهره إلا سبع مرات وجعلت الميتة إذا وقعت فيه أو الدم طهرته مرة إذا لم يكن لواحد من هؤلاء أثر في الإناء قيل له اتباعا لرسول الله ﷺ
قال الشافعي: رحمه الله أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسه سبع مرات أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن تميمة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن أو أخراهن بتراب قال الشافعي: فقلنا في الكلب بما أمر به رسول ﷺ وكان الخنزير إن لم يكن في شر من حاله لم يكن في خير منها فقلنا به قياسا عليه وقلنا في النجاسة سواهما بما أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة أنه سمع امرأته فاطمة بنت المنذر تقول سمعت جدتي أسماء بنت أبي بكر تقول سألت رسول الله ﷺ عن دم الحيض يصيب الثوب فقال حتيه ثم اقرصيه ثم رشيه وصلى فيه أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت سألت امرأة رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع فقال النبي ﷺ لها إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصل فيه قال الشافعي: فأمر رسول الله ﷺ بغسل دم الحيضة ولم يوقت فيه شيئا وكان اسم الغسل يقع على غسله مرة وأكثر كما قال الله تبارك وتعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق فأجزأت مرة لأن كل هذا يقع عليه اسم الغسل قال فكانت الأنجاس لها قياسا على دم الحيضة لموافقته معاني الغسل والوضوء في الكتاب والمعقول ولم نقسه على الكلب لأنه تعبد ألا ترى أن اسم الغسل يقع على واحدة وأكثر من سبع وأن الإناء ينقى بواحدة وبما دون السبع ويكون بعد السبع في مماسة الماء مثله قبل السبع قال ولا نجاسة في شيء من الأحياء ماست ماء قليلا بأن شربت منه أو أدخلت فيه شيئا من أعضائها إلا الكلب والخنزير وإنما النجاسة في الموتى ألا ترى أن الرجل يركب الحمار ويعرق الحمار وهو عليه ويحل مسه فإن قال قائل ما الدليل على ذلك قيل أخبرنا إبراهيم بن محمد عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ سئل أيتوضأ بما أفضلت الحمر فقال نعم وبما أفضلت السباع كلها قال الشافعي: أخبرنا سعيد ابن سالم عن ابن أبي حبيبة أو أبي حبيبة شك الربيع عن داود بن الحصين عن جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ بمثله أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله عن حميدة بنت عبيد بن رفاعه عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة أن أبا قتادة دخل فسكبت له وضوءا فجاءت هرة فشربت منه قالت فرآني أنظر إليه فقالك أتعجبين با ابنة أخي أن رسول الله ﷺ قال إنها ليست بنجس أنها من الطوافين عليكم أو الطوافات قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا الثقة عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي ﷺ أو مثل معناه قال الشافعي: فقسنا على ما عقلنا مما وصفنا وكان الفرق بين الكلب والخنزير وبين ما سواهما مما لا يؤكل لحمه أنه ليس منها شيء حرم أن يتخذ إلا لمعنى والكلب حرم أن يتخذ لا لمعنى وجعل ينقص من عمل من اتخذه من غير معنى كل يوم قيراط أو قيراطان مع ما يتفرق به من أن الملائكة لا تدخل بيتا هو فيه وغير ذلك ففضل كل شيء من الدواب يؤكل لحمه أو لا يؤكل حلال إلا الكلب والخنزير
قال الشافعي: فإذا تغير الماء القليل أو الكثير فأنتن أو تغير لونه بلا حرام خالطه فهو على الطهارة وكذلك لو بال فيه إنسان فلم يدر أخالطه نجاسة أم لا وهو متغير الريح أو اللون أو الطعم فهو على الطهارة حتى تعلم نجاسته لأنه يترك لا يستقى منه فيتغير ويخالطه الشجر والطحلب فيغيره قال وإذا وقع في الماء شيء حلال فغير له ريحا أو طعما ولم يكن الماء مستهلكا فيه فلا بأس أن يتوضأ به وذلك أن يقع فيه البان أو القطران فيظهر ريحه أو ما أشبهه وإن أخذ ماء فشيب به لبن أو سويق أو عسل فصار الماء مستهلكا فيه لم يتوضأ به لأن الماء مستهلك فيه إنما يقال لهذا ماء سويق ولبن وعسل مشوب وإن طرح منه فيه شيء قليل يكون ما طرح فيه من سويق ولبن وعسل مستهلكا فيه ويكون لون الماء الظاهر ولا طعم لشيء من هذا فيه توضأ به وهذا ماء بحاله وهكذا كل ما خالط الماء من طعام وشراب وغيره إلا ما كان الماء قارا فيه فإذا كان الماء قارا في الأرض فأنتن أو تغير توضأ به لأنه لا اسم له دون الماء وليس هذا كما خلط به مما لم يكن فيه ولو صب على الماء ماء ورد فظهر ريح ماء الورد عليه لم يتوضأ به لأن الماء مستهلك فيه والماء الظاهر لا ماء الورد قال وكذلك لو صب عليه قطران فظهر ريح القطران في الماء لم يتوضأ به وإن لم يظهر توضأ به لأن القطران وماء الورد يختلطان بالماء فلا يتميزان منه ولو صب فيه دهن طيب أو ألقى فيه عنبر أو عود أو شيء ذو ريح لا يختلط بالماء فظهر ريحه في الماء توضأ به لأنه ليس في الماء شيء منه يسمى الماء مخوضا به ولو كان صب فيه مسك أو ذريرة أو شيء ينماع في الماء حتى يصير الماء غير متميز منه فظهر فيه ريح لم يتوضأ به لأنه حينئذ ماء مخوض به وإنما يقال له ماء مسك مخوض وذريرة مخوضة وهكذا كل ما ألقى فيه من المأكول من سويق أو دقيق ومرق وغيره إذا ظهر فيه الطعم والريح مما يختلط فيه لم يتوضأ به لأن الماء حينئذ منسوب إلى ما خالطه منه .
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر .
فضل الجنب وغيره
قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كان يغتسل من القدح وهو الفرق وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر إنه كان يقول إن الرجال والنساء كانوا يتوضئون في زمان أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ من إناء واحد أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس عن ميمونة أنها كانت تغتسل هي والنبي ﷺ من إناء واحد أخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم عن معاذة العدوية عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ من إناء واحد فربما قلت له أبق لي أبق لي قال الشافعي: روى عن سالم أبي النضر عن القاسم عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ من إناء واحد من الجنابة قال الشافعي: وبهذا نأخذ فلا بأس أن يغتسل بفضل الجنب والحائض لأن رسول الله ﷺ اغتسل وعائشة من إناء واحد من الجنابة فكل واحد منهما يغتسل بفضل صاحبه وليست الحيضة في اليد وليس ينجس المؤمن إنما هو تعبد بأن يماس الماء في بعض حالته دون بعض كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولايتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب .
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ماء النصراني والوضوء منه .
قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب توضأ من ماء نصرانية في جرة نصراينة .
قال الشافعي: ولا بأس بالوضوء من ماء المشرك وبفضل وضوئه ما لم يعلم فيه نجاسة لأن للماء طهارة عند من كان وحيث كان حتى تعلم نجاسة خالطته .
باب الآنية التي يتوضأ فيها ولا يتوضأ
قال الشافعي: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال مر النبي ﷺ بشاة ميتة قد كان أعطاها مولاة لميمونة زوج النبي ﷺ قال فهلا انتفعتم بجلدها قالوا يا رسول الله إنها ميتة فقال إنما حرم أكلها أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن النبي ﷺ مثله أخبرنا ابن عيينة عن زيد بن أسلم سمع ابن وعلة سمع ابن عباس سمع النبي ﷺ يقول أيما إهاب دبغ فقد طهر أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال إذا دبغ الإهاب فقد طهر أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه قال الشافعي: فيتوضأ في جلود الميتة كلها إذا دبغت وجلود مالا يؤكل لحمه من السباع قياسا عليها إلا جلد الكلب والخنزير فإنه لا يطهر بالدباغ لأن النجاسة فيهما وهما حيان قائمة وإنما يطهر بالدباغ ما لم يكن نجسا حيا والدباغ بكل ما دبغت به العرب من قرظ وشب وما عمل عمله مما يمكث فيه الإهاب حتى ينشف فضوله ويطيبه ويمنعه الفساد إذا أصابه الماء ولا يطهر إهاب الميتة من الدباغ إلا بما وصفت وإن تمعط شعره فإن شعره نجس فإذا دبغ وترك عليه شعره فماس الماء شعره نجس الماء وإن كان الماء في باطنه وكان شعره ظاهرا لم ينجس الماء إذا لم يماس شعره فأما جلد كل ذكي يؤكل لحمه فلا بأس أن يشرب ويتوضأ فيه إن لم يدبغ لأن طهارة الذكاة وقعت عليه فإذا طهر الإهاب صلى فيه وصلى عليه وجلود ذوات الأواح السباع وغيرها مما لا يؤكل لحمه سواء ذكيه وميته لأن الذكاة لا تحلها فإذا دبغت كلها طهرت لأنها في معاني جلود الميتة إلا جلد الكلب والخنزير فإنهما لا يطهران بحال أبدا قال ولا يتوضأ ولا يشرب في عظم ميتة ولا عظم ذكي لا يؤكل لحمه مثل عظم الفيل والأسد وما أشبهه لأن الدباغ والغسل لا يطهران العظم روى عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر يكره أن يدهن في مدهن من عظام الفيل لأنه ميتة قال الشافعي: فمن توضأ في شيء منه أعاد الوضوء وغسل ما مسه من الماء الذي كان فيه قال الشافعي: ولا أكره إنا توضيء فيه من حجارة ولا حديد ولا نحاس ولا شيء غير ذوات الأرواح إلا آنية الذهب والفضة فإني أكره الوضوء فيهما قال الشافعي: أخبرنا مالك عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أم سلمة زوج النبي ﷺ أن النبي ﷺ قال الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم قال الشافعي: فإن توضأ أحد فيها أو شرب كرهت ذلك له ولم آمره يعيد الوضوء ولم أزعم أن الماء الذي شرب ولا الطعام الذي أكل فيها محرم عليه وكان الفعل من الشرب فيها معصية فإن قيل فكيف ينهى عنها ولا يحرم الماء فيها قيل له إن شاء الله أن رسول الله ﷺ إنما نهى عن الفعل فيها لا عن تبرها وقد فرضت فيها الزكاة وتمولها المسلمون ولو كانت نجسا لم يتمولها أحد ولم يحل بيعها ولا شراؤها ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام.
أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. 
 
وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن   


 
باب الماء يشك فيه
قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا كان الرجل مسافرا وكان معه ماء فظن أن النجاسة خالطته فتنجس ولم يستيقن فالماء على الطهارة وله أن يتوضأ به ويشربه حتى يستيقن مخالطة النجاسة به وإن استيقن النجاسة وكان يريد أن يهريقه ويبدله بغيره فشك أفعل أم لا فهو على النجاسة حتى يستيقن أنه أهراقه وأبدل غيره وإذا قلت في الماء فهو على النجاسة فليس له أن يتوضأ به وعليه أن يتيمم إن لم يجد غيره وله إن اضطر إليه أن يشربه لأن في الشرب ضرورة خوف الموت وليس ذلك في الوضوء فقد جعل الله تبارك وتعالى التراب طهورا لمن لم يجد الماء وهذا غير واجد ماء يكون طهورا وإذا كان الرجل في السفر ومعه ماءان استيقن أن أحدهما نجس والآخر لم ينجس فأهراق النجس منهما على الأغلب عنده أنه نجس توضأ بالآخر وإن خاف العطش حبس الذي الأغلب عنده أنه نجس وتوضأ بالطاهر عنده فإن قال قائل قذ استيقن النجاسة في شيء فكيف يتوضأ بغير يقين الطهارة قيل له إنه استيقن النجاسة في شيء واستيقن الطهارة في غيره فلا نفسد عليه الطهارة إلا بيقين أنها نجسة والذي تأخى فكان الأغلب عليه عنده أنه غير نجس على أصل الطهارة لأن الطهارة تمكن فيه ولم يستيقن النجاسة فإن قال فقد نجست عليه الآخر بغير يقين نجاسة قيل لا إنما نجسته عليه بيقين أن أحدهما نجس وأن الأغلب عنده أنه نجس فلم أقل في تنجيسه إلا بيقين رب الماء في نجاسة أحدهما والأغلب عنهد أن هذا النجس منهما فإن استيقن بعد أن الذي توض به النجس والذي ترك الطاهر غسل كل ما أصاب ذلك الماء النجس من ثوب وبدن وأعاد الطهارة والصلاة وكان له أن يتوضأ بهذا الذي كان الأغلب عنده أنه نجس حتى اتسيقن طهارته ولو اشتبه الماآن عليه فلم يدر أيهما النجس ولم يكن عنده فيهما أغلب قيل له إن لم تجد ماء غيرهما فعليك أن تتطهر بالأغلب وليس لك أن تتيمم ولو كان الذي أشكل عليه الماآن أعمى لا يعرف ما يدله على الأغلب وكان معه بصير يصدقه وسعه أن يستعمل الأغلب عند البصير فإن لم معه أحد يصدقه أو كان معه بصير لا يدري أي الإناءين نجس واختلط عليه أيهما نجس تأخى الأغلب وإن لم يكن له دلالة على الأغلب من أيهما نجس ولم يكن معه أحد يصدقه تأخى عله أكثر ما يقدر عليه فيتوضأ ولا يتيمم ومعه ماآن أحدهما طاهر ولا يتيمم مع الوضوء لأن التيمم لا يطهر نجاسة إن ماسته من الماء ولا يجب التيمم مع الماء الطاهر ولو توضأ بماء ثم ظن أنه نجس لم يكن عليه أن يعيد وضوءا حتى يستيقن أنه نجس والاختيار له أن يفعل فإن استيقن بعد الوضوء أنه نجس غسل كل ما أصاب الماء منه واستأنف وضوءا وأعاد كل صلاة صلاها بعد مماسته الماء النجس وكذلك لو كان على وضوء فماس ماء نجسا أو ماس رطبا من الأنجاس ثم صلى غسل ما ماس من النجس وأعاد كل صلاة صلاها بعد مماسته النجس وإن ماس النجس وهو مسافر ولم يجد ماءا تيمم وصلى وأعاد كل صلاة صلاها بعد مماسته النجس لأن التيمم لا يطهر النجاسة المماسة للأبدان قال فإذا وجد الرجل الماء القليل على الأرض أو في بئر أو في وقر حجر أو غيره فوجده شديد التغير لا يدري أخالطته نجاسة من بول دواب أو غيره توضأ به لأن الماء قد يتغير بلا حرام خالطه فإذا أمكن هذا فيه فهو على الطهارة حتى يستيقن بنجاسة خالطته قال ولو رأى ماء أكثر من خمس قرب فاستيقن أن ظبيا بال فيه فوجد طعمه أو لونه متغيرا أو ريحه متغيرا كان نجسا وإن ظن أن تغيره من غير البول لأنه قد استيقن بنجاسة خالطته ووجد التغير قائما فيه والتغير بالبول وغيره يختلف M0ايوجب الوضوء وما لا يوجبه قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تعالى إذ قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الآية قال الشافعي: فكان ظاهر الآية أن من قام إلى الصلاة فعليه أن يتوضأ وكانت محتملة أن تكون نزلت في خاص فسمعت من أرضى علمه بالقرآن يزعم أنها نزلت في القائمين من النوم قال وأحسب ما قال كما قال لأن في السنة دليلا على أن يتوضأ من قام من نومه أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال إذا اسيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإنه لا يدري أن باتت يده اخبرنا سفيان قال أخبرنا أبو الزناد عن العرج عن أبو هريرة عن النبي ﷺ قال 
 
 
 إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده قال الشافعي: رحمه الله تعالى فمن نام مضطجعا وجب عليه الوضوء لأنه قائم من مضطجع قال والنوم غلبة على العقل فمن غلب على عقله بجنون أو مرض مضطجعا كان أو غير مضطجع وجب عليه الوضوء لأنه في أكثر من حال النائم والنائم يتحرك الشيء فينتبه وينتبه من غير تحرك الشيء والمغلوب على عقله بجنون أو غيره يحرك فلا يتحرك قال وإذا نام الرجل قاعدا فأحب إلي له أن يتوضأ قال ولا يبين لي أن أوجب عليه الوضوء أخبرنا الثقة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال كان أصحاب رسول الله ﷺ ينتظرون العشاء فينامون أحسبه قال قعودا حتى تخفق رءوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان ينام قاعدا ثم يصلي ولا يتوضأ قال الشافعي: وإن نام قاعدا مستويا لم يجب عليه عندي الوضوء لما ذكرت من الآثار وإن معلوما أن كانت الآية نزلت في النائمين أن النائم مضطجع وأن معلوما أن من قيل له فلان نائم فلا يتوهم إلا مضطجعا ولا يقع عليه اسم النوم مطلقا إلا أن يكون مضجعا ونائم قاعدا بمعنى أن يوصل فيقال نام قاعدا كما يقال نام عن الشيء كان ينبغي أن ينتبه له من الرأي لا نوم الرقاد وإن النائم مضطجعا في غير حال النائم قاعدا لأنه يستثقل فيغلب على عقله أكثر من الغلبة على عقل النائم جالسا وأن سبيل الحديث منه في سهولة ما يخرج منه وخفائه عليه غير سبيله من النائم قاعدا قال وإن زال عن حد الاستواء في القعود نائما وجب عليه الوضوء لأن النائم جالسا يكل نفسه إلى الأرض ولا يكاد يخرج منه شيء إلا ينتبه وإذا زال كان في حد المضطجع بالموضع الذي يكون منه الحدث قال وإذا نام راكعا أو ساجدا أوجب عليه الوضوء لأنه أحرى أن يخرج منه الحدث فلا يعلم به من المضطجع قال ومن نام قائما وجب عليه الوضوء لأنه لا يكل نفسه إلى الأرض وأن يقاس على المضطجع بأن كلا مغلوب على عقله بالنوم أولى به من أن يقاس على القاعد الذي إنما سلم فيه للأثار وكانت فيه العلة التي وصفت من أنه لا يكل نفسه إلى الأرض قال والنوم الذي يوجب الوضوء على من وجب عليه الوضوء بالنوم الغلبة على العقل كائنا ذلك ما كان قليلا أو كثيرا فأما من لم يغلب على عقله من مضطجع وغير ما طرق بنعاس أو حديث نفس فلا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن أنه أحدث قال وسواء الراكب السفينة والبعير والدابة والمستوى بالأرض متى زال عن حد الاستواء قاعدا أو نام قائما أو راكعا أو ساجدا أو مضطجعا وجب عليه الوضوء وإذا شك الرجل في نوم وخطر بباله شيء لم يدر أرؤيا أم حديث نفس فهو غير نائم حتى يستيقن النوم فإن استقن الرؤيا ولم يستيقن النوم فهو نائم وعليه الوضوء والاحتياط في المسئلة الأولى كلها أن يتوضأ وعليه في الرؤيا ويقين النوم وإن قل الوضوء . 
 
الوضوء من الملامسة والغائط
قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق الآية قال الشافعي: فذكر الله عز وجل الوضوء على من قام إلى الصلاة وأشبه أن يكون من قام من مضجع النوم وذكر طهارة الجنب ثم قال بعد ذكر طهارة الجنب وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا فأشبه أن يكون أوجب الوضوء من الغائط وأوجبه من الملامسة وإنما ذكرها موصولة بالغائط بعد ذكر الجنابة فأشبهت الملامسة أن تكون اللمس باليد والقبلة غير الجنابة أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء وإذا أفضى الرجل بيده إلى امرأته أو ببعض جسده إلى بعض جسدها لا حائل بينه وبينها بشهوة أو بغير شهوة وجب عليه الوضوء ووجب عليها وكذلك إن لمسته هي وجب عليه وعليها الوضوء وسواء في ذلك كله أي بدنيهما أفضى إلى الآخر إذا أفضى إلى بشرتها أو أفضت إلى بشرته بشيء من بشرتها فإن أفضى بيده إلى شعرها ولم يماس لها بشرا فلا وضوء عليه كان ذلك لشهوة أو لغير شهوة كما يشتهيها ولا يمسها فلا يجب عليه وضوء ولا معنى للشهوة لأنها في القلب إنما المعنى في الفعل والشعر مخالف للبشرة قال ولو احتاط فتوضأ إذا لمس شعرها كان أحب إلي ولو مس بيده ما شاء فوق بدنها من ثوب رقيق خام أو بت أو غيره أو صفيق متلذذا أو غير متلذذ وفلعت هي ذلك لم يجب على واحد منهما وضوء لأن كلاهما لم يلمس صاحبه إنما لمس ثوب صاحبه قال الربيع سمعت الشافعي يقول اللمس بالكف ألا ترى أن رسول الله ﷺ نهى عن الملامسة قال الشاعر:
والمست كـفـي كـفـه أطـلـب الـغـنـى ولـم أدر أن الـجـود مـن كـفـه يعـدي
فلا أنا مـنـه ما أفاد ذوو الـغـنـى فـدت وأعـدانـي فـبـــذرت مـا عـنـدي
ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
صفحة : 15
الوضوء من الغائط والبةل والريح
قال الشافعي: ومعقول إذ ذكر الله تبارك وتعالى الغائط في آية الوضوء أن الغائط الخلاء فمن تخلى وجب عليه الوضوء أخبرنا سفيان قال حدثنا الزهري قال أخبرني عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد قال شكى إلى رسول الله ﷺ الرجل يخيل إليه الشيء في الصلاة فقال لا ينفتل حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا قال الشافعي: فلما دلت السنة على أن الرجل ينصرف من الصلاة بالريح كانت الريح من سبيل الغائط وكان الغائط أكثر منها أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة أن رسول الله ﷺ بال فتيمم أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله عن سليمان بن يسار عن القداد بن الأسود أن عليا بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أمره أن يسأل رسول الله ﷺ عن الرجل إذا دنا من أهله يخرج منه المذي ماذا عليه قال علي فإن عندي ابنة رسول الله ﷺ فأنا أستحيي أن أسأله قال المقداد فسألت رسول الله ﷺ عن ذلك فقال إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه بماء وليتوضأ وضوءه للصلاة فدلت السنة على الوضوء من المذي والبول مع دلالتها على الوضوء من خروج الريح فلم يجز إلا أن يكون جميع ما خرج من ذكر أو دبر من رجل أو أمرأة أو قبل المرأة الذي هو سبيل الحدث يوجب الوضوء وسواء ما دخل ذلك من سبار أو حقنة ذكر أو دبر فخرج على وجهه أو يخلطه شيء غيره ففيه كله الوضوء لأنه خارج من سبيل الحدث قال وكذلك الدود يخرج منه والحصاة وكل ما خرج من واحد من الفروج ففيه الوضوء وكذلك الريح تخرج من ذكر الرجل أو قبل المرأة فيها الوضوء كما يكون الوضوء في الماء وغيره يخرج من الدبر قال ولما كان ما خرج من الفروج حدثا ريحا أو غيره ريح في حكم الحدث ولم يختلف الناس في البصاق يخرج من الفم والمخاط والنفس يأتي من الأنف والجشاء المنغير وغير المنغير يأتي من الفم لا يوجب الوضوء دل ذلك على أن لا ضوء في قيء ولا رعاف ولا حجامة ولا شيء خرج من الجسد ولا أخرج منه غير الفروج الثلاثة القبل والدبر والذكر لأن الوضوء ليس على نجاسة ما يخرج الا ترى أن الريح تخرج
صفحة : 16
من الدبر ولا تنجس شيئا فيجب بها الوضوء كما يجب بالغائط وأن المني غير نجس والغسل يجب به وإنما الوضوء والغسل تعبد قال وإذا قاء الرجل غسل فاه وما أصاب القيء منه لا يجزيه غير ذلك وكذلك إذا رعف غسل ما ماس الدم من أنفه وغيره ولا يجزيه غير ذلك ولم يكن عليه وضوء وهكذا إذا خرج من جسده دم أو قيح أو غير ذلك من النجس ولا ينجس عرق جنب ولا حائض من تحت منكب ولا مأبض ولا موضع متغير من الجسد ولا غير متغير فإن قال قائل وكيف لا ينجس عرق الجنب والحائض قيل بأمر النبي ﷺ الحائض بغسل دم الحيض من ثوبها ولم يأمرها بغسل الثوب كله والثوب الذي فيه دم الحيض الإزار ولا شك في كثرة العرق فيه وقد روى عن ابن عباس وابن عمر أنهما كانا يعرقان في الثياب وهما جنبان ثم يصليان فيها ولا يغسلانها وكذلك روى عن غيرهما أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن فاطمة ابنة المنذر قالت سمعت جدتي أسماء بنت أبي بكر تقول سألت رسول الله ﷺ عن دم الحيض يصيب الثوب فقال حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه ثم صلي فيه أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت سألت امرأة النبي ﷺ فذكر نحوه أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يعرق في الثوب وهو جنب ثم يصلي فيه قال ومن توضأ وقد قاء فلم يتمضمض أو رعف فلم يغسل ما ماس الدم منه أعاد بعد ما يمضمض ويغسل ما ماس الدم منه لأنه صلى وعليه نجاسة لا لأن وضوءه انتقض قال الشافعي: أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم أنه سمع عروة ابن الزبير يقول دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان ومن مس الذكر الوضوء فقال عروة ما علمت ذلك فقال مروان أخبرتني بسرة ابنة صفوان أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ أخبرنا سليمان بن عمرو ومحمد بن عبد الله عن يزيد بن عبد الملك الهاشمي عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينه وبينه شيء فليتوضأ أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الله بن نافع وابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عقبة ابن
صفحة : 17
عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بو ثوبان أن رسول الله ﷺ قال إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ وزاد ابن نافع فقال عن محمد بن عبد الرحمن بن وثوبان عن جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ وسمعت غير واحد من الحفاظ يرويه ولا يذكر فيه جابرا قال وإذا أفضى الرجل ببطن كفه إلى ذكره ليس بيهما وبينه ستر وجب عليه الوضوء قل وسواء كان عامدا أو غير عامد لأن كل ما أوجب الوضوء بالعمد أوجبه بغير العمد قال وسواء قليل ما ماس ذكره وكثيره وكذلك لو مس دبره أو مس قبل امرأته أو دبرها أو مس ذلك من صبي أوجب عليه الوضوء فإن مس أنثيته أو أليتيه أو ركبتيه ولم يمس ذكره لم يجب عليه الوضوء وسواء مس ذلك من حي أو ميت وإن مس شيئا من هذا من بهيمة لم يجب عليه وضوء من قبل أن الآدميين لهم حرمة وعليهم تعبد وليس للبهائم ولا فيها مثلها وما ماس من محرم من رطب دم أو قيح أو غيره غسل ما ماس منه ولم يجب عليه وضوء وإن مس ذكره بظهر كفه أو ذراعه أو شيء غيره بطن كفه لم يجب عليه الوضوء فإن قال قائل فما فرق بين ما وصفت قيل الإفضاء باليد إنما هو ببطنها كما تقول أفضى بيده مبايعا وأفضى بيده إلى الأرض ساجدا أو إلى ركبتيه راكعا فإذا كان النبي ﷺ إنما أمر بالوضوء منه إذا أفضى به إلى ذكره فمعلوم أن ذكره يماس فخذيه وما قارب من ذلك من جسده فلا يوجب ذلك عليه بولالة السنة وضوءا فكل ما جاوز بطن الكف كما ماس ذكره مما وصفت وإذا كان مماستان توجب بأحدهما ولا توجب بالأخرى وضوءا كان القياس على أن لا يجب وضوء مما لم يمسا لأن سنة رسول الله ﷺ تدل على أن ما ماس ما هو إنجس من الذكر لا يتوضأ أخبرنا سفيان عن هشام عن فاطمة عن أسماء قالت سألت رسول الله ﷺ عن دم الحيض يصيب الثوب قال حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه وصلي فيه قال الشافعي: وإذا أمر رسول الله ﷺ بدم الحيض أن يغسل باليد ولم يأمر بالوضوء منه فالدم أنجس من الذكر قال وكل ما ماس من نجس قياسا عليه بأن لا يكون منه وضوء وإذا كان هذا في النجس فما ليس بنجس أولى أن لا يوجب وضوءا إلا ما جاء فيه الخبر بعينه قال وإذا ماس نجسا رطبا أو نجسا يابسا وهو رطب وجب عليه أن يغسل ما ماسه منه وما ماسه من نجس ليس برطب وليس ما ماس منه رطبا لم يجب عليه غسله ويطرحه عنه
صفحة : 18
أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء قال إن الريح لتسفى علينا الروث والخرء اليابس فيصيب وجوهنا وثيابنا فننفضه أو قال فنمسحه ثم لا نتوضأ ولا نغسلهقال الشافعي: وكل ما قلت يوجب الوضوء على الرجل في ذكره أوجب على المرأة إذا مست فرجها أو مست ذلك من زوجها كالرجل لا يختلفان أخبرنا القاسم بن عبيدالله بن عبد الله بن عمر قال الربيع أظنه عن عبيدالله ابن عمر عن القاسم عن عائشة قالت إذا مست المرأة فرجها توضأت قال وإذا مس الرجل ذكره بينه وبينه شيء ما كان إلا أنه غير مفض إليه لم يكن عليه وضوء فيه رق ما بينه وبينه أوصفق
باب لا وضوء مما يطعم أحد
قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيننة عن الزهري عن رجلين أحدهما جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه أن رسول الله ﷺ أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ قال الشافعي: فبهذا نأخذ فمن أكل شيئا مسته نار أو لم تمسه لم يكن عليه وضوء وكذلك لو اضطر إلى ميتة فأكل منها لم يجب عليه وضوء منه أكلها نيئة أو نضيجة وكان عليه أن يغسل يده وفاه وما مست الميتة منه لا يجزيه غير ذلك فإن لم يفعل غسله وأعاد كل صلاة صلاها بعد أكلها وقبل غسله ما ماست الميتة منه وكذلك كل محرم أكله لم تجز له الصلاة حتى يغسل ما ماس منه من يديه وفيه وشيء أصابه غيرهما وكل حلال أكله أو شربه فلا وضوء منه كان ذا ريح أو غير ذي ريح شرب ابن عباس لبنا ولم يتمضمض قال ما باليته بالة
ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
صفحة : 19
باب الكلام والأخذ من الشارب
قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا وضوء من كلام وإن عظم ولا ضحك في صلاة ولا غيرها قال وروى ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال من حلف باللات فليقل لا إله إلا الله قال ابن شهاب ولم يبلغني أنه ذكر في ذلك وضوءا قال الشافعي: ولا وضوء في ذلك ولا في أذى أحد ولا قذف ولا غيره لأنه ليس من سبيل قال الشافعي: وروى العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال أعفوا اللحى وخذوا من الشوارب وغيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود قال الشافعي: فمن توضأ ثم أخذ من أظفاره ورأسه ولحيته وشاربه لم يكن عليه إعادة وضوء وهذا زيادة نظافة وطهارة وكذلك إن استحد ولو أمر الماء عليه لم يكن بذلك بأس ولم يكن فيه شيء وكذلك كل حلال أكله له ريح أو لا ريح له وشربه لبن أو غيره وكذلك لو ماس ذلك الحلال جسده وثوبه لم يكن عليه غسله قد شرب ابن عباس لبنا وصلى ولم يمس ماء
باب في الاستنجاء
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم أرجلكم إلى الكعبين قال الشافعي: فذكر الله تعالى الوضوء وكان مذهبنا أن ذلك إذا قام النائم من نومه قال وكان النائم يقوم من نومه لا محدثا خلاء ولا بولا فكان الوضوء الذي ذكر الله تعالى بدلالة السنة على من لم يحدث غائطا ولا بولا دون من أحدث غائطا أو بولا لأنهما نجسان يماسان بعض البدن قال ولا استنجاء على أحد وجب عليه وضوء إلا بأن يأتي منه غائط أو بول فيستنجي بالحجارة أو أخبرنا سفيان ابن عيننة عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إنما أنا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط ولا بول وليستنج بثلاث أحجار ونهى عن الروث والرمة وأن يستجي الرجل بيمينه قال الشافعي: الرمة العظم البالي قال الشاعر:
أمـا عـظـامـــهـــا فـــرم وأما لـحـمـهـا فـصـلـيب
أخبرنا سفيان قال أخبرنا هشام بن عروة قال أخبرني أبو وجزة عن عمارة بن خزيمة عن ثابت
صفحة : 20
عن أبيه أن النبي ﷺ قال في الاستنجاء بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة وأن يستنجي الرجل بيمينه والثلاثة الأحجار ليس فيهن رجيع قال الشافعي: فمن تخلى أو بال لم يجزه إلا أن يتمسح بثلاثة أحجار ثلاث مرات أو آجرات أو مقابس أو ما كان طاهرا نظيفا مما أنقى نقاء الحجارة إذا كان مثل التراب والحشيش والخزف وغيرها قال وإن وجد حجرا أو آجرة أو صوانة لها ثلاث وجوه فامتسح بكل واحد منها امتساحة كانت كثلاثة أحجار امتسح بها فإن امتسح بثلاثة أحجار فعلم أنه أبقى أثرا لم يجزه إلا أن يأتي من الامتساح على ما يرى أنه لم يبق أثرا قائما فأما أثر لاصق لا يخرجه إلا الماء فليس عليه إنقاؤه لأنه لو جهد لم ينقه بغير ماء قال ولا يمتسح بحجر علم أنه امتسح به مرة إلا أن يعلم أن قد أصابه ماء طهره فإن لم يعلم طهره بماء لم يجزه الامتساح به وإن لم يكن فيه أثر وكذلك لو غسل بماء الشجر حتى يذهب ما فيه لم يجزه الامتساح به ولا يطهره إلا الماء الذي يطهر الأنجاس قال ولا يستنجي بروثة للخبر فيه فإنها من الأنجاس لأنها رجيع وكذلك كل رجيع نجس ولا بعظم للخبر فيه فإنه وإن كان غير نجس فليس بنظيف وإنما الطهارة بنظيف طاهر ولا أعلم شيئا في معنى العظم إلا جلد ذكي غير مدبوغ فإنه ليس بنظيف وإن كان طاهرا فأما الجلد المدبوغ فنظيف طاهر فلا بأس أن يستنجي به قال ويستنجي الرقيق البطن والغليظ بالحجارة وما قام مقامها ما لم يعد الخلاء ما حول مخرجه مما أقبل عليه من باطن الأليتين فإن خرج عن ذلك أجزأه فيما بين الأليتين أن يستنجي بالحجارة ولم يجزه فيما انتشر فخرج عنهما إلا الماء ولم يزل في الناس أهل رقة بطون وغلظها وأحسب رقة البطن كانت في المهاجرين أكثر لأكلهم التمر وكانوا يقتاتونه وهم الذين أمرهم رسول الله ﷺ بالاستنجاء قال والاستنجاء من البول مثله من الخلاء لا يختلف وإذا انتشر البول على ما أقبل على الثقب أجزأه الاستنجاء وإذا انتشر حتى تجاوز ذلك لم يجزه فيما جاوز ذلك إلا الماء ويستبريء البائل من البول لئلا يقطر عليه وأحب إلى أن يستبريء من البول ويقيم ساعة قبل الوضوء ثم ينثر ذكره قبل الاستنجاء ثم يتوضأ قال وإذا استنجى رجل بشيء غير الماء لم يجزه أقل من ثلاثة أحجار وإن أنقى والاستنجاء كاف ولو جمعه رجل ثم غسل بالماء كان أحب إلي ويقال إن قوما من الأنصار استنجوا على الماء دون الحجارة أجزأه لأنه أنقى من الحجارة وإذا استنجى بالماء فلا عدد في الاستنجاء إلا أن يبلغ من ذلك ما يرى أنه قد أنقى كل ما هنالك ولا أحسب ذلك يكون إلا في أكثر من ثلاث مرات وثلاث
صفحة : 21
فأكثر قال وإن كانت برجل بواسير وقروح قرب المقعدة أو في جوفها فسالت دما أو قيحا أو صديدا لم يجزه فيه إلا الاستنجاء بالماء ولا يجزيه الحجارة والماء طهارة الأنجاس كلها والرخصة في الاستنجاء بالحجارة في موضعها لا يعدى بها موضعها وكذلك الخلاء والبول إذا عدوا موضعهما فأصابوا غيره من الجسد لم يطهرهما إلا الماء ويستنجي بالحجارة في الوضوء من يجد الماء ومن لا يجده وإذا تخلى رجل ولم يجد الماء وهو ممن له التيمم لم يجزه إلا الاستنجاء ثم التيمم وإن تيمم ثم استنجى لم يجزه ذلك حتى يكون التيمم بعد الاستنجاء قال الربيع وفيه قول ثان للشافعي يجزئه التيمم قبل الاستنجاء وإذا كان قد استنجنى بعده لم يمس ذكره ولا دبره بيده قال الشافعي: وإذا وجب علي الرجل الغسل لم يجزه في موضع الاستنجاء إلا الغسل
باب السواك
قال الشافعي: رحمه الله أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء وبتأخير العشاء قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي عتيق عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال السواك مطهرة للفم مرضاة للرب قال الشافعي: في هذا دليل على أن السواك ليس بواجب وأنه اختيار لأنه لو كان واجبا لأمرهم به شق عليهم أو لم يشق قال الشافعي: وأستحب السواك عند كل حال يتغير فيه الفم وعند الاستيقاظ من النوم والأزم وأكل كل ما يغير الفم وشربه وعند الصلوات كلها ومن تركه وصلى فلا يعيد صلاته ولا يجب عليه وضوء
ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
صفحة : 22
باب غسل اليدين قبل الوضوء
قال الشافعي: ذكر الله عز وجل الوضوء فبدأ فيه بغسل الوجه فدل على أن الوضوء على من قام من النوم كما ذكر الله عز وعلا دون البائل والمتغوط لأن النائم لم يحدث خلاء ولا بولا وأحب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء للوضوء للسنة لا للفرض قال الشافعي: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل إدخالهما في الوضوء فإن أحدكم لا يدي أين باتت يده قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث فإنه لا يديري أين باتت يده أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ مثله قال الشافعي: وإذا أدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها وهو لا يستيقن أن شيئا من النجاسة ماسها لم يفسد وضوؤه وكذلك إن شك أن يكون ماسها فإن كان اليد قد ماسته نجاسة فأدخلها في وضوئه فإن كان الماء الذي توضأ به أقل من قلتين فسد الماء فأهراقه وغسل منه الإناء وتوضأ بماء غيره لا يجزئه غير ذلك وإن كان الماء قلتين أو أكثر لم يفسد الماء وتوضأ وطهرت يده بدخولها الماء إن كانت نجاسة لا أثر لها ولو كانت نجاسة لها أثر أخرجها وغسلها
ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
صفحة : 23
باب المضمضة والاستنشاق
قال الشافعي: رحمه الله قال الله تبارك وتعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق الآية قال الشافعي: فلم أعلم مخالفا في أن الوجه المفروض غسله في الوضوء ما ظهر دون ما بطن وأن ليس على الرجل أن يغسل عينيه ولا أن ينضح فيهما فكانت المضمضة والاستنشاق أقرب إلى الظهور من العينين ولم أعلم المضمضة والاستنشاق على المتوضيء فرضا ولم أعلم اختلافا في أن المتوضيء لو تركهما عامدا أو ناسيا وصلى لم يعد وأحب إلي أن يبدأ المتوضىء بعد غسل يديه أن يتمضمض ويستنشق ثلاثا يأخذ بكفه غرفة لفيه وأنفه ويدخل الماء أنفه ويستبلغ بقدر ما يرى أنه يأخذ بخياشيمه ولا يزيد على ذلك ولا يجعله كالسعوط وإن كان صائما رفق بالاستنشاق لئلا يدخل رأسه وإنما أكدت المضمضة والاستنشاق دون غسل العينين للسنة وأن الفم يتغير وكذلك الأنف وأن الماء يقطع من تغيرهما وليست كذلك العينان وإن ترك متوضىء أو جنب المضمضة والاستنشاق وصلى لم تكن عليه إعادة لما وصفت وأحب إلى أن لا يدعهما وإن تركهما أن يتمضمض ويستنشق قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى فاغسلوا وجوهكم فكان معقولا أن الوجه ما دون منابت شعر الرأس إلى الأذنين واللحيين والذقن وليس ما جاوز منابت شعر الرأس الأغم من النزعتين من الرأس وكذلك أصلع مقدم الرأس ليست صلعته من الوجه وأحب إلي لو غسل النزعتينمع الوجه وإن ترك ذلك لم يكن عليه في تركه شيء فإذا خرجت لحية الرجل فلم تكثر حتى توارى من وجهه شيئا فعليه غسل الوجه كما كان قبل أن تنبت فإذا كثرت حتى تستر موضعها من الوجه فالاحتياط غسلها كلها ولا أعلمه يجب غسلها كلها وإنما قلت لا أعلم يجب غسلها كلها بقول الأكثر والأعم ممن لقيت وحكى لي عنه من أهل العلم وبأن الوجه نفسه ما لا شعر عليه إلا شعر الحاجب وأشفار العينين والشارب والعنفقة ألا ترى أنه وجه دون ما أقبل من الرأس وما أقبل من الرأس وجه في المعنى لأنه مواجه وإنما كان ما وصفت من حاجب وشارب وعنفقة وعليه شعر وجها من أن كله محدود من أعلاه وأسفله بشيء من الوجه مكشوف ولا يجوز أن يكون شيء من الوجه مكشوفا لا يغسل ولا أن يكون الوجه فهو واحد منقطعا أسفله وأعلاه وجنباه وجه وما بين هذا ليس بوجه واللحية فهي شيئان فعذار اللحية
صفحة : 24
المتصل بالصدغين الذي من ورائه شيء من الوجه والواصل به القليل الشعر في حكم شعر الحاجبين لا يجزي فيه إلا الغسل له لأنه محدود بالوجه كما وصفت وأن شعره لا يكثر عن أن يناله الماء كما ينال الحاجبين والشاربين والعنفقة وهي على الذقن وما والى الذقن من اللحيين فهذا مجتمع اللحية بمنقطع اللحية فيجزي في هذا أن يغسل ظاهر شعره مع غسل شعر الوجه ولا يجزي تركه من الماء ولا أرى ما تحت منابت مجتمع اللحية واجب الغسل وإذا لم يجب غسله لم يجب تخليله ويمر الماء على ظهر شعر اللحية كما يمره على وجهه وما مسح من ظاهر شعر الرأس لا يجزيه غير ذلك وإن كان إبطا أو كان ما بين منابت لحيته منقطعا باديا من الوجه لم يجزه إلا غسله وكذلك لو كان بعض شعر اللحية قليلا كشعر العنفقة والشارب وعذار اللحية لم يجزه إلا غسله وكذلك لو كانت اللحية كلها قليلا لاصقة كهي حين تنبت وجب عليه غسلها إنما لا يجب عليه غسلها إذا كثرت فكانت إذا أسبغ الماء على اللحية حال الشعر لكثرته دون البشرة فإذا كانت هكذا لم يجب غسل ما كان هكذا من مجتمع اللحية وجب عليه إمرار الماء عليها بالغا منها حيث بلغ كما يصنع في الوجه وأحب أن يمر الماء على جميع ما سقط من اللحية عن الوجه وإن لم يفعل فأمره على ما على الوجه ففيها قولان أحدهما لا يجزيه لأن اللحية تنزل وجها والآخر يجزيه إذا أمره على ما على الوجه منه
ID ' ' الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
صفحة : 25
باب غسل اليدين
قال الشافعي: قال الله جل وعز وأيديكم إلى المرافق فلم أعلم مخالفا في أن المرافق مما يغسل كأنهم ذهبوا إلى أن معناها فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى أن تغسل المرافق ولا يجزي في غسل اليدين أبدا إلا أن يؤتى على ما بين أطراف الأصابع إلى أن تغسل المرافق ولا يجزي إلا أن يؤتى بالغسل على ظاهر اليدين وباطنها وحروفهما حتى ينقضى غسلهما وإن ترك من هذا شيء وإن قل لم يجز ويبدأ باليمنى من يديه قبل اليسرى فإن بدأ باليسرى قبل اليمنى كرهت ذلك ولا أرى عليه إعادة وإذا كان المتوضيء أقطع غسل ما بقى حتى يغسل المرفقين فإن كان أقطعهما من فوق المرفقين غسل ما بقى من المرفقين وإن أقطعهما من المرفقين ولم يبق من المرفقين شيء فقد ارتفع عنه فرض غسل اليدين وأحب إلي لو أمس أطراف ما بقى من يديه أو منكبيه غسلا وإن لم يفعل لم يضره ذلك
باب مسح الرأس
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تعالى وامسحوا برؤسكم وكان معقولا في الآية أن من مسح من رأسه شيئا فقد مسح برأسه ولم تحتمل الآية إلا هذا وهو أظهر معانيها أو مسح الرأس كله ودلت السنة على أن ليس على المرء مسح الرأس كله وإذا دلت السنة على ذلك معنى الآية قال الشافعي: إذا مسح الرجل بأي رأسه شاء إن كان لا شعر عليه وبأي شعر رأسه شاء بأصبع واحدة أو بعض أصبع أو بطن كفه أو أمر من يمسح به أجزاءه ذلك فكذلك إن مسح نزعتيه أو إحداهما أو بعضهما أجزأه لأنه من رأسه قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن زيد وابن عليه عن أيوب عن محمد بن سيرين عن عمرو ابن وهب الثقفي عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله ﷺ توضأ ومسح بناصيته وعلى عمامته وخفيه قال الشافعي: أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أن رسول ﷺ توضأ فحسر العمامة عن رأسه ومسح مقدم رأسه أو قال ناصيته بالماء قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن علي بن يحيى عن ابن سيرين عن المغيرة ابن شعبة أن رسول الله ﷺ مسح بناصيته أو قال مقدم رأسه بالماء قال الشافعي: وإذا أذن الله تعالى بمسح الرأس فكان رسول الله ﷺ معتما
صفحة : 26
فحسر العمامة فقد دل على أن المسح على الرأس دونها وأحب لو مسح على العمامة مع الرأس وإن ترك ذلك لم يضره وإن مسح على العمامة دون الرأس لم يجزئه ذلك وكذلك لو مسح على برقع أو قفازين دون الوجه والذراعين لم يجزئه ذلك ولو كان ذا جمة فمسح من شعر الجمة ما سقط عن أصول منابت شعر الرأس لم يجزئه ولا يجزئه إلا أن يمسح على الرأس نفسه أو على الشعر الذي على نفس الرأس لا الساقط عن الرأس ولو جمع شعره فعقده في وسط رأسه فمسح ذلك الموضع وكان الذي يمسح به الشعر الساقط عن منابت شعر الرأس لم يجزه وإن كان مسح بشيء من الشعر على منابت الرأس بعدما أزيل عن منبته لم يجزه لأنه حينئذ شعر على غير منبته فهو كالعمامة ولا يجزي المسح حتى يمسح على الشعر في موضع منابته فتقع الطهارة عليه كما تقع على الرأس نفسه والاختيار له أن يأخذ الماء بيديه فيمسح بهما رأسه معا يقبل بهما ويدبر بمقدم رأسه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما حتى يرجع إلى المكان الذي بدأ منه وهكذا روي أن النبي ﷺ مسح قال الشافعي: أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال قلت لعبد الله بن زيد الأنصاري هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله ﷺ يتوضأ فقال عبد الله بن زيد نعم ودعا بوضوء فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين مرتين وتمضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه وأقبل بهما وأبدر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى الموضع الذي بدأ منه ثم غسل رجليه قال الشافعي: وأحب لو مسح رأسه ثلاثا وواحدة تجزئه وأحب أن يمسح ظاهر أذنيه وباطنهما بماء غير ماء الرأس ويأخذ بأصبعيه الماء لأذنيه فيدخلهماف فيما ظهر من الفرجة التي تفضي إلى الصماخ ولو ترك مسح الأذنين لم يعد لأنهما لو كانتا من الوجه غسلتا معه أو من الرأس مسحتا معه أو وحدهما أجزأتا منه فإذا لم يكونا هكذا فلم يذكرا في الفرض ولو كانتا من الرأس كفى ما سحهما أن يمسح بالرأس كما يكفى مما يبقى من الرأس
ID ' ' ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
صفحة : 27
باب غسل الرجلين
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى وأرجلكم إلى الكعبين قال الشافعي: ونحن نقرؤها وأرجلكم على معنى اغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برءوسكم قال الشافعي: ولم أسمع مخالفا في أن الكعبين اللذين ذكر الله عز وجل في الوضوء الكعبان الناتئان وهما مجمع مفصل الساق والقدم وأن عليهما الغسل كأنه يذهب فيهما إلى اغسلوا أرجلكم حتى تغسلوا الكعبين ولا يجزيء المرء إلا غسل ظاهر قدميه وباطنهما وعرقوبيهما وكعبيهما حتى يستوظف كل ما أشرف من الكعبين عن أصل الساق فيبدأ فينصب قدميه ثم يصب عليهما الماء بيمينه أو يصب عليه غيره ويخلل أصابعهما حتى يأتي الماء على ما بين قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن سليم قال حدثني أبو هاشم إسمعيل ابن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال كنت وافد بني المنتفق أو في وفد بني المنتفق إلى رسول الله ﷺ فأتيناه فلم تصادقه وصادفنا عائشة رضي الله عنها فأتتنا بقناع فيه تمر والقناع الطبق فأكلنا وأمرت لنا بحريرة فصنعت فأكلنا فلم نلبث أن جاء رسول الله ﷺ فقال هل أكلتم شيئا هل أمر لكم بشيء فقلنا نعم فلم نلبث أن دفع الراعي غنمه فإذا سخلة تيعر قال هيه يا فلان ما ولدت قال بهمة قال فاذبح لنا مكانها شاة ثم انحرف إلي وقال لي لا تحسبن ولم يقل تحسبن أنا من أجلك ذبحناها لنا غنم مائة لا نريد أن تزيد فإذا ولد الراعي بهمة ذبحنا مكانها شاة قلت يا رسول الله إن لي امرأة في لسانها شيء يعني البذاء قال طلقها إذا قلت إن لي منها ولدا وإن لها صحبة قال فمرها يقول عظها فإن يك فيها خير فستعقل ولا تضربن ظعينتك كضربك أمتك قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما قال الشافعي: فإن كان في أصابعه شيء خلق ملتصقا غلغل الماء على عضويه حتى يصل الماء إلى ما ظهر من جلده لا يجزيه غير ذلك وليس عليه أن يفتق ما خلق مرتتقا منهما قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا قام رجل يوضيء رجلا قام عن يسار المتوضيء لأنه أمكن له من الماء وأحسن في الأدب وإن قام عن يمينه أو حيث قام إذا صب عليه الماء فتوضأ أجزأه لأن الفرض إنما هو في الوضوء لا في مقام الموضيء
ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
صفحة : 28
باب قدر الماء الذي يتوضأ به
قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال رأيت رسول الله ﷺ وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتى رسول الله ﷺ بوضوء فوضع يده في ذلك الإناء وأمر الناس أن يتوضئوا منه قال فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم قال الشافعي: في مثل هذا المعنى إن النبي ﷺ كان يغتسل وبعض نسائه من إناء واحد فإذا توضأ الناس معا ففي هذا دليل على أنه لا وقت فيما يطهر من المتوضيء من الماء إلا الإتيان على ما أمر الله به من غسل ومسح وكذلك إذا اغتسل الاثنان معا فإذا أتى المرء على ما أمر الله تعالى به من غسل ومسح فقد أدى ما عليه قل الماء أو كثر وقد يرفق بالماء القليل فيكفي ويخرق بالكثير فلا يكفي وأقل ما يكفي فيما أمر بغسله أن يأخذ له الماء ثم يجريه على الوجه واليدين والرجلين فإن جرى الماء بنفسه حتى أتى على جميع ذلك أجزأه وإن أمر به على يده وكان ذلك بتحريك له باليدين كان أنقى وكان أحب إلي وإن كان على شيء من أعضائه مشق أو غيره مما يصبغ الجسد فأمر الماء عليه فلم يذهب لم يكن عليه إعادة غسل العضو إذا أجرى الماء عليه فقد جاء بأقل ما يلزمه وأحب إلى لو غسله حتى يذهب كله وإن كان عليه علك أو شيء ثخين فيمنع الماء أن يصل إلى الجلد لم يجزه وضوء ذلك العضو حتى يزيل عنه ذلك أو يزيل منه ما يعلم أن الماء قد ماس معه الجلد كله لا حائل دونه فأما الرأس فيأخذ من الماء بما شاء من يده ثم يمسح برأسه إذا وصل إليه أؤ شعره الذي عليه فإن كان أيضا دون ما يمسح من شعره حائل لم يجزه وكذلك إن كان دون الرأس حائل ولا شعر عليه لم يجزه حتى يزيل الحائل فيباشر بالمسح رأسه أو شعره وإن انغمس في ماء جار أو ناقع لا ينجس انغماسه تأتي على جميع أعضاء الوضوء ينوي الطهارة بها أجزأه وكذلك إن جلس تحت مصب ماء أؤ سرب للمطر ينوي به الطهارة فيأتي الماء على جميع أعضاء الوضوء حتى لا يبقى منها شيء أجزأه ولا يجزيء الوضوء إلا بنية ويكفيه من النية فيه أن يتوضأ ينوي طهارة من حدث أو طهارة لصلاة فريضة أو نافلة أو لقراءة مصحف أو صلاة على جنازة أو مما أشبه هذا مما لا يفعله إلا طاهر قال ولو وضأ بعض أعضائه بلا نية ثم نوى في الباقي لم يجزه إلا أن يعود للذي وضأ به بلا نية فيحدث له نية يجزئه بها الوضوء قال أبو محمد ويغسل ما بعده وهو قول
صفحة : 29
الشافعي في غير هذا الموضع ويغسل ما بعده قال الشافعي: وإذا قدم النية مع أخذه في الوضوء أجزأه الوضوء فإن قدمها قبل ثم عزبت عنه لم يجزه وإذا توضأ وهو ينوي الطهارة ثم عزبت عنه النية أجزأته نية واحدة فيستبيح بها الوضوء ما لم يحدث نية أن يتبرد بالماء أو يتنظف بالماء لا يتطهر به وإذا وضأ وجهه ينوي الطهارة ثم نوى بغسل يديه وما بقى من جسده التنظيف أو التبريد لا الطهارة لم يجزه الوضوء حتى يعود لغسل أعضائه التي أحدث فيها غير نية الطهارة فإذا وضأ نفسه أو وضأ غيره فسوا ويأخذ لكل عضو منه ماء غير الماء الذي أخذ للآخر ولو مسح رأسه بفضل بلل وضوء يديه أو مسح رأسه ببلل لحيته لم يجزه ولا يجزئه إلا ماء جديد قال الربيع ولو غسل وجهه بلا نية طهارة للصلاة ثم غسل يديه بعد ومسح رأسه وغسل رجليه ينوي الطهارة كان عليه أن يعيد غسل الوجه ينوي به الطهارة وغسل ما بعد ذلك مما غسل لا ينوي به الطهارة حتى يأتي الوضوء على ما ذكر الله عز وجل من شيء قبل شيء وإن كان غسل وجهه ينوي الطهارة ويديه ومسح برأسه ثم غسل رجليه لا ينوي الطهارة كان عليه أن يغسل الرجلين فقط الذي لم ينو بهما طهارة ولو توضأ بماء غمس فيه ثوبا ليست فيه نجاسة والماء بحاله لم يخلطه شيء يصير إليه مستهلكا فيه أجزأه الوضوء به ولو توضأ بفضل غيره أجزأه ولو توضأ بماء توضأ به رجل لانجاسه على أعضائه لم يجزه لأنه ماء قد توضيء به وكذلك لو توضأ بماء قد اغتسل فيه رجل والماء أقل من قلتين لم يجزه وإن كان الماء خمس قرب أو أكثر فانغمس فيه رجل لا نجاسة عليه فتوضأ به أجزأه لأن هذا لا يفسده وإنما قلت لا يتوضأ رجل بماء قد توضأ به غيره لأن الله عز وجل يقول فاغسلوا وجوهكم وأيديكم فكان معقولا أن الوجه لا يكون مغسولا إلا بأن يبتدأ له ماء فيغسل به ثم عليه في اليدين عندي مثل ما عليه في الوجه من أن يبتديء له ماء فيغسله به ولو أعاد عليه الماء الذي غسل به الوجه كان لم يسو بين يديه ووجهه ولا يكون مسويا بينهما حتى يبتديء لهما الماء كما ابتدأ لوجهه وأن رسول الله ﷺ أخذ لكل عضو منه ماء جديدا ولو أصاب هذا الماء الذي توضأ به من غير نجاسة على البدن ثوب الذي توضأ به أو غيره أو صب على الأرض لم يغسل منه الثوب وصلى على الأرض لأنه ليس بنجس فإن قال قائل فمن أين لم يكن نجسا قيل من قبل أن رسول الله ﷺ توضأ ولا شك أن من الوضوء ما يصيب ثيابه ولم نعلمه غسل ثيابه منه ولا أبدلها ولا علمت فعل ذلك أحد من
صفحة : 30
المسلمين فكان معقولا إذا لم يماس الماء نجاسة لا ينجس فإن قيل فلم لا يتوضأ به إذا لم يكن نجسا قيل لما وصفنا وإن على الناس تعبدا في أنفسهم بالطهارة من غير نجاسة تماس أبدانهم
باب تقديم الوضوء ومتابعته
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين قال وتوضأ رسول الله ﷺ كما أمره الله عز وجل وبدأ بما بدأ الله تعالى به قال فأشبه والله تعالى أعلم أن يكون على المتوضيء في الوضوء شيئان أن يبدأ بما بدأ الله ثم رسوله عليه الصلاة والسلام به منه ويأتي على إكمال ما أمر به فمن بدأ بيده قبل وجهه أو رأسه قبل يديه أو رجليه قبل رأسه كان عليه عندى أن يعيد حتى يغسل كلا في موضعه بعد الذي قبله وقبل الذي بعده لا يجزيه عندي غير ذلك وإن صلى أعاد الصلاة بعد أن يعيد الوضوء ومسح الرأس وغيره في هذا سواء فإذا نسى مسح رأسه حتى غسل رجليه عاد فمسح رأسه ثم غسل رجليه بعده وإنما قلت يعيد كما قلت وقال غيري في قول الله عز وجل إن الصفا والمروة من شعائر الله فبدأ رسول الله ﷺ بالصفا وقال نبدأ بما بدأ الله به ولم أعلم خلافا أنه لو بدأ بالمروة ألغى طوافا حتى يكون بدؤه بالصفا وكما قلنا في الجمار إن بدأ بالآخرة قبل الأولى أعاد حتى تكون بعدها وإن بدأ بالطواف بالصفا والمروة قبل الطواف بالبيت أعاد فكان الوضوء في هذا المعنى أوكد من بعضه عندى والله أعلم قال وذكر الله عز وجل اليدين والرجلين معا فأحب أن يبدأ باليمنى قبل اليسرى وإن بدأ باليسرى قبل اليمنى فقد أساء ولا إعادة عليه وأحب أن يتابع الوضوء ولا يفرقه لأن رسول الله ﷺ جاء به متتابعا ولأن المسلمين جاؤوا بالطواف ورمى الجمار وما أشبههما من الأعمال متتابعة ولا حد للتتابع إلا ما يعلمه الناس من أن يأخذ الرجل فيه ثم لا يكون قاطعا له حتى يكمله إلا من عذر والعذر أن يفزع في موضعه الذي توضأ فيه من سيل أو هدم أو حريق أو غيره فيتحول إلى غيره فيمضي فيه على وضوئه أو يقل به الماء فيأخذ الماء ثم يمضي على وضوئه في الوجهين جميعا وإن جف وضوؤه كما يعرض له في الصلاة الرعاف وغيره فيخرج ثم يبنى وكما يقطع به الطواف لصلاة أو رعاف أو انتقاض وضوء فينصرف ثم يبنى قال الربيع ثم رجع الشافعي عن هذا بعد وقال عليه أن يبتديء الصلاة إذا خرج من رعاف
صفحة : 31
قال الشافعي: إنه إذا انصرف من رعاف أو غيره قبل أن يتم صلاته أنه يبتديء الصلاة قال الربيع رجع الشافعي عن هذه المسئلة وقال إذا حول وجهه عن تمام الصلاة عامدا أعاد الصلاة إذا خرج من رعاف وغيره قال الشافعي: وإن تحول من موضع قد وضأ بعض أعضائه فيه إلى موضع غيره لنظافته أو لسعته أو ما أشبه ذلك مضى على وضوء ما بقى منه وكذلك لو تحول لاختياره لا لضرورة كانت به في موضعه الذي كان فيه وإن قطع الوضوء فيه فذهب لحاجة أو أخذ في غير عمل الوضوء حتى تطاول ذلك به جف الوضوء أو لم يجف فأحب إلي لو استأنف وضوءا ولا يبين لي أن يكون عليه استئناف وضوء وإن طال تركه له ما لم يحدث بين ظهراني وضوئه فينتقض ما مضى من وضوئه ولأني لا أجد في متابعته الوضوء ما أجد في تقديم بعضه على بعض وأصل مذهبنا أنه يأتي بالغسل كيف شاء ولو قطعه لأن الله عز وجل قال حتى تغتسلوا فهذا مغتسل وإن قطع الغسل ولا أحسبه يجوز إذا قطع الوضوء إلا مثل هذا قال الشافعي: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه توضأ بالسوق فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دعى لجنازة فدخل المسجد ليصلى عليها فمسح على خفيه ثم صلى عليها قال وهذا غير متابعة للوضوء ولعله قد جف وضوؤه وقد يجف فيما أقل مما بين السوق والمسجد وأجده حين ترك موضع وضوئه وصار إلى المسجد آخذا في عمل غير الوضوء وقاطعا له قال وفي مذهب كثير من أهل العلم أن الرجل إذا زمى الجمرة الأولى ثم الآخرة ثم الوسطى أعاد الوسطى والآخرة حتى يكونا في موضعهما ولم يعد الأولى وهو دليل في قولهم على أن تقطيع الوضوء لا يمنعه أن يجزي عنه كما قطع الذي رمى الجمرة الأولى رميها إلى الآخرة فلم يمنعه أن
ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
صفحة : 32
باب التسمية على الوضوء
قال الشافعي: وأحب للرجل أن يسمى الله عزل وجل في ابتداء وضوئه فإن سها سمى متى ذكر وإن كان قبل أن يكمل الوضوء وإن ترك التسمية ناسيا أو عامدا لم يفسد وضوؤه إن شاء الله تعالى
باب عدد الوضوء والحد فيه
قال الشافعي: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال توضأ رسول الله ﷺ فأدخل يده في الإناء فاستنشق وتمضمض مرة واحدة ثم أدخل يده فصب على وجهه مرة وصب على يديه مرة ومسح برأسه وأذنيه مرة واحدة قال الشافعي: أخبرنا ابن عينية عن هشا بن عروة عن أبيه عن حمران مولى عثمان بن عقان عن عثمان بن عفان أنه توضأ بالمقاعد ثلاثا ثلاثا ثم قال سمعت رسول الله ﷺ يقول من توضأ وضوئي هذا خرجت خطاياه من وجهه ويديه ورجليه قال الشافعي: وليس هذا اختلافا ولكن رسول الله ﷺ إذا توضأ ثلاثا وتوضأ مرة فالكمال والاختيار ثلاث وواحدة تجزيء فأحب للمرء أن يوضيء وجهه ويديه ورجليه ثلاثا ثلاثا ويمسح برأسه ثلاثا ويعم بالمسح رأسه فإن اقتصر في غسل الوجه واليدين والرجلين على واحدة تأتي على جميع ذلك أجزأه وإن اقتصر في الرأس على مسحة واحدة بما شاء من يديه أجزأه ذلك وذلك أقل ما يلزمه وإن وضأ بعض أعضائه مرة وبعضها أثنين وبعضها ثلاثا أجزأه لأن واحدة إذا أجزأت في الكل أجزأت في البعض منه قال الشافعي: أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عبد الله بن زيد أن رسول الله ﷺ توضأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين مرتين ومسخ رأسه بيديه فأقبل بهما وأبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه قال ولا أحب للمتوضيء أن يزيد على ثلاث وإن زاد لم أكرهه إن شاء الله تعالى وإذا وضأ الرجل وجهه ويديه ثم أحدث استأنف الوضوء
ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
صفحة : 33
باب جماع المسح على الخفين
قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين قال الشافعي: فاحتمل أمر الله عز وجل بغسل القدمين أن يكون على كل متوضيء واحتمل أن يكون على بعض المتوضئين دون بعض فدل مسح رسول الله ﷺ على الخفين أنهما على من لا خفين عليه إذا هو لبسهما على كمال الطهارة كما دل صلاة رسول الله ﷺ صلاتين بوضوء واحد وصلوات بوضوء واحد على أن فرض الوضوء على من قام إلى الصلاة على بعض القائمين دون بعض لا أن المسح خلاف لكتاب الله عز وجل ولا الوضوء على القدمين وكذلك ليست سنة من سننه ﷺ بخلاف لكتاب الله عز وجل قال الشافعي: أخبرنا عبد الله بن نافع عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أسامة بن زيد قال دخل رسول الله ﷺ وبلال فذهب لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ثم خرجا قال أسامة فسألت بلالا ماذا صنع رسول الله ﷺ فقال بلال ذهب لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين قال الشافعي: أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عباد ابن زياد أن عروة بن المغيرة بن شعبة أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره أنه غزا مع رسول الله ﷺ غزوة تبوك قال المغيرة فتبرز رسول الله ﷺ قبل الغائط فحملت معه أداوة قبل الفجر فلما رجع رسول الله ﷺ جعلت أهريق على يديه من الأداوة وهو يغسل يديه ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثم ذهب يحسر جبته عن ذراعيه فضاق كما جبته عن ذراعيه فأدخل يديه في الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم توضأ ومسح على خفيه ثم أقبل قال المغيرة فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف يصلي لهم فأدرك النبي ﷺ إحدى الركعتين معه وصلى مع الناس الركعة الآخرة فلما سلم قام رسول الله ﷺ فأتم صلاته وأفزع ذلك المسلمين وأكثروا التسبيح فلما قضى رسول الله ﷺ صلاته أقبل عليهم ثم قال أحسنتم أو قال أصبتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها
صفحة : 34
قال ابن شهاب وحدثني إسماعيل بن محمد بن أبي وقاص عن حمزة بن المغيرة بن شعبة بنحو من حديث عباد قال المغيرة فأردت تأخير عبد الرحمن فقال لي النبي ﷺ دعه قال الشافعي: وفي حديث بلال دليل على أن رسول الله ﷺ مسح على الخفين في الحضر لأن بئر جمل في الحضر قال فيمسح المسافر والمقيم معا
باب من له المسح
قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن حسين وزكريا ويونس عن الشعبي عن عروة ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه قال قلت يا رسول الله أتمسح على الخفين قال نعم إني أدخلتهما وهما طاهرتان قال الشافعي: فمن لم يدخل واحدة من رجليه في الخفين إلا والصلاة تحل له فإنه كامل الطهارة وكان له أن يمسح على الخفين وذلك أن يتوضأ رجل فيكمل الوضوء ثم يبتديء بعد إكماله إدخال كل واحدة من الخفين رجله فإن أحدث بعد ذلك كان له أن يمسح على الخفين وإن أدخل رجليه أو واحدة منهما الخفين قبل أن تحل له الصلاة لم يكن له إن أحدث أن يمسح على الخفين وذلك أو يوضيء وجهه ويديه ويمسح برأسه ويغسل إحدى رجليه ثم يدخلها الخف ثم يغسل الأخرى فيدخلها الخف فلا يكون له إذا أحدث أن يمسح على الخفين لأنه أدخل إحدى رجليه الخف وهو علي غير كامل الطهارة وتحل له الصلاة وكذلك لو غسل رجليه ثم توضأ بعد لم يكن له أن يصلى حتى ينزع الخفين ويتوضأ فيكمل الوضوء ثم يدخلهما الخفين وكذلك لو توضأ فأكمل الوضوء ثم خفف إحدى رجليه ثم أدخل رجله الأخرى في ساق الخف فلم تقر في موضع القدم حتى حدث لم يكن له أن يمسح لأن هذا لا يكون متخففا حتى يقر قدمه في قدم الخف وعليه أن ينزع ويستأنف الوضوء وإذا وارى الخف من جميع جوانبه موضع الوضوء وهو أن يوارى الكعبين فلا يريان منه كان لمن له المسح على الخفين أن يمسح هذين لأنهما خفان وإن كان الكعبان أؤ يحذيهما من مقدم الساق أو مؤخرها يرى من الخف لقصره أو لشق فيه أو يرى منه شيء ما كان لم يكن لمن لبسه أو يمسح عليه وهكذا إن كان في الخفين خرق يرى منه شيء من مواضع الوضوء في بطن القدم أو ظهرها أو حروفها أو ما ارتفع من القدم إلى الكعبين فليس لأحد عليه هذان الخفان أن يمسح عليها لأن المسح رخصة لمن تغطت رجله بالخفين فإذا كانت إحداهما بارزة بادية فليستا بمتغطيتين ولا يجوز أن يكون شيء عليه الفرض من الرجلين بارزا ولا يغسل
صفحة : 35
وإذا وجب الغسل على شيء من القدم وجب عليها كلها وإن كان في الخف خرق وجورب يواري القدم فلا نرى له المسح عليه لأن الخف ليس بجورب ولأنه لو ترك أن يلبس دون الخف جوربا ريء بعض رجليه قال وإن انفتقت ظهارة الخف وبطانته صحيحة لا يرى منها قدم كان له المسح لأن هذا كله خف والجورب ليس بخف وكذلك كل شيء ألصق بالخف فهو منه ولو تخفف خفا فيه خرق ثم لبس فوقه آخر صحيحا كان له أن يمسح وإذا كان الخف الذي على قدمه صحيحا مسح عليه دون الذي فوقه قال الشافعي: وإذا كان في الخف فتق كالخرق من قبل الخرز كان أو غيره والخف الذي يمسح عليه الخف المعلوم ساذجا كان أؤ منعلا قال الشافعي: فإن تخفف واحدا غيره فكان في معناه مسح عليه وذلك أن يكون كله من جلود بقر أو إبل أو خشب فهذا أكثر من أن يكون من جلود الغنم قال الشافعي: فإذا كان الخفان من لبود أو ثياب أو طفى فلا يكونان في معنى الخف حتى ينعلا جلدا أو خشبا أو ما يبقى إذا توبع المشي عليه ويكون كل ما على مواضع الوضوء منها صفيقا لا يشف فإذا كان هكذا مسح عليه وإذا لم يكن هكذا لم يمسح ليه وذلك أن يكون صفيقا لا يشف وغير منعل فهذا جورب أو يكون منعلا ويكون يشف فلا يكون هذا خفا إنما الخف ما لم يشف قال الشافعي: وإن كان منعلا وما على مواضع الوضوء صفيقا لا يشف وما فوق مواضع الوضوء يشف لم يضره لأنه لو لم يكن في ذلك شيء لم يضره وإن كان في شيء مما على مواضع الوضوء شيء يشف لم يكن له أن يمسح عليه فإذا كان عليه جوربان يقومان مقام الخفين يمسح عليهما ثم لبس فوقمها خفين أو كان عليه خفان فلبسهما أو لبس عليهما جرموقين آخرين أجزأه المسح على الخفين اللذين يليان قدميه ولم يعد على الخفين فوقهما ولا على الجرموقين مسحا ولو توضأ فأكمل الطهارة ثم لبس الخفين أو ما يقوم مقام الخفين ثم لبس فوقهما جرموقين ثم أحدث فأراد أن يمسح على الجرموقين لم يكن ذلك له وكان عليه أن يطرح الجرموقين ثم يمسح على الخفين اللذين يليان قدميه ثم يعيد الجرموقين إن شاء وإن مسح على الجرموقين ودونهما خفان لم يجزه المسح ولا الصلاة قال الشافعي: ولو كان لبس جوربين لا يقومان مقام خفين ثم لبس فوقهما خفين مسح على
صفحة : 36
الخفين لأنه ليس دون القدمين شيء يقوم مقام الخفين وكذلك لو جعل خرقا ولفائف متظاهرة على القدمين ثم لبس فوقهما خفين مسح على الخفين وقلما يلبس الخفان إلا ودونهما وقاية من جورب أو شيء يقوم مقامه يقي القدمين خرز الخف وحروفه قال الشافعي: وإن كان الخفان أو شيء منهما نجسا لم تحل الصلاة فيهما وإن كانا من جلد ميتة غير كلب أو خنزير وإن كانا من جلد سبع فدبغا حلت الصلاة فيهما إذا لم يبق فيهما شعر فإن بقى فيهما شعر فلا يطهر الشعر الدباغ ولا يصلى فيهما وإن كانا من جلد ميتة أو سبع لم يدبغا لم تحل الصلاة فيهما وإن كانا من جلد ما يؤكل لحمه ذكي حلت الصلاة فيهما وإن لم يدبغا قال الشافعي: ويجزي المسح من طهارة الوضوء فإذا وجب الغسل وجب نزع الخفين وغسل جميع البدن وكذلك يجزي الاستنجاء بالحجارة من الخلاء والبول في الوضوء وإذا وجب الغسل وجب غسل ما هنالك لأنه مما يظهر من البدن قال الشافعي: وإن دميت القدمان في الخفين أو وصلت إليهما نجاسة وجب خلع الخفين وغسل
باب وقت المسح على الخفين
قال الشافعي: رحمه الله تعالى اخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال أخبرنا المهاجر أبو مخلد عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه عن رسول الله ﷺ أنه رخص للمسافر أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة قال الشافعي: إذا تطهر فلبس خفيه فله أن يمسح عليهما قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسال فقال لي ما جاء بك فقلت ابتغاء العلم فقال إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب قلت حاك في نفسي المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرءا من أصحاب رسول الله ﷺ فأتيتك أسألك هل سمعت من رسول الله ﷺ في ذلك شيئا فقال نعم كان رسول الله ﷺ يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من بول وغائط ونوم قال الشافعي: وإذا لبس الرجل خفيه وهو طاهر للصلاة صلى فيهما فإذا أحدث عرف الوقت الذي أحدث فيه وإن لم يمسح إلا بعده فإن كان مقيما مسح على خفيه إلي الوقت الذي أحدث فيه من غده وذلك يوم وليلة لا يزيد عليه وإن كان مسافرا مسح ثلاثة أيام ولياليهن إلى أن يقطع
صفحة : 37
المسح في الوقت الذي ابتدأ المسح فيه في اليوم الثالث لا يزيد على ذلك قال الشافعي: وإذا توضأ ولبس خفيه ثم أحدث قبل زوال الشمس فمسح لصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح صلى بالمسح الأول ما لم ينتقض وضوؤه فإن انتقض فله أن يمسح أيضا حتى الساعة التي أحدث فيها من غده وذلك يوم وليلة فإذا جاء الوقت الذي مسح فيه فقد انتقض المسح وإن لم يحدث وكان عليه أن ينزع خفيه فإذا فعل وتوضأ كان على وضوئه ومتى لبس خفيه فأحدث مسح إلى مثل الساعة التي أحدث فيها ثم ينتقض مسحه في الساعة التي أحدث فيها وإن لم يحدث قال الشافعي: وإن أحدث بعد زوال الشمس فمسح صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح والظهر إن قدمها حتى يصليها قبل الوقت الذي أحدث فيه ويخرج منها فإن أخرها حتى يكون الوقت الذي أحدث فيه لم يكن له أن يصليها بمسح وإن قدمها فلم يسلم منها حتى يدخل الوقت الذي مسح فيه انتقضت صلاته بانتقاض مسحه وكان عليه أن ينزع خفيه ثم يتوضأ ويصلى بطهارة الوضوء ثم كلما لبس خفيه على طهارة ثم أحدث كان هكذا أبدا قال الشافعي: ويصنع هكذا في السفر في ثلاثة أيام ولياليهن يمسح في اليوم الثالث إلى مثل الساعة التي أحدث فيها فيصلى في الحضر خمس صلوات مرة وستا مرة أخرى بمسح وفي السفر خمس عشرة صلاة مرة وستة عشر أخرى على مثل ما حكيت إذا صلاهن على الانفراد وكذلك إذا جمع في السفر لأنه إذا أحدث عند العصر صلى خمس عشرة وجمع العصر إلى الظهر في وقت الظهر فإذا دخل الوقت الذي مسح فيه انتقض المسح قال الشافعي: فإن مسح في الحضر عند الزوال فصلى الظهر ثم خرج مسافرا صلى بالمسح حتى يستكمل يوما وليلة لا يزيد على ذلك لأن أصل طهارة مسحة كانت وليس له أن يصلي بها إلا يوما وليلة وكذلك لو مسح في الحضر فلم يصل صلاة حتى يخرج إلى السفر لم يكن له أن يصلى بالمسح الذي كان في الحضر إلا يوما وليلة كما كان يصلى به في الحضر قال الشافعي: ولو أحدث في الحضر فلم يمسح حتى خرج إلى السفر صلى بمسحه في السفر ثلاثة أيام ولياليهن قال الشافعي: ولو كان مسح في الحضر ثم سافر ولم يحدث فتوضأ ومسح في السفر لم يصل بذلك المسح إلا يوما وليلة لأنه لم يكن لمسحه معنى إذا مسح وهو طاهر لمسحه في الحضر فكان
صفحة : 38
مسحه ذلك كما لم يكن إذا لم يكن يطهره غير التطهير الأول قال الشافعي: ولو مسح وهو مسافر فصلى صلاة أو أكثر ثم قدم بلدا يقيم به أربعا ونوى المقام بموضعه الذي مسح فيه أربعا لم يصل بمسح السفر بعد مقامه إلا لإتمام يوم وليلة ولا يزيد عليه لأنه إنما كان له أن يصلى بالمسح مسافرا ثلاثا فلما انتقض سفره كان حكم مسحه إذ صار مقيما كابتداء مسح المقيم قال الشافعي: ولو كان استكمل في سفره بأن صلى بمسح السفر يوما وليلة أو أكثر ثم بدا له المقام أو قدم بلدا نزع خفيه واستأنف الوضوء لا يجزئه غير ذلك ولو كان استكمل يوما وليلة بمسح السفر ثم دخل في صلاة بعد يوم وليلة فنوى المقام قبل تكميل الصلاة فسدت عليه صلاته وكان عليه أن يستقبل وضوءا ثم يصلى تلك الصلاة ولو سافر فلم يدر أمسح مقيما أو مسافرا لم يصل من حين استيقن بالمسح أنه كان وشك أكان وهو مقيم أو مسافرا إلا يوما وليلة ولو صلى به يوما وليلة ثم علم أنه مسح مسافرا صلى به تمام ثلاثة أيام ولياليهن قال الشافعي: ولو شك أمسح مقيما أو مسافرا فصلى وهو مسافر أكثر من يوم وليلة ثم استقن أنه مسح مسافرا أعاد كل صلاة زادت على يوم وليلة لأنه صلاها وهو لا يراه طاهرا ولم يكن عليه أن يعود بوضوء إذا علم أنه على طهارة المسح حتى يستكمل المسح ثلاثة أيام ولياليهن قال الشافعي: وإذا شك في أول ما مسح وهو مقيم فلم يدر أمسح يوما وليلة أم لا نزع خفيه واستأنف الوضوء ولو استيقن أنه مسح فصلى ثلاث صلوات وشك أصلى الرابعة أم لا لم يكن له إلا أن يجعل نفسه صلى بالمسح الرابعة حتى لا يصلى بمسح وهو يشك أنه مسح أم لا ولا يكون له ترك الصلاة الرابعة حتى يستيقن أنه صلاها
ID ' ' وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
صفحة : 39
باب ما ينقض مسح الخفين
قال الشافعي: رحمه الله تعالى وللرجل أن يمسح على الخفين في وقته ما كانا على قدميه فإذا أخرج إحدى قدميه من الخف أو هما بعد ما مسح فقد انتقض المسح وعليه أن يتوضأ ثم إن تخفف ثم أحدث وعليه الخفان مسح قال الشافعي: وكذلك إذا زالت إحدى قدميه أو بعضها من موضعها من الخف فخرجا حتى يظهر بعض ما عليه الوضوء منها انتقض المسح وإذا أزالها من موضع قدم الخف ولم يبرز من الكعبين ولا من شيء عليه الوضوء من القدمين شيئا أحببت أن يبتديء الوضوء ولا يتبين أن ذلك عليه قال وكذلك لو انفتق الخف حتى يرى بعض ما عليه الوضوء من القدمين انتقض المسح قال الشافعي: وكذلك إن انفتق الخف وعليه جورب يوارى القدم حتى بدا من الجورب ما لو كانت القدم بلا جورب رؤيت فهو مثل رؤية القدم ينتقض به المسح قال الشافعي: وإذا كان الخف بشرج فإن كان الشرج فوق موضع الوضوء فلا يضره لأنه لو لم قال الشافعي: وإن كان الشرج فوق شيء من موضع الوضوء من القدم فكان فيه خلل يرى منه شيء من القدم لم يمسح على الخف وإن لم يكن في الشرج خلل يرى منه شيء من القدم مسح عليه وإن كان شرجه يفتح قال الشافعي: وإن فتح شرجه فقد انتقض المسح لأنه إن لم ير في ذلك الوقت فمشى فيه أو تحرك انفرج حتى يرى قال الشافعي: ولو كان الشرج فوق شيء من موضع الوضوء من القدم فكان فيه خلل فلا يضره لأنه لو لم يكن ثم خف أجزأه
ID ' ' (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صفحة : 40
باب ما يوجب الغسل ولا يوجبه
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا قال الشافعي: فأوجب الله عز وجل الغسل من الجنابة فكان معروفا في لسان العرب أن الجنابة الجماع وإن لم يكن مع الجماع ماء دافق وكذلك ذلك في حد الزنا وإيجاب المهر وغيره وكل من خوطب بأن فلانا أجنب من فلانة عقل أنه أصابها وإن لم يكن مقترفا قال الربيع يريد أنه لم ينزل ودلت السنة على أن الجنابة أن يفضى الرجل من المرأة حتى يغيب فرجه في فرجها إلى أن يوارى حشفته أو أن يرمي الماء الدافق وإن لم يكن جماعا قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب أن أبا موسى الأشعري سأل عائشة عن التقاء الختانين فقالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله ﷺ إذا التقى الختانان أو مس الختان الختان فقد وجب الغسل قال الشافعي: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة قالت جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله ﷺ فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت فقال نعم إذا هي رأت الماء قال الشافعي: فمن رأي الماء الدافق متلذذا أو غير متلذذ فعليه الغسل وكذلك لو جامع فخرج منه ماء دافق فاغتسل ثم خرج منه ماء دافق بعد الغسل أعاد الغسل وسواء كان ذلك قبل البول أو بعد ما بال إذا جعلت الماء الدافق علما لا لإيجاب الغسل وهو قبل البول وبعده سواء قال الشافعي: والماء الدافق الثخين الذي يكون منه الولد والرائحة التي تشبه رائحة الطلع قال الشافعي: وإن كان الماء الدافق من رجل وتغير لعلة به أو خلقة في مائه بشيء خرج منه قال الشافعي: وإذا غيب الرجل ذكره في فرج امرأة متلذذا أو غير متلذذ ومتحركا بها أو مستكرها لذكره أو أدخلت هي فرجه في فرجها وهو يعلم أو هو نائم لا يعلم أوجب عليه وعليها الغسل وكذلك كل فرج أو دبر أو غيره من امرأة أو بهيمة وجب عليه الغسل إذا غيب الحشفة فيه مع معصية الله تعالى في إتيان ذلك من غير امرأته وهو محرم عليه إتيان امرأته في دبرها عندنا وكذلك لو غيبه في امرأته وهي ميتة وإن غيبه في دم أو خمر أو غير ذات روح من
صفحة : 41
محرم أو غيره لم يجب عليه غسل حتى يأتي منه الماء الدافق قال الشافعي: وهكذا إن استمنى فلم ينزل لم يجب عليه غسل لأن الكف ليس بفرج وإذا ماس به شيئا من الأنجاس غسله ولم يتوضأ وإذا ماس ذكره توضأ للمسه إياه إذا أفضى إليه فإن غسله وبينه وبين يديه ثوب أو رقعة طهر ولم يكن عليه وضوء قال الشافعي: ولو نال من امرأته مادون أن يغيبه في فرجها ولم ينزل لم يوجب ذلك غسلا ولا نوجب الغسل إلا أن يغيبه في الفرج نفسه أو الدبر فأما الفم أو غير ذلك من جسدها فلا يوجب غسلا إذا لم ينزل ويتوضأ من إفضائه ببعضه إليها ولو أنزلت هي في هذه الحال اغتسلت وكذلك في كل حال أنزل فيها فأيهما أنزل بحال اغتسل قال الشافعي: ولو شك رجل أنزل أو لم ينزل لم يجب عليه الغسل حتى يستيقن بالإنزال قال الشافعي: ولو وجد في ثوبه ماءا دافقا ولا يذكر أنه جاء منه ماء داف باحتلام ولا بغيره أحببت أن يغتسل ويعيد الصلاة ويتأخى فيعيد بقدر ما يرى أن ذلك الاحتلام كان أو ما كان من الصلوات بعد نوم رأى فيه شيئا يشبه أن يكون احتلم فيه قال الشافعي: ولا يبين لي أن يجب هذا عليه وإن كان رأى في المنام شيئا ولم يعلم أنه أنزل إلا أن يكون لا يلبس ثوبه غيره فيعلم أن الاحتلام كان منه فإذا كان هكذا وجب عليه الغسل في الوقت الذي لا يشك أن الاحتلام كان قبله وكذلك إن أحدث نومة نامها فإن كان صلى بعده صلاة أعادها وإن كان لم يصل بعده صلاة اغتسل لما يستقبل قال الشافعي: أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن زبيد بن الصلت أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى الجرف فنظر فإذا هو قد احتلم وصلى ولم يغتسل فقال والله ما أراني إلا قد احتلمت وما شعرت وصليت وما اغتسلت قال فاغتسل وغسل ما رأي في ثوبه ونضح ما لم ير وأذن وأقام الصلاة ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنا قال الشافعي: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان يسار عن عمر بن الخطاب وأخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أنه اعتمر مع عمر بن الخطاب ثم ذكر نحو هذا الحديث قال الشافعي: ولا أعلمه يجب الغسل من غير الجنابة وجوبا لا تجزيء الصلاة إلا به وأولى الغسل عندي أن يجب بعد غسل الجنابة من غسل الميت ولا أحب تركه بحال ولا ترك الوضوء من مسه
صفحة : 42
مفضيا إليه ثم الغسل للجمعة ولا يبين أن لو تركهما تارك ثم صلى اغتسل وأعاد إنما منعنى من أيجاب الغسل من غسل الميت أن في إسناده رجلا لم أقع من معرفة ثبت حديثه إلى يومي هذا على ما يقنعني فإن وجدت من يقنعني من معرفة ثبت حديثه أوجبت الوضوء من مس الميت مفضيا إليه فإنهما في حديث واحد قال الشافعي: فأما غسل الجمعة فإن الدلالة عندنا أنه إنما أمر به على الاختيار قال الشافعي: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال دخل رجل من أصحاب رسول الله ﷺ المسجد يوم الجمعة وعمر يخطب فقال عمر أية ساعة هذه فقال يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فمسمعت النداء فما زدت على أن توضأت فقال عمر والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله ﷺ كان يأمر بالغسل قال الشافعي: أخبرنا الثقة قال أخبرنا معمر عن ابن شهاب عن سالم ابن عبد الله عن أيه عن عمر بن الخطاب بمثله وسمى الداخل أنه عثمان بن عفان قال الشافعي: وإذا أسلم المشرك أحببت له أن يغتسل ويحلق شعره فإن لم يفعل ولم يكن جنبا قال الشافعي: وقد قيل قلما جن إنسان إلا أنزل فإن كان هذا هكذا اغتسل المجنون للانزال وإن شك فيه أحببت له الاغتسال احتياطا ولم أوجب ذلك عليه حتى يستيقن الإنزال
ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
صفحة : 43
باب من خرج منه المذي
قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا دنا الرجل من امرأته فخرج منه المذي وجب عليه الوضوء لأنه حدث خرج من ذكره ولو أفضى إلى جسدها بيده وجب عليه الوضوء من الوجهين وكفاه منه وضوء واحد وكذلك من وجب عليه وضوء لجميع ما يوجب الوضوء ثم توضأ بعد ذلك كله وضوءا واحدا أجزأه ولا يجب عليه بالمذي الغسل
باب كيف الغسل
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالي ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا قال الشافعي: فكان فرض الله الغسل مطلقا لم يذكر فيه شيئا يبدأ به قبل شيء فإذا جاء المغتسل بالغسل أجزأه والله أعلم كيفما جاء به وكذلك لا وقت في الماء في الغسل إلا أن يأتى بغسل جميع بدنه قال الشافعي: كذلك دلت السنة فإن قال قائل فأين دلالة السنة قيل لما حكت عائشة أنها كانت تغتسل والنبي ﷺ من إناء واحد كان العلم يحيط أن أخذهما منه مختلف لو كان فيه وقت غير ما وصفت ما أشبه أن يغتسل اثنان يفرغان من إناء واحد عليهما وأكثر ما حكت عائشة غسله وغسلها فرق قال والفرق ثلاثة آصع قال الشافعي: وروى أن رسول الله ﷺ قال لأبي ذر فإذا وجدت الماء فأمسسه جلدك ولم يحك أنه وصف له قدرا من الماء إلا إمساس الجلد والاختيار في الغسل من الجنابة ما حكت عائشة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ثم يفيض الماء جلده كله قال الشافعي: فإذا كانت المرأة ذات شعر تشد ضفرها فليس عليها أن تنقضه في غسل الجنابة وغسلها من الحيض كغسلها من الجنابة لا يختلفان يكفيها في كل ما يكفيها في كل قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن أيوب ابن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت سألت رسول الله ﷺ إنى امرأة أشد ضفر رأسي
صفحة : 44
أفأنقضه لغسل الجنابة فقال لا إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين أو قال فإذا أنت قد طهرت وإن حست رأسها فكذلك قال الشافعي: وكذلك الرجل يشد ضفر رأسه أو يعقصه فلا يحله ويشرب الماء أصول شعره قال الشافعي: فإن لبد رأسه بشيء يحول بين الماء وبين أن يصل إلى شعره وأصوله كان عليه غسله حتى يصل إلى بشرته وشعره وإن لبده بشيء لا يحول دون ذلك فهو كالعقص والضفر الذي لا يمنع الماء الوصول إليه وليس عليه حله ويكفيه أن يصل الماء إلى الشعر والبشرة قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ فغسل يده قبل أن يدخلها في الإناء ثم يغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يشرب شعره الماء ثم يحثى على رأسه ثلاث حثيات قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ كان يغزف على رأسه من الجنابة ثلاثا قال الشافعي: ولا أحب لأحد أن يحفن على رأسه في الجنابة أقل من ثلاث وأحب له أن يغلغل الماء في أصول شعره حتى يعلم أن الماء قد وصل إلى أصوله وبشرته قال وإن صب على رأسه صبا واحدا يعلم أنه قل تغلغل الماء في أصوله وأتى على شعره وبشرته أجزأه وذلك أكثر من قال الشافعي: رحمه الله تعالى فإن كان شعره ملبدا كثيرا فغرف عليه ثلاث غرفات وكان يعلم أن الماء لم يتغلغل في جميع أصول الشعر ويأت على جميع شعره كله فعليه أن يغرف على رأسه ويغلغل الماء حتى يعلم علما مثله أن قد وصل الماء إلى الشعر والبشرة قال الشافعي: وإن كان محلوقا أو أصلع أو أقرع يعلم أن الماء يأتي على باقي شعره وبشرته في غرفة عامة أجزأته وأحب له أن يكون ثلاثا وإنما أمر النبي ﷺ أم سلمة بثلاث للضفر وأنا أرى أنه أقل ما يصير الماء إلى بشرتها وكان النبي ﷺ ذا لمة يغرف عليها الماء ثلاثا وكذلك كان وضوؤه في عامة عمره ثلاثا للاختيار ﷺ وواحدة سابغة كافية في الغسل والوضوء لأنه يقع بها اسم غسل ووضوء إذا علم أنها قد جاءت على الشعر والبشر
ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
صفحة : 45
باب من نسي المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة
قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا أحب لأحد أن يدع المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة وإن تركه أحببت له أن يتمضمض فإن لم يفعل لم يكن عليه أن يعود لصلاة إن صلاها قال الشافعي: وليس عليه أن ينضح في عينيه الماء ولا يغسلهما لأنهما ليستا ظاهرتين من بدنه قال الشافعي: وعليه أن يغسل ظاهر أذنيه وباطنهما لأنهما ظاهرتان ويدخل الماء فيما ظهر من الصماخ وليس عليه أن يدخل الماء فيما بطن منه قال الشافعي: وأحب له أن يدلك ما يقدر عليه من جسده فإن لم يفعل وأتى الماء على جسده أجزأه قال الشافعي: وكذلك إن انغمس في نهر أو بئر فأتى الماء على شعره وبشره أجزأه إذا غسل شيئا إن كان أصابه وكذلك إن ثبت تحت ميزاب حتى يأتي الماء على شعره وبشره قال وكذلك إن ثبت تحت مطر حتي يأتي الماء على شعره وبشره قال الشافعي: ولا يظهر بالغسل في شيء مما وصفت إلا أن ينوي بالغسل الطهارة وكذلك الوضوء لا يجزئه إلا أن ينوي به الطهارة وإن نوى بالغسل الطهارة من الجنابة والوضوء الطهارة مما أوجب الضوء ونوى به أن يصلي مكتوبة أو نافلة على جنازة أو يقرأ مصحفا فكله يجزئه لأنه قد نوى بكله الطهارة قال ولو كان من وجب عليه الغسل ذا شعر طويل فغسل ما على رأسه منه وجميع بدنه وترك ما استرخى منه فلم يغسله لم يجزه لأن عليه طهارة شعره وبشره ولو ترك لمعة من جسده تقل أو تكثر إذا احتاط أنه قد ترك من جسده شيئا فصلى أعاد غسل ما ترك من جسده ثم أعاد الصلاة بعد غسله ولو توضأ ثم اغتسل فلم يكمل غسله حتى أحدث مضى على الغسل كما هو وتوضأ بعد للصلاة قال ولو بدأ فاغتسل ولم يتوضأ فأكمل الغسل أجزأه من وضوء الساعة للصلاة والطهارة بالغسل أكثر منها بالضوء أو مثلها ولو بدأ برجليه في الغسل قبل رأسه أو فرق غسله فغسل منه الساعة شيئا بعد الساعة غيره أجزأه وليس هذا كالوضوء الذي ذكره الله عز وجل فبدأ ببعضه قبل بعض ويخلل المغتسل والمتوضيء أصابع أرجلهما حتى يعلم أن الماء قد وصل إلى ما بين الأصابع ولا يجزئه إلا أن يعلم أن الماء قد وصل إلى ما بينهما ويجزئه ذلك وإن لم يخللهما قال وإن كان بينهما شيء ملتصق ذا غضون أدخل الماء الغضون ولم يكن عليه أن يدخله حيث لا يدخل من الملتصق وكذلك إن كان ذا غضون في جسده أو رأسه
صفحة : 46
فعليه أن يغلغل الماء في غضونه حتى يدخله
باب علة من يجب عليه الغسل والوضوء
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر الآية قال الشافعي: فلم يرخص الله في التيمم إلا في الحالين السفر والإعواز من الماء أو المرض فإن كان الرجل مريضا بعض المرض تيمم حاضرا أو مسافرا أو واجدا للماء أو غير واجد له قال والمرض اسم جامع لمعان لأمراض مختلفة فالذي سمعت أن المرض الذي للمرء أن يتيمم فيه الجراح قال والقرح دون الغور كله مثل الجراح لأنه يخاف في كله إذا ماسه الماء أن ينطف فيكون من النطف التالف والمرض المخوف وأقله ما يخاف هذا فيه فإن كان جائفا خيف في وصول الماء إلى الجوف معاجلة التلف جاز له أن يتيمم وإن كان القرح الخفيف غير ذي الغور الذي لا يخاف منه إذا غسل بالماء التلف ولا النطف لم يجز فيه إلا غسله لأن العلة التي رخص الله فيها بالتيمم زائلة عنه ولا يجزي التيمم مريضا أي مرض كان إذا لم يكن قريحا في شتاء ولا غيره وإن فعل أعاد كل صلاة صلاها بالتيمم وكذلك لا يجزي رجلا في برد شديد فإذا كان الرجل قريحا في رأسه وجميع بدنه غسل ما أصابه من النجاسة لا يجزئه غيره ويتيمم للجنابة وكذلك كل نجاسة أصابته فلا يجزئه فيها إلا غسلها وإن كانت على رجل قروح فإن كان القرح جائفا يخاف التلف إن غسلها فلم يغسلها أعاد كل صلاة صلاها وقد أصابته النجاسة فلم يغسلها وإن كان القروح في كفيه دون جسده لم يجزه إلا غسل جميع جسده ما خلا كفيه ثم لم يطهر إلا بأن يتيمم لأنه لم يأت بالغسل كما فرض الله عز وجل عليه ولا بالتيمم قال وإن تيمم وهو يقدر على غسل شيء من جسده بلا ضرر عليه لم يجزه وعليه أن يغسل جميع ما قدر عليه من جسده ويتيمم لا يجزئه أحدهما دون الآخر وإن كان القرح في مقدم رأسه دون مؤخره لم يجزه إلا غسل مؤخره وكذلك إن كان في بعض مقدم رأسه دون بعض غسل ما لم يكن فيه وترك ما كان فيه فإن كان القرح في وجهه ورأسه سالم وإن غسله فاض الماء على وجهه لم يكن تركه وكان عليه أن يستلقى وينقع رأسه ويصب الماء عليه حتى ينصب الماء على غير وجهه وهكذا حيث كان القرح من بدنه فخاف إذا صب الماء على موضع صحيح منه أن يفيض على القرح أمس الماء الصحيح إمساسا لا يفيض وأجزأه ذلك إذا بل الشعر والبشر وإن كان يقدر على أن يفيض الماء ويحتال حتى لا يفيض على القروح أفاضه قال وإن كان القرح
صفحة : 47
في ظهره فلم يضبط هذا منه ومعه من يضبطه منه برؤيته فعليه أن يأمره بذلك وكذلك إن كان أعمى وكان لا يضبط هذا في شيء من بدنه إلا هكذا وإن كان في سفر فلم يقدر على أحد يفعل هذا به غسل ما قدر عليه وتيمم وصلى وعليه إعادة كل صلاة صلاها لأنه قد ترك ما يقدر على غسله بحال وكذلك إن كان أقطع اليدين لم يجزه إلا أن يأمر من يصب عليه الماء لأنه يقدر عليه ومتى لم يقدر وصلى أمرته أن يأمر من يغسله إذا قدر وقضى ما صلى بلا غسل وإن كان القرح في موضع من الجسد فغسل ما بقى منه فإنما عليه أن ييمم وجهه ويديه فقط وليس عليه أن ييمم موضع القرح لأن التيمم لا يكون طهارة إلا على الوجه واليدين فكل ما عداهما فالتراب لا يطهره وإن كان القرح في الوجه واليدين يمم الوجه واليدين إلى المرفقين وغسل ما يقدر عليه بعد من بدنه وإن كان القرح الذي في موضع التيمم من الوجه والذراعين قرح ليس بكبير أو كبيرا لم يجزه إلا أن يمر التراب عليه كله لأن التراب لا يضره وكذلك إن كانت له أفواه مفتحة أمر التراب على ما انفتح منه لأ ذلك ظاهر وأفواهه وما حول أفواهه وكل ما يظهر له لا يجزئه غيره لأن التراب لا يضره وإذا أراد أن يلصق على شيء منه لصوقا يمنع التراب لم يكن له إلا أن ينزع اللصوق عند التيمم لأنه لا ضرر في ذلك عليه ولو رأي أن أعجل لبرئه أن يدعه وكذلك لا يلطخه بشيء له ثخانة تمنع مماسة التراب البشرة إلا أن يكون ذلك في البشرة الذي يواريه شعر اللحية فإنه ليس عليه أن يماس بالتراب بشر اللحية للحائل دونها من الشعر ويمر على ما ظهر من اللحية التراب لا يجزئه غيره وإذا كان هكذا لم يكن له أن يربط الشعر من اللحية حتى يمنعها أن يصل إليها التراب وكذلك إن كانت به قرحة في شيء من جسده فألصق عليها خرقة تلف موضع القرحة لم يجزه إلا إزالة الخرقة حتى يماس الماء كل ما عدا القرحة فإن كان القرح الذي به كسرا لا يرجع إلا بجبائر فوضع الجبائر على ماسامته ووضع على موضع الجبائر غيرها إن شاء إذا ألقيت الجبائر وما معها ماس الماء والتراب أعضاء الوضوء وضعه وكان عليه إذا أحدث طرحه وإمساسه الماء والتراب إن ضره الماء لا يجزيه غير ذلك بحال وإن كان ذلك أبعد من برئه وأقبح في جبره لا يكون له أن يدع ذلك إلا بأن يكون فيه خوف تلف ولا أحسب جبرا يكون في تلف إذا نحيت الجبائر عنه ووضيء أو يمم ولكنه لعله أبطأ للبرء وأشق على الكسر وإن كان يخاف عليه إذا ألقيت الجبائر وما معها ففيها قولان أحدهما أن يمسح بالماء على الجبائر ويتيمم ويعيد كل صلاة صلاها إذا قدر على الوضوء والآخر لا يعيد ومن قال يمسح على الجبائر قال لا
صفحة : 48
يضعها إلا على ضوء فإن لم يضعها على وضوء لم يمسح عليها كما يقول في الخفين قال الشافعي: لا يعدو بالجبائر أبدا موضع الكسر إذا كان لا يزيلها قال الشافعي: وقد روى حديث عن علي رضي الله عنه أنه انكسر إحدى زندي يديه فأمره النبي ﷺ أن يمسح بالماء على الجبائر ولو عرفت إسناده بالصحة قلت به قال الربيع أحب إلى الشافعي أن يعيد متى قدر على الوضوء أو التيمم لأنه لم يصل وبضوء بالماء ولا يتيمم وإنما جعل الله تعالى التيمم بدلا من الماء فلما لم يصل إلى العضو الذي عليه الماء والصعيد كان عليه إذا قدر أن يعيده وهذا مما أستخير الله فيه قال الشافعي: والقول في الوضوء إذا كان القرح والكسر القول في الغسل من الجنابة لا يختلفان إذا كان ذلك في مواضع الوضوء فأما إذا لم يكن في مواضع الوضوء فذلك ليس عليه غسله قال الشافعي: والحائض تطهر مثل الجنب في جميع ما وصفت وهكذا لو وجب على رجل غسل بوجهه غسل أو امرأة كان هكذا قال الشافعي: وإذا كان على الحائض أثر الدم وعلى الجنب النجاسة فإن قدرا على ماء قال الشافعي: ولا يجزيء مريضا غير القريح ولا أحدا في برد شديد يخاف التلف إن اغتسل أو ذا مرض شديد يخاف من الماء إن اغتسل ولا ذا قروح أصابته نجاسة إلا غسل النجاسة والغسل إلا أن يكون الأغلب عنده أنه يتلف إن فعل وتيمم في ذلك الوقت ويصلى ويغتسل ويغسل النجاسة إذا ذهب ذلك عنه ويعيد كل صلاة صلاها في الوقت الذي قلت لا يجزيه فيه إلا الماء وإن لم يقدرا عليه تيمما وصليا ولا يعيدان الصلاة في وقت ولا غيره قال الشافعي: وكذلك كل نجاسة أصباتهما مغتسلين أو متوضئين فلا يطهر النجاسة إلا الماء فإذا لم يجد من أصابته نجاسة من حائض وجنب ومتوضيء ماء تيمم وصلى وإذا وجد الماء غسل ما أصاب النجاسة منه واغتسل إن كان عليه غسل وتوضأ إن كان عليه وضوء وأعاد كل صلاة صلاها والنجاسة عليه لأنه لا يطهر النجاسة إلا الماء قال الشافعي: وإن وجد ما ينقي النجاسة عنه من الماء وهو مسافر فلم يجد ما يطهره لغسل إن كان عليه أو وضوء غسل أثر النجاسة عنه وتيمم وصلى ولا إعادة عليه لأنه صلى طاهرا من النجاسة وطاهرا بالتيمم من بعد الغسل والوضوء الواجب عليه قال وإذا وجد الجنب ماء يغسله وهو يخاف العطش فهو كمن لم يجد ماء وله أن يغسل النجاسة إن أصابته عنه ويتيمم ولا
صفحة : 49
يجزيه في النجاسة إلا ما وصفت من غسلها فإن خاف إذا غسل النجاسة العطش قبل الوصول قال الشافعي: فإن كان لا يخاف العطش وكان معه ماء لا يغسله إن غسل النجاسة ولا النجاسة إن أفاضه عليه غسل النجاسة ثم غسل بما بقى من الماء معه ما شاء من جسده لأنه تعبد بغسل جسده لا بعضه فالغسل على كله فأيها شاء غسل أعضاء الوضوء أو غيرها وليست أعضاء الوضوء بأوجب في الجنابة من غيرها ثم يتيمم ويصلى وليس عليه إعادة إذا وجد الماء لأنه صلى طاهرا قال الشافعي: فإن قال قائل لم لم يجزه في النجاسة تصيبه إلا غسلها بالماء وأجزأ في الجنابة والوضوء أن يتيمم قيل له أصل الطهارة الماء إلا حيث جعل الله التراب طهارة وذلك في السفر والإعواز من الماء أو الحضر أو السفر والمرض فلا يطهر بشر ولا غيره ماسته نجاسة إلا بالماء إلا حيث جعل الله الطهارة بالتراب وإنما جعلها حيث تعبده بوضوء أو غسل والتعبد بالوضوء والغسل فرض تعبد ليس بإزالة نجاسة قائمة والنجاسة إذا كانت على شيء من البدن أو الثوب فهو متعبد بأزالتها بالماء حتى لا تكون موجودة في بدنه ولا في ثوبه إذا كان إلى إخراجها سبيل وهذا تعبد لمعنى معلوم قال الشافعي: ولم يجعل التراب يدلا من نجاسة تصيبه وأمر رسول الله ﷺ بغسل دم الحيض من الثوب وهو نجاسة فكانت النجاسة عندنا على أصلها لا يطهرها إلا الماء والتيمم يطهر حيث جعل ولا يتعدى به حيث رخص الله تعالى فيه وما خرج من ذلك فهو على أصل حكم الله في الطهارة بالماء قال الشافعي: إذا أصابت المرأة جنابة ثم حاضت قبل أن تغتسل من الجنابة لم يكن عليها غسل الجنابة وهي حائض لأنها إنما تغتسل فتطهر بالغسل وهي لا تطهر بالغسل من الجنابة وهي حائض فإذا ذهب الحيض عنها أجزأها غسل واحد وكذلك لو احتلمت وهي حائض أجزأها غسل واحد لذلك كله ولم يكن عليها غسل وإن كثر احتلامها حتى تطهر من الحيض فتغتسل غسلا واحدا قال الشافعي: والحائض في الغسل كالجنب لا يختلفان إلا أني أحب للحائض إذا اغتسلت من الحيض أن تأخذ شيئأ من مسك فتتبع به آثار الدم فإن لم يكن مسك فطيب ما كان اتباعا للسنة والتماسا للطيب فإن لم تفعل فالماء كاف مما سواه
صفحة : 50
قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن منصور الحجبي عن أمه صفية بنت شيبة عن عائشة قالت جاءت امرأة إلى النبي ﷺ تسأله عن الغسل من الحيض فقال خذي فرصة من مسك فتطهري بها فقالت كيف أتطهر بها قال تهطري بها قالت كيف أتطهر بها فقال النبي ﷺ سبحان الله واستتر بثوبه تطهري بها فاجتذبتها وعرفت الذي أراد وقلت لها قال الشافعي: والرجل المسافر لا ماء معه والمغرب في الإبل له أن يجامع أهله ويجزئه التيمم إذا غسل ما أصاب ذكره وغسلت المرأة ما أصاب فرجها أبدا حتى يجد الماء فإذا وجد الماء فعليهما أن يغتسلا قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عباد بن منصور عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه أن النبي ﷺ أمر رجلا كان جنبا أن يتيمم ثم يصلى فإذا وجد الماء اغتسل وأخبرنا بحديث النبي ﷺ حين قال لأبي ذر إن وجدت الماء فأمسسه جلدك
جماع التيمم للمقيم والمسافر
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا قمتم إلى الصلاة الآية وقال في سياقها وإن كنتم مرضى أو على سفر إلى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه قال الشافعي: فدل حكم الله عز وجل على أنه أباح التيمم في حالين أحدهما السفر والإعواز من الماء والآخر للمريض في حضر كان أو في سفر ودل ذلك على أن للمسافر طلب الماء لقوله فلم تجدوا ماء فتيمموا قال الشافعي: وكان كل من خرج مجتازا من بلد إلى غيره يقع عليه اسم السفر قصر السفر أم طال ولم أعلم من السنة دليلا على أن لبعض المسافرين أن يتيمم دون بعض وكان ظاهر القرآن أن كل مسافر سفرا بعيدا أو قريبا يتيمم قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة قال الشافعي: والجرف قريب من المدينة
ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
صفحة : 51
باب متى يتيمم للصلاة
قال الشافعي: رحمه الله تعالى جعل الله تعالى المواقيت للصلاة فلم يكن لأحد أن يصليها قبلها وإنما أمرنا بالقيام إليها إذا دخل وقتها وكذلك أمره بالتيمم عند القيام إليها والإعواز من الماء فمن تيمم لصلاة قبل دخول وقتها وطلب الماء لم يكن له أن يصليها بذلك التيمم وإنما له أن يصليها إذا دخل وقتها الذي إذا صلاها فيه أجزأت عنه وطلب الماء فأعوزه قال الشافعي: فإذا دخل وقت الصلاة فله أن يتيمم ولا ينتظر آخر الوقت لأن كتاب الله تعالى يدل على أن يتيمم إذا قام إلى الصلاة فأعوزه الماء وهو إذا صلى حينئذ أجزأ عنه قال الشافعي: ولو تلوم إلى آخر الوقت كان ذلك له ولست أستحبه كاستحبابي في كل حال تعجيل الصلاة إلا أن يكون على ثقة من وجود الماء واحب أن يؤخر التيمم إلى أن يؤيس منه أو يخاف خروج الوقت فيتيمم قال الشافعي: ولو تيمم وليس معه ماء قبل طلب الماء أعاد التيمم بعد أن يطلبه حتى يكون تيمم بعد أن يطلبه ولا يجده وطلب الماء أن يطلبه وإن كان على غير علم من أنه ليس معه شيء فإذا علم أنه ليس معه طلبه مع غيره وإن بذله غيره بلا ثمن أو بثمن مثله وهو واجد لثمن مثله في موضعه ذلك غير خائف إن اشتراه الجوع في سفر لم يكن له أن يتيمم وهو يجده بهذه الحال وإن امتنع عليه من أن يعطاه متطوعا له بإعطائه أو باعه إلا بأكثر من ثمنه لم يكن عليه أن يشتريه ولو كان موسرا وكانت الزيادة على ثمنه قليلة قال الشافعي: وإن كان واجدا بئرا ولا حبل معه فإن كان لا يقدر على أن يصل إليها حلا أو حبلا أو ثيابا فلا حل حتى يصل أن يأخذ منها بإناء أو رام شنا أو دلوا فإن لم يقدر دلى طرف الثوب ثم اعتصره حتى يخرج منه ماء ثم أعاده فيفعل ذلك حتى يصير له من الماء ما يتوضأ به لم يكن له أن يتيمم وهو يقدر على هذا أن يفعله بنفسه أو بمن يفعله له قال الشافعي: وإن كان لا يقدر على هذا وكان يقدر على نزولها بأمر ليس عليه فيه خوف قال الشافعي: وإن دل على ماء قريب من حيث تحضره الصلاة فإن كان لا يقطع به صحبة أصحابه ولا يخاف على رحله إذا وجه إليه ولا في طريقه إليه ولا يخرج من الوقت حتى يأتيه فعليه أن يأتيه وإن كان يخاف ضياع رحله وكان أصحابه لا ينتظرونه أو خاف طريقه أو فوت وقت إن طلبه فليس عليه طلبه وله أن يتيمم
صفحة : 52
قال الشافعي: فإن تيمم وصلى ثم علم أنه كان في رحله ماء أعاد الصلاة وإن علم أن بئرا كانت منه قريبا يقدر على مائها لو علمها لم يكن عليه إعادة ولو أعاد كان احتياط قال الشافعي: والفرق بين ما في رحله والبئر لا يعلم واحدا منهما أن ما في رحله شيء كعلمه أمر نفسه وهو مكلف في نفسه الإحاطة وما ليس في ملكه فهو شيء في غير ملكه وهو مكلف في غيره الظاهر لا الإحاطة قال الشافعي: فإن كان في رحله ماء فحال العدو بينه وبين رحله أو حال بينه وبينه سبع أو حريق حتى لا يصل إليه تيمم وصلى وهذا غير واجد للماء إذا كان لا يصل إليه وإن كان في رحله ماء فأخطأ رحله وحضرت الصلاة طلب ماء فلم يجده تيمم وصلى ولو ركب البحر فلم يكن معه ماء في مركبه فلم يقدر على الاستقاء من البحر للشدة بحال ولا على شيء يدليه يأخذ به من البحر بحال تيمم وصلى ولا يعيد وهذا غير قادر على الماء قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يجزي التيمم إلا بعد أن يطلب الماء فلم يجده فيحدث نية التيمم قال الشافعي: ولا يجزي التيمم إلا بعد الطلب وإن تيمم قبل أن يطلب الماء لم يجزه التيمم وكان عليه أن يعود للتيمم بعد طلبه الماء وإعوازه قال الشافعي: وإذا نوى التيمم ليتطهر لصلاة مكتوبة صلى بعدها النوافل وقرأ في المصحف وصلى على الجنائز وسجد سجود القرآن وسجود الشكر فإذا حضرت مكتوبة غيرها ولم يحدث لم يكن له أن يصليها إلا بأن يطلب لها الماء بعد الوقت فإذا لم يجد استأنف نية يجوز له بها التيمم لها قال الشافعي: فإن أراد الجمع بين الصلاتين فصلى الأولى منهما وطلب الماء فلم يجده أحدث نية يجوز له بها التيمم ثم تيمم ثم صلى الكتوبة التي تليها وإن كان قد فاتته صلوات استأنف التيمم لكل صلاة منها كما وصفت لا يجزيه غير ذلك فإن صلى صلاتين بتيمم واحد أعاد الآخرة منهما لأن التيمم يجزيه للأولى ولا يجزيه للآخرة قال الشافعي: وإن تيمم ينوي نافلة أو جنازة أو قراءة مصحف أو سجود قرآن أو سجود شكر لم يكن له أن يصلي به مكتوبة حتى ينوى بالتيمم المكتوبة قال وكذلك إن تيمم فجمع بين صلوات فائتات أجزأه التيمم للأولى منهن ولم يجزه لغيرها وأعاد كل صلاة صلاها بتيمم لصلاة غيرها
صفحة : 53
ويتيمم لكل واحدة منهن قال الشافعي: وإن تيمم ينوى بالتيمم المكتوبة فلا بأس أن يصلى قبلها نافلة وعلى جنازة وقراءة مصحف ويسجد سجود الشكر والقرآن فإن قال قائل لم لا يصلى بالتيمم فريضتين ويصلي به النوافل قبل الفريضة وبعدها قيل له إن شاء الله تعالى إن الله عز وجل لما أمر القائم إلى الصلاة إذا لم يجد الماء أن يتيمم دل على أنه لا يقال له لم يجد الماء إلا وقد تقدم قبل طلبه الماء والإعواز منه نية في طلبه وإن الله إنما عنى فرض الطلب لمكتوبة فلم يجز والله تعالى أعلم أن تكون نيته في التيمم لغير مكتوبة ثم يصلى به مكتوبة وكان عليه في كل مكتوبة ما عليه في الأخرى فدل على أن التيمم لا كون له طهارة إلا بأن يطلب الماء فيعوزه فقلنا لا يصلي مكتوبتين بتيمم واحد لأن عليه في كل واحدة منهما ما عليه في الأخرى وكانت النوافل أتباعا للفرائض لا لها حكم سوى حكم الفرائض قال الشافعي: ولم يكن التيمم إلا على شرط ألا ترى أنه إذا تيمم فوجد الماء فعليه أن يتوضأ وهكذا المستحاضة ومن به عرق سائل وهو واجد للماء لا يختلف هو والمتيمم في أن على كل واحد منهم أن يتوضأ لكل صلاة مكتوبة لأنها طهارة ضرورة لاطهارة على كمال فإن قال قائل فإن كان بموضع لا يطمع فيه بماء قيل ليس ينقضي الطمع به قد يطلع عليه الراكب معه الماء والسيل ويجد الحفيرة والماء الظاهر والاختباء حيث لا يمكنه قال الشافعي: وإذا كان للرجل أن يتيمم فتيمم فلم يدخل في الصلاة حتى وجد الماء قبل أن يكبر للمكتوبة لم يكن له أن يصلي حتى يتوضأ فإن كان طلع عليه راكب بماء فامتنع عليه أن يعطيه منه أو وجد ماء فحيل بينه وبينه أو لم يقدر عليه بوجه لم يجزه التيمم الأول وأحدث بعد إعوازه من الماء الذي رآه نية في التيمم للمكتوبة يجوز له بها الصلاة بعد تيممه قال الشافعي: إن تيمم فدخل في نافلة أو في صلاة على جنازة ثم رأى الماء مضى في صلاته التي دخل فيها ثم إذا انصرف توضأ إن قدر للمكتوبة فإن لم يقدر أحدث نية للمكتوبة فتيمم لها قال الشافعي: وهكذا لو ابتدأ نافلة فكبر ثم رأى الماء مضى فصلى ركعتين لم يكن له أن يزيد عليهما وسلم ثم طلب الماء قال وإذا تيمم فدخل في المكتوبة ثم رأى الماء لم يكن عليه أن يقطع الصلاة وكان له أن يتمها فإذا أتمها توضأ لصلاة غيرها ولم يكن له أن يتنفل بتيممه للمكتوبة إذا كان واجدا للماء بعد خروجه منها ولو تيمم فدخل في مكتوبة ثم رعف فانصرف ليغسل الدم
صفحة : 54
عنه فوجد الماء لم يكن له أن يبنى على المكتوبة حتى يحدث وضوءا وذلك أنه قد صار في حال ليس له فيها أن يصلى وهو واجد للماء قال الشافعي: ولو كان إذا رعف طلب الماء فلم يجد منه ما يوضئه ووجد ما يغسل الدم عنه غسله واستأنف تيمما لأنه قد كان صار إلى حال لا يجوز له أن يصلى ما كانت قائمة فكانت رؤيته الماء ذلك الحال توجب عليه طلبه فإذا طلبه فأعوزه منه كان عليه استئناف نية تجيز له التيمم فإن قال قائل ما الفرق بين أن يرى الماء قبل أن يدخل في الصلاة ولا يكون له الدخول فيها حتى يطلبه فإن لم يجده استأنف نية وتيمما وبين دخوله في الصلاة فيرى الماء جاريا إلي جنبه وأنت تقول إذا أعتقت الأمة وقد صلت ركعة تقنعت فيما بقى من صلاتها لا يجزيها غير ذلك قيل له إن شاء الله تعالى إني آمر الأمة بالقناع فيما بقى من صلاتها والمريض بالقيام إذا أطاقه فيما بقى من صلاته لأنهما في صلاتهما بعد وحكمهما في حالهما فيما بقي من صلاتهما أن تقنع هذه حرة ويقوم هذا مطيق ولا انقص عليها فيما مضى من صلاتهما شيئا لأن حالهما الأولى الأولى غير حالهما الأخرى والوضوء والتيمم عملان غير الصلاة فإذا كانا مضيا وهما يجزيان حل للداخل الصلاة وكانا منقضيين مفروغا منها وكان الداخل مطيع بدخوله في الصلاة وكان ما صلى منها مكتوبا له فلم يجز أن يحبط عمله عنه ما كان مكتوبا له فيستأنف وضوء وإنما أحبط الله الأعمال بالشرك به فلم يجز أن يقال له توضأ وابن على صلاتك فإن حدثت حالة لا يجوز له فيها ابتداء التيمم وقد تيمم فانقضى تيممه وصار إلى صلاة والصلاة غير التيمم فانفصل لصلاة بعمل غيرها وقد انقضى وهو يجزي أن يدخل به في الصلاة لم يكن للمتيمم حكم إلا أن يدخل في الصلاة فلما دخل فيها به كان حكمه منقضيا والذي يحل له أول الصلاة يحل له آخرها
ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
صفحة : 55
باب كيف التيمم
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية عن الأعرج عن ابن الصمة رسول الله ﷺ تيمم فمسح وجهه وذراعه قال الشافعي: ومعقول إذا كان التيمم بدلا من الوضوء على الوجه واليدين أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه فيهما وإن الله عز وجل إذا ذكرهما فقد عفا في التيمم عما سواهما من أعضاء الوضوء والغسل قال الشافعي: ولا يجوز أن يتيمم الرجل إلا أن ييمم وجهه وذراعيه إلى المرفقين ويكون المرفقان فيما ييمم فإن ترك شيئا من هذا لم يمر عليه التراب قل أو كثر كان عليه أن ييممه وإ صلى قبل أن ييممه أعاد الصلاة وسواء كان ذلك مثل الدرهم أو أقل منه أو أكثر كل ما أدركه الطرف منه أو استيقن أنه تركه وإن لم يدركه طرفه واستيقن أنه ترك شيئا فعليه أعادته وأعادة كل صلاة صلاها قبل أن يعيده قال وإذا رأى أن قد أمس يديه التراب على وجهه وذراعيه ومرفقيه ولم يبق شيئا أجزأه قال الشافعي: ولا يجزئه إلا أن يضرب ضربة لوجهه وأحب إلى أن يضربها بيديه معا فإن اقتصر على ضربها بإحدى يديه وأمرها على جميع وجهه أجزأه وكذلك إن ضربها ببعض يديه إنما أنظر من هذا إلى أن يمرها على وجهه وكذلك إن ضرب التراب بشيء فأخذ الغبار من أداته غير يديه ثم أمره على وجهه وكذلك إن يممه غيره بأمره وإن سفت عليه الريح ترابا عمه فأمر ما على وجهه منه على وجهه لم يجزه لأنه لم يأخذه لوجهه ولو أخذ ما على رأسه لوجهه فأمره عليه أجزأه وكذلك لو أخذ ما على بعض بدنه غير وجهه وكفيه قال الشافعي: ويضرب بيديه معا لدراعيه لا يجزيه غير ذلك إذا يمم نفسه لأنه لا يستطيع أن يمسح يدا إلا باليد التي تخالفها فيمسح اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى قال الشافعي: ويخلل أصابعه بالتراب ويتتبع مواضع الوضوء بالتراب كما يتتبعها بالماء قال وكيفما جاء بالغبار على ذراعيه أجزأه أو أتى به غيره بأمره كما قلت في الوجه قال الشافعي: ووجه التيمم ما وصفت من ضربه بيديه معا لوجهه ثم يمرهما معا عليه وعلى ظاهر لحيته ولا يجزيه غيره ولا يدع إمراره على لحيته ويضرب بيديه معا لدراعيه ثم يضع ذراعه
صفحة : 56
اليمنى في بطن كفه اليسرى ثم يمر بطن راحته على ظهر ذراعه ويمر أصابعه على حرف ذراعه وأصبعه الإبهام على بطن ذراعه ليعلم أن قد استوظف وإن استوظف في الأولى كفاه من أن يقلب يده فإذا فرغ من يمنى يديه يمم يسرى ذراعيه بكفه اليمنى قال وإن بدأ بيديه قبل وجهه أعاد فيمم وجهه ثم يمم ذراعيه وإن بدأ بيسرى ذراعيه قبل يمناها لم يكن عليه إعادة وكرهت ذلك له كما قلت في الوضوء وإن كان أقطع اليد أو اليدين يمم ما بقى من القطع وإن كان أقطعهما من المرفقين يمم ما بقى من المرفقين وإن كان أقطعهما من المنكبين فأحب إلي أن يمر التراب على المنكبين وإن لم يفعل فلا شيء عليه لأنه لا يدين له عليهما فرض وضوء ولا تيمم وفرض التيمم من اليدين على ما عليه فرض الوضوء ولو كان أقطعهما من المرفقين فأمر الترب على العضدين كان أحب إلي احتياطا وإنما قلت بهذا لأنه اسم اليد وليس بلازم لأن رسول الله ﷺ يمم ذراعيه فدل على أن فرض الله عز وجل في التيمم على اليدين كفرضه على الوضوء قال الشافعي: فإذا كان أقطع فلم يجد من ييممه فإن قدر على أن يلوث يديه بالتراب حتى يأتى به عليهما أو يحتال له بوجهه إما برجله أو غيرها أجزأه وإن لم يقدر على ذلك لاث بوجهه لوثا رفيقا حتى يأتى بالغبار عليه وفعل ذلك بيديه وصلى وأجزأته صلاته فإن لم يقدر على لوثهما قال الشافعي: وإذا وجد الرجل المسافر ماء لا يطهر أعضاءه كلها لم يكن عليه أن يغسل منها شيئا قال الربيع وله قول آخر أنه يغسل بما معه من الماء بعض أعضاء الوضوء ويتيمم بعد ذلك قال الربيع لأن الطهارة لم تتم فيه كما لو كان بعض أعضاء الوضوء جريح غسل ما صح منه وتيمم لأن الطهارة لم تكمل فيه أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه تيمم قال الشافعي: لا يجزيه في التيمم إلا أن يأتي بالغبار على ما يأتي عليه بالوضوء من وجهه ويديه إلى المرفقين
ID ' ' للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
صفحة : 57
باب التراب الذي يتيمم به ولا يتيمم
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى فتيمموا صعيدا طيبا قال الشافعي: وكل ما وقع عليه اسم صعيد لم تخالطه نجاسة فهو صعيد طيب يتيمم به وكل ما حال عن اسم صعيد لم يتيمم به ولا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار قال الشافعي: فأما البطحاء الغليظة والرقيقة والكثيب الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد وإن خالطه تراب أو مدر يكون له غبار كان الذي خالطه هو الصعيد وإذا ضرب المتيمم عليه بيديه فعلقهما غبار أجزأه التيمم به وإذا ضرب بيديه عليه أو على غيره فلم يعلقه غبار ثم مسح به لم يجزه وهكذا كل أرض سبخها ومدرها وبطحاؤها وغيره فما علق منه إذا ضرب باليد غبار فتيمم به أجزأه وما لم يعلق به غبار فتيمم به لم يجزه وهكذا إن نفض المتيمم ثوبه أو بعض أداته فخرج عليه غبار تراب فتيمم به أجزأه إذا كان التراب دقعاء فضرب فيه المتيمم بيديه فعلقهما منه شيء كثير فلا بأس أن ينفض شيئا إذا بقى في يديه غبار يماس الوجه كله وأحب إلي لو بدأ فوضع يديه على التراب وضعا رفيقا ثم يتيمم به وإن علق بيديه تراب كثير فأمره على وجهه لم يضره وإن علقه شيء كثير فمسح به وجهه لم يجزه أن يأخذ من الذي على وجهه فيمسح به ذراعيه ولا يجزيه إلا أن يأخذ ترابا غيره لذراعيه فإن أمره على ذراعيه عاد فأخذ ترابا آخر ثم أمره على ذراعيه فإن ضرب على موضع من الأرض فيمم به وجهه ثم ضرب عليه أخرى فيمم به ذراعيه فجائز وكذلك إن تيمم من موضعه ذلك جاز لأن ما أخذ منه في كل ضربة غير ما يبقى بعدها قال وإذا حت التراب من الجدار فتيمم به أجزأه وإن وضع يديه على الجدار وعلق بهما غبار تراب فتيمم به أجزأه فإن لم يعلق لم يجزه وإن كان التراب مختلطا بنورة أو تبن رقيق أو دقيق حنطة أو غيره لم يجز التيمم به حتى يكون ترابا محضا قال الشافعي: وإذا حال التراب بصنعة عن أن يقع عليه اسم تراب أو صعيد فتيمم به لم يجز وذلك مثل أن يطبخ قصبة أو يجعل آجرا ثم يدق وما أشبه هذا قال ولا يتيمم بنورة ولا كحل ولا زرنيخ وكل هذا حجارة وكذلك إن دقت الحجارة حتى تكون كالتراب أو الفخار أو خرط المرمر حتى يكون غبارا لم يجز التيمم به وكذلك القوارير تسحق واللؤلؤ وغيره والمسك والكافور والأطياب كلها وما يسحق حتى يكون غبارا مما ليس بصعيد فأما الطين الأرمني والطين الطيب الذي يؤكل فإن دق فتيمم به أجزأه وإن دق الكذان فتيمم به لم يجزه لأن الكذان حجر خوار ولا
صفحة : 58
يتيمم بشب ولا ذريرة ولا لبان شجرة ولا سحالة فضة ولا ذهب ولا شيء غير ما وصفت من الصعيد ولا يتيمم بشيء من الصعيد على المتيمم أنه أصابته نجاسة بحال حتى يعلم أن قد طهر بالماء كما وصفنا من التراب المختلط بالتراب الذي لا جسد له قائم مثل البول وما أشبهه أن يصب عليه الماء حتى يغمره ومن الجسد القائم بأن يزال ثم يصب عليه الماء على موضعه أو يحفر موضعه حتى يعلم أنه لم يبق منه شيء ولا يتيمم بتراب المقابر لاختلاطها بصديد الموتى ولحومهم وعظامهم ولو أصباها المطر لم يجز التيمم بها لأن اليت قائم فيها لا يذهبه الماء إلا كما يذهب التراب وهكذا كل ما اختلط بالتراب من الأنجاس مما يعود فيه كالتراب وإذا كان التراب مبلولا لم يتيمم به لأنه حينئذ طين ويتيمم بغبار من أين كان فإن كانت ثيابه ورجله مبلولة استجف من الطين شيئا على بعض أداته أو جسده فإذا جف حته ثم يتيمم به لا يجزيه غير ذلك وإن لطخ وجهه بطين لم يجزه من التيمم لأنه لا يقع عليه اسم صعيد وهكذا إن كان التراب في سبخة ندية لم يتيمم بها لأنها كالطين لا غبار لها وإن كان في الطين ولم يجف له منه شيء حتى خاف ذهاب الوقت صلى ثم إذا جف الطين تيمم وأعاد الصلاة ولم يعتد بصلاة صلاها لا بوضوء ولا تيمم وإذا كان الرجل محبوسا في المصرفي الحش أو في موضع نجس التراب ولا يجد ماء أو يجده ولا يجد موضعا طاهرا يصلى عليه ولا شيئا طاهرا يفرشه يصلى عليه صلى يومى إيماء وأمرته أن يصلى ولا يعيد صلاته ههنا وإنما أمرته بذلك لأن يقدر على الصلاة بحال فلم أره يجوز عندي أن يمر به وقت صلاة لا يصلى فيها كما أمكنه وأمرته أن يعيد لأنه لم يصل كما يجزيه وهكذا الأسير يمنع والمستكره ومن حيل بينه وبين تأدية الصلاة صلى كما قدر جالسا أو موميا وعاد فصلى مكملا للصلاة إذا قدر ولو كان هذا المحبوس يقدر على الماء لم يكن له إلا أن يتوضأ وإن كان لا تجزيه به صلاته وكذلك لو قدر على شيء يبسطه ليس بنجس لم يكن له إلا أن يبسطه وإن لم يقدر على ما قال فأتى بأي شيء قدر على أن يأتي به جاء به مما عليه وإن كان عليه البدل وهكذا إن حبس مربوطا على خشبة وهكذا إن حبس مربوطا لا يقدر على الصلاة أومأ إيماء ويقضى في كل هذا إذا قدر وإن مات قبل أن يقدر على القضاء رجوت له أن لا يكون عليه مأثم لأنه حيل بينه وبين تأدية الصلاة وقد علم الله تعالى نيته في تأديتها قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر أن رجلا مر على النبي صلى عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه
صفحة : 59
الرجل فرد عليه النبي ﷺ فلما جاوزه ناده النبي ﷺ فقال إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول إني سلمت على النبي ﷺ فلم يرد علي فإذا رأيتني على هذه الحال فلا تسلم علي فإنك إن تفعل لا إرد عليك أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال مررت على النبي ﷺ وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه ثم مسح يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد على أخبرنا إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن النبي ﷺ ذهب إلى بئر جمل لحاجته ثم أقبل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى تمسح بجدار ثم رد عليه السلام قال الشافعي: والحديثان الأولان ثابتان وبهما نأخذ وفيهما وفي الحديث بعدهما دلائل منه أن السلام اسم من أسماء اللع تعالى فإذا رده رسول الله ﷺ قبل التيمم وبعد التيمم في الحضر والتيمم لا يجزي المرء وهو صحيح في الوقت الذي لايكون التيمم فيه طهارة للصلاة دل ذلك على أن ذكر الله عز وجل يجوز والمرء غير طاهر للصلاة قال ويشبه والله تعالى أعلم أن تكون القراءة غير طاهر كذلك لأنها من ذكر الله تعالى قال ودليل على أنه ينبغي لمن مر على من يبول أو يتغوط أن يكف عن السلام عليه في حالته تلك ودليل على أن رد السلام في تلك الحال مباح لأن النبي ﷺ رد في حالته تلك وعلى أن ترك الرد حتى يفارق تلك الحال ويتيمم مباح ثم يرد وليس ترك الرد معطلا لوجوبه ولكن تأخيره إلى التيمم قال وترك رد السلام إلى التيمم يدل على أن الذكر بعد التيمم اختيارا على الذكر قبله وإن كانا مباحين لرد النبي ﷺ قبل التيمم وبعده قال فإن ذهب ذاهب إلى أن يقول لما تيمم النبي ﷺ رد السلام لأنه قد جاز له قلنا بالتيمم للجنازة والعيدين إذا أراد الرجل ذلك وخاف فوتهما قلنا والجنازة والعيد صلاة والتيمم لا يجوز في المصر لصلاة فإن زعمت أنهما ذكر جاز العيد بغير تيمم كما جاز في السلام بغير تيمم
ID ' ' الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
صفحة : 60
باب ما يطهر الأرض وما لا يطهرها
قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال دخل أعرابي المسجد فقال اللهم ارحمني ومحمد ولا ترحم معنا أحدا فقال رسول الله ﷺ لقد تحجرت واسعا قال فما لبث أن بال في ناحية المسجد فكأنهم عجلوا عليه فنهاهم رسول الله ﷺ ثم أمر بذنوب من ماء أو سجل من ماء فأهريق عليه ثم قال النبي ﷺ علموا ويسروا ولا تعسروا قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك يقول بال أعرابي في المسجد فعجل الناس عليه فنهاهم رسول الله ﷺ عنه وقال صبوا عليه دلوا من ماء قال الشافعي: فإذا بيل على الأرض وكان البول رطبا مكانه أو نشفته الأرض وكان موضعه يابسا فصب عليه من الماء ما يغمره حتى يصير البول مستهلكا في التراب والماء جاريا على مواضعه كلها مزيلا لريحه فلا يكون له جسد قائم ولا شيء في معنى جسد من ريح ولا لون فقد طهر وأقل قدر ذلك ما يحيط العلم أنه كالدلو الكبير على بول الرجل وإن كثر وذلك أكثر منه أضعافا لا أشك في أن ذلك سبع مرات أو أكثر لا يطهره شيء غيره قال فإن بال على بول الواحد آخر لم يطهره إلا دلوان وإن بال اثنان معه لم يطهره إلا ثلاثة وإن كثروا لم يطهر الموضع حتى يفرغ عليه من الماء ما يعلم أن قد صب مكان بول كل رجل دلو عظيم أو كبير قال الشافعي: وإذا كان مكان البول خمر صب عليه كما يصب على البول لا يختلفان في قدر ما يصب عليه من الماء فإذا ذهب لونه وريحه من التراب فقط طهر التراب الذي خالطه قال وإذا ذهب لونه ولم يذهب ريحه ففيها قولان أحدهما لا تطهر الأرض حتى يذهب ريحه وذلك أن الخمر لما كانت الرائحة قائمة فيه فهي كاللون والجسد فلا تطهر الأرض حتى يصب عليها من الماء قدر ما يذهبه فإن ذهبت بغير صب ماء لم تطهر حتى يصب عليها من الماء قدر ما يطهر به البول والقول الثاني أنه إذا صب على ذلك من الماء قدر ما يطهرها وذهب اللون والريح ليس بجسد ولا لون فقد طهرت الأرض وإذا كثر ما يصب من الخمر على الأرض فهو ككثرة البول يزاد عليه من الماء كما وصفته يزاد على البول إذا كثر وكل ما كان غير جسد في هذا المعنى لا يخالفه فإن كانت جيفة على وجه الأرض فسال منها ما يسيل من الجيف فأزيل
صفحة : 61
جسدها صب على ما خرج منها من الماء كما وصفته يصب على البول والخمر فإذا صب الماء فلم يوجد له عين ولا لون ولا ريح فهكذا قال وهكذا إذا كانت عليها عذرة أو دم أو جسد نجس فأزيل قال وإذا صب على الأرض شيئا من الذائب كالبول والخمر والصديد وما أشبهه ثم ذهب أثره ولونه وريحه فكان في شمس أو غير شمس فسواء ولا يطهره إلا أن يصب عليه الماء وإن أتى على الأرض مطر يحيط العلم أنه يصيب موضع البول منه أكثر من الماء الذي وصفت أنه يطهره كان لها طهورا وكذلك إن أتى عليها سيل يدوم عليها قليلا حتى تأخذ الأرض منه مثل ما كانت آخذة مما صب عليها ولا أحسب سيلا يمر عليها إلا أخذت منه مثل أو أكثر مما كان يطهرها من ماء يصب عليها فإن كان العلم يحيط بأن سيلا لو مسحها مسحة لم تأخذ منه قدر ما كان يطهرها لم تطهر حتى يصب عليها ما يطهرها وإن صب على الأرض نجسا كالبول فبودر مكانه فحفر حتى لا يبقى في الأرض منه شيء رطب ذهبت النجاسة كلها وطهرت بلا ماء وان يبس وبقى له أثر فحفرت حتى لا يبقى يرى له أثر لم تطهر لأن الأثر لا يكون منه إلا الماء طهر حيث تردد إلا أن يحيط العلم أن قد أى بالحفر على ما يبلغه البول فيطهره فأما كل جسد ومستجسد ثائم من الأنجاس مثل الجيفة والعذرة والدم وما أشبهها فلا تطهر الأرض منه إلا بأن يزول عنها ثم يصب على رطب إن كان منه فيها ما يصب على البول والخمر فإن ذهبت الأجساد في التراب حتى يختلط بها فلا يتميز منها كانت كالمقابر لا يصلى فيها ولا تطهر لأن التراب غير متميز من المحرم المختلط وهكذا كل ما اختلط بما في الكراييس وما أشببه وإذا ذهبت جيفة في الأرض فكان عليها من التراب ما يواريها ولايرطب برطوبة إن كانت منها كرهت الصلاة على مدفنها وإن صلى عليها مصل لم آمره بإعادة الصلاة وهكذا ما دفن من الأنجاس مما لم يختلط بالتراب وإذا ضرب اللبن مما فيه بول لم يصل عليه حتى يصب عليه الماء كما يصب على ما بيل عليه من الأرض وأكره أن يفرش به مسجد أو يبنى به فإن بنى به مسجد أو كان منه جدرانه كرهته وإ صلى إليها مصل لم أكرهه ولم يكن عليه إعادة وكذلك إن صلى في مقبرة أو قبر أو جيفة أمامه وذلك أنه إنما كلف ما يماسه من الأرض وسواء إن كان اللبن الذي ضرب بالبول مطبوخا أو نيئا لا يطهر اللبن بالنار ولا تطهر شيئا ويصب عليه الماء كله كما وصفت لك وإن ضرب اللبن بعظام ميتة أو لحمها أو بدم أو بنجس مستجسد من المحرم لم يصل عليه أبدا طبخ أو لم يطبخ غسل أو لم يغسل لأن الميت جزء قائم فيه ألا ترى أن الميت لو غسل
صفحة : 62
بماء الدنيا لم يطهر ولم يصل عليه إذا كان جسدا قائما ولا تتم صلاة أحد على الأرض ولا شيء يقوم عليه دونها حتى يكون جميع ما يماس جسده منها طاهرا كله فإن كان منها شيء غير طاهر فكان لا يماسه وما ماسه منها طاهر فصلاته تامة وأكره له أن يصلى إلا على موضع طاهر كله وسواء ماس من يديه أو رجليه أو ركبتيه أو جبهته أو أنفه أو أي شيء ماس منه وكذلك سواء ما سقطت عليه ثيابه منه إذا ماس من ذلك شيئا نجسا لم تتم صلاته وكانت عليه الإعادة والبساط وما صلى عليه مثل الأرض إذا قام منه على موضع طاهر وإن كان الباقي منه نجسا أجزأته صلاته وليس هكذا الثوب لو لبس بعض ثوب طاهر وكان بعضه ساقطا عنه والساقط عنه منه غير طاهر لم تجزه صلاته لأنه يقال له لابس لثوب ويزول فيزول بالثوب معه إذا كان قائما على الأرض فحظه منها ما يماسه وإذا زال لم يزل بها وكذلك ما قام عليه سواها وإذا استيقن الرجل بأن قد ماس بعد الأرض نجاسة أحببت أن يتنحى عنه حتى يأتى موضعا لا يشك أنه لم تصبه نجاسة وإن لم يفعل أجزأ عنه حيث صلى إذا لم يستيقن فيه النجاسة وكذلك إن صلى في موضع فشك أصابته نجاسة أم لا أجزأته صلاته والأرض على الطهارة حتى يستقين فيها النجاسة
ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
صفحة : 63
باب ممر الجنب والمشرك على الأرض ومشيهما عليها
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا قال الشافعي: فقال بعض أهل العلم بالقرآن في قول الله عز وجل ولا جنبا إلا عابري سبيل قال لا تقربوا مواضع الصلاة وما أشبه ما قال بما قال لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد فلا بأس أن يمر الجنب في المسجد مارا ولا يقيم فيه لقول الله عز وجل ولا جنبا إلا عابري سبيل قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عثمان بن أبي سليما أن مشركي قريش حين أتوا المدينة في فداء أسراهم كانوا يبيتون في المسجد منهم جبير بن مطعم قال جبير فكنت أسمع قراءة النبي ﷺ قال الشافعي: ولا بأس أن يبيت المشرك في كل مسجد إلا المسجد الحرام فإن الله عز وجل يقول إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا فلا ينبغي لمشرك أن يدخل الحرم بحال قال وإذا بات المشرك في المساجد غير المسجد الحرام فكذلك المسلم فإن ابن عمر يروي أنه كان يبيت في المسجد زمان رسول الله ﷺ وهو أعزب ومساكين الصفة قال ولا تنجس الأرض بممر حاض ولا جنب ولا مشرك ولا ميتته لأنه ليس في الأحياء من الآدميين نجاسة وأكره للحائض تمر في المسجد وإن مرت به لم تنجسه
ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
صفحة : 64
باب ما يوصل بالرجل والمرأة
قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا كسر للمرأة عظم فطار فلا يجوز أن ترقعه إلا بعظم ما يؤكل لحمه ذكيا وكذلك إن سقطع سنه صرت ميتة فلا يجوز له أن يعيدها بعد ما بانت فلا يعيد سن شيء غير سن ذكي يؤكل لحمه وإن رقع عظمه بعظم ميتة أو ذكي لا يؤكل لحمه أو عظم إنسان فهو كالميتة فعليه قلعه وإعادة كل صلاة صلاها وهو عليه فإن لم يقلعه جبره السلطان على قلعه فإن لم يقلع حتى مات لم يقلع بعد موته لأنه صار ميتا كله والله حسيبه وكذلك سنه إذا ندرت فإن اعتلت سنه فربطها قبل أن تندر فلا بأس لأنها لا تصير ميتة حتى تسقط قال ولا بأس أن يربطها بالذهب لأنه ليس لبس ذهب وإنه موضع ضرورة وهو يروى عن النبي ﷺ في الذهب ما هو أكثر من هذا يروى أن أنف رجل قطع بالكلاب فاتخذ أنفا من فضة فشكى إلى النبي ﷺ نتنه فأمره النبي ﷺ أن يتخذ أنفا من ذهب قال وإن أدخل دما تحت جلده فثبت عليه فعليه أن يخرج ذلك الدم ويعيد كل صلاة صلاها بعد إدخاله الدم تحت جلده قال ولا يصلى الرجل والمرأة واصلين شعر إنسان بشعورهما ولا شعره بشعر شيء لا يؤكل لحمه ولا شعر شيء يؤكل لحمه إلا أن يؤخذ منه شعره وهو حي فيكون في معنى الذكي كما يكون اللبن في معنى الذكى أو يؤخذ بعد ما يذكى ما يؤكل لحمه فتقع الذكاة على كل حي منه وميت فإن سقط من شعرهما شيء فوصلاه بشعر إنسان أو شعورهما لم يصليا فيه فإن فعلا فقد قيل يعيدان وشعور الآدميين لا يجوز أن يستمتع من الآدميين كما يستمتع به من البهائم بحال لأنها مخالفة لشعور ما يكون لحمه ذكيا أو حيا قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت أتت امرأة إلى النبي ﷺ فقالت يا رسول الله إن بنتا لي أصابتها الحصبة فتمزق شعرها أفأصل فيه فقال رسول الله ﷺ لعنت الواصلة والموصلة قال الشافعي: فإذا ذكى الثعلب والضبع صلى في جلودهما وعلى جلودهما شعورهما لأن لحومهما تؤكل وكذلك إذا أخذ من شعورهما وهما حيان صلى فيهما وكذلك جميع ما أكل لحمه يصلى في جلده إذا ذكى وفي شعره وريشه إذا أخذ منه وهو حي فأما ما لا يؤكل لحمه فما أخذ من شعره حيا أو مذبوحا فصلى فيه أعيدت الصلاة من قبل أنه غير ذكي في الحياة وأن
صفحة : 65
الذكاة لا تقع على الشعر لأن ذكاته وغير ذكاته سواء وكذلك إن دبغ لم يصل له في شعر ذي شعر منه ولا ريش ذي ريش لأن الدباغ لا يطهر شعرا ولا ريشا ويطهر الإهاب لأن الإهاب غير الشعر والريش وكذلك عظم ما لا يؤكل لحمه لا يطهره دباغ ولا غسل ذكيا كان أو غير ذكي
باب طهارة الثياب
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل وثيابك فطهر فقيل يصلى في ثياب طاهره وقيل غير ذلك والأول أشبه لأن رسول الله ﷺ أمر أن يغسل دم الحيض من الثورب فكل ثوب جهل من ينسجه أنسجه مسلم أو مشرك أو وثني أو مجوسي أو كتابي أولبسه وحد من هؤلاء أو صبي فهو على الطهارة حتى يعلم أن فيه نجاسة وكذلك ثبا الصبيان لأن رسول الله ﷺ وهو حامل أمامة بنت أبي العاص وهي صبية عليها ثوب صبي والأختيار أن لا يصلى في ثوب مشرك ولا سراويل ولا إزار ولا رداء حتى يغسل من غير أن يكون واجبا وإذا صلى رجل في ثوب مشرك أو مسلم ثم علم أنه كان نجسا أعاد ما صلى فيه وكل ما أصاب الثوب من غائط رطب أو بول أو دم أو خمر أو محرم ما كان فاستيقنه صاحبه وأدركه طرفه أو لم يدركه فعليه غسله وإن أشكل عليه موضعه لم يجزه إلا غسل الثورب كله ما خلا الدم والقيح والصديد وماء القرح فإذا كان الدم لمعة مجتمعة وإن كانت أقل من موضع دينار أو فلس وجب عليه غسله لأن النبي ﷺ أمر بغسل دم الحيض وأقل ما يكون دم الحيض في المعقول لمعة وإذا كان يسيرا كدم البراغيث وما أشبهه لم يغسل لأن العامة أجازت هذا قال الشافعي: والصديد والقيح وماء القرح أخف منه ولا يغسل من شيء منه إلا ما كان لمعة وقد قيل إذا لزم القرح صاحبه لم يغسله إلا مرة والله سبحانه وتعالى أعلم
ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
صفحة : 66
باب المنى
قال الشافعي: رحمه الله تعالى بدأ الله جل وعز خلق آدم من ماء وطين وجعلهما معا طهارة وبدأ خلق ولده من ماء دافق فكان في ابتدائه خلق آدم من الطهارتين اللتين هما الطهارة دلالة أن لا يبدأ خلق غيره إلا من طاهر لا من نجس ودلت سنة رسول الله ﷺ على مثل ذلك قال الشافعي: أخبرنا عمرو ابن أبي سلمة عن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله ﷺ قال الشافعي: والمني ليس بنجس فإن قيل فلم يفرك أو يمسح قيل كا يفرك المخاط أو البصاق أوالطين والشيء من الطعام يلصق بالنوب تنظيفا لا تنجيسا فإن صلى فيه قبل أن يفرك أو يمسح فلا بأس ولا ينجس شيء منه من ماء ولا غيره أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي: إملاء كل ما خرج من ذكر من رطوبة بول أو مذي أو ودي أو ما لا يعرف فهو نجس كله ما خلا المنى والمني الثخين الذي يكون منه الولد الذي يكون له رائحة كرائحة الطلع ليس لشيء يخرج من ذكر رائحة طيبة غيره وكل ما مس ما سوى المنى مما خرج من ذكر من ثوب أو جسد أو غيره فهو ينجسه وقليله وكثيره سواء فإن استيقن أنه أصابه غسله ولا يجزئه غير ذلك فإن لم يعرف موضعه غسل الثوب كله وإن عرف الموضع ولم يعرف قدر ذلك غسل الموضع وأكثر منه وإن صلى في الثوب قبل أن يغسله عالما أو جاهلا فسواء إلا في المأثم فإنه يأثم بالعلم ولا يأثم في الجهل وعليه أنا يعيد صلاته ومتى قلت يعيد فهو يعيد الدهر كله لأنه لا يعدو إذا صلى أن تكون صلاته مجزئة عنه فلا إعادة عليه فيما أجزأ عنه في وقت ولا غيره أو لا تكون مجزئه عنه بأن تكون فاسدة وحكم من صلى صلاة فاسدة حكم من لم يصل فيعيد في الدهر كله وإنما قلت في المني إنه لا يكون نجسا خبر عن رسول الله ﷺ ومعقولا فإن قال قائل ما الخبر قلت أخبرنا سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن عائشة قالت كنت أفرك المنى من ثوب رسول اله ﷺ ثم يصلى فيهقال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد ابن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة أو الأسود شك الربيع عن عائشة قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله ﷺ ثم يصلى فيه
صفحة : 67
قال الربيع وحدثنا يحيى بن حسان قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما يخبر عن عطاء عن ابن عباس أنه قال في المنى يصيب الثوب أمطه عنك قال أحدهما بعود أو إذخرة وإنما هو بمتنزلة البصاق أو المخاط قال الشافعي: أخبرنا الثقة عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد قال أخبرني مصعب بن سعيد بن أبي وقاص عن أبيه أنه كان إذا أصاب ثوبه المنى إن كان رطبا مسحه وإن قال الشافعي: فإن قال قائل فما المعقول في أنه ليس بنجس فإن الله عز وجل بدأ خلق آدم من ماء وطين وجعلهما جميعا طهارة الماء والطين في حال الإعواز من الماء طهارة وهذا أكثر ما يكون في خلق أن يكون طاهرا وغير نجس وقد خلق الله تبارك وتعالى بني آدم من الماء الدافق فكان جل ثناؤه أعز وأجل من أن يتبديء خلقا من نجس مع ما وصفت مما دلت عليه سنة رسول الله ﷺ والخبر عن عائشة وابن عباس وسعد بن أبي وقاص مع ما وصفت مما يدركه العقل من أن ريحه وخلقه مباين خلق ما يخرج من ذكر وريحه فإن قال قائل فإن بعض أصحاب النبي ﷺ قال اغسل ما رأيت وانضح ما لم تر فكلنا نغسله بغير أن نراه نجسا ونغسل الوسخ والعرق وما لا نراه نجسا ولو قال بعض أصحاب النبي ﷺ إنه نجس لم يكن في قول أحد حجة مع رسول الله ﷺ ومع ما وصفنا مما سوى ما وصفنا مما سوى ما وصفنا مع المعقول وقول من سمينا من أصحاب رسول الله ﷺ فإن قال قائل فقد يؤمر بالغسل منه قلنا الغسل ليس من نجاسة ما يخرج إنما الغسل شيء تبعد الله به الخلق جل وعز فإن قال قائل ما دل على ذلك قيل أرأيت الرجل إذا غيب ذكره في الفرج الحلال ولم يأت منه ماء فأوجبت عليه الغسل وليست في الفرج نجاسة وإن غيب ذكره في دم خنزير أو خمر أو عذرة وذلك كله نجس أيجب عليه الغسل فإن قال لا قيل فالغسل إن كان إنما يجب من نجاسة كان هذا أولى أن يجب عليه الغسل مرات ومرات من الذي غيبه في حلال نظيف ولو كان يكون لقذر ما يخرج منه كان الخلاء والبول أقذر منه ثم ليس يجب عليه غسل موضعهما الذي خرجا منه ويكفيه من ذلك المسح بالحجارة ولا يجزئه في وجهه ويديه ورجليه ورأسه إلا الماء ولا يكون عليه غسل فخذيه ولا أليتيه سوى ما سميت ولو كان كثرة الماء إنما تجب لقذر ما يخرج كان هذان أقذر وأولى أن يكون على
صفحة : 68
صاحبهما الغسل مرات وكان مخرجهما أولى بالغسل من الوجه الذي لم يخرجا منه ولكن إنما أمرنا بالوضوء لمعنى تعبد ابتلى الله به طاعة العباد لينظر من يطيعه منهم ومن يعصيه لا على قذر ولا نظافة ما يخرج فإن قال قائل فإن عمرو بن ميمون روى عن أبيه عن سليمان بن يسار عن عائشة أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله ﷺ قلنا هذا إن جعلناه ثابتا فليس بخلاف لقولها كنت أفركه من ثوب رسول الله ﷺ ثم يصلى فيه كما لا يكون غسله قدميه عمره خلافا لمسحه على خفيه يوما من أيامه وذلك أنه إذا مسح علمنا أنه تجزيء الصلاة بالمسح وتجزيء الصلاة بالغسل وكذلك تجزيء الصلاة بحته وتجزيء الصلاة بغسله لا أن واحدا منهما خلاف الآخر مع أن هذا ليس بثابت عن عائشة هم يخافون فيه غلط عمرو بن ميمون إنما هو رأي سليمان بن يسار كذا حفظه عنه الحفاظ أنه قال غسله أحب إلي وقد روى عن عائشة خلاف هذا القول ولم يسمع سليمان علمناه من عائشة حرفا قط ولو رواه عنها كان مرسلا قال الشافعي: رضى الله عنه وإذا استيقن الرجل أن قد أصابت النجاسة ثوبا له فصلى فيه ولا يدري متى أصابته النجاسة فإن الواجب عليه إن كان يستيقن شيئا أن يصلى ما استيقن وإن كان لا يستيقن تأخى حتى يصلى ما يرى أنه قد صلى كل صلاة صلاها وفي ثوبه النجس أو أكثر منها ولا يلزمه إعادة شيء إلا ما استيقن والفتيا والاختيار له كما وصفت والثوب والجسد سواء ينجسهما ما أصابهما والخف والنعل ثوبان فإذا صلى فيهما وقد أصابتهما نجاسة رطبة ولم يغسلها أعاد فإذا أصابتهما نجاسة يابسة لا رطوبة فيها فحكهما حتى نظفا وزالت النجاسة عنهما صلى فيهما فإن كان الرجل في سفر لا يجد الماء إلا قليلا فأصاب ثوبه نجس غسل النجس وتيمم إن لم يجد ما يغسل النجاسة تيمم وصلى وأعاد إذا لم يغسل النجاسة من قبل أن الأنجاس لا يزيلها إلا الماء فإن قال قائل فلم طهره التراب من الجنابة ومن الحدث ولم يطهر قليل النجاسة التي ماست عضوا من أعضاء الوضوء أو غير أعضائه قلنا إن الغسل والوضوء من الحدث والجنابة ليس لأن المسلم نجس ولكن المسلم متعبد بهما وجعل التراب بدلا للطهارة التي هي تعبد ولم يجعل بدلا في النجاسة التي غسلها لمعنى لا تعبدا إنما معناها أن تزال بالماء ليس أنها تعبد بلا معنى ولو أصابت ثوبه نجاسة ولم يجد ماء لغسله صلى عريانا ولا يعيد ولم يكن له أن يصلى في ثوب نجس بحال وله أن يصلى في الإعواز من الثوب الطاهر عريانا قال وإذا
صفحة : 69
كان مع الرجل الماء وأصابته نجاسة لم يتوضأ به وذلك أن الوضوء به إنما يزيده نجاسة وإذا كان مع الرجل ماءان أحدهما نجس والآخر طاهر ولا يخلص النجس من الطاهر تأخى وتوضأ بأحدهما وكف عن الوضوء من الآخر وشربه إلا أن يضطر إلى شربه فإن اضطر إلى شربه شربه وإن اضطر إلى الوضوء به لم يتوضأ به لأنه ليس عليه في الوضوء وزر ويتيمم وعليه في خوف الموت ضرورة فيشبره إذا لم يجد غيره ولو كان في سفر أو حضر فتوضأ من ماء نجس أو كان على وضوء فمس ماء نجسا لم يكن له أن يصلى وإن صلى كان عليه أن يعيد بعد أن يغسل ما ماس ذلك الماء من جسده وثيابه
كتاب الحيض
اعتزال الرجل امرأته حائضا وإتيان المستحاضة
أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض قال الشافعي: وأبان عز وجل أنها حائض غير طاهر وأمر أن لا تقرب حائض حتى تطهر ولا إذا طهرت حتى تتطهر بالماء وتكون ممن تحل لها الصلاة ولا يحل لامريء كانت امرأته حائضا أن يجامعها حتى تطهر فإن الله تعالى جعل التيمم طهارة إذا لم يوجد الماء أو كان المتيمم مريضا ويحل لها الصلاة بغسل إن وجدت ماء أو تيمم إن لم تجده قال الشافعي: فلما أمر الله تعالى باعتزال الحيض وأباحهن بعد الطهر والتطهير ودلت السنة على أن المستحاضة تصلى دل ذلك على أن لزوج المستحاضة إصابتها إن شاء الله تعالى لأن الله أمر باعتزالهن وهن غير طواهر وأباح أن يؤتين طواهر
ID ' ' الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 70
باب ما يحرم أن يؤتى من الحائض
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال بعض أهل العلم بالقرآن في قوله الله عز وجل فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمريكم الله أن تعتزلوهن يعنى من مواضع المحيض قال الشافعي: وكانت الآية محتملة لما قال ومحتملة أن اعتزالهن اعتزال جميع أبدانهنقال الشافعي: ودلت سنة رسول الله ﷺ على اعتزال ما تحت الإزار منها وإباحة ما سوى ذلك منها
باب ترك الحائض الصلاة
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض الآية قال الشافعي: فكان بينا في قول الله عز وجل حتى يطهرن بأنهن حيض في غير حال الطهارة وقضى الله على الجنب أن لا يقرب الصلاة حتى يغتسل وكان بينا أن لا مدة لطهارة الجنب إلا الغسل وأن لا مدة لطهارة الحائض إلا ذهاب الحيض ثم الاغتسال لقوله الله عز وجل حتى يطهرن وذلك بانقضاء الحيض فإذا تطهرن يعني بالغسل فإن السنة تدل على أن طهارة الحائض بالغسل ودلت سنة رسول الله ﷺ على بيان ما دل عليه كتاب الله تعالى من أن لا تصلى الحائض أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله ﷺ فقال افعلى كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت خرجنا مع النبي ﷺ في حجة لا نراه إلا الحج حتى إذا كنا بسرف أو قريبا منها حضت فدخل علي رسول الله ﷺ وأنا أبكى فقال ما بالك أنفست قلت نعم قال إن هذا أمر كتبه الله تعالى على بنات آدم فاقضى ما يقضى الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري قال الشافعي: وأمر رسول الله ﷺ عائشة أن لا تطوف بالبيت حتى تطهر فدل على أن لا تصلى حائضا لأنها غير طاهر ما كان الحيض قائما وكذلك قال الله عز وجل حتى يطهرن .
صفحة : 71
باب أن لا تقضى الصلاة حائض
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين قال الشافعي: فلما لم يرخص رسول الله ﷺ في أن تؤخر الصلاة في الخوف وأرخص أن يصليها المصلى كما أمكنه راجلا أو راكبا وقال إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا قال الشافعي: وكان من عقل الصلاة من البالغين عاصيا بتركها إذا جاء وقتها وذكرها وكان غير ناس لها وكانت الحائض بالغة عاقلة ذاكرة للصلاة مطيقة لها فكان حكم الله عز وجل لا يقربها زوجها حائضا ودل حكم رسول الله ﷺ على إنه إذا حرم على زوجها أن يقربها للحيض حرم عليها أن تصلى كان في هذا دلائل على أن فرض الصلاة في أيام الحيض زائل عنها فإذا زال عنها وهي ذاكرة عاقله مطيقة لم يكن عليها قضاء الصلاة وكيف تقضي ما ليس بفرض عليها بزوال فرضه عنها قال وهذا مما لا أعلم فيه مخالفا قال الشافعي: والمعتوه والمجنون لا يفيق والمغمى عليه في أكثر من حال الحائض من أنهم لا يعقلون وفي أن الفرائض عنهم زائلة ما كانوا بهذه الحال كما الفرض عنها زائل ما كانت حائضا ولا يكون على واحد من هؤلاء قضاء الصلاة ومتى أفاق واحد من هؤلاء أو طهرت حائض في وقت الصلاة فعليهما أن يصليا لأنهما ممن عليه فرض الصلاة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله ﷺ إني لا أطهر أفأدع الصلاة فقال رسول الله ص إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش قالت كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فجئت إلى رسول الله ﷺ أستفتيه فوجدته في بيت أختى زينب فقلت يا رسول الله إن لي إليك حاجة وأنه لحديث ما منه بد وأني لأستحيي منه قال فما هو يا هنتاه قالت أني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى
صفحة : 72
فيها فقد منعتني الصلاة والصوم فقال النبي ﷺ فإني أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم قالت هو أكثر من ذلك قال فتلجمي قالت هو أكثر من ذلك قال فاتخذي ثوبا قالت هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا قال النبي ﷺ سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأك عن الآخر فإن قويت عليهما فأنت أعلم قال لها إنما هي ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله تعالى ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعا وعشرين ليلة وأيامها أو ثلاثا وعشرين وأيامها وصومي فإنه يجزئنك وهكذا افعلى في كل شهر كما تحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن ومن غير هذا الكتاب وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر وتغتسلي حتى تطهري ثم تصلي الظهر والعصر ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين وتغتسلين مع الفجر قال الشافعي: هذا يدل على أنها تعرف أيام حيضها ستا أو سبعا فلذلك قال لها رسول الله ﷺ وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلي حتى تطهري ثم تصلى الظهر والعصر جميعا ثم تؤخري المغرب وتعجلي العشاء ثم تغتسلي وتجمعي بين المغرب والعشاء فافعلي وتغتسلين عند الفجر ثم تصلين الصبح وكذلك فافعلي وصومي إن قويت على ذلك وقال هذا أحب الأمرين إلى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي ﷺ أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله ﷺ فاستفتت لها أم سلمة رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا فعلت ذلك فلتغتسل ولتستثفر ثم تصلى قال الشافعي: فبهذه الأحاديث الثلاثة نأخذ وهي عندنا متفقة فيما اجتمعت فيه وفي بعضها زيادة على بعض ومعنى غير معنى صاحبه وحديث عائشة عن النبي ﷺ يدل على أن فاطمة بنت أبي حبيش كان دم استحاضتها منفصلا من دم حيضها لجواب النبي ﷺ وذلك أنه قال فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي قال الشافعي: فنقول إذا كان الدم ينفصل فيكون في أيام أحمر قانئا ثخينا محتدما وأياما رقيقا
صفحة : 73
إلى الصفرة أو رقيقا إلى القلة فأيام الدم الأحمر القاني المحتدم الثخين أيام الحيض وأيام الدم الرقيق أيام الاستحاضة قال الشافعي: ولم يذكر في حديث عائشة الغسل عند تولى الحيضة وذكر غسل الدم فأخذنا بإثبات الغسل من قول الله عز وجل ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى الآية قال الشافعي: فقيل والله تعالى أعلم يطهرن من الحيض فإذا تطهرن بالماء الغسل وفي حديث حمنة بنت جحش فأمرها في الحيض أن تغتسل إذا رأت أنها طهرت ثم أمرها في حديث حمنة بالصلاة فدل ذلك على أن لزوجها أن يصيبها لأن الله تبارك وتعالى أمر باعتزالها حائضا وأذن في إيتانها طاهرا فلما حكم النبي ﷺ للمستحاضة حكم الطهارة في أن تغتسل وتصلى دل ذلك على أن لزوجها أن يأتيها قال وليس عليها إلا الغسل الذي حكمه الطهر من الحيض بالسنة وعليها الوضوء لكل صلاة قياسا على السنة في الوضوء بما خرج من دبر أو فرج مما له أثر أو لا أثر له قال الشافعي: وجواب رسول الله ﷺ لأم سلمة في المستحاضة يدل على أن المرأة التي سألت لها أم سلمة كانت لا ينفصل دمها فأمرها أن تترك الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصبها الذي أصابها قال الشافعي: وفي هذا دليل على أن لا وقت للحيضة إذا كانت المرأة ترى حيضا مستقيما وطهرا مستقيما وإن كانت المرأة حائضا يوما أو أكثر فهو حيض وكذلك إن جاوزت عشرة فهو حيض لأن النبي ﷺ أمرها أن تترك الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن ولم يقل إلا أن يكون كذا وكذا أي تجاوز كذا قال الشافعي: وإذا اتبدأت المرأة ولم تحض حتى حاضت فطبق الدم عليها فإن كان دمها ينفصل فأيام حيضها أيام الدم الثخين الأحمر القاني المحتدم وأيام استحاضتها أيام الدم الرقيق فإن كان لا ينفصل ففيها قولان أحدهما أن تدع الصلاة ستا أو سبعا ثم تغتسل وتصلى كما يكون الأغلب من حيض النساء قال ومن ذهب إلى جملة حديث حمنة بنت جحش وقال لم يذكر في الحديث عدد حيضها فأمرت أن يكون حيضها ستا أو سبعا والقول الثاني أن تدع الصلاة أقل ما علم من حيضهن وذلك يوم وليلة ثم تغتسل وتصلى ولزوجها أن يأتيها ولو احتاط فتركها وسطا من حيض النساء أو أكثر كان أحب إلي ومن قال بهذا قال إن حمنة وإن لم يكن في
صفحة : 74
حديثها ما نص أن حيضها كان ستا أو سبعا فقد يحتمل حديثها ما احتمل حديث أم سلمة من أن يكون فيه دلالة أن حيضها كان ستا أو سبعا لأن فيه أن رسول الله ﷺ قال فتحيضي ستا أو سبعا ثم اغتسلي فإذا رأيت أنك قد طهرت فصلي فيحتمل إذا رأت أنها قد طهرت بالماء واستنقت من الدم الأحمر القاني قال وإن كان يحتمل طهرت واستنقت بالماء قال فقد علمنا أن حمنة كانت عند طلحة وولدت له وأنها حكت حين استنقت ذكرت أنها تثج الدم ثجا وكان العلم يحيط أن طلحة لا يقربها في هذه الحال ولا تطيب هي نفسها بالدنو منه وكان مسألتها بعد ما كانت زينب عنده دليلا محتملا على أنه أول ما ابتليت بالاستحاضه وذلك بعد بلوغها بزمان فدل على أن حيضها كان يكون ستا أو سبعا فسألت النبي ﷺ وشكت أنه كان ستا أو سبعا فأمرها إن كان ستا أن تتركه ستا وإن كان سبعا أن تتركه سبعا وذكرت الحديث فشكت وسألته عن ست فقال لها ست أو عن سبع فقال لها سبع وقال كما تحيض النساء إن النساء يحضن كما تحيضين قال الشافعي: قول رسول الله ﷺ تحيضي ستا أو سبعا في علم الله يحتمل أن علم الله ست أو سبع تحيضين قال وهذا أشبه معانيه والله تعالى أعلم قال وفي حديث حمنة أن رسول الله ﷺ قال لها إن قويت فاجمعي بين الظهر والعصر بغسل وبين المغرب والعشاء بغسل وصلى الصبح بغسل وأعلمها أنه أحب الأمرين إليه لها وأنه يجزيها الأمر الأول من أن تغتسل عند الظهر من المحيض ثم لم يأمرها بغسل بعده فإن قال قائل فهل روى هذا أحد أنه أمر المستحاضة بالغسل سوى الغسل الذي تخرج به من حكم الحيض فحديث حمنة يبين أنه اختيار وأن غيره يجزي منه قال الشافعي: وإن روى في المستحاضة حديث مستغلق ففي إيضاح هذه الأحاديث دليل على معناه والله تعالى أعلم فإن قال قائل فهل يروى في المستحاضة شيء غير ما ذكرت قيل له نعم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد أنه سمع ابن شهاب يحدث عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله ﷺ واستفتته فيه قالت عائشة فقال لها رسول الله ﷺ ليست تلك الحيضة وإنما ذلك عرق فاغتسلي وصلى قالت عائشة فكانت تجلس في مركن فيعلوا الماء حمرة الدم ثم تخرج فتصلي
صفحة : 75
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرني الزهري عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة استحيضت فكانت لا تصلى سبع سنين فسألت رسول الله ﷺ فقال إنما هو عرق وليست بالحيضة فأمرها رسول الله ﷺ أن تغتسل وتصلي فكانت تغتسل لكل صلاة وتجلس في المركن فيعلوه الدم فإن قال فهذا حديث ثابت فهل يخالف الأحاديث التي ذهبت إليها قلت لا إنما أمرها رسول الله ﷺ أن تغتسل وتصلي وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة فإن قال ذهبنا إلى أنها لا تغتسل لكل صلاة إلا وقد أمرها بذلك ولا تفعل إلا ما أمرها قيل له أفترى أمرها أن تستنقع في مركن حتى يعلو الماء حمرة الدم ثم تخرج منه فتصلي أو تراها تطهر بهذا الغسل قال ما تطهر بهذا الغسل الذي يغشى جسدها فيها حمرة الدم ولا تطهر حتى تغسله ولكن لعلها تغسله قلت أفأبين لك أن استنقاعها غير ما أمرت به قال نعم قلت فلا تنكر أن يكون غسلها ولا أشك إن شاء الله تعالى أن غسلها كان تطوعا غير ما أمرت به وذلك واسع لها ألا ترى أنه يسعها أن تغتسل ولو لم تؤمر بالغسل قال بلى قال الشافعي: وقد روى غير الزهرى هذا الحديث أن النبي ﷺ أمرها أن تغتسل لكل صلاة ولكن رواه عن عمرة بهذا الإسناد والسياق والزهري أحفظ منه وقد روى فيه شيئا يدل على أن الحديث غلط قال تترك الصلاة قدر أقرائها وعائشة تقول الأقراء الأطهار قال أفرأيت لو كانت تثبت الروايتان فإلى أيهما تذهب قلت إلى حديث حمنة بنت جحش وغيره مما أمرن فيه بالغسل عند انقطاع الدم ولو لم يؤمرن به عند كل صلاة قال الشافعي: فإن قال فهل من دليل غير الخبر قيل نعم قال الله عز وجل ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى إلى قوله فإذا تطهرن فدلت سنة رسول الله ﷺ أن الطهر هو الغسل وأن الحائض لا تصلى والطاهر تصلى وجعلت المستحاضة في معنى الطاهر الصلاة فلم يجز أن تكون في معنى طاهر وعليها غسل بلا حادث حيضة ولا جنابة قال أما إنا فقد روينا أن النبي ﷺ أمر المستحاضة تتوضأ لكل صلاة قلت نعم قد رويتم ذلك وبه نقول قياسا على سنة رسول الله ﷺ ولو كان محفوظا عندنا كان أحب إلينا من القياس.
ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
صفحة : 76
باب الخلاف في المستحاضة
قال الشافعي: رحمه الله تعالى فقال لي قائل تصلى المستحاضة ولا يأتيها زوجها وزعم لي بعض من يذهب مذهبه أن حجته فيه أن الله تبارك وتعالى قال ويسئلونك عن المحيض قل هو قال الشافعي: فقيل له حكم الله عز وجل في أذى المحيض أن تعتزل المرأة ودلت سنة رسول الله ﷺ على أن حكم الله عز وجل أن الحائض لا تصلى فدل حكم الله وحكم رسوله ﷺ أن الوقت الذي أمر الزوج باجتناب المرأة فيه للمحيض الوقت الذي أمرت المرأة فيه إذا انقضى المحيض بالصلاة قال نعم فقيل له فالحائض لا تطهر وإن اغتسلت ولا يحل لها أن تصلى ولا تمس مصحفا قال نعم فقيل له فحكم رسول الله ﷺ يدل على أن حكم أيام الاستحاضة حكم الطهر وقد أباح الله للزوج الإصابة إذا تطهرت الحائض ولا أعلمك إلا خالفت كتاب الله في أن حرمت ما أحل الله من المرأة إذا تطهرت وخالفت سنة رسول الله ﷺ بأنه حكم بأن غسلها من أيام المحيض تحل به الصلاة في أيام الاستحاضة وفرق بين الدمين بحكمه وقوله في الاستحاضة إنما ذلك عرق وليس بالحيضة قال هو أذى قلت فبين إذا فرق النبي ﷺ بين حكمه فجعلها حائضا في أحد الأذيين يحرم عليها الصلاة وطاهرا في أحد الأذيين يحرم عليها ترك الصلاة وكيف جمعت ما فرق بينه رسول الله ﷺ قال الشافعي: وقيل له أتحرم لو كانت خلقتها أن هنالك رطوبة وتغير ريح مؤذية غير دم قال لا وليس هذا أذى المحيض قلت ولا أذى الاستحاضة أذى المحيض قال الشافعي: رحمه الله تعالى وخالفنا بعض الناس في شيء من المحيض والمستحاضة وقال لا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيام فإن امرأة رأت الدم يوما أو يومين أو بعض يوم ثالث ولم تستكمله فليس هذا بحيض وهي طاهر تقضي الصلاة فيه ولا يكون الحيض أكثر من عشرة أيام فما جاوز العشرة بيوم أو أقل أو أكثر فهو استحاضة ولا يكون بين حيضتين أقل من خمسة عشر قال الشافعي: فقيل لبعض من يقول هذا القول أرأيت إذا قلت لا يكون شيء وقد أحاط العلم أنه يكون أتجد قولك لا يكون إلا خطأ عمدته فيجب أن تأثم به أو تكون غباوتك شديدة ولا يكون لك أن تقول في العلم قال لا يجوز إلا ما قلت إن لم تكن فيه حجة أو تكون قلت قد رأيت امرأة أثبت لي عنها أنها لم تزل تحيض يوما ولا تزيد عليه وأثبت لي عن نساء أنهن لم يزلن يحضن
صفحة : 77
أقل من ثلاث وعن نساء أنهن لم يزلن يحضن خمسة عشر يوما وعن امرأة أو أكثر أنها لم تزل تحيض ثلاث عشرة فكيف زعمت أنه لا يكون ما قد علمنا أنه يكون قال الشافعي: فقال إنما قلته لشيء قد رويته عن أنس بن مالك فقلت له أليس حديث الجلد ابن أيوب فقال بلى فقلت فقد أخبرني ابن علية عن الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك أنه قال قرء المرأة أو قرء حيض المرأة ثلاث أو أربع حتى انتهى إلى عشر فقال لي ابن علية الجلد بن أيوب أعرابي لا يعرف الحديث وقال لي قد استحيضت امرأة من آل أنس فسئل ابن عباس عنها فأفتى فيها وأنس حي فكيف يكون عند أنس ما قلت من علم الحيض ويحتاجون إلى مسئلة غيره فيما عنده فيه علم ونحن وأنت لانثبت حديث عن الجلد ويستدل على غلط من هو أحفظ منه بأقل من هذا وأنت تترك الرواية الثابتة عن أنس فإنه قال إذا تزوج الرجل المرأة وعنده نساء فللبكر المتزوجة سبع وللثيب ثلاث وهو يوافق سنة النبي ﷺ فتدع السنة وقول أنس وتزعم أنك قبلت قول ابن عباس على ما يعرف خلافه قال أفيثبت عندك عن أنس قلت لا ولا عند أحد من أهل العلم بالحديث ولكنى أحببت أن تعلم أني أعلم أنك إنما تتستر بالشيء ليست لك فيه حجة قال فلو كان ثابتا عن أنس بن مالك قلنا ليس بثابت فتسأل عنه قال فأجب على أنه ثابت وليس فيه لو كان ثابتا حرف مما قلت قال وكيف قلت لو كان إنما أخبر أنه قد رأى من تحيض ثلاثا وما بين ثلاث وعشر كان إنما أراد إن شاء الله تعالي أن حيض المرأة كما تحيض لا تنتقل التي تحيض ثلاثا إلى عشر ولا تنتقل التي تخيض عشرا إلى ثلاث وأن الحيض كلما رأت الدم ولم يقل لا يكون الحيض أقل من ثلاث ولا أكثر من عشر وهو إن شاء الله كان أعلم ممن يقول لا يكون خلق من خلق الله لا يدرى لعله كان أو يكون قال الشافعي: ثم زاد الذي يقول هذا القول الذي لا أصل له وهو يزعم أنه لا يجوز أن يقول قائل في حلال أو حرام إلا من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس على واحد من هذا فقال أحدهم لو كان حيض امرأة عشرة معروفة لها ذلك فانتقل حيضها فرأت الدم يوما ثم ارتفع عنها أياما ثم رأته اليوم العاشر من مبتدأ حيضها كانت حائضا في اليوم الأول والثمان التي رأت فيها الطهر واليوم العاشر الذي رأت فيه الدم قال الشافعي: ثم زاد فقال لو كانت المسئلة بحالها إلا أنها رأت الحيض بعد اليوم العاشر خمسا أو عشرا كانت في اليوم الأول والثمانية بعده حائضا ولا أدرى أقال اليوم العاشر وفيما بعده
صفحة : 78
مستحاضة طاهر أو قال فيما بعد العاشر مستحاضة طاهر فعاب صاحبه قوله عليه فسمعته يقول سبحان الله ما يحل لأحد أخطأ بمثل هذا أن يفتى أبدا فجعلها في أيام ترى الدم طاهرا وأيام ترى الطهر حائضا وخالفه في المسألتين فزعم في الأولى أنها طاهر في اليوم الأول والثمانية واليوم العاشر وزعم في الثانية أنها طاهر في اليوم الأول والثمانية بعده حائض في اليوم العاشر وما بعده إلى أن تكمل عشرة أيام ثم زعم أنها لو حاضت ثلاثا أو لا ورأت الطهر أربعا أو خمسا ثم حاضت ثلاثا أويومين كانت حائضا أيام رأت الدم وأيام رأت الطهر وقال إنما يكون الطهر بين الحيضتين حيضا إذا كانت الحيضتان أكثر منه أو مثله فإذا كان الطهر أكثر منهما فليس بحيض قال الشافعي: فقلت له لقد عبت معيبا وما أراك إلا قد دخلت في قريب مما عبت ولا يجوز أن تعيب شيئا ثم تقول به قال إنما قلت إذا كان الدمان اللذان بينهما الطهر أكثر أو مثل الطهر قال الشافعي: فقلت له فمن قال لك هذا قال فبقول ماذا قلت لا يكون الطهر حيضا فإن قلته أنت قلت فمحال لا يشكل أفقلته بخبر قال لا قلت أفبقياس قال لا قلت فمعقول قال نعم إن المرأة لا تكون ترى الدم أبدا ولكنها تراه مرة وينقطع عنها أخرى قلت فهي في الحال التي تصفه منقطعا استدخلت قلت إذا استثفرت شيئا فوجدت دما وإن لم يكن يثج وأقل ذلك أن يكون حمرة أو كدرة فإذا رأت الطهر لم تجد من ذلك شيئا لم يخرج مما استدخلت من ذلك إلا البياض قال فلو رأت ما تقول من القصة البيضاء يوما أو يومين ثم عاودها الدم في أيام حيضها قلت إذا تكون طاهرا حين رأت القصة البيضاء إلى أن تري الدم ولو ساعة قال فمن قال هذا قلت ابن عباس قال إنه ليروى عن ابن عباس قلت نعم ثابتا عنه وهو معنى القرآن والمعقول قال وأين قلت أرأيت إذ أمر الله عز وجل باعتزال النساء في المحيض وأذن بإتيانهن إذا تطهرن عرفت أو نحن المحيض إلا بالدم والطهر إلا بارتفاعه ورؤية القصة البيضاء قال لا قلت أرأيت امرأة كان حيضها عشرة كل شهر ثم انتقل فصار كل شهرين أو كل سنة أو بعد عشر سنين أو صار بعد عشر سنين حيضها ثلاثة أيام فقالت أدع الصلاة في وقت حيضي وذلك عشر في كل شهر قال ليس ذلك لها قلت والقرآن يدل على أنها حائض إذا رأت الدم وغير حائض إذا لم تره قال نعم قلت وكذلك المعقول قال نعم قلت فلم لا تقول بقولنا تكون قد وافقت القرآن والمعقول فقال بعض من حضره بقيت خصلة هي التي تدخل عليكم قلت وما هي قال أرأيت إذا حاضت يوما وطهرت يوما عشرة أيام أتجعل هذا حيضا واحدا أو حيضا إذا رأت الدم وطهرا إذا رأت الطهر قلت بل
صفحة : 79
حيضا إذا رأت الدم وطهرا إذا رأت الطهر قال وإن كانت مطلقة فقد انقضت عدتها في ستة أيام قال الشافعي: فقلت لقائل هذا القول ما أدرى أنت في قولك الأول أضعف حجة أم في هذا القول قال وما في هذا القول من الضعف قلت احتجاجك بأن جعلتها مصلية يوما وتاركة للصلاة يوما بالعدة وبين هذا فرق قال فما تقوله قلت لا ولا للصلاة من العدة سبيل قال فكيف ذلك قلت أرأيت المؤيسة من الحيض التي لم تحض والحامل أليس يعتددن ولا يدعن الصلاة حتى تنقضي عدتهن أم لا تخلو عددهن حتى يدعن الصلاة في بعضها أياما كما تدعها الحائض قال بل يعتددن ولا يدعن الصلاة قلت فالمرأة تطلق فيغمى عليها أو تجن أو يذهب عقلها أليس تنقضى عدتها ولم تصل صلاة واحدة قال بلى قلت فكيف زعمت أن عدتها تنقضى ولم تصل أياما وتدع الصلاة أياما قال من ذهاب عقلها وأن العدة ليست من الصلاة قلت أرأيت المرأة التي تحيض حيض النساء وتطهر طهرهن إن اعتدت ثلاث حيض ثم ارتابت في نفسها قال فلا تنكح حتى تستبريء قلت فتكون معتدة لا بحيض ولا بشهور ولكن باستبراء قال نعم إذا آنست شيئا تخاف أن يكون حملا قلت وكذلك التي تعتد بالشهور وإن ارتابت كفت عن النكاح قال نعم قلت لأن البريئة إذا كنت مخالفة غير البريئة قال نعم والمرأة تحيض يوما وتطهر يوما أولى أن تكون مرتابة وغير برية من الحمل ممن سميت وقد عقلنا عن الله عز وجل أن في العدة معنيين براءة وزيادة تعبد بأنه جعل عدة الطلاق ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء وجعل عدة الحامل وضع الحمل وذلك غاية البراءة وفي ثلاثة قروء براءة وتعبد لأن حيضتهن مستقيمة تبريء فعقلنا أن لا عدة إلا وفيها براءة أو براءة وزيادة لأن عدة لم تكن أقل من ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء أو أربعة أشهر وعشرا أو وضع حمل والحائض يوما وطاهر يوما ليست في معنى براءة وقد لزمك بأن أبطلت عدة الحيض والشهور وباينت بها إلى البراءة إذا ارتابت كما زعمت أنه يلزمنا في التي تحيض يوما وتدع يوما
ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
صفحة : 80
باب دم الحيض
قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر قالت سمعت أسماء تقول سألت النبي ﷺ عن دم الحيض يصيب الثوب فقال حتيه ثم اقرصيه بالماء وانضحيه وصلي فيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء مثل معناه إلا أنه قال تقرصه ولم يقل تقرصه بالماء قال الشافعي: وبحديث سفيان عن هشام بن عروة نأخذ وهو يحفظ فيه الماء ولم يحفط ذلك وكذلك روى غيره عن هشام قال الشافعي: وفي هذا دليل على أن دم الحيض نجس وكذا كل دم غيرهقال الشافعي: وقرصه فركه وقوله بالماء غسل بالماء وأمره بالنضح لما حولهقال الشافعي: فأما النجاسة فلا يطهرها الا الغسل والنضح والله تعالى أعلم اختيار أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني ابن عجلان عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة زوج النبي ﷺ أن النبي ﷺ سئل عن الثوب يصيبه دم الحيض قال تحته ثم تقرصه بالماء ثم تصلي فيه قال الشافعي: وهذا مثل حديث أسماء بنت أبي بكر وبه نأخذ وفيه دلالة على ما قلنا من أن النضح اختيار لأنه لم يأمر بالنضح في حديث أم سلمة وقد أمر بالماء في حديثها وحديث أسماء قال الربيع قال الشافعي: وهو الذي نقول به قال الربيع وهو آخر قوليه يعني الشافعي إن أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر وأقل الطهر خمسة عشر فلو أن امرأة أول ما حاضت طبق الدم عليها أمرناها أن تدع الصلاة إلى خمسة عشر فإن انقطع الدم في خمس عشرة كان ذلك كله حيضا وإن زاد على خمسة عشر علمنا أنها مستحاضة وأمرناها أن تدع الصلاة أول يوم وليلة وتعيد أربع عشرة لأنه يحتمل أن يكون حيضها يوم وليلة ويحتمل أكثر فلما احتمل ذلك وكانت الصلاة عليها فرضا لم نأمرها بأن تدع الصلاة إلا بحيض يقين ولم تحسب طاهرة الأربعة عشر يوما في صيامها لو صامت لأن فرض الصيام عليها بيقين أنها طاهرة فلما أشكل عليها أن تكون قد قضت فرض الصوم وهي طاهرة أو لم تقضه لم أحسب لها الصوم إلا بيقين أنها طاهرة وكذلك طوافها بالبيت
صفحة : 81
لست أحسبه لها إلا بأن يمضي لها خمسة عشر يوما لأنه أكثر ما حاضت له امرأة قط علمناه ثم تطوف بعد ذلك لأن العلم يحيط أنها من بعد خمسة عشر يوما طاهرة وإن كانت تحيض يوما وتطهر يوما أمرناها أن تصلى في يوم الطهر بعد الغسل لأنه يحتمل أن يكون طهرا فلا تدع الصلاة فإن جاءها الدم في اليوم الثالث علمنا أن اليوم الذي قبله الذي رأت فيه الطهر كان حيضا لأنه يستحيل أن يكون الطهر يوما لأن أقل الطهر خمسة عشر وكلما رأت الطهر أمرناها أن تغتسل وتصلي لأنه يمكن أن يكون طهرا صحيحا وإذا جاءها الدم بعده من الغد علمنا أنه غير طهر حتى يبلغ خمس عشرة فان انقطع بخمس عشرة فهو حيض كله وإن زاد على خمسة عشر علمنا أنها مستحاضة فقلنا لها أعيدي كل يوم تركت فيه الصلاة إلا أول يوم وليلة لأنه يحتمل أن لا يكون حيضها إلا يوما وليلة فلا تدع الصلاة إلا بيقين الحيض وهذا للتي لا يعرف لها أيام وكانت أول ما يبتديء بها الحيض مستحاضة فأما التي تعرف أيامها ثم طبق عليها الدم فتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر فتدع الصلاة فيه فإذا ذهب وقتهن اغتسلت وصلت وتوضأت لكل صلاة فيما تستقبل بقية شهرها فإذا جاءها ذلك الوقت من حيضها من الشهر الثاني تركت أيضا الصلاة أيام حيضها ثم اغتسلت بعد وتوضأت لكل صلاة فهذا حكمها ما دامت مستحاضة وان كانت لها أيام تعرفها فنسيت فلم تدر في أول الشهر أو بعده بيومين أو أقل أو أكثر اغتسلت عند كل صلاة وصلت ولا يجزيها أن تصلي صلاة بغير غسل لأنه يحتمل أن تكون في حين ما قامت تصلى الصبح أن يكون هذا وقت طهرها فعليها أن تغتسل فإذا جاءت الظهر احتمل هذا أيضا أن يكون حين طهرها فعليها أن تغتسل وهكذا في كل وقت تريد أن تصلي فيه فريضة يحتمل أن يكون هو وقت طهرها فلا يجزيها إلا الغسل ولما كانت الصلاة فرضا عليها احتمل إذا قامت لها أن يكون يجزيها فيه الوضوء ويحتمل أن لا يجزيها فيه إلا الغسل فلما لم يكن لها أن تصلى إلا بطهارة بيقين لم يجزئها إلا الغسل لأنه اليقين والشك في الوضوء ولا يجزيها أن تصلى بالشك ولا يجزئها إلا اليقين وهو الغسل فتغتسل لكل صلاة
ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
صفحة : 82
كتاب الصلاة
باب أصل فرض الصلاة
قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وقال وما أمروا إلا لعيبدوا الله مخلصين له الدين الآية مع عدد آي فيه ذكر فرض الصلاة قال وسئل رسول الله ﷺ عن الإسلام فقال خمس صلوات في اليوم والليلة فقال السائل هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع
أول ما فرضت الصلاة
قال الشافعي: رحمه الله تعالى سمعت من أثق بخبره وعلمه يذكر أن الله أنزل فرضا في الصلاة ثم نسخه بفرض غيره ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلوات الخمس قال كأنه يعني قول الله عز وجل يا إيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا الآية ثم نسخها في السورة معه بقول الله جل ثناؤه إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه إلى قوله فاقرءوا ما تيسر من القرآن فنسخ قيام الليل أو نصفه أو أقل أو أكثر بما تيسر وما أشبه ما قال بما قال وإن كنت أحب أن لا يدع أحد أن يقرأ ما يتسر عليه من ليلته ويقال نسخت ما وصفت من المزمل بقول الله عز وجل أقم الصلاة لدلوك الشمس ودلوكها زوالها إلى غسق الليل العتمة وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا الصبح ومن الليل فتهجد به نافلة لك فأعلمه أن صلاة الليل نافلة لا فريضة وأن الفرائض فيما ذكر من ليل أو نهار ويقال في قوله الله عز وجل فسبحان الله حين تمسون المغرب والعشاء وحين تصبحون الصبح وله الحمد في السموات والأرض وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل والله تعالى أعلم قال وبيان ما وصفت في سنة رسوله عليه وسلم أخبرنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة ابن عبيدالله يقول جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول ﷺ خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل علي غيرها فقال لا إلا أن تطوع قال الشافعي: ففرائض الصلوات خمس وما سواها تطوع فأوتر رسول الله ﷺ على البعير ولم يصل مكتوبة علمناه على بعير وللتطوع وجهان صلاة جماعة وصلاة منفردة وصلاة الجماعة مؤكدة ولا أجيز تركها لمن قدر عليها بحال وهو صلاة العيدين وكسوف الشمس
صفحة : 83
والقمر والاستسقاء فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلي منه وأوكد صلاة المنفرد وبعضه الل أوكد من بعض الوتر وهو يشبه أن يكون صلاة التهجد ثم ركعتا الفجر ولا أرخص لمسلم في ترك واحد منهما وإن لم أوجبهما عليه ومن ترك صلاة واحدة منهما كان أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل في الليل والنهار
=====
كتاب الأم - المجلد الأول2
عدد الصلوات الخمس

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أحكم الله تعالى فرض الصلاة في كتابه فبين على لسان نبيه ﷺ عددها وما على المرء أن يأتى به ويكف عنه فيها وكان نقل عد كل واحدة منها مما نقله العامة عن العامة ولم يحتج فيه إلي خبر الخاصة وإن كانت الخاصة قد نقلتها لا تختلف هي من وجوه هي مبينة في أبوابها فنقلوا الظهر أربعا لا يجهر فيها بشيء من القراءة والعصر أربعا لا يجهر فيها بشيء من القراءة والمغرب ثلاثا يجهر في ركعتين منها بالقراءة ويخافت في الثالثة والعشاء أربعا يجهر في ركعتين منها بالقراءة ويخافت في اثنتين والصبح ركعتين يجهر فيهما معا بالقراءة قال ونقل الخاصة ما ذكرت من عدد الصلوات وغيره مفرقا في مواضعه

فيمن تجب عليه الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ذكر الله تبارك وتعالى الاستئذان فقال في سياق الآية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا وقال عز وجل وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولم يذكر الرشد الذي يستوجبون ه أن تدفع إليهم أموالهم إلا بعد بلوغ النكاح وفرض الله عز وجل الجهاد فأبان رسول الله ﷺ به على من استكمل خمس عشرة سنة بأن أجاز ابن عمر عام الخندق ابن خمس عشرة سنة ورده عام أحد ابن أربع عشرة سنة فإذا بلغ الغلام الحلم والجارية المحيض غير مغلوبين على عقولهما أوجبت عليهما الصلاة والفرائض كلها وإن كانا ابني أقل من خمس عشرة سنة وجبت عليهما الصلاة وأمر كل واحد منهما بالصلاة إذا عقلها فإذا لم يعقلا لم يكونا كمن تركها بعد البلوغ وأؤدبهما على تركها أدبا خفيفا ومن غلب على عقله بعارض مرض أي مرض كان ارتفع عنه الفرض في قوله الله عز وجل واتقون يا أولى الألباب وقوله إنما يتذكر أولو الألباب وإن كان معقولا لا يخاطب بالأمر والنهي إلا من عقلهما

ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

صفحة : 84

صلاة السكران والمغلوب على عقله

قال تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون قال الشافعي: رحمه الله تعالى يقال نزلت قبل تحريم الخمر وأيما كان نزولها قبل تحريم الخمر أو بعده فمن صلى سكران لم تجز صلاته لنهي الله عز وجل إياه عن الصلاة حتى يعلم ما يقول وإن معقولا أن الصلاة قول وعمل وإمساك في مواضع مختلفة ولا يؤدي هذا إلا من أمر به ممن عقله وعليه إذا صلى سكران أن يعيد إذا صحا ولو صلى شارب محرم غير سكران كان عاصيا في شربه المحرم ولم يكن عليه إعادة صلاة لأنه ممن يعقل ما يقول والسكران الذي لا يعقل ما يقول وأحب إلي لو أعاد وأقل السكر أن يكون يغلب على عقله في بعض ما لم يكن يغلب عليه قبل الشرب ومن غلب على عقله بوسن ثقيل فصلى وهو لا يعقل أعاد الصلاة إذا عقل وذهب عنه الوسن ومن شرب شيئا ليذهب عقله كان عاصيا بالشرب ولم تجز عنه صلاته وعليه وعلى السكران إذا أفاقا قضاء كل صلاة صلياها وعقولهما ذاهبة وسواء شربا نبيذا لا يريانه يسكر أو نبيذا يريانه يسكر فيما وصفت من الصلاة وإن افتتحا الصلاة يعقلان فلم يسلما من الصلاة حتى يغلبا على عقولهما بأعادا الصلاة لأن ما أفسد أولها أفسد آخرها وكذلك إن كبرا ذاهبي العقل ثم أفاقا قبل أن يفترقا فصليا جميع الصلاة إلا التكبير مفيقين كانت عليهما الإعادة لأنهما دخلا الصلاة وهما لا يعقلان وأقل ذهاب العقل الذي يوجب إعادة الصلاة أن يكون مختلطا يعزب عقله في شيء وإن قل ويثوب أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا غلب الرجل على عقله بعارض جن أو عته أو مرض ما كان المرض ارتفع عنه فرض الصلاة ما كان المرض بذهاب العقل عليه قائما لأنه نهى عن الصلاة حتى يعقل ما يقول وهو ممن لا يعقل ومغلوب بأمر لا ذنب له فيه بل يؤجر عليه ويكفر عنه به إن شاء الله تعالى إلا أن يفيق في وقت فيصلي صلاة الوقت وهكذا إن شرب دواء فيه بعض السموم وإلا غلب منه أن السلامة تكون منه لم يكن عاصيا بشربه لأنه لم يشربه على ضر نفسه ولا إذهاب عقله وإن ذهب ولو احتاط فصلى كان أحب إلي لأنه قد شرب شيئا فيه سم ولو كان مباحا ولو أكل أو شرب حلالا فخبل عقله أو وثب وثبة فانقلب دماغه أو تدلى على شيء فانقلب دماغه فخبل عقله إذا لم يرد بشيء مما صنع ذهاب عقله لم يكن عليه

صفحة : 85

إعادة صلاة صلاها لا يعقل أو تركها بذهاب العقل فإن وثب في غير منفعة أو تنكس ليذهب عقله فذهب كان عاصيا وكان عليه إذا ثاب عقله إعادة كل ما صلى ذاهب العقل أو ترك من الصلاة وإذا جعلته عاصيا بما عمد من إذهاب عقله أو إتلاف نفسه جعلت عليه إعادة ما صلى ذاهب العقل أو ترك من الصلوات وإذا لم أجعله عاصيا بما صنع لم تكن عليه إعادة إلا أن يفيق في وقت بحال وإذا أفاق المغمى عليه وقد أبقى عليه من النهار قدر ما يكبر فيه تكبيرة واحدة أعاد الظهر والعصر ولم يعد ما قبلهما لا صبحا ولا مغربا ولا عشاء وإذا أفاق وقد بقى عليه من الليل قبل أن يطلع الفجر قدر تكبيرة واحدة قضى المغرب والعشاء وإذا أفاق الرجل قبل أن تطلع الشمس بقدر تكبيرة قضى الصبح وإذا طلعت الشمس لم يقضها وإنما قلت هذا لأن هذا وقت في حال عذر جمع رسول الله ﷺ بين الظهر والعصر في السفر في وقت الظهر وبين المغرب والعشاء في وقت العشاء فلما جعل الأولى منهما وقتا للآخرة في حال والآخرة وقتا للأولى في حال كان وقت إحداهما وقتا للأخرى في حال وكان ذهاب العقل عذرا وبالإفاقة عليه أن يصلي العصر وأمرته أن يقضي لأنه كان أفاق في وقت بحال وكذلك آمر الحائض والرجل يسلم كما آمر المغمى عليه من أمرته بالقضاء فلا يجزيه إلا أن يقضي أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال كان النبي ﷺ إذا عجل في المسير جمع بين المغرب والعشاء

ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

صفحة : 86

صلاة المرتد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا ارتد الرجل عن الإسلام ثم أسلم كان عليه قضاء كل صلاة تركها في ردته وكل زكاة وجبت عليه فيها فإن غلب على عقله في ردته لمرض أو غيره قضى الصلاة في أيام غلبته على عقله كما يقضيها في أيام عقله فإن قيل فلم لم تجعله قياسا على المشرك يسلم فلا تأمره بإعادة الصلاة قيل فرق الله عز وجل بينهما فقال قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وأسلم رجال فلم يأمرهم رسول الله ﷺ بقضاء صلاة ومن رسول الله ﷺ على المشركين وحرم الله دماء أهل الكتاب ومنع أموالهم بإعطاء الجزية ولم يكن المرتد في هذه المعاني بل أحبط الله تعالى عمله بالردة وأبان رسول الله ﷺ أن عليه القتل إن لم يتب بما تقدم له من حكم الإيمان وكان مال الكافر غير المعاهد مغنوما بحال ومال المرتد موقوفا ليغنم إن مات على الردة أو يكون على ملكه إن تاب ومال المعاهد له عاش أو مات فلم يجز إلا أن يقضى الصلاة والصوم والزكاة وكل ما كان يلزم مسلما لأنه كان عليه أن يفعل فلم تكن معصيته بالردة تخفف عنه فرضا كان عليه فإن قيل فكيف يقضى وهو لو صلى في تلك الحال لم يقبل عمله قيل لأنه لو صلى في تلك الحال صلى على غير ما أمر به فكانت عليه الإعادة إذا أسلم ألا ترى أنه لو صلى قبل الوقت وهو مسلم أعاد والمرتد صلى قبل الوقت الذي تكون الصلاة مكتوبة له فيه لأن الله عز وجل قد أحبط عمله بالردة وإن قيل ما أحبط من عمله قيل أجر عمله لا أن عليه أن يعيد فرضا أداه من صلاة ولا صوم ولا غيره قبل أن يرتد لأنه أداه مسلما فإن قيل وما يشبه هذا قيل ألا ترى أنه لو أدى زكاة كانت عليه أو نذر نذرا لم يكن عليه إذا أحبط أجره فيها أن يبطل فيكون كما لم يكن أو لا ترى أنه لو أخذ منه حدا أو قصاصا ثم ارتد ثم أسلم لم يعد عليه وكان هذا فرضا عليه ولو حبط بهذا المعنى فرض منه حبط كله

ID ' ' والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 87

جماع مواقيت الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أحكم الله عز وجل كتابه أن فرض الصلاة موقوت والموقوت والله أعلم الوقت الذي يصلى فيه وعددها فقال عز وجل إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وقد ذكرنا نقل العامة عدد الصلاة في مواضعها ونحن ذاكرون الوقت أخبرنا سفيان عن الزهري قال أخر عمر بن عبد العزيز الصلاة فقال له عروة إن رسول الله ﷺ قال نزل جبريل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه حتى عد الصلوات الخمس فقال عمر بن عبد العزيز اتق الله يا عروة وانظر ما تقول فقال عروة أخربنيه بشير بن أبي مسعود عن أبيه عن رسول الله ﷺ أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحرث عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله ﷺ قال أمني عن جبريل عند باب الكعبة مرتين فصلى الظهر حين كان الفيء مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان كل شيء بقدر ظله وصلى المغرب حين أفطر الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الصبح حين حرم الطعام والشراب على الصائم ثم صلى المرة الآخرة الظهر حين كان كل شيء قدر ظله قدر العصر بالأمس ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب القدر الأول لم يؤخرها ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفر ثم التفت فقال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين قال الشافعي: وبهذا نأخذ وهذه المواقيت في الحضر فاحتمل ما وصفته من المواقيت أن يكون للحاضر والمسافر في العذر وغيره واحتمل أن يكون لمن كان في المعنى الذي صلى فيه جبريل بالنبي ﷺ في الحضر وفي غير عذر فجمع رسول الله ﷺ بالمدينة غير حائف فذهبنا إلى أن ذلك في مطر وجمع مسافرا فدل ذلك على أن تفريق الصلوات كل صلاة في وقتها إنما هو على الحاضر في غير مبطر فلا يجزيء حاضرا في غير مطر أن يصلى صلاة إلا في وقتها ولا يضم إليها غيرها إلا أن ينسى فيذكر في وقت إحداهما أو ينام فيصليها حينئذ قضاء ولا يخرج أحد كان له الجمع بين الصلاتين من آخر وقت الآخرة منهما ولا يقدم وقت الأولى منهما والوقت حد لا يجاوز ولا يقدم ولا تؤخر صلاة العشاء عن الثلث الأول في

صفحة : 88

وقت الظهر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأول وقت الظهر إذا استقن الرجل بزوال الشمس عن وسط الفلك وظل الشمس في الصيف يتقلص حتى لا يكون لشىء قائم معتدل نصف النهار ظل بحال وإذا كان ذلك فسقط للقائم ظل ما كان الظل فقد زالت الشمس وآخر وقتها في هذا الحين إذا صار ظل كل شيء مثله فإذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما كان فقد خرج وقتها ودخل وقت العصر لا فصل بينهما إلا ما وصفت والظل في الشتاء والربيع والخريف مخالف له فيما وصفت من الصيف وإنما يعلم الزوال في هذه الأوقات بأن ينظر إلى الظل ويتفقد نقصانه فإنه إذا تناهى نقصانه زاد فإذا زاد بعد تناهى نقاصنه فذلك الزوال هو أول وقت الظهر ثم آخر وقتها إذا علم أن قد بلغ الظل مع خلافه ظل الصيف قدر ما يكون ظل كل شيء مثله في الصيف وذلك أن تعلم ما بين زوال الشمس وأول وقت الظهر أقل مما بين أول وقت العصر والليل فإن برز له منها ما يدله وإلا توخى حتى يرى أنه صلاها بعد الوقت واحتاط قال الشافعي: فإن كان الغيم مطبقا راعى الشمس واحتاط بتأخيرها ما بينه وبين أن يخاف دخول وقت العصر فإذا توخى فصلى على الأغلب عنده فصلاته مجزئة عنه وذلك أن مدة وقتها متطاول حتى يكاد يحيط إذا احتاط بأن قد زالت وليست كالقبلة التي لامدة لها إنما عليها دليل لا مدة وعلى هذا الوقت دليل من مدة وموضع وظل فإذا كان هكذا فلا إعادة عليه حتى يعلم أن قد صلى قبل الزوال فإذا علم ذلك أعاد وهكذا إن توخى بلا غيم قال وعلمه بنفسه وأخبار غيره ممن يصدقه أنه صلى قبل الزوال إذا لم ير هو أوهم يلزمه أن يعيد الصلاة فإن كذب من أعلمه أنه صلى قبل الزوال لم يكن عله إعادة والاحتياط له أن يعيد وإذا كان أعمى وسعه خبر من يصدق خبره في الوقت والاقتداء بالمؤذنين فيه وإن كان محبوسا في موضع مظلم أو كان أعمى ليس قربه أحد توخى وأجزأت صلاته حتى يستيقن أنه صلى قبل الوقت والوقت يخالف القبلة لأن في الوقت مدة فجعل مرورها كالدليل وليس ذلك في القبلة فإن علم أنه صلى بعد الوقت أجزأه وكان أقل أمره أن يكون قضاء قال الشافعي: وإذا كان كما وصفت محبسا في ظلمة أو أعمى ليس قربه أحد لم يسعه أن يصليها بلا تأخ على الأغلب عنده من مرور الوقت من نهار وليل وإن وجد غيره تأخى به وإن صلى على غير تأخ أعاد كل صلاة صلاها على غيره تأخ ولا يفوت الظهر حتى يجاوز ظل كل

صفحة : 89

شيء مثله فإذا جاوزه فهو فائت وذلك أن من أخرها إلى هذا الوقت جمع أمرين تأخيرها عن الوقت المقصود وحلول وقت غيرها قال الشافعي: رحمه الله تعالى وتعجيل الحاضر الظهر إماما ومنفردا في كل وقت إلا في شدة الحر فإذا اشتد الحر أخر إمام الجماعة الذي ينتاب من البعد الظهر حتى يبرد بالخبر عن رسول الله ﷺ أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم وقد اشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعض بعضا فإذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر من حرها وأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم قال الشافعي: ولا يبلغ بتأخيرها آخر وقتها فيصليهما جميعا معا ولكن الإبراد ما يعلم أنه يصليها متمهلا وينصرف منها قبل آخر وقتها ليكون بين نصرافه منها وبين آخر وقتها فصل فأما من صلاها في بيته أو في جماعة بفناء بيته لا يحضرها إلا من بحضرته فليصلها في أول وقتها لأنه لا أذى عليهم في حرها قال الشافعي: ولا تؤخر في الشتاء بحال وكلما قدمت كان ألين على من صلاها في الشتاء ولا يؤخرها إمام جماعة ينتاب إلا ببلاد لها حر مؤذ كالحجاز فإذا كان بلاد لا أذى لحرها لم يؤخرها لأنه لا شدة لحرها يرفق على أحد بتنحية الأذى عنه في شهودها

ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

صفحة : 90

وقت العصر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ووقت العصر في الصيف إذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما كان وذلك حين ينفصل من أخر وقت الظهر وبلغنى عن بعض أصحاب ابن عباس أنه قال معنى ما وصفت وأحسبه ذكره عن ابن عباس وأن ابن عباس أردا به صلاة العصر في آخر وقت الظهر على هذا المعنى أنه صلاها حين كان ظل كل شيء مثله يعنى حين تم ظل كل شيء مثله ثم جاوز ذلك بأقل ما يجاوزه وحديث ابن عباس محتمل له وهو قول عامة من حفظت عنه وإذا كان الزمان الذي لا يكون الظل فيه هكذا قدر الظل ما كان ينقض فإذا زاد بعد نقصانه فذلك زواله ثم قدر مالو كان الصيف بلغ الظل أن يكون مثل القائم فإذا جاوز ذلك قليلا فقد دخل أول وقت العصر ويصلي العصر في كل بلد وكل زمان وإمام جماعة ينتاب من بعد وغير بعد ومنفرد في أول وقتها لا أحب أن يؤخرها عنه وإذا كان الغيم مطلقا أو كان محبوسا في ظلمة أو أعمى ببلد لا أحد معه فيها صنع ما وصفت يصنعه في الظهر لا يختلف في شيء ومن أخر العصر حتى تجاوز ظل كل شيء مثليه في الصيف وقدر ذلك في الشتاء فقد فاته وقت الاختيار ولا يجوز عليه أن يقال قد فاته وقت العصر مطلقا كما جاز على الذي أخر الظهر إلى أن جاوز ظل كل شيء مثله مطلقا لما وصفت من أنه تحل له صلاة العصر في ذلك الوقت وهذا لا يحل له صلاة الظهر في هذا الوقت وإنما قلت لا يتبين عليه ما وصفت من أن مالكا أخبرنا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بشر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر قال الشافعي: فمن لم يدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس فقد فاتته العصر والركعة ركعة بسجدتين وإنما أحببت تقديم العصر لأن محمد بن إسمعيل أخبرنا عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال كان رسول الله ﷺ يصلي العصر والشمس صاحية ثم يذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة أخبرنا محمد بن إسمعيل ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن نوفل بن معاوية الديلي قال قال رسول الله ﷺ من فاته العصر فكأنما وتر أهله وماله

صفحة : 91

وقت المغرب

قال الشافعي: رحمه الله تعالى لا وقت للمغرب إلا واحد وذلك حين تجب الشمس وذلك بين في حديث إمامة جبريل النبي ﷺ وفي غيره أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي نعيم عن جابر قال كنا نصلى المغرب مع رسول ﷺ ثم نخرج نتناضل حتى نبلغ بيوت بني سلمة ننظر إلى مواقع النبل من الإسفار أخبرنا محمد بن إسمعيل عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن القعقاع ابن حكيم قال دخلنا على جابر بن عبد الله فقال جابر كنا نصلى مع النبي ﷺ ثم ننصرف فنأتى بني سلمة فنبصر مواقع النبل أخبرنا محمد بن إسمعيل عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن زيد بن خالد الجهني قال كنا نصلي مع النبي ﷺ المغرب ثم ننصرف فنأتى السوق ولو رمى بنبل لرؤى مواقعها قال الشافعي: وقد لا قيل تفوت حتى يدخل أول وقت صلاة العشاء قبل يصلى منها ركعة كما قيل في العصر ولكن لا يجوز لأن الصبح تفوت بأن تطلع الشمس قبل يصلى منها ركعة فإن قيل فتقيسها على الصبح قيل لا أقيس شيئا من المواقيت على غيره وهي على الأصل والأصل حديث إمامة جبريل النبي ﷺ إلا ما جاء فيه عن النبي ﷺ خاصة دلالة أو قاله عامة العلماء لم يختلفوا فيه قال الشافعي: ولو قيل تفوت المغرب إذا لم تصل في وقتها كان والله تعالى أعلم أشبه بما قال ويتأخاها المصلي في الغيم والمحبوس في الظلمة والأعمى كما وصفت في الظهر ويؤخرها حتى يرى أن قد دخل وقتها أو جاوز دخوله

ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

صفحة : 92

وقت العشاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم هي قال الشافعي: فأحب أن لا تسمى إلا العشاء كما سماها رسول الله ﷺ وأول وقتها حين يغيب الشفق والشفق الحمرة التي في المغرب فإذا ذهبت الحمرة فلم ير منها شيء حل وقتها ومن افتتحها وقد بقى عليه من الحمرة شيء أعادها وإنما قلت الوقت في الدخول في الصلاة فلا يكون لأحد أن يدخل في الصلاة إلا بعد دخول وقتها وإن لم يعمل فيها شيء إلا بعد الوقت ولا التكبير لأن التكبير هو مدخله فيها فإذا أدخله التكبير فيها قبل الوقت أعادها وآخر وقتها إلى أن يمضى ثلث الليل فإذا مضى ثلث الليل الأول فلا أراها إلا فائتة لأنه آخر وقتها ولم يأت عن النبي ﷺ فيها شيء يدل على أنها لا تفوت إلا بعد ذلك الوقت قال والمواقيت كلها كما وصفت لا تقاس ويصنع المتأخي لها في الغيم وفي الحبس المظلم والأعمى ليس معه أحد كما وصفته يصنعه في الظهر والتأخى في الليل أخف من التأخى لصلاة النهار لطول المدة وشدة الظلمة وبيان الليل

ID ' ' الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

صفحة : 93

وقت الفجر

قال الله تبارك وتعالى وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا وقال ﷺ من أدرك ركعة من الصبح والصبح الفجر فلها اسمان الصبح والفجر لا أحب أن تسمى إلا بأحدهما وإذا بان الفجر الأخير معترضا حلت صلاة الصبح ومن صلاها قبل تبين الفجر الأخير معترضا أعاد ويصليها أول ما يستيقن الفجر معترضا حتى يخرج منها مغلسا قال الشافعي: وأخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت إن كان رسول الله ﷺ ليصلى الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس ولا تفوت حتى تطلع الشمس قبل أن يصلي منها ركعة والركعة ركعة بسجودها فمن لم يكمل ركعة بسجودها قبل طلوع الشمس فقد فاتته الصبح لقول النبي ﷺ من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح

اختلاف الوقت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فلما أم جبريل رسول الله ﷺ في الحضر لا في مطر وقال ما بين هذين وقت لم يكن لأحذ أن يعمد أن يصلى الصلاة في حضر ولا في مطر إلا في هذا الوقت ولا صلاة إلا منفردة كما صلى جبريل برسول الله ﷺ وصلى النبي ﷺ بعد مقيما في عمره ولما جمع رسول الله ﷺ بالمدينة آمنا مقيما لم يحتمل إلا أن يكون مخالفا لهذا الحديث أو يكون الحال التي جمع فيها حالا غير الحال التي فرق فيها فلم يجز أن يقال جمعه في الحضر مخالف لإفراده في الحضر من وجهين أنه يوجد لكل واحد منهما وجه وأن الذي رواه منهما معا واحد وهو ابن عباس فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده فلم يكن إلا المطر والله تعالى أعلم إذا لم يكن خوف ووجدنا في المطر علة المشقة كما كان في الجمع في السفر علة المشقة العامة فقلنا إذا كانت العلة من مطر في حضر جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال ولا يجمع إلا والمطر مقيم في الوقت الذي يجمع فيه فإن صلى إحدهما ثم انقطع المطر لم يكن له أن يجمع الأخرى إليها وإذا صلى إحداهما والسماء تمطر ثم ابتدأ الأخرى والسماء تمطر ثم انقطع المطر مضي على صلاته لأنه إذا كان له الدخول فيها كان له إتمامها قال ويجمع من قليل المطر وكثيره ولا يجمع إلا من خرج من بيته إلى مسجد يجمع فيه قرب المسجد أو كثر أهله أو قلوا أو بعدوا ولا يجمع أحد في بيته لأن النبي صلى الله

صفحة : 94

عليه وسلم جمع في المسجد والمصلي في بيته مخالف المصلي في المسجد وإن صلى رجل الظهر في غير مطر ثم مطر الناس لم يكن له أن يصلى العصر لأنه صلى الظهر وليس له جمع العصر إليها وكذلك لو افتتح الظهر ولم يمطر ثم مطر بعد ذلك لم يكن له جمع العصر إليها ولا يكون له الجمع إلا بأن يدخل في الأولي ينوي الجمع وهو له فإذا دخل فيها وهو يمطر ودخل في الآخرة وهو يمطر فإن سكنت السماء فيما بين ذلك كان له الجمع لأن الوقت في كل واحدة منهما الدخول فيها والمغرب والعشاء في هذا وقت كالظهر والعصر لا يختلفان وسواء كل بلد في هذا لأن بل المطر في كل موضع أذى وإذا جمع بين صلاتين في مطر جمعهما في وقت الأولى منها لا يؤخر ذلك ولا يجمع في حضر في غير المطر من قبل أن الأصل أن يصلي الصلوات منفردات والجمع في المطر رخصة لعذر وإن كان عذر غيره لم يجمع فيه لأن العذر في غيره خاص وذلك المرض والخوف وما أشبهه وقد كانت أمراض وخوف فلم يعلم أن رسول الله ﷺ جمع والعذر بالمطر عام ويجمع في السفر بالخبر عن رسول الله ﷺ والدلالة على المواقيت عامة لا رخصة في ترك شيء منها ولا الجمع إلا حيث رخص النبي ﷺ في سفر ولا رأينا من جمعه الذي رأيناه في المطر والله تعالى أعلم

ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 95

وقت الصلاة في السفر

أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله وهو يذكر حجة النبي ﷺ فراح النبي ﷺ من منزله وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي ﷺ صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ ابن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله ﷺ عام تبوك فكان رسول الله ﷺ يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء قال فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا قال الشافعي: وهذا وهو نازل غير سائر لأن قوله دخل ثم خرج لا يكون إلا وهو نازل فللمسافر أن يجمع نازلا وسائرا أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن إسمعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب الأسدي قال خرجنا مع ابن عمر إلى الحمى فغربت الشمس فهبنا أن نقول له انزل فصل فلما ذهب بياض الأفق وفحمة العشاء نزل فصلى ثلاثا ثم سلم ثم صلى ركعتين ثم سلم ثم التفت إلينا فقال هكذا رأيت رسول الله ﷺ فعل قال الشافعي: فدلت سنة رسول الله ﷺ على أن للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما إن شاء في وقت الأولى منهما وإن شاء في وقت الآخرة لأن النبي ﷺ جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر وجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء فلما حكى ابن عباس ومعاذ الجمع بينهما جدبه السير أو لم يجد سائرا ونازلا لأن النبي ﷺ جمع بينهما بعرفة غير سائر إلا إلى الموقف إلى جنب المسجد وبالمزدلفة نازلا ثانيا وحكى عنه معاذ أنه جمع ورأيت حكايته على أن جمعه وهو نازل في سفر غير سائر فيه فمن كان له أن يقصر فله أن يجمع لما وصفت من دلالة السنة وليس له أن يجمع الصبح إلى صلاة ولا يجمع إليها صلاة لأن النبي ﷺ لم يجمعها ولم يجمع إليها غيرها وليس للمسافر أن يجمع بين صلاتين قبل وقت الأولى منهما فان فعل أعاد كما يعيد المقيم إذا صلى قبل الوقت وله أن يجمعهما بعد الوقت لأنه حينئذ يقضي ولو افتتح المسافر

صفحة : 96

الصلاة قبل الزوال ثم لم يقرأ حتى تزول الشمس ثم مضى في صلاته فصلى الظهر والعصر معا كانت عليه إعادتهما معا أما الظهر فيعيدها لأن الوقت لم يدخل حين الدخول في الصلاة فدخل فيها قبل وقتها وأما العصر فإنما كان له أن يصليها قبل وقتها إذا جمع بينها وبين الظهر وهي مجزئة عنه ولو افتتح الظهر وهو يرى أن الشمس لم تزل ثم استيقن أن دخوله فيها كان بعد الزوال صلاها والعصر أعاد لأنه حين افتتحها افتتحها ولم تحل عنده فليست مجزئة عنه وكان في معنى من صلاها لا ينويها وفي أكثر من حاله ولو أراد الجمع فبدأ بالعصر ثم الظهر أجزأت عنه الظهر ولا تجزيء عنه العصر لا تجزيء عنه مقدمة عن وقتها حتى تجزيء عنه الظهر التي قبلها ولو افتتح الظهر على غير وضوء ثم توضأ للعصر فصلاها أعاد الظهر والعصر لا تجزىء عنه العصر مقدمة عن وقتها حتى تجزيء عنه الظهر قبلها وهكذا لو أفسد الظهر بأي فساد ما كان لم تجزيء عنه العصر مقدمة عن وقتها ولو كان هذا كله في وقت العصر حتى لا يكون العصر إلا بعد وقتها أجزأت عنه العصر وكانت عليه إعادة الظهر ولو افتتح الظهر وهو يشك في وقتها فاستيقن أنه لم يدخل فيها إلا بعد دخول وقتها لم تجزيء عنه صلاته وكذلك لو ظن أن صلاته فاتته استفتح صلاة على أنها إن كانت فائتة فهي التي افتتح ثم علم أن عليه صلاة فائتة لم تجزه ولم يجزيء شيء من هذا حتى يدخل فيه على نية الصلاة وعلى نية أن الوقت دخل فأما إذا دخل على الشك فليست النية بتامة ولو كان مسافرا فأراد الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر فسها أو عمد فبدأ بالعصر لم يجزه ولا يجزئه العصر قبل وقتها إلا أن يصلى الظهر قبلها فتجزيء عنه وكذلك لو صلى الظهر في وقتها فأفسدها فسها عن إفساده إياها ثم صلى العصر بعدها في وقت الظهر أعاد الظهر ثم العصر

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

صفحة : 97

الرجل يصلى وقد فاتته قبلها صلاة

أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي: من فاتته الصلاة فذكرها وقد دخل في صلاة غيرها مضى على صلاته التي هو فيها ولم تفسد عليه إماما كان أو مأموما فاذا فرغ من صلاته صلى الصلاة الفائتة وكذلك لو ذكرها ولم يدخل في صلاة فدخل فيها وهو ذاكر للفائتة أجزأته الصلاة التي دخل فيها وصلى الصلاة المكتوبة الفائتة له وكان الاختيار له إن شاء أتى بالصلاة الفائتة له قبل الصلاة التي ذكرها قبل الدخول فيها إلا أن يخاف فوت التي هو في وقتها فيصليها ثم يصلي التي فاتته أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيننة عن عبد الكريم الجزري قال الشافعي: وسواء كانت الصلوات الفائتات صلاة يوم أو صلاة سنة وقد أثبت هذا في غير هذا الموضع وإنما قلته إن رسول الله ﷺ نام عن الصبح فارتحل عن موضعه فأخر الصلاة الفائتة وصلاتها ممكنة له فلم يجز أن يكون قوله من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها على معنى أن وقت ذكره إياها وقتها لا وقت لها غيره لأنه ﷺ لا يؤخر الصلاة عن وقتها فلما لم يكن هذا معنى قوله لم يكن له معنى إلا أن يصليها إذا ذكرها فإنها غير موضوعة الفرض عنه بالنسيان إذا كان الذكر الذي هو خلاف النسيان وأن يصليها أي ساعة كانت منهيا عن الصلاة فيها أو غير منهى قال الربيع قال الشافعي: قول النبي ﷺ فليصلها إذا ذكرها يحتمل أن يكون وقتها حين يذكرها ويحتمل أن يكون يصليها إذا ذكرها لا أن ذهاب وقتها يذهب بفرضها فلما ذكر النبي ﷺ وهو في الوادي صلاة الصبح فلم يصلها حتى قطع الوادي علمنا أن قول النبي ﷺ فليصلها إذا ذكرها أي وإن ذهب وقتها ولم يذهب فرضها فإن قيل فإن النبي ﷺ إنما خرج من الوادي فإنه واد فيه شيطان فقيل لو كانت الصلاة لا تصلح في واد فيه شيطان فقد صلى النبي ﷺ وهو يخنق الشيطان فخنقه أكثر من صلاة في واد فيه شيطان قال الشافعي: فلو أن مسافرا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت العصر فبدأ بالظهر فأفسدها ثم صلى العصر أجزأه العصر وإنما أجزأته لأنه صليت في وقتها على الانفراد الذي لو صليت فيه وحدها أجزأت ثم يصلى الظهر بعدها قال الشافعي: ولو بدأ فصلى العصر ثم صلى الظهر أجزأت عنه العصر لأنه صلاها في وقتها

صفحة : 98

على الانفراد وكان عليه أن يصلي الظهر وأكره هذا له وإن كان مجزئا عنه قال الشافعي: وإذا كان الغيم مطبقا في السفر فهو كإطباقه في الحضر يتأخى فإن فعل فجمع بين الظهر والعصر ثم تكشف الغيم فعلم أنه قد كان افتتح الظهر قبل الزوال أعاد الظهر والعصر معا لأنه صلى كل واحدة منهما غير مجزئة الظهر قبل وقتها والعصر في الوقت الذي لا تجزيء عنه فيه إلا أن تكون الظهر قبلها مجزئةقال الشافعي: ولو كان تأخى فصلاهما فكشف الغيم فعلم أنه صلاها في وقت العصر أجزأتا عنه لأنه كان له أن يصليهما عامدا في ذلك الوقت قال الشافعي: ولو تكشف الغيم فعلم أنه صلاهما بعد مغيب الشمس أجزأتا عنه لأن أقل أمرهما أن يكونا قضاء مما عليه قال الشافعي: ولو كان تأخى فعلم أنه صلى إحداهما قبل مغيب الشمس والأخرى بعد مغيبها أجزأتا عنه وكان إحداهما مصلاة في وقتها وأقل أمر الأخرى أن تكون قضاء قال الشافعي: وهكذا القول في المغرب والعشاء يجمع بينهما قال الشافعي: ولو كان مسافرا فلم يكن له في يوم سفره نية في أن يجمع بين الظهر والعصر وأخر الظهر ذا كرا لا يريد بها الجمع حتى يدخل وقت العصر كان عاصيا بتأخيرها لا يريد الجمع بها لأن تأخيرها إنما كان له على إرادة الجمع فيكون ذلك وقتا لها فإذا لم يرد به الجمع كان تأخيرها وصلاتها تمكنه معصية وصلاتها قضاء والعصر في وقتها وأجزأتا عنه وأخاف المأثم عليه في تأخير الظهر قال الشافعي: ولو صلى الظهر ولا ينوى أن يجمع بينها وبين العصر فلما أكمل الظهر أو كان وقتها كانت له نية في أن يجمع بينهما كان ذلك له لأنه إذا كان له أن ينوى ذلك على الابتداء كان له أن يحدث فيه نية في الوقت الذي يجوز له فيه الجمع ولو انصرف من الظهر وانصرافه أن يسلم ولم ينو قبلها ولا مع انصرافه الجمع ثم أراد الجمع لم يكن له لأنه لا يقال له إذا انصرف جامع وإنما يقال هو قال الشافعي: ولو كان أخر الظهر بلا نية جمع وانصرف منها في وقت العصر كان له أن يصلى العصر لأنها وإن صليت صلاة انفراد فإنما صليت في وقتها لا في وقت غيرها وكذلك لو أخر الظهر عامدا لا يريد بها الجمع إلى وقت العصر فهو آثم في تأخيرها عامدا ولا يريد بها الجمع قال الشافعي: وإذا صليت الظهر والعصر في وقت الظهر ووالى بينهما قبل أن يفارق مقامه الذي صلى فيه وقبل أن يقطع بينهما بصلاة فإن فارق مقامه الذي صلى فيه أو قطع بينهما

صفحة : 99

بصلاة لم يكن له الجمع بينهما لأنه لا يقال له أبدا جامع إلا أن يكونا متواليين لاعمل بينهما ولو كان الإمام والمأموم تكلما كلاما كثيرا كان له أن يجمع وإن طال ذلك به لم يكن له الجمع وإذا جمع بينهما في وقت الآخرة كان له أن يصلى في وقت الأولى وينصرف ويصنع ما بدا له لأنه حينئذ يصلى الآخرة في وقتها وقد روى في بعض الحديث أن بعض من صلى مع النبي ﷺ بجمع صلى معه المغرب ثم أناخ بعضهم أباعرهم في منازلهم ثم صلوا العشاء فيما يرى حيث صلوا وإنما صلوا العشاء في وقتها قال الشافعي: فالقول في الجمع بين المغرب والعشاء كالقول في الجمع بين الظهر والعصر لا يختلفان في شيء قال الشافعي: ولو نوى أن يجمع بين الظهر والعصر فصلى الظهر ثم أغمى عليه ثم أفاق قبل خروج وقت الظهر لم يكن له أن يصلى العصر حتى يدخل وقتها لأنه حينئذ غير جامع بينهما وكذلك لو نام أو سها أو شغل أو قطع ذلك بأمر يتطاول قال الشافعي: وجماع هذا أن ينظر إلى الحال التي لو سها فيها في الصلاة فانصرف قبل إكمالها هل يبنى لتقارب انصرافه فله إذا صنع مثل ذلك أن يجمع وإذا سها فنصرف فتطاول ذلك لم يكن له أن يبنى وكان عليه أن يستأنف فكذلك ليس له أن يجمع في وقت ذلك إن كان في مسجد أن لا يخرج منه يطيل المقام قبل توجههه إلى الصلاة وإن كان في موضع مصلاه لا يزايله ولا يطيل قبل أن يعود إلى الصلاة

ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

صفحة : 100

باب صلاة العذر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يكون لأحد أن يجمع بين صلاتين في وقت الأولى منهما إلا في مطر ولا يقصر صلاة بحال خوف ولا عذر غيره إلا أن يكون مسافرا لأن رسول الله ﷺ صلى بالخندق محاربا فلم يبلغنا أنه قصر قال الشافعي: وكذلك لا يكون له أن يصلى قاعدا إلا من مرض لا يقدر معه على القيام وهو يقدر على القيام إلا في حال الخوف التي ذكرت ولا يكون له بعذر غيره أن يصلى قاعدا إلا من قال الشافعي: وذلك أن الفرض في المكتوبة استقبال القبلة والصلاة قائما فلا يجوز غير هذا إلا في المواضع التي دل رسول الله ﷺ عليها ولا يكون شيء قياسا عليه وتكون الأشياء كلها مردودة إلى إصولها والرخص لا يتعدى بها مواضعها

باب صلاة المريض

قال الله عز وجل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فقيل والله سبحانه وتعالى أعلم قانتين مطيعين وأمر رسول الله ﷺ بالصلاة قائما قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا خوطب بالفرائض من أطاقها فإذا كان المرء مطيقا للقيام في الصلاة لم يجزه إلا هو إلا عندما ذكرت من الخوف قال الشافعي: وإذا لم يطق القيام صلى قاعدا وركع وسجد إذا أطاق الركوع والسجود أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله ﷺ أمر أبا بكر أن يصلى بالناس فوجد النبي ﷺ خفة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر فأم رسول الله ﷺ أبا بكر وهو قاعد وأم أبا بكر الناس وهو قائم أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني ابن أبي مليكة أن عبيد بن عمير الليثي حدثه أن رسول الله ﷺ أمر أبا بكر أن يصلي بالناس الصبح وأن أبا بكر كبر فوجد النبي ﷺ بعض الخفة فقام يفرج الصفوف قال وكان أبو بكر لا يلتفت إذا صلى فلما سمع أبو بكر الحس من ورائه عرف أنه لا يتقدم ذلك المقام المقدم إلا رسول الله ﷺ فخنس وراءه إلى الصف فرده رسول الله ﷺ مكانه فجلس رسول الله ﷺ إلى جنبه وأبو

صفحة : 101

بكر قائم حتى إذا فرغ أبو بكر قال أي رسول الله ﷺ أراك أصبحت صالحا وهذا يوم بنت خارجة فرجع أبو بكر إلى أهله فمكث رسول الله ﷺ مكانه وجلس إلى جنب الحجر يحذر الناس الفتن وقال إني والله لا يمسك الناس على شيئا إني والله لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه يا فاطمة بنت رسول الله وصفية عمة رسول الله اعملا لما عند الله فإني لا أغنى عنكما من الله شيئا قال الشافعي: ويصلى الإمام قاعدا ومن خلفه قياما إذا أطاقوا القيام ولا يجزى من أطاق القيام أن يصلى إلا قائما وكذلك إذا أطاق الإمام القيام صلى قائما ومن لم يطق القيام ممن خلفه صلى قاعدا قال الشافعي: وهكذا كل حال قدر المصلى فيها على تأدية فرض الصلاة كما فرض الله تعالى عليه صلاها وصلى ما لا يقدر عليه كما يطيق فإن لم يطق المصلي القعود وأطاق أن يصلى مضطجعا صلى مضطجعا وإن لم يطق الركوع والسجود صلى مومئا وجعل السجود أخفض من إيماء الركوع قال الشافعي: فإذا كان بظهره مرض لا يمنعه القيام ويمنعه الركوع لم يجزه إلا أن يقوم وأجزأه أن ينحنى كما يقدر في الركوع فإن لم يقدر على ذلك بظهره حنى رقبته فإن لم يقدر على ذلك إلا بأن يعتمد على شيء اعتمد عليه مستويا أو في شق ثم ركع ثم رفع ثم سجد وإن لم يقدر على السجود جلس أومأ إيماء وإن قدر على السجود على صدغه ولم يقدر عليه على جبهته طأطأ رأسه ولو في شق ثم سجد على صدغه وكان أقرب ما يقدر عليه من السجود مستويا أو على أي شقيه كان لا يجزيه أن يطيق أن يقارب السجود بحال إلا قاربه قال الشافعي: ولا يرفع إلى جبهته شيئا ليسجد عليه لأنه لا يقال له ساجد حتى يسجد بما يلصق بالأرض فإن وضع وسادة على الأرض فسجد عليها أجزأه ذلك إن شاء الله تعالى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن عن أمه قالت رأيت أم سلمة زوج النبي ﷺ تسجد على وسادة من أدم من رمد بها قال الشافعي: ولو سجد الصحيح على وسادة من أدم لاصقة بالأرض كرهته له ولم أر عليه أن يعيد كما لو سجد على ربوة من الأرض أرفع من الموضع الذي يقوم عليه لم يعد قال الشافعي: وإن قدر المصلى على الركوع ولم يقدر على القيام كان في قيامه راكعا وإذا ركع

صفحة : 102

خفض عن قدر قيامه ثم يسجد وإن لم يقدر على أن يصلى إلا مستلقيا صلى مستلقيا يوميء إيماء قال الشافعي: وكل حال أمرته فيها أن يصلى كما يطيق فإذا أصابها ببعض المشقة المحتملة لم يكن له أن يصلى إلا كما فرض الله عليه إذا أطاق القيام ببعض المشقة قام فأتى ببعض ما عليه في القيام من قراءة أم القرآن وأحب أن يزيد معها شيئا وإنما آمره بالقعود إذا كانت المشقة عليه غير محتملة أو كان لا يقدر على القيام بحال وهكذا هذا في الركوع والسجود لا يختلف ولو أطاق أن يأتى بأم القرآن وقل هو الله أحد وأم القرآن في الركعة الأخرى وإنا أعطيناك الكوثر منفردا قائما ولم يقدر على صلاة الإمام لا يقرأ بأطول مما وصفت إلا جالسا أمرته أن يصلي منفردا وكان له عذر بالمرض في ترك الصلاة مع الإمام ولو صلى مع الإمام فقدر على القيام في بعض ولم يقدر عليه في بعض صلى قائما ما قدر وقاعدا ما لم يقدر وليست عليه إعادة ولو افتتح الصلاة قائما ثم عرض له عذر جلس فإن ذهب عنه لم يجزه إلا أن يقوم فإن كان قرأ بما يجزيه جالسا لم يكن عليه إذا قام أن يعيد قراءة وإن بقى عليه من قراءته شيء قرأ بما بقى منها قاءما كأن قرأ بعض أم القرآن جالسا ثم بريء فلا يجزيه أن يقرأ جالسا وعليه أن يقرأ ما بقى قائما ولو قرأه ناهضا في القيام لم يجزه ولا يجزيه حتى يقرأه معتدلا إذا قدر على القيام وإذا قرأ ما بقى قائما ثم حدث له عذر فجلس قرأ ما بقى جالسا فإن حدثت له إفاقة قام وقرأ ما بقى قائما ولو قرأ قاعدا أم القرآن وشيئا معها ثم أفاق فقام لم يكن له أن يركع حتى يعتدل قائما فإن قرأ قائما كان أحب إلى وإن لم يقرأ فركع بعد اعتداله قائما أجزأته ركعته وإذا ركع قبل أن يعتدل قائما وهو يطيق ذلك وسجد ألغى هذه الركعة والسجدة وكان عليه أن يقوم فيعتدل قائما ثم يركع ويسجد وليس عليه إعادة قراءة فإن لم يفعل حتى يقوم فيقرأ ثم يركع ثم يسجد لم يعتد بالركعة التي قرأ فيها وسجد فكان السجود للركعة التي قبلها وكانت سجدة وسقطت عنه إحدى الركعتين ولو فرغ من صلاته واعتد بالركعة التي لم يعتدل فيها قائما فإن ذكر وهو في الوقت الذي له أن يبنى لو سها فانصرف قبل أن يكمل صلاته كبر وركع وسجد وسجد للسهو وأجزأته صلاته وإن لم يذكر ذلك حتى يخرج من المسجد أو يطول ذلك استأنف الصلاة وهكذا هذا في كل ركعة وسجدة وشيء من صلب الصلاة أطاقه فإن لم يأت له كما أطاقه ولو أطاق سجدة فلم يسجدها وأومأ إيماء سجدها ما لم يركع الركعة التي بعدها وإن لم يسجدها وأومأ بها وهو يطيق

صفحة : 103

سجودها ثم قرأ بعدما ركع لم يعتد بتلك الركعة وسجدها ثم أعاد القراءة والركوع بعدها لا يجزيه غير ذلك وإن ركع وسجد سجدة فتلك السجدة مكان التي أطاقها وأوما به فقام فقرأ وركع ولم يعتد بتلك الركعة وكذلك لو سجد سجدتين كانت إحداهما مكانها ولم يعتد بالثانية لأنها سجدة قبل ركوع وإنما تجزيء عنه سجدة مكان سجدة قبلها تركها أو فعل فيها ما لا يجزيه إذا سجد السجدة التي بعدها على أنها من صلب الصلاة فأما لو ترك سجدة من صلب الصلاة وأومأ بها وهو يقدر عليها ثم سجد بعدها سجدة من سجود القرآن أو سجدة سهو لا يريد بها صلب الصلاة لم تجز عنه من السجدة التي ترك أو أومأ بها قال الشافعي: وهكذا أم الولد والمكاتبة والمدبرة والأمة يصلين معا بغير قناع ثم يعتقن قبل أن يكملن الصلاة عليهن أن يتقنعن ويتممن الصلاة فإن تركن القناع بعد ما يمكنهن أعدن تلك الصلاة ولو صلين بغير قناع وقد عتقن لا يعلمن بالعتق أعدن كل صلاة صلينها بلا قناع من يوم عتقن لأنهن يرجعن إلى أن يحطن بالعتق فيرجعن إلى اليقين قال الشافعي: ولو كانت منهن مكاتبة عندها ما تؤدى وقد حلت نجومها فصلت بلا قناع كرهت ذلك لها وأجزأتها صلاتها لأنها لا تعتق إلا بالأداء وليس بمحرم عليها أن تبقى رقيقا وإنما أرى أن محرما عليها المطل وهي تجد الأداء وكذلك إن قال لأمة له أنت حرة إن دخلت في يومك هذه الدار فتركت دخولها وهي تقدر على الدخول حتى صلت بلا قناع ثم دخلت أو لم تدخل لم تعد صلاتها لأنها صلتها قبل أن تعتق وكذلك لو قال لها أنت حرة إن شئت فصلت وتركت المشيئة ثم أعتقها بعد لم تعد تلك الصلاة وإن أبطأ عن الغلام الحلم فدخل في صلاة فلم يكملها حتى استكمل خمس عشرة سنة من مولده فأتمها أحببت له أن يستأنفها من قبل أنه صار ممن يلزمه جميع الفرائض في وقت صلاة فلم يصلها بكمالها بالغا ولو قطعها واستأنفها أجزأت عنه ولو أهل بالحج في هذه الحالة فاستكمل خمس عشرة سنة بعد فوت عرفة أو احتلم مضى في حجه وكان عليه أن يستأنف حجا لأنه لم يكن ممن أدرك الحج يعمل عمله وهو من أهل الفرائض كلها ولو صام يوما من شهر رمضان فلم يكمله حتي احتلم أو استكمل خمس عشرة أحببت أن يتم ذلك اليوم ثم يعيده لما وصفت ولا يعود لصوم قبله لأنه لم يبلغ حتى مضي ذلك اليوم وكذلك لا يعود لصلاة صلاها قبل بلوغه لأنها قد مضت قبل بلوغه وكل صلاة غير التي تليها وكذلك كل صوم يوم غير الذي يليه ولا يبين أن هذا عليه في الصلاة ولا في الصوم فأما في

صفحة : 104

الحج فبين

باب جماع الأذان

قال الله تبارك وتعالى وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا وقال إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله فذكر الله عز وجل الأذان للصلاة وذكر يوم الجمعة فكان بينا والله تعالي أعلم أنه أراد المكتوبة بالأيتين معا وسن رسول الله ﷺ الأذان للمكتوبات ولم يحفظ عنه أحد علمته أنه أمر بالأذان لغير صلاة مكتوبة بل حفظ الزهري عنه أنه كان يأمر في العيدين المؤذن فيقول الصلاة جامعة ولا أذان إلا لمكتوبة وكذلك لا إقامة فأما الأعياد والخسوف وقيام شهر رمضان فأحب إلي أن يقال فيه الصلاة جامعة وإن لم يقل ذلك فلا شيء على من تركه إلا ترك الأفضل والصلاة على الجنائز وكل نافلة غير الأعياد والخسوف بلا أذان فيها ولا قول الصلاة جامعة

باب وقت الأذان للصبح

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن رسول الله ﷺ قال إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له أصبحت أصبحت قال الشافعي: فالسنة أن يؤذن للصبح بليل ليدلج المدلج ويتنبه النائم فيتأهب لحضور الصلاة وأحب إلي لو أذن مؤذن بعد الفجر ولو لم يفعل لم أر بأسا أن يترك ذلك لأن وقت أذانها كان قبل الفجر في عهد النبي ﷺ ولا يؤذن لصلاة غير الصبح إلا بعد وقتها لأني لم أعلم أحدا حكى عن رسول الله ﷺ أنه أذن له لصلاة قبل وقتها غير الفجر ولم يزل المؤذنون عندنا يؤذنون لكل صلاة بعد دخول وقتها إلا الفجر ولا أحب أن يترك الأذان لصلاة مكتوبة انفرد صاحبها أو جمع ولا الإقامة في مسجد جماعة كبر ولا صغر ولا يدع ذلك الرجل في بيته ولا سفره وأنا عليه في مساجد الجماعة العظام أحظ وإذا أراد الرجل أن يكمل الأذان لكل صلاة غير الصبح بعد دخول وقتها فإن أذن لها قبل دخول وقتها أعاد إذا دخل الوقت وإن

صفحة : 105

افتتح الأذان قبل الوقت ثم دخل الوقت عاد فاستأنف الأذان من أوله وإن أتم ما بقى من الأذان ثم عاد إلى ما مضى منه قبل الوقت لم يجزئه ولا يكمل الأذان حتى يأتى به على الولاء وبعد وقت الصلاة إلا في الصبح ولو ترك من الأذان شيئا عاد إلى ما ترك ثم بنى من حيث ترك لا يجزيه غيره وكذلك كل ما قدم منه أو أخر فعليه أن يأتي به في موضعه فلو قال في أول الأذان الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله ثم أكمل الأذان أعاد فقال الله أكبر الله أكبر التي ترك ثم قال أشهد أن لا أله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله مرتين حتى يكمل الأذان ثم يجهر بشيء من الأذان ويخافت بشيء منه لم تكن عليه إعادة ما وصفت به لأنه قد جاء بلفظ الأذان كاملا فلا إعادة عليه كما لا يكون عليه إعادة ما خافت من القرآن فيما يجهر بالقرآن فيه قال الشافعي: ولو كبر ثم قال حي على الصلاة عاد فتشهد ثم أعاد حي على الصلاة حتى يأتى على الأذان كله فيضع كل شيء منه موضعه وما وضعه في غير موضعه أعاده في موضعه

باب عدد المؤذنين وأرزاقهم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أحب أن يقتصر في المؤذنين على اثنين لأنا إنما حفظنا أنه أذن لرسول الله ﷺ اثنان ولا يضيق أن يؤذن أكثر من اثنين فان اقتصر في الأذان على واحد أجزأه ولا أحب للامام إذا أذن المؤذن الأول أن يبطيء بالصلاة ليفرغ من بعده ولكنه يخرج ويقطع من بعده الأذان بخروج الإمام قال الشافعي: وواجب على الإمام أن يتفقد أحوال المؤذنين ليؤذنوا في أول الوقت ولا ينتظرهم بالإقامة وأن يأمرهم فيقيموا في الوقت وأحب أن يؤذن مؤذن بعد مؤذن ولا يؤذن جماعة معا وإن كان مسجدا كبيرا له مؤذنون عدد فلا بأس أن يؤذن في كل منارة له مؤذن فيسمع من يليه في وقت واحد وأحب أن يكون المؤذنون متطوعين وليس للامام أن يرزقهم ولا واحدا منهم وهو يجد من يؤذن له متطوعا ممن له أمانة إلا أن يرزقهم من ماله ولا أحسب أحدا ببلد كثير الأهل يعوزه أن يجد مؤذنا أمينا لازما يؤذن متطوعا فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنا ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي ﷺ ولا يجوز له أن يرزقه من غيره من الفيء لأن لكله مالكا موصوفا قال الشافعي: ولا يجوز له أن يرزقه من الصدقات شيء ويحل للمؤذن أخذ الرزق إذا رزق من حيث وصفت أن يرزق ولا يحل له أخذه من غيره بأنه رزق

صفحة : 106

قال الشافعي: ولا يؤذن إلا عدل ثقة للاشراف على عورات الناس وأماناتهم على المواقيت وإذا كان المقدم من المؤذنين بصيرا بالوقت لم أكره أن يكون معه أعمى وإن كان الأعمى مؤذنا منفردا ومعه من يعلمه الوقت لم أكره ذلك له فإن لم يكن معه أحد كرهته لأنه لا يبصر ولا أحب أن يؤذن أحد إلا بعد البلوغ وإن أذن قبل البلوغ مؤذن أجزأ ومن أذن من عبد ومكاتب وحر أجزأ وكذلك الخصي المجبوب والأعجمي إذا أفصح بالإذان وعلم الوقت وأحب إلي في هذا كله أن يكون المؤذنون خيار الناس ولا تؤذن امرأة ولو أذنت لرجال لم يجز عنهم أذانها وليس على النساء أذان وإن جمعن الصلاة وإن أذن فأقمن فلا بأس ولا تجهر المرأة بصوتها تؤذن في نفسها وتسمع صواحبتها إذا أذنت وكذلك تقيم إذا أقامت وكذلك إن تركت الإقامة لم أكره لها من تركها ما أكره للرجال وإن كنت أحب أن تقيم وأذان الرجل في بيته وإقامته سواء كهو في غير بيته في الحكاية وسواء أسمع المؤذنين حوله أو لم يسمعهم ولا أحب له ترك الأذان ولا الإقامة وإن دخل مسجدا أقيمت فيه الصلاة أحببت له أن يؤذن ويقيم في نفسه

باب حكاية الأذان

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك ابن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان يتيما في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام قال فقلت لأبي محذوره أي عم إني خارج إلى الشام وإني أخشى أن أسأل عن تأذينك فأخبرني قال نعم قال خرجت في نفر فكنا في بعض طريق حنين فقفل رسول الله ﷺ من حنين فلقينا رسول الله ﷺ في بعض الطريق فأذن مؤذن رسول الله ﷺ بالصلاة عند رسول الله ﷺ فسمعنا صوت المؤذن ونحن متكئون فصرخنا نحكيه ونستهزيء به فسمع رسول الله ﷺ الصوت فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه فقال رسول الله ﷺ أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا فأرسل كلهم وحبسني فقال قم فأذن بالصلاة فقمت ولا شيء أكره إلى من رسول الله ﷺ ولا مما أمرني به فقمت بين يدي رسول الله ﷺ فألقى علي رسول الله ﷺ التأذين هو نفسه فقال قل الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال لي ارجع وامدد من

صفحة : 107

صوتك ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرها على وجهه ثم من بين يديه ثم على كبده ثم بلغت يده سرة أبي محذورة ثم قال رسول الله ﷺ بارك الله فيك وبارك عليك فقلت يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة فقال قد أمرتك به فذهب كل شيء كان لرسول الله ﷺ من كراهته وعاد ذلك كله محبة للنبي ﷺ فقدمت على عتاب ابن أسيد عامل رسول الله ﷺ فأذنت بالصلاة عن أمر رسول الله ﷺ قال ابن جريج فأخبرني ذلك من أدركت من آل أبي محذورة على نحو مما أخبرني ابن محيريز وأدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز قال الشافعي: وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز عن أبي محذورة عن النبي ﷺ معنى ما حكى ابن جريج قال الشافعي: وسمعته يقيم فيقول الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وحسبتني سمعته يحكي الإقامة خبر كما يحكى الأذان قال الشافعي: والأذان والإقامة كما حكيت عن آل أبي محذورة فمن نقص منها شيئا أو قدم مؤخرا أعاد حتى يأتي بما نقص وكل شيء منه في موضعه والمؤذن الأول والآخر سواء في الأذان ولا أحب التثويب في الصبح ولا غيرها لأن أبا محذورة لم يحك عن النبي ﷺ أنه أمر بالتثويب فأكره الزيادة في الأذان وأكره التثويب بعده

ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

صفحة : 108

باب استقبال القبلة بالأذان

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا أحب أن يكون المؤذن في شيء من أذانه إلا مستقبل القبلة لا تزول قدماه ولا وجهه عنها لأنه إيدان بالصلاة وقد وجه الناس بالصلاة إلى القبلة فإن رال عن القبلة ببدنه كله أو صرف وجهه في الأذان كله أو بعضه كرهته له ولم ولا إعادة عليه وأحب أن يكون المؤذن على طهارة الصلاة فإن أذن جنبا أو على غير وضوء كرهته له ولم يعد وكذلك آمره في الإقامة باستقبال القبلة وأن يكون طاهرا فإن كان في الحالين كلاهما غير طاهر كرهته له وهو في الإقامة أشد لأنه يقيم فيصلى الناس وينصرف عنهم فيكون أقل ما صنع أن عرض نفسه للتهمة بالاستخفاف وأكره أذانه جنبا لأنه يدخل المسجد ولم يؤذن له في دخوله إلا عابر سبيل والمؤذن غير عابر سبيل مجتار ولو ابتدأ بالأذان طاهرا ثم انتقضت طهارته بنى على أذانه ولم يقطعه ثم تطهر إذا فرغ منه وسواء ما انتقضت به طهارته في أن يبنى جنابة أو غيرها فإن قطعه ثم تطهر ثم رجع بنى على أذانه ولو استأنف كان أحب إلي

باب الكلام في الأذان

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب المؤذن أن لا يتكلم حتى يفرغ من أذانه فإن تكلم بين ظهراني أذانه فلا يعيد ما أذن به قبل الكلام كان ذلك الكلام ما شاء قال الشافعي: وما كرهت له من الكلام في الأذان كنت له في الإقامة أكره وإن تكلم في الإقامة لم يعد الإقامة ولو كان بين كلامه في كل واحدة منهما سكات طويل أحببت له أن يستأنف وإن لم يفعل فليس ذلك عليه وكذلك لو سكت في كل واحدة منهما سكاتا طويلا أحببت له استئنافه ولم أوجب عليه الاستئناف ولو أذن بعض الأذان ثم نام أو غلب على عقله ثم انتبه أو رجع إليه عقله أحببت أن يستأنف تطاول ذلك أو قصر وإن لم يفعل بنى على أذانه وكذلك لو أذن في بعض الأذان فذهب عقله ثم رجع أحببت أن يستأنف وإن بنى على أذانه كان له ذلك وإن كان الذي يؤذن غيره في شيء من هذه الحالات استأنف ولم يبن على أذانه قرب ذلك أو بعد فإن بنى على أذانه لم يجزه البناء عليه ولا يشبه هذا الصلاة يبنى الإمام فيها على صلاة إمام قبله لأنه يقوم في الصلاة فيتم ما عليه وهذا لا يعود فيتم الأذان بعد فراغه ولأن ما ابتدأ من الصلاة كان أول صلاته ولا يكون بأول الأذان شيء غير التكبير ثم التشهد ولو أذن بعض الأذان أو كله ثم ارتد أحببت أن لا يترك يعود لأذان ولا يصلى بأذانه ويؤم غيره فيه فيؤذن أذانا مستأنفا

صفحة : 109

باب الرجل يؤذن ويقيم غيره

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة بشيء يروى فيه أن من أذن أقام وذلك والله تعالى أعلم أن المؤذن إذا عنى بالأذان دون غيره فهو أولى بالإقامة وإذا أقام

باب الإذان والإقامة للجمع بين الصلاتين والصلوات

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ابن عبد الله في حجة الإسلام قال فراح النبي ﷺ إلى الموقت بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال ثم أخذ النبي ﷺ في الخطبة الثانية ففرغ النبي ﷺ من الخطبة وبلال من الأذان ثم أقام بلال وصلى الظهر ثم أقام وصلى العصر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسمعيل أو عبد الله ابن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبي سعيد الخدري قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوى من الليل حتى كفينا وذلك قول الله عز وجل وكفى الله المؤمنين القتال وكن الله قويا عزيزا فدعا رسول الله ﷺ بلالا فأمره فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا قال وذلك قبل أن ينزل الله تعالي في صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا قال الشافعي: وبهذا كله نأخذ وفيه دلالة على أن كل من جمع بين صلاتين في وقت الأولى منهما أقام لكل واحدة منهما وأذن للأولى وفي الآخرة يقيم بلا أذان وكذلك كل صلاة صلاها في غير وقتها كما وصفت قال الشافعي: وفي أن المؤذن لم يؤذن له ﷺ حين جمع بالمزدلفة والخندق دليل على أن لو لم يجزيء المصلي أن يصلي إلا بأذان لم يدع النبي ﷺ أن يأمر بالأذان وهو يمكنه قال وموجود في سنة النبي ﷺ إن كان هذا في الأذان وكان الأذان غير الصلاة أن يكون هذا في الإقامة هكذا لأنها غير الصلاة وقال النبي ﷺ في الصلاة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ومن أدرك آخر الصلاة فقد فاته أن يحضر أذانا

صفحة : 110

وإقامة ولم يؤذن لنفسه ولم يقم ولم أعلم مخالفا في أنه إذا جاء المسجد وقد خرج الإمام من الصلاة كان له أن يصلي بلا أذان ولا إقامة فإن ترك رجل الأذان والإقامة منفردا أو في جماعة كرهت ذلك له وليست عليه إعادة ما صلى بلا أذان ولا إقامة وكذلك ما جمع بينه وفرق من الصلوات

باب اجتزاء المرء بأذان غيره وإقامته وإن لم يقم له

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عمارة بن غزية عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن عمر بن الخطاب قال سمع النبي ﷺ رجلا يؤذن للمغرب فقال النبي ﷺ مثل ما قال فانتهى النبي ﷺ إلى الرجل وقد قامت الصلاة فقال النبي ﷺ انزلوا فصلوا فصلى المغرب بإقامة ذلك العبد الأسود قال الشافعي: فبهذا نأخذ ونقول يصلى الرجل بأذان الرجل لم يؤذن له وبإقامته وأذانه وإن كان أعرابيا أو أسود أو عبدا أو غير فقيه إذا أقام الأذان والإقامة وأحب أن يكون المؤذنون كلهم خيار الناس لإشرافهم على عوراتهم وأمانتهم على الوقت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يونس بن عبيد عن الحسن أن النبي ﷺ قال المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم وذكر معها غيرما وأستحب الأذان لما جاء فيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه أن أبا سعيد الخدري قال له إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس إلا شهد لك يوم القيامة قال أبو سعيد سمعته من رسول الله ﷺ قال الشافعي: فأحب رفع الصوت للمؤذن وأحب إذا اتخذ المؤذن أن يتخذ صيتا وأن يتحرى أن يكون حسن الصوت فإنه أحرى أن يسمع من لا يسمعه ضعيف الصوت وحسن الصوت أرق لسامعه والترغيب في رفع الصوت يدل على ترتيل الأذان لأنه لا يقدر أحد على أن يبلغ غاية من

صفحة : 111

صوته في كلام متتابع إلا مترسلا وذلك أنه إذا حذف ورفع انقطع فأحب ترتيل الأذان وتبيينه بغير تمطيط ولا تغن في الكلام ولا عجلة وأحب في الإقامة أن تدرج إدراجا ويبينها مع الإدراج قال وكيفما جاء بالأذان والإقامة أجزئا غير أن الاحتياط ما وصفت

باب الكلام في الأذان

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال كان رسول الله ﷺ يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات ريح يقول ألا صلوا في قال الشافعي: وأحب للامام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه وإن قاله في أذانه فلا بأس عليه وإذا تكلم بما يشبه هذا خلف الأذان من منافع الناس فلا بأس ولا أحب الكلام في الأذان بما ليست فيه للناس منفعة وإن تكلم لم يعد أذانا وكذلك إذا تكلم في الإقامة كرهته ولم يكن عليه إعادة إقامة

باب في القول مثل ما يقول المؤذن

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن مجمع بن يحيى قال أخبرني أبو أمامة عن ابن شهاب أنه سمع معاوية يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله وإذا قال أشهد أن محمدا رسول الله قال وأنا ثم سكت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عمه عيسى ابن طلحة قال سمعت معاوية يحدث مثله عن النبي ﷺ أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن يحيى المازني أن عيسى بن عمر أخبره عن عبد الله ابن علقمة بن وقاص قال إني لعند معاوية إذ أذن مؤذنه فقال معاوية كما قال مؤذنه حتى إذا قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ولما قال حي على الفلاح قال معاوية لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال بعد ذلك ما قال المؤذن ثم قال سمعت رسول الله ﷺ يقول ذلك

صفحة : 112

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وبحديث معاوية نقول وهو يوافق حديث أبي سعيد الخدري وفيه تفسير ليس في حديث أبي سعيد قال الشافعي: فيحب لكل من كان خارجا من الصلاة من قاريء أو ذاكر أو صامت أو متحدث أن يقول كما يقول المؤذن وفي حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله ومن كان مصليا مكتوبة أو نافلة فأحب إلى أن يمضي فيها وأحب إذا فرغ أن يقول ما أمرت من كان خارجا من الصلاة أن يقوله وإن قاله مصل لم يكن مفسدا للصلاة إن شاء الله تعالى والاختيار أن لا يقوله قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل خذوا زينتكم عند كل مسجد قال الشافعي: فقيل والله سبحانه وتعالي أعلم أنه الثياب وهو يشبه ما قيل وقال رسول الله ﷺ لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء فدل على أن ليس لأحد أن يصلي إلا لابسا إذا قدر على ما يلبس وأمر رسول الله ﷺ بغسل دم الحيض من الثوب والطهارة إنما تكون في الصلاة فدل على أن على المرء لا يصلى إلا في ثوب طاهر وإذا أمر رسول الله ﷺ بتطهير المسجد من نجس لأنه يصلى فيه وعليه فما يصلى فيه أولى أن يطهر وقد تأول بعض أهل العلم قول الله عز وجل وثيابك فطهر قال طهر ثيابك للصلاة وتأولها غيرهم علي غير هذا المعنى والله تعالى أعلم قال ولا يصلي الرجل والمرأة إلا متواريي العورة قال وكذلك إن صليا في ثوب غير طاهر أعادا فإن صليا وهما يقدران على مواراة عورتهما غير متواريي العورة أعادا علما حين صليا أو لم يعلما في الوقت أو غير الوقت من أمرته بالإعادة أبدا أمرته بها بكل حال قال الشافعي: وكل ما وارى العورة غير نجس أجزأت الصلاة فيه قال الشافعي: وعورة الرجل ما دون سرته إلى ركبتيه ليس سرته ولا ركبتاه من عورته وعلى المرأة أن تغطي في الصلاة كل بدنها ما عدا كفها ووجهها ومن صلى وعليه ثوب نجس أو يحمل شيئا نجسا أعاد الصلاة وإن صلى يحمل كلبا أو خنزيرا أو خمرا أو دما أو شيئا من ميتة أو جلد ميتة لم يدبغ أعاد الصلاة وسواء قليل ذلك أو كثيرة وإن صلى وهو يحمل حيا لا يؤكل لحمه غير كلب أو خنزير لم يعد حيه كان أو غير حيه وإن كان ميتة أعاد والثياب كلها على الطهارة حتى يعلم فيها نجاسة وإن كانت ثياب الصبيان الذين لا يتوقون النجاسة ولا يعرفونها أو ثياب

صفحة : 113

المشركين كلها أو أزرهم وسراويلاتهم وقمصهم ليس منها شيء يعيد من صلى فيه الصلاة حتى يعلم أن فيه نجاسة وهكذا البسط والأرض على الطهارة حتى تعلم نجاسة وأحب إلي لو توقي ثياب المشركين كلها ثم ما يلى سفلتهم منها مثل الأزر والسراويلات فإن قال قائل ما دل على ما وصفت قال الشافعي: أخبرنا مالك بن أنس عن عامر ابن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله ﷺ كان يصلى وهو حامل أمامة بنت أبي العاص قال الشافعي: وثوب أمامة ثوب صبي

باب كيف لبس الثياب في الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء قال الشافعي: فاحتمل قول رسول الله ﷺ لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء أن يكون اختيارا واحتمل أن يكون لا يجزيه غيره فلما حكى جابر ما وصفت وحكت ميمونة عن النبي ﷺ أنه كان يصلى في ثوب واحد بعضه عليه وبعضه عليها دل ذلك على أنه صلى فيما صلى فيه من ثوبها مؤتزرا به لأنه لا يستره أبدا إلا مؤتزرا به إذا كان بعضه على غيره قال الشافعي: فعلمنا أن نهيه أن يصلى في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء اختيارا وأنه يجزى الرجل والمرأة كل واحد أن يصلى متوارى العورة وعورة الرجل ما وصفت وكل المرأة عورة إلا كفيها ووجهها وظهر قدميها عورة فإذا انكشف من الرجل في صلاته شيء مما بين سرته وركبته ومن المرأة في صلاتها شيء من شعرها قل أو كثر ومن جسدها سوى وجهها وكفيها وما يلي الكف من موضع مفصلها ولا يعدوه علما أم لم يعلما أعادا الصلاة معا إلا أن يكون تنشكف بريح أو سقطة ثم يعاد مكانه لا لبث في ذلك فإن لبث بعدها قدر ما يمكنه إذا عاجله مكانه إعادته أعاد وكذلك هي قال ويصلى الرجل في السراويل إذا وارى ما بين السرة والركبة والإزار أستر وأحب منه قال وأحب إلى أن لا يصلى إلا وعلى عاتقه شيء عمامة أو غيرها ولو حبلا يضعه

صفحة : 114

باب الصلاة في القميص الواحد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا العطاف بن خالد المخزومي وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسي بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع قال قلت يا رسول إنا نكون في الصيد أفيصلى أحدنا في القميص الواحد قال نعم وليزره ولو بشوكة ولو لم يجد إلا أن يخله بشوكة قال الشافعي: وبهذا نقول وثياب القوم كانت صفاقا فإذا كان القميص صفيقا لا يشف عن لابسه صلى في القميص الواحد وزره أو خله بشيء أو ربطه لئلا يتجافى القميص فيرى من الجيب عورته أو يراها غيره فإن صلى في قميص أو ثوب معمول عمل القميص من جبة أو غيرها غير مزرور أعاد الصلاة قال الشافعي: وهو يخالف الرجل يصلى متوشحا التوشح مانع للعورة أن ترى ويخالف المرأة تصلى في الدرع والخمار والمقنعة والخمار والمقنعة ساتران عورة الجيب فإن صلى الرجل في قميص غير مزرور وفوقه عمامة أو رداء أو إزار يضم موضع الجيب حتى يمنعه من أن ينكشف أو ما دونه إلى العورة حتى لو انكشف لم تر عورته أجزأته صلاته وكذلك إن صلى حازما فوق عورته بحبل أو خيط لأن ذلك يضم القميص حتى يمنع عورة الجيب وإن كان القميص مزروزا ودون الجيب أو حذاءه شق له عورة كعورة الجيب لم تجزه الصلاة فيه إلا كما تجزيه في الجيب وإن صلى في قميص فيه خرق على شيء من العورة وإن قل لم تجزه الصلاة وإن صلى في قميص يشف عنه لم تجزه الصلاة وإن صلى في قميص فيه خرق على غير العورة ليس لواسع ترى منه العورة أجزأته الصلاة وإن كانت العورة ترى منه لم تجزه الصلاة فيه وهكذا الخرق في الإزار يصلى فيه وأحب أن لا يصلى في القميص إلا وتحته إزار أو سراويل أو فوقه سترة فإن صلى في قميص واحد يصفه ولم يشف كرهت له ولا يتبين أن عليه إعادة الصلاة والمرأة في ذلك أشد حالا من الرجل إذا صلت في درع وخمار يصفها الدرع وأحب إلى أن لا تصلى إلا في جلبات فوق ذلك وتجافيه عنها لئلا يصفها الدرع

ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

صفحة : 115

باب ما يصلى عليه مما يلبس ويبسط

قال الشافعي: رحمه الله تعالى صلى رسول الله ﷺ في نمرة والنمرة صوف فلا قال الشافعي: وقال رسول الله ﷺ أيما إهاب دبغ فقد طهر فلا بأس أن يصلى في جلود الميتة والسباع وكل ذي روح إذا دبغ إلا الكلب والخنزير ويصلى في جلد كل ذكى يؤكل لحمه وإن لم يكن مدبوغا فأما ما لا يؤكل لحمه فذكاته وغير ذكاته سواء لا يطهره إلا الدباغ وجلد الذكي يحل أكله وإن كان غير مدبوغ قال وما قطع من جلد ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه فهو ميتة لا يطهره إلا الدباغ وأنهى الرجال عن ثياب الحرير فمن صلى فيها منهم لم يعد لأنها ليست بنجسة وإنما تعبدوا بترك لبسها لا أنها نجسة لأن أثمانها حلال وإن النساء يلبسنها ويصلين فيها وكذلك أنهاهم عن لبس الذهب خواتيم وغير خواتيم ولو لبسوه فصلوا فيه كانوا مسيئين باللبس عاصين إن كانوا علموا بالنهي ولم يكن عليهم أعادة صلاة لأنه ليس من الأنجاس ألا ترى أن الأنجاس على الرجال والنساء سواء والنساء يصلين في الذهب

باب صلاة العراة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا غرق القوم فخرجوا عراة كلهم أو سلبوا في طريق ثيابهم أو احترقت فيه فلم يجد أحد منهم ثوبا وهم رجال ونساء صلوا فرادى وجماعة رجالا وحدهم قياما يركعون ويسجدون ويقوم إمامهم وسطهم ويغض بعضهم عن بعض وتنحى النساء فاستترن إن وجدن سترا عنهم فصلين جماعة أمتهن إحداهن وتقوم وسطهن ويغض بعضهن عن بعض ويركعن ويسجدن يصلين قياما كما وصفت فإن كانوا في ضيق لا ستر بينهم من الأرض ولين وجوههن عن الرجال حتى إذا صلوا ولى الرجال وجوههم عنهن حتى يصلين كما وصفت وليس على واحد منهم إعادة إذا وجد ثوبا في وقت ولا غيره وإن كان مع أحدهم ثوب أمهم إن كان يحسن يقرأ فإن لم يكن يحسن يقرأ صلى وحده ثم أعار لمن بقى ثوبه وصلوا واحدا واحدا فإن امتنع من أن يعيرهم ثوبه فقد أساء وتجزيهم الصلاة وليس لهم مكابرته عليه وإن كان معه نساء فأن يعيره للنساء أوجب عليه ويبدأ بهن فإذا فرغن أعار الرجال فإذا أعارهم إياه لم يسع واحدا منهم أن يصلى وانتظر صلاة غيره لا يصلى حتى يصلى لابسا فإن صلى وقد أعطاه إياه عريانا أعاد خاف ذهاب الوقت أو لم يخفه وإن كان معهم أو مع واحد منهم ثوب نجس لم يصل فيه وتجزيه الصلاة عريانا إذا كان ثوبه غير طاهر وإذا وجد ما يوارى به عورته من ورق وشجر

صفحة : 116

يخفصه عليه أو جلد أو غيره مما ليس بنجس لم يكن له أن يصلي بحال الا متوارى العورة وكذلك إن لم يجد إلا ما يوارى ذكره ودبره لم يكن له أن يصلي حتى يواريهما معا وكذلك إن لم يجد إلا ما يواري أحدهما لم يكن له أن يصلى حتى يوارى ما وجد إلى مواراته سبيلا وإذا كان ما يوارى أحد فرجيه دون الآخر يوارى الذكر دون الدبر لأنه لا حائل دون الذكر يستره ودون الدبر حائل من إليتيه وكذلك المرأة في قبلها ودبرها وإذا كان هو وامرأته عرينانين أحببت إن وجد ما يواريها به أن يواريها لأن عورتها أعظم حرمة من عورته وإن استأثر بذلك دونها فقد أساء وتجزئها صلاتها وإن مس ذكره ليستره أو مست فرجها لتستره أعاد الوضوء معا ولكن ليباشرا من وراء شيء لا يفضيان إليه

باب جماع ما يصلى عليه ولا يصلى من الأرض

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام قال الشافعي: وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين أحدهما منقطع والآخر عن أبي سعيد عن النبي ﷺ قال الشافعي: وبهذا نقول ومعقول أنه كما جاء في الحديث ولو لم يبينه لأنه ليس لأحد أن يصلي على أرض نجسة لأنه المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم وذلك ميتة وإن الحمام ما كان مدخولا يجري عليه البول والدم والأنجاسقال الشافعي: والمقبرة الموضع الذي يقبر فيها العامة وذلك كما وصفت مختلطة التراب بالموتى وأما صحراء لم يقبر فيها قط قبر فيها قوم مات لهم ميت ثم لم يحرك القبر فلو صلى رجل إلي جنب ذلك القبر أو فوقه كرهته له ولم آمره يعيد لأن العلم يحيط بأن التراب طاهر لم يختلط فيه شيء وكذلك لو قبر فيه ميتان أو موتى فإن غاب أمرها عن رجل لم يكن له أن يصلى فيها لأنها على أنها مقبرة حتى يعلم أنها ليست بمقبرة وأن يكون يحيط العلم أنه لم يدفن فيها قط قبل من دفن فيها ولم ينبش أحد منهم لأحد والذي ينجس الأرض شيئان شيء يختلط بالتراب لا يتميز منه شيء وشيء يتميز من التراب وما لا يختلط من التراب ولا يتميز منه متفرق فإذا كان جسدا يختلط بالتراب ويعقل أنه جسد قائم فيه كلحوم الموتى وعظامهم وعصبهم وإن كان غير موجود لغلبة التراب عليه وكينونته كهو في الأرض التي يختلط بها هذا لا يطهر وإن أنى عليه الماء وكذلك الدم والخلاء وما في معانيهما مما

صفحة : 117

لو انفرد كان جسدا قائما ومما يزال إن كان مستجسدا فيزول وينحى فيخلوا الموضع منه ما كان تحته من تراب أو غيره بحاله وشيء يكون كالماء إذا خالط التراب نشفه أو الأرض تنشفه وذلك مثل البول والخمر وما في معناه قال الشافعي: والأرض تطهر من هذا بأن يصب عليه الماء حتى يصير لا يوجد ولا يعقل فيها منه جسد ولا لون قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبيدالله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عبد الله ابن مغفل عن النبي ﷺ قال إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن من جن خلقت ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بآنافها وإذا أردكتكم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينه وبركه قال الشافعي: وبهذا نأخذ ومعناه عندنا والله أعلم ما يعرف من مراح الغنم وأعطان الإبل أن الناس يريحون الغنم في أنظف ما يجدون من الأرض لأنها تصلح على ذلك والإبل تصلح على الدقع من الأرض فمواضعها التي تختار من الأرض أدقعها وأوسخها قال الشافعي: والمراح والعطن اسمان يقعان على موضع من الأرض وإن لم يعطن ولم يروح إلا اليسير منها فالمراح ما طابت تربته واستعملت أرضه واستذرى من مهب الشمال موضعه والعطن قرب البئر التي تسقى منها الإبل تكون البئر في موضع والحوض قريبا منها فيصب فيه فيملأ فتسقى الإبل ثم تنحى عن البئر شيئا حتى تجد الواردة موضعا فذلك عطن ليس أن العطن مراح الإبل التي تبيت فيه نفسه ولا المراح مراح الغنم التي تبيت فيه نفسه دون ما قاربه وفي قول النبي ﷺ لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت دليل على أنه إنما نهى عنها كما قال ﷺ حين نام عن الصلاة اخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان فكره أن يصلى في قرب الشيطان فكان يكره أن يصلي قرب الإبل لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها وقال في الغنم هي من دواب الجنة فأمر أن يصلى في مراحها يعني والله تعالى أعلم في الموقع الذي يقع عليم اسم مراحها الذي لا بعر فيه ولا بول قال ولا يحتمل الحديث معنى غيرهما وهو مستغن بتفسير حديث النبي ﷺ والدلائل عنه عن بعض هذا الإيضاح قال فمن صلي على موضع فيه بول أو بعر الإبل أو غنم أو ثلط البقر أو روث الخيل أو الحمير فعليه الإعادة لأن هذا كله نجس ومن صلى قربه فصلاته مجزئة عنه وأكره له

صفحة : 118

الصلاة في أعطان الإبل وإن لم يكن فيها قذر لنهى النبي ﷺ عنه فإن صلى أجزأه لأن النبي ﷺ صلى فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده فلم يفسد ذلك صلاته وفي هذا دليل على أنه نهيه أن يصلى في أعطان الإبل لأنها جن لقوله أخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان اختيار وليس يمتنع من أن تكون الجن حيث شاء الله من المنازل ولا يعلم ذلك أحد بعد رسول الله ﷺ قال الشافعي: مع أن الإبل نفسها إنما تعمد في البروك إلى أقدع مكان تجده وإن عطنها وإن كان غير دقع فحصته بمباركها وتمرغها حتى تدقعه أو تقربه من الإدقاع وليس ما كان هكذا من مواضع الاختيار من النظافة للمصليات فإن قال قائل فلعل أبوال الإبل وما أكل لحمه وأبعاره لا تنجس فلذلك أمر بالصلاة في مراح الغنم قيل فيكون إذا نهيه عن الصلاة في أعطان الإبل لأن أبوالها وأبعارها تنجس ولكنه ليس كما ذهبت إليه ولا يحتمله الحديث قال الشافعي: فإن ذهب ذاهب إلى أن أبوال الغنم ليست بنجسة لأن لحومها تؤكل قيل فلحوم الإبل تؤكل وقد نهى عن الصلاة في أعطانها فلو كان معنى أمره ﷺ بالصلاة في مراحها على أن أبوالها حلال لكانت أبوال الإبل وأبعارها حراما ولكن معناه إن شاء الله عز وجل على ما وصفنا

ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

صفحة : 119

باب استقبال القبلة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله عز وجل وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر وقال وعلامات وبالنجم هم يهتدون وقال لنبيه ﷺ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شره قال الشافعي: رحمه الله تعالى فنصب الله عز وجل لهم البيت والمسجد فكانوا إذا رأوه فعليهم استقبال البيت لأن رسول الله ﷺ مستقبله والناس معه حوله من كل جهة ودلهم بالعلامات التي خلق لهم والعقول التي ركب فيهم على قصد البيت الحرام وقصد المسجد الحرام وهو قصد البيت الحرام فالفرض على كل مصل فريضة أو نافلة أو على جنازة أو ساجد لشكر أو سجود قرآن أن يتحرى استقبال البيت إلا في حالين أرخص الله تعالى فيهما سأذكرهما إن شاء الله تعالى

كيف استقبال البيت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى واستقبال البيت وجهان فكل من كان يقدر على رؤية البيت ممن بمكة في مسجدها أو منزل منها أو سهل أو جبل فلا تجزيه صلاته حتى يصيب استقبال البيت لأنه يدرك صواب استقباله بمعاينته وإن كان أعمى وسعه أن يستقبل به غيره البيت ولم يكن له أن يصلى وهو لا يرى البيت بغير أن يستقبله به غيره فإن كان في حال لا يجد أحدا يستقبله به صلى وأعاد الصلاة لأنه على غير علم من أنه أصاب استقبال القبلة إذا غاب عنه بالدلائل التي جعلها الله من النجوم والشمس والقمر والجبال والرياح وغيرها مما يستدل به أهل الخبرة على التوجه إلى البيت وإن كان بصيرا وصلى في ظلمة واجتهد في استقبال القبلة فعلم أنه أخطأ استبقالها لم يجزه إلا أن يعيد الصلاة لأنه يرجع من ظن إلى إحاطة وكذلك إن كان أعمى فاستقبل به رجل القبلة ثم علم بخير من يثق به أنه أخطأ بهط استقبال القبلة أعاد الصلاة وإن صلى في ظلمة حائلة دون رؤية البيت فاستقبل القبلة في ظلمة أو استقبل به وهو أعمى ثم شكا إنهما قد أخطآ الكعبة لم يكن عليهما إعادة وهما على الصواب إذا حيل دون رؤية البيت حتى يعلما أن قد أخطآ فيعيدان معا قال الشافعي: ومن كان في موضع من مكة لا يرى منه البيت أو خارجا عن مكة فلا يحل له أن يدع كلما أراد المكتوبة أن يجتهد في طلب صواب الكعبة بالدلائل من النجوم والشمس والقمر

صفحة : 120

والجبال ومهب الريح وكل ما فيه عنده دلالة على القبلة وإذا كان رجال خارجون من مكة فاجتهدوافي طلب القبلة فاختلف اجتهادهم لم يسع واحدا منهم أن يتبع اجتهاد صاحبه وإن رآه أعلم بالاجتهاد منه حتى يدله صاحبه على علامة يرى هو بها أنه قد أخطأ باجتهاده الأول فيرجع إلى ما رآى هو لنفسه آخر إلى اتباع اجتهاد غيره ويصلى كل واحد منهم على جهته التي رأى أن القبلة فيها ولا يسع واحدا منهم أن يأتم بواحد إذا خالف اجتهاده اجتهاده قال فإذا كان فيهم أعمى لم يسعه أن يصلى إلى حيث رأي أن قد أصاب القبلة لأنه لا يرى شيئا ووسعه أن يصلى حيث رأي له بعضهم فإن اختلفوا عليه تبع آمنهم عنده وأصبرهم وإن خالفه غير قال وإن صلى الأعمى برأى نفسه أو منفردا كان في السفر وحده أو هو وغيره كانت عليه إعادة كل ما صلى برأى نفسه لأنه لا رأى لهقال الشافعي: وكل من دله على القبلة من رجل أو أمرأة أو عبد من المسلمين وكان بصيرا وسعه أن يقبل قوله إذا كان يصدقه وتصديقه أن لا يرى أنه كذبه قال ولا يسعه أن يقبل دلالة مشرك وإن رأى أنه قد صدقه لأنه ليس في موضع أمانة على القبلة قال الشافعي: وإذا أطبق الغيم ليلا أو نهارا لم يسع رجلا الصلاة إلا مجتهدا في طلب القبلة إما بجبل وإما ببحر أو بموضع شمس إن كان يرى شعاعا أو قمر إن كان يرى له نورا أو موضع نجم أو مهب ريح أو ما أشبه هذا من الدلائل وأي هذا كان إذا لم يجد غيره أجزأه فإن غمى عليه كل هذا فلم يكن له فيه دلالة صلى على الأغلب عنده وأعاد تلك الصلاة إذا وجد دلالة وقلما يخلو أحد من الدلالة وإذا خلا منها صلى على الأغلب عنده وأعاد الصلاة وهكذا إن كان أعمى منفودا أو محبوسا في ظلمة أو دخل في حال لا يرى فيها دلالة صلي على الأغلب عنده وكانت عليه الإعادة ولا تجزيه صلاة إلا بدلالة على وقت وقبلة من نفسه أو غيره إن كان لا يصل إلى رؤية الدلالة

ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صفحة : 121

فيمن استبان الخطأ بعد الاجتهاد

أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذا آتاهم آت فقال إن رسول الله ﷺ قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن قال الشافعي: وإذا غاب المرء عن البيت والمسجد الحرام الذي فيه البيت فاجتهد فرأى القبلة في موضع فلم يدخل في الصلاة حتى رآها في موضع آخر صلى حيث رأى آخرا ولم يسعه أن يصلى حيث رأى أولا وعليه اجتهاده حتى يدخل في الصلاة قال ولو افتتح الصلاة على جتهاده ثم رأى القبلة في غيره فهذان وجهان أحدهما إن كانت قبلته مشرقا فغمت السماء سحابة أو أخطأ بدلالة ريح أو غيره ثم تجلت الشمس أو القمر أو النجوم فعلم أنه صلى مشرقا أومغربا لم يعتد بما مضى من صلاته وسلم واستقبل القبلة على ما بان له لأنه على يقين من الخطأ في الأمر الأول فإن الكعبة في خلاف الموضع الذي صلى إليه فهو إن لم يرجع إلى يقين صواب عين الكعبة فقد رجع إلى يقين صواب جهتها وتبين خطأ جهته التى صلى إليها فحكمه حكم من صلى حيث يرى البيت مجتهدا ثم علم أنه أخطأ قال وكذلك إذا ترك الشرق كله واستقبل ما بين المشرق والمغرب وعلى كل ما أخطأ يقينا أن يرجع إليه ويقين الخطأ يوجد بالجهة وليس على من أخطأ غير يقين عين أن يرجع إليه ومن رأى أنه تحرف وهو مستيقن الجهة فالتحرف لا يكون يقين خطأ وذلك أن يرى أنه قد أخطأ قريبا مثل أن تكون قبلته شرقا فاستقبل الشرق ثم رأى قبلته منحرفة عن جهته التي استقبل يمينا أو يسارا وتلك جهة واحدة مشرقة لم يكن عليه إن صلى أن يعيد ولا إن كان في صلاة أن يلغى ما مضى منها وعليه أن ينحرف إلى اجتهاده الآخر فيكمل صلاته لأنه لمي رجع من يقين خطأ إلى يقين صواب جهة ولا عين وإنما رجع من اجتهاده بدلالة إلى اجتهاد بمثلها يمكن فيه أن يكون اجتهاده الأول أصوب من الآخر غير أنه إنما كلف أن يكون في كل صلاته حيث يدله اجتهاده على القبلة قال وهكذا إن رأى بعد الاجتهاد الثاني وهو في الصلاة أنه انحرف قليلا ينحرف إلى حيث يرى تكمل صلاته واعتد بما مضى فإن كان معه أعمى انحرف الأعمى بتحرفه ولا يسعه غير ذلك وكذلك في الموضع الذي تنتقض فيه صلاته بيقين خطأ القبلة تنتقض صلاة الأعمى معه إذا أعلمه فإن لم يعلمه ذلك في مقامه فأعلمه إياه بعد أعاد الأعمى وإن اجتهد بصير فتوجه ثم عمى بعد التوجه فله أن يمضى على جهته فإ استدار عنها بنفسه أو أداره غيره قبل أن تكمل صلاته فعليه أن يخرج من صلاته ويستقبل لها اجتهادا

صفحة : 122

بغيره فإن لم يجد غيره صلاها وأعادها متى وجدد مجتهدا بصيرا غيره وإن اجتهد مجتهد أو جماعة فرأوا القبلة في موضع فصلوا إليها جماعة وأبصر من خلف الإمام أن قد أخطأ وأن القبلة منحرفة عن موضعه الذي توجه إليه انحرافا قريبا انحرف إليه فصلى لنفسه فإن كان يرى أن الرجل إذا كان خلف الإمام ثم خرج من إمامة الإمام قبل أن يكمل الإمام صلاته وصار إماما لنفسه فصلاته مجزية عنه بنى على صلاته وإن كان يرى أنه مذ خرج إلى إمامة نفسه قبل فراغ الإمام من الصلاة فسدت صلاته عليه استأنف والاحتياط أن يقطع الصلاة ويستقبل حيث رأى القبلة قال وهكذا كل من خلفه من أول صلاته وآخرها ما لم يخرجوا من الصلاة فإن كان الإمام رأى القبلة منحرفة عن حيث توجه توجه إلى حيث رأى ولم يكن لأحد ممن وراءه أن يتوجه بتوجهه إلا أن يرى مثل رأيه فمن حدث له منهم مثل رأيه توجه بتوجهه ومن لم ير مثل رأيه خرج من أمامته وكان له أن يبنى على صلاته منفردا وإنما خالف بين هذا والمسئلة الأولى أن الإمام أخرة نفسه في هذه المسألة من إمامتهم فلا يفسد ذلك صلاتهم بحال ألا ترى أنه لو أفسد صلاة نفسه أو انصرف لرعاف أو غيره بنو لأنه مخرج نفسه من الإمامة لاهم وفي المسألة الأولى مخرجون أنفسهم من أمامته لا هو قال والقياس أن لا يكون للأولين بكل حال أن يبنوا على صلاتهم معه لأن عليهم أن يفعلوا ما فعلوا وعليه إن يفعل ما فعل فثبوته على ما فعل قد يكون إخراجا لنفسه من الإمامة وبه أقول وإذا اجتهد الرجل في القبلة فدخل في الصلاة ثم شك ولم ير القبلة في غير اجتهاده الأول مضي على صلاته لأنه على قبلة ما لم ير غيرها والإمام والمأموم في هذا سواء وإذا اجتهد بالأعمى فوجهه للقبلة فرأى القبلة في غير الجهة التي وجه لها لم يكن له أن يستقبل حيث رأى لأنه لا رأى له وإن قال له غيره قد أخطأ بك الذي اجتهد لك فصدقه انحرف إلى حيث يقول له غيره وما مضي من صلاته مجزيء عنه لأنه اجتهد به من له قبول اجتهاد قال وإذا حبس الرجل في ظلمة وحيث لا دلالة بوجه من الوجوه ولا دليل يصدقه فهو كالأعمى يتأخى ويصلي على أكثر ما عنده ويعيد كل صلاة صلاها بلا دلالة وقد قيل يسع البصير إذا عميت عليه الدلالة اجتهاد غيره فإن أخطأ به المجتهد له القبلة فدله على جهة مشرقة والقبلة مغربة أعاد كل ما صلي وإن رأي أنه أخطأ به قريبا منحرفا أحببت أن يعيد وإن لم يفعل فليس عليه إعادة لأن اجتهاده في حاله تلك له إذا صدقه كاجتهاده كان لنفسه إذا لم يكن له سبيل إلى دلالة قال الشافعي: وهو يفارق الأعمى في هذا الموضع فلو أن بصيرا اجتهد لأعمى ثم قال له غيره

صفحة : 123

قد أخطأ بك فشرق والقبلة مغربة فلم يدر لعله صدق لم يكن عليه إعادة لأن خبر الأول كخبر الآخر إذا كانا عنده من أهل الصدق وأيهما كان عنده من أهل الكذب لم يقبل منه قال والبصير إنما يصلى بيقين أو اجتهاد نفسه ولو صلى رجل شاك لا يرى القبلة في مضوع بعينه أعاد ولا تجزئه الصلاة حتى يصلى وهو يرى القبلة في موضع بعينه وكذلك لو اشتبه عليه موضعان فغلب عليه أن القبلة في أحدهما دون الآخر فصلى حيث يراها فإن صلى ولا يغلب عليه واحد منهما أعاد وكذلك لو افتتح على هذا الشك ثم رآها حيث افتتح فمضى على صلاته أعاد لا تجزئه حتى يفتتحها حيث يراها

باب الحالين اللذين يجوز فيهما استقبال غير القبلة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى الحالان اللذان يجوز فيهما استقبال غير القبلة قال الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إلى فلتقم طائفة منهم معك الآية قال فأمرهم الله خائفين محروسين بالصلاة فدل ذلك على أنه أمرهم بالصلاة للجهة التي وجههم لها من القبلة وقال الله عز وجل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى إلى ركبانا فدل إرخاصه في أن يصلوا رجالا وركبانا على أن الحال التي أذن لهم فيها بأن يصلوا رجال وركبانا من الخوف غير الحال الأولى التي أمرهم فيها أن يحرس بعضهم بعضا فعلمنا أن الخوفين مختلفان وأن الخوف الآخر الذي أذن لهم فيه أن يصلوا رجالا وركبانا لا يكون إلا أشد من الخوف الأول وذلك على أن لهم أن يصلوا حيث توجهوا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها في هذه الحال وقعودا على الدواب وقياما على الأقدام ودلت على ذلك السنة أخبرنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال يتقدم الإمام وطائقة ثم قص الحديث وقال ابن عمر في الحديث فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها قال مالك قال نافع ما أرى عبد الله ذكر ذلك إلا عن رسول الله ﷺ وأخبرنا عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه قال الشافعي: ولا يجوز في صلاة مكتوبة استقبال غير القبلة إلا عند إطلال العدو على المسلمين وذلك عند المسايفة وما أشبهها ودنو الزحف من الزحف فيجوز أن يصلوا الصلاة في ذلك الوقت رجالا وركبانا فإن قدروا على استقبال القبلة وإلا صلوا مستقبلي حيث يقدرون وإن لم

صفحة : 124

يقدروا على ركوع ولا سجود أومؤوا إيماء وكذلك إن طلبهم العدو فأطلوا عليهم صلوا متوجهين على دوابهم يؤمئون إيماء ولا يجوز لهم في واحد من الحالين أن يصلوا على غير وضوء ولا تيمم ولا ينقصون من عدد الصلاة شيئا ويجوز لهم أن يصلوا بتيمم وإن كان الماء قريبا لأنه محول بينهم وبين الماء وسواء أي عدو أطل عليه أكفار أم لصوص أم أهل بغي أم سباع أم فحول إبل لأن كل ذلك يخاف إتلافه وإن طلبهم العدو فنأوا عن العدو حتى مكنهم أن ينزلوا بلا خوف أن يرهقوا لم يكن إلا النزول والصلاة بالأرض إلى القبلة وإن خافوا الرهق صلوا ركبانا وإن صلوا ركبانا يومئون ببعض الصلاة ثم أمنوا العدو كان عليهم أن ينزلوا فيصلوا ما بقى من الصلاة مستقبلى القبلة وأحب إلي لو استأنفوا الصلاة بالأرض ولبس لهم أن يقصروا الصلاة في شيء من هذه الحالات إلا أن يكونوا في سفر يقصر في مثله الصلاة فإن كان المسلمون طالبي العدو فطلبوهم طلبا لم يأمنوا رجعة العدو عليهم فيه صلوا هكذا وإن كانوا إذا وقفوا عن الطلب أو رجعوا أمنوا رجعتهم لم يكن لهم إلا أن ينزلوا فيصلوا ويدعوا الطلب فلا يكون لهم أن يطلبوهم ويدعو الصلاة بالأرض إذا أمكنهم لأن الطلب نافلة فلا تترك لها الفريضة وإنما يكون ما وصفت من الرخصة في الصلاة في شدة الخوف ركبانا وغير مستقبلي القبلة إذا كان الرجل يقاتل المشركين أو يدفع عن نفسه مظلوما ولا يكون هذا لفئة باغية ولا رجل قاتل عاصيا بحال وعلى من صلاها كذا وهو ظالم بالقتال إعادة كل صلاة صلاها بهذه الحال وكذلك إن خرج يقطع سبيل أو يفسد في الأرض فخاف سبعا أو جملا صائلا صلي يوميء وأعاد إذا أمن ولا رخصة عندنا لعاص إذا وجد السبيل إلى أداء الفريضة بحال

ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

صفحة : 125

الحال الثانية التي يجوز فيها استقبال غير القبلة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ودلت سنة رسول الله ﷺ على أن للمسافر إذا تطوع راكبا أن يصلى راكبا حيث توجه قال وإذا كان الرجل مسافرا متطوعا راكبا صلى النوافل حيث توجهت به راحلته وصلاها على أي دابة قدر على ركوبها حمارا أو بعيرا أو غيره وإذا أراد الركوع أو السجود أومأ إيماء وجعل السجود أخفض من الركوع وليس له أن يصلى إلى غير القبلة مسافرا ولا مقيما إذا كان غير خائف صلاة وجبت عليه بحال مكتوبة في وقتها أو فائتة أو صلاة نذر أو صلاة طواف أو صلاة على جنازة قال وبهذا فرقنا بين الرجل يوجب على نفسه الصلاة قبل الدخول فيها فقلنا لا يجزيه فيها إلا ما يجزيه في المكتوبات من القبلة وغيرها وبين الرجل يدخل في الصلاة متطوعا ثم زعمنا أنه غلط من زعم أنه إذا دخل فيها بلا إيجاب لها فحكمها حكم الواجب وهو يزعم كما نزعم أنه لا يصلى واجبا لنفسه إلا واجبا أوجبه على نفسه مسافرا إلا إلى القبلة وأن المتطوع يصلى إلى غير القبلة أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال كان رسول الله ﷺ يصلى على راحلته في السفر حيثما توجهت به أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن ابن عمر أنه قال رأيت رسول الله ﷺ يصلى على حمار وهو متوجه إلى خيبر قال الشافعي: يعنى النوافل أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول رأيت رسول الله ﷺ وهو يصلى وهو على راحلته النوافل في كل جهة أخبرنا محمد بن إسمعيل عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن جابر أن النبي ﷺ في غزوة بني أنمار كان يصلى على راحلته متوجها قبل المشرق وإاذ كان المسافر ماشيا م يجزه أن يصلى حتى يتسقبل القبلة فيكبر ثم ينحرف إلى جهته فيمشى فإذا حضر ركوعه لم يجزه في الركوع ولا في السجود إلا أن يركع ويسجد بالأرض لأنه لا مؤنة عليه في ذلك كهى على الراكب قال وسجود القرآن والشكر والوتر وركعتا الفجر نافلة فللراكب أن يومىء به إيماء وعلى الماشي أن يسجد به إذا أراد السجود ولا يكون للراكب في مصر أن يصلى نافلة إلا كما يصلى المكتوبة إلى قبلة وعلى الأرض وما تجزيه الصلاة عليه في المكتوبة لأن أصل

صفحة : 126

فرض المصلين سواء إلا حيث دل كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله ﷺ أنه أرخص لهم قال وسواء قصير السفر وطويله إذا خرج من المصر مسافرا يصلى حيث توجهت به راحلته متطوعا كما يكون له التيمم في قصير السفر وطويله لأنه يقع على كل اسم سفر وكذلك لو ركب محملا أو حمارا أو غيره كان له أن يصلى حيث توجهت به مركبه وإن افتتح الصلاة متطوعا راكبا مسافرا ثم دخل المصر لم يكن له أن يمضى على صلاته بعد أن يصير إلى مصره ولا موضع مقام له فكان عليه أن ينزل فيركع ويسجد بالأرض وكذلك إذا نزل في قرية أو غيرها لم يكن له أن يمضى على صلاته وإن مر بقرية في سفره ليست مصره ولا يريد النزول بها فهي من سفره وله أن يمضى فيها مصليا على بعيره وإن نزل في سفره منزلا في صحراء أو قرية فسواء ولا يكون له أن يصلى إلا على الأرض كما يصلى المكتوبة وإن افتتح الصلاة على الأرض ثم أراد الركوب لم يكن له ذلك إلا أن يخرج من الصلاة التي افتتح بإكمالها بالسلام فإن ركب قبل أن يكملها فهو قاطع لها ولا يكون متطوعا على البعير حتي يفتتح على البعير صلاة بعد فراقه النزول وكذلك إذا خرج ماشيا وإن افتتح الصلاة على الأرض مسافرا فأراد ركوب البعير لم يكن ذلك له حتى يركع ويسجد ويسلم فإن فعل قبل أن يصلى ويسلم قطع صلاته وكذلك لو فعل ثم ركب فقرأ ثم نزل فسجد بالأرض كان قاطعا لصلاته لأن ابتداء الركوب عمل يطول ليس له أن يعمله في الصلاة ولو افتتح الصلاة راكبا فأراد النزول قبل أن يكمل الصلاة وأن يكون في صلاته كان ذلك له لأن النزول أخف في العمل من الركوب وإذا نزل ركع على الأرض وسجد لا يجزيه غيره فإذا نزل ثم ركب قطع الصلاة بالركوب كما وصفت بأنه كان عليه إذا نزل أن يركع ويسجد على الأرض وإذا افتتاح الصلاة راكبا أو ماشيا فإن انحرفت به طريقه كان له أن ينحرف وهو في الصلاة وإن انحرفت عن جهته حتى يوليها قفاه كله بغير طريق يسلكها فقد أفسد صلاته إلا أن تكون القبلة في الطريق التي انحرف إليها ولو غبته ادبته أو نعس فولى طريقه قفاه إلى غير قبلة فإن رجع مكانه بنى على صلاته وإن تطاول ساهيا ثم ذكر مضى على صلاته وسجد للسهو وإن ثبت وهو لا يمكنه أن ينحرف ذاكرا لأنه في صلاة فلم ينحرف فسدت صلاته وإذا ركب فأراد افتتاح الصلاة حيث توجهت به راحلته لم يكن عليه تأخي القبلة لأن له أن يتعمد أن يجعل قبلته حيث توجه مركبه فإن افتتاح الصلاة وبعيره واقف قبل القبلة منحرفا عن طريقه افتتحها على القبلة ومضي على بعيره وإن افتتحها وبعيره واقف على غير القبلة لم يكن له ذلك ولا يفتتحها

صفحة : 127

الا وبعيره متوجه إلى القبلة أو طريق حين يفتتحها فأما وهو واقف على غير القبلة فلا يكون له أن يفتتح الصلاة وليس لراكب السفينة ولا الرمث ولا شيء مما يركب في البحر أن يصلى نافلة حيث توجهت به السفينة ولكن عليه أن ينحرف إلى القبلة وإن غرق فتعلق بعود صلي على جهته يوميء إيماء ثم أعاد كل مكتوبة صلاها بتلك الحال إذا صلاها إلى غير قبلة ولم يعد ما صلى إلى قبله بتلك الحال فإن قال قائل كيف يومي ولا يعيد للضرورة ويصلى منحرفا عن القبلة للضرورة فيعيد قيل لأنه جعل للمريض أن يصلى كيف أمكنه ولم يجعل له أن يصلى إلى غير قبلة مكتوبة بحال

باب الصلاة في الكعبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ دخل الكعبة ومع بلال وأسامة وعثمان بن طلحة قال ابن عمر فسألت بلالا ما صنع رسول الله ﷺ في الكعبة قال جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى قل وكان البيت على ستة أعمدة يومئذقال الشافعي: فيصلى في الكعبة النافلة والفريضة وأي الكعبة استقبل الذي يصلى في جوفها فهو قبلة كما يكون المصلى خارجا منها إذا استقبل بعضها كان قبلته ولو استقبل بابها فلم يكن بين يديه شيء من بنيانها يستره لم يجزه وكذلك إن صلى وراء ظهرها فلم يكن بين يديه من بنيانها شيء يستره لم يجزه حينئذ لأن بناء الكعبة ليس بين يديه شيء يستره وإن بنى فوقها ما يستر المصلى فصلى فوقها أجزأته صلاته وإذا جاز أن يصلى الرجل فيها نافلة جاز أن يصلى فريضة ولا موضع أطهر منها ولا أولي بالفضل إلا أنا نحب أن يصلى في الجماعة والجماعة خارج منها فأما الصلاة الفائتة فالصلاة فيها أحب إلى من الصلاة خارجا منها وكل ما قرب منها كان أحب إلى مما بعد

ID ' ' جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

صفحة : 128

باب النية في الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فرض الله عز وجل الصلوات وأبان رسول الله ﷺ عدد كل واحدة منهن ووقتها وما يعمل فيهن وفي كل واحدة منهن وأبان الله عز وجل منهن نافلة وفرضا فقال لنبيه ﷺ ومن الليل فتهحد به نافلة لك ثم أبان ذلك رسول الله ﷺ فكان بينا والله تعالى أعلم إذا كان من الصلاة نافلة وفرض وكان الفرض منها مؤقتا أن لا تجزي عنه صلاة إلا بأن ينويها مصلياقال الشافعي: وكان على المصلى في كل صلاة واجبة أن يصليها متطهرا وبعد الوقت ومستقبلا للقبلة وينويها بعينها ويكبر فإن ترك واحدة من هذه الخصال لم تجزه صلاتهقال الشافعي: والنية لا تقوم مقام التكبير ولا تجزيه النية إلا أن تكون مع التكبير لا تتقدم التكبير ولا تكون بعده فلو قام إلى الصلاة بنية ثم عزبت عليه النية بنسيان أو غيره ثم كبر وصلى لم يجزه هذه الصلاة وكذلك لو نوى صلاة بعينها ثم عزبت عنه نية الصلاة التي قام لها بعينها وثبتت نيته على أداء صلاة عليه في ذلك الوقت إما صلاة في وقتها وإما صلاة فائتة لم تجز هذه الصلاة لأنه لم ينوها بعينها وهي لا تجزيه حتى ينويها بعينها لا يشك فيها ولا يخلط بالنية سواها وكذلك لو فاتته صلاة لم يدر أهي الظهر أو العصر فكبر ينوى الصلاة الفائتة لم تجز عنه لأنه لم يقصد بالنية قصد صلاة بعينها قال الشافعي: ولهذا قلنا إذا فاتت الرجل صلاة لم يدر أي صلاة هي بعينها صلى الصلوات الخمس ينوي بكل واحدة منهن الصلاة الفائتة له ولو فاتته صلاتان يعرفهما فدخل في إحداهما بنية ثم شك فلم يدر أيتهما نوى وصلي لم تجزه هذه الصلاة عن واحدة منها ولا تجزيه الصلاة حتى يكون على يقين من التي نوى قال الشافعي: ولو دخل في صلاة بعينها بنية ثم عزبت عنه النية فصلي الصلاة أجزأته دخلها والنية مجزئة له وعزوب النية لا يفسدها إذا دخلها وهي مجزئة عنه إذا لم يصرف النية عنها ولو أن رجلا دخل في صلاة بنية ثم صرف النية إلى صلاة غيرها أو صرف النية إلى الخروج منها وإن لم يخرج منها ثم اعاد النية إليها فق فسدت عليه وساعة ويصرف النية عنها تفسد عليه ويكون عليه إعادتها وكذلك لو دخلها بنية ثم حدث نفسه أيعمل فيها أم يدع فسدت عليه إذا أزال نيته عن المضي عليها بحال وليس كالذي نوى ثم عزبت بنيته ولم يصرفها إلى غيره لأنه ليس عليه ذكر النية في كل حين فيها إذا دخل بها ولو كان مستيقنا أنه دخلها بنية ثم شك هل دخلها بنية أم لا

صفحة : 129

ثم تذكر قبل أن يحدث فيها عملا أجزأته والعمل فيها قراءة أو ركوع أو سجود ولو كان شكه هذا وقد سجد فرفع رأسه فسجد فيها كان هذا عملا وإذا عمل شيئا عم عملها وهو شاك ف نيته أعاد الصلاة وإن ذكر قبل أن يعمل بعملها شيئا أجزأته الصلاة ولو دخل الصلاة بنية ثم صرف النية إلى صلاة غيرها نافلة أو فريضة فتمت نيته على الصلاة التي صرفها إليها لم تجز عنه الصلاة الأولى التي دخل فيها ينويها لأنه صرف النية عنها إلي غيرها ولا تجزيه الصلاة التي صرف إليها النية لأنه لم يبتدئها وإن نواها ولو كبر ولم ينو صلاة بعينها ثم نواها لم تجزه لأنه قد دخل في صلاة لم يقصد قصدها بالنية ولو فاتته ظهر وعصر فدخل في الظهر ينوي بها الظهر والعصر لم تجزه صلاته عن واحدة منهما لأنه لم يحض النية للظهر ولا للعصر ولو فاتته صلاة لا يدر أي

باب ما يدخل به في الصلاة من التكبير

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد ابن سالم عن سفيان بن سعيد الثوري عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن محمد بن علي بن الحنيفة عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها الكبير وتحليلها التسليم قال الشافعي: فمن أحسن التكبير لم يكن داخلا في الصلاة إلا بالتكبير نفسه والتكبير الله أكبر ولا يكون داخلا بغير التكبير نفسه ولو قال الله الكبير الله العظيم أو الله الجليل أو الحمد لله أو سبحان الله أو ما ذكر الله به لم يكن داخلا في الصلاة إلا بالتكبير نفسه وهو الله أكبر ولو قال الله أكبر من كل شيء وأعظم والله أكبر كبيرا فقد كبر وزاد شيئا فهو داخل في الصلاة بالتكبير والزيادة نافلة وكذلك إن قال الله الأكبر وهكذا التكبير وزيادة الألف واللام لا تحيل معنى التكبير ومن لم يحسن التكبير بالعربية كبر بلسانه ما كان وأجزأه وعليه أن يتعلم التكبير والقرآن والتشهد بالعربية فإن علم لم تجزه صلاته إلا بأن يأتى به بالعربيةقال الشافعي: ولو أن رجلا عرف العربية وألسنة سواها فأتى بالتكبير نفسه بغير العربية لم يكن داخلا في الصلاة إنما يجزيه التكبير بلسانه ما لم يحسنه بالعربية فإذا أحسنها لم يجزه التكبير إلا بالعربيةقال الشافعي: فمن قال كلمة مما وصفت أنه لا يكون داخلا بها في الصلاة أو أغفل التكبير فصلى فأتى على جميع عمل الصلاة منفردا أو إماما أو مأموما أعاد الصلاة وإن ذكر بعد ما يصلى ركعة أو ركعتين أنه لم يكبر ابتدأ التكبير مكانه ينوي به تكبيرة الافتتاح وألغى ما مضي من صلاته لأنه لم يكن في صلاة وكان حين كبر داخلا في الصلاة ولا أبالي أن لا يسلم لأنه لم يكن في صلاة وسواء كان يصلى وراء إمام أو

صفحة : 130

منفردا فإن كان منفردا فهو الاستئناف ولا يزول من موضعه إن شاء وإن زال فلا شيء عليه وإن كان مأموما فكذلك يبتديء التكبير ثم يكون داخلا في الصلاة من ساعته التي كبر فيها ولا يمضى في صلاة لم يدخل فيها إذا لم يكبر للدخول فيها قال الشافعي: فإن كان مأموما فأدرك الإمام قبل أن يركع أو راكعا فكبر تكبيرة واحدة فإن نوى بها تكبيرة الافتتاح أجزأته وكان داخلا في الصلاة وإن نوى بها تكبيرة الركوع لم يكن داخلا في الصلاة وإن كبر لا ينوي واحدة منهما فليس بداخل في الصلاة وإن كبر ينوي تكبيرة الافتتاح وجعل النية مشتركة بين التكبير الذي يدخل به في الصلاة وغيره فإذا ذكر فيما ذكرت أنه ليس بداخل به في الصلاةة فاستأنف فكبر تكبيرة ينوي بها الافتتاح كان حينئذ داخلا في الصلاة لأنه لم يكن في صلاة وإن ذكر فيما قلت هو فيه داخلا في نافلة وكبر ينوي المكتوبة لم يكن له مكتوبة لأنه في صلاة حتى يسلم منها ثم يدخل في المكتوبة بتكبير بعد الخروج من النافلة ولو كبر ونوى المكتوبة وليس في صلاة وهو راكع لم يجزه ولا يجزيه حتى يكبر قائما فإن كان مع الإمام فأدركه قبل أن يرفع رأسه من ركوعه فقد أدرك الركعة وإن لم يدركه حتى يرفع رأسه من الركوع فقد فاتته تلك الركعة قال ويكون عليه أن يكبر قائما ينوي المكتوبة ولا يكون داخلا في الصلاة المكتوبة إلا بما وصفت وإن نقص من التكبير حرفا لم يكن داخلا في الصلاة إلا بإكماله التكبير قائما ولو أبقى من التكبير حفرا أتى به وهو راكع أو منحن للركوع أو غير قائم لم يكن داخلا في الصلاة المكتوبة وكان داخلا في نافلة حتى يقطع بسلام ثم يعود قائما فيكمل التكبير وذلك مثل أن يقول الله أكبر ولم ينطق بالراء من التكبير إلا راكعا أو يحذف الراء فلم ينطق بها لم يكن مكملا للتكبير وإن قال الكبير الله لم أره داخلا في الصلاة بهذا وكذلك لو قرأ شيئا من القرآن لا تجزيه الصلاة إلا بهد قدم منه وأخر وأتى عليه رأيت أن يعيد حتى يأتى به متتابعا كما أنزل وإذا كان بالمصلى خبل لسان حركه بالكبير ما قدر وبلغ منه أكثر ما يقدر عليه وأجزأه ذلك لأنه قد فعل الذي قد أطاق منه وليس عليه أكثر منه وسواء في هذا الأخرس ومقطوع اللسان ومن بلسانه عارض ما كان وهكذا يصنع هؤلاء في القراءة والتشهد والذكر في الصلاة وأحب للامام أن يجهر بالتكبير ويبينه ولا يمططه ولا يحذفه وللمأموم ذلك كله إلا الجهر بالتكبير فإنه يسمعه نفسه ومن إلى جنبه إن شاء لا يجاوزه وإن لم يفعل ذلك الإمام ولا المأموم وأسمعاه أنفسهما أجزأهما وإن لم يسمعاه أنفسهما لم يجزهما ولا يكون تكبيرا مجزئا حتى يسمعاه أنفسهما وكل مصل من رجل أو امرأة في

صفحة : 131

التكبير سواء إلا أن النساء لا يجاوزن في التكبير استماع أنفسهن وإن أمتهن إحداهن أحببت أن تسمعهن وتخفض صوتا عليهن فإذا كبرن خفضن أصواتهن في التكبير في الخفض والرفع

باب من لا يحسن القراءة

وأقل فرض الصلاة والتكبير في الخفض والرفع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن رفاعة ابن مالك أنه سمع النبي ﷺ يقول إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليتوضأ كما أمره الله تعالى ثم ليكبر فإن كان معه شيء من القرآن قرأ به وإن لم يكن معه شيء من القرآن فليحمد الله وليكبر ثم ليركع حتى يطمئن راكعا ثم ليرفع فليقم حتى يطمئن قائما ثم يسجد حتى يطمئن ساجدا ثم ليرفع رأسه فليجلس حتى يطمئن جالسا فمن نقص من هذا فإنما ينقص من صلاته أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني محمد بن عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن رفاعة بن رافع قال جاء رجل يصلى في المسجد قريبا من رسول الله ﷺ ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فقال له النبي ﷺ أعد صلاتك فإنك لم تصل فعاد فصلى كنحو مما صلى فقال النبي ﷺ أعد صلاتك فإنك لم تصل فقال علمني يا رسول الله كيف أصلى قال إذا توجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء الله أن تقرأ فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن ركوعك وامدد ظهرك فإذا رفعت فأقم صلبك وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها فإذا سجدت فمكن سجودك فإذا رفعت فاجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة حتى تطمئن قال الشافعي: وبهذا كله نأخذ فأمر من لم يحسن يقرأ أن يذكر الله تعالى فيحمده ويكبره ولا يجزيه إذا لم يحسن يقرأ إلا ذكر الله عز وجل وفي هذا دليل على أنه إنما خوطب بالقراءة من يحسنها وكذلك خوطب بالفرائض من يطيقها ويعقلها وإذا لم يحسن أم القرآن وأحسن غيرها لم يجزه أن يصلى بلا قراءة وأجزأه في غيرها بقدر أم القرآن لا يجزيه أقل من سبع آيات وأحب إلى أن يزيد إن أحسن وأقل ما أحب أن يزيد آية حتى تكون قدر أم القرآن وآية ولا يبين لي إن اقتصر على أم القرآن إن أحسنها أو غيرها وقدرها إن لم يحسنها أن عليه إعادة فإن لم يحسن

صفحة : 132

سبع آيات وأحسن أقل منهن لم يجزه إلا أن يقرأ بما أحسن كله إذا كان سبع آيات أو أقل فإن قرأ بأقل منه أعاد الركعة التي لم يكمل فيها سبع آيات إذا أحسنهن وسواء كان الآي طوالا أو قصارا لا يجزيه إلا بعدد آي أم القرآن وسواء كن في سورة واحدة أو سور متفرقة لا يجزيه حتى يأتى بسبع آيات إذا أحسن سبعا أو ثمانيا وكان أقل ما عليه أن يأتى بسبع آيات وإن لم يحسن سبعا ذكر الله عز وجل مع ما أحسن ولا يجزيه إلا أن يذكر الله بتعظيم فإذا جاء بشيء من ذكر الله تعالى أجزأه مع ما يحسن وإنما قلت هذا أن رسول الله ﷺ إذ جعل عليه أن يذكر الله حين لا يحسن أم القرآن وإن لم يأمره بصلاة بلا ذكر عقلت أنه إذا أحسن أم القرآن الذي هو سنة الصلاة كان عليه أوجب من الذكر غيره وإن لم يحسن الرجل أم القرآن لم يجز أن يؤم من يحسن أم القرآن فإن أمه لم تجز للمأموم صلاته وأجزأت الإمام فإذا أحسن أم القرآن ولم يحسن غيرها لم أحب أن يؤم من يحسنها وأكثر منها وإن فعل فلا يبين لي أن يعيد من صلى خلفه لأنها إن انتهى إليها فلا يبين لى أن يعيد من لم يزد عليها ولا أحب إلا أن يزاد معها آية أو أكثر ويجوز أن يؤم من لا يحسن أم القرآن ولا شيئا من القرآن من لا يحسن ولا يجوز أن يؤم من لا يحسن أحدا يحسن شيئا من القرآن ومن أحسن شيئا من القرآن فهو أولى بأن يؤم ممن لا يحسن ومن أحسن أقل من سبع آيات فأم أو صلى منفردا ردد بعض الآي حتى يقرأ به سبع آيات أو ثمان آيات وإن لم يفعل لم أر عليه إعادة ولا يجزيه في كل ركعة إلا قراءة ما أحسن مما بينه وبين أن قال الشافعي: وفي حديث رفاعة بن مالك عن النبي ﷺ دليل على أن رسول الله ﷺ علمه الفرض عليه في الصلاة دون الاختيار فعلمه الوضوء وتكبيرة الافتتاح قبل القراءة ولم يذكر أنه علمه القول بعد تكبيرة الافتتاح قبل القراءة ولا التكبير في الخفض والرفع وقول سمع الله لمن حمده ولا رفع اليدين في الصلاة ولا التسبيح في الركوع والسجود وقد علمه القراءة فإن لم يحسن فالذكر وعلمه الركوع والسجود والاعتدال من الركوع والسجود والجلوس في الصلاة والقراءة فلهذا قلنا من ترك افتتاح الصلاة بعد تكبيرة الافتتاح والتكبير في الخفض والرفع ورفع اليدين في الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ويجلس جلسة لم يأمره بها في الصلاة فقد ترك الاختيار وليست عليه إعادة صلاته وعلم رجلا في حديث ابن عجلان قراءة أم القرآن وقال ما شاء الله فجعل ذلك إلى القاريء فاحتمل أن يكون قراءة أم القرآن في الصلاة فرضا مع ما جاء فيها غير هذا مما يشبه أن يكون يدل على أنها تجزي عن غيرها ولا

صفحة : 133

يجزي غيرها عنها وإن تركها وهو يحسن لم تجزه الصلاة وإن ترك غيرها كرهته له ولا يبين لي أن عليه إعادة الصلاة وهو قد يحتمل أن يكون الفرض على من أحسن القراءة قراءة أم القرآن وآية أو أكثر لأن أقل ما ينبغي أن يقرأ مع أم القرآن في ركعة آية لقول النبي ﷺ وما شاء الله معا فلا أحب لأحد أن يدع أن يقرأ مع أم القرآن في ركعة آية وإن تركها كرهته له ولا يبين لي أن عليه إعادة لما وصفت وإن حديث عبادة وأبي هريرة يدلان على فرض أم القرآن ولا دلالة له فيهما ولا في واحد منهما على فرض غيرها معها قال الشافعي: والعمد في ترك أم القرآن والخطأ سواء في أن لا تجزيء ركعة إلا بها أو بشيء معها إلا ما يذكر من المأموم إن شاء الله تعالى ومن لا يحسن يقرؤها فلهذا قلنا إن من لم يحسن يقرأ أجزأته الصلاة بلا قراءة وبأن الفرض على من علمه ولم يذكر النبي ﷺ الجلوس للتشهد إنما ذكر الجلوس من السجود فأوجبنا التشهد والصلاة على النبي ﷺ على من أحسنه بغير هذا الحديث فأقل ما على المرء في صلاته ما وصفنا وأكمله ما نحن فيه ذاكرون إن شاء الله تعالى

باب رفع اليدين في التكبير في الصلاة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال رأيت رسول الله ﷺ إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى تحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ولا يرفع بين السجدتين قال الشافعي: وقد روى هذا سوى ابن عمر اثنا عشر رجلا عن النبي ﷺ قال الشافعي: وبهذا نقول فنأمر كل مصل إماما أو مأموما أو منفردا رجلا أو امرأة أن يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع ويكون رفعه في كل واحدة من هذه الثلاث حذو منكبيه ويثبت يديه مرفوعتين حتى يفرغ من التكبير كله ويكون مع افتتاح التكبير ورد يديه عن الرفع مع انقضائه ولا نأمره أن يرفع يديه في شيء من الذكر في الصلاة التي لها ركوع وسجود إلا في هذه المواضع الثلاث فإن كان بإحدى يدي المصلى علة لا يقدر على رفعها معها حتى يبلغ حيث وصفت ويقدر على رفعها دون ذلك رفعها إلى حديث يقدر فإن كانت به علة لا يقدر على رفعها معها مجاوزا لمنكبيه ولا يقدر على الاقتصار برفعها على منكبيه ولا مادونهما فلا يدع رفعهما وإن جاوز منكبيه

صفحة : 134

قال الشافعي: وإن كانت به علة يقدر معها على أحد رفعين إما رفع دون منكبيه وإما رفع فوق منكبيه ولا يقدر على رفعهما حذو منكبيه رفعهما فوق منكبيه لأنه قد جاء بالرفع كما أمر والزيادة شيء غلب عليه قال الشافعي: وإن كانت إحداهما صحيحة والأخرى عليلة صنع بالعليلة ما وصفت واقتصر بالصحيحة على حذو منكبيه وإن غفل فصلى بلا رفع اليدين حيث أمرته به وحتى تنقضى التكبيرة التي أمرته بالرفع فيها لم يرفعهما بعد التكبيرة ولا بعد فراغه من قول سمع الله لمن حمده ولا في موضع غيره لأنه هيئة في وقت فإذا مضى لم يوضع في غيره وإن أغفله عند ابتداء التكبير وذكره قبل أن يقضيه رفع وكل ما قلت يصنعه في التكبيرة الأولى والتكبيرة للركوع أمرته يصنعه في قوله سمع الله لمن حمده وفي قوله ربنا ولك الحمد وإن أثبت يديه بعد انقضاء التكبير مرفوعتين قليلا فلا يضره ولا آمره به ورفع اليدين في كل صلاة نافلة وفريضة سواء قال الشافعي: ويرفع يديه في كل تكبيرة على جنازة خبرا وقياسا على إنه تكبير وهو قائم وفي كل تكبير العيدين والاستسقاء لأن كل هذا تكبير وهو قائم وكذلك يرفع يديه في التكبير لسجود القرآن وسجود الشكر لأنهما معا تكبير افتتاح وسواء في هذا كله صلى أو سجد وهو قائم أو قاعد أو مضطجع يوميء إيماء في أن يرفع يديه لأنه في ذلك كله في موضع قيام وإن ترك رفع اليدين في جميع ما أمرته به أو رفعهما حيث لم آمره في فريضة أو نافلة أو سجود أو عيد أو جنازة كرهت ذلك له ولم يكن عليه إعادة صلاة ولا سجود لسهو عمد ذلك أو نسيه أو جهله لأنه هيئة في العمل وهكذا أقول في كل هيئة في عمل تركها

ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

صفحة : 135

باب افتتاح الصلاة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد وغيرهما عن ابن جريج عن موسى ابن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول اله ﷺ قال بعضهم كان إذا اتبدأ الصلاة وقال غيره منهم كان إذا افتتح الصلاة قال وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونكسي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وقال أكثرهم وأنا أول المسلمين قال ابن أبي رافع وشككت أن يكون أحدهم قال وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعها لا يغفرها إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والمهدى من هديت أنا بك وإليك لا منجى منك إلا إليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان ابن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال كان رسول الله ﷺ إاذ قام إلى الصلاة ثم كبر قال وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين وآيتين بعدها إلي قوله وأنا أول المسلمين ثم يقول اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعها لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق ولا يهدى لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والمهدى من هديت أنا بك وإليك لا منجى ولا مجلأ منك إلا إليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك قال الشافعي: وبهذا كله أقول وآمر و أحب أن يأتى به كما يروى عن رسول الله ﷺ لا يغادر منه شيئا ويجعل مكان وأنا أول المسلمين وأنا من المسلمين قال فإن زاد فيه شيئا أو نقصه كرهته ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه عمد ذلك أو نسيه أو جهله قال الشافعي: وإن سها عنه حين يفتتح الصلاة ثم ذكر قبل أن يفتتح القراءة أحببت أن يقول وإن لم يذكره حتى يفتتح القراءة لم يقله ولا يقوله إلا في أول ركعة ولا يقوله فيما بعدها بحال وإن ذكره

صفحة : 136

قبل افتتاح القراءة وقبل التعوذ أحببت أن يقوله قال الشافعي: وسواء في ذلك الإمام والمأموم إذا لم يفت المأموم من الركعة ما لا يقدر عليه فإن فاته منها ما يقدر على بعض هذا القول ولا يقدر على بعضه أحببت أن يقوله وإن لم يقله لم يقضه في ركعة غيرها وإن كان خلف الإمام فيما لا يجهر فيه ففاته من الركعة ما لو قاله لم يقرأ أم القرآن تركه وإن قال غيره من ذكر الله وتعظيمه لم يكن عليه فيه شيء إن شاء الله تعالى وكذلك قال الشافعي: ويقول هذا في الفريضة والنافلة

باب التعوذ بعد الافتتاح

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قا أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سعد بن عثمان عن صالح بن أبي صالح أنه سمع أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم في المكتوبة وإذا فرغ من أم القرآن قال الشافعي: وكان ابن عمر يتعوذ في نفسه قال الشافعي: وأيهما فعل الرجل أجزأه إن جهر أو أخفى وكان بعضهم يتعوذ حين يفتتح قبل أم القرآن وبذلك أقول وأحب أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وأي كلام استعاذ به أجزأه ويقوله في أول ركعة وقد قيل إن قاله حين يفتتح كل ركعة قبل القراءة فحسن ولا آمر به في شيء من الصلاة أمرت به في أول ركعة وإن تركه ناسيا أو جاهلا أو عامدا لم يكن عليه إعادة ولا سجود سهو وأكره له تركه عامدا وأحب إذا تركه في أول ركعة أن يقوله في غيرها وإنما منعنى أن آمره أن يعيد أن النبي ﷺ علم رجلا ما يكفيه في الصلاة فقال كبر ثم اقرأ قال ولم يرو عنه أنه أمره بتعوذ ولا افتتاح فدل على أن افتتاح رسول الله ﷺ اختيار وأن التعوذ مما لا يفسد الصلاة إن تركه

ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

صفحة : 137

باب القراءة بعد التعوذ أخبرنا الربيع قال

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وسن رسول الله ﷺ أن يقرأ القاريء في الصلاة بأم القرآن ودل على أنها فرض على المصلى إذا كان يحسن يقرؤها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن ربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله ﷺ قال لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب بن أبي تميمة عن قتادة عن أنس قال كان النبي ﷺ وأبو بكر وعمر يستفتحون القراءة بالحمد رب العالمين قال الشافعي: يعني يبدءون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها والله تعالى أعلم لا يعني أنهم قال الشافعي: فواجب على من صلى منفردا أو إماما أن يقرأ بأم القرآن في كل ركعة لا يجزيه غيرها وأحب أن يقرأ معها شيئا آية أو أكثر وسأذكر المأموم إن شاء الله تعالى قال الشافعي: وإن ترك من أم القرآن حرفا واحدا ناسيا أو ساهيا لم يعتد بتلك الركعة لأن من ترك منها حرفا لا يقال له قرأ أم القرآن على الكمال قال الشافعي: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة فإن تركها أو بعضها لم تجزه الركعة التي تركها فيها قال الشافعي: وبلغني أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول إن رسول الله ﷺ كان يفتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني أبي عن سيعد بن جبير ولقد اتيانك سبعا من المثاني قال هي أم القرآن قال أبي وقرأها علي سعيد بن جبير حتى ختمها ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة قال سعد فقرأها علي ابن عباس كما قرأتها عليك ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة قال ابن عباس فذخرها لكم فما أخرجها لأحد قبلكم.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولىي

صفحة : 138

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عثمان ابن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك أخبره قال صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة ولم يكبر حين يهوى حتى قضى تلك الصلاة فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوى ساجدا.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم فلم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع فناداه المهاجرون حين سلم والأنصار أن يا معاوية سرقت صلاتك أين بسم الله الرحمن الرحيم وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت فصلى بهم صلاة أخرى فقال ذلك فيها الذي عابوا عليه.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان ابن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن معاوية والمهاجرين والأنصار مثله أو مثل معناه لا قال الشافعي: وفي الأولى أنه قرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أم القرآن ولم يقرأها في السورة التي بعدها فذلك زيادة حفظها ابن جريج وقوله فصلى بهم صلاة أخرى يحتمل أن يكون أعاد ويحتمل أن تكون الصلاة التي تليها والله تعالى إعلم.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يدع بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن وللسورة التي بعدها قال الشافعي: هذا أحب إلى لأنه حينئذ مبتديء قراءة القرآن.

قال الشافعي: وإن أغفل أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وقرأ من الحمد لله رب العالمين حتى يختم السورة كان عليه أن يعود فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حتى يأتي على السورة.

قال الشافعي: ولا يجزيه أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم بعد قراءة الحمد لله رب العالمن ولا بين ظهرانيها حتى يعود فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم يبتديء أم القرآن فيكون قد وضع كل

صفحة : 139

حرف منها في موضعه وكذلك لو أغفل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال مالك يوم الدين حتى يأتى على آخر السورة وعاد فقال الحمد لله رب العالمين حتى يأتى على آخر السورة وكذلك لو أغفل الحمد فقط فقال لله رب العالمين عاد فقرأ الحمد وما بعدها لا يجزيه غيره حتى يأتى بها كما أنزلت ولو أجزت له أن يقدم منها شيئا عن موضعه أو يؤخره ناسيا أجزت له إذا نسى أن يقرأ آخر آية منها ثم التي تليها قبلها ثم التي تليها حتى يجعل بسم الله الرحمن الرحيم آخرها ولكن لا يجزى عنه حتى يأتى بها بكمالها كما أنزلت ولو وقف فيها أو تعايا أو غفل فأدخل فيها آية أو آيتين من غيرها رجع حتى يقرأ من حيث غفل أو يأتى بها متوالية فإن جاء بها متوالية لم يقدم منها مؤخرا وإنما أدخل بينها آية من غيرها أجزأت لأنه قد جاء بها متوالية وإنما أدخل بينها ما له قراءته في الصلاة فلا يكون قاطعا لها به وإن وضعه غير موضعه ولو عمد أن يقرأ منها شيئا ثم يقرأ قبلها يكملها من القرآن غيرها كان هذا عملا قاطعا لها وكان عليه أن يستأنفها لا يجزيه غيرها ولو غفل فقرأ ناسيا من غيرها لم يكن عليه إعادة ما مضي منها لأنه معفو له عن النسيان في الصلاة إذا أتى على الكمال ولو نسى فقرأ ثم ذكر فتم على قراءة غيرها كان هذا قاطعا لها وكان عليه أن يستأنفها ولو قرأ منها شيئا ثم نوى أن يقطعها ثم عاد فقرأ ما بقى أجزأته ولا يشبه هذا نيته في قطع المكتوبة نفسها وصرفها إلى غيرها ولكنه لو نوى قطعها وسكت شيئا كان قاطعا لها وكان عليه أن يسأنفها وعمد القطع لها حتى يأخذ في غيرها أو يصمت فأما ما يتابعه قطعها حديث نفس موضوع عنه.

قال الشافعي: ولو بدأ فقرأ في الركعة غيرها ثم قرأها أجزأت عنه.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة ابن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه قال ابن شهاب وكان النبي ﷺ يقول آمين.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك قال أخبرنا سمى مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا قال الإمام غير الغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن

صفحة : 140

رسول الله ﷺ قال إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

قال الشافعي: فإذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن قال آمين ورفع بها صوته ليقتدى به من كان خلفه فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم ولا أحب إن يجهروا بها فإن فعلوا فلا شيء عليهم وإن تركها الإمام قالها من خلفه وأسمعه لعله يذكر فيقولها ولا يتركونها لتركه كما لو ترك التكبير والتسليم لم يكن لهم تركه فإن لم يقلها ولا من خلفه فلا إعادة عليهم ولا سجود للسهو وأحب قولها لكل من صلى رجل أو امرأة أو صبي في جماعة كان أو غير جماعة ولا يقال آمين إلا بعد أم القرآن فإن لم يقل لم يقضها في موضع غيره.

قال الشافعي: وقول آمين يدل على أن لا بأس أن يسأل العبد ربه في الصلاة كلها في الدين والدنيا مع ما يدل من السنن على ذلك.

قال الشافعي: ولو قال مع آمين رب العالمين وغير ذلك من ذكر الله كان حسنا لا يقطع الصلاة شيء من ذكر الله.

باب القراءة بعد أم القرآن

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب أن يقرأ المصلى بعد أم القرأن سورة من القرآن فإن قرأ بعض سورة أجزأه فإن اقتصر على أم القرآن ولم يقرأ بعدها شيئا لم يبن لي أن يعيد الركعة ولا أحب ذلك له وأحب أن يكون أقل ما يقرأ مع أم القرآن في الركعتين الأوليين قدر أقصر سورة من القرآن مثل إنا أعطيناك الكوثر وما أشببها وفي الأخريين أم القرآن وآية وما زاد كان أحب إلى ما لم يكن إماما فيثقل عليه قال وإذا أغفل من القرآن بعد أم القرآن شيئا أو قدمه أو قطعه لم يكن عليه إعادة وأحب أن يعود فيقرأه وذلك أنه لو ترك قراءة ما بعد أم القرآن أجزأته الصلاة وإذا قرأ

ID ' ' الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 141

باب كيف قراءة المصلى

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى لنبيه ﷺ ورتل القرآن ترتيلا قال الشافعي: وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة وكلما زاد على أقل الإبانة في القراءة كان أحب إلي ما لم يبلغ أن تكون الزيادة فيها تمطيطا وأحب ما وصفت لكل قاريء في صلاة وغيرها وأنا له في المصلى أشد استحبابا منه للقاريء في غيره صلاة فإذا أيقن المصلى أن لم يبق من القراءة شيء إلا نطق به أجزأته قراءته ولا يجزئه أن يقرأ في صدره القرآن ولم ينطق به لسانه ولو كانت بالرجل تمتة لا تبين معها القراءة أجزأته قراءته إذا بلغ منها ما لا يطيق أكثر منه وأكره أن يكون إماما وإن أم أجزأ إذا أيقن أنه قد قرأ ما تجزئه به صلاته وكذلك الفأفاء أكره أن يؤم فإن أم أجزأه وأحب أن لا يكون الإمام آرت ولا ألثغ وإن صلى لنفسه أجزأه واكره أن يكون الإمام لحانا لأن اللحان قد يحيل معاني القرآن فإن لم يلحن لحنا يحيل معنى القرآن أجزأته صلاته وإن لحن في أم القرآن لحانا يحيل معنى شيء منها لم أر صلاته مجزأه عنه ولا عمن خلفه وإن لحن في غيرها كرهته ولم أر عليه إعادة لأنه لو ترك قراءة غير أم القرآن وأتى بأم القرآن رجوت أن تجزئه صلاته وإذا أجزأته أجزأت من خلفه إن شاء الله تعالى وإن كان لحنه في أم القرآن وغيرها

ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

صفحة : 142

باب التكبير للركوع وغيره

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين قال كان رسول الله ﷺ يكبر كلما خفض ورفع فما زالت تلك صلاته حتى لقى الله تعالى.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة أن أبا هريرة كا يصلى لهم فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف قال والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله ﷺ.

قال الشافعي: ولا أحب لمصل منفردا ولا إماما ولا مأموما أن يدع التكبير للركوع والسجود والرفع والخفض وقول سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد إذا رفع من الركوع ولو رفع رأسه من شيء مما وصفت أو وضعه بلا تكبير لم يكن عليه أن يكبر بعد رفع الرأس ووضعه وإذا ترك التكبير في موضعه لم يقضه في غيره قال أبو محمد الربيع بن سليمان فاتني من هذا الموضع من الكتاب وسمعته من البويطي وأعرفه من كلام الشافعي.

قال الشافعي: وإذا أردا الرجل أن يركع ابتدأ بالتكبير قائما فكان فيه وهو يهوى راكعا وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع ابتدأ قوله سمع الله لمن حمده رافعا مع الرفع قم قال إذا استوى قائما وفرغ من قوله سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وإذا هوى ليسجد ابتدأ التكبير قائما ثم هوى مع ابتدائه حتى ينتهي إلى السجود وقد فرغ من آخر التكبير ولو كبر وأتم بقية التكبير ساجدا لم يكن عليه شيء وأحب إلى أن لا يسجد إلا وقد فرغ من التكبير فإذا رفع رأسه من السجود ابتدأ التكبير حتى يستوى جالسا وقد قضاه فإذا هوى ليسجد ابتدأ التكبير قاعدا وأتمه وهو يهوى للسجود ثم هكذا في جميع صلاته ويصنع في التكبير ما وصفت من أن يبينه ولا يمططه ولا يحذفه فإذا جاء بالتكبير بينا أجزأه ولو ترك التكبير سوى تكبيرة الافتتاح وقوله سمع الله لمن حمده لم يعد صلاته وكذلك من ترك الذكر في الركوع والسجود وإنما قلت ما وصفت بدلالة الكتاب ثم السنة قال الله عز وجل اركعوا واسجدوا ولم يذكر في الركوع والسجود عملا غيرهما فكانا الفرض فمن جاء بما يقع عليه اسم ركوع أو سجود فقد جاء بالفرض عليه والذكر فيهما سنة اختيار وهكذا قلنا في المضمضة والاستنشاق مع غسل الوجه قال الشافعي: ورأى رسول الله ﷺ رجلا يصلى صلاة لم يحسنها فأمره

صفحة : 143

بالإعادة ثم صلاها فأمره بالإعادة فقال له يا رسول الله علمني فعلمه رسول الله ﷺ الركوع والسجود والرفع والتكبير للافتتاح وقال فإذا جئت بهذا فقد تمت صلاتك ولم يعلمه ذكرا في ركوع ولا سجود ولا تكبيرا سوى تكبير الافتتاح لا قول سمع الله لمن حمده فقال له فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وما نقصت منه فقد نقصت من صلاتك فدل ذلك على أنه علمه ما لا تجزيء الصلاة إلا به وما فيه ما يؤديها عنه وإن كان الاختيار غيره.

باب القول في الركوع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال كان النبي ﷺ إذا ركع قال اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وأنت ربي خشغ لك سمعي وبصري وعظامي وشعر وبشري وما استقلت به قدمي لله رب العالمين.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد أحسبه عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن النبي ﷺ كان إذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربي خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وما استقلت به قدمى لله رب العالمين.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ابن عيينة وإبراهيم بن محمد عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس عن النبي ﷺ أنه قال ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه قال أحدهما من الدعاء وقال الآخر فاجتهدوا فإنه قمن أن يستجاب.

قال الشافعي: ولا أحب لأحد أن يقرأ راكعا ولا ساجدا لنهى رسول الله ﷺ وأنهما موضع ذكر غير القراءة وكذلك لا أحب لأحد أن يقرأ في موضع التشهد قياسا على هذا أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن بن أبي ذئب عن إسحق بن يزيد الهذلي عن عون بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود أن

صفحة : 144

رسول الله ﷺ قال إذا ركع أحدكم فقال سبحان بي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه قال الشافعي: إن كان هذا ثابتا فإنما يعنى والله تعالى أعلم أدنى ما ينسب إلى كمال الفرض والاختيار معا لا كمال الفرض وحده وأحب أن يبدأ الراكع في ركوعه أن يقول سبحان ربي العظيم ثلاثا ويقول ما حكيت أن النبي ﷺ كان يقوله وكل ما قال رسول الله ﷺ في ركوع أو سجود أحببت أن لا يقصر عنه إماما كان أو منفردا وهو تخفيف لا تثقيل قال الربيع إلى ههنا انتهى سماعي من البويطي.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأقل كمال الركوع أن يضع كفيه على ركبتيه فإذا فعل فقد جاء بأقل ما عليه في الركوع حتى لا يكون عليه إعادة هذه الركعة وإن لم يذكر في الركوع لقول الله عز وجل اركعوا واسجدوا فإذا ركع وسجد فقد جاء بالفرض والذكر فيه سنة اختيار لا أحب تركها وما علم النبي ﷺ الرجل من الركوع والسجود ولم يذكر الذكر فدل على أن الذكر فيه سنة اختيار وإن كان أقطع أو أشل إحدى اليدين أخد إحدى ركبتيه بالأخرى وإن كانتا معا عليلتين بلغ من الركوع ما لو كان مطلق اليدين فوضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه ولا يجزيه غير ذلك وإن كان صحيح اليدين فلم يضع يديه على ركبتيه فقد أساء ولا شيء عليه إذا بلغ من الركوع ما لو وضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه إذا ترك وضع يديه على ركبتيه وشك في أنه لم يبلغ من الركوع ما لو وضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه لم يعتد بهذه الركعةقال الشافعي: وكمال الركوع أن يضع يديه على ركبتيه ويمد ظهره وعنقه ولا يخفض عنقه عن ظهره ولا يرفعه ولا يجافى ظهره ويجتهد أن يكون مستويا في ذلك كله فإن رفع رأسه عن ظهره أو ظهره عن رأسه أو جافى ظهره حتى يكون كالمحدودب كرهت ذلك له ولا أعادة عليه لأنه قد جاء بالركوع والركوع في الظهر ولو بلغ أن يكون راكعا فرفع يديه فلم يضعهما على ركبتيه ولاغيرهما لم تكن عليه إعادة ولو أن رجلا أدرك الإمام راكعا فركع قبل أن يرفع الإمام ظهره من الركوع أعتد بتلك الركعة ولو لم يركع حتى يرفع الإمام ظهره من الركوع لم يعتد بتلك الركعة ولا يعتد بها حتى يصير راكعا والإمام راكع بحاله ولو ركع الإمام فاطمأن راكعا ثم رفع رأسه من الركوع فاستوى قائما أو لم يستو إلا أنه قد زايل الركوع إلى حال لا يكون فيها تام الركوع ثم عاد

صفحة : 145

فركع ليسبح فأدركه رجل في هذه الحال راكعا فركع معه لم يعتد بهذه الركعة لأن الإمام قد أكمل الركوع أولا وهذا ركوع لا يعتد به من الصلاة قال الربيع وفيه قول آخر أنه إذا ركع ولم يسبح ثم رفع رأسه ثم عاد فركع ليسبح فقد بطلت صلاته لأن ركوعه الأول كان تماما وإن لم يسبح فلما عاد فركع ركعة أخرى ليسبخ فيها كان قد زاد في الصلاة ركعة عامدا فبطلت صلاته بهذا المعنى.

قال الشافعي: وإذا ركع الرجل مع الإمام ثم رفع قبل الإمام فأحب أن يعود حتى يرفع الإمام رأسه ثم يرفع برفعه أو بعده وإن لم يرفع وقد ركع مع الإمام كرهته له ويعتد بتلك الركعة ولو ركع المصلى فاستوى راكعا وسقط إلى الأرض كان عليه أن يقوم حتى يعتدل صلبه قائما ولم يكن عليه أن يعود لركوع لأنه قد ركع ولو أدركه رجل بعد ما ركع وسقط راكعا باركا أو مضطجعا أو فيما بين ذلك لم يزل عن الركوع فركع معه لم يعتد بتلك الركعة لأنه راكع في حين لا يجزي فيه الركوع ألا ترى أنه لو ابتدأ الركوع في تلك الحال لم يراكعا لأن فرضه أن يركع قائما لا غير قائم ولو عاد فقام راكعا كما هو فأدركه رجل فركع معه في تلك الحال لم تجزه تلك الركعة لأنه قد خرج من الرجوع الأول حين زايل القيام واستأنف ركوعا غير الأول قبل سجوده وإذا كان الرجل إماما فسمع حس رجل خلفه لم يقم راكعا له ولا يحبسه في الصلاة شيء انتظارا لغيره ولا تكون صلاته كلها إلا خالصا لله عز وجل لا يريد بالمقام فيها شيئا إلا هو جل وعز.

ID ' ' الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

صفحة : 146

باب القول عند رفع الرأس من الركوع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال ويقول الإمام والمأموم والمنفرد عند رفعهم رءوسهم من الركوع سمع الله لمن حمده فإذا فرغ منها قائلها أتبعها فقال ربنا ولك الحمد وإن شاء قال اللهم ربنا لك الحمد ولو قال لك الحمد ربنا اكتفى والقول الأول اقتداء بما أمر به رسول الله ﷺ أحب إلي ولو قال من حمد الله سمع له لم أر عليه إعادة وأن يقول سمع الله لمن حمده أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن أبي رواد ومسلم بن خالد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيدالله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول الله ﷺ كان إذا رفع رأسه من الركوع في الصلاة المكتوبة قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد وإن لم يزد على أن يركع ويرفع ولم يقل شيئا كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا سجود سهو.

باب كيف القيام من الركوع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عجلان عن علي بن يحيى عن رفاعة ابن رافع أن النبي ﷺ قال لرجل فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن لركوعك فإذا رفعت فأقم صلبك وأرفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها.

قال الشافعي: ولا يجزى مصليا قدر على أن يعتدل قائما إذا رفع رأسه من الركوع شيء دون أن يعتدل قائما إذا كان ممن يقدر على القيام وما كان من القيام دون الإعتداو لم يجزئه قال الشافعي: ولو رفع رأسه فشك أن يكون اعتدل ثم سجد أو طرحه شيء عاد فقام حتى يعتدل ولم يعتد بالسجود حتي يعتدل قائما قبله وإن لم يفعل لم يعتد بتلك الركعة من صلاة ولو ذهب ليعتدل فعرضت له علة تمنعه الاعتدال فسجد أجزأت عنه تلك الركعة من صلاته لأنه لم يكن ممن يقدر على الاعتدال وإن ذهبت العلة عنه قبل السجود فعليه أن يعود معتدلا لأنه لم يدع القيام كله بدخوله في عمل السجود الذي يمنعه حتى صار يقدر على الاعتدال وإن ذهبت العلة عنه بعدما يصير ساجدا لم يكن عليه ولا له أن يقوم إلا لما يستقبل من الركوع وإن فعل فعليه سجود السهو لأنه زاد في صلاته ما ليس عليه وإذا اعتدل قائما لم أحب له يتلبث حتى يقول ما

صفحة : 147

أحببت له القول ثم يهوى ساجدا أو يأخذ في التكبير فيهوى وهو فيه ويعد أن يصل إلى الأرض ساجدا مع انقضاء التكبير وإن أخر التكبير عن ذلك أو كبر معتدلا أو ترك التكبير كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه ولو أطال القيام بذكر الله عز وجل يدعوا وساهيا وهو لا ينوي به القنوت كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو لأن القراءة من عمل الصلاة في غير هذا الموضع وهذا الموضع موضع ذكر غير قراءة فإن زاد فيه فلا يوجب عليه سهوا ولذلك لو أطال القيام ينوى به القنوت كان عليه سجود السهو لأن القنوت عمل معدود من عمل الصلاة فإذا عمله في غير موضعه أوجب عليه السهو.

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وأجب أن يبتديء التكبير قائما وينحط مكانه ساجدا ثم يكون أول ما ضع على الأرض منه ركبتيه ثم يديه ثم وجهه وإن وضع وجهه قبل يديه أو يديه قبل ركبتيه كرهت ذلك ولا إعادة ولا سجود سهو عليه ويسجد على سبع وجهه وكفيه وركبتيه وصدور قدميه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال أمر النبي ﷺ أن يسجد منه على سبع يديه وركبتيه وأطراف أصابع قدميه وجبهته ونهى أن يكفت الشعر والثياب قال سفيان وزادنا فيه ابن طاوس فوضع يده على جبهته ثم أمرها على أنفه حتى بلغ طرف أنفه وكان أبي يعد هذا واحدا.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا عمرو بن دينار سمع طاوسا يحدث عن ابن عباس أن النبي ﷺ أمر أن يسجد منه على سبع ونهى أن يكفت شعره أو ثيابه.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن العباس ابن عبد المطلب أنه سمع النبي ﷺ يقول إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه قال الشافعي: وكمال فرض السجود وسنته أن يسجد علىجبهته وأنفه وراحتيه وركبتيه وقدميه وإن سجد على جبهته دون أنفه كرهت ذلك له وأجزأه لأن الجبهة موضع السجود.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني إسحق بن عبد الله عن يحيي بن علي ابن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة أو عن رفاعة بن رافع بن مالك أن رسول

صفحة : 148

الله ﷺ أمر رجلا إذا سجد أن يمكن وجهه من الأرض حتى تطمئن مفاصله ثم يكبر فيرفع رأسه ويكبر فيستوى قاعدا يثنى قدميه حتى يقيم صلبه ويخر ساجدا حتى يمكن وجهه بالأرض وتطمئن مفاصله فإذا لم يصنع هذا أحدكم لم تتم صلاته.

قال الشافعي: ولو سجد على بعض جبهته دون جميعها كرهت ذلك له ولم يكن عليه إعادة لأنه ساجد على جبهته ولو سجد على أنفه دون جبهته لم يجزه لأن الجبهة موضع السجود وإنما سجد والله أعلم على الأنف لاتصاله بها ومقاربته لمساويها ولو سجد على خده أو على صدغه لم يجزه السجود لأن الجبهة موضع السجود ولو سجد على رأسه ولم يمس شيئا من جبهته الأرض لم يجزه السجور وإن سجد على رأسه فماس شيئا من جبهته الأرض أجزأه السجود إن شاء الله تعالى ولو سجد على جبهته ودونها ثوب أو غيره لم يجزه السجود إلا أن يكون جريحا فيكون ذلك عذر أو لو سجد عليها وعليها ثوب متخرق فماس شيئا من جبهته على الأرض أجزأه ذلك لأنه ساجد وشيء من جبهته على الأرض وأحب أن يباشر راحتيه الأرض في البرد والحر فإن لم يفعل وسترهما من حر أو برد وسجد عليهما فلا إعادة ليه ولا سجود سهو.

قال الشافعي: ولا أحب هذا كله في ركبتيه بل أحب أن تكون ركبتاه مستترتين بالثياب ولا أحب أن يخفف عن ركبتيه من الثياب شيئا لأني لا أعلم أحدا أمر بالإفضاء بركبتيه إلى الأرض وأحب إذا لم يكن الرجل متخففا أن يفضى بقدميه إلى الأرض ولا يسجد منتعلا فتحول النعلان بين قدميه والأرض فإن أفضى بركبتيه إلى الأرض أو ستر قدميه من الأرض فلا شيء عليه لأنه قد يسجد منتعلا متخففا ولا يفضي بقدميه إلى الأرض.

قال الشافعي: وفي هذا قولان أحدهما أن يكون عليه أن يسجد على جميع أعضائه التي أمرته بالسجود عليه ويكون حكمها غير حكم الوجه في أن له أن يسجد عليها كلها متغطية فتجزيه لأن اسم السجود يقع عليها وإن كانت محولا دونها بشيء فمن قال هذا قال إن ترك جبهته فلم يوقعها الأرض وهو يقدر على إيقاعه الأرض فلم يسجد كما إذا ترك جبهته فلم يوقعها الأرض وهو يقدر على ذلك فلم يسجد وإن سجد علئ ظهر كفيه لم يجزه لأن السجود على بطونها وكذلك إن سجد على حروفها وإن ماس الأرض ببعض يديه أصابعهما أو بعضهما أو راحتيه أو قال الشافعي: وهذا مذهب يوافق الحديث والقول الثاني أنه إذا سجد على جبهته أو على

صفحة : 149

شيء منها دون ما سواها أجزأه لأنه إنما قصد بالسجود قصد الوجه تعبد الله تعالى وأن رسول الله ﷺ قال سجد وجهى للذي خلقه وشق سمعه وبصره وأنه أمر بكشف الوجه ولم يأمر بكشف ركبة ولا قدم ولو أن رجلا هوى ليسجد فسقط على بعض جسده ثم انقلب على وجهه فماست جبهته الأرض لم يعتد بهذا السجود لأنه لم يرده ولو انقلب يريده فماست جبهته الأرض أجزأه السجود وهكذا لو هوى على وجهه لا يريد سجودا فوقع على جبهته لم يعتد بهذا له سجودا ولو هوى يريد السجود وكان على إرادته فلم يحدث إرادة غير إرادته السجود أجزأه السجود ولا يجزيه إذا سجد السجدة الأولى إلا أن يرفع رأسه ثم يستوي قاعدا حتى يعود كل عضو منه إلى مفصله ثم ينحط فيسجد الثانية فإن سجد الثانية قبل هذا لم يعدها سجدة لما وصفت من حديث رفاعة بن رافع وعليه في كل ركعة وسجدة من الصلاة ما وصفت وكذلك كل ركعة وقيام ذكرته في الصلاة فعليه فيه من الاعتدال والعفل ما وصفت.

باب التجافي في السجود

قال الشافعي: رحمه الله تعالى روى عبد الله بن أبي بكر عن عباس بن سهل عن أبي حميد بن سعد الساعدي أن رسول الله ﷺ كان إذا سجد جافى بين يديه وروى صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ كان إذا سجد يرى بياض إبطيه مما يجافى بدنه.

أخبرنا الربيع قا أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن داود بن قيس الفراء عن عبيدالله بن عبد الله بن أقرم الخزاعي عن أبيه قال رأيت رسول الله ﷺ بالقاع من نمرة أو النمرة شك الربيع ساجدا فرأيت بياض إبطيه.

قال الشافعي: وهكذا أحب للساجد أن يكون متخويا والتخوية أن يرفع صدره عن فخذيه وأن يجافى مرفقيه وذراعيه عن جنبيه حتى إذا لم يكن عليه ما يستر تحت منكبيه رأيت عفرة إبطيه ولا يلصق إحدى ركبتيه بالأخرى ويجافى رجليه ويرفع ظهره ولا يحدودب ولكنه يرفعه كما وصفت غير أن يعمد رفع وسطه عن أصله وأعلاه.

قال الشافعي: وقد أدب الله تعالى النساء بالاستتار وأدبهن بذلك رسوله ﷺ وأحب للمرأة في السجود أن تضم بعضها إلى بعض وتلصق بطنها بفخذيها وتسجد كأستر ما يكون لها وهكذا أحب لها في الركوع والجلوس وجميع الصلاة أن تكون فيها كأستر ما يكون لها

صفحة : 150

وأحب أن تكفت جلبابها وتجافيه راكعة وساجدة عليها لئلا تصفها ثيابها.

قال الشافعي: فكل ما وصفت اختيار لهما كيفما جاءا معا بالسجود والركوع أجزأهما إذا لم يكشف شيء منهما.

باب الذكر في السجود

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قا أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال كان النبي ﷺ إذا سجد قال اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيبنة عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن سعد عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا وساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم أخبرنا الربيع قال أخبرني الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل إذا كان ساجدا ألم تر إلى قوله عز ذكره واسجد واقترب يعني افعل واقرب قال الشافعي: ويشبه ما قال مجاهد والله تعالى أعلم ما قال وأحب أن يبدأ الرجل في السجود بأن يقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا ثم يقول ما حكيت أن رسول الله ﷺ كان يقوله في سجوده ويجتهد في الدعاء فيه رجاء الإجابة ما لم يكن إماما فيثقل على من خلفه أو مأموما فيخالف إمامه ويبلغ من هذا إماما ما لم يكن ثقلا ومأموما ما لم يخالف الإمام قال الشافعي: وإن ترك هذا تارك كرهته له ولا إعادة عليه ولا سجود سهو عليه والرجل والمرأة في الذكر والصلاة سواء ولكن آمرها بالاستتار دونه في الركوع والسجود بأن تضم بعضها إلى بعض وإذا أخذ الرجل في رفع رأسه من السجود ووضعه أخذ في التكبير وإذا أراد أن يسجد السجدة الثانية أخذ في التكبير وانحط فيكون منحطا للسجود مكبرا حتى يكون انقضاء تكبيره مع سجوده ثم إذا أراد القيام من السجدة الثانية كبر مع رفع رأسه حتى يكون انقضاء تكبيره مع قيامه وإذا أراد الجلوس

صفحة : 151

للتهشد قبل ذلك حذف التكبير حتى يكون انقضاؤه مع استوائه جالسا وإن ترك التكبير في الرفع والخفض والتسبيح والدعاء في السجود والقول الذي أمرته به عند رفع رأسه من السجود ترك فضلا ولا إعادة عليه ولا سهو عليه لأنه قد جاء بالركوع والسجود

والجلوس من الآخرة للقيام والجلوس

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة أنه سمع عباس ابن سهل الساعدي يخبر عن أبي حميد الساعدي قال كان رسول الله ﷺ إذا جلس في السجدتين ثنى رجله اليسرى فجلس عليها ونصب قدمه اليمنى وإذا جلس في الأربع أماط رجليه عن وركه وأفضى بمقعدته الأرض ونصب وركه اليمنى أخبرنا أبراهيم بن محمد قال أخبرنا محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد عن النبي ﷺ بمثله قال الشافعي: وبهذا كله نقول فنأمر كل مصل من الرجال والنساء أن يكون جلوسه في الصلوات ثلاث جلسات إذا رفع رأسه من السجود لم يرجع على عقبه وثنى رجله اليسرى وجلس عليها كما يجلس في التشهد الأول وإذا أردا القيام من السجود أو الجلوس اعتمد بيديه معا على الأرض ونهض ولا أحب أن ينهض بغير اعتماد فإنه يروى عن النبي ص أنه كان يعتمد على الأرض إذا أراد القيام قال الشافعي: وكذلك أحب إذا قام من التشهد ومن سجدة سجدها لسجود في القرآن وشكر وإذا أراد الجلوس في مثنى جلس على رجله اليسرى مثنية يماس ظهرها الأرض ونصب رجله اليمنى ثانيا أطراف أصابعها وبسط يده اليسرى على فخذه اليسرى وقبض أصابع يده اليمنى على فخذه اليمنى إلا المسبحة والإبهام وأشار بالمسبحة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي قال رآني ابن عمر وأنا أعبث بالحصا فلما انصرف نهاني وقال اصنع كما كان رسول الله ﷺ يصنع فقلت وكيف كان يصنع قال كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمني على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلى الإبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى وإذا جلس في الرابعة أخرج رجليه معا من تحته وأفضى بأليتيه

صفحة : 152

إلى الأرض وصنع بيديه كما صنع في الجلسة التي قبلها وإذا جلس في الصبح فلها جلسة واحدة وهي آخرة أولى فيجلسها الجلسة الأخيرة أولى وإن فاتته منها ركعة جلس مع الإمام فيها جلستين فجلس الأولى جلوس الأولى والآخرة جلوس الآخرة وإذا فاته منها ركعة وأكثر وجلس مع الإمام في الصلاة جلستين وأكثر جلس في كل واحدة منهن جلوس الأولى وجلس في الآخرة جلوس الآخرة وكيفما جلس عامدا عالما أو جاهلا أو ناسيا فلا إعادة عليه ولا سجود للسهو والاختيار له ما وصفت وإذا كانت به علة فاستطاع أن يقارب الجلوس الأول والثاني ما وصفت أحببت له مقاربته

باب القيام من الجلوس

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعدالوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال جاءنا مالك بن الحويرث فصلى في مسجدنا وقال والله إني لأصلى وما أيد الصلاة ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله ﷺ يصلي فذكر أنه يقوم من الركعة الأولى وإذا أراد أن ينهض قلت كيف قال مثل صلاتي هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة مثله غير أنه قال وكان مالك إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى فاستوى قاعدا قام واعتمد على الأرض قال الشافعي: وبهذا نأخذ فنأمر من قام من سجود أو جلوس في الصلاة أن يعتمد على الأرض بيديه معا اتباعا للسنة فإن ذلك أشبه للتواضع وأعون للمصلى على الصلاة وأحرى أن لا ينقل ولا يكاد نيقلب وأي قيام قامه سوى هذا كرهته له ولا إعادة فيه عليه ولا سجود سهو لأن هذا كله هيئة في الصلاة وهكذا نقول في كل هيئة في الصلاة نأمر بها وننهى عن خلافها ولا نوجب سجود سهو ولا إعادة بما نهينا عنه منها وذلك مثل الجلوس والخشوع والإقبال على الصلاة والوقار فيها ولا نأمر من ترك من هذا شيئا بإعادة ولا سجود سهو

ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 153

باب التشهد والصلاة على النبي ﷺ

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان الليث بن سعد عن أبي الزبير المكي عن سعيد ابن جبير وطاوس عن ابن عباس قال كان رسول الله ﷺ يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله قال الربيع وحدثناه يحيى بن حسان قال الشافعي: وبهذا نقول وقد رويت في لتشهد أحاديث مختلفة كلها فكان هذا أحبها إلي لأنه أكملها أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: فرض الله عز وجل الصلاة على رسوله ﷺ فقال إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما قال الشافعي: فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولى منه في الصلاة ووجدنا الدلالة عن رسول الله ﷺ بما وصفت من أن الصلاة على رسوله ﷺ فرض في الصلاة والله تعالى أعلم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه قال يا رسول الله كيف نصلي عليك يعني في الصلاة قال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم ثم تسلمون علي أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حذثني سعد بن إسحق بن كعب بن عجرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي ﷺ أنه كان يقول في الصلاة اللهم صلى علي محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد قال الشافعي: فلما روى أن رسول الله ﷺ كان يعلمهم التشهد في الصلاة وروى أن رسول الله ﷺ علمهم كيف يصلون عليه في الصلاة لم يجز والله تعالى أعلم أن نقول التشهد واجب والصلاة على النبي ﷺ غير واجبة والخبر فيهما قال الشافعي: فعلى كل مسلم وجبت عليه الفرائض أن يتعلم التشهد والصلاة على النبي صلى

صفحة : 154

الله عليه وسلم ومن صلى صلاة لم يتشهد فيها ويصلى على النبي ﷺ وهو يحسن التشهد فعليه إعادتها وإن تشهد ولم يصلى على النبي ﷺ أو صلى على النبي ﷺ وسلم ولم يتشهد فعليه الإعادة حتى يجمعهما جميعا وإن كان لا يحسنهما على وجههما أتى بما أحسن منهما ولم يجزه إلا بأن يأتي باسم تشهد وصلاة على النبي ﷺ وإذا أحسنهما فأغفلهما أو عمد تركهما فسدت وعليه الإعادة فيهما جميعا والتشهد والصلاة على النبي ﷺ في التشهد الأول في كل صلاة غير الصبح تشهدان تشهد أول وتشهد آخر إن ترك التشهد الأول والصلاة على النبي ﷺ في التشهد الأول ساهيا لا إعادة عليه وعليه سجدتا السهو لتركه ومن ترك التشهد الآخر ساهيا أو عامدا فعليه إعادة الصلاة إلا أن يكون تركه إياه قريبا فيتشهد هذا كله واحد لا تجزي أحدا صلاة إلا به سها عنه أو عمده ويغني التشهد والصلاة على النبي ﷺ في آخر الصلاة عن التشهد قبله ولا يكون على صاحبه إعادة ولا يغنى عنه ما كان قبله من التشهد ولو فاتته ركعة من المغرب وأدرك الإمام يتشهد في ثانية فتشهد معه ثم تشهد معه في ثالثة ثم تشهد لنفسه في الثالثة فكان قد تشهد في المغرب ثلاث مرات ثم ترك التشهد والصلاة على النبي ﷺ في آخر صلاته لم يجزه ما مضى من التشهدين وإنما فرقت بين التشهدين أن النبي ﷺ قام في الثانية فلم يجلس فسجد للسهو ولم يختلف أحد علمته أن التشهد الآخر الذي يخرج به من الصلاة مخالف للتشهد الأول في أن ليس لأحد قيام منه إلا الجلوس قال الشافعي: ولو لم يزد رجل في التشهد على أن يقول التحيات لله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وصلى على رسول الله كرهت له ذلك ولم أر عليه إعادة لأنه قد جاء باسم تشهد وصلاة على النبي ﷺ وسلم على رسول الله ﷺ وعلى عباد الله والتشهد في الأولى والثانية لفظ واحد لا يختلف وكذلك من فاتته ركعة مع الإمام تشهد مع الإمام كما تشهد وإن كان موضع تركه من صلاته ولا يترك التشهد في حال وإذا أدرك الإمام جالسا تشهد بما قدر عليه وقام حين يقوم الإمام وإن سها عن التشهد مع الإمام في جميع تشهد الإمام وتشهد في آخر صلاته فلا إعادة عليه وكذلك لو ترك التشهد مع الإمام منفردا وتشهد في آخر صلاته أجزأته ومعنى قولي يجزئه التشهد بأن يجزئه التشهد والصلاة على النبي صلى الله

صفحة : 155

عليه وسلم لا يجزيه أحدهما دون الآخر وإن اقتصرت في بعض الحالات فذكرت التشهد منفردا ولو أدرك الصلاة مع الإمام فسها عن التشهد الآخر حتى سلم الإمام لم يسلم وتشهد هو فإن سلم مع الإمام ساهيا وخرج بعد مخرجه أعاد الصلاة وإن قرب دخل فكبر ثم جلس وتشهد وسجد للسهو وسلم

باب القيام من اثنتين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن بن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة قال صلى بنا رسول الله ﷺ ركعتين ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة أنه قال إن رسول الله ﷺ قام من اثنتين من الظهر لم يجلس فيهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك قال الشافعي: فبهذا قلنا رذا ترك المصلى التشهد الأول لم يكن عليه إعادة وإذا أراد الرجل القيام من اثنتيت ثم ذكر جالسا تم على جلوسه ولا سجود للسهو عليه وإن ذكر بعد ما نهض عاد فجلس ما بينه وبين أن يستتم قائما وعليه سجود السهو فإن قام من الجلوس الآخر عاد فجلس فتشهد وسجد سجدتين للسهو وكذلك لو قام فانصرف فإن كان انصرف انصرافا قريبا قدر ما لو كان سها عن شيء من الصلاة أتمه وسجد للسهو رجع فتشهد التشهد وسجد للسهو وإن كان أبعد استأنف الصلاة ولو جلس مثنى ولم يتشهد سجد للسهو ولو جلس في الآخرة ولم يتشهد حتى يسلم وينصرف فيبعد أعاد الصلاة لأن الجلوس إنما هو للتشهد ولا يصنع الجلوس إذا لم يكن معه التشهد شيئا كما لو قام قدر القراءة ولم يقرأ لم يجزه القيام ولو تشهد التشهد الآخر وهو قائم أو راكع أو متقاصر غير جالس لم يجزه كما لو قرأ وهو جالس لم يجزه إذا كان ممن يطيق القيام وكل ما قلت لا يجزيء في التشهد فكذلك لا يجزيء في الصلاة على النبي ﷺ ولا يجزيء التشهد من الصلاة على النبي ﷺ ولا الصلاة على النبي ﷺ من التشهد حتى يأتي بهما جميعا

ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 156

باب قدر الجلوس في الركعتين

الأوليين والأخريين والسلام في الصلاة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرنا إسمعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي ﷺ أنه كان يسلم في الصلاة إذا فرغ منها عن يمينه وعن يسره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال كان رسول الله ﷺ في الركعتين كأنه على الرضف قلت حتى يقوم قال داك يريد قال الشافعي: ففي هذا والله تعالى أعلم دليل على أن لا يزيد في الجلوس الأول على التشهد والصلاة على النبي ﷺ وبذلك آمره فإن زاد كرهته ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه قال وإذا وصف إخفافه في الركعتين الأوليين ففيه والله تعالى أعلم دليل على أنه كان يزيد في الركعتين الأخريين على قدر جلوسه في الأوليين فلذلك أحب لكل مصل أن يزيد على التشهد والصلاة على النبي ﷺ ذكر الله وتحميده ودعاءه في الركعتين الأخيرتين وأرى أن تكون زيادته ذلك إن كان إماما في الركعتين الآخرتين أقل من قدر التشهد والصلاة على النبي ﷺ فيه قليلا للتخفيف عمن خلفه قال وأرى أن يكون جلوسه إذا كان وحده أكثر من ذلك ولا أكره ما أطال ما لم يخرجه ذلك إلى سهو أو يخاف به سهوا وإن لم يزد في الركعتين الأخيرتين على التشهد والصلاة على النبي ﷺ كرهت ذلك له ولا سجود للسهو ولا إعادة عليه قال وأرى في كل حال للامام أن يزيد التشهد والتسبيح والقراءة أو يزيد فيها شيئا بقدر ما يرى أن من وراءه ممن يثقل لسانه قد بلغ أن يؤدي ما عليه أو يزيد وكذلك أرى له في القراءة وفي الخفض والرفع أن يتمكن ليدركه الكبير والضعيف والثقيل وإن لم يفعل فجاء بما عليه بأخف الأشياء كرهت ذلك له ولا سجود للسهو ولا إعادة عليه

ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

صفحة : 157

باب السلام في الصلاة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي ﷺ أنه كان يسلم في الصلاة إذا فرغ منها عن يمينه وعن يساره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني غير واحد من أهل العلم عن إسماعيل بن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي ﷺ مثله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن إسحاق ابن عبد الله عن عبد الوهاب بن بخت عن واثلة بن الأسقع عن النبي ﷺ أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو علي أنه سمع عباس بن سهل يحدث عن أبيه أن النبي ﷺ كان يسلم إذا فرغ من صلاته عن يمينه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن يحيى عن محمد بن يحيى عن عمه واسع بن حبان عن ابن عمر أن النبي ﷺ كان يسلم عن يمينه ويساره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن ابن حبان عن عمه واسع قال مرة عن عبد الله بن عمر ومرة عن عبد اله بن زيد أن النبي ﷺ كان يسلم عن يمينه وعن يساره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن ابن القبطية عن جابر بن سمرة قال كنا مع رسول الله ﷺ فإذا سلم قال أحدنا بيده عن يمينه وعن شماله السلام عليكم السلام عليكم وأشار بيده عن يمينه وعن شماله فقال النبي ﷺ ما بالكم تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس أو لا يكفي أو إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله قال الشافعي: وبهذه الأحاديث كلها نأخذ فنأمر كل مصل أن يسلم تسليمتين إماما كان أو مأموما أو منفردا ونأمر المصلي خلف الإمام إذا لم يسلم الإمام تسليمتين أن يسلم هو تسليمتين ويقول في كل واحدة منهما السلام عليكم ورحمة الله ونأمر الإمام أن ينوي بذلك من عن يمينه في

صفحة : 158

التسليمة الأولى وفي التسليمة الثانية من عن يساره ونأمر بذلك المأموم وينوي الإمام في أي الناحيتين كان وإن كان بحذاء الإمام نواه في الأولى التي عن يمينه وإن نواه في الآخرة لم يضره وإن عزبت عن الإمام أو المأموم النية وسلما السلام عليكم على الحفظة والناس وسلما لقطع الصلاة فلا يعيد واحد منهما سلاما ولا صلاة ولا يوجد ذلك عليه سجود سهو وإن اقتصر رجل على تسليمة فلا إعادة عليه وأقل ما يكفيه من تسليمه أن يقول السلام عليكم فإن نقص من هذا حرفا عاد فسلم وإن لم يفعل حتى قام عاد فسجد للسهو ثم سلم وإن بدأ فقال عليكم السلام كرهت ذلك له ولا إعادة في الصلاة عليه لأنه ذكر الله وإن ذكر الله عز وجل لا يقطع الصلاة

الكلام في الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن عبد الله قال كنا نسلم على رسول الله ﷺ وهو في الصلاة قبل أن نأتى أرض الحبشة فيرد علينا وهو في الصلاة فلما رجعنا من أرض الحبشة أتيته لأسلم عليه فوجدته يصلى فسلمت عليه فلم يرد علي فأخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى إذا قضى صلاته أتيته فقال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث الله عز وجل أن لا تتكلموا في الصلاة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله ﷺ أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله ﷺ فصلى اثنتين آخرتين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد قال سمعت أبا هريرة يقول صلى لنا رسول الله ﷺ صلاة العصر فسلم من ركعتين فقال ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فأقبل رسول الله ﷺ على الناس فقال أصدق ذو اليدين فقالوا نعم فأتم رسول الله ﷺ ما بقى من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال سلم النبي ﷺ في ثلاث ركعات

صفحة : 159

من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام الخرباق رجل بسيط اليدين فنادي يا رسول الله أقصرت الصلاة فخرج مغضبا يجر رداءه فسأل فأخبر فصلى تلك الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد قال الشافعي: فبهذا كله نأخذ فنقول إن حتما أن لا يعمد أحد للكلام في الصلاة وهو ذاكر لأنه فيها فإن فعل انتقضت صلاته وكان عليه أن يستأنف صلاة غيرها لحديث ابن مسعود على النبي ﷺ ثم ما لم أعلم فيه مخالفا ممن لقيت من أهل العلم قال الشافعي: ومن تكلم في الصلاة وهو يرى أنه قد أكملها أو نسى أنه في صلاة فتكلم فيها بنى على صلاته وسجد للسهو ولحديث ذي اليدين وأن من تكلم في هذه الحال فإنما تكلم وهو يرى أنه في غيره صلاة والكلام في غير الصلاة مباح وليس يخالف حديث ابن مسعود حديث ذي اليدين وحديث ابن مسعود في الكلام جملة ودل حديث ذي اليدين على أن رسول الله ﷺ فرق بين كلام العامد والناسي لأنه في صلاة أو المتكلم وهو يرى أنه قد أكمل الصلاة

الخلاف في الكلام في الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فخالفنا بعض الناس في الكلام في الصلاة وجمع علينا فيها حججا ما جمعها علينا في شيء غيره إلا في اليمين مع الشاهد ومسألتين أخريين قال الشافعي: فسمعته يقول حديث ذي اليدين حديث ثابت عن رسول الله ﷺ لم يرو عن رسول الله ﷺ شيء قط أشهر منه ومن حديث العجماء جبار وهو أثبت من حديث العجماء جبار ولكن حديث ذي اليدين منسوخ فقلت ما نسخه قال حديث ابن مسعود ثم ذكر الحديث الذي بدأت به الذي فيه إن الله عز وجل يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث الله أن لا تتكلموا في الصلاة قال الشافعي: فقلت له والناسخ إذا اختلف الحديثان الآخر منهما قال نعم فقلت له أو لست تحفظ في حديث ابن مسعود هذا أن ابن مسعود مر على النبي ﷺ بمكة قال فوجدته يصلى في فناء الكعبة وأن ابن مسعود هاجر إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا قال بلى قال الشافعي: فقلت له فإذا كان مقدم ابن مسعود على النبي ﷺ بمكة قبل هجرة النبي ﷺ ثم كان عمران ابن حصين يروى أن النبي ﷺ

صفحة : 160

أتى جذعا في مؤخر مسجده أليس تعلم أن النبي ﷺ لم يصل في مسجده إلا بعد هجرته من مكة قال بلى قلت فحديث عمران بن حصين يدلك على أن حديث ابن مسعود ليس بناسخ لحديث ذي اليدين وأبو هريرة يقول صلى بنا رسول الله ﷺ قال فلا أدرى ما صحبة أبي هريرة فقلت له قد بدأنا بما فيه الكفاية من حديث عمران الذي لا يشكل عليك وأبو هريرة إنما صحب رسول الله ﷺ بخيبر وقال أبو هريرة صحبت النبي ﷺ بالمدينة ثلاث سنين أو أربعا قال الربيع أنا شككت وقد أقام النبي ﷺ بالمدينة سنين سوى ما أقام بمكة بعد مقدم ابن مسعود وقبل أن يصحبه أبو هريرة أفيجوز أن يكون حديث ابن مسعود ناسخا لما بعده قال لا قال الشافعي: وقلت له ولو كان حديث ابن مسعود مخالفا حديث أبي هريرة وعمران بن الحصين كما قلت وكان عمد الكلام وأنت تعلم أنك في صلاة كهو إذا تكلمت وأنت ترى أنك أكملت الصلاة أو نسيت الصلاة كان حديث ابن مسعود منسوخا وكان الكلام في الصلاة مباحا ولكنه ليس بناسخ ولا منسوخ ولكن وجهه ما ذكرت من أنه لا يجوز الكلام في الصلاة على الذكر أن المتكلم في الصلاة وإذا كان هكذا تفسد الصلاة وإذا كان النسيان والسهو وتكلم وهو يرى أن الكلام مباح بأن يرى أن قد قضى الصلاة أو نسى أنه فيها لم تفسد الصلاة قال محمد بن إدريس فقال وأنتم تروون أن ذا اليدين قتل ببدر قلت فاجعل هذا كيف شئت أليست صلة النبي ﷺ بالمدينة في حديث عمران بن الحصين والمدينة إنما كانت بعد حديث ابن مسعود بمكة قال بلى قلت وليست لك إذا كان كما أردت فيه حجة لما وصفت وقد كانت بدر بعد مقدم النبي ﷺ المدينة بستة عشر شهرا قال أفذو اليدين الذي رويتم عنه المقتول ببدر قلت لا عمران يسميه الخرباق ويقول قصير اليدين أو مديد اليدين والمقتول ببدر ذو الشمالين ولو كان كلاهما ذو اليدين كان اسما يشبه أن يكون وافق اسما كما تتفق الأسماء قال الشافعي: فقال بعض من يذهب مذهبه فلنا حجة أخرى قلنا وما هي قال إن معاوية بن الحكم حكى أنه تكلم في الصلاة فقال رسول الله ﷺ إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام بني آدم قال الشافعي: فقلت له فهذا عليك ولا لك إنما يروى مثل قول ابن مسعود سواء والوجه فيه ما

صفحة : 161

ذكرت قال فإن قلت هو خلافه قلت فليس ذلك لك ونكلمك عليه فإن كان أمر معاوية قبل أمر ذي اليدين فهو منسوخ ويلزمك في قولك أن يصلح الكلام في الصلاة كما يصلح في غيرها وإن كان معه أو بعده فقد تكلم فيما حكيت وهو جاهل بأن الكلام غير محرم في الصلاة ولم يحك أن النبي ﷺ أمره بإعادة الصلاة فهو في مثل معنى حديث ذي اليدين أو أكثر لأنه تكلم عامدا للكلام في حديثه إلا أنه حكى أنه تكلم وهو جاهل أن الكلام لا يكون محرما في الصلاة قال هذا في حديثه كما ذكرت قلت فهو عليك إن كان على ما ذكرته وليس لك إن كان كما قلنا قال فما تقول قلت أقول إنه مثل حديث ابن مسعود وغير مخالف حديث ذي اليدين قال محمد بن إدريس فقال فإنكم خالفتم حين فرعتم حديث ذي اليدين قلت فخالفناه في الأصل قال لا ولكن في الفرع قلت فأنت خالفته في نصه ومن خالف النص عندك أسوأ حالا ممن ضعف نظره فأخطأ التفريع قال نعم وكل غير معذور قال محمد فقلت له فأنت خالفت أصله وفرعه ولم نخالف نحن من فرعه ولا من أصله حرفا واحدا فعليك ما عليك في خلافه وفيما قلت من أنا خالفنا منه ما لم نخالفه قال فأسألك حتى أعلم أخالفته أم لا قلت فسل قال ما تقول في إمام انصرف من اثنتين فقال له بعض من صلى معه قد انصرفت من اثنتين فسأل آخرين فقالوا صدق قلت أما المأموم الذي أخبره والذين شهدوا أنه صدق وهم على ذكر من أنه لم يقض صلاته فصلاتهم فاسدة قال فأنت رويت أن النبي ﷺ قضى وتقول قد قضى معه من حضر وإن لم تذكره في الحديث قلت أجل قال فقد خالفته قلت لا ولكن حال إمامنا مفارقة حال رسول الله ﷺ قال فأين افتراق حاليهما في الصلاة والإمامة قال محمد بن إدريس فقلت له إن الله جل وعز كان ينزل فرائضه على رسوله ﷺ فرضا بعد فرض فيفرض عليه ما لم يكن فرضه عليه ويخفف بعض فرضه قال أجل قلت ولا نشك نحن ولا أنت ولا مسلم أن رسول الله ﷺ لم ينصرف إلا وهو يرى أن قد أكمل الصلاة قال أجل قلت فلما فعل لم يدر ذو اليدين أقصرت الصلاة بحادث من الله عز وجل أم نسى النبي ﷺ وكان ذلك بينا في مسألته إذ قال أقصرت الصلاة أم نسيت قال أجل قلت ولم يقبل النبي ﷺ من ذي اليدين إذ سأل غيره قال أجل قال ولما سأل غيره احتمل أن يكون سأل من لم يسمع كلامه فيكون مثله واحتمل أن يكون سأل

صفحة : 162

من سمع كلامه ولم يسمع النبي ﷺ رد عليه فلما لم يسمع النبي ﷺ رد عليه كان في معنى ذي اليدين من أنه لم يستدل للنبي ﷺ بقول ولم يدر أقصرت الصلاة أم نسى النبي ﷺ فأجابه ومعناه معنى ذي اليدين من أن الفرض عليهم جوابه ألا ترى أن النبي ﷺ لما أخبروه فقبل قولهم ولم يتكلم ولم يتكلموا حتى بنوا على صلاتهم قال الشافعي: ولما قبض الله عز وجل رسوله ﷺ تناهت فرائضه فلا يزاد فيها ولا ينقص منها أبدا قال نعم قال الشافعي: فقلت هذا فرق بيننا وبينه فقال من حضره هذا فرق بين لا يرده عالم لبيانه ووضوحه قال الشافعي: فقال إن من أصحابكم من قال ما تكلم به الرجل في أمر الصلاة لم يفسد صلاته قال الشافعي: وقال قد كلمت غير واحد من أصحابك فما احتج بهذا ولقد قال العمل على هذا قال محمد بن إدريس فقلت له قد أعلمتك أن العمل ليس له معنى ولا حجة لك علينا بقول غيرنا قال أجل فقلت فدع ما لا حجة لك فيه قال محمد بن إدريس وقلت له لقد أخطأت في خلافك حديث ذي اليدين مع ثبوته وظلمت نفسك بأنك زعمت أنا ومن قال به نحل الكلام والجماع والغناء في الصلاة وما أحللنا ولا هم من هذا شيئا قط وقد زعمت أن المصلى إذا سلم قبل أن تكمل الصلاة وهو ذاكر لأنه لم يكملها فسدت صلاته لأن السلام زعمت في غير موضعه كلام وإن سلم وهو يرى أنه قد أكمل بنى فلو لم يكن عليك حجة إلا هذا كفى بها عليك حجة ونحمد الله على عيبكم خلاف الحديث وكثرة خلافكم له

ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

صفحة : 163

باب كلام الإمام وجلوسه بعد السلام

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال أخبرتني هند بنت الحرث ابن عبد الله بن أبي ربيعة عن أم سلمة زوج النبي ﷺ قالت كان رسول الله ﷺ إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي ﷺ في مكانه يسيرا قال ابن شهاب فنرى مكثه ذلك والله أعلم لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله ﷺ بالتكبير قال عمرو بن دينار ثم ذكرته لأبي معبد بعد فقال لم أحدثكه قال عمرو قد حدثتنيه قال وكان من أصدق موالى ابن عباس قال الشافعي: كأنه نسيه بعد ما حدثه إياه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد قال حدثني موسى بن عقبة عن أبي الزبير أنه سمع عبد الله بن الزبير يقول كان رسول الله ﷺ إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون قال الشافعي: وهذا من المباح للامام وغير المأموم قال وأي إمام ذكر الله بما وصفت جهرا أو سرا أو بغيره فحسن وأختار للامام والمأموم أن يذكر الله بعد الانصراف من الصلاة ويخفيان الذكر إلا أن يكون إماما يجب أن يتعلم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تعلم منه ثم يسر فإن الله عزو وجل يقول ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها يعنى والله تعالى أعلم الدعاء ولا تجهر ترفع ولا تخافت حتى لا تسمع نفسك وأحسب ما روى ابن الزبير من تهليل النبي ﷺ وما روى ابن عباس من تكبيره كما رويناه قال الشافعي: وأحسبه إنما جهر قليلا ليتعلم الناس منه وذلك لأن عامة الروايات التي كتبناها مع هذا وغيرها ليس يذكر فيها بعد التسليم تهليل ولا تكبير وقد يذكر أنه ذكر بعد الصلاة بما وصفت ويذكر انصرافه بلا ذكر وذكرت أم سلمة مكثه ولم يذكر جهرا وأحسبه لم يمكث إلا

صفحة : 164

ليذكر ذكرا غير جهر فإن قال قائل ومثل ماذا قلت مثل أنه صلى على المنبر يكون قيامه وركوعه عليه وتقهقر حتى يسجد على الأرض وأكثر عمره لم يصل عليه ولكنه فيما أرى أحب أن يعلم من لم يكن يراه ممن بعد عنه كيف القيام والركوع والرفع يعلمهم أن في ذلك كله سعة وأستحب أن يذكر الإمام الله شيئا في مجلسه قدر ما يتقدم من انصرف من النساء قليلا كما قالت أم سلمة ثم يقوم وإن قام قبل ذلك أو جلس أطول من ذلك فلا شيء عليه وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السلام قبل قيام الإمام وأن يؤخر ذلك حتى ينصرف بعد انصراف الإمام أو معه أحب إلي له وأستحب للمصلى منفردا وللمأموم أن يطيل الذكر بعد الصلاة ويكثر الدعاء رجاء الإجابة بعد المكتوبة

باب انصراف المصلي إماما أو غير إمام عن يمينه وشماله

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر الحارثي قال سمعت أبا هريرة يقول كان النبي ﷺ ينحرف من الصلاة عن يمينه وعن يساره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن سليمان بن مهران عن عمارة عن الأسود عن عبد الله قال لا يجعلن أحدكم للشيطان من صلاته جزءا يرى أن حقا عليه أن لا ينفتل إلا عن يمينه فلقد رأيت رسول الله ﷺ أكثر ما ينصرف عن يساره قال الشافعي: فإذا قام المصلى من صلاته إماما أو غير إمام فلينصرف حيث أراد إن كان حيث يريد يمينا أو يسارا أو مواجهة وجهه أو من ورائه انصرف كيف أراد لا اختيار في ذلك أعلمه لما روى أن النبي ﷺ كان ينصرف عن يمينه وعن يساره وإن لم يكن له حاجة في ناحية وكان يتوجه ما شاء أحببت له أن يكون توجهه عن يمينه لما كان النبي ﷺ يحب التيامن غير مضيق عليه في شيء من ذلك ولا أن ينصرف حيث ليست له حاجة أين كان انصرافه

ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 165

باب سجود السهو وليس في التراجم وفيه نصوص

فمنها في باب القيام من الجلوس نص على أنه لا يسجد للسهو بترك الهيآت فقال لما ذكر أن السنة لمن قام من جلوسه أن يعتمد على الأرض بيديه وأي قيام قامه سوى هذا كرهته له ولا إعادة فيه عليه ولا سجود سهو لأن هذا كله هيئة في الصلاة وهكذا نقول في كل هيئة في الصلاة نأمر بها وننهى عن خلافها ولا نوجب سجود سهو ولا إعادة بما نهينا عنه منها وذلك مثل الجلوس والخشوع والإقبال على الصلاة والوقار فيها ولا نأمر من ترك من هذا شيئا بإعادة ولا سجود سهو وكرر ذلك في أبواب الصلاة كثيرا مما سبق ومنها نصه في باب التشهد والصلاة على النبي ﷺ فقال من ترك التشهد الأول والصلاة على النبي ﷺ في التشهد الأول ساهيا فلا إعادة عليه وعليه سجدتا السهو لتركه قال الشافعي: وإنما فرقت بين التشهدين أن النبي ﷺ قام في الثانية فلم يجلس فسجد للسهو ولم يختلف أحد علمته أن التشهد الآخر الذي يخرج به من الصلاة مخالف للتشهد الأول في أن ليس لأحد قيام منه إلا بالجلوس ومنها نصه في آخر الترجمة المذكورة الدال على أن من ارتكب منهيا عنه يبطل عمده الصلاة فإنه يسجد إذا فعله سهوا ولم تبطل الصلاة بسهوه فقال ولو أدرك الصلاة مع الإمام فسها عن التشهد الآخر حتى سلم الإمام لم يسلم وتشهد هو فإن سلم مع الإمام ساهيا وخرج وبعد مخرجه أعاد الصلاة وإن قرب دخل فكبر ثم جلس وتشهد وسجد للسهو وسلم ومنها ما ذكره في القيام من اثنتين وهو مذكور قبل هذه الترجمة بأربع تراجم فنقلناه إلى هنا وفيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة أنه قال إن رسول الله ﷺ قام من اثنتين من الظهر لم يجلس فيهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك قال الشافعي: فبهذا قلنا إذا ترك المصلى التشهد الأول لم يكن عليه إعادة وكذا إذا أراد الرجل القيام من اثنتين ثم ذكر جالسا تم على جلوسه ولا سجود للسهو عليه وإن ذكر بعد ما نهض عاد فجلس ما بينه وبين أن يستتم قائما وعليه سجود السهو فإن قام من الجلوس الآخر عاد فجلس للتشهد وسجد سجدتين للسهو وكذلك لو قام فانصرف فإن كان انصرف انصرافا قريبا قدر ما لو كان سها عن شيء من الصلاة أتمه وسجد رجع فتشهد التشهد وسجد للسهو وإن كان أبعد

صفحة : 166

استأنف الصلاة أو جلس فنسى ولم يتشهد سجد للسهو ولو جلس في الآخرة ولم يتشهد حتى يسلم وينصرف ويبعد أعاد الصلاة لأن الجلوس إنما هو للتشهد ولا يصنع الجلوس إذا لم يكن معه التشهد شيئا كما لو قام قدر القراءة ولم يقرأ لم يجزه القيام ولو تشهد التشهد الآخر وهو قائم أو راكع أو متقاصر غير جالس لم يجزه كما لو قرأ وهو جالس لم يجزه إذا كان ممن يطيق القيام وكل ما قلت لا يجزيء في التشهد فكذلك لا يجزيء في الصلاة على النبي ﷺ ولا يجزيء التشهد من الصلاة عن النبي ﷺ ولا الصلاة على النبي ﷺ من التشهد حتى يأتى بهما جميعا ومن النصوص المتعلقة بسجود السهو ما سبق في باب كيف القيام من الركوع وهو قول الشافعي رحمه الله وإن ذهبت العلة عنه بعد ما يصير ساجدا لم يكن عليه ولا له أن يقوم إلا لما يستقبل من الركوع فإن فعل فعليه سجود السهو لأنه زاد في الصلاة ما ليس عليه وإذا اعتدل قائما لم أحب له يتلبث حتى يقول ما أحببت له القول ثم يهوى ساجدا أو يأخذ في التكبير فيهوى وهو فيه وبعد أن يصل الأرض ساجدا مع انقضاء التكبير وإن أخر التكبير عن ذلك أو كبر معتدلا أو ترك التكبير كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه ولو أطال القيام بذكر الله عز وجل يدعو أو ساهيا وهو لا ينوى به القنوت كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو لأن القراءة من عمل الصلاة في غير هذا الموضع وهذا موضع ذكر غير قراءة فإن زاد فيه فلا نوجب عليه سهوا وكذلك لو أطال القيام ينوى به القنوت كان عليه سجود السهو لأن القنوت عمل معدود من عمل الصلاة فإذا عمله في غير موضعه أوجب عليه السهو وفي مختصر المزني نصوص في سجود السهو لم نرها في الأم قال المزني قال الشافعي: رحمه الله تعالى ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فعليه أن يبنى على ما استيقن وكذلك قال رسول ﷺ فإذا فرغ من صلاته بعد التشهد سجد سجدتي السهو قبل السلام واحتج في ذلك بحديث أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ وبحديث ابن بحينة أنه سجد قبل السلام في جمع الجوامع قال الشافعي: سجود السهو كله عندنا في الزيادة والنقصان قبل السلام وهو الناسخ والآخر من الأمرين ولعل مالكا لم يعلم الناسخ والمنسوخ من هذا وقاله في القديم فمن سجد قبل السلام أجزأه التشهد الأول ولو سجد للسهو بعد السلام تشهد ثم سلم هذا نقل جمع الجوامع ثم ذكر رواية البويطي ونحن نذكرها مع غيرها في مختصر البويطي وكل سهو في الصلاة نقصا كان أو

صفحة : 167

زيادة سهوا واحدا كان أم اثنين أم ثلاثة فسجدتا السهو تجزي من ذلك كله قبل السلام وفيهما تشهد وسلام وقد روى عن رسول الله ﷺ أنه قام من اثنتين فسجد قبل السلام وهذا نقصان وقد روى عن رسول الله ﷺ إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى فليبن على ما استيقن وليسجد سجدتين قبل السلام وهذا زيادة وقال في ترجمة بعد ذلك ومن لم يدر كم صلى واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا فليبين على يقينه ثم يسجد سجدتين قبل السلام ولسجدتي السهو تشهد وسلام وما ذكره البويطي من التشهد لسجدتي السهو أنهما قبل السلام ظاهره أنه يسجد سجدتي السهو قبل ثم يتشهد ثم يسلم ولم أر أحدا من الأصحاب ذكر هذا إلا فيما إذا سجد بعد السلام في صوره المعروفة فإن حمل كلام البويطي على صوره بعد السلام كان ممكنا وفي آخر سجود السهو من مختصر المزني سمعت الشافعي يقول إذا كانت سجدتا السهو بعد السلام تشهد لهما وإذا كانتا قبل السلام أجزأه التشهد الأول وقد سبق عن القديم مثل هذا وحكى الشيخ أبو حامد ما ذكره المزني وأنه في القديم وقال أنه أجمع أصحاب الشافعي أنه إذا سجد بعد السلام للسهو تشهد ثم سلم وقال الماوردي إنه مذهب الشافعي وجماعة أصحابه الفقهاء قال وقال بعض أصحابنا إن كان يرى سجود السهو بعد السلام تشهد وسلم بل يسجد سجدتين لا غير قال الماوردي وهذا غير صحيح لرواية عمران بن الحصين رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قام من ثلاث من العصر ناسيا حتى أخبره الخرباق فصلى ما بقى وسلم وسجد سجدتين وتشهد ثم سلم وما ذكره الماوردي من حديث عمران بن الحصين بهذه السياقة غريب وإنما جاءت عنه رواية تفرد بها أشعث بن عبد الملك الحمراني عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي ﷺ صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد بعد ثم سلم روى ذلك أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن غريب وما حسنه الترمذي يقتضى أنه لا فرق بين أن يكون سجود السهو قبل السلام أو بعده فيحتج به لما ذكره البويطى لما سبق وقلنا إنه غريب لم نر أحدا من الأصحاب قال به والذي صححه جمع من الأصحاب أن الذي يسجد بعد السلام لا يتشهد أيضا والمذهب المعتمد ما تقدم في نقل المزني والقديم وقطع به الشيخ أو حامد وجرى عليه غيره وفي مختصر المزني في باب سجود السهو وإن ذكر أنه في الخامسة سجد أو لم يسجد قعد في الرابعة أو لم

صفحة : 168

يقعد فإنه يجلس في الرابعة ويتشهد ويسجد للسهو وإن ذكر في الثانية أنه ناس لسجدة من الأولى بعد ما اعتدل قائما فإنه يسجد للأولى حتى تتم قبل الثانية وإن ذكر بعد أن يفرغ من الثانية أنه ناس لسجدة من الأولى كان عمله في الثانية كلا عمل فإذا سجد فيها كانت من حكم الأولى وتمت الأولى بهذه السجدة وسقطت الثانية فإن ذكر في الرابعة أنه نسي سجدة من كل ركعة فإن الأولى صحيحة إلا سجدة وعمله في الثانية كلا عمل فلما سجد فيها سجدة كانت من حكم الأولى وتمت الأولى وبطلت الثانية وكانت الثالثة ثانية فلما قام في ثالثة قبل أن يتم الثانية التي كانت عنده ثالثة كان عمله كلا عمل فلما سجد فيها سجدة كانت من حكم الثانية فتمت الثانية وبطلت الثالثة التي كانت رابعة عنده ثم يقوم فيبنى ركعتين ويسجد للسهو بعد التشهد وقبل التسليم وعلى هذا الباب كله وقياسه وإن شك هل سها أم لا فلا سهو عليه وإن استيقن السهو ثم شك هل سجد للسهو أم لا سجدهما وإن شك هل سجد سجدة أو سجدتين سجد أخرى وإن سها سهوين أو أكثر فليس عليه إلا سجدتا السهو وإذا ذكر سجدتي السهو بعد أن يسلم فإن كان قريبا أعداهما وسلم وإن تطاول لم يعد ومن سها خلف إمامه فلا سجود عليه وإن سها إمامه سجد معه فإن لم يسجد إمامه سجد من خلفه بأن كان قد سبقه إمامه ببعض صلاته سجدهما بعد القضاء اتباعا لإمامه لا لما يبقى من صلاتهقال الشافعي: السهو في الصلاة يكون من وجهين أحدهما أن يدع ما عليه من عمل الصلاة وذلك مثل أن يقوم في مثنى فلا يجلس أو مثل أن ينصرف قبل أن يكمل وما أشبهه والآخر أن يعمل في الصلاة ما ليس عليه وهو أن يركع ركعتين قبل أن يسجد أو يسجد أكثر من سجدتين ويجلس حيث له أن يقوم أو يسجد قبل أن يركع وإن ترك القنوت في الفجر سجد للسهو لأنه من عمل الصلاة وقد تركه في وإن تركه الوتر لم يجب عليه إلا في النصف الآخر من شهر رمضان فإنه إن تركه سجد للسهو والسهو في الفريضة والنافلة سواء وعلى الرجل والمرأة والمصلى والجماعة والمنفرد سواء وهذا قال الشافعي: وأرى والله أعلم أن ما كان يعمله ساهيا وجب عليه سجدتا السهو إذا كان مما لا ينقض الصلاة فإذا فعله عامدا سجد فيه وإن تطوع ركعتين ثم وصل الصلاة حتى تكون أربعا أو أكثر سجد للسهو وإن فعلها ولم يسجد حتى دخل في صلاة أخرى فلا يسجدهما قاله في القديم كذا في جمع الجوامع فإن كان المراد أنه سلم وتطاول الفصل فكذلك في الجديد أيضا ومن أدرك سجدتي السهو مع الإمام سجدهما فإن كان مسافرا والإمام مقيم صلى أربعا وإن

صفحة : 169

أدرك أحدهما سجد ولم يقض الآخر وبنى على صلاة الإمام وإن كان الإمام مسافرا فسها سجدوا معه ثم قضوا ما بقى عليهم ومن سها عن سجدتي السهو حتى يقوم من مجلسه أو عمد تركهما ففيه قولان أحدهما يسجد متى ذكرهما والآخر لا يعود لهما قاله في القديم قاله في جمع الجوامع وهذا الثاني إن كان مع طول الفصل أو كان قد سلم عامدا فإنه لا يعود إلى السجود في الصورتين على الجديد وفي رواية البويطي وإن تركوا سجود السهو عامدين أو جاهلين لم يبن أن يكون عليهم إعادة الصلاة وأحب أن كانوا قريبا عادوا لسجدتي السهو وإن تطاولت فليس عليهم وإعادة التطاول عنده ما لم يخرج من المسجد ويكون قدر كلام النبي ﷺ ومسألته وإن أحدث الإمام بعد التسليم وقبل سجدتي السهو فكالصلاة إن تقارب رجوعه أشار إليهم أن امكثوا ويتوضأ ويسجد للسهو وإن لم يتقارب أشار إليهم ليسجدوا قاله في القديم ومن شك في السهو فلا سجود عليه هذا كله نقل جمع الجوامع وفيه في باب الشك في الصلاة وما يلغى منها وما يجب عن الشافعي فإن نسى أربع سجدات لا يدرى من أيتهن هن نزلناها على الأشد فجعلناه ناسيا السجدة من الأولي وسجدتين من الثانية وتمت الثالثة ونسى من الرابعة سجدة فأضف إلى الأولى من الثالثة سجدة فتمت له ركعة وبطلت السجدة التي بقيت من الثالثة ونضيف إلى الرابعة سجدة يسجدها فكأنه تم له ثانية ويأتى بركعتين بسجودهما وسجود السهو

ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

صفحة : 170

باب سجود التلاوة والشكر

وقد ترجم سجود القرآن في اختلاف علي وابن مسعود رضى الله عنهما وفي اختلاف الحديث وفي اختلاف مالك والشافعي رحمهما الله تعالى مرتين أما الأول ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي رضي الله عنه قال عزائم السجود ألم تنزيل والنجم واقرأ باسم ربك الذي خلق ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا ويروى عن عمر وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي رضي الله عنه يخالفونه أخبرنا الربيع قال الشافعي: قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا رضي الله عنه لما رمى بالمجدح خر ساجدا ونحن نقول لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي ﷺ أنه سجدها وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهم ينكرونها ويكرهونها ونحن نقول لا بأس بالسجدة لله تعالى في الشكر وأما الثاني وهو الذي في اختلاف الحديث ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال أراد الشهرة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن يزيد عن عبد الله ابن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت أنه قرأ عند رسول الله ﷺ بالنجم فلم يسجد فيها قال الشافعي: وفي هذيه الحديثين دليل على أن سجود القرآن ليس بحتم ولكنا نحب أن لا يترك قال الشافعي: وفي النجم سجدة ولا أحب أن يدع شيئا من سجود القرآن وإن تركه كرهته له وليس عليه قضاؤه لأنه ليس بفرض فإن قال قائل ما دل على أنه ليس بفرض قيل السجود صلاة قال الله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا فكان الموقوت يحتمل مؤقتا بالعدد ومؤقتا بالوقت فأبان رسول الله ﷺ أن الله عز وجل فرض خمس صلوات

صفحة : 171

فقال رجل يا رسول الله هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار فأحب إلينا أن لا يدعه ومن تركه ترك فضلا لا فرضا وإنما سجد رسول الله ﷺ في النجم لأن فيها سجودا في حديث أبي هريرة وفي سجود النبي ﷺ في النجم دليل على ما وصفت لأن الناس سجدوا معه إلا رجلين والرجلان لا يدعان الفرض إن شاء الله ولو تركاه أمرهما رسول الله ﷺ بإعادته قال الشافعي: وأما حديث زيد أنه قرأ عند النبي ﷺ النجم فلم يسجد فهو والله أعلم أن زيدا لم يسجد وهو القاريء فلم يسجد النبي ﷺ ولم يكن عليه فرضا فيأمر النبي ﷺ به أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رجلا قرأ عند النبي ﷺ السجدة فسجد فسجد النبي ﷺ ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد فلم يسجد النبي ﷺ فقال يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم تسجد فقال النبي ﷺ كنت إماما فلو سجدت سجدت معك قال الشافعي: إني لأحسبه زيد بن ثابت لأنه يحكى أنه قرأ عند النبي ﷺ النجم فلم يسجد وإنما روى الحديثين معا عطاء بن يسار قال الشافعي: فأحب أن يبدأ الذي يقرأ السجدة فيسجد وأن يسجد من سمعه فإن قال قائل فلعل أحد هذين الحديثين نسخ الآخر قيل فلا يدعى أحد أن السجود في النجم منسوخ إلا جاز لأحد أن يدعى أن ترك السجود منسوخ والسجود ناسخ ثم يكون أولى لأن السنة السجود لقول الله جل وعز فاسجدوا لله واعبدوا ولا يقال لواحد من هذا ناسخ ولا منسوخ ولكن يقال هذا اختلاف من جهة المباح وأما الثالث وهو الذي في اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما ففيه سألت الشافعي عن السجود في إذا السماء انشقت قال فيها سجدة فقلت له وما الحجة فيها سجد فقال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود ابن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قرأ لهم إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما انصرفة أخبرهم أن رسول

صفحة : 172

الله ﷺ سجد فيها أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ والنجم إذا هوى فسجد فيها ثم قام فقرأ سورة أخرى أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن مالك أن عمر ابن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في إذا السماء انشقت أخبرنا الربيع سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت وما الحجة في ذلك فقال وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة ثم تقولون أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون مأخوذا عليه فيه لما فيه مما لا يخفى عن أحد يعقل إذا سمعه أرأيتم إذا قيل لكم أي الناس اجتمع على أن لا سجود في المفصل وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم مثلهم خلافهم أليس أن تقولوا أجمع الناس أن في المفصل سجودا أولى بكم من أن تقولوا اجتمع الناس على أن لا سجود في المفصل فإن قلتم لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول اجتمعوا فقد قلتم اجتمعوا ولم ترووا عن أحد من الأئمة قولكم ولا أدرى من الناس عندكم أخلقا كانوا فما اسم واحد منهم وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه أخترنا كذا كذا ولا تدعوا الإجماع فدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد يتثبت على علم أقبح من هذا قلت للشافعي أفرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعنى من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين فقال الشافعي: أرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من يخافلكم قول من أخذت بقوله اجتمع الناس أيكون صادقا فإن كان صادقا وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما اجتمع الناس على قوله فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة قلت هذا هو الصدق المحض فلا نفارقه ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف وهو لا يوجد بالمدينة إلا ويوجد بجميع البلدان عند أهل العلم مؤتفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا فيما اختلف فيه أهل

صفحة : 173

المدينة بينهم وقال لي الشافعي واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك لا على ما سواه إذا أردت أن تقول أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فقله وإن كانوا اختلفوا فلا تقله فإن الصدق في غيره وترجم مرة أخرى في سجود القرآن وفيها سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت وما الحجة في ذلك فقال أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صفية أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين قال الشافعي: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين فقلت للشافعي فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة فقال الشافعي: فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي ﷺ عامة فكيف تتخذون قول بان عمر وحده حجة وقول عمر حجة وحده حتى تردوا بكل واحد منهما السنة وتبتنون عليها عددا من الفقه ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمونه مستدرك على أحد قول العورة فيه أبين منها فيما وصفنا من أقاويلكم فمن ذلك اختلاف علي وابن مسعود رضي الله عنهما ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحق عن عاصم عن علي قال كان رسول الله ﷺ يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح قال الشافعي: وهذا يخالف الحديث الأول يعني الذي رواه قبل هذا عن علي عن رسول الله ﷺ أنه قال لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة وسنذكر هذا بتمامه في باب الساعات التي تكره فيها الصلاة ومن ذلك في اختلاف علي وابن مسعود أيضا في سنة الجمعة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال ابن مهدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا رضي الله عنه قال من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول يصلى أربعا ومن ذلك في اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما في باب القراءة في العيدين والجمعة ردا على من قال لا نبالي بأي

صفحة : 174

سورة قرأ قال الشافعي: أو رأيتم إذا استحببنا ركعتي الفجر والوتر وركعتين بعد المغرب لو قال قائل لا أبالي أن لا أفعل من هذا شيئا هي الحجة عليه إلا أن يقول قولكم لا أبالي جهالة وترك للسنة ينبغي أن تستحبوا ما صنع رسول الله ﷺ بكل حال ومن ذلك فيما يتعلق

باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة

أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء فقال نعم والذي أختار أن صلى عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقلت للشافعي فما الحجة في أن الوتر يجوز بواحدة فقال الحجة فيه السنة والآثار أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أخشى أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى أخبرنا مالك عن أبي شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي ﷺ كان يصلى بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يرتر بركعة أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يسلم من الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته قال الشافعي: وكان عثمان يحيى الليل بركعة وهي وتره وأوتر معاوية بواحدة فقال ابن عباس أصاب فقلت للشافعي فإنا نقول لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم من الركعتين والركعة من الوتر فقال الشافعي: لست أعرف لما تقولون وجها والله الستعان إن كنتم ذهبتم إلى أنكم تكرهون أن يصلى ركعة منفردة فأنتم إذا صلى ركعتين قبلها ثم سلم تأمرونه فإفراد الركعة لأن من سلم من صلاة فقد فصلها عما بعدها ألا ترى أن الرجل يصلى النافلة بركعات يسلم في كل ركعتين فيكون كل ركعتين يسلم بينهما منقطعتين من الركعتين اللتين قبلهما وبعدهما وأن السلام أفضل للفصل ألا ترى أن رجلا لو فاتته صلوات فقضاهن في مقام يفصل بينهن بسلام كانت كل صلاة غير الصلاة التي قبلها وبعدها لخروجه من كل صلاة بالسلام وإن كان إنما أردتم أنكم كرهتم أن يصلى واحدة لأن النبي ﷺ صلى أكثر منها وإنما يستحب أن يصلى إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة وإن كان أراد أن النبي ﷺ قال صلاة

صفحة : 175

الليل مثنى مثنى فأقل مثنى مثنى أربع فصاعدا وواحدة غير مثنى وقد أوتر بواحدة في الوتر كما أمر بمثنى وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي ﷺ كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن فقلت للشافعي فما معني هذا فقال هذه نافلة تسع أن يوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من غير أن نضيف غيره وقولكم والله يغفر لنا ولكم لا يوافق سنة ولا أثرا ولا قياسا ولا معقولا قولكم خارج من كل شيء من هذا وأقاويل الناس إما أن تقولوا لا يوتر إلا بثلاث كما قال بعض الشرقيين ولا يسلم في واحدة منهن كيلا يكون الوتر واحدة وإما أن لا تكرهوا الوتر بواحدة وكيف تكرهون الوتر بواحدة وأنتم تأمرون بالسلام فيها وإذا أمرتم به فهي واحدة وإن قلتم كرهناه لأن النبي ﷺ لم يوتر بواحدة ليس قبلها شيء فلم يوتر النبي ﷺ بثلاث ليس فيهن شيء فقد استحسنتم أن توتروا بثلاث ومنها في اختلاف مالك والشافعي

باب في الوتر

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع قال كنت مع ابن عمر ليلة والسماء متغيمة فخشى ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم تكشف الغيم فرأى عليه ليلا فشفع بواحدة قال لي الشافعي وأنتم تخالفون ابن عمر من هذا في موضعين فتقولون لا يوتر بواحدة ومن أوتر بواحدة لم يشفع وتره قال ولا أعلمكم تحفظون عن أحد أنه قال لا يشفع وتره فقلت الشافعي فما تقول أنت في هذا فقال بقول ابن عمر أنه كان يوتر بركعة قال أفتقول يشفع بوتره فقلت لا فقال فما حجتك فيه فقلت روينا عن ابن عباس أنه كره لابن عمر أن يشفع وتره وقال إذا أوترت من أول الليل فاشفع من آخره ولا تعد وترا ولا تشفعه وأنتم زعمتم أنكم لا تقبلون إلا حديث صاحبكم وليس من حديث صاحبكم خلاف ابن عمر ومنها في اختلاف على وابن مسعود رضي الله عنهما في باب الوتر والقنوت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحيم عن زاذان أن عليا رضي الله عنه كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل وهم يقولون نقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والثانية قل يا أيها الكافرون والثالثة نقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وأما نحن فنقول يقرأ فيها بقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل

صفحة : 176

أعوذ برب الناس ويفصل بين الركعتين والركعة بالتسليم ومنها في اختلاف الحديث في M0ا الوتر قال الشافعي: وقد سمعت أن النبي ﷺ أوتر أول الليل وآخره في حديث يثبت مثله وحديث دونه وذلك فيما وصفت من المباح له أن يوتر في الليل كله ونحن نبيح له في المكتوبة أن يصلى في أول الوقت وآخره وهذا في الوتر أوسع منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا أبو يعفور عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت من كل الليل قد أوتر رسول الله ﷺ فانتهى وتره إلى السحر وفي مختصر المزني في باب صلاة التطوع قال الشافعي: التطوع وجهان أحدهما صلاة جماعة مؤكدة فلا أجيز تركها لمن قدر عليها وهي صلاة العيدين وخسوف الشمس والقمر والاستسقاء وصلاة منفرد وبعضها أوكد من بعض فأكد من ذلك الوتر ويشبه أن يكون صلاة التهجد ثم ركعتا الفجر قال ولا أرخص لمسلم في ترك واحدة منهما وإن لم أوجبهما ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلى منه ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين وأحب إلى عشرون لأنه روى عن عمر وكذلك يقومون بمكة ويوترون بثلاث قال المزني ولا أعلم الشافعي ذكر موضع القنوت من الوتر ويشبه قوله بعد الركوع كما قال في قنوت الصبح ولما كان قول من رفع رأسه بعد الركوع سمع الله لمن حمده وهو دعاء كان هذا الموضع للقنوت الذي هو دعاء أشبه ولأن من قال يقنت قبل الركوع يأمره يكبر قائما ثم يدعو وإنما حكم من يكبر بعد القيام إنما هو للركوع فهذه تكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بأصل ولا قياس وفي كتاب اختلاف علي وعبد الله بن مسعود أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال هشيم عن عطاء بن السائب إن عليا كان يقنت في الوتر بعد الركوع وهم لا يأخذون بهذا يقولون يقنت قبل الركوع وإن لم يقنت قبل الركوع لم يقنت بعده وعليه سجدتا السهو قال الشافعي: وآخر الليل أحب إلى من أوله وأن جزء الليل أثلاثا فالأوسط أحب إلى أن يقومه فإن فاته الوتر حتى يصلى الصبح لم يقض قال ابن مسعود الوتر ما بين العشاء والفجر وإن فاتت ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يقض لأن أبا هريرة قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي اختلاف علي وابن مسعود رضي الله عنهما

صفحة : 177

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أبي هرون الغنوي عن خطاب بن عبد الله قال قال علي رضي الله عنه الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر ثم إن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلى ركعتين ركعتين حتى يصبح وإن شاء أوتر آخر الليل وهم يكرهون أن ينقض الرجل وتره ويقولون إذا أوتر صلى مثنى مثنى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال يزيد بن هرون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن عليا رضي الله عنه حين ثوب المؤذن فقال أين السائل عن الوتر نعم ساعة الوتر هذه ثم قرأ والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس وهم لا يأخذون بهذا ويقولون ليست هذه من ساعات الوتر قال الشافعي: هشيم عن حصين قال حدثنا ابن ظبيان قال كان علي رضي الله عنه يخرج إلينا ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول الصلاة الصلاة فإذا قام الناس قال نعم ساعة الوتر هذه فإذا طلع الفجر صلى ركعتين فأقيمت الصلاة وفي البويطي يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد أحب إلى وإن قرأ غير هذا مع أم القرآن أجزأه وفيه في آخر ترجمة طهارة الأرض ومن دخل مسجدا فليركع فيه قبل أن يجلس فإن هذا مع أم القرآن أجزأه وفيه في آخر ترجمة طهارة الأرض ومن دخل مسجدا فليركع فيه قبل أن يجلس فإن رسول الله ﷺ أمر بذلك وقال تحية المسجد ركعتان

ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

صفحة : 178

باب الساعات التي تكره فيها الصلاة

وهو مذكور في اختلاف الحديث أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى ابن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال لا يتحرى أحدكم فيصلى عند طلوع الشمس ولا عند غروبها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن الصنابحي أن رسول الله ﷺ قال إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا تفعت فارقها فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت إلى الغروب قارنها فإذا غربت قال الشافعي: وروى عن إسحق بن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله ﷺ نام عن الصبح فصلاها بعد أن طلعت الشمس ثم قال من نسى الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول أقم الصلاة لذكرى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال كان رسول الله ﷺ في سفر فعرس فقال ألا رجل صالح يكلؤنا الليلة لا نرقد عن الصلاة فقال بلال أنا يا رسول الله قال فاستند بلال إلى راحلته واستقبل الفجر قال فلم يفزعوا إلا بحر الشمس في وجوههم فقال رسول الله ﷺ يا بلال فقال بلال يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك قال فتوضأ رسول الله ﷺ ثم صلى ركعتي الفجر ثم اقتادوا رواحلهم شيئا ثم صلى الفجر قال الشافعي: وهذا يروى عن النبي ﷺ متصلا من حديث أنس وعمران ابن حصين عن النبي ﷺ ويزيد أحدهما عن النبي ﷺ من نسى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن رسول الله ﷺ قال يا بني عبد مناف من ولى منكم من أمر

صفحة : 179

الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن النبي ﷺ مثله أو مثل معناه لا يخالفه وزاد عطاء يا بني عبد المطلب يا بني هاشم أو يا بني عبد مناف أخبرنا الربيع قال أخبرنا سفيان عن عبد الله ابن أبي لبيد قال سمعت أبا سلمة قال قدم معاوية المدينة قال فبينا هو على المنبر إذ قال يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة فسلها عن صلاة النبي ﷺ الركعتين بعد العصر قال أبو سلمة فذهبت معه وبعث ابن عباس عبد الله بن الحرث بن نوفل معنا قال اذهب فاسمع ما تقول أم المؤمنين قال فجاءها فسألها فقالت له عائشة لا علم لي ولكن اذهب إلي أم سلمة فسلها قال فذهبنا معه إلى أم سلمة فقالت دخل علي رسول الله ﷺ ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما فقلت يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها قال إني كنت أصلى ركعتين بعد الظهر وأنه قدم على وفد بني تميم أو صدقة فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ابن عيينة عن ابن قيس عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جده قيس قال رآني رسول الله ﷺ وأنا أصلى ركعتين بعد الصبح فقال ما هاتان الركعتان يا قيس فقلت لم أكن صليت ركعتي الفجر فسكت عنه النبي ﷺ قال الشافعي: وليس بعد هذا اختلافا في الحديث بل بعض هذه الأحاديث يدل على بعض فجماع نهى رسول الله ﷺ والله أعلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد ما تبدو حتى تبرز وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد مغيب بعضها حتى يغيب كلها وعن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ليس على كل صلاة لزمت المصلى بوجه من الوجوه أو تكون الصلاة مؤكدة فآمر بها وإن لم تكن فرضا أو صلاة كان الرجل يصليها فأغفلها فإذا كانت واحدة من هذه الصلوات صليت في هذه الأوقات بالدلالة عن رسول الله ﷺ ثم إجماع الناس في الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر قال الشافعي: فإن قال قائل فأين الدلالة عن رسول الله ﷺ قيل في قوله من

صفحة : 180

نسى صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول أقم الصلاة لذكرى وأمره أن لا يمنع أحد طاف بالبيت وصلى أي ساعة شاء وصلى المسلمون على جنائزهم بعد الصبح والعصر قال الشافعي: وفيما روت أم سلمة من أن النبي ﷺ صلى في بيتها ركعتين بعد العصر كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما بالوفد فصلاهما بعد العصر لأنه كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما قال وروى قيس جد يحيى ابن سعيد أن النبي ﷺ رآه يصلى ركعتين بعد الصبح فسأله فأخبره بأنهما ركعتا الفجر فأقره لأن ركعتي الفجر مؤكدتان مأمور بهما فلا يجوز إلا أن يكون نهيه عن الصلاة في الساعات التي نهى عنها على ما وصفت من كل صلاة لا تلزم فأما كل صلاة كان يصليها صاحبها فأغفلها أو شغل عنها وكل صلاة أكدت وإن لم تكن فرضا كركعتي الفجر والكسوف فيكون نهى النبي ﷺ فيما سوى هذا ثابتا قال الشافعي: والنهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر ونصف النهار مثله إذا غاب حاجب الشمس وبرز لا اختلاف فيه لأنه نهى واحد وهذا مثل نهي رسول الله ﷺ عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة لأن من شأن الناس التهجير للجمعة والصلاة إلى خروج الإمام قال وهذا مثل الحديث في نهى النبي ﷺ عن

ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

صفحة : 181

باب الخلاف في هذا الباب

حدثنا الربيع قال الشافعي: رحمه الله تعالى فخالفنا بعض أهل ناحيتنا وغيره فقال يصلى على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح ما لم تقارب الشمس أن تطلع وما لم تتغير الشمس واحتج في ذلك بشيء رواه عن ابن عمر يشبه بعض ما قال قال الشافعي: وابن عمر إنما سمع من النبي ﷺ النهي أن يتحرى أحد فيصلى عند طلوع الشمس وعند غروبها ولم أعلمه روى عنه النهي عن الصلاة بعد العصر ولا بعد الصبح فذهب ابن عمر إلى أن النهى مطلق على كل شيء فنهى عن الصلاة على الجنائز لأنها صلاة في هذين الوقتين وصلى عليها بعد الصبح وبعد العصر لأنا لم نعلمه روى النهى عن الصلاة في هذه الساعات قال الشافعي: فمن علم أن النبي ﷺ نهى عن الصلاة بعد الصبح والعصر كما نهى عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها لزمه أن يعلم ما قلنا من أنه إنما نهى عنها فيما لا يلزم ومن روى يعلم أن النبي ﷺ صلى بعد العصر ركعتين كان يصليهما بعد الظهر شغل عنهما وأقر قيسا على ركعتين بعد الصبح لزمه أن يقول نهى عنها فيما لا يلزم ولم ينه الرجل عنه فيما اعتاد من صلاة النافلة وفيما تؤكد منها عليه ومن ذهب هذا عليه وعلم أن النبي ﷺ نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فلا يجوز له أن يقول إلا بما قلنا به أو ينهى عن الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر بكل حال قال الشافعي: وذهب أيضا إلى أن لا يصلي أحد للطواف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس واحتج بأن عمر بن الخطاب طاف بعد الصبح ثم نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى قال الشافعي: فإن كان عمر كره الصلاة في تلك الساعة فهو مثل مذهب ابن عمر وذلك أن يكون علم أن رسول الله ﷺ نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر فرأي نهيه مطلقا فترك الصلاة في تلك الساعة حتى طلعت الشمس ويلزم من قال هذا أن يقول لا صلاة في جميع الساعات التي نهى النبي ﷺ عن الصلاة فيها لطواف ولا على جنازة وكذلك يلزمه أن لا يصلى فيها صلاة فائتة وذلك من حين يصلى الصبح إلى أن تبرز الشمس

صفحة : 182

وحين يصلى العصر إلى أن يتتام مغيبها ونصف النهار إلى أن تزول الشمس قال الشافعي: وفي هذا المعنى أن أبا أيوب الأنصاري سمع النبي ﷺ ينهى أن تستقبل القبلة أو بيت المقدس لحاجة الإنسان قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد صنعت فننحرف ونستغفر الله وعجب ابن عمر ممن يقول لا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس لحاجة الإنسان وقال رأيت رسول الله ﷺ على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته قال الشافعي: علم أبو أيوب النهى فرآه مطلقا وعلم ابن عمر استقبال النبي ﷺ لحاجته ولم يعلم النهي ومن علمهما معا قال النهي عن استقبال القبلة وبيت المقدس في الصحراء التي لا ضرورة على ذاهب فيها ولا ستر فيها لذاهب لأن الصحراء ساحة يستقبله المصلي أو يستدبره فترى عورته إن كان مقبلا أو مدبرا وقال لا بأس بذلك في البيوت لضيقها وحاجة الإنسان إلى المرفق فيها وسترها وإن أحدا لا يرى من كان فيها إلا أن يدخل أو يشرف عليه قال الشافعي: وفي هذا المعنى أن أسيد بن حضير وجابر بن عبد الله صليا مريضين قاعدين بقوم أصحاء فأمراهم بالقعود معهما وذلك أنهما والله أعلم علما أن رسول الله ﷺ صلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأمرهم بالجلوس فأخذا به وكان الحق عليهما ولا أشك أن قد عزب عنهما أن النبي ﷺ صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا وأبو بكر إلى جنبه قائما والناس من ورائه قياما فنسخ هذا أمر النبي ﷺ بالجلوس وراءه إذا صلى شاكيا وجالسا وواجب على كل من علم الأمرين معا أن يصير إلى أمر النبي ﷺ الآخر إذا كان ناسخا للأول أو إلى أمر النبي ﷺ الدال بعضه على بعض قال الشافعي: وفي مثل هذا المعنى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب الناس وعثمان بن عفان محصور فأخبرهم أن النبي ﷺ نهاهم عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث وكان يقول به لأنه سمعه من النبي ﷺ وعبد الله بن واقد رواه عن النبي ﷺ وغيرهما فلما روت عائشة أن النبي ﷺ نهى عنه عند الدافة ثم قال كلوا وتزودوا وادخروا وتصدقوا وروى جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ أنه نهى عن لحوم الضحايا بعد ثلاث ثم قال كلوا وتزودوا وتصدقوا كان

صفحة : 183

يجب على من علم الأمرين معا أن يقول نهى النبي ﷺ عنه لمعنى وإذا كان مثله فهو منهى عنه وإذا لم يكن مثله لم يكن منهيا عنه أو يقول نهى عنه النبي ﷺ في وقت ثم أرخص فيه من بعد والآخر من أمره ناسخ للأول قال الشافعي: وكل قال بما سمعه من رسول الله ﷺ وكان من رسول الله ﷺ ما يدل على أنه قاله على معنى دون معنى أو نسخه فعلم الأول ولم يعلم قال الشافعي: ولهذا أشباه غيره في الأحاديث وإنما وضعت هذه الجملة عليه لتدل على أمور غلط فيها بعض من نظر في العلم ليعلم من علمه إن من متقدمى الصحبة وأهل الفضل والدين والأمانة من يعزب عنه من سنن رسول الله ﷺ شيء علمه غيره ممن لعله لا يقاربه في تقدم صحبته وعلمه ويعلم أن علم خاص السنن إنما هو علم خاص لمن فتح الله عز وجل له علمه لا أنه عام مشهور شهرة الصلاة وجمل الفرائض التي كلفتها العامة ولو كان مشهورا شهرة جمل الفرائض ما كان الأمر فيما وصفت من هذا وأشباهه كما وصفت ويعلم أن الحديث إذا رواه الثقات عن رسول الله ﷺ فذلك ثبوته وأن لا نعول على حديث ليثبت أن وافقه بعض أصحاب النبي ﷺ ولا يرد لأن عمل بعض أصحاب النبي ﷺ عملا خالفه لأن لأصحاب النبي ﷺ والمسلمين كلهم حاجة إلى أمر رسول الله ﷺ وعليهم اتباعه لا أن شيئا من أقاويلهم تبع ما روى عنه ووافقه يزيد قوله شدة ولا شيئا خالفه من أقاويلهم يوهن ما روى عنه الثقة لأن قوله المفروض اتباعه عليهم وعلى الناس وليس هكذا قول بشر غير رسول الله ﷺ قال الشافعي: فإن قال قائل صح الحديث المروى عن رسول الله ﷺ إذا خالفه بعض أصحابه جاز له أن يتهم عن بعض أصحابه لخلافه لأن كلا روى خاصة معا وإن بينهما مما روى عن النبي ﷺ أولى أن يصار إليه ومن قال منهم قولا لم يروه عن النبي ﷺ لم يجزلأحد أن يقول إنما قاله عن رسول الله ﷺ لما وصفت من أنه يعزب عن بعضهم بعض قوله ولم يجز أن نذكره عنه إلا رأيا له ما لم يقله عن رسول الله ﷺ فإن كان هكذا لم يجز أن يعارض بقول أحد قول رسول الله ﷺ ولو قال قائل لا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله ﷺ لم يحل له خلاف من وضعه هذا الموضع وليس من الناس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه

صفحة : 184

وسلم إلا وقد أخذ من قوله وترك لقول غيره من أصحاب رسول الله ﷺ ولا يجوز في قول النبي ﷺ أن يرد لقول أحد غيره فإن قال قائل فاذكر لي في هذا ما يدل على ما وصفت فيه قيل له ما وصفت في هذا الباب وغيره متفرقا وجملة ومنه أن عمر بن الخطاب إمام المسلمين والمقدم في المنزلة والفضل وقدم الصحبة والورع والثقة والثبت والمبتدىء بالعلم قبل أن يسأله والكاشف عنه لأن قوله حكم يلزم حتى كان يقضى بين المهاجرين والأنصار أن الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره أو كتب إليه الضحاك بن سفيان أن النبي ﷺ كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع إليه عمر وترك قوله وكان عمر يقضى أن في الإبهام خمس عشرة والوسطى والمسبحة عشر عشرا وفي التي تلى الخنصر تسعا وفي الخنصر ستا حتى وجد كتابا عند آل عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي ﷺ وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل فترك الناس قول عمر وصاروا إلى كتاب النبي ﷺ ففعلوا في ترك أمر عمر لأمر النبي ﷺ فعل عمر في فعل نفسه في أنه ترك فعل نفسه لأمر النبي ﷺ وذلك الذي أوجب الله جل وعز عليه وعليهم وعلى جميع خلقه قال الشافعي: وفي هذا دلالة على أن حاكمهم كان يحكم برأيه فيما لرسول الله ﷺ فيه سنة لم يعلمها ولم يعلمها أكثرهم وذلك يدل على أن علم خاص الأحكام خاص كما وصفت لا عام كعام جمل الفرائض قال الشافعي: وقسم أبو بكر حتى لقى الله عز وجل فسوى بين الحر والعبد ولم يفضل بين أحد بسابقة ولا نسب ثم قسم عمر فألغى العبيد وفضل بالنسب والسابقة ثم قسم علي فألغى العبيد وسوى بين الناس وهذا أعظم ما يلي الخلفاء وأعمه وأولاه أن لا يختلفوا فيه وإنما لله جل وعز في المال ثلاثة أقسام قسم الفيء وقسم الغنيمة وقسم الصدقة فاختلف الأئمة فيها ولم يمتنع أحد من أخذ ما أعطاه أبو بكر ولا عمر ولا علي وفي هذا دلالة على أنهم يسلمون لحاكمهم وإن كان رأيهم خلاف رأيه وإن كان حاكمهم قد يحكم بخلاف آرائهم لا أن جميع أحكامهم من الجهة الإجماع منهم وعلى أن من أدعى أن حكم حاكمهم إذا كان بين أظهرهم ولم يردوه عليه فلا يكون إلا وقد رأوا رأيه قيل إنه لو رأوا رأيه فيه لم يخالفوه بعده فإن قال قائل قد رأوه في حياته رأوا خلافه بعده قيل له فيدخل عليك في هذا إن كان كما قلت إن إجماعهم لا يكون حجة عندهم

صفحة : 185

إذا كان لهم أن يجمعوا على قسم أبي بكر ثم يجمعوا على قسم عمر ثم يجمعوا على قسم علي وكل واحد منهم يخالف صاحبه فإجماعهم إذا ليس بحجة عندهم أولا ولا آخرا وكذلك لا يجوز إذا لم يكن عندهم حجة أن يكون على من بعدهم حجة فإن قال قائل فكيف تقول قلت لا يقال لشيء من هذا إجماع ولكن ينسب كل شيء منه إلى فاعله فينسب إلى أبي بكر فعله وإلى عمر فعله وإلى علي فعله ولا يقال لغيرهم ممن أخذ منهم موافقة لهم ولا مخالفة ولا ينسب إلى ساكت قول قائل ولا عمل عامل إنما ينسب إلى كل قوله وعمله وفي هذا ما يدل على أن ادعاء الإجماع في كثير من خاص الأحكام ليس كما يقول من يدعيه فإن قال قائل أفتجد مثل هذا قلنا إنما بدأنا به لأنه أشهر ما صنع الأئمة وأولى أن لا يختلفوا فيه وأن لا يجهله العامة ونحن نجد كثيرا من ذلك أن أبا بكر جعل الجد أبا ثم طرح الإخوة معه ثم خالفه فيه عمر وعثمان وعلي ومن ذلك أن أبا بكر رأى على بعض أهل الردة فداء وسبيا وحبسهم لذلك فأطلقهم عمر وقال لا سبي ولا فداء مع غير هذا مما سكتنا عنه ونكتفي بهذا منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه أن يحيى بن حاطب حدثه قال توفى حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام وكان له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه فلم ترعه إلا بحملها وكانت ثيبا فذهب إلى عمر فحدثه فقال له عمر لأنت الرجل لا يأتي بخير فأفزعه ذلك فأرسل إليها عمر فقال أحبلت فقال نعم من مرعرس بدرهمين وإذا هي تستهل بذلك ولا تكتمه قال وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف فقال أشيروا علي قال وكان عثمان جالسا فاضطجع فقال علي وعبد الرحمن قد وقع عليها الحد فقال أشر علي يا عثمان فقال قد أشار عليك أخواك فقال أشر أنت علي قال أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه فقال عمر صدقت صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه فجلدها عمر مائة وغربها عاما قال الشافعي: فخالف عليا وعبد الرحمن فلم يحدها حدها عندهما وهو الرجم قال وخالف عثمان أن لا يحدها بحال وجلدها مائة وغربها عاما فلم يرو عن أحد منهم من خلافه بعد حده إياها حرف ولم يعلم خلافهم له إلا بقولهم المتقدم قبل فعله قال وقال بعض من يقول ما لا ينبغي له إذ قبل حد عمر مولاة حاطب كذا لم يكن عمر ليحدها إلا بإجماع أصحاب رسول الله ﷺ جهالة بالعلم وجرأة على قول ما لا يعلم فمن اجترأ على أن يقول إن قول رجل أو

صفحة : 186

قال الشافعي: وقضى عمر بن الخطاب في أن لا تباع أمهات الأولاد وخالفه علي وقضى عمر في الضرس بجمل وخالفه غيره فجعل الضرس سنا فيها خمس من الإبل وقال عمر وعلي وابن مسعود وأبو موسى الأشعري وغيرهم للرجل على امرأته الرجعة حتى تطهر من الحيضة الثالثة وخالفهم غيرهم فقال إذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد انقطعت رجعته عنها مع أشياء كثيرة أكثر مما وصفت فدل ذلك على أن قائل السلف يقول برأيه ويخالفه غيره ويقول برأيه ولا يروى عن غيره فيما قال به شيء فلا ينسب الذي لم يرو عنه شيء إلى خلافه ولا موافقته لأنه إذا لم يقل لم يعلم قوله ولو جاز أن ينسب إلى موافقته جاز أن ينسب إلى خلافه ولكن كلا كذب إذا لم يعرف قوله ولا الصدق فيه إلا أن يقال ما يعرف إذا لم يقل قولا وفي هذا دليل على أن بعضهم لا يرى قول بعض حجة تلزمه إذا رأى خلافها وأنهم لا يرون اللازم إلا الكتاب أو السنة وأنهم لم يذهبوا قط إن شاء الله إلى أن يكون خاص الأحكام كلها إجماعا كإجماعهم على الكتاب والسنة وجمل الفرائض وأنهم كانوا إذا وجدوا كتابا أو سنة اتبعوا كل واحد منهما وإذا تأولوا ما يحتمل فقد يختلفون ولذلك إذا قالوا فيما لم يعلموا فيه سنة اختلفوا قال الشافعي: وهي حجة على أن دعوى الاجتماع في كل الأحكام ليس كما ادعى من ادعى ما وصفت من هذا ونظائر له أكثر منه وجملته أنه لم يدع الإجماع فيما سوى جمل الفرائض التي كلفتها العامة أحد من أصحاب رسول الله ﷺ ولا التابعين ولا القرن الذين من بعدهم ولا القرن الذين يلونهم ولا عالم علمته على ظهر الأرض ولا أحد نسبته العامة إلى علم إلا حديثا من الزمان فإن قائلا قال فيه بمعنى لم أعلم أحدا من أهل العلم عرفه وقد حفظت عن عدد منهم إبطاله قال الشافعي: ومتى كانت عامة من أهل العلم في دهر بالبلدان على شيء أو عامة قبلهم قيل يحفظ عن فلان وفلان كذا ولم نعلم لهم مخالفا ونأخذ به ولا نزعم أنه قول الناس كلهم لأنا لا نعرف من قاله من الناس إلا من سمعناه منه أو عنه قال وما وصفت من هذا قول من حفظت عنه من أهل العلم نصا واستدلالا قال الشافعي: والعلم من وجهين اتباع أو استنباط والاتباع اتباع كتاب فإن لم يكن فسنة فإن لم تكن فقول عامة من سلفنا لا نعلم له مخالفا فإن لم يكن فقياس على كتاب الله جل وعز فإن لم يكن فقياس على سنة رسول الله ﷺ فإن لم يكن فقياس على قوله عامة من

صفحة : 187

سلف لا مخالف له ولا يجوز القول إلا بالقياس وإذا قاس من له القياس فاختلفوا وسع كلا أن يقول بمبلغ اجتهاده ولم يسعه اتباع غيره فيما أدى إليه اجتهاده بخلافه والله أعلم أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي محمد بن إدريس المطلبي قال ذكر الله تبارك اسمه الأذان بالصلاة فقال عز وجل وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا وقال إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع فأوجب الله والله أعلم إتيان الجمعة وسن رسول الله ﷺ الأذان للصلوات المكتوبات فاحتمل أن يكون أوجب إتيان صلاة الجماعة في غير الجمعة كما أمر بإتيان الجمعة وترك البيع واحتمل أن يكون أذن بها لتصلى لوقتها وقد جمع رسول الله ﷺ مسافرا ومقيما خائفا وغير خائف وقال الله عز وجل لنبيه ﷺ وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك الآية والتي بعدها قال الشافعي: وأمر رسول الله ﷺ من أتى الصلاة أن يأتيها وعليه السكينة ورخص في ترك إتيان الجماعة في العذر بما ساذكره إن شاء الله تعالى في موضعه وأشبه ما وصفت من الكتاب والسنة أن لا يحل ترك أن يصلى كل مكتوبة في جماعة حتى لا يخلوا جماعة مقيمون ولا مسافرون من أن يصلى فيهم صلاة جماعة أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجل فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال يتأخرون فأحرق عليهم بيوتهم فو الذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن حرملة أن رسول الله ﷺ قال بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يسطيعونهما أو نحو هذاقال الشافعي: فيشبه ما قال رسول الله ﷺ من همه أن يحرق على قوم بيوتهم أن يكون قاله في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق والله تعالى أعلم فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر وإن تخلف أحد صلاها منفردا لم يكن عليه إعادتها صلاها قبل صلاة الإمام أو بعدها إلا صلاة الجمعة فإن على من صلاها ظهر قبل صلاة الإمام إعادتها لأن إتيانها فرض بين والله تعالى أعلم وكل جماعة صلى فيها رجل في بيته أو في مسجد صغير أو

صفحة : 188

كبير قليل الجماعة أو كثيرها أجزأت عنه والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعة أحب إلى وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته فيه الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي وإن لم يأته وصلى في مسجد منفردا فحسن وإذا كان للمجسد إمام راتب ففاتت رجلا أو رجالا فيه الصلاة صلوا فرادى ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم قال الشافعي: وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرق الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام جماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة وفيهما المكروه وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن فأما مسجد بني علي ظهر الطريق أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام معلوم ويصلى فيه المارة ويستظلون فلا أكره ذلك فيه لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره وإن صلى جماعة في مسجد له إمام ثم صلى فيه آخرون في جماعة بعدهم كرهت ذلك لهم لما وصفت وأجزأتهم صلاتهم

فضل الجماعة والصلاة معهمقال الشافعي: رحمه الله تعالى

أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة قال الشافعي: والثلاثة فصاعدا إذا أمهم أحدهم جماعة وأرجو أن يكون الاثنان يؤم أحدهما الآخر جماعة ولا أحب لأحد ترك الجماعة ولو صلاها بنسائه أو رقيقه أو أمه أو بعض ولده في بيته وإنما منعني أن أقول صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي ﷺ صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ولم يقل لا تجزيء المنفرد صلاته وإنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاءوا المسجد فصلى كل واحد منهم متفردا وقد كانوا قدارين على أن يجمعوا في المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في

صفحة : 189

مسجد مرتين ولا بأس أن يخرجوا إلى موضع فيجمعوا فيه وإنما صلاة الجماعة بأن يأتم المصلون برجل فإذا أئتم واحد برجل فهي صلاة جماعة وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان أحب إلى وأقرب إن شاء الله تعالى من الفضل

العذر في ترك الجماعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أذن في ليلة ذات برد وريح فقال ألا صلوا في الرحال ثم قال إن رسول الله ﷺ كان يأمر المؤذن إذا كانت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ كان يأمر مناديه في الليلة الطيرة والليلة الباردة ذات ريح ألا صلوا في رحالكم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم أنه كان يؤم أصحابه يوما فذهب لحاجته ثم رجع فقال سمعت رسول الله ص يقول إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم أنه خرج إلى مكة فصحبه قوم فكان يؤمهم فأقام الصلاة وقدم رجلا وقال قال رسول الله ﷺ إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط قال الشافعي: وإذا حضر الرجل إماما كان أو غير إمام وضوء بدأ بالوضوء ولم أحب له أن يصلى وهو يجد من الوضوء لأمر النبي ﷺ أن يبدأ بالوضوء وما أمر به من الخشوع في الصلاة وإكمالها وإن من شغل بحاجته إلى وضوء أشبه أن لا يبلغ من الإكمال للصلاة والخشوع فيها ما يبلغ من لا شغل له وإذا حضر عشاء الصائم أو المفطر أو طعامه وبه إليه حاجة أرخصت له في ترك إتيان الجماعة وأن يبدأ بطعامه إذا كانت نفسه شديدة التوقان إليه وإن لم تكن نفسه شديدة التوقان إليه ترك العشاء وإتيان الصلاة أحب إلى وأرخص له في ترك الجماعة بالمرض لأن رسول الله ﷺ مرض فترك أن يصلى بالناس أياما كثيرة وبالخوف وبالسفر وبمرض وبموت من يقوم بأمره وبإصلاح ما يخاف فوت إصلاحه من ماله ومن يقوم بأمره ولا أرخص له في ترك الجماعة إلا من عذر والعذر ما وصفت من هذا وما أشبهه أو غلبة نوم أو حضور مال إن غاب عنه خاف ضيعته أو ذهاب في طلب ضالة يطمع في إدراكها

صفحة : 190

ويخاف فوتها في غيبته

الصلاة بغير أمر الوالي

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله ﷺ ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلى بالناس فأقيم الصلاة قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله ﷺ والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله ﷺ فأشار إليه رسول الله ﷺ أن أمكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله ﷺ من ذلك ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله ﷺ فصلى بالناس فلما انصرف قال يا أبا بكر ما منعك أن ثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلى بين يدي رسول الله ﷺ ثم قال رسول الله ﷺ مالي أراكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء قال الشافعي: ويجزيء رجلا أن يقدم رجلا أو يتقدم فيصلى بقوم بغير أمر الوالي الذي يلى الصلاة أي صلاة حضرت من جمعة أو مكتوبة أو نافلة إن لم يكن في أهل البلد وال وكذلك إن كان للوالي شغل أو مرض أو نام أو أبطأ عن الصلاة فقد ذهب رسول الله ﷺ ليصلح بين بني عمرو بن عوف فجاء المؤذن إلى أبي بكر فتقدم للصلاة وذهب رسول الله ﷺ في غزوة تبوك لحاجته فتقدم عبد الرحمن ابن عوف فصلى بها ركعة من الصبح وجاء رسول الله ﷺ فأدرك معه الركعة الثانية فصلاها خلف عبد الرحمن ابن عوف ثم قضى ما فاته ففزع الناس لذلك فقال لهم رسول الله ﷺ قد أحسنتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها قال يعني أول وقتها إلى هنا قال الشافعي: وأحب في هذا كله إن كان الإمام قريبا أن يستأمر وأحب للامام أن يوكل من يصلى بالناس إذا أبطأ هو عن الصلاة وسواء في هذا كله أن يكون الزمان زمان فتنة أو غير زمان فتنة إلا أنهم إذا خافوا في هذا شيئا من السلطان أحببت أن لا يعجلوا أمر السلطان حتى يخافوا ذهاب الوقت فإذا خافوا ذهابه لم يسعهم إلا الصلاة جماعة أو فرادى وسواء في هذا

صفحة : 191

الجمعة والأعياد وغيرها قد صلى على بالناس العيد وعثمان محصور رحمة الله تعالى عليهما M0ذ اجتمع القوم وفيهم الوالي قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا دخل الوالي البلد يليه فاجتمع وغيره في ولايته فالوالي أحق بالإمامة ولا يتقدم أحد ذا سلطان في سلطانه في مكتوبه ولا نافلة ولا عيد ويروى أن ذا السلطان أحق بالصلاة في سلطانه فإن قدم الوالي رجلا فلا بأس وإنما يؤم حينئذ بأمر الوالي والوالي المطلق الولاية في كل من مر به وسلطان حيث مر وإن دخل الخليفة بلدا لا يليه وبالبلد وال غيره فالخليفة أولى بالصلاة لأنه واليه إنما ولى بسببه وكذلك إن دخل بلدا تغلب عليه رجل فالخليفة أولى فإن لم يكن خليفة فالوالي بالبلد أولى بالصلاة فيه فإن جاوز إلى بلد غيره لا ولاية له به فهو وغيره سواء

إمامة القوم لا سلطان فيهم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم قال أخبرني معن ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن قال الشافعي: وروى أن نفرا من أصحاب النبي ﷺ كانوا في بيت رجل منهم فحضرت الصلاة فقدم صاحب البيت رجلا منهم فقال تقدم فأنت أحق بالإمامة في منزلك فتقدم قال الشافعي: وأكره أن يؤم أحد غير ذي سلطان أحدا في منزله إلا أن يأذن له الرجل فإن أذن له فإنما أم بأمره فلا بأس إن شاء الله تعالى وإنما أكره أن يؤمه في منزله بغير أمره فأما بأمره فذلك ترك منه لحقه في الإمامة ولا يجوز لذي سلطان ولا صاحب منزل أن يؤم حتى يكون يحسن يقرأ ما تجزيه به الصلاة فإن لم يكن يقرأ ما تجزيه به الصلاة لم يكن له أن يؤم وإن أم فصلاته تامة وصلاة من خلفه ممن يحسن هذا فاسدة وهكذا إذا كان السلطان أو صاحب المنزل ممن ليس يحسن يقرأ لم تجزيء من ائتم به الصلاة وإذا تقدم أحد ذا سلطان وذا بيت في بيته بغير إذن واحد منهما كرهته له ولم يكن عليه ولا على من صلى خلفه إعادة لأن الفعل في التقدم إذا كان خطأ فالصلاة نفسها مؤداة كما تجزيء وسواء إمامة الرجل في بيته العبد والحر إلا أن يكون سيده حاضرا فالبيت بيت السيد ويكون أولى بالإمامة وإذا كان السلطان في بيت رجل كان السلطان أولى بالإمامة لأن بيته من سلطانه وإذا كان مصر جامع له مسجد جامع لا سلطان به فأيهم أمهم من أهل الفقه والقرآن لم أكرهه أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن صاحب المقصورة جاء إلى ابن عمر

صفحة : 192

M0جماع القوم في منزلهم سواء قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال حدثنا أبو اليمان مالك بن الحويرث قال قال لنا رسول الله ﷺ صلوا كما رأيتموني أصلى فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم قال الشافعي: هؤلاء قوم قدموا معا فأشبهوا أن تكون قراءتهم وتفقههم سواء فأمروا أن يؤمهم أكبرهم وبذلك آمرهم وبهذا نأخذ فنأمر القوم إذا اجتمعوا في الموضع ليس فيهم وال وليسوا في منزل أحد أن يقدموا أقرأهم وأفقههم وأسنهم فإن لم يجتمع ذلك في واحد فإن قدموا أفقههم إذا كان يقرأ القرآن فقرأ منه ما يكتفى به في صلاته فحسن وإن قدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن ويقدموا هذين معا على من هو أسن منهما وإنما قيل والله تعالى أعلم أن يؤمهم أقرؤهم أن من مضى من الأئمة كانوا يسلمون كبارا فيتفقهون قبل أن يقرءوا القرآن ومن بعدهم كانوا يقرءون القرآن صغارا قبل أن يتفقهوا فأشبه أن يكون من كان فقيها إذا قرأ من القرآن شيئا أولى بالإمامة لأنه قد ينوبه في الصلاة ما يعقل كيف يفعل فيه بالفقه ولا يعلمه من لا فقه له وإذا استووا في الفقه والقراءة أمهم أسنهم وأمر النبي ﷺ أن يؤمهم أسنهم فيما أرى والله تعالى أعلم أنهم كانوا مشتبهي الحال في القراءة والعلم فأمر أن يؤمهم أكبرهم سنا ولو كان فيهم ذو نسب فقدموا غير ذي النسب أجرأهم وإن قدموا ذا النسب اشتبهت حالهم في القراءة والفقه كان حسنا لأن الإمامة منزلة فضل وقد قال رسول الله ﷺ قدموا قريشا ولا تقدموها فأحب أن يقدم من حضر منهم اتباعا لرسول الله ﷺ إذا كان فيه لذلك موضع قال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن عطاء قال كان يقال يؤمهم أفقههم فإن كانوا في الفقه سواء فاقرؤهم فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم ثم عاودته بعد ذلك في العبد يؤم فقلت يؤمهم العبد إذا كان أفقههم قال نعم قال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني نافع قال أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة من المدينة ولابن عمر قريبا من ذلك المسجد أرض يعملها وإمام ذلك المسجد مولى له ومسكن ذلك المولى وأصحابه ثم فلما سمعهم عبد الله بن عمر جاء ليشهد معهم الصلاة فقال له المولى صاحب المسجد تقدم فصل فقال له عبد الله أنت أحق أن تصلى

صفحة : 193

في مسجدك مني فصلى المولى صاحب المسجد قال الشافعي: وصاحب المسجد كصاحب المنزل فأكره أن يتقدمه أحد إلا السلطان ومن أم من الرجال ممن كرهت إمامته فأقام الصلاة أجزأت إمامته والاختيار ما وصفت من تقديم أهل الفقه والقرآن والسن والنسب وإن أم أعرابي مهاجرا أو بدوى قرويا فلا بأس إن شاء الله تعالى إلا أني أحب أن يتقدم أهل الفضل في كل حال في الإمامة ومن صلى صلاة من بالغ مسلم يقيم الصلاة أجزأته ومن خلفه صلاتهم وإن كان غير محمود الحال في دينه أي غاية بلغ يخالف الحمد في الدين وقد صلى أصحاب النبي ﷺ خلف من لا يحمدون فعلاه من السلطان وغيره قال الشافعي: أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع أن عبد الله بن عمر اعتزل بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج بمنى فصلى مع الحجاج أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما كانا يصليان خلف مروان قال فقال أما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما فقال لا والله ما كانا يزيدان على صلاة الأئمة

ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م


====


[أغلق]
* اقرأ * * نزّل * استشهد * شارك في ويكي مصدر *




كتاب الأم - المجلد الأول3
اذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث


صفحة: 194

صلاة الرجل بصلاة الرجل لم يؤمه

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى وإذا افتتح الرجل الصلاة لنفسه لا ينوي أن يؤم أحدا فجاءت جماعة أو واحد فصلوا بصلاته فصلاته مجزئه عنهم وهو لهم إمام ولا فرق بينه وبين الرجل ينوي أن يصلى لهم ولو لم يجز هذا لرجل لم يجز أن ينوى إمامة رجل أو نفر قليل بأعيانهم لا ينوي إمامة غيرهم ويأتى قوم كثيرون فيصلون معهم ولكن كل هذا جائز إن شاء الله تعالى وأسأل الله تعالى التوفيق

كراهية الإمامة

قال الشافعي: رحمه تعالي روى صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال يأتى قوم فيصلون لكم فإن أتموا كان لهم ولكم وإن نقصوا كان عليهم ولكم قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة يبلغ به النبي ﷺ قال الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم فأرشد الأئمة واغفر للمؤذنين قال الشافعي: فيشبه قول رسول الله ﷺ والله تعالى أعلم إن أتموا فصلوا في أول الوقت وجاءوا بكمال الصلاة في إطالة القراءة والخشوع والتسبيح في الركوع والسجود وإكمال التشهد والذكر فيها لأن هذه غاية التمام وإن أجزأ أقل منه فلهم ولكم وإلا فعليهم ترك الاختيار بعمد تركه ولكم ما نويتم منه فتركتموه لاتباعه بما أمرتم باتباعهم في الصلاة فيما يجزئكم وإن كان غيره أفضل منه فعليهم التقصير في تأخير الصلاة عن أول الوقت والإتيان بأقل ما يكفيهم من قراءة وركوع وسجود دون أكمل ما يكون عنها وإنما عليكم إتباعهم فيما أجزأ عنكم وعليهم التقصير من غاية الإتمام والكمال ويحتمل ضمناء لما غابوا عليه من المخافتة بالقراءة والذكر فأما أن يتركوا ظاهرا أكثر الصلاة حتى يذهب الوقت أو لم يأتوا في الصلاة بما تكون منه الصلاة مجزئة فلا يحل لأحد اتباعهم ولا ترك الصلاة حتى يمضى وقتها ولا صلاتها بما لا يجزيء فيها وعلى الناس أن يصلوا لأنفسهم أو جماعة مع غير من يصنع هذا ممن يصلى لهم فإن قال قائل ما دليل ما وصفت قيل قال الله تبارك وتعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ويقال نزلت في أمراء السرايا وأمروا إذا تنازعوا في شيء وذلك اختلافهم فيه أن يردوه إلى حكم الله عز وجل ثم حكم الرسول فحكم الله ثم رسوله صلى الله

صفحة : 195

عليه وسلم أن يؤتى بالصلاة في الوقت وبما تجزيء به وقال رسول الله ﷺ من أمركم من الولاية بغير طاعة الله فلا تطيعوه فإذا أخروا الصلاة حتى يخرج وقتها أو لم يأتوا فيها بما تكون به مجزئة عن المصلى فهذا من عظيم معاصي الله الذي أمر الله عز وجل أن ترد إلى الله والرسول وأمر رسول الله ﷺ أن لا يطاع وال فيها وأحب الأذان لقول النبي ﷺ اغفر للمؤذنين وأكره الإمامة للضمان وما على الامام فيها وإذا أم رجل انبغى له أن يتقى الله عز ذكره ويؤدي ما عليه في الإمامة فإذا فعل رجوت أن يكون خيرا حالا من غيره M0اعلى الإمام قال الشافعي: رحمه الله تعالى وروى من وجه عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله ﷺ يقول لا يصلى الإمام بقوم فيخص نفسه بدعوة دونهم ويروى عن عطاء بن أبي رباح مثله وكذلك أحب للامام فإن لم يفعل وأدى الصلاة في الوقت أجزأة وأجرأهم وعليه نقص في أن خص نفسه دونهم أو يدع المحافظة على الصلاة في أول الوقت بكمال الركوع والسجود

من أم قوما وهم له كارهون

قال الشافعي: رحمه الله تعالى يقال لا تقبل صلاة من أم قوما وهم له كارهون ولا صلاة امرأة وزوجها غائب عنها ولا عبد آبق حتى يرجع ولم أحفظ من وجه يثبت أهل العلم بالحديث مثله وإنما عنى به والله تعالى أعلم الرجل غير الوالى يؤم جماعة يكرهونه فأكره ذلك للإمام ولا بأس به على المأموم يعنى في هذا الحال لأن المأموم لم يحدث شيئا كره له وصلاة المأموم في هذه الحال مجزئة ولا أعلم على الإمام إعادة لأن إساءته في التقدم لا تمنعه من أداء الصلاة وإن خفت عليه في التقدم وكذلك المرأة يغيب عنها زوجها وكذلك العبد يأبق أخاف عليهم في أفعالهم وليست على واحد منهم إعادة صلاة صلاها في تلك الحال وكذلك الرجل يخرج يقطع الطريق ويشرب الخمر ويخرج في المعصية أخاف عليه في عمله وإذا صلى صلاة ففعلها في وقتها لم أوجب عليه أن يعيدها ولو تطوع بإعادتها إذا ترك ما كان فيه ما كرهت ذلك له وأكره للرجل أن يتولى قوما وهم له كارهون وإن وليهم والأكثر منهم لا يكرهونه والأقل منهم يكرهونه لم أكره ذلك له إلا من وجه كراهية الولاية جملة وذلك أنه لا يخلو أحد ولى قليلا أو كثيرا أن يكون فيهم من يكرهه وإنما النظر في هذا إلى العام الأكثر لا إلى الخاص الأقل وجملة هذا أنى أكره الولاية بكل حال فإن ولى رجل قوما فليس له أن يقبل ولايتهم حتى يكون محتملا لنفسه للولاية بكل حال آمنا عنده على

صفحة : 196

من وليه أن يحابيه وعدوه أن يحمل غير الحق عليه متيقظا لا يخدع عفيفا عما صار إليه من أموالهم وأحكامهم مؤديا للحق عليه فإن نقص واحدة من هذا لم يحل له أن يلى ولا لأحد عرفه أن يوليه وأحب مع هذا أن يكون حليما على الناس وإن لم يكن فكان لا يبلغ به غيظه أن يجاوز حقا ولا يتناول باطلا لم يضره لأن هذا طباع لا يملكه من نفسه ومتى ولي وهو كما أحب له فتغير وجب على الوالي عزله وعليه أن لا يلي له ولو تولي رجل أمر قوم أكثرهم له كارهون لم يكن عليه في ذلك مأثم إن شاء الله تعالى إلا أن يكون ترك الولاية خيرا له أحبوه أو كروه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا كان أحدكم يصلى بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف فإذا كان يصلى لنفسه فليطل ماشاء قال الشافعي: وروى عن الني ﷺ قال كان أخف الناس صلاة على الناس وأطول الناس صلاة لنفسه قال الشافعي: روى شريك ابن عبد الله بن أبي نمر وعمرو بن أبي عمرو عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أنس بن مالك قال ما صليت خلف أحد قط أخف ولا أتم صلاة من رسول الله ﷺ قال الشافعي: وأحب للامام أن يخفف الصلاة ويكملها كما وصف أنس ومن حدث معه وتخفيفها وإكمالها مكتوب في كتاب قراءة الإمام في غير هذا الموضع وإن عجل الإمام عما أحببت من تمام الإكمال من التثقيل كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا على من خلفه إذا جاء بأقل ما عليه في الصلاة

ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 197

باب صفة الأئمة وليس في التراجم

أخبرنا الربيع قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله ﷺ قال قدموا قريشا مولا تقدوها وتعلموا منها ولا تعالموها أو تعلموها الشك من ابن أبي فديك قال الشافعي: رحمه اللع تعالى أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن حكيم ابن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز وابن شهاب يقولان قال رسول الله ﷺ من أهان قريشا أهانه الله أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن أنه بلغه أن رسول الله ﷺ قال لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله عز وجل قال الشافعي: أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار أن رسول الله ﷺ قال لقريش أنتم أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم مع الحق إلا أن تعدلوا فتلحون كما تلحى هذه الجريدة يشير إلى جريدة في يده قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن سليم بن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة الأنصاري عن أبيه عن جده رفاعة أن رسول الله ﷺ نادى أيها الناس حدثنا الشافعي قال أخبرني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد بن عبد الله ابن أسامة بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي أن قتادة بن النعمان وقع بقريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله ﷺ مهلا يا قتادة لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منها رجالا أو يأتى منها رجال تحتقر عملك مع أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله قال الشافعي: أخبرني مسلم بن خالد عن ابن أبي ذئب بإسناد لا أحفظه أن رسول الله ﷺ قال في قريش شيئا من الخير لا أحفظه وقال شرار قريش خيار شرار الناس أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا

صفحة : 198

أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية حدثنا الشافعي قال حدثني عمي محمد بن العباس عن الحسن بن القاسم الأزرقي قال وقف رسول الله ﷺ على ثنية تبوك فقال ما ههنا شام وأشار بيده إلى جهة الشام حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليها فاستقبل رسول الله ﷺ القبلة ورفع يديه فقل الناس هلكت دوس فقال اللهم اهد وسا وات بهم حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراورد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال لولا الهجرة لكنت أمرءا من الأنصار ولو أن الناس سلكوا واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصارى أو شعبهم حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني قال حدثني ابن الغسيل عن رجل سماه عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ خرج في مرضه فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الأنصار قد قضوا الذي عليهم وبقى الذي عليكم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم وقال غيره عن الحسن ما لم يكن فيه حد وقال الجرجاني في حديثه إن رسول الله ﷺ قال اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار وقال في حديثه إن النبي ﷺ حين خرج بهش إليه النساء والصبيان من الأنصار فرق لهم ثم خطب وقال هذه المقالة قال الشافعي: وحدثني بعض أهل العلم أن أبا بكر قال ما وجدت أنا لهذا الحي من الأنصار مثلا إلا ما قال الطفيل الغنويا أبو أن يملونا ولو أن أمنا تلاقى الذي يلقون منا لملت هم خلطونا بالنفوس وألجئوا إلى حجرات أدفأت وأظلت جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت بنا بعلنا في الواطئين وزلت قال الربيع هذا البيت االأخير ليس في الحديث حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن أنه قال ما من المهاجرين أحد إلا وللأنصار عليه منة ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا في

صفحة : 199

الثمار وآثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة أخبرنا الشافعي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سملة عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال بينا أنا أنزع على بئر أستقى قال الشافعي: يعني في النوم ورؤيا الأنبياء وحي قال رسول الله ﷺ فجاء ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفيهما ضعف والله يغفر له ثم جاء عمر بن الخطاب فنزع حتى استحالت في يده غربا فضرب الناس بعطن فلم أر عبقريا يفرى فريه وزاد مسلم بن خالد فأروى الظمأة وضرب الناس بعطن قال الشافعي: وقوله وفي نزعه ضعف يعنى قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والتزيد الذي بلغه عمر في طول مدته وقوله في عمر فاستحالت في ديه غربا والغرب الدلو العظيم الذي إنما تنزعه الدابة أو الزرنوق ولا ينزعه الرجل بيده لطول مدته وتزيده في الإسلام لم يزل يعظم أمره ومناصحته للمسلمين كما يمتح الدلو العظيم أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن امرأة أتت رسول الله ﷺ فسألته عن شيء فأمرها أن ترجع فقالت يا رسول الله إن رجعت لم أجدك كأنها تعني الموت قال فأتى أبا بكر أخبرنا الشافعي قال حدثنا يحيى بن سليم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال ولينا أبو بكر خير خليفة الله أرحمه وأحناه عليه

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

صفحة : 200

صلاة المسافر يؤم المقيمين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله ﷺ صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد ابن أسلم عن أبيه عن عمر بن قال الشافعي: وهكذا أحب للامام أن يصلى مسافرا أو مقيما ولا يوكل غيره ويأمر من وراءه من المقيمين أن يتموا إلا أن يكونوا قد فقهوا فيكتفى بفقههم إن شاء الله تعالى وإذا اجتمع مسافرون ومقيمون فإن كان الوالي من أحد الفريقين صلى بهم مسافرا كان أو مقيما وإن كان مقيما فأقام غيره فصلى بهم فأحب إلي أن يأمر مقيما ولا يولى الإمامة إلا من ليس له أن يقصر فإن أمر مسافرا كرهت ذلك له إذا كان يصلى خلفه مقيم ويبنى المقيم على صلاة المسافر ولا إعادة عليه فإن لم يكن فيهم وال فأحب إلي أن يؤمهم المقيم لتكون صلاتهم كلها بإمام ويؤخر المسافرون عن الجماعة وإكمال عدد الصلاة فإن قدموا مسافرا فأمهم أجزأ عنهم وبنى المقيمون على صلاة المسافر إذا قصر وإن أتم أجزأتهم صلاتهم وإن أم المسافر المقيمين فأتم الصلاة أجزأته وأجزأت من خلفه من المقيمين والمسافرين صلاتهم

ID ' ' جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 201

صلاة الرجل بالقوم لا يعرفونه

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو أن قوما في سفر أو حضر أو غيره ائتموا برجل لا يعرفونه فأقام الصلاة أجزأت عنهم صلاتهم ولو شكوا أمسلم هو أو غير مسلم أجزأتهم صلاتهم وهو إذا أقام الصلاة إمام مسلم في الظاهر حتى يعلموا أنه ليس بمسلم ولو عرفوه بغير الإسلام وكانوا ممن يعرفونه المعرفة الذي الأغلب عليهم أن إسلامه لا يخفى عليه ولو أسلم فصلى فصلوا وراءه في مسجد جماعة أو صحراء لم تجزئهم صلاته معه إلا أن يسألوه فيقول أسلمت قبل الصلاة أو يعلمهم من يصدقون أنه مسلم قبل الصلاة وإذا أعلمهم أنه أسلم قبل الصلاة فصلاتهم مجزئه عنهم ولو صلوا معه على علمهم بشركة ولم يعلموا إسلامه قبل الصلاة ثم أعلمهم بعد الصلاة أنه أسلم قبلها لم تجزهم صلاتهم لأنهم لم يكن لهم الإئتمام به على معفرتهم بكفره وإن لم يعلموا إسلامه قبل ائتمامهم به وإذا صلوا مع رجل صلاة كثيرة ثم أعلمهم أنه غير مسلم أو علموا من غيره أعادوا كل صلاة صلوها خلفه وكذلك لو أسلم ثم ارتد عن الإسلام وصلوا معه في ردته قبل أن يرجع إلى الإسلام أعادوا كل صلاة صلوها معه

إمامة المرأة للرجال

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا وهكذا لو كان ممن صلى مع المرأة خنثى مشكل لم تجزه صلاته معها ولو صلى معها خنثى مشكل ولم يقض صلاته حتى بان أنه امرأة أحببت له أن يعيد الصلاة وحسبت أنه لا تجزئه صلاته لأنه لم يكن حين صلى معها ممن يجوز له أن يأتم بها

ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

صفحة : 202

إمامة المرأة وموقفها في الإمامة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان عن عمار الدهنى عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة أن أم سلمة أمتهن فقامت وسطا قال الشافعي: روى الليث عن عطاء عن عائشة أنه صلت بنسوة العصر فقامت في وسطهن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن صفوان قال إن من السنة أن تصلى المرأة بالنساء تقوم في وسطهن قال الشافعي: وكان على ابن الحسين يأمر جارية له تقوم بأهله في شهر رمضان وكانت عمرة تأمر المرأة أن تقوم للنساء في شهر رمضان قال الشافعي: وتؤم المرأة النساء في المكتوبة وغيرها وآمرها أن تقوم في وسط الصف وإن كان معها نساء كثير أمرت أن يقوم الصف الثاني خلف صفها وكذلك الصفوف وتصفهن صفوف الرجال إذا كثرن لا يخالفن الرجال في شيء من صفوفهن إلا أن تقوم المرأة وسطا وتخفض صوتها بالتكبير والذكر الذي يجهر به في الصلاة من القرآن وغيره فإن قامت المرأة أمام النساء فصلاتها وصلاة من خلفها مجزئة عنهن وأحب إلي أن لا يؤم النساء منهن إلا حرة لأنها تصلى متقنعة فإن أمت أمة متقنعة أو مكشوفة الرأس حرائر فصلاتها وصلاتهن مجزئة لأن هذا فرضها وهذا فرضهن وإمامة القاعد والناس خلفه قيام أكثر من إمامة أمة مكشوفة الرأس وحرائر متقنعات إمامة الأعمى قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال لرسول الله ﷺ إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى قال فجاءه رسول الله ﷺ فقال أين تحب أن نصلى فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله ﷺ أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى قال الشافعي: وسمعت عددا من أهل العلم يذكرون أن رسول الله ﷺ كان يستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى فيصلى بالناس في عدد غزوات له

صفحة : 203

قال الشافعي: وأحب إمامة الأعمى والأعمى إذا سدد إلي القبلة إلى كان أحرى أن لا يلهو بشيء تراه عيناه ومن أم صحيحا كان أو أعمى فأقام الصلوات أجزأت صلاته ولا أختار M0ممة الأعمى على الصحيح لأن أكثر من جعله رسول الله ﷺ إماما بصير ولا إمامة الصحيح على الأعمى لأن رسول الله ﷺ كان يجد عددا من الأصحاء يأمرهم بالإمامة أكثر من عدد من أمر بها من العمي

إمامة العبد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عبيدالله بن أبي مليكة أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة وأبو عمرو غلامها حينئذ لم يعتق قال وكان إمام بني محمد بن أبي بكر وعروة قال الشافعي: والاختيار أن يقدم أهل الفضل في الإمامة على ما وصفت وأن يقدم الأحرار على المماليك وليس بضيق أن يتقدم المملوك الأحرار إماما في مسجد جماعة ولا في طريق ولا في منزل ولا في جمعة ولا عيد ولا غيره من الصلوات فإن قال قائل كيف يؤم في الجمعة وليست عليه قيل ليست عليه على معنى ما ذهبت إليه إنما ليست عليه بضيق عليه أن يتخلف عنها كما ليس بضيق على خائف ولا مسافر وأي هؤلاء صلى الجمعة أجزأت عنه وبين أن كل واحد من هؤلاء إذا كان إذا حضر أجزأت عنه وهي ركعتا الظهر التي هي أربع فصلاها بأهلها أجزأت عنه وعنهم

ID ' ' الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

صفحة : 204

إمامة الأعجمي

أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرنا عطاء قال سمعت عبيد بن عمير يقول اجتمعت جماعة فيما حول مكة قال حسبت أنه قال في أعلى الوادي ههنا وفي الحج قال فحانت الصلاة فتقدم رجل من آل أبي السائب أعجمي اللسان قال أخره السور بن مخرمة وقدم غيره فلبغ عمر بن الخطاب فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة فلما جاء المدينة عرفه بذلك فقال المسور أنظرني يا أمير المؤمنين أن الرجل كان أعجمي اللسان وكان في الحج فخشيت أن يسمع بعض الحاج قراءته فيأخذ بعجمته فقال هنالك ذهبت بها فقلت نعم فقال قد أصبت قال الشافعي: وأحب ما صنع المسور وأقر له عمر من تأخير رجل أراد أن يؤم وليس بوال وتقديم غيره إذا كان الإمام أعجميا وكذلك إذا كان غير رضي في دينه ولا عالم بموضع الصلاة وأحب أن لا يتقدم أحد حتى يكون حافظا لما يقرأ فصيحا به وأكره إمامة من يلحن لأنه قد يحيل باللحن المعنى فإن أم أعجمي أو لحان فأفصح بأم القرآن أو لحن فيها لحنا لا يحيل معنى شيء منها أجزأته وأجزأتهم وإن لحن فيها لحنا يحيل معنى شيء منها لم تجز من خلفه صلاتهم وأجزأته إذا لم يحسن غيره كما يجزيه أن يصلى بلا قراءة إذا لم يحسن القراءة ومثل هذا إن لفظ منها بشيء بالأعجمية وهو لا يحسن غيره أجزأته صلاته ولم تجز من خلفه قرءوا معه أو لم يقرءوا وإذا ائتموا به فإن أقاما معا أم القرآن أو لحنا أو نطق أحدهما بالأعجمية أو لسان أعجمي في شيء من القرآن غيرها أجزأته ومن خلفه صلاتهم إذا كان أراد القراءة لما نطق به من عجمة ولحن فإن أراد به كلاما غير القراءة فسدت صلاته فإن ائتموا به فسدت صلاتهم وإن خرجوا من صلاته حين فسدت فقدموا غيره أو صلوا لأنفسهم فرادى أجزأتهم صلاتهم

ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 205

إمامة ولد الزنا

أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا كان يؤم ناسا بالعقيق فنهاه عمر بن عبد العزيز وإنما نهاه لأنه كان لا يعرف أبوه قال الشافعي: وأكره أن ينصب من لا يعرف أبوه إماما لأن الإمامة موضع فضل وتجزي من صلى خلفه صلاتهم وتجزيه إن فعل وكذلك أكره إمامة الفاسق والمظهر البدع ومن صلى خلف واحد منهم أجزأته صلاته ولم تكن عليه إعادة إذا أقام الصلاة

إمامة الصبي لم يبلغ

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا أم الغلام الذي لم يبلغ الذي يعقل الصلاة ويقرأ الرجال البالغين فإذا أقام الصلاة أجزأتهم إمامته والاختيار أن لا يؤم إلا بالغ وأن يكون الإمام البالغ عالما بما لعله يعرض له في الصلاة

إمامة من لا يحسن يقرأ ويزيد في القرآن

قال وإذا أم الأمي أو من لا يحسن أم القرآن وإن أحسن غيرها من القرآن ولم يحسن أم القرآن لم يجز الذي يحسن أم القرآن صلاته معه وإن أم من لا يحسن أن يقرأ أجزأت من لا يحسن يقرأ صلاته معه وإن كان الإمام لا يحسن أم القرآن ويحسن سبع آيات أو ثمان آيات ومن خلفه لا يحسن أم القرآن ويحسن من القرآن شيئا أكثر مما يحسن الإمام أجزأتهم صلاتهم معه لأن كلا لا يحسن أم القرآن والإمام يحسن ما يجزيه في صلاته إذا لم يحسن أم القرآن وإن أم رجل قوما يقرءون فلا يدرون أيحسن يقرأ أم لا فإذا هو لا يحسن بقرأ أم القرآن ويتكلم بسجاعة في القرآن لم تجزئهم صلاتهم وابتدءوا الصلاة عليهم إذا سجع ما ليس من القرآن أن يخرجوا من الصلاة خلفه وإنما جعلت ذلك عليهم وأن يبتدئوا صلاتهم أنه ليس يحسن القرآن وإن سجاعته كالدليل الظاهر على انه لا يحسن يقرأ فلم يكن لهم أن يكونوا في شيء من الصلاة معه ولو علموا أنه يحسن يقرأ فابتدوا الصلاة معه ثم سجع أحببت لهم أن يخرجوا من إمامته ويبتدئوا الصلاة فإن لم يفعلوا أو خرجوا حين سجع من صلاته فصلوا لأنفسهم أو قدموا غيره أجزأت عنهم كما تجزيء عنهم لوصلوا خلف من يحسن يقرأ فأفسد صلاته بكلام عمد أو عمل ولا تفسد صلاتهم فإفساد صلاته إذا كان لهم على الابتداء أن يصلوا معه وإذا صلى لهم من لا يدرون يحسن يقرأ أم لا صلاة لا يجهر فيها أحببت لهم أن يعيدوا الصلاة احتياطا ولا يجب ذلك عليهم عندي لأن

صفحة : 206

الظاهر أن أحدا من المسلمين لا يتقدم قوما في صلاة إلا محسنا لما تجزيه به الصلاة إن شاء الله تعالى وإذا أمهم في صلاة يجهر فيها فلم يقرأ أعادوا الصلاة بترك القراءة ولو قال قد قرأت في نفسي فإن كانوا لا يعلمونه يحسن القراءة أحببت لهم أن يعيدوا الصلاة لأنهم لم يعلموا أنه يحسن يقرأ ولم يقرأ قراءة يسمعونها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن أسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار أن النبي ﷺ كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار أن امكثوا ثم رجع وعلى جلده أثر الماء أخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي ﷺ مثل معناه أخبرنا الثقة عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن النبي ﷺ نحوه وقال إني كنت جنبا فنسيت أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي ﷺ نحوه قال الشافعي: وبهذا نأخذ وهذا يشبه أحكام الإسلام لأن الناس إنما كلفوا في غيرهم الأغلب فيما يظهر لهم وأن مسلما لا يصلى إلا على طهارة فمن صلى خلف رجل ثم علم أن إمامه كان جنبا أو على غير وضوء وإن كانت امرأة أمت نساء ثم علمن أنها كانت حائضا أجزأت المأمومين من الرجال والنساء صلاتهم وأعاد الإمام صلاته ولو علم المأمومون من قبل أن يدخلوا في صلاته أنه على غير وضوء ثم صلوا معه لم تجزهم صلاتهم لأنه صلوا بصلاة من لا تجوز له الصلاة عالمين ولو دخلوا معه في الصلاة غير عالمين أنه على غير طهارة وعلموا قبل أن يكملوا الصلاة أنه على غير طهارة كان عليهم أن يتموا لأنفسهم وينوون الخروج من إمامته مع علمهم فتجوز صلاتهم فإن لم يفعلوا فأقاموا مؤتمين به بعد العلم أو غير ناوين الخروج من إمامته فسدت صلاتهم وكان عليهم استئنافها لأنهم قد ائتموا بصلاة من لا تجوز لهم الصلاة خلفه عالمين وإذا اختلف علمهم فعلمت طائفة وطائفة لم تعلم فصلاة الذين لم يعلموا أنه على غير طهارة جائزة وصلاة الذين علموا أنه على غير طهارة فأقاموا مؤتمين به غير جائزة ولو افتتح الإمام طاهرا ثم انتقضت طهارته فمضى على صلاته عامدا أو ناسيا كان هكذا وعمد الإمام ونسيانه سواء إلا

صفحة : 207

أنه يأثم بالعمد ولا يأثم بالنسيان إن شاء الله تعالى

إمامة الكافر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو أن رجلا كافرا أم قوما مسلمين ولم يعلموا كفره أو يعلموا لم تجزهم صلاتهم ولم تكن صلاته إسلاما له إذا لم يكن تكلم بالإسلام قبل الصلاة ويعزر الكافر وقد أساء من صلى وراءه وهو يعلم أنه كافر ولو صلى رجل غريب بقوم ثم شكوا في صلاتهم فلم يدروا أكان كافرا أو مسلما لم تكن عليهم إعادة حتى يعلموا أنه كافر لأن الظاهر أن صلاته صلاة المسلمين لا تكون إلا من مسلم وليس من أم فعلم كفره مثل مسلم لم يعلم أنه غير طاهر لأن الكافر لا يكون إماما في حال والمؤمن يكون إماما في الأحوال كلها إلا أنه ليس له أن يصلى إلا طاهرا وهكذا لو كان رجل مسلم فارتد ثم أم وهو مرتد لم تجز من خلفه صلاته حتى يظهر التوبة بالكلام قبل إمامتهم فإذا أظهر التوبة بالكلام قبل إمامتهم أجزأتهم صلاتهم معه ولو كانت له حالان حال كان فيها مرتدا وحال كان فيها مسلما فأمهم فلم يدروا في أي الحالين أمهم أحببت أن يعيدوا ولا يجب ذلك عليهم حتى يعلموا أنه أمهم مرتدا ولو أن كافرا أسلم ثم أم قوما ثم جحد أن يكون أسلم فمن ائتم به بعد إسلامه وقبل جحده فصلاته جائزة ومن ائتم بعد جحده أن يكون أسلم لم تجزه صلاته حتى يجدد إسلامه ثم يؤمهم بعده

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

صفحة : 208

إمامة من لا يعقل الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا أم الرجل المسلم المجنون القوم فإن كان يجن ويفيق فأمهم في إفاقته فصلاته وصلاتهم مجزئة وإن أمهم وهو مغلوب على عقله لم يجزهم ولا إياه صلاتهم ولو أمهم وهو يعقل وعرض له أمر أذهب عقله فخرجوا من إمامته مكانهم صلوا لأنفسهم أجزأتهم صلاتهم وإن بنوا على الائتمام شيئا قل أو كثر معه بعد ما علموا أنه قد ذهب عقله لم تجزهم صلاتهم خلفه وإن أم سكران لا يعقل فمثل المجنون وإن أم شارب يعقل أجزأته الصلاة وأجزأت من صلى خلفه فإن أمهم وهو يعقل ثم غلب بسكر فمثل ما وصفت من المجنون لا يخالفه

موقف الإمام

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله ﷺ في بيتنا وأم سليم خلفنا قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي حازم بن دينار قال سألوا سهل بن سعد من أي شيء منبر رسول الله ﷺ فقال إما بقى من الناس أحد أعلم به مني من أثل الغابة عمله له فلان مولى فلانه ولقد رأيت رسول الله ﷺ حين صعد عليه استقبل القبلة فكبر ثم ركع ثم نزل القهقري فسجد ثم صعد فقرأ ثم ركع ثم نزل القهقري ثم سجد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه أخبره أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين وهي خالته قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله ﷺ وأهله في طولها فنام رسول الله ﷺ حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله ﷺ فجلس يمسح وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلى قال ابن عباس فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله ﷺ يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى ففتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتبن ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح قال الشافعي: فما حكيت من هذه الأحاديث يدل على أن الإمامة في النافلة ليلا ونهارا جائزة

صفحة : 209

وأنها كالإمامة في المكتوبة لا يختلفان ويدل على أن موقف الإمام أمام المأمومين منفردا والمأمومان فأكثر خلفه وإذا أم رجل برجلين فقام منفردا أمامهما وقاما صفا خلفه وإن كان موضع المأمومين رجال ونساء وخناثى مشكلون وقف الرجال يلون الإمام والخناثى خلف الرجال والنساء خلف الخناثى وكذلك لو لم يكن معه إلا خنثى مشكل واحد وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه وإذا أم خنثى مشكلا أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه لا بحذائه وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه وإذا أم خنثى مشكلا أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه لا بحذائه وإذا أم رجل رجلا فوقف المأموم عن يسار الإمام أو خلفه كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما وأجزأت صلاته وكذلك أن أم اثنين فوقفا عن يمينه ويساره أو عن يساره معا أو عن يمينه أو وقف أحدهما عن جنبه والآخر خلفه أو وقفا معا خلفه منفردين كل واحد منهما خلف الآخر كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما ولا سجود للسهو وإنما أجزت هذا لأن رسول الله ﷺ أم ابن عباس فوقف إلى جنبه فإذا جاز أن يكون المأموم الواحد إلى جنب الإمام لم يفسد أن يكون إلى جنبه اثنان ولا جماعة ولا يفسد أن يكونوا عن يساره لأن كل ذلك إلى جنبه وإنما أجزت صلاة المنفرد وحده خلف الإمام لأن العجوز صلت منفردة خلف أنس وآخر معه وهما خلف النبي ﷺ أمامهما قال أبو محمد رأيت النبي ﷺ كأنه واقف على موضع مرتفع فوقفت خلفه وهو يصلى قائما فوقفت خلفه لأصلى معه فأخذني بيده فأوقفني عن يمينه فنظرت خلف ظهره الخاتم بين كتفيه يشبه الحاجب المقوس ونقط سواد في طرف الخاتم ونقط سواد في طرفه الآخر فقمت إليه فقبلت الخاتم ولو وقف بعض المأمومين أمام الإمام يأتم به أجزأت الإمام ومن صلى إلى جنبه أو خلفه صلاتهم ولم يجز ذلك من وقف أمام الإمام صلاته لأن السنة أن يكون الإمام أمام المأموم أو حذاءه لا خلفه وسواء قرب ذلك أو بعد من الإمام إذا كان المأموم أمام الإمام وكذلك لو صلى خلف الإمام صف في غير مكة فتعوج الصف حتى صار بعضهم أقرب إلى حد القبلة أو السترة ما كانت السترة من الإمام لم تجز الذي هو أقرب إلى القبلة منه صلاته وإن كان يرى صلاة الإمام ولو شك المأموم أهو أقرب إلى القبلة أو الإمام أحببت له أن يعيد ولا يتبين لي أن يعيد حتى يستيقن أنه كان أقرب إلى القبلة من الإمام ولو أم إمام بمكة وهم يصلون بها صفوفا مستديرة يستقبل كلهم إلى الكعبة من جهته كان عليهم والله تعالى أعلم عندي أن يصنعوا كما يصنعون في

صفحة : 210

الإمام وأن يجتهدوا حتى يتأخروا من كل جهة عن البيت تأخرا يكون في الإمام أقرب إلى البيت منهم وليس يبين لمن زال عن حد الامام وقربه من البيت عن الإمام إذا لم يتباين ذلك تباين الذين يصلون صفا واحدا مستقبلي جهة واحدة فيتحرون ذلك كما وصفت ولا يكون على واحد منهم أعادة صلاة حتى يعلم الذين يستقبلون وجه القبلة مع الإمام أن قد تقدموا الإمام وكانوا أقرب إلى البيت منه فإذا علموا أعادوا فأما الذين يستقبلون الكعبة كلها من غير جهتها فيجتهدون كما يصلون أن يكونوا أنأى عن البيت من الإمام فإن لم يفعلوا وعلموا أو بعضهم أنه أقرب إلى البيت من الإمام فلا إعادة عليه من قبل أنه والإمام وإن اجتمعا أن يكون واحد منهما يستقبل البت بجهته وكل واحد منهما في غير جهة صاحبه فإذا عقل المأموم صلاة الإمام أجزأته صلاته قال ولم يزل الناس يصلون مستديري الكعبة والإمام في وجهها ولم أعلمهم يتحفظون ولا أمروا بالتحفظ من أن يكون كل واحد منهم جهته من الكعبة غير جهة الإمام أو يكون أقرب إلى البيت منه وقلما يضبط هذا حول البيت إلا بالشيء المتباين جدا وهكذا لو صلى الإمام بالناس فوقف في ظهر الكعبة أو أحد جهتها غير وجهها لم يجز للذين يصلون من جهته إلا أن يكونوا خلفه فإن لم يعلموا أعادوا وأجزأ من صلى من غير جهته وإن صلى وهو أقرب إلى الكعبة منه والاختيار لهم أن يتحروا أن يكونوا خلفه ولو أن رجلا أم رجالا ونساء فقام النساء خلف الإمام والرجال خلفهن أو قام النساء حذاء الإمام فائتممن به والرجال إلى جنبهن كرهت ذلك للنساء والرجال والإمام ولم تفسد على واحد منهم صلاته وإنما قلت هذا لأن ابن عيينة أخبرنا عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله ﷺ يصلى صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازةقال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن مالك بن مغول عن عون بن جحيفة عن أبيه قال رأيت رسول الله ﷺ بالأبطح وخرج بلال بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب والمرأة والحمار يمرون بين يديه قال الشافعي: وإذا لم تفسد المرأة على الرجل المصلى أن تكون بين يديه فهي إذا كانت عن يمينه أو عن يساره أخرى أن لا تفسد عليه والخصى المجبوب أو غير المجبوب رجل يقف موقف الرجال في الصلاة ويؤم وتجوز شهادته ويرث ويورث ويثبت له سهم في القتال وعطاء في الفيء وإذا كان الخنثى مشكلا فصلي مع إمام وحده وقف خلفه وإن صلى مع جماعة وقف خلف صفوف الرجال وحده وأما صفوف النساء

صفحة : 211

صلاة الإمام قاعدا

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا وراءه قعودا فلما انصرف قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن محمد بن مطر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال الشافعي: وأمر رسول الله ﷺ في حديث أنس ومن حدث معه في صلاة النبي ﷺ أنه صلى بهم جالسا ومن خلفه جلوسا منسوخ بحديث عائشة أن رسول الله ﷺ صلى بهم في مرضه الذي مات فيه جالسا وصلوا خلفه قياما فهذا مع أنه سنة ناسخة معقول ألا ترى أن الإمام إذا لم يطق القيام صلى جالسا وكان ذلك فرضه وصلاة المأمومين غيره قياما إذا أطاقوه وعلى كل واحد منهم فرضه فكان الإمام يصلى فرضه قائما إذا أطاق وجالسا إذا لم يطق وكذلك يصلى مضطجعا وموميا إن لم يطق الركوع والسجود ويصلى المأمومون كما يطيقون فيصلى كل فرضه فتجزى كلا صلاته ولو صلى إمام مكتوبة بقوم جالسا وهو يطيق القيام ومن خلفه قياما كان الإمام مسيئا ولا تجزئه صلاته وأجزأت من خلفه لأنه لم يكلفوا أن يعلموا أنه يطيق القيام وكذلك لو كان يرى صحة بادية وجلدا ظاهر لأن الرجل قد يجد ما يخفى على الناس ولو علم بعضهم أنه يصلى جالسا من غير علة فصلي وراءه قائما أعاد لأنه صلى خلف من يعلم أن صلاته لا تجزي عنه ولو صلى أحد يطيق القيام خلف إمام قاعد فقعد معه لم تجز صلاته وكانت عليه الإعادة ولو صلى الإمام بعض الصلاة قاعدا ثم أطاق القيام كان عليه حين أطاق القيام أن يقوم في موضع القيام ولا يجزئه غير ذلك وإن لم يفعل فعليه أن يعيد تلك الصلاة وصلاة من خلفه تامة ولو افتتح الإمام الصلاة قائما ثم مرض حتى لا يطيق القيام كان له أن يجلس ليتم ما بقى من صلاته جالسا والمرأة تؤم النساء والرجل يؤم الرجال والنساء في هذا سواء وإن أمت أمة نساء فصلت مكشوفة الرأس أجزأتها وإياهن صلاتهن فإن عتقت فعليها أن تقنع فيما بقى من صلاتها ولو لم يفعل وهي عالمة أن قد عتقت وغير عالمة أعادت صلاتها تلك وكل صلاة صلتها مكشوفة الرأس

صفحة : 212

ومقام الإمام بينه وبين الناس مقصورة وغيرها

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن أبي حازم قال سألوا سهل بن سعد عن منبر رسول الله ﷺ من أي شيء هو وذكر الحديث أخبرنا ابن عيينة قال أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن همام قال صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع فسجد عليه فجبذه أبو مسعود فتابعه حذيفه فلما قضى الصلاة قال أبو مسعود ألي قد نهى عن هذا قال حذيفة ألم ترني قد تابعتك قال الشافعي: وأختار للامام الذي يعلم من خلفه أن يصلى على الشيء المرتفع ليراه من وراءه فيقتدون بركوعه وسجوده فإذا كان ما يصلى عليه منه متضايقا عنه إذا سجد أو متعاديا عليه كتضايق المنبر وتعاديه بارتفاع بعض درجه على بعض أن يرجع القهقري حتى يصير إلى الاستواء ثم يسجد ثم يعود إلى مقامه وإن كان متضايقا أو متعاديا أو كان يمكنه أن يرجع القهقري أو يتقدم فليتقدم أحب إلى لأن التقدم من شأن المصلين فإن استأخر فلا بأس وإن كان موضعه الذي يصلى عليه لا يتضايق إذا سجد ولا يتعادى سجد عليه ولا أحب أن يتقدم ولا يتأخر لأن النبي ﷺ إنما رجع للسجود والله تعالى أعلم لتضايق المنبر وتعاديه وإن رجع القهقري أو تقدم أو مشى مشيا غير منحرف إلى القبلة متباينا أو مشى يسيرا من غير حاجة إلى ذلك كرهته له ولا تفسد صلاته ولا توجب عليه سجود سهو إذا لم يكن ذلك كثيرا متباعدا فإن كان كثيرا متباعدا فسدت صلاته وإن كان الإمام قد علم الناس مرة أحببت أن يصلى مستويا مع المأمومين لأنه لم يرو عن النبي ﷺ أنه صلى على المنبر إلا مرة واحدة وكان مقامه فيما سواها بالأرض مع المأمومين فالاختيار أن يكون مساويا للناس ولو كان أرفع منهم أو أخفض لم تفسد صلاته ولا صلاتهم ولا بأس أن يصلى المأموم من فوق المسجد بصلاة الإمام في المسجد إذا كان يسمع صوته أو يرى بعض من خلفه فقد رأيت بعض المؤذنين يصلى على ظهر المسجد الحرام بصلاة الإمام فما علمت أن أحدا من أهل العلم عاب عليه ذلك وإن كنت قد علمت أن بعضهم أحب ذلك لهم لو أنهم هبطوا إلى المسجد قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا صالح مولى التوأمة أنه رأى أبا هريرة يصلى فوق ظهر المسجد الحرام بصلاة الإمام في المسجد قال الشافعي: وموقف المرأة إذا أمت النساء تقوم وسطهن فإن قامت متقدمة النساء لم تفسد

صفحة : 213

صلاتها ولا صلاتهن جميعا وهي فيما يفسد صلاتهن ولا يفسدها ويجوز لهن من المواقف ولا يجوز كالرجال لا يختلفن هن ولاهم قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان أنه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت جابر بن عبد الله يقول كان معاذ بن جبل يصلى مع النبي ﷺ العشاء أو العتمة ثم يرجع فيصليها بقومه في بنى سلمة قال فأخر النبي ﷺ العشاء ذات ليلة قال فصلى معه معاذ قال فرجع فأم قومه فقرأ بسورة البقرة فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده فقالوا له أنا فقت قال لا ولكنى آتى رسول الله ﷺ فأتاه فقال يا رسول الله إنك أخرت العشاء وإن معاذا صلى معك ثم رجع فأمنا فافتتح بسورة البقرة فلما رأيت ذلك تأخرت وصليت وإنما نحن أصحاب نواضح نعمل بأيدنا فأقبل النبي ﷺ على معاذ فقال أفتان أنت يا معاذ أفتان أنت يا معاذ اقرأ بسورة كذا وسورة كذا قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا أبو الزبير عن جابر مثله وزاد فيه أن النبي ﷺ قال اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى والسماء والطارق ونحوها قال سفيان فقلت لعمرو إن أبا الزبير يقول قال له اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى والسماء والطارق فقال عمرو هو هذا أو نحوه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد قال أخبرني ابن جريج عن عمرو عن جابر قال كان معاذ يصلى مع النبي ﷺ العشاء ثم ينطلق إلى قومه فيصليها لهم أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن عبيدالله بن مقسم عن جابر بن عبد الله أن معاذ بن جبل كان يصلى مع رسول الله ﷺ العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلى لهم العشاء وهي له نافلة أخبرنا الثقة ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ كان يصلى بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخل فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى لهم ركعتين ثم سلم قال الشافعي: والآخرة من هاتين للنبي ﷺ نافلة وللآخرين فريضة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء قال وإن أدركت العصر بعد ذلك ولم تصل الظهر فاجعل التي أدركت مع الإمام الظهر وصل العصر بعد

صفحة : 214

ذلك قال ابن جريج قال عطاء بعد ذلك وهو يخبر ذلك وقد كان يقال ذلك إذا أدركت العصر ولم تصل الظهر فاجعل الذي أدركت مع الإمام الظهر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج أن عطاء كانت تفوته العتمة فيأتى والناس في القيام فيصلى معهم ركعتين ويبنى عليها ركعتين وأنه رآه يفعل ذلك ويعتد به من العتمة قال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال عطاء من نسى العصر فذكر أنه لم يصلها وهو في المغرب فليجعلها العصر فإن ذكرها بعد أن صلى المغرب فليصل العصر وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وعن رجل آخر من الأنصار مثل هذا المعنى ويروى عن أبي الدرداء وابن عباس قريبا منه وكان وهب بن منبه والحسن وأبو رجاء العطاردي يقولون جاء قوم إلى أبي رجاء العطاردي يريدون أن يصلوا الظهر فوجدوه صلى فقالوا ما جئنا إلا لنصلى معك فقال لا أخيبكم ثم قام فصلى بهم ذكر ذلك أبو قطن عن أبي خلدة عن أبي رجاء العطاردي أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال إنسان لطاوس وجدت الناس في القيام فجعلتها العشاء الآخرة قال أصبت قال الشافعي: وكل هذا جائز بالسنة وما ذكرنا ثم القياس ونية كل مصل نية نفسه لا يفسدها عليه أن يخالفها نية غيره وإن أمه ألا ترى أن الإمام يكون مسافرا ينوي ركعتين فيجوز أن يصلى وراءه مقيم بنيته وفرضه أربع أولا ترى أن الإمام يسبق الرجل بثلاث ركعات ويكون في الآخرة فيجزي الرجل أن يصليها معه وهي أول صلاته أو لا ترى أن الإمام ينوي المكتوبة فإذا نوى من خلفه أن يصلى نافلة أو نذرا عليه ولم ينو المكتوبة يجزى عنه أو لا ترى أن الرجل بفلاة يصلى فيصلى بصلاته فتجزئه صلاته ولا يدري لعل المصلي صلى نافلة أو لا ترى أنا نفسد صلاة الإمام ونتم صلاة من خلفه ونفسد صلاة من خلفه ونتم صلاته وإذا لم تفسد صلاة المأموم بفساد صلاة الإمام كانت نية الإمام إذا خالفت نية المأموم أولى أن لا تفسد عليه وإن فيما وصفت من ثبوت سنة رسول الله ﷺ الكفاية من كل ما ذكرت وإذا صلى الإمام نافلة فائتم به رجل في وقت يجوز له فيه أن يصلى على الانفراد فريضة ونوى الفريضة فهي له فريضة كما إذا صلى الإمام فريضة ونوى المأموم نافلة كانت للمأموم نافلة لا يختلف ذلك وهكذا إن

صفحة : 215

أدرك الإمام في العصر وقد فاتته الظهر فنوى بصلاته الظهر كانت له ظهر او يصلى بعدها العصر وأحب إلي من هذا كله أن لا يأتم رجل إلا في صلاة مفروضة يبتدئانها معا وتكون نيتهما في صلاة واحدة

خروج الرجل من صلاة الإمام

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا ائتم الرجل بإمام فصلى معه ركعة أو افتتح معه ولم يكمل الإمام الركعة أو صلى أكثر من ركعة فلم يكمل الإمام صلاته حتى فسدت عليه استأنف صلاته وإن كان مسافرا والإمام مقيما فعليه أن يقضي صلاة مقيم لأن عدد صلاة الإمام لزمه وإن صلى به الإمام شيئا من الصلاة ثم خرج المأموم من صلاة الإمام بغير قطع من الإمام للصلاة ولا عذر للمأموم كرهت ذلك له وأحببت أن يستأنف احتياطا فإن بنى على صلاة لنفسه منفردا لم يبن لي أن يعيد الصلاة من قبل أن الرجل خرج من صلاته مع معاذ بعد ما افتتح الصلاة معه صلى لنفسه فلم نعلم أن النبي ﷺ أمره بالإعادة

الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله ﷺ ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلى للناس فقال نعم فصلى أبو بكر وجاء رسول الله ﷺ والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله ﷺ فأشار إليه رسول الله ﷺ أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يده فحمد الله على ما أمره رسول الله ﷺ من ذلك ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله ﷺ فصلى بالناس فلما انصرف قال يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلى بين يدي رسول الله ص ثم قال رسول الله ﷺ مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء قال الشافعي: أخبرنا مالك عن إسمعيل بن أبي حكيم عن عطاء ابن يسار أن رسول الله ﷺ كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار بيده أن امكثوا ثم رجع رسول الله صلى الله

صفحة : 216

عليه وسلم وعلى جلده أثر الماء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود ابن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي ﷺ بمثل معناه قال الشافعي: والاختيار إذا أحدث الإمام حدثا لا يجوز له معه الصلاة من رعاف أو انتقاض وضوء أو غيره فإن كان مضى من صلاة الإمام شيء ركعة أو أكثر أن يصلى القوم فرادى لا يقدمون أحدا وإن قدموا أو قدم إمام رجلا فأتم لهم ما بقى من الصلاة أجزأتهم صلاتهم وكذلك لو أحدث الإمام الثاني والثالث والرابع وكذلك لو قدم الإمام الثاني أو الثالث بعض من في الصلاة أو تقدم بنفسه ولم يقدمه الإمام فسواء وتجزيهم صلاتهم في ذلك كله لأن أبا بكر قد افتتح للناس الصلاة ثم استأخر فتقدم رسول الله ﷺ فصار أبو بكر مأموما بعد أن كان إماما وصار الناس يصلون مع أبي بكر بصلاة رسول الله ﷺ وقد افتتحوا بصلاة أبي بكر وهكذا لو استأخر الإمام من غير حدث وتقدم غيره أجزأت من خلفه صلاتهم واختار أن لا يفعل هذا الإمام وليس أحد في هذا كرسول الله ﷺ وإن فعله وصلى من خلفه بصلاته فصلاتهم جائزة مجزية عنهم وأحب إذا جاء الإمام وقد افتتح الصلاة غيره أن يصلى خلف المتقدم إن تقدم بأمره أو لم يتقدم قد صلى رسول الله ﷺ خلف عبد الرحمن بن عوف في سفره إلى تبوك فإن قيل فهل يخالف هذا استئخار أبي بكر وتقدم النبي ﷺ قيل هذا مباح وللامام أن يفعل أي هذا شاء والاختيار أن يأتم الإمام بالذي يفتتح الصلاة ولو أن إماما كبر وقرأ أو لم يقرأ إلا أنه لم يركع حتى ذكر أنه على غير طهارة كان مخرجه أو وضوؤه أو غسله قريبا فلا بأس أن يقف الناس في صلاتهم حتى يتوضأ ويرجع ويستأنف ويتمون هم لأنفسهم كما فعل رسول الله ﷺ حين ذكر أنه جنب فانتظره القوم فاستأنف لنفسه لأنه لا يعتد بتكبيره وهو جنب ويتمون لأنفسهم لأنهم لو خرجوا من صلاته صلوا لأنفسهم بذلك التكبير فإن كان خروجه متباعدا وطهارته تثقل صلوا لأنفسه بذلك التكبير لو أشار إليهم أن ينتظروه وكلمهم بذلك كلاما فخالفوه وصلوا لأنفسهم أو قدموا غيره أجزأتهم صلاتهم والاختيار عندي والله تعالى أعلم للمأمومين إذا فسدت على الإمام صلاته أن يتموا فرادى ولو أن إماما صلى ركعة ثم ذكر أنه جنب فخرج

صفحة : 217

فاغتسل وانتظره القوم فرجع فبنى على الركعة فسدت عليهم صلاتهم لأنهم يأتمون به وهم عالمون أن صلاته فاسدة لأنه ليس له أن يبنى على صلاها جنبا ولو علم ذلك بعضهم ولم يعلمه بعض فسدت صلاة من علم ولم تفسد صلاة من لم يعلم قال الشافعي: وإذا أم الرجل القوم فذكر أنه على غير طهر أو انتقضت طهارته فانصرف فقدم آخر أو لم يقدمه فقدمه بعض المصلين خلفه أو تقدم هو متطوعا بنى على صلاة الإمام وإن اختلف من خلف الإمام فقدم بعضهم رجلا وقدم آخرون غيره فأيهما تقدم أجزأهم أن يصلوا خلفه وكذلك إن تقدم غيرهما ولو أن إماما صلى ركعة ثم أحدث فقدم رجلا قد فاتته تلك الركعة مع الإمام أو أكثر فإن كان المتقدم كبر مع الإمام قبل أن يحدث الامام مؤتما بالإمام فصلى الركعة التي بقيت على الإمام وجلس في مثنى الإمام ثم صلى الركعتين الباقيتين على الإمام وتشهد فإذا أراد السلام قدم رجلا لم يفته شيء من صلاة الإمام فسلم بهم وإن لم يفعل سلموا هم لأنفسهم آخرا وقام هو فقضى الركعة التي بقيت عليه ولو سلم هو بهم ساهيا وسلموا لأنفسهم أجزأتهم صلاتهم وبنى هو لنفسه وسجد للسهو وإن سلم عامدا ذاكرا لأنه لم يكمل الصلاة فسدت صلاته وقدموا هم رجلا فسلم بهم أو سلموا لأنفسهم أي ذلك فعلوا أجزأتهم صلاتهم ولو قام بهم فقاموا وراءه ساهين ثم ذكروا قبل أن يركعوا كان عليهم أن يرجعوا فيتشهدوا ثم يسلموا لأنفسهم أو يسلم بهم غيره ولو اتبعوه فذكروا رجعوا جلوسا ولم يسجدوا وكذلك لو سجدوا إحدى السجدتين ولم يسجدوا الأخرى أو ذكروا وهم سجود قطعوا السجود على أي حال ذكروا أنهم زائدون على الصلاة وهم فيها فارقوا تلك الحال إلى التشهد ثم سجدوا للسهو وسلموا ولو فعل هذا بعضهم وهو ذاكر لصلاته عالم بأنه لم يكمل عددها فسدت عليه صلاته لأنه عمد الخروج من فريضة إلى صلاة نافلة قبل التسليم من الفريضة ولا خروج من صلاة إلا بسلام قال أبو يعقوب البويطي ومن أحرم جنبا بقوم ثم ذكر فخرج فتوضأ ورجع لم يجز له أن يؤمهم لأن الإمام حينئذ إنما يكبر للافتتاح وقد تقدم ذلك إحرام القوم وكل مأموم أحرم قبل إمامه فصلاته باطلة لقول النبي ﷺ فإذا كبر فكبروا وليس كالمأموم يكبر خلف الإمام في آخر صلاة الإمام وقد كبر قوم خلف الإمام في أول صلاة الإمام فيحدث الإمام فيقدم الذي أحرم معه في آخر صلاته وقد تقدم إحرامه إحرم من أدرك أول صلاة الإمام من هذا بسبيل قال الشافعي: من أحرم قبل الإمام فصلاته باطلة

صفحة : 218

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو أن رجلين وقفا ليكون كل واحد منهما إماما لمن خلفه ولا يأتم واحد منهما بصاحبه كان أحدهما إمام الآخر أو بحذائه قريبا أو بعيدا منه فصلى خلفهما ناس يأتمون بهما معا لا بأحدهما دون الآخر كانت صلاة من صلى خلفهما معا فاسدة لأنهم لم يفردوا النية في الائتمام بأحدهما دون الآخر ألا ترى أن أحدهما لو ركع قبل الآخر فركعوا بركوعه كانوا خارجين بالفعل دون النية من إمامة الآخر إلى غير صلاة أنفسهم ولا إمام أحدثوه لم يكن لهم إماما قبل إحداثهم ولو أن الذي أخر الركوع الأول قدم الركوع الثاني فائتموا به كانوا قد خرجوا بالفعل دون النية من إمامته أولا ومن إمامة الذي قدم الركوع الأول بعده ولو ائتموا بهما معا ثم لم ينووا الخروج من إمامتهما معا والصلاة لأنفسهم لم تجزهم صلاتهم لأنهم افتتحوا الصلاة بإمامين في وقت واحد وليس ذلك لهم فإن قيل فقد ائتم أبو بكر بالنبي ﷺ والناس بأبي بكر قيل الإمام رسول الله ﷺ وأبو بكر مأموم علم بصلاة رسول الله ﷺ لأن رسول الله ﷺ كان جالسا ضعيف الصوت وكان أبو بكر قائما يرى ويسمع ولو ائتم رجل برجل وائتم الناس بالمأموم لم تجزهم صلاتهم لأنه لا يصلح أن يكون إماما مأموما إنما الإمام الذي يركع ويسجد بركوع نفسه وسجوده لا بركوع غيره وسجوده ولو أن رجلا رأى رجلين معا واقفين معا فنوى أن يأتم بأحدهما لا بعينه فصليا صلاة واحدة لم تجزه صلاته لأنه لم ينو ائتماما بأحدهما بعينه وكذلك لو صليا منفردين فائتم بأحدهما لم تجزه صلاته لأنه لم ينو الائتمام بالذي صلى بصلاته بعينه ولا تجزئه صلاة خلف إمام حتى يفرد النية في إمام واحد فإذا أفردها في إمام واحد أجزأته وإن لم يعرفه بعينه ولم يره إذا لم تكن نيته مشتركة بين امامين أو مشكوكا فيها في أحد الإمامين

ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 219

ائتمام الرجلين أحدهما بالآخر وشكهما

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو أن رجلين صليا معا فائتم أحدهما بالآخر كانت صلاتهما مجزئة ولو صليا معا وعلما أن أحدهما ائتم بالآخر وشكا معا فلم يدريا أيهما كان إمام صاحبه كان عليهما معا أن يعيدا الصلاة لأن على المأموم غير ما على الإمام في الصلاة وكذلك على الإمام غير ما على المأموم ولو شك أحدهما ولم يشك الآخر أعاد الذي شك وأجزأ الذي لم يشك صلاته ولو صدق الذي شك لم يشك كانت عليه الإعادة وكل ما كلف علمه في نفسه من عدد الصلاة لم يجزه فيه إلا علم نفسه لا علم غيره ولو شك فذكره رجل فذكر ذلك على نفسه لم تكن عليه إعادة لأنه يدع الإعادة الآن بعلم نفسه لا بعلم غيره ولو كانوا ثلاثة أو أكثر فعلموا أن قد صلوا بصلاة أحدهم وشك كل واحد منهم أكان الإمام أو المأموم أعادوا معا ولو شك بعضهم ولم يشك بعضهم أعاد الذين شكوا ولم يعد الذين لم يشكوا وكانت كالمسألة قبلها وكذلك لو كثر عددهم

باب المسبوق

وليس في التراجم وفيه نصوص فمنها في باب القول في الركوع الذي سبق في تراجم الصلاة وهو قوله رضي الله عنه ولو أن رجلا أدرك الإمام راكعا فركع قبل أن يرفع الإمام ظهره من الركوع اعتد بتلك الركعة ولو لم يركع حتى رفع الإمام ظهره من الركوع لم يعتد بتلك الركعة ولا يعتد بها حتى يصير راكعا والإمام راكع بحاله ولو ركع الإمام فاطمأن راكعا ثم رفع رأسه من الركوع فاستوى قائما أو لم يستو إلا أنه قد زايل الركوع إلى حال لا يكون فيها تام الركوع ثم عاد فركع ليسبح فأدركه رجل في هذه الحال راكعا فركع معه لم يعتد بهذه الركعة لأن الإمام قد أكمل الركوع أولا وهذا ركوع لا يعتد به من الصلاة قال الربيع وفيه قول آخر أنه إذا ركع ولم يسبح ثم رفع رأسه ثم عاد فركع ليسبح فقد بطلت صلاته لأن ركوعه الأول كان تاما وإن لم يسبح فلما عاد فركع ركعة أخرى فيها كان قد زاد في الصلاة ركعة عامدا فبطلت صلاته بهذا المعنى ومن النصوص في المسبوق ما ذكره في باب الصلاة من اختلاف العراقيين وإذا أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه ثم لم يركع حتى رفع الإمام رأسه من الركوع فإن أبا حنيفة كان يقول يسجد معه ولا يعتد بتلك الركعة أخبرنا بذلك عن الحسن عن الحكم عن إبراهيم وبه يأخذ يعني أبا يوسف وكان ابن أبي ليلى يقول يركع ويسجد ويحتسب بذلك من صلاته

صفحة : 220

قال الشافعي: ومن أدرك الإمام راكعا فكبر ولم يركع حتى رفع الإمام رأسه سجد مع الإمام ولم يعتد بذلك السجود لأنه لم يدرك ركوعه ولو ركع بعد رفع الإمام رأسه لم يعتد بتلك الركعة لأنه لم يدركها مع الإمام ولم يقرأ لها فيكون صلى لنفسه بقراءة ولا صلى مع الإمام فيما أدرك مع الإمام ومنها في مختصر البويطي في باب الرجل يسبقه الإمام ببعض الصلاة قال الشافعي: ومن سبقه الإمام بشيء من الصلاة لم يقم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين هذا نصه في البويطي وفي جمع الجوامع في باب من سبقه الإمام بشيء حكى هذا الكلام أولا ولم ينسبه للبويطي ثم نقل عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال وأحب لو مكث قليلا قدر ما يعلم أنه لو كان عليه سهو سجد فسجد معه ومن دخل المسجد فوجد الإمام جالسا في الركعة الآخرة فليحرم قائما وليجلس معه فإذا سلم قام بلا تكبير فقضى صلاته وإذا أدرك الإمام في الركعة فليقم إذا فرغ الإمام من صلاته بغير تكبير فإن أدركه في الثنتين فليجلس معه فإذا أراد أن يكون بعد فراغ الإمام من الركعتين الآخرتين لقضاء ما عليه فليقم بتكبير ومن كان خلف الإمام قد سبقه بركعة فسمع نغمة فظن أن الإمام قد سلم فقضى الركعة التي بقيت عليه وجلس فسمع سلام الإمام فهذا سهو تحمله الإمام عنه ولا يعتد بها ويقضى الركعة التي عليه ولا يشبه هذا الذي خرج من صلاة فعاد فقضى لنفسه فإن سلم الإمام وهو راكع أو ساجد ألغى جميع ما عمل قبل سلام الإمام وابتدأ ركعة ثانية بقراءتها وركوعها وسجودها بعد سلام الإمام قاله في رواية البويطي وابن أبي الجارود وأحب لمن خلف الإمام أن لا يسبقه بركوع ولا سجود ولا عمل فإن كان فعل فركع الإمام وهو راكع أو ساجد فذلك مجزيء عنه وإن سبقه فركع أو سجد ثم رفع قبله فقال بعض الناس يعود فيركع بعد ركوعه وسجوده حتى يكون إما راكعا وإما ساجدا معه وإما متبعا لا يجزئه إذا ائتم به في عمل الصلاة إلا ذلك وقال في كتاب استقبال القبلة وإن رفع رأسه قبل الإمام فأحب إلي أن يعود فإن لم يفعل كرهته واعتد بتلك الركعة وقال في الإملاء وإذا ترك أن يركع ويسجد مع الإمام فإن كان وراءه يعتد بتلك الركعة إذا ائتم به وإن سبقه الإمام بذلك فلا بأس أن يضع رأسه ساجدا ويقيم راكعا بعد ما سبقه الامام إذا كان في واحدة منهما مع الامام وإن قام قبله عاد حتى يقعد بقدر ما سبقه الامام بالقيام فإن لم يفعل وقد جلس وكان في بعض السجود والركوع معه فهو كمن ركع وسجد ثم رفع قبله فذلك يجزيء عنه وقد أساء في ذلك كله وإذا دخل مع الامام وقد سبقه بركعة فصلى الإمام خمسا ساهيا

صفحة : 221

واتبعه هو ولا يدرى أنه سها أجزأت المأموم صلاته لأنه قد صلى أربعا وإن سبقه وهو يعلم أنه قد سها بطلت صلاته وما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته لا يجوز لأحد أن يقول عندي خلاف ذلك وإن فاتته مع الامام ركعتان من الظهر وأدرك الركعتين الأخيرتين صلاهما مع الإمام فقرأ بأم القرآن وسورة إن أمكنه ذلك وإن لم يمكنه قرأ ما أمكنه وإذا قام قضى ركعتين فقرأ في كل واحدة منها بأم القرآن وسورة وإن اقتصر على أم القرآن أجزأه وإن فاتته ركعة من المغرب وصلى ركعتين قضى ركعة بأم القرآن وسورة ولم يجهر وإن أدرك منها ركعة قام فجهر في الثانية وهي الأولى من قضائه ولم يجهر في الثالثة وقرأ فيها بأم القرآن سورة هذا آخر ما نقله في جمع الجوامع من النصوص وظاهر هذا النص أن من أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة أتى بالثانية بعد سلام الإمام جهرا كما في الصبح وهكذا في العيد والاستسقاء وخسوف القمر وإنما يتوقف في الجواب في الجمعة بذلك لأنها لا تسوغ للمنفرد وهذا قد صار منفردا بخلاف الصبح ونحوها ولم تشرع للمنفرد وهذا التوقف ليس بمعتبر من أن حكم الجمعة ثابت له وانفراده بهذه الحالة لا يصيرها ظهرا وقد نص في الأم في صلاة الخوف في ترجمة تقدم الإمام في صلاة الخوف على شيء يدل على أن المسبوق يجهر في الركعة الثانية فقال في أواخر الترجمة المذكورة وإن كان خوف يوم الجمعة وكان محروسا إذا خطب بطائفة وحضرت معه طائفة الخطبة ثم صلى بالطائفة التي حضرت الخطبة ركعة وثبت قائما فأتموا لأنفسهم بقراءة يجهرون فيها ثم وقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي لم تصل فصلت معه الركعة التي بقيت عليه من الجمعة وثبت جالسا فأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم فقد صرح الشافعي بأن الطائفة الأولى تتم لأنفسها الركعة الباقية بقراءة يجهرون فيها وقد صرح بذلك القاضي أبو الطيب في تعليقه فقال يصلون لأنفسهم ركعة يجهرون فيها بالقراءة لأن حكم المنفرد في الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة كحكم الإمام في الركعة الثانية ولم يتعرض الشافعي لجهر الفرقة الثانية في الركعة الثانية لأنها في حكم القدوة ومن كان مقتديا فإنه يسر وبذلك صرح القاضي أبو الطيب وغيره فإن قيل إنما جهرت الفرقة الأولى من الركعة الثانية لبقاء حكم الجمعة بالنسبة إلى الإمام بخلاف المسبوق قلنا هذا تخيل له وجه ولكن الأرجح أنه لا فرق لأنهم منفردون في هذه الحالة كالمسبوق وقد نقل هذا النص عن الأمام الشيخ أبو حامد وغيره ولم يتعرضوا للجهر الذي ذكرناه وتعرض له ابن الصباغ في الشامل بعد نقل النص المذكور وفي اختلاف العراقيين في أول باب الصلاة وإذا أتى الرجل إلى الإمام في أيام التشريق وقد سبقه

صفحة : 222

بركعة فسلم الإمام عند فراغه فإن أبا حنيفة كان يقول يقوم الرجل فيقضي ولا يكبر معه لأن التكبير ليس من الصلاة إنما هو بعدها وبه يأخذ يعني أبا يوسف وكان ابن أبي ليلى يقول يكبر ثم يقوم فيقضى قال الشافعي: وإذا سبق الرجل بشيء من الصلاة في أيام التشريق فسلم الإمام فكبر لم يكبر المسبوق بشيء من الصلاة وقضى الذي عليه فإذا سلم كبر وذلك أن التكبير أيام التشريق ليس من الصلاة إنما هو ذكر بعدها وإنما يتبع الإمام فيما كان من الصلاة وهذا ليس من الصلاة

باب صلاة المسافر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا الآية قال فكان بينا في كتاب الله تعالى أن قصر الصلاة في الضرب في الأرض والخوف تخفيف من الله عز وجل عن خلقه لا أن فرضا عليهم أن يقصروا كما كان قوله لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة رخصة لا أن حتما عليهم أن يطلقوهن في هذه الحال وكما كان قوله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم يريد والله تعالى أعلم أن تتجروا في الحج لا أن حتما عليهم أن يتجروا وكما كان قوله فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن وكما كان قوله ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم الآية لا إن حتما عليهم أن يأكلوا من بيوتهم ولا بيوت غيرهم قال الشافعي: والقصر في الخوف والسفر بالكتاب ثم بالسنة والقصر في السفر بلا خوف سنة والكتاب يدل على أن القصر في السفر بلا خوف رخصة من الله عز وجل لا أن حتما عليهم أن يقصروا كما كان ذلك في الخوف والسفر أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن باباه عن يعلي بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب إنما قال الله عز وجل أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا فقد أمن الناس فقال عمر عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله ﷺ فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته أخبرنا إبراهيم بن محمد عن طلحة ابن عمرو عن عطاء عن عائشة قالت كل ذلك قد فعل رسول اله ﷺ قصر الصلاة في السفر وأتم

صفحة : 223

أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة عن ابن المسيب قال قال رسول الله ﷺ خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وأفطروا أو قال لم يصوموا قال فالاختيار والذي أفعل مسافرا وأحب أن يفعل قصر الصلاة في الخوف والسفر وفي السفر بلا خوف ومن أتم الصلاة فيهما لم تفسد عليه صلاته جلس في مثنى قدر التشهد أو لم يجلس وأكره ترك القصر وأنهى عنه إذا كان رغبة عن السنة فيه وأكره ترك المسح على الخفين رغبة عن السنة فيه ومن ترك المسح على الخفين غير رغبة عن السنة لم أكره له ذلك قال ولا اختلاف أن القصر إنما هو في ثلاث صلوات الظهر والعصر والعشاء وذلك أنهن أربع فيصليهن ركعتين ركعتين ولا قصر في المغرب ولا الصبح ومن سعة لسان العرب أن يكون أريد بالقصر بعض الصلاة دون بعض وإن كان مخرج الكلام فيها عاما فإن قال قائل قد كره بعض الناس أن أتم بعض أمرائهم بمنى قيل الكراهية وجهان فإن كانوا كرهوا ذلك اختيارا للقصر لأنه السنة فكذلك نقول ونختار السنة في القصر وإن كرهوا ذلك أن قاصرا قصر لأنه لا يرى القصر إلا في خوف وقد قصر النبي ﷺ في غير خوف فهكذا قلنا نكره ترك شيء من السنن رغبة عنها ولا يجوز أن يكون أحد ممن مضى والله تعالى أعلم كره ذلك إلا على أن يترك رغبة عنه فإن قيل فما دل على ذلك قيل صلاتهم مع من أتم أربعا وإذا صلوا وحدانا صلوا ركعتين وأن ابن مسعود ذكر إتمام الصلاة بمنى في منزله وعابه ثم قام فصلى أربعا فقيل له في ذلك فقال الخلاف شر ولو كان فرض الصلاة في السفر ركعتين لم يتمها إن شاء الله تعالى منهم أحد ولم يتمها ابن مسعود في منزله ولكنه كما وصفت ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم فإن قال فقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها فرضت الصلاة ركعتين قيل له قد أتمت عائشة في السفر بعد ما كانت تقصر فإن قال قائل فما وجه قولها قيل له تقول فرضت لمن أراد من المسافرين وقد ذهب بعض أهل هذا الكلام إلى غير هذا المعنى فقال إذا فرضت ركعتين في السفر وأذن الله تعالى بالقصر في الخوف فصلاة الخوف ركعة فإن قال فما الحجة عليهم وعلى أحد إن تأول قولها على غير ما قلت قلنا ما لا حجة في شيء معه بما ذكرنا من الكتاب ثم السنة ثم إجماع العامة على أن صلاة المسافرين أربع مع الإمام المقيم ولو كان فرض صلاتهم ركعتين ما جاز لهم أن يصلوها أربعا مع مقيم ولا غيره

ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 224

جماع تفريع صلاة المسافر

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: لا تختلف صلاة المكتوبة في الحضر والسفر إلا في الأذان والوقت والقصر فأما ما سوى ذلك فهما سواء ما يجهر أو يخافت في السفر فيما يجهر فيه ويخافت في الحضر ويكمل في السفر كما يكمل في الحضر فأما التخفيف فإذا جاء بأقل ما عليه في السفر والحضر أجزأه لا أرى أن يخفف في السفر عن صلاة الحضر إلا من عذر ويأتى بما يجزيه والإمامة في السفر والحضر سواء ولا أحب ترك الأذان في السفر وتركه فيه أخف من تركه في الحضر وأختار الاجتماع للصلاة في السفر وإن صلت كل رفقة على حدتها أجزأها ذلك إن شاء الله تعالى وإن اجتمع مسافرون ومقيمون فإمامة المقيمين أحب إلي ولا بأس أن يؤم المسافرون المقيمين ولا يقصر الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية التي سافر منها كلها فإذا دخل أدنى بيوت القرية التي يريد المقام بها أتم أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس بن مالك قال صليت مع رسول الله ﷺ الظهر بالمدينة أربعا وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر أنه سمع أنس بن مالك يقول مثل ذلك إلا أنه قال بذي الحليفة أخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس مثل ذلك قال وفي هذا دليل أن الرجل لا يقصر بنية السفر دون العمل في السفر فلو أن رجلا نوى أن يسافر فلم يثبت به سفره لم يكن له أن يقصر قال ولو أثبت به سفره ثم نوى أن يقيم أتم الصلاة ونية المقام مقام لأنه مقيم وتجتمع فيه النية وأنه مقيم ولا تكون نية السفر سفرا لأن النية تكون منفردة ولا سفر معها إذا كان مقيما والنية لا يكون لها حكم إلا بشيء معها فلو أن رجلا خرج مسافرا يقصر الصلاة ثم افتتح الظهر ينوي أن يجمع بينها وبين العصر ثم نوى المقام في الظهر قبل أن ينصرف من ركعتين كان عليه أن يبنى حتى يتم أربعا ولم يكن عليه أن يستأنف لأنه في فرض الظهر لا في غيرها لأنه كان له أن يقصر إن شاء ولم يحدث نية في المقام وكذلك إذا فرغ من الركعتين ما لم يسلم فإذا سلم ثم نوى أن يقيم أتم فيما يستقبل ولم يكن عليه أن يعيد ما مضى ولو كان نوى في صلاة الظهر المقام ثم سلم من الركعتين استأنف الظهر أربعا ولو لم ينو المقام فافتتح ينوى أن يقصر ثم بدا له أن يتم قبل أن يمضي من صلاته شيء أو بعد كان ذلك له ولم تفسد عليه صلاته لأنه لم يزد في صلاته شيئا ليس منها إنما ترك القصر الذي كان مباحا له وكان التمام غير محظور عليه ولو صلى

صفحة : 225

مسافر بمسافرين ومقيمين ونوى أن يصلى ركعتين فلم يكمل الصلاة حتى نوى أن يتم الصلاة بغير مقام أو ترك الرخصة في القصر كان على المسافرين والمقيمين التمام ولم تفسد على واحد من الفريقين صلاته وكانوا كمن صلى خلف مقيم ولو فسدت على مسافر منهم صلاته وقد دخل معه كان عليه أن يصلى أربعا وكان كمسافر دخل في صلاة مقيم ففسدت عليه صلاته فعليه أن يصلى أربعا لأنه وجب عليه عدد صلاة مقيم في الصلاة التي دخل معه فيها قال ولو صلى مسافر خلف مسافر ففسدت عليه صلاته فانصرف ليتوضأ فعلم أن المسافر صلى ركعتين لم يكن عليه إلا ركعتان وإن علم أن المسافر صلى أربعا أو لم يعلم صلى أربعا أو ثنتين صلى أربعا لا يجزيه غير ذلك ولو صلى مسافر خلف رجل لا يعلم مسافر هو أو مقيم ركعة ثم انصرف الإمام من صلاته أو فسدت على المسافر صلاته أو انتقض وضوؤه كان عليه أن يصلى أربعا لا يجزيه غير ذلك ولو أن مسافرا صلى بمسافرين ومقيمين فرعف فقدم مقيما كان على المسافرين والمقيمين والإمام الراعف أن يصلوا أربعا لأنه لم يكمل لواحد من القوم الصلاة حتى كان فيها في صلاة مقيم ولو صلى مسافر بمسافرين ومقيمين ركعتين أتم المقيمون وقصر المسافرون إن شاءوا فإن نووا أو واحد منهم أن يصلوا أربعا كانوا كالمقيمين يتمون بالنية وإنما يلزمهم التمام بالنية إذا نووا مع الدخول في الصلاة أو بعده وقبل الخروج منها الإتمام فأما من قام من المسافرين إلى الصلاة ينوى أربعا فلم يكبر حتى نوى اثنتين أو نوى أربعا بعد تسليمه من اثنتين فليس عليه أن يصلى أربعا ولو أن مسافرا أم مسافرين ومقيمين فكانت نيته اثنتين فصلى أربعا ساهيا فعليه سجود السهو وإن كان معه مقيمون صلوا بصلاته وهم ينوون بها فريضتهم فهي عنهم مجزئة لأنه قد كان له أن يتم وتكون صلاتهم خلفه تامة وإن كان من خلفه من المسافرين نووا إتمام الصلاة لأنفسهم فصلاتهم تامة وإن كانوا لم ينووا إتما الصلاة لأنفسهم إلا بأنهم رأوا أنه أتم لنفسه لا سهوا فصلاتهم مجزئة لأنه قد كان لزمهم أن يصلوا أربعا خلف من صلى أربعا وإن كانوا صلوا الركعتين معه على غير شيء من هذه النية وعلى أنه عندهم ساه فاتبعوه ولم يريدوا الاتمام لأنفسهم فعليهم إعادة الصلاة ولا أحسبهم يمكنهم أن يعلموا سهوه لأن له أن يقصر ويتم فإذا أتم فعلى من خلفه اتباعه مسافرين كانوا أو مقيمين فأي مسافر صلى مع مسافر أو مقيم وهو لا يعرف أمسافر إمامه أم مقيم فعليه أن يصلى أربعا إلا أن يعلم أن المسافر لم يصل إلا ركعتين فيكون له أن يصلى ركعتين وإن خفى ذلك عليه كان عليه أن يصلى أربعا لا يجزيه غير ذلك لأنه لا يدري لعل المسافر كان

صفحة : 226

ممن يتم صلاته تلك أولا وإذا افتتح المسافر الصلاة بنية القصر ثم ذهب عليه أنوى عند افتتاحها الاتمام أو القصر فعليه الإتمام فإذا ذكر أنه فاتتحها ينوى القصر بعد نسيانه فعليه الاتمام لأنه كان فيها في حال عليه أن يتم ولا يكون له أن يقصر عنها بحال ولو أفسدها صلاها تماما لا يجزيه غير ذلك ولو افتتح الظهر ينويها لا ينوي بها قصرا ولا إتماما كان عليه الاتمام ولا يكون القصر إلا أن تكون نيته مع الدخول في الصلاة لا تقدم النية الدخول ولا الدخول نية القصر فإذا كان هذا فله أن يقصر وإذا لم يكن هكذا فعليه أن يتم ولو افتتحها ونيته القصر ثم نوى أن يتم أو شك في نيته في القصر أتم في كل حال ولو جهل أن يكون له القصر في السفر فأتم كانت صلاته تامة ولو جهل يقصر وهو يرى أن ليس له أن يقصر أعاد كل صلاة قصرها ولم يعد شيئا مما لم يقصر من الصلاة ولو كان رجل في سفر تقصر فيه الصلاة فأتم بعض الصلوات وقصر بعضها كان ذلك له كما لو وجب عليه الوضوء فمسح على الخفين صلاة ونزع وتوضأ وغسل رجليه صلاة كان ذلك له وكما لو صام يوما من شهر رمضان مسافرا وأفطر آخر كان له ذلك وإذا رقد رجل عن صلاة في سفر أو نسيها فذكرها في الحضر صلاها صلاة حضر ولا تجزيه عندي إلا هي لأنه إنما كان له القصر في حال فزالت تلك الحال فصار يبتديء صلاتها في حال ليس له فيها القصر ولو نسى صلاة ظهر لا يدري أصلاة حضر أو سفر لزمه أن يصليها صلاة حضر إن صلاها مسافرا أو مقيما ولو نسى ظهرا في حضر فذكرها بعد فوتها في السفر صلاها صلاة حضر لا يجزيه غير

ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

صفحة : 227

السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قصر رسول الله ﷺ في سفره إلى مكة وهي تسع أو عشر فدل قصره ﷺ على أن يقصر في مثل ما قصر فيه وأكثر منه ولم يجز القياس على قصره إلا بواحدة من اثنتين أن لا يقصر إلا في مثل ما قصر فيه وفوقه فلما لم أعلم مخالفا في أن يقصر في أقل من سفر رسول الله ﷺ الذي قصر فيه لم يجز أن نقيس على هذا الوجه كان الوجه الثاني أن يكون إذا قصر في سفر ولم يحفظ عنه أن لا يقصر فيما دونه أن يقصر فيما يقع عليه اسم سفر كما يتيمم ويصلى النافلة على الدابة حيث توجهت فيما وقع عليه اسم سفر ولم يبلغنا أن يقصر فيما دون يومين إلا أن عامة من حفظنا عنه لا يختلف في أن لا يقصر فيما دونهما فللمرء عندي أن يقصر فيما كان مسيرة ليلتين قاصدتين وذلك ستة وأربعون ميلا بالهاشمي ولا يقصر فيما دونها وأما أنا فأحب أن لا أقصر في أقل من ثلاث احتياطا على نفسي وإن ترك القصر مباح لي فإن قال قائل فهل في أن يقصر في يومين حجة بخبر متقدم قيل نعم عن ابن عباس وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه سئل أنقصر إلى عرفة فقال لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف قال وأقرب هذا من مكة ستة وأربعون ميلا بالأميال الهاشمية وهي مسيرة ليلتين قاصدتين دبيب الأقدام وسير الثقل أخبرنا مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة أخبرنا مالك عن نافع عن سالم أن ابن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره ذلك قال مالك وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك قال مالك وذلك نحو من أربعة برد قال الشافعي: وإذا أراد الرجل أقل سفر تقصر فيه الصلاة لم يقصر حتى يخرج من منزله الذي يسافر منه وسواء كان المنزل قرية أو صحراء فإن كانت قرية لم يكن له أن يقصر حتى يجاوز بيوتها ولا يكون بين يديه منها بيت منفردا ولا متصلا وإن كان في صحراء لم يقصر حتى يجاوز البقعة التي فيها منزله فإن كان في عرض واد فحتى يقطع عرضه وإن كان في طول واد فحتى يبين عن موضع منزله وإن كان في حاضر مجتمع فحتى يجاوز مطال الحاضر ولو كان في حاضر

صفحة : 228

مفترق فحتى يجاوز ما قارب منزله من الحاضر وإن قصر فلم يجاوز ما وصفت أعاد الصلاة التي قصرها في موضعه ذلك فإن خرج فقصد سفرا تقصر فيه الصلاة ليقيم فيه أربعا ثم يسافر إلى غيره قصر الصلاة إلى أن يبلغ الموضع الذي نوى المقام فيه فإن بلغه وأحدث نية في أن يجعله موضع اجتياز لا مقام أتم فيه فإذا خرج منه مسافرا قصر ويتم بنية المقام لأن المقام يكون بنية ولا يقصر بنية السفر حتى يثبت به السير ولو خرج يريد بلدا يقيم فيها أربعا ثم بلدا بعده فإن لم يكن البلد الذي نوى أن يأتيه أولا مما تقصر إليه الصلاة لم يقصرها إليه وإذا خرج منه فإن كان الذي يريد مما تقصر إليه الصلاة قصر من موضع مخرجه من البلد الذي نوى أن يقيم به أربعا قصر وإلا لم يقصر فإن رجع من البلد الثاني يريد بلده قاصدا وهو مما تقصر إليه الصلاة قصر ولو كانت المسألة بحالها فكانت نيته أن يجعل طريقه على بلد لا يعرجه عن الطريق ولا يريد به مقاما كان له أن يقصر إذا كانت غاية سفره إلى بلد تقصر إليه الصلاة لأنه لم ينو بالبلد دونه مقاما ولا حاجة وإنما هو طريق وإنما لا يقصر إذا قصد في حاجة فيه وهو مما لا تقصر إليه الصلاة وإذا أراد بلدا تقصر إليه الصلاة فأثبت به سفره ثم بدا له قبل أن يبلغ البلد أو موضعا تقصر إليه الصلاة الرجوع إلى بلده أتم وإذا أتم فإن بدا له أن يمضى بوجهه أتم بحاله إلا أن يكون الغاية من سفره مما تقصر إليه الصلاة من موضعه الذي أتم إليه وإذا أراد رجل بلدا له طريقان القاصد منهما إذا سلك لم يكن بينه وبينه ما تقصر إليه الصلاة والآخر إذا سلك كان بينه وبينه ما تقصر إليه الصلاة فأي الطريقين سلك فليس له عندي قصر الصلاة إنما يكون له قصر الصلاة إذا لم يكن إليها طريق إلا مسافة قدر ما تقصر إليها الصلاة إلا من عدو يتخوف في الطريق القاصد أو حزونة أو مرفق له في الطريق الأبعد فإذا كان هكذا كان له أن يقصر إذا كانت مسافة طريقه ما يقصر إليه الصلاة قال الشافعي: وسواء في القصر المريض والصحيح والعبد والحر والأنثى والذكر إذا سافروا معا في غير معصية الله تعالى فأما من سافر باغيا على مسلم أو معاهد أو يقطع طريقا أو يفسد في الأرض أو العبد يخرج آبقا من سيده أو الرجل هاربا ليمنع حقا لزمه أو ما في مثل هذا المعنى أو غيره من المعصية فليس له أن يقصر فإن قصر أعاد كل صلاة صلاها لأن القصر رخصة وإنما جعلت الرخصة لمن لم يكن عاصيا آلا ترى إلى قوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه وهكذا لا يمسح على الخفين ولا يجمع الصلاة مسافر في معصية وهكذا لا يصلى إلى غير

صفحة : 229

القبلة نافلة ولا يخفف عمن كان سفره في معصية الله تعالى ومن كان من أهل مكة فحج أتم الصلاة بمنى وعرفة وكذلك أهل عرفة ومنى ومن قارب مكة ممن لا يكون سفره إلى عرفة مما تقصر فيه الصلاة وسواء فيما تقصر فيه الصلاة السفر المتعب والمتراخي والخوف في السفر بطلب أو هرب والأمن لأن القصر إنما هو في غاية لا في تعب ولا في رفاهية ولو جاز أن يكون بالتعب لم يقصر في السفر البعيد في المحامل وقصد السير وقصر في السفر القاصد على القدمين والدابة في التعب والخوف فإذا حج القريب الذي بلده من مكة بحيث تقصر الصلاة فأزمع بمكة مقام أربع أتم وإذا خرج إلى عرفة وهو يريد قضاء نسكه لا يريد مقام أربع إذا رجع إلى مكة قصر لأنه يقصر مقامه بسفر ويصلى بينه وبين بلده وإن كان يريد إذا قضى نسكه مقام أربع بمكة أتم بمنى وعرفة ومكة حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر وإذا ولى مسافر مكة بالحج قصر حتى ينتهي إلى مكة ثم أتم بها وبعرفة وبمنى لأنه انتهى إلى البلد الذي بها مقامه ما لم يعزل وكذلك مكة وسواء في ذلك أمير الحاج والسوقة لا يختلفون وهكذا لو عزل أمير مكة فأراد السفر أتم حتى يخرج من مكة وكان كرجل أراد سفرا ولم يسافر

تطوع المسافر

قال وللمسافر أن يتطوع ليلا ونهارا قصر أو لم يقصر وثابت عن رسول الله ﷺ أنه كان يتنفل ليلا وهو يقصر وروى عنه أنه كان يصلى قبل الظهر مسافرا ركعتين وقبل العصر أربعا وثابت عنه أنه تنفل عام الفتح بثمان ركعات ضحى وقد قصر عام الفتح

ID ' ' هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 230

باب المقام الذي يتم بمثله الصلاة

أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن حميد قال سأل عمر بن عبد العزيز جلساءه ما سمعتم في مقام المهاجر بمكة قال السائب بن يزيد حدثني العلاء بن الحضرمي أن رسول الله ﷺ قال يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا فبهذا قلنا إذا أزمع المسافر أن يقيم بموضع أربعة أيام ولياليهن ليس فيهن يوم كان فيه مسافرا فدخل في بعضه ولا يوم يخرج في بعضه أتم الصلاة واستدلالا بقول رسول الله ﷺ يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا وإنما يقضى نسكه في اليوم الذي يدخل فيه والمسافر لا يكون دهره سائرا ولا يكون مقيما ولكنه يكون مقيما مقام سفر وسائرا قال فأشبه ما قال رسول الله ﷺ من مقام المهاجر ثلاثا حد مقام السفر وما جاوزه كان مقام الإقامة وليس يحسب اليوم الذي كان فيه سائرا ثم قدم ولا اليوم الذي كان فيه مقيما ثم سار وأجلى عمر رضي الله تعالى عنه أهل الذمة من الحجاز وضرب لمن يقدم منهم تاجرا مقام ثلاث فأشبه ما وصفت من السنة وأقام رسول الله ﷺ بمنى ثلاثا يقصر وقدم في حجته فأقام ثلاثا قبل مسيره إلى عرفة يقصر ولم يحسب اليوم الذي قدم فيه مكة لأنه كان فيه سائرا ولا يوم التروية لأنه خارج فيه فلما لم يكن النبي ﷺ مقيما في سفر قصر فيه الصلاة أكثر من ثلاث لم يجز أن يكون الرجل مقيما يقصر الصلاة إلا مقام مسافر لأن المعقول أن المسافر الذي لا يقيم فكان غاية مقام المسافر ما وصفت استدلالا بقول رسول الله ﷺ ومقامه فإن قصر المجمع مقام أربع فعليه إعادة كل صلاة صلاها مقصورة وإذا قدم بلدا لا يجمع المقام به أربعا فأقام ببلد لحاجة أو علة من مرض وهو عازم على الخروج إذا أفاق أو فرغ ولا غاية لفراغه يعرفها قد يرى فراغه في ساعة ولا يدرى لعله أن لا يكون أياما فكل ما كان في هذا غير مقام حرب ولا خوف حرب قصر فإذا جاوز مقام أربع أحببت أن يتم وإن لم يتم أعاد ما صلى بالقصر بعد أربع ولو قيل الحرب وغير الحرب في هذا سواء كان مذهبا ومن قصر كما يقصر في خوف الحرب لم يبن لى أن عليه الإعادة وإن اخترت ما وصفت وإن كان مقامه لحرب أو خوف حرب فإن رسول الله ﷺ أقام عام الفتح لحرب هوازن سبع عشرة أو ثمان عشرة يقصر ولم يجز في المقام للخوف إلا واحد من قولين إما أن يكون ما جاوز مقام النبي ﷺ من هذا العدد أتم فيه المقيم الصلاة وإما أن يكون له القصر أما كانت هذه حالة أو يقضى الحرب فلم

صفحة : 231

أعلم في مذاهب العامة المذهب الآخر وإذا لم يكن مذهبا المذهب الآخر فالأول أولى المذهبين وإذا أقام الرجل ببلد أثناءه ليس ببلد مقامه لحرب أو خوف أو تأهب لحرب قصر ما بينه وبين ثمان عشرة ليلة فإذا جاوزها أتم الصلاة حتى يفارق البلد تاركا للمقام به آخذا في سفره وهكذا إن كان محاربا أو خائفا مقيما في موضع سفر قصر ثماني عشرة فإذا جاوزها أتم وإن كان غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان أو غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان أو غير خائف ولو سافر رجل فمر ببلد في سفره فأقام به يوما وقال إن لقيت فلانا أقمت أربعا أو أكثر من أربع قصر حتى يلقى فلانا فإذا لقى فلانا أتم وإن لقى فلانا فبدا له أن لا يقيم أربعا أتم لأنه قد نوى المقام بلقائه ولقيه والمقام يكون بالنية مع المقام لاجتماع النية والمقام ونية السفر لا يكون له بها القصر حتى يكون معها سفر فتجتمع النية والسفر ولو قدم البلد فقال إن قدم فلان أقمت فانتظره أربعا أتم بعدها في القول الذي اخترت وإن لم يقدم فلان فإذا خرج من منازل القرية قصر وإن سافر رجل من مكة إلى المدينة وله فيما بين مكة والمدينة مال أو أموال أو ماشية أو مواش فنزل بشيء من ماله كان له أن يقصر ما لم يجمع المقام في شيء منها أربعا وكذلك إن كان له بشيء منها ذو قرابة أو أصهار أو زوجة ولم ينو المقام في شيء من هذه أربعا قصر إن شاء قد قصر أصحاب رسول الله ﷺ معه عام الفتح وفي حجته وفي حجة أبي بكر ولعدد منهم بمكة دار أو أكثر وقرابات منهم أبو بكر له بمكة دار وقرابة وعمر له بمكة دور كثيرة وعثمان له بمكة دار وقرابة فلم أعلم منهم أحدا أمره رسول الله ﷺ بالإتمام ولا أتم ولا أتموا بعد رسول الله ﷺ في قدومهم مكة بل حفظ عمن حفظ منهم القصر بها ولو خرج رجل يريد لقاء رجل أو أخذ عبد له أو ضالة ببلد مسيره أقل ما تقصر إليه الصلاة أو أكثر فقال إن لقيت الحاجة دون البلد رجعت لم يكن له أن يقصر حتى تكون نيته بلوغ البلد الذي تقصر إليه الصلاة لا نية له في الرجوع دونه بحال قال الشافعي: ولو خرج يريد بلدا تقصر إليه الصلاة بلا نية أن يبلغه بكل حال وقال لعلي أبلغه أو أرجع عنه لم يقصر حتى ينوى بكل حالة بلوغه ولو خرج ينوي بلوغه لحاجة لا ينوي إن قضاها دونه الرجوع كان له القصر فمتى لقى الحاجة دونه أو بدا له أن يرجع بلا قضاء الحاجة

صفحة : 232

وكان موضعه الذي بلغ مما لا تقصر إليه الصلاة أتم في رجوعه وإن كان موضعه الذي بلغ مما تقصر إليه الصلاة لو ابتدأ إليه السفر ثم بدا له الرجوع منه قصر الصلاة ولو بدا له المقام به أتم حتى يسافر منه ثم يقصر إذا سافر ولو خرج رجل يريد بلدا ثم بلدا بعده فإن كان البلد الأدنى مما تقصر إليه الصلاة قصرها وإن كان مما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصرها فإذا خرج منها فإن كان بينه وبين البلد الذي يريد ما تقصر فيه الصلاة قصر وإن لم يكن لم يقصر لأني أجعله حينئذ مثل مبتديء سفره كابتدائه من أهله وإذا رجع من البلد الأقصى فإن أراد بلده فإن كان بينهما ما يقصر فيه الصلاة قصر وإن لم يكن يقصر وإن أراد الرجوع إلى البلد الذي بينه وبين بلده ثم بلده لم يقصر إلا أن يكون أراد به إياها طريقا فيقصر وإذا خرج رجل من مكة يريد المدينة قصر فإن خاف في طريقه وهو بعسفان فأردا المقام به أو الخروج إلى بلد غير المدينة ليقيم أو يرتاد الخير به جعلته إذا ترك النية الأولى من سفره إلى المدينة مبتدئا السفر من عسفان فإن كان السفر الذي يريده من عسفان على ما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصر وإن كان على ما تقصر إليه الصلاة قصر وكذلك إذا رجع منه يريد مكة أو بلدا سواه جعلته مبتدئا سفرا منه فإن كانت حيث يريد ما تقصر إليه الصلاة قصر وإن كان مما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصر والمسافر في البر والبحر والنهر سواء وليس يعتبر بسير البحر والنهر كما لا يعتبر بسير البرد ولا الخيل ولا نجب الركاب ولا زحف المقعد ولا دبيب الزمن ولا سير الأجمال الثقالله القصر أما كانت هذه حالة أو يقضى الحرب فلم أعلم في مذاهب العامة المذهب الآخر وإذا لم يكن مذهبا المذهب الآخر فالأول أولى المذهبين وإذا أقام الرجل ببلد أثناءه ليس ببلد مقامه لحرب أو خوف أو تأهب لحرب قصر ما بينه وبين ثمان عشرة ليلة فإذا جاوزها أتم الصلاة حتى يفارق البلد تاركا للمقام به آخذا في سفره وهكذا إن كان محاربا أو خائفا مقيما في موضع سفر قصر ثماني عشرة فإذا جاوزها أتم وإن كان غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان أو غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان أو غير خائف ولو سافر رجل فمر ببلد في سفره فأقام به يوما وقال إن لقيت فلانا أقمت أربعا أو أكثر من أربع قصر حتى يلقى فلانا فإذا لقى فلانا أتم وإن لقى فلانا فبدا له أن لا يقيم أربعا أتم لأنه قد نوى المقام بلقائه ولقيه والمقام يكون بالنية مع المقام لاجتماع النية والمقام ونية السفر لا يكون له بها القصر حتى يكون معها سفر فتجتمع النية والسفر ولو قدم

صفحة : 233

البلد فقال إن قدم فلان أقمت فانتظره أربعا أتم بعدها في القول الذي اخترت وإن لم يقدم فلان فإذا خرج من منازل القرية قصر وإن سافر رجل من مكة إلى المدينة وله فيما بين مكة والمدينة مال أو أموال أو ماشية أو مواش فنزل بشيء من ماله كان له أن يقصر ما لم يجمع المقام في شيء منها أربعا وكذلك إن كان له بشيء منها ذو قرابة أو أصهار أو زوجة ولم ينو المقام في شيء من هذه أربعا قصر إن شاء قد قصر أصحاب رسول الله ﷺ معه عام الفتح وفي حجته وفي حجة أبي بكر ولعدد منهم بمكة دار أو أكثر وقرابات منهم أبو بكر له بمكة دار وقرابة وعمر له بمكة دور كثيرة وعثمان له بمكة دار وقرابة فلم أعلم منهم أحدا أمره رسول الله ﷺ بالإتمام ولا أتم ولا أتموا بعد رسول الله ﷺ في قدومهم مكة بل حفظ عمن حفظ منهم القصر بها ولو خرج رجل يريد لقاء رجل أو أخذ عبد له أو ضالة ببلد مسيره أقل ما تقصر إليه الصلاة أو أكثر فقال إن لقيت الحاجة دون البلد رجعت لم يكن له أن يقصر حتى تكون نيته بلوغ البلد الذي تقصر إليه الصلاة لا نية له في الرجوع دونه قال الشافعي: ولو خرج يريد بلدا تقصر إليه الصلاة بلا نية أن يبلغه بكل حال وقال لعلي أبلغه أو أرجع عنه لم يقصر حتى ينوى بكل حالة بلوغه ولو خرج ينوي بلوغه لحاجة لا ينوي إن قضاها دونه الرجوع كان له القصر فمتى لقى الحاجة دونه أو بدا له أن يرجع بلا قضاء الحاجة وكان موضعه الذي بلغ مما لا تقصر إليه الصلاة أتم في رجوعه وإن كان موضعه الذي بلغ مما تقصر إليه الصلاة لو ابتدأ إليه السفر ثم بدا له الرجوع منه قصر الصلاة ولو بدا له المقام به أتم حتى يسافر منه ثم يقصر إذا سافر ولو خرج رجل يريد بلدا ثم بلدا بعده فإن كان البلد الأدنى مما تقصر إليه الصلاة قصرها وإن كان مما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصرها فإذا خرج منها فإن كان بينه وبين البلد الذي يريد ما تقصر فيه الصلاة قصر وإن لم يكن لم يقصر لأني أجعله حينئذ مثل مبتديء سفره كابتدائه من أهله وإذا رجع من البلد الأقصى فإن أراد بلده فإن كان بينهما ما يقصر فيه الصلاة قصر وإن لم يكن يقصر وإن أراد الرجوع إلى البلد الذي بينه وبين بلده ثم بلده لم يقصر إلا أن يكون أراد به إياها طريقا فيقصر وإذا خرج رجل من مكة يريد المدينة قصر فإن خاف في طريقه وهو بعسفان فأردا المقام به أو الخروج إلى بلد غير المدينة ليقيم أو يرتاد الخير به جعلته إذا ترك النية الأولى من سفره إلى المدينة مبتدئا السفر من عسفان فإن كان السفر الذي يريده من عسفان على ما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصر وإن كان على ما تقصر إليه الصلاة قصر

صفحة : 234

وكذلك إذا رجع منه يريد مكة أو بلدا سواه جعلته مبتدئا سفرا منه فإن كانت حيث يريد ما تقصر إليه الصلاة قصر وإن كان مما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصر والمسافر في البر والبحر والنهر سواء وليس يعتبر بسير البحر والنهر كما لا يعتبر بسير البرد ولا الخيل ولا نجب الركاب ولا زحف المقعد ولا دبيب الزمن ولا سير الأجمال الثقال ولكن إذا سافر في البحر والنهر مسيرة يحيط العلم أنها لو كانت في البر قصرت فيها الصلاة قصر وإن كان في شك من ذلك لم يقصر حتى يستيقن بأنها مسيرة ما تقصر فيها الصلاة والمقام في المراسي والمواضع التي قام فيها في الأنهار كالمقام في البر لا يختلف فإذا أزمع مقام أربع في موضع أتم وإذا لم يزمع مقام أربع قصر وإذا حبسه الريح في البحر ولم يزمع مقاما إلا ليجد السبيل إلى الخروج بالريح قصر ما بينه وبين أربع فإذا مضت أربع أتم كما وصفت في الاختيار فإذا أثبت به مسيرة قصر فإن ردته الريح قصر حتى يجمع مقام أربع فيتم حين يجمع بالنية مقام أربع أو يقيم أربعا إن لم يزمع مقاما فيتم بمقام أربع في الاختيار وإذا كان الرجل مالكا للسفينة وكان فيها منزله وكان معه فيها أهله أو لا أهل له معه فيها فأحب إلى أن يتم وله أن يقصر إذا سافر وعليه حيث أراد مقاما غير مقام سفر أن يتم وهو فيها كالغريب يتكاراها لا يختلفان فيما له غير أني أحب له أن يتم وهكذا أجراؤه وركبان مركبه وإذا كان الرجل من أهل البادية فداره حيث أراد المقام وإن كان ممن لا مال له ولا دار يصير إليها وكان سيارة يتبع أبدا مواقع القطر حل بموضع ثم شام برقا فانتجعه فإن استيقن أنه ببلد تقصر إليه الصلاة قصر وإن شك لم يقصر وإن استيقن أن ببلد تقصر إليه الصلاة وكانت نيته إن مر بموضع مخصب أو موافق له في المنزل دونه أن ينزل لم يقصر أبدا ما كانت نيته أن ينزل حيث حمد من الأرض ولا يجوز له أن يقصر أبدا حتى يكون على يقين من أنه يريد سفرا لا عرجة له عنه إلا عرجة المنزل ويبلغ ويكون السفر مما تقصر فيه الصلاة قال الشافعي: ولو خرج قوم من بلد يريدون بلدا تقصر فيه الصلاة ونيتهم إذا مروا بموضع مخصب أو يرتعوا فيه ما احتملهم لم يكن لهم أن يقصروا فإن كانت نيتهم أن يرتعوا فيه اليوم واليومين لا يبلغوا أن ينووا فيه مقام أربع فلهم أن يقصروا وإذا مروا بموضع فأرادوا فيه مقام أربع أتموا فإن لم يريدوا مقام أربع وأقاموا أربعا أتموا بعد مقام الأربع في الاختيار

ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 235

إيجاب الجمعة

أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله الآية وقال الله عز وجل وشاهد مشهود قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن نافع بن جبير وعطاء بن يسار عن النبي ﷺ أنه قال شاهد يوم الجمعة ومشهود يوم عرفة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن النبي ﷺ مثله أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد قال وحدثني عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن النبي ﷺ مثله قال الشافعي: ودلت السنة من فرض الجمعة على ما دل عليه كتاب الله تبارك وتعالى قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ نحن الآخرون ونحن السابقون بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيننة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مثله إلا أنه قال بائد أنهم قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يعني الجمعة فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع السبت والأحد قال الشافعي: والتنزيل ثم السنة يدلان على إيجاب الجمعة وعلم أن يوم الجمعة اليوم الذي بين الخميس والسبت من العلم الذي يعلمه الجماعة عن الجماعة عن النبي ﷺ وجماعة من بعده من المسلمين كما نقلوا الظهر أربعا والمغرب ثلاثا وكانت العرب تسميه قبل الإسلام عروبة قال الشاعر نفسي الفداء لأقوام هموا خلطوا يوم العروبة أزوادا بأزواد قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني سلمة بن عبد الله الخطمي عن محمد بن

صفحة : 236

كعب القرظى أنه سمع رجلا من بني وائل يقول قال رسول الله ﷺ تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبيا أو مملوكا قال الشافعي: ومن كان مقيما ببلد تجب فيه الجمعة من بالغ حر لا عذر له وجبت عليه الجمعة قال الشافعي: والعذر المرض الذي لا يقدر معه على شهود الجمعة إلا بأن يزيد في مرضه أو يبلغ به مشقة غير محتملة أو يحبسه السلطان أو من لا يقدر على الامتناع منه بالغلبة أو يموت بعض من يقوم بأمره من قرابة أو ذي آصرة من سهر أو مودة أو من يحتسب في ولاية أمره الأجر فإن كان هذا فله ترك الجمعة قال الشافعي: وإن مرض له ولد أو والد فرآه منزولا به وخاف فوت نفسه فلا بأس عليه أن يدع له الجمعة وكذلك إن لم يكن ذلك به وكان ضائعا لا قيم له غيره أو له قيم غيره له شغل في وقت الجمعة عنه فلا بأس أن يدع له الجمعة قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن عن ابن أبي ذئب أن ابن عمر دعى وهو يستحم للجمعة لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو يموت فأتاه وترك الجمعة قال الشافعي: وإن أصابه غرق أو حرق أو سرق وكان يرجو في تخلفه عن الجمعة دفع ذلك أو تدارك شيء فات منه فلا بأس أن يدع له الجمعة وكذلك إن ضل له ولد أو مال من رقيق أو حيوان أو غير فرجا في تخلفه تداركه كان ذلك له قال الشافعي: فإن كان خائفا إذا خرج إلى الجمعة أن يحبسه السلطان بغير حق كان له التخلف عن الجمعة فإن كان السلطان يحبسه بحق مسلم في دم أو حد لم يسعه التخلف عن الجمعة ولا الهرب في غير الجمعة من صاحبه إلا أن يكون يرجو أن يدفع الحد بعفو أو قصاص بصلح فأرجو أن يسعه ذلك قال الشافعي: وإن كان تغيبه عن غريم لعسره وسعه التخلف عن الجمعة وإن كان موسرا قال الشافعي: وإن كان يريد سفرا لم أحب له في الاختيار أن يسافر يوم الجمعة بعد الفجر ويجوز له أن يسافر قبل الفجر قال الشافعي: وإن كان مسافرا قد أجمع مقام أربع فمثل المقيم وإن لم يجمع مقام أربع فلا يحرج عندي بالتخلف عن الجمعة وله أن يسير ولا يحضر الجمعة

صفحة : 237

قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس عن أبيه أن عمر أبصر رجلا عليه هيئة السفر وهو يقول لولا أن اليوم يوم الجمعة لخرجت فقال له عمر فاخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر قال الشافعي: وليس على المسافر أن يمر ببلد جمعة إلا أن يجمع فيه مقام أربع فتلزمه الجمعة إن كانت في مقامه وإذا لزمته لم يكن له أن يسافر بعد الفجر يوم الجمعة حتى يجمعقال الشافعي: وليس على غير البالغين ولا على النساء ولا على العبيد جمعة وأحب للعبيد إذا أذن لهم أن يجمعوا وللعجائز إذا أذن لهم وللغلمان ولا أعلم منهم أحدا يخرج بترك الجمعة بحال قال الشافعي: والمكاتب والمدبر والمأذون له في التجارة وسائر العبيد في هذا سواء قال الشافعي: وإذا أعتق بعض العبد فكانت الجمعة في يومه الذي يترك فيه لنفسه لم أرخص له في ترك الجمعة وإن تركها لم أقل له أنه يحرج كما يحرج الحر لو تركها لأنها لازمة للحر بكل حال إلا قال الشافعي: ومن قلت لا جمعة عليه من الأحرار للعذر بالحبس أو غيره ومن النساء وغير البالغين والمماليك فإذا شهد الجمعة صلاها ركعتين وإذا أدرك منها ركعة أضاف إليها أخرى وأجزأته عن الجمعة قال الشافعي: وإنما قيل لا جمعة عليهم والله تعالى أعلم لا يحرجون بتركها كما يكون المرء فقيرا لا يجد مركبا وزادا فيتكلف المشي والتوصل بالعمل في الطريق والمسألة فيحج فيجزى عنه أو يكون كبيرا لا يقدر على الركوب فيتحامل على أن يربط على دابة فيكون له حج ويكون الرجل مسافرا أو مريضا معذورا بترك الصوم فيصوم فيجزي عنه ليس أن واحدا من هؤلاء لا يكتب له أجر ما عمل من هذا فيكون من أهله وإن كان لا يحرج بتركه قال الشافعي: ولا أحب لواحد ممن له ترك الجمعة من الأحرار للعذر ولا من النساء وغير البالغين والعبيد أن يصلى الظهر حتى ينصرف الإمام أو يتأخى انصرافه بأن يحتاط حتى يرى أنه قد انصرف لأنه لعله يقدر على إتيان الجمعة فيكون إتيانها خيرا له ولا أكره إذا انصرف الإمام أن يصلوا جماعة حيث كانوا إذا كان ذلك غير رغبة عن الصلاة مع الإمام قال الشافعي: وإن صلوا جماعة أو فرادى بعد الزوال وقبل انصراف الإمام فلا إعادة عليهم لأنهم معذورن بترك الجمعة قال الشافعي: وإن صلوا جماعة أو فرادى فأدركوا الجمعة مع الإمام قال الشافعي: فأما من عليه الجمعة ممن لا عذر له في التخلف عنها فليس له أن يصلى الجمعة

صفحة : 238

إلا مع الإمام فإن صلاها بعد الزوال وقبل انصراف الإمام لم تجز عنه وعليه أن يعيدها إذا انصرف الإمام ظهرا أربعا من قبل أنه لم يكن أن يصليها وكان عليه إتيان الجمعة فلما فاتته صلاها قضاء وكان كمن ترك الصلاة حتى فاته وقتها ويصليها قضاء ويجمعها ولا أكره جمعها إلا أن يجمعها استخفافا بالجمعة أو رغبة عن الصلاة خلف الأئمة قال الشافعي: وآمر أهل السجن وأهل الصناعات عن العبيد بأن يجمعوا وإخفاؤهم الجمع أحب إلي من إعلانه خوفا أن يظن بهم أنهم جمعوا رغبة عن الصلاة مع الأئمة

العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى لما كانت الجمعة واجبة واحتملت أن تكون تجب على كل مصل بلا وقت عدد مصلين وأين كان المصلى من منزل مقام وظعن فلم نعلم خلافا في أن لا جمعة عليه إلا في دار مقام ولم أحفظ أن الجمعة تجب على أقل من أربعين رجلا وقد قال غيرنا لا تجب إلا على أهل مصر جامع قال الشافعي: وسمعت عددا من أصحابنا يقولون تجب الجمعة على أهل دار مقام إذا كانوا أربعين رجلا وكانوا أهل قرية فقلنا به وكان أقل ما علمناه قيل به ولم يجز عندي أن أدع القول به وليس خبر لازم يخالفه وقد يروى من حيث لا يثبت أهل الحديث أن رسول الله ﷺ جمع حين قدم المدينة بأربعين رجلا وروى أنه كتب إلى أهل قرى عرينة أن يصلوا الجمعة والعيدين وروى أنه أمر عمرو بن حزن أن يصلى العيدين بأهل نجران قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال كل قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا الثقة عن سليمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه فيما بين الشام إلى مكة جمعوا إذا بلغتم أربعين رجلا قال الشافعي: فإذا كان من أهل القرية أربعون رجلا والقرية البناء والحجارة واللبن والسقف والجرائد والشجر لأن هذا بناء كله وتكون بيوتها مجتمعة ويكون أهلا لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا ظعن حاجة مثل ظعن أهل القرى وتكون بيوتها مجتمعة اجتماع بيوت القرى فإن لم تكن مجتمعة فليسوا أهل قرية ولا يجمعون ويتمون إذا كانوا أربعين رجلا حرا بالغا فإذا كانوا هكذا رأيت والله تعالى أعلم إن عليهم الجمعة فإذا صلوا الجمعة أجزأتهم

صفحة : 239

قال الشافعي: وإذا بلغوا هذا العدد ولم يحضروا الجمعة كلهم رأيت أن يصلوها ظهرا وإن كانوا هذا العدد أو أكثر منه في غير قرية كما وصفت لم يجمعوا وإن كانوا في مدينة عظيمة فيها مشركون من غير أهل الإسلام أو من عبيد أهل الإسلام ونسائهم ولم يبلغ الأحرار المسلمون البالغون فيها أربعين رجلا لم يكن عليهم أن يجمعوا ولو كثر المسلمون مارين بها وأهلها لا يبلغون أربعين رجلا لم يكن عليهم أن يجمعوا قال الشافعي: ولو كانت قرية فيها هذا العدد أو أكثر منه ثم مات بعضهم أو غابوا أو انتقل منهم حتى لا يبقى بها أربعون رجلا لم يكن لهم أن يجمعوا ولو كثر من يمر بها من المسلمين مسافرا أو تاجرا غير ساكن لم يجمع فيها إذا لم يكن أهلها أربعون قال الشافعي: وإن كانت قرية كما وصفت فتهدمت منازلها أو تهدم من منازلها وبقى في الباقي منها أربعون رجلا فإن كان أهلها لازمين لها ليصلحوها جمعوا كانوا في مظال أو غير مظال قال الشافعي: وإذا كان أهلها أربعين أو أكثر فمرض عامتهم حتى لم يواف المسجد منهم يوم الجمعة أربعون رجلا حرا بالغا صلوا الظهر قال الشافعي: ولو كثر أهل المسجد من قوم مارين أو تجار لا يسكنونها لم يكن لهم أن يجمعوا إذا لم يكن معهم من أهل البلد المقيمين به أربعون رجلا حرا بالغا قال الشافعي: ولو كان أهلها أربعين رجلا حرا بالغا وأكثر ومنهم مغلوب على عقله وليس من بقى منهم أربعين رجلا صحيحا بالغا يشهدون الجمعة كلهم لم يجمعوا إذا كان أهل القرية أربعين فصاعدا فخطبهم الإمام يوم الجمعة فانفض عنه بعضهم قبل تكبيرة الصلاة حتى لا يبقي معه أربعون رجلا فإن ثابوا قبل أن يكبر حتى يكونوا أربعين رجلا صلى بهم الجمعة وإن لم يكونوا أربعين رجلا حتى يكبر لم يصل بهم الجمعة وصلوها ظهرا أربعا قال الشافعي: ولو انفضوا عنه فانتظرهم بعد الخطبة حتى يعودوا أحببت له أن يعيد خطبة أخرى إن كان في الوقت مهلة ثم يصليها جمعة فإن لم يفعل صلاها ظهرا أربعا ولا يجوز أن يكون بين الخطبة والصلاة فصل يتباعد قال الشافعي: وإن خطب بهم وهم أقل من أربعين رجلا ثم ثاب الأربعون قبل أن يدخل في الصلاة صلاها ظهرا أربعا ولا أراها تجزيء عنه حتى يخطب بأربعين فيفتتح الصلاة بهم إذا كبر

صفحة : 240

قال الشافعي: ولا أحب في الأربعين إلا من وصفت عليه فرض الجمعة من رجل حر بالغ غير مغلوب على عقله مقيم لا مسافرقال الشافعي: فإن خطب بأربعين ثم كبر بهم ثم انفضوا من حوله ففيها قولان أحدهما إن بقى معه اثنان حتى تكون صلاته صلاة جماعة تامة فصلى الجمعة أجزأته لأنه دخل فيها وهي مجزئة عنهم ولو صلاها ظهرا أربعا أجزأته والقول الآخر أنها لا تجزئه بحال حتى يكون معه أربعون حين يدخل ويكمل الصلاة ولكن لو لم يبق منهم إلا عبدان أو عبد وحر أو مسافران أو مسافر ومقيم صلاها ظهرا قال الشافعي: وإن بقى معه منهم بعد تكبيره اثنان أو أكثر فصلاها جمعة ثم بان له أن الاثنين أو أحدهما مسافر أو عبد أو امرأة أعادها ظهرا أربعا قال الشافعي: ولم يجزئه جمعة في واحد من القولين حتى يكمل معه الصلاة اثنان ممن عليه جمعة فإن صلى وليس وراءه اثنان فصاعدا ممن عليه فرض الجمعة كانت عليهم ظهرا أربعا قال الشافعي: ولو أحدث الإمام قبل أن يكبر فقدم رجلا ممن حضر الخطبة وخلفه أقل من أربعين رجلا صلوها ظهر أربعا لا يجزئهم ولا الإمام المحدث إلا ذلك من قبل أن إمامته زالت وابتدلت بإمامة رجل لو كان الإمام مبتدئا في حاله تلك لم يجزئه أن يصليها إلا ظهرا أربعا قال الشافعي: وإذا افتتح الإمام جمعة ثم أمرته أن يجعلها ظهرا أجزأه ما صلى منها وهو ينوي الجمعة لأن الجمعة هي الظهر يوم الجمعة إلا أنه كان له قصرها فلما حدث حال ليس له فيها قصرها أتمها كما ببتديء المسافر ركعتين ثم ينوى المقام قبل أن يكمل الركعتين فيتم الصلاة أربعا ولا يستأنفها قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا نودى للصلاة يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله قال الشافعي: وإذا كان قوم ببلد يجمع أهلها وجبت الجمعة على من يسمع النداء من ساكني المصر أو قريبا منه بدلالة الآية قال الشافعي: وتجب الجمعة عندنا على جميع أهل المصر وإن كثر أهلها حتى لا يسمع أكثرهم النداء لأن الجمعة تجب بالمصر والعدد وليس أحد منهم أولى بأن تجب عليه الجمعة من غيره إلا من عذر قال الشافعي: وقولى سمع النداء إذا كان المنادي صيتا وكان هو مستمعا والأصوات هادئة فأما

صفحة : 241

إذا كان المنادي غير صيت والرجل غافل والأصوات ظاهرة فقل من يسمع النداء قال الشافعي: ولست أعلم في هذا أقوى مما وصفت وقد كان سعيد بن زيد وأبو هريرة يكونان بالشجرة على أقل من ستة أميال فيشهدان الجمعة ويدعانها وقد كان يروي أن أحدهما كان يكون بالعقيق فيترك الجمعة ويشهدها ويروي أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان على ميلين من الطائف فيشهد الجمعة ويدعها قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال الشافعي: وإذا كانت قرية جامعة وكان لها قرى حولها متصلة الأموال بها وكانت أكثر سوق تلك القرى في القرية الجامعة لم أرخص لأحد منهم في ترك الجمعة وكذلك لا أرخص لمن على الميل والميلين وما أشبه هذا ولا يتبين عندي أن يخرج بترك الجمعة إلا من سمع النداء ويشبه أن يحرج أهل المصر وإن عظم بترك الجمعة

من يصلى خلفه الجمعة

والجمعة خلف كل إمام صلاها من أمير ومأمور ومتغلب على بلدة وغير أمير مجزئة كما تجزيء الصلاة خلف كل من سلف قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال شهدنا العيد مع علي رضي الله عنه وعثما محصور قال الشافعي: وتجزيء الجمعة خلف العبد والمسافر كما تجزيء الصلاة غيرها خلفهما فإن قيل ليس فرض الجمعة عليهما قيل ليس يأثمان بتركها وهما يؤجران على أدائها وتجزيء عنهما كما تجزيء عن المقيم وكلاهما عليه فرض الصلاة بكمالها ولا أرى أن الجمعة تجزيء خلف غلام لم يحتلم والله تعالى أعلم ولا تجمع امرأة بنساء لأن الجمعة إمامة جماعة كاملة وليست المرأة ممن لها

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

صفحة : 242

الصلاة في مسجدين فأكثر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يجمع في مصر وإن عظم أهله وكثر عامله ومساجده إلا في موضع المسجد الأعظم وإن كانت له مساجد عظام لم يجمع فيها إلا في واحد وأيها جمع فيه أولا بعد الزوال فهي الجمعة وإن جمع في آخر سواه يعده لم يعتد الذين جمعوا بعده بالجمعة وكان عليهم أن يعيدوا ظهرا أربعا قال الشافعي: وسواء الذي جمع أولا الوالى أو مأمور أو رجل أو تطوع أو تغلب أو عزل فامتنع من العزل بمن جمع معه أجزأت عنه الجمعة ومن جمع مع الذي بعده لم تجزه الجمعة وإن كان واليا وكانت عليه إعادة الظهر قال وهكذا إن جمع من المصر في مواضع فالجمعة الأولى وما سواها لا تجزيء إلا ظهرا قال الشافعي: وإن أشكل على الذين جمعوا أيهم جمع أولا أعادوا كلهم ظهرا أربعاقال الشافعي: ولو أشكل ذلك عليهم فعادوا فجمعت منهم طائفة ثانية في وقت الجمعة أجزأهم ذلك لأن جمعتهم الأولى لم تجز عنهم وهم أولا حين جمعوا أفسدوا ثم عادوا فجمعوا في وقت الجمعة قال الربيع وفيه قول آخر أن يصلوا ظهرا لأن العلم يحيط أن إحدى الطائفتين قد صلت قبل الأخرى فكما جازت الصلاة للذين صلوا أولا وإن لم يعرفوها لم يجز لأحد أن يصلى الجمعة بعد تمام جمعة قد تمت

ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

صفحة : 243

الأرض تكون بها المساجد

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وإذا اتسعت البلد وكثرت عمارتها فبنيت فيها مساجد كثيرة عظام وصغار لم يجز عندي أن يصلى الجمعة فيها إلا في مسجد واحد وكذلك إذا اتصلت بالبلد الأعظم منها قريات صغار لم أحب أن يصلى إلا في المسجد الأعظم وإن صلى في مسجد منها غيره صليت الظهر أربعا وإن صليت الجمعة أعاد من صلاها فيها قال وتصلي الجمعة في المسجد الأعظم فإن صلاها الإمام في مسجد من مساجدها أصغر منه كرهت ذلك له وهي مجزئة عنه قال وإن صلى غير إمام في مسجدها الأعظم والإمام في مسجد أصغر فجمعة الإمام ومن معه مجزئة ويعيد الآخرون الجمعةقال الشافعي: وإن وكل الإمام من يصلى فصلى وكيل الإمام في المسجد الأعظم أو الأصغر قبل الإمام وصلى الإمام في مسجد غيره فجمعة الذين صلوا في المسجد الأعظم أو الأصغر قبل الإمام مجزئة ويعيد الآخرون ظهرا قال الشافعي: وهكذا إذا وكل الإمام رجلين يصلى أيهما أدرك فأيهما صلى الجمعة أولا أجزأه وإن صلى الآخر بعده فهي ظهر وإن كان وال يصلى في مسجد صغير وجاء وال غيره فصلى في مسجد عظيم فأيهما صلى أولا فهي الجمعة وإذا قلت أيهما صلى أولا فهي الجمعة فلم يدر أيهما صلى أولا فأعاد أحدهما الجمعة في الوقت أجزأت وإن ذهب الوقت أعادا معا فصليا معا أربعا أربعا قال الربيع يريد يعيد الظهرقال الشافعي: والأعياد مخالفة الجمعة الرجل يصلى العيد منفردا ومسافرا وتصليه الجماعة لا يكون عليها جمعة لأنها لا تحيل فرضا ولا أرى بأسا إذا خرج الإمام إلى مصلاه في العيدين أو الاستسقاء أن يأمر من يصلى بضعفه الناس العيد في مموضع من المصر أو مواضع قال وإذا كانت صلاة الرجل منفردا مجزئة فهي أقل من صلاة جماعة بأمر وال وإن لم يأمر الوالي فقدموا واحدا أجزأ عنهم قال الشافعي: وهكذا لو قدموا في صلاة الخسوف في مساجدهم لم أكره من هذا شيئا بل أحبه ولا أكرهه في حال إلا أن يكون من تخلف عن الجماعة العظمى أقوياء على حضورها فأكره ذلك لهم أشد الكراهية ولا إعادة عليهم فأما أهل العذر بالضعف فأحب لهم ذلك قال الشافعي: والجمعة مخالفة لهذا كله قال وإذا صلوا جماعة أو منفردين صلوا كما يصلى الإمام لا يخالفونه في وقت ولا صلاة ولا بأس أن يتكلم متكلمهم بخطبة إذا كان بأمر الوالي فإن لم يكن بأمر الوالي كرهت له ذلك كراهية الفرقة في الخطبة ولا أكره ذلك في الصلاة كما لا أكرهه في

صفحة : 244

وقت الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ووقت الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يكون آخر وقت الظهر قبل أن يخرج الإمام من صلاة الجمعة فمن صلاها بعد الزوال إلى أن يكون سلامه منها قبل آخر وقت الظهر فقد صلاها في وقتها وهي له جمعة إلا أن يكون في بلد قد جمع فيه قبله قال الشافعي: ومن لم يسلم من الجمعة حتى يخرج آخر وقت الظهر لم تجزه الجمعة وهي له ظهر وعليه أن يصليها أربعا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب أن النبي ﷺ كان يصلي الجمعة إذا فاء الفيء قدر ذراع أو نحوه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يوسف بن ماهك قال قدم معاذ بن جبل على أهل مكة وهم يصلون الجمعة والفيء في الحجر فقال لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها قال الشافعي: ووجهها الباب قال الشافعي: ولا اختلاف عند أحد لقيته أن لا تصلى الجمعة حتى تزول الشمس قال الشافعي: ولا يجوز أن يبتديء خطبة الجمعة حتى يتبين زوال الشمس قال الشافعي: فإن ابتدأ رجل خطبة الجمعة قبل أن تزول الشمس ثم زالت الشمس فأعاد خطبته أجزأت عنه الجمعة وإن لم يعد خطبتين بعد الزوال لم تجز الجمعة عنه وكان عليه أن يصليها ظهرا أربعا وإن صلى الجمعة في حال لا تجزيء عنه فيه ثم أعاد الخطبة والصلاة في الوقت أجزأت عنه وإلا صلاها ظهرا والوقت الذي تجوز فيه الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يدخل وقت العصر قال الشافعي: ولا تجزيء جمعة حتى يخطب الإمام خطبتين ويكمل السلام منها قبل دخول وقت العصر قال الشافعي: فإذا دخل أول وقت العصر قبل أن يسلم منها فعليه أن يتم الجمعة ظهرا أربعا فإن لم يفعل حتى خرج منها فعليه أن يستأنفها ظهرا أربعا قال الشافعي: ولو اغفل الجمعة 1 حتى يعلم أنه خطب أقل من خطبتين وصلى أخف من ركعتين لم يخرج من الصلاة حتى يدخل

صفحة : 245

وقت العصر كان عليه أن يصلي ظهرا أربعا ولا يخطبقال الشافعي: وإن رأى أنه يخطب أخف خطبتين ويصلى أخف ركعتين إذا كانتا مجزئتين عنه قبل دخول أول وقت العصر لم يجز له إلا أن يفعل فإن خرج من الصلاة قبل دخول العصر فهي مجزئة عنه وإن لم يخرج منها حتى يدخل أو وقت العصر أتمها ظهرا أربعا فإن لم يفعل وسلم استأنف ظهرا أربعا لا يجزيه غير ذلك فإن خرج من الصلاة وهو يشك ومن معه أدخل وقت العصر أم لا فصلاتهم وصلاته مجزئة عنهم لأنهم على يقين من الدخول في الوقت وفي شك من أن الجمعة لا تجزئهم فهم كمن استيقن بوضوء وشك في انتقاضه قال الشافعي: وسواء شكوا أكملوا الصلاة قبل دخول الوقت بظلمة أو ريح أو غيرهما قال الشافعي: ولا يشبه الجمعة فيما وصفت الرجل يدرك ركعة قبل غروب الشمس كان عليه أن يصلى العصر بعد غروبها وليس للرجل أن يصلى الجمعة في غير وقتها لأنه قصر في وقتها وليس له القصر إلا حيث جعل له

وقت الأذان للجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يؤذن للجمعة حتى تزول الشمس قال الشافعي: وإذا أذن لها قبل الزوال أعيد الأذان لها بعد الزوال فإن أذن لها مؤذن قبل الزوال وآخر بعد الزوال أجزأ الأذان الذي بعد الزوال ولم يعد الأذان الذي قبل الزوالقال الشافعي: وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على موضعه الذي يخطب عليه خشب أو جريد أو منبر أو شيء مرفوع له أو الأرض فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه قال الشافعي: وأحب أن يؤذن مؤذن واحد إذا كان على المنبر لا جماعة مؤذنين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني الثقة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المبنر على عهد رسول الله ﷺ وأبى بكر وعمر فلما كانت خلافه عثمان وكثر الناس أمر عثمان بأذان ثان فأذن به فثبت الأمر على ذلك قال الشافعي: وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول أحدثه معاوية والله تعالى إعلم

صفحة : 246

قال الشافعي: وأيهما كان فالأمر الذي على عهد رسول الله ﷺ أحب إلى قال الشافعي: فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما يؤذن اليوم أذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له ولا يفسد شيء منه صلاته قال الشافعي: وليس في الأذان شيء يفسد الصلاة لأن الأذان ليس من الصلاة إنما هو دعاء

متى يحرم البيع

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع قال الشافعي: والأذان الذي يجب على من عليه فرض الجمعة أن يذر عنده البيع الأذان الذي كان على عهد رسول الله ﷺ وذلك الأذان الذي بعد الزوال وجلوس الإمام على المنبر فإن أذن مؤذن قبل جلوس الإمام على المنبر وبعد الزوال لم يكن البيع منهيا عنه كما ينهى عنه إذا كان الإمام على المنبر وأكرهه لأن ذلك الوقت الذي أحب للإمام أن يجلس فيه على المنبر وكذلك إن أذن مؤذن قبل الزوال والإمام على المنبر لم ينه عن البيع إنما ينهي عن البيع إذا اجتمع أن يؤذن بعد الزوال والإمام على المنبرقال الشافعي: وإذا تبايع من لا جمعة عليه في الوقت المنهى فيه عن البيع لم أكره البيع لأنه لا جمعة عليهما وإنما المنهى عن البيع المأمور بإتيان الجمعة قال الشافعي: وإن بايع من لا جمعة عليه من عليه جمعة كرهت ذلك لمن عليه الجمعة لما وصفت ولغيره أن يكون معينا له على ما أكره له ولا أفسخ البيع بحال قال الشافعي: ولا أكره البيع يوم الجمعة قبل الزوال ولا بعد الصلاة لأحد بحال وإذا تبايع المأموران بالجمعة في الوقت المنهي فيه عن البيع لم يبن لي أن أفسخ البيع بينهما لأن معقولا أن النهي عن البيع في ذلك الوقت إنما هو الإتيان الصلاة لا أن البيع يحرم بنفسه وإنما يفسخ البيع المحرم لنفسه ألا ترى لو أن رجلا ذكر صلاة ولم يبق عليه من وقتها إلا ما يأتي بأقل ما يجزيه منها فبايع فيه كان عاصيا بالتشاغل بالبيع عن الصلاة حتى يذهب وقتها ولم تكن معصية التشاغل عنها تفسد بيعه والله تعالى أعلم

ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 247

التبكير إلى الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة والهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشا حتى ذكر الدجاجة والبيضة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن سمي عن أبى صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر قال الشافعي: وأحب لكل من وجبت عليه الجمعة أن يبكر إلى الجمعة جهده فكلما قدم التبكير كان أفضل ما جاء عن رسول الله ﷺ ولأن العلم يحيط أن من زاد في التقرب إلى الله تعالى كان أفضل قال الشافعي: فإن قال قائل إنهم مأمورون إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة بأن يسعوا إلى ذكر الله فإنما أمروا بالفرض عليهم وأمرهم بالفرض عليهم لا يمنع فضلا قدموه عن نافلة لهم

ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

صفحة : 248

المشي إلى الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال ما سمعت عمر قط فامضوا إلى ذكر الله قال الشافعي: ومعقول أن السعي في هذا الموضع العمل قال الله عز وجل إن سعيكم لشتى وقال وأن ليس للانسان إلا ما سعى وقال عز ذكره وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها قال الشافعي: قال زهير سعى بعـدهـم قـوم لـكـي يدركـوهـم

فلم يفعـلـوا ولـم يلـيمـوا ولـم يألـوا

وزادني بعض أصحابنا في هذه البيت ومـايك مـن خـير أتــوه فـــإنـــمـــا

تــوارثـــه آبـــاء آبـــائهـــم قـــبـــل

وهل يحـمـل الـخـطـى إلا وشـيجـه

وتغـرس إلا فـي مـنـابـتـهـا الـنـخـل

قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن جابر بن عيتك عن جده جابر ابن عيتك صاحب النبي ﷺ قال إذا خرجت إلى الجمعة فامش على هينتك قال الشافعي: وفيما وصفنا من دلالة كتاب الله عز وجل أن السعي العمل وفي أن رسول الله ﷺ قال إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها تسعون وائتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا ما فاتكم فاقضوا قال الشافعي: والجمعة صلاة كاف من أن يروى في ترك العدو على القدمين إلى الجمعة عن أحد دون رسول الله ﷺ شيء وما علمت أحدا روى عن رسول الله ﷺ في الجمعة أنه زاد فيها على مشيه إلى سائر الصلوات ولا عن أحد من أصحابه قال الشافعي: ولا تؤتى الجمعة إلا ماشيا كما تؤتى سائر الصلوات وإن سعى إليها ساع أو إلى غيرها من الصلوات لم تفسد عليه صلاته ولم أحب ذلك له

ID ' ' الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

صفحة : 249

الهيئة للجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عن رأي حلة سيراء عند باب المسجد فقال يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة فلبستها يوم الجمعة والوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله ﷺ إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ثم جاء رسول الله ﷺ منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطار ما قلت فقال رسول الله ﷺ لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر أخا له مشركا بمكة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن السباق أن رسول الله ﷺ قال في جمعة من الجمع يا مشعر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومن كان منكم عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليك بالسواك قال الشافعي: فنحب للرجل أن يتنظف يوم الجمعة بغسل وأخذ شعر وظفر وعلاج لما يقطع تغير الريح من جميع جسده وسواك وكل ما نظفه وطيبه وأن يمس طيبا مع هذا إن قدر عليه ويستحسن من ثيابه ما قدر عليه ويطيبها اتباعا للسنة ولا يؤذي أحدا قاربه بحال وكذلك أحب له في كل عيد وآمره به وأحبه في كل صلاة جماعة وآمره به وأحبه في كل أمر جامع للناس وإن كنت له في الأعياد من الجمع وغيرها أشد استحبابا للسنة وكثرة حاضرها قال الشافعي: وأحب ما يلبس إلى البياض فإن جاوزه بعصب اليمن والقطري وما أشبهه مما يصبغ غزله ولا يصبغ بعد ما ينسج فحسن وإذا صلاها طاهر متوارى العورة أجزأه وإن استحببت له ما وصفت من نظافة وغيرها قال الشافعي: وهكذا أحب لمن حضر الجمعة من عبد وصبي وغيره إلا النساء فإني أحب لهن النظافة بما يقطع الريح المتغيرة وأكره لهن الطيب وما يشهرن به من الثياب بياض أو غيره فإن تطيبن وفعلن ما كرهت لهن لم يكن عليهن إعادة صلاة وأحب للامام من حسن الهيئة ما أحب للناس وأكثر منه وأحب أن يعتم فإنه كان يقال إن النبي ﷺ كان يعتم ولو

ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 250

الصلاة نصف النهار يوم الجمعة

أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني اسحق بن عبد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك أنه أخبره أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر بن الخطاب فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذن جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا ولم يتكلم أحد قال الشافعي: وحدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال حدثني ثعلبة بن أبي مالك أن قعود الامام يقطع السبحة وأن كلامه يقطع الكلام وأنهم كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حتى يقضى الخطبتين كلتيهما فإذا قامت الصلاة ونزل عمر تكلموا قال الشافعي: فإذا راح الناس للجمعة صلوا حتى يصير الإمام على المنبر فإذا صار على المنبر كف منهم من كان صلى ركعتين فأكثر تكلم حتى يأخذ في الخطبة فإذا أخذ فيها أنصت

ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

صفحة : 251

من دخل المسجد يوم الجمعة والامام على المنبر ولم يركع

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال دخل رجل يوم الجمعة والنبي ﷺ يخطب فقال له أصليت قال لا قال فصل ركعتين قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ﷺ مثله وزاد في حديث جابر وهو سليك الغطفاني قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله قال رأيت أبا سعيد الخدري جاء ومروان يخطب فقام فصلى ركعتين فجاء إليه الأحراس ليجلسوه فأبي أن يجلس حتى صلى الركعتين فلما قضينا الصلاة أتيناه فقلنا يا أبا سعيد كاد هؤلاء أن يفعلوا بك فقال ما كنت لأدعها لشيء بعد شيء رأيته من رسول الله ﷺ رأيت رسول الله ﷺ وجاء رجل وهو يخطب فدخل المسجد بهيئة بذة فقال أصليت قال لا قال فصل ركعتين ثم حث الناس على الصدقة فألقوا ثيابا فأعطى رسول الله ﷺ الرجل منها ثوبين فلما كانت الجمعة الأخرى جاء الرجل والنبي ﷺ يخطب فقال له النبي ﷺ أصليت قال لا قال فصل ركعتين ثم حث رسول الله ﷺ على الصدقة فطرح الرجل أحد ثوبيه فصاح به رسول الله ﷺ وقال خذه فأخذه ثم قال رسول الله ﷺ انظروا إلى هذا جاء تلك الجمعة بهيئة بذة فأمرت الناس بالصدقة فطرحوا ثيابا فأعطيته منها ثوبين فلما جاءت الجمعة وأمرت الناس بالصدقة فجاء فألقى أحد ثوبيه قال الشافعي: وبهذا نقول ونأمر من دخل المسجد والامام يخطب والمؤذن يؤذن ولم يصل ركعتين أن يصليهما ونأمره أن يخففهما فإنه روى في الحديث أن النبي ﷺ أمر بتخفيفهما قال الشافعي: وسواء كان في الخطبة الأولى أو في الآخرة فإذا دخل والامام في آخر الكلام ولا يمكنه أن يصلى ركعتين خفيفتين قبل دخول الامام في الصلاة فلا عليه أن لا يصليهما لأنه أمر بصلاتهما حيث يمكنانه وحيث يمكنانه مخالف لحيث لا يمكنانه وأرى للامام أن يأمره بصلاتهما ويزيد في كلامه بقدر ما يكملهما فإن لم يفعل الامام كرهت ذلك له ولا شيء عليه وإن لم يصل الداخل في حال تمكنه فيه كرهت ذلك له ولا إعادة ولا قضاء عليه

صفحة : 252

قال الشافعي: وإن صلاهما وقد أقيمت الصلاة كرهت ذلك له وأن أدرك مع الامام ركعة فقد أدرك الجمعة قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأكره تخطى رقاب الناس يوم الجمعة قبل دخول الامام وبعده لما فيه من الأذى لهم وسوء الأدب وبذلك أحب لشاهد الجمعة التبكير إليها مع الفضل في التبكير إليها وقد روى عن الحسن مرسلا أن النبي ﷺ رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له النبي ﷺ آنيت وآذيت وروى عن النبي ﷺ رواه أبو هريرة أنه قال ما أحب أن أترك الجمعة ولي كذا وكذا ولأن أصليها بظهر الحرة أحب إلى من أن أتخطى رقاب الناس وإن كان دون مدخل رجل زحام وأمامه فرجة فكان تخطيه إلى الفرجة بواحد أو اثنين رجوت أن يسعه التخطى وإن كثر كرهته له ولم أحبه إلا أنه لا يجد السبيل إلى مصلى يصلى فيه الجمعة إلا بأن يتخطى فيسعه التخطى إن شاء اله تعالى وإن كان إذا وقف حتى تقام الصلاة تقدم من دونه حتى يصل إلى موضع تجوز فيه الصلاة كرهت له التخطى وإن فعل ما كرهت له من التخطى لم يكن عليه إعادة صلاة وإن كان الزحام دون الامام الذي يصلى الجمعة لمم أكره له من التخطى ولا من أن يفرج له الناس ما أكره للمأموم لأنه مضطر إلى أن يمضي إلى الخطبة والصلاة لهم

ID ' ' والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

صفحة : 253

النعاس في المسجد يوم الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال كان ابن عمر يقول للرجل إذا نعس يوم الجمعة والامام يخطب أن يتحول منه قال الشافعي: وأحب للرجل إذا نعس في المسجد يوم الجمعة ووجد مجلسا غيره ولا يتخطى فيه أحدا أن يتحول عنه ليحدث له القيام واعتساف المجلس ما يذعر عنه النوم وإن ثبت وتحفظ من النعاس بوجه يراه ينفى النعاس عنه فلا أكره ذلك له ولا أحب إن رأى أنه يمتنع من النعاس إذا تحفظ أن يتحول وأحسب من أمره بالتحول إنما أمره حين غلب عليه النعاس فظن أن لن يذهب عنه النوم إلا بإحداث تحول وإن ثبت في مجلسه ناعسا كرهت ذلك له ولا إعادة عليه إذا لم يرقد زائلا عن حد الاستواء

مقام الإمام في الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كان النبي ﷺ إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سوارى المسجد فلما صنع له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد حتى نزل رسول الله ﷺ فاعتنقها فسكنت قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال كان رسول الله ﷺ يصلى إلى جذع إذ كان المسجد عريشا وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة فتسمع الناس خطبتك قال نعم فصنع له ثلاث درجات فهي التي أعلى المنبر فلما صنع المنبر ووضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله ﷺ بدا للنبي ﷺ أن يقوم على المنبر فيخطب عليه فمر إليه فلما جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه خار حتى انصدع وانشق فنزل النبي ﷺ لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده ثم رجع إلى المنبر فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فكان عنده في بيته حتى بلى وأكلته الأرضة وصار رفاتا قال الشافعي: فبهذا قلنا لا بأس أن يخطب الامام على شيء مرتفع من الأرض وغيرها ولا بأس أن ينزل عن المنبر للحاجة قبل أن يتكلم ثم يعود إلى المنبر وإن نزل عن النبر بعد ما تكلم

صفحة : 254

استأنف الخطبة لا يجزئه غير ذلك لأن الخطبة لا تعد خطبة إذا فصل بينها بنزول يطول أو بشيء يكون قاطعا لها قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما الآية قال الشافعي: فلم أعلم مخالفا أنها نزلت في خطبة النبي ﷺ يوم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال كان رسول الله ﷺ يخطب يوم الجمعة وكان لهم سوق يقال لها البطحاء كانت بنو سليم يجلبون إليها الخيل والابل والغنم والسمن فقدموا فخرج إليهم الناس وتركوا رسول الله ﷺ وكان لهم لهو إذا تزوج أحد من الأنصار ضربوا بالكبر فعيرهم الله بذلك فقال وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال كان النبي ﷺ يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة عن عبد الله بن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ مثله قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ وأبى بكر وعمر أنهم كانوا يخطبون يوم الجمعة خطبتين علىالمنبر قياما يفصلون بينهما بجلوس حتى جلس معاوية في الخطبة الأولى فخطب جالسا وخطب في الثانية قائما قال الشافعي: فإذا خطب الإمام خطبة واحدة وصلى الجمعة عاد فخطب خطبتين وصلى الجمعة فإن لم يفعل حتى ذهب الوقت صلاها ظهرا أربعا ولا يجزئه أقل من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فإن فصل بينهما ولم يجلس لم يكن له أن يجمع ولا يجزيه أن يخطب جالسا فإن خطب جالسا من علة أجزأه من خلفه وإن خطب جالسا وهم يرونه صحيحا فذكر علة فهو أمين على نفسه وكذلك هذا في الصلاة وإن خطب جالسا وهم يعلمونه صحيحا للقيام لم تجزئه ولا إياهم الجمعة وإن خطب جالسا ولا يدرون أصحيح هو أو مريض فكان صحيحا أجزأتهم صلاتهم لأن الظاهر عندهم أن لا يخطب جالسا إلا مريض وإنما عليهم الاعادة إذا خطب

صفحة : 255

جالسا وهم يعلمونه صحيحا فإن علمته طائفة صحيحا وجهلت طائفة صحته أجزأت الطائفة التي لم تعلم صحته الصلاة ولم تجز الطائفة التي علمت صحته وهذا هكذا في الصلاة قال الشافعي: وإنما قلنا هذا في الخطبة أنها ظهر إلا أن يفعل فيها فاعل على فعل رسول الله ﷺ من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فيكون له أن يصليها ركعتين فإذا لم يفعل فعل رسول الله ﷺ فهي على أصل فرضها قال الشافعي: رحمه الله تعالى بلغنا عن سلمة بن الأكوع أنه قال خطب رسول الله ﷺ خطبتين وجلس جلستين وحكى الذي حدثني قال استوى رسول الله ﷺ على الدرجة التي تلى المستراح قائما ثم سلم وجلس على المستراح حتى فرغ المؤذن من الأذان ثم قام فخطب الخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب الخطبة الثانية وأتبع هذا الكلام الحديث فلا أدرى أحدثه عن سلمة أم شيء فسره هو في الحديث قال الشافعي: وأحب أن يفعل الامام ما وصفت وإن أذن المؤذن قبل ظهور الامام على المنبر ثم ظهر الإمام على المنبر فتكلم بالخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب أخرى أجزأه ذلك إن شاء الله لأنه قد خطب خطبتين فصل بينهما بجلوس قال ويعتمد الذي يخطب على عصا أو قوس أو ما أشبههما لأنه بلغنا أن النبي ﷺ كان يعتمد على عصا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء أكان رسول الله ﷺ يقوم على عصا إذا خطب قال نعم كان يعتمد عليها اعتمادا قال الشافعي: وإن لم يعتمد على عصا أحببت أن يسكن جسده ويديه إما بأن يضع اليمنى على اليسرى وإما أن يقرهما في موضعهما ساكنتين ويقل التلفت ويقبل بوجهه قصد وجهه ولا أحب أن يتلفت يمينا ولا شمالا ليسمع الناس خطبته لأنه إن كان لا يسمع أحد الشقين إذا قصد بوجهه تلقاءه فهو لا يلتفت ناحية يسمع أهلها إلا خفى كلامه على الناحية التي تخالفها مع سوء الأدب من التلفقال الشافعي: وأحب أن يرفع صوته حتى يسمع أقصى من حضره إن قدر على ذلك وأحب أن يكون كلامه كلاما مترسلا مبينا معربا بغير الإعراب الذي يشبه العي وغير التمطيط وتقطيع الكلام ومده وما يستنكر منه ولا العجلة فيه عن الإفهام ولا ترك الإفصاح بالقصد وأحب أن يكون كلامه قصدا بليغا جامعا قال الشافعي: أخبرنا سعيد بن سالم ومالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن

صفحة : 256

عمر قال الشافعي: وإذا فعل ما كرهت له من إطالة الخطبة أو سوء الأدب فيها أو في نفسه فأتى بخطبتين يفصل بينهما بجلوس لم يكن عليه إعادة وأقل ما يقع عليه اسم خطبة من الخطبتين أن يحمد الله تعالى ويصلى على النبي ﷺ ويقرأ شيئا من القرآن في الأولى ويحمد الله عز ذكره ويصلى على النبي ﷺ ويوصى بتقوى الله ويدعو في الآخرة لأن معقولا أن الخطبة جمع بعض الكلام من وجوه إلى بعض هذا أوجز ما يجمع من الكلام قال الشافعي: وإنما أمرت بالقراءة في الخطبة أنه لم يبلغنا أن رسول الله ﷺ خطب في الجمعة إلا قرأ فكان أقل ما يجوز أن يقال قرأ آية من القرآن وأن يقرأ أكثر منها أحب إلى وإن جعلها خطبة واحدة عاد فخطب خطبة ثانية مكانه فإن لم يفعل ولم يخطب حتى يذهب الوقت أعاد الظهر أربعا فإن جعلها خطبتين لم يفصل بينها بجلوس أعاد خطبته فإن لم يفعل صلى الظهر أربعا وإن ترك الجلوس الأول حين يظهر على المنبر كرهته ولا إعادة عليه لأنه ليس من الخطبتين ولا فصل بينهما وهو عمل قبلهما لا منهما

القراءة في الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله ابن أبي بكر عن حبيب بن عبد الرحمن ابن إساف عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان أنها سمعت النبي ﷺ يقرأ ب ق وهو يخطب على المنبر يوم الجمعة وأنها لم تحفظها إلا من رول الله ﷺ يوم الجمعة وهو على المنبر من كثرة ما كان النبي ﷺ يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن أبي بكر بن حزم عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان مثله قال إبراهيم ولا أعلمني إلا سمعت أبا بكر بن حزم يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر قال إبراهيم وسمعت محمد بن أبي بكر يقرأ قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو بن حلجلة عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن عمر كان يقرأ في خطبته يوم الجمعة إذا الشمس كورت حتى يبلغ علمت نفس ما أحضرت ثم يقطع السورة أخبرنا لربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن هشام عن أبيه أن عمر ابن الخطاب قرأ

صفحة : 257

بذلك على المنبر قال الشافعي: وبلغنا أن عليا كرم الله وجهه كان يقرأ على المنبر قل أيها الكافرون و قل هو الله أحد فلا تتم الخطبتان إلا بأن يقرأ في إحداهما آية فأكثر والذي أحب أن يقرأ ب ق في الخطبة الأولى كما روى عن رسول الله ﷺ لا يقر عنها وما قرأ أجزأه إن شاء الله تعالى وإن قرأ على المنبر سجدة لم ينزل ولم يسجد فإن فعل وسجد رجوت أن لا يكون بذلك بأس لأنه ليس يقطع الخطبة كما لا يكون قطعا للصلاة أن يسجد فيها سجود القرآن قال الشافعي: وإذا سجد أخذ من حيث بلغ من الكلام وإن استأنف الكلام فحسن قال الشافعي: وأحب أن يقدم الكلام ثم يقرأ الآية لأنه بلغنا ذلك وإن قدم القراءة ثم تكلم فلا بأس وأحب أن تكون قراءته ما وصفت في الخطبة الأولى وأن يقرأ في الخطبة الثانية آية أو أكثر منها ثم يقول أستغفر الله لي ولكم قال الشافعي: بلغني أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا كان في آخر خطبة قرأ آخر النساء يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إلى آخر السورة وحيث قرأ من الخطبة الأولى والآخرة فبدأ بالقراءة أو بالخطبة أو جعل القراءة بين ظهراني الخطبة أو بعد الفراغ نها إذا أتى بقراءة أجزأه إن شاء الله تعالى

ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

صفحة : 258

كلام الامام في الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال الشافعي: وحديث جابر وأبي سعيد أن رسول الله ﷺ قال لرجل دخل المسجد وهو على المنبر فقال أصليت فقال لا فقال فصل ركعتين وفي حديث أبي سعيد فتصدق الرجل بأحد ثوبيه فقال النبي ﷺ انظروا إلى هذا الذي قال الشافعي: ولا بأس أن يتكلم الرجل في خطبة الجمعة وكل خطبة فيما يعنيه ويعنى غيره بكلام الناس ولا أحب أن يتكلم فيما لا يعنيه ولا يعني الناس ولا بما يقبح من الكلام وكل ما أجزت له أن يتكلم به أو كرهته فلا يفسد خطبته ولا صلاتهمصاس

كيف استحب أن تكون الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا عبد العزيز عن جعفر عن أبيه عن جابر قال كان النبي ﷺ قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني إسحق بن عبد الله عن أبان بن صالح عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أن النبي ﷺ خطب يوما فقال إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه ونستنصره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى حتى يفيء إلى أمر الله قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا عمرو أن النبي ﷺ خطب يوما فقال في خطبته ألا إن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر ألا وإن الآخرة أجل صادق يقضى فيها ملك قادر ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار ألا فاعملوا وأنتم من الله على حذر واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذره شرا يره قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم قال حدثني عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي ابن حاتم قال خطب رجل عند رسول الله ﷺ فقال ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال النبي ﷺ اسكت فبئس

صفحة : 259

الخطيب أنت ثم قال النبي ﷺ من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ولا تقل ومن يعصهما قال الشافعي: فبهذا نقول فيجوز أن تقول ومن يعص الله ورسوله فقد غوى لأنك أفردت معصية الله وقلت ورسوله استئناف كلام وقد قال الله تبارك وتعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم وهذا وإن كان في سياق الكلام استئناف كلام قال ومن أطاع الل فقد أطاع رسوله ومن عصى الله فقد عصى رسوله ومن أطاع رسوله فقد أطاع الله ومن عصى رسوله فقد عصى الله لأن رسول الله ﷺ عبد من عباده قام في خلق الله بطاعة الله وفرض الله تبارك وتعالى على عباده طاعته لما وفقه الله تعالى من رشده ومن قال ومن يعصهما كرهت ذلك القول له حتى يفرد اسم الله عز وجل ثم يذكر بعده اسم رسوله ﷺ لا يذكره إلا منفردا قال الشافعي: وقال رجل يا رسول الله ما شاء الله وشئت فقال رسول الله صلى الله عليه قال الشافعي: وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية لأن طاعة رسول الله ﷺ ومعصيته تبع لطاعة الله تبارك وتعالى ومعصيته لأن الطاعة والمعصية منصوصتان بفرض الطاعة من الله عز وجل فأمر بها رسول الله ﷺ فجاز أن يقال فيه من يطع الله ورسوله ومن يعص الله ورسوله لما وصفت والمشيئة إرادة الله تعالى قال الشافعي: قال الله عز وجل وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين فأعلم خلقه أن المشيئة له دون خلقه وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله عز وجل فيقال لرسول الله ﷺ ما شاء الله ثم شئت ويقال من يطع الله ورسوله على ما وصفت من أن الله تبارك وتعالي تعبد الخلق بأن فرض طاعة رسول الله ﷺ فإذا أطيع رسول الله ﷺ فقد أطيع الله بطاعة رسوله قال الشافعي: وأحب أن يخلص الإمام ابتداءا النقصه الخطبه بحمد الله والصلاة على رسوله ﷺ والعظة والقراء ولا يزيد على ذلك قال الشافعي: أخربنا عبد المجيد عن ابن جريج قال لعطاء ما الذي أرى الناس يدعون به في الخطبة يومئذ أبلغك عن النبي ﷺ أو عمن بعد النبي عليه الصلاة والسلام قال لا إنما أحدث إنما كانت الخطبة تذكيرا

صفحة : 260

الانصات للخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت قال الشافعي: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي ﷺ مثل معناه إلا أنه قال لغيت قال ابن عيينة لغيت لغية أبي هريرة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله عن مالك بن أبي عامر أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته قلما يدع ذلك إذا خطب إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا له وأنصتوا فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للسامع المنصت فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة ثم لا يكبر عثمان حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبروه أن قد استوت فيكبر قال الشافعي: وأحب لكل من حضر الخطبة أن يستمع لها وينصت ولا يتكلم من حين يتكلم قال الشافعي: ولا بأس أن يتكلم والإمام على المنبر والمؤذنون يؤذنون وبعد قطعهم قبل كلام الإمام فإذا ابتدأ في الكلام لم أحب أن يتكلم حتى يقطع الإمام الخطبة الآخرة فإن قطع الآخرة فلا بأس أن يتكلم حتى يكبر الإمام وأحسن في الأدب أن لا يتكلم من حين يبتديء الإمام الكلام حتى يفرغ من الصلاة وإن تكلم رجل والإمام يخطب لم أحب ذلك له ولم يكن عليه إعادة الصلاة ألا ترى أن النبي ﷺ كلم الذين قتلوا ابن أبي الحقيق على المنبر وكلموه وتداعوا قتله وأن النبي ﷺ كلم الذي لم يركع وكلمه وأن لو كانت الخطبة في حال الصلاة لم يتكلم من حين يخطب وكان الإمام أولاهم بترك الكلام الذي إنما يترك الناس الكلام حتى يسمعوا كلامه قال الشافعي: فإن قيل فما قول النبي ﷺ قد لغوت قيل والله أعلم فأما ما يدل على ما وصفت من كلام رسول الله ﷺ من كلمه رسول الله ﷺ بكلامه فيدل على ما وصفت وإن الانصات للامام اختيار وإن قوله لغوت تكلم به في موضع الأدب فيه أن لا يتكلم والأدب في موضع الكلام أن لا يتكلم إلا بما يعنيه وتخطي رقاب

صفحة : 261

الناس يوم الجمعة في معنى الكلام فيما لا يعني الرجل قال الشافعي: ولو سلم رجل على رجل يوم الجمعة كرهت ذلك له ورأيت أن يرد عليه بعضهم قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم عن هشام بن حسان قال لا بأس أن يسلم ويرد عليه السلام والامام يخطب يوم الجمعة وكان ابن سيرين يرد إيماء ولا يتكلم قال الشافعي: ولو عطس رجل يوم الجمعة فشمته رجل رجوت أن يسعه لأن التشميت سنة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن هشام عن الحسن عن النبي ﷺ قال إذا عطس الرجل والامام يخطب يوم الجمعة فشمته قال الشافعي: وكذلك إذا أراد أن يأتيه رجل فأوما إليه فلم يأته فلا بأس أن يتكلم وكذلك لو خاف على أحد أو جماعة لم أر بأسا إذا لم يفهم عنهم بالإيماء أن يتكلم والإمام يخطب قال الشافعي: ولا بأس إن خاف شيئا أن يسأل عنه ويجيبه بعض من عرف إن سأل عنه وكل ما كان في هذا المعنى فلا بأس بذلك للامام وغيره ما كان مما لا يلزم المرء لأخيه ولا يعنيه في نفسه فلا أحب الكلام به وذلك أن يقول له أنصت أو يشكو إليه مصيبة نزلت أو يحدثه عن سرور حدث له أو غائب قدم أو ما أشبه هذا لأنه لا فوت على واحد منهما في علم هذا ولا ضرر عليه في ترك إعلامه إياه قال الشافعي: وإن عطش الرجل فلا بأس أن يشرب والإمام على المنبر فإن لم يعطش فكان يتلذذ بالشراب كان أحب إلي أن يكف عنه قال الشافعي: رحمه الله تعالى ومن لم يسمع الخطبة أحببت له من الانصات ما أحببته للمستمع قال الشافعي: وإذا كان لا يسمع من الخطبة شيئا فلا أكره أن يقرأ في نفسه ويذكر الله تبارك اسمه ولا يكلم الآدميين قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم عن هشام عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يذكر الله في نفسه بتكبير وتهليل وتسبيح قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم قال لا أعلمه إلا أن منصور بن المعتمر أخبرني أنه سأل إبراهيم أيقرأ والإمام يخطب يوم الجمعة وهو لا يسمع الخطبة فقال عسى أن لا يضره قال الشافعي: ولو فعل هذا من سمع خطبة الإمام لم تكن عليه إعادة ولو أنصت للاستماع كان حسنا

صفحة : 262

الرجل يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن عبيدالله بن عمر بن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله قال الشافعي: وأكره للرجل من كان إماما أو غير إمام أن يقيم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن نأمرهم أن يتفسحوا قال الشافعي: ولا يجوز أن يقام الرجل إلا أن يجلس الرجل حيث يتيسر له إما في موضع مصلى الإمام وإما في طريق عامة فأما أن يستقبل المصلين بوجهه في ضيق المسجد وكثرة من المصلين ولا يحول بوجهه عن استقبال المصلين فإن كان ذلك ولا ضيق على المصلين فيه فلا بأس أن يستقبلهم بوجهه ويتنحون عنه وأحسن في الأدب أن لا يفعل ومن فعل من هذا ما كرهت له فلا إعادة عليه للصلاة قال الشافعي: وبهذا نأخذ فمن عرض له ما يخرجه ثم عاد إلى مجلسه أحببت لمن جلس فيه أن يتنحى عنه قال الشافعي: وأكره للرجل أن يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة وغيره ويجلس فيه ولا أرى بأسا إن كان رجل إنما جلس لرجل ليأخذ له مجلسا أن يتنحى عنه لأن ذلك تطوع من الجالس وكذلك إن جلس لنفسه ثم تنحى عنه بطيب من نفسه وأكره ذلك للجالس إلا أن يكون يتنحى إلى موضع شبيه به في أن يسمع الكلام ولا أكرهه للجالس الآخر لأنه بطيب نفس الجالس الأول ومن فعل من هذا ما كرهت له فلا إعادة للجمعة عليه قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال إذا قام أحدكم من مجلسه يوم الجمعة ثم رجع إليه فهو أحق به قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبي عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال لا يعمد الرجل إلى الرجل فيقيمه من مجلسه ثم يقعد فيه أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال سليمان ابن موسى عن جابر أن النبي ﷺ قال لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا

ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

صفحة : 263

الإحتباء في المسجد يوم الجمعة والامام على المنبر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرني من لا أتهم عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحتبى والإمام يخطب يوم الجمعة قال الشافعي: والجلوس والإمام على المنبر يوم الجمعة كالجلوس في جميع الحالات إلا أن يضيق الرجل على من قاربه فأكره ذلك وذلك أن يتكيء فيأخذ أكثر مما يأخذ الجالس ويمد رجليه أو يلقى يديه خلفه فأكره هذا لأنه يضيق إلا أن يكون برجله علة فلا أكره له من هذا شيئا وأحب له إذا كانت به علة أن يتنحى إلى موضع لا يزدحم الناس عليه فيفعل من هذا ما فيه الراحة

القراءة في صلاة الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي لبيد عن سعد المقبري عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قرأ في ركعتي الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين قال الشافعي: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيدالله بن أبي رافع عن أبي هريرة أنه قرأ في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون فقال عبيدالله فقلت له قرأت بسورتين كان علي رضي الله تعالى عنه يقرأ بهما في الجمعة فقال إن رسول الله ﷺ كان يقرأ بهما قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني مسعر ابن كدام عن معبد بن خالد عن سمرة بن جندب عن النبي ﷺ أنه كان يقرأ في الجمعة سبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية قال الشافعي: أحب أن يقرأ يوم الجمعة في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون لثبوت قراءة النبي ﷺ بهما وتواليهما في التأليف وإذ كان من يحضر الجمعة بفرض قال الشافعي: وما قرأ به الإمام يوم الجمعة وغيرها من أم القرآن وآية أجزأه وإن اقتصر على أم القرآن أجزأه ولم أحب ذلك له قال الشافعي: وحكاية من حكى السورتين اللتين قرأ بهما النبي ﷺ في الجمعة تدل على أنه جهر بالقراءة وأنه صلى الجمعة ركعتين وذلك ما لا اختلاف فيه علمته فيجهر الإمام بالقراءة في الجمعة ويصليها ركعتين إذا كانت جمعة فإن صلاها ظهرا خافت بالقراءة وصلى

صفحة : 264

أربعا قال الشافعي: وإن خافت بالقراءة في الجمعة أو غيرها مما يجهر فيه بالقراءة أو جهر بالقراءة فيما يخافت فيه بالقراءة من الصلاة كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه قال الشافعي: وإن بدأ الإمام يوم الجمعة فقرأ بسورة المنافقين في الركعة الأولى قبل أم القرآن عاد فقرأ أم القرآن قبل أن يركع أجزأه أن يركع بها ولا يعيد سورة المنافقين ولو قرأ معها بشيء من الجمعة كان أحب إلى ويقرأ في الركعة الثانية بسورة الجمعة

القنوت في الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى حكى عدد صلاة النبي ﷺ الجمعة فما علمت أحدا منهم حكى أنه قنت فيها إلا أن تكون دخلت في جملة قنوته في الصلوات كلهن حين قنت على قتلة أهل بئر معونة ولا قنوت في شيء من الصلوات إلا الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلهن إن شاء الإمام

من أدرك ركعة من الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة قال الشافعي: فكان أقل ما في قول رسول الله ﷺ فقد أدرك الصلاة إن لم تفته الصلاة قال الشافعي: ومن لم تفته الصلاة صلى ركعتينقال الشافعي: ومن أدرك ركعة من الجمعة بنى عليها ركعة أخرى وأجزأته الجمعة وإدراك الركعة أن يدرك الرجل قبل رفع رأسه من الركعة فيركع معه ويسجد فإن أدركه وهو راكع فكبر ثم لم يركع معه حتى يرفع الإمام رأسه من الركعة ويسجد معه لم يعتد بتلك الركعة وصلى الظهر أربعا قال الشافعي: وإن ركع وشك في أن يكون تمكن راكعا قبل أن يرفع الإمام رأسه لم يعتد بتلك قال الشافعي: وإن ركع مع الامام ركعة وسجد سجدتين ثم شك في أن يكون سجد سجدتين مع الإمام أو سجدة سجد سجدة وصلى ثلاث ركعات حتى يكمل الظهر أربعا لأنه لا يكون مدركا لركعة بكمالها إلا بأن يسجد سجدتين وكذلك لو أدرك مع الإمام ركعة ثم أضاف إليها أخرى ثم شك في سجدة لا يدرى أهي من الركعة التي كانت مع الإمام أو الركعة التي صلى

صفحة : 265

لنفسه كان مصليا ركعة وقاضيا ثلاثا ولا يكون له جمعة حتى يعلم أن قد صلى مع الإمام ركعة بسجدتين

الرجل يركع مع الامام ولا يسجد معه يوم الجمعة وغيرها

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أمر رسول الله ﷺ المأمومين أن يركعوا إذا ركع الإمام ويتبعوه في عمل الصلاة فلم يكن للمأموم أن يترك اتباع الإمام في عمل الصلاة قال الشافعي: وصلى رسول الله ﷺ صلاة الخوف بعسفان فركع وركعوا وسجد فسجدت طائفة وحرسته أخرى حتى قام من سجوده ثم تبعته بالسجود مكانها حين قام قال الشافعي: فكان بينا والله تعالى أعلم في سنن رسول الله ﷺ أن على المأموم اتباع الامام ما لم يكن للمأموم عذر يمنعه اتباعه وأن له إذا كان له عذر أن يتبعه في وقت ذهاب العذر قال الشافعي: فلو أن رجلا مأموما في الجمعة ركع مع الإمام ثم زحم فلم يقدر على السجود بحال حتى قضى الإمام سجوده تبع الإمام إذا قام الإمام فأمكنه أن يسجد سجد وكان مدركا للجمعة إذا صلى الركعة التي بقيت عليه وهكذا لو حبسه حابس من مرض لم يقدر معه على السجود أو سهو أو نسيان أو عذر ما كان قال الشافعي: وإن كان إدراكه الركعة الآخرة وسلم الإمام قبل يمكنه السجود سجد وصلى الظهر أربعا لأنه لم يدرك مع الإمام ركعة بكمالها قال الشافعي: وإن أدرك الأولى ولم يمكنه السجود حتى ركع الإمام الركعة الثانية لم يكن له أن يسجد للركعة الأولى إلا أن يخرج من إمامة الامام فإن سجد خرج من إمامة الامام لأن أصحاب النبي ﷺ إنما سجدوا للركعة التي وقفوا عن السجود لها بالعذر بالحراسة قبل الركعة الثانية قال الشافعي: ويتبع الإمام فيركع معه ويسجد ويكون مدركا معه الركعة ويسقط عنه واحدة ويضيف إليها أخرى ولو ركع معه ولم يسجد حتى سلم الامام سجد سجدتين وكان مصليا قال الشافعي: فإن أمكنه أن يسجد على ظهر رجل فتركه بغير عذر خرج من صلاة الامام فإن صلى لنفسه أجزأته ظهرا وإن لم يفعل وصلى مع الإمام أعاد الظهر ولا يكون له أن يمكنه مع

صفحة : 266

الإمام ركوع ولا سجود فيدعه بغير عذر ولا سهو إلا خرج من صلاة الإمام ولو جاز أن يكون رجل خلف الامام يمكنه الركوع والسجود ولا عذر له لم يكن به غير خارج من صلاة الإمام جاز أن يدع ذلك ثلاث ركعات ويركع في الرابعة فيكون كمبتديء الصلاة حين ركع وسجد معه ويدع ذلك أربع ركعات ثم يركع ويسجد فيتبع الامام في الركعة التي قبل سجوده قال الشافعي: ولو سها عن ركعة اتبع الإمام ما لم يخرج الامام من صلاته بالركوع والسجود أو يركع الامام ثانية فإذا ركع ثانية ركعها معه وقضى التي سها عنها ولو خرج الإمام من صلاته وسها عن ثلاث ركعات وقد جهر الإمام في ركعتين ركع وسجد بلا قراءة واجتزأ بقراءة الإمام في ركعة في قول من قال لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر فيه الامام ثم قرأ لنفسه فيما بقى ولم يجزه غير ذلك ولو كان فيما يخافت فيه الامام فإن كان قرأ اعتد بقراءته في ركعة وإن لم يكن قرأ لم يعتد بها ويقرأ فيما بقى بكل حال لا يجزئه غير ذلك

الرجل يرعف يوم الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا دخل الرجل في صلاة الإمام يوم الجمعة حضر الخطبة أو لم يحضرها فسواء فإن رعف الرجل الداخل في صلاة الإمام بعد ما يكبر مع الامام فخرج يسترعف فأحب الأقاويل إلي فيه أنه قاطع للصلاة ويسترعف ويتكلم فإن أدرك مع الامام ركعة أضاف إليها أخرى وإلا صلى الظهر أربعا وهذا قول المسور ابن مخرمة وهكذا إن كان بجسده أو ثوبه نجاسة فخرج فغسلها ولا يجوز أن يكون في حال لا تحل فيها الصلاة ما كان بها ثم بنى على صلاته والله تعالى أعلم قال الشافعي: وإن رجع وبنى على صلاته رأيت أن يعيد وإن استأنف صلاته بتكبيرة افتتاح كان حينئذ داخلا في الصلاة

ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 267

رعاف الامام وحدثه

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أصل ما نذهب إليه أن صلاة الإمام إذا فسدت لم تفسد صلاة من خلفه فإذا كبر الإمام يوم الجمعة ثم رعف أو أحدث فقدم رجلا أو تقدم الرجل بغير أمره بأمر الناس أو غير أمرهم وقد كان المتقدم دخل في صلاة الإمام المحدث قبل أن يحدث كان الإمام المقدم الآخر يقوم مقام الامام الأول وكان له أن يصلى بهم ركعتين وتكون له ولهم الجمعة قال الشافعي: ولو دخل المتقدم مع الإمام في أول صلاته أو بعد ما صلى ركعة فرعف الأمام قبل الركوع أو بعده وقبل السجود فانصرف ولم يقدموا أحدا فصلوا وحدانا فمن أدرك منهم مع الإمام ركعة بسجدتين أضاف إليها أخرى وكانت له جمعة ومن لم يدرك ركعة بسجدتين كاملتين صلى الظهر أربعا قال الشافعي: ولو أن الإمام يوم الجمعة رعف فخرج ولم يركع ركعة وقدم رجلا لم يدرك التكبيرة فصلى بهم ركعتين أعادوا الظهر أربعا لأنه ممن لم يدخل معه في الصلاة حتى خرج الإمام من الإمامة وهذا مبتديء ظهرا أربعا لا يجهر فيها بالقراءة ولو صلى الإمام بهم جنبا أو على غير وضوء الجمعة أجزأتهم وكان عليه أن يعيد ظهرا أربعا لنفسه قال الشافعي: ولو أعاد الخطبة ثم صلى بطائفة الجمعة لم يكن له ذلك وكان عليه أن يعود فيصلى ظهرا أربعا قال الشافعي: فإن فعل فذكر وهو في الصلاة أن عليه الظهر فوصلها ظهرا فقد دخلها بغير نية صلاة أربع فأحب إلي أن يبتديء الظهر أربعا وقد يخالف المسافر يفتتح ينوى القصر ثم يتم لأنه كان للمسافر أن يقصر ويتم والمسافر نوى الظهر بعينها فهو داخل في نية فرض الصلاة والمصلى الجمعة لم ينو الظهر بحال إنما نوى الجمعة التي فرضها ركعتان إذا كانت جمعة والذي ليس له أن يصليها جمعة أربعا فإن أتمها ظهرا أربعا رجوت أن لا يضيق عليه إن شاء الله تعالى وما أحب أن يفعل ذلك بحال وإنما لم يتبين لي إيجاب الاعادة عليه لأن الرجل قد يدخل مع الإمام ينوى الجمعة ولا يكمل له ركعة فتجرى عليه أن يبنى على صلاته مع الإمام ظهرا وإن كان هذا قد يخالفه في أنه مأموم تبع الإمام لم يؤت من نفسه والأول إمام عمد فعل نفسه ولو أحدث الإمام الذي خطب بعد ما كبر فقدم رجلا كبر معه ولم يدرك الخطبة فصلى ركعة ثم أحدث فقدم رجلا أدرك معه الركعة صلى ركعة ثانية فكانت له ولمن أدرك معه الركعة الأخيرة جمعة وإن

صفحة : 268
=======
المجلد الرابع




كتاب الأم - المجلد الأول4



قدم رجلا لم يدرك معه الركعة الأولى وقد كبر معه صلى بهم ركعة ثم تشهد وقدم من أدرك أول الصلاة فسلم وقضى لنفسه ثلاثا لأنه لم يدرك مع الإمام ركعة حتى صار إمام نفسه وغيره قال الشافعي: وإذا رعف الإمام أو أحدث أو ذكر أنه جنب أو على غير وضوء فخرج يسترعف أو يتطهر ثم رجع استأنف الصلاة وكان كالمأموم غيره فإن أدرك مع الإمام المقدم بعده ركعة أضاف إليها أخرى وكانت له جمعة وإن لم يدرك معه ركعة صلى الظهر أربعا

التشديد في ترك الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن إبراهيم بن عبد الله ابن معبد عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى ولا يبدل أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي الجعد الضمري عن النبي ﷺ أنه قال لا يترك أحد الجمعة ثلاثا تهاونا بها إلا طبع الله على قلبه قال الشافعي: في بعض الحديث ثلاثا ولاء قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح بن كيسان عن عبيدة بن سفيان قال سمعت عمرو بن أمية الضمري يقول لا يترك رجل مسلم الجمعة ثلاثا تهاونا بها لا يشهدها إلا كتب من الغافلين قال الشافعي: حضور الجمعة فرض فمن ترك الفرض تهاونا كان قد تعرض شرا إلا أن يعفو الله كما لو أن رجلا ترك صلاة حتى يمضى وقتها كان قد تعرض شرا إلا أن يعفو الله

ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 269

ما يؤمر به في ليلة الجمعة ويومها

قال الشافعي: رحمه الله تعالى بلغنا عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله ﷺ قال أكثروا الصلاة على يوم الجمعة فإني أبلغ وأسمع قال ويضعف فيه الصدقة وليس مما خلق الله من شيء فيما بين السماء والأرض يعني غير ذي روح إلا وهو ساجد لله تعالي في عشية الخميس ليلة الجمعة فإذا أصبحوا فليس من ذي روح إلا روحه روح في حنجرته مخافة إلى أن تغرب الشمس فإذا غربت الشمس أمنت الدواب وكل شيء كان فزعا منها غير الثقلين قال الشافعي: وبغلنا أن رسول الله ﷺ قال أقربكم منى لو في الجنة أكثركم على صلاة فأكثروا الصلاة على في الليلة الغراء واليوم الأزهر قال الشافعي: يعني والله تعالى أعلم يوم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم أن رسول الله ﷺ قال إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله ابن عبد الرحمن بن معمر أن النبي ﷺ قال أكثرو الصلاة علي يوم الجمعة قال الشافعي: وبلغنا أن من قرأ سورة الكهف وقي فتنة الدجال قال الشافعي: وأحب كثرة الصلاة على النبي ﷺ في كل حال وأنا في يوم الجمعة وليلتها أشد استحبابا وأحب قراءة الكهف ليلة الجمعة ويومها لما جاء فيها قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني موسى ابن عبيدة قال حدثني أبو الأزهر معاوية ابن إسحق بن طلحة عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك يقول أتى جبريل بمرآه بيضاء فيها وكتة إلى النبي ﷺ فقال النبي ﷺ ما هذه فقال هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد فقال النبي ﷺ يا جبريل وما يوم المزيد فقال إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب مسك فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله تبارك وتعالي ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين والصديقين وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكتب فيقول الله

صفحة : 270

عز وجل أنا ربكم قد صدقتكم وعدى فسلوني أعطكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك فيقول الله عز وجل قد رضيت عنكم ولكم ما تمنيتم ولدى مزيد فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير وهو اليوم الذي استوى فيه ربك تبارك اسمه على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبو عمران إبراهيم ابن الجعد عن أنس بن مالك شبيها به وزاد عليه ولكم فيه خير من دعا فيه بخير هو له قسم أعطيه فإن لم يكن له قسم ذخر له ما هو خير منه وزاد أيضا فيه أشياء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله ابن محمد بن عقيل عن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد عن أبيه عن جده أن رجل من الأنصار جاء إلى النبي ﷺ فقال يا رسول الله أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير فقال النبي ﷺ فيه خمس خلال فيه خلق آدم وفيه أهبط الله عز وجل آدم عليه السلام إلى الأرض وفيه توفى الله آدم وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا آتاه الله تعالى إياه ما لم يسأل مأثما أو قطيعة رحم وفيه تقوم الساعة وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا جبل إلا وهو مشفق من يوم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ ذكر يوم الجمعة فقال فيه ساعة لا يوافقها إنسان مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه وأشار النبي ﷺ بيده يقللها أخبرنا الربع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبرهيم بن الحرث التيمي عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق الله تبارك وتعالى آدم عليه السلام وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه قال أبو هريرة قال عبد الله بن سلام هي آخر ساعة في يوم الجمعة فقلت له وكيف تكون آخر ساعة وقد قال النبي ﷺ لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلى وتلك ساعة لا يصلى فيها فقال عبد الله بن سلام ألم

صفحة : 271

يقل رسول الله ﷺ من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلى قال فقلت بلى قال فهو ذلك قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب أن النبي ﷺ قال سيد الأيام يوم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبي أن ابن المسيب قال أحب الأيام إلى أن أموت فيه ضحى يوم الجمعة

السهو في صلاة الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى والسهو في صلاة الجمعة كالسهو في غيرها فإن سها الإمام فقام في موضع الجلوس عاد فجلس وتشهد وسجد للسهو

كتاب صلاة الخوف وهل يصليها المقيم

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال الله تبارك وتعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح الآية قال الشافعي: فأذن الله عز وجل بالقصر في الخوف والسفر وأمر رسول الله ﷺ إذا كان فيهم يصلى لهم صلاة الخوف أن يصلى فريق منهم بعد فريق فكانت صلاة الخوف مباحة للمسافر والمقيم بدلالة كتاب الله عز وجل ثم سنة رسول الله ﷺ قال الشافعي: فللمسافر والمقيم إذا كان الخوف أن يصليها صلاة الخوف وليس للمقيم أن يصليها إلا بكمال عدد صلاة المقيم وللمسافر أن يقصر في صلاة الخوف إن شاء للسفر وإن أتم فصلاته جائزة وأختار له القصر

ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

صفحة : 272

كيف صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى الآية أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع رسول الله ﷺ يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت عليه ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم قال الشافعي: وأخبرني من سمع عبد الله بن عمر بن حفص يخبر عن أخيه عبيدالله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن النبي ﷺ مثل هذا الحديث أو مثل معناه لا يخالفه قال الشافعي: فكان بينا في كتاب الله عز أن يصلى الإمام بطائفة فإذا سجد كانوا من ورائه وجاءت طائفة أخرى لم يصلوا فصلوا معه واحتمل قول الله عز وجل فإذا سجدوا إذا سجدوا ما عليهم من سجود الصلاة كله ودلت على ذلك سنة رسول الله ﷺ مع دلالة كتاب الله عز وجل فإنه ذكر انصراف الطافتين والإمام من الصلاة ولم يذكر على واحد منهما قضاء قال الشافعي: ورويت أحاديث عن رسول الله ﷺ في صلاة الخوف حديث صالح بن خوات أوفق ما يثبت منها لظاهر كتاب الله عز وجل فقلنا به قال الشافعي: فإذا صلى الإمام صلاة الخوف صلى كما وصفت بدلالة القرآن ثم حديث رسول الله ﷺ قال الشافعي: فإذا صلى بهم صلاة الخوف مسافر فكل طائفة هكذا يصلى بالطائفة الأولى ركعة ثم يقوم فيقرأ فيطيل القراءة وتقرأ الطائفة الأولى لأنفسها لا يجزيها غير ذلك لأنها خارجة من إمامته بأم القرآن وسورة إلى القصر وتخفف ثم تركع وتسجد وتتشهد وتكمل حدودها كلها وتخفف ثم تسلم فتأتى الطائفة الثانية فيقرأ الإمام بعد إتيانهم قدر أم القرآن وسورة قصيرة لا يضره أن لا بتديء أم القرآن إذا كان قد قرأ في الركعة التي أدركوها بعد أم القرآن ثم يركع

صفحة : 273

ويركعون معه ويسجد فإذا انقضى السجود قاموا فقرءوا لأنفسهم بأم القرآن وسورة قصيرة وخففوا ثم جلسوا معه وجلس قدر ما يعلمهم قد تشهدوا ويحتاط شيئا حتى يعلم أن أبطأهم تشهدا قد أكمل التشهد أو زاد ثم يسلم بهم ولو كان قرأ أم القرآن وسورة قبل أن يدخلوا معه ثم ركع بهم حين يدخلون معه قبل أن يقرأ أو يقرءوا شيئا أجزأه وأجزأهم ذلك وكانوا كقوم أدركوا ركعة مع الإمام ولم يدركوا قراءته وأحب إلى أن يقرءوا بعد ما يكبرون معه كما تقدم بأم القرآن وسورة خفيفة فإذا كانت الصلاة التي يصليها بهم الإمام مما لا يجهر الإمام فيها بالقراءة لم يجز الطائفة الأولى إلا أن تقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن أو أم القرآن وزيادة معها إذا أمكنهم أن يقرءوا ولم يجز الطائفة الثانية إذا أدركت مع الإمام ما يمكنها فيه قراءة أم القرآن إلا أنئ تقرأ بأم القرآن أو أم القرآن وشيء معها بكل حالقال الشافعي: وإذا كانت صلاة الخوف في الحضر لا يجهر فيها لم يجز واحدة من الطائفتين ركعة لا يقرأ فيها بأم القرآن إلا من أدرك الإمام في أول ركعة له في وقت لا يمكنه فيه أن يقرأ بأم القرآن قال الشافعي: وإذا كانت صلاة خوف أو غير خوف يجهر فيها بأم القرآن فكل ركعة جهر فيها بأم القرآن ففيها قولان أحدهما لا يجزيء من صلى معه إذا أمكنه أن يقرأ إلا أن يقرأ بأم القرآن والثاني يجزئه أن لا يقرأ ويكتفى بقراءة الإمام وإذا كانت الصلاة أربعا أو ثلاثا لم يجزه في واحد من القولين في الركعتين الآخرتين أو الركعة الآخرة إلا أن يقرأ بأم القرآن أو يزيد ولا يكتفى بقراءة الإمام قال الشافعي: وإذا صلى الإمام بالطائفة الأولى فقرأ السجدة فسجد وسجدوا معه ثم جاءت الطائفة الثانية لم يسجدوا تلك السجدة لأنهم لم يكونوا في صلاة كما لو قرأ في الركعة الآخرة بسجدة فسجدت الطائفة الآخرة لم يكن على الأولى أن تسجد معهم لأنهم ليسوا معه في صلاة قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا صلى الإمام مسافرا المغرب صلى بالطائفة الأولى ركعتين فإن قام وأتموا لأنفسهم فحسن وإن ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم قام فصلى الركعة الباقية عليه بالذين خلفه الذين جاءوا بعد فجائز إن شاء الله تعالى وأحب الأمرين إلى أن يثبت قائما لأنه إنما حكى أن رسول الله ﷺ ثبت قائما وإنما اخترت أن يطيل في القراءة لتدرك الركعة معه الطائفة الثانية لأنه إنما حكيت صلاة رسول الله ﷺ في الخوف ركعتين ولم تحك المغرب ولا صلاة خوف في حضر إلا بالخندق قبل أن تنزل صلاة الخوف فكان

صفحة : 274

قيام رسول الله ﷺ لأنه في موضع قيام حين قضى السجود ولم يكن له جلوس فيكون في موضع جلوسقال الشافعي: فإذا كان يصلى بالطائفة المغرب ركعتين ثم تأتى الأخرى فيصلى بها ركعة وإنما قطعت الأولى إمامة الإمام وصلاتهم لأنفسهم في موضع جلوس الإمام فيجوز أن يجلس كما جاز للامام وكان عليه أن يقوم إذا قطعوا إمامته في موضع قيام قال الشافعي: وهكذا إذا صلى بهم صلاة الخوف في حضر أو سفر أربعا فله أن يجلس في مثنى حتى يقضى من خلفه صلاتهم ويكون في تشهد وذكر الله تعالى ثم يقوم فيتم بالطائفة الثانية قال الشافعي: ولو صلى المغرب فصلى بالطائفة الأولى ركعة وثبت قائما فأتموا لأنفسهم ثم صلى بالثانية ركعتين أجزأه إن شاء الله تعالى وأكره ذلك له لأنه إذا كان معه في الصلاة فرقتان صلاة إحداهما أكثر من صلاة الأخرى فأولاهما أن يصلى الأكثر مع الإمام الطائفة الأولى ولو أن الإمام صلى صلاة عندها ركعتان في خوف فصلى بالأولى ركعة ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم قام فصلى بالطائفة التي خلفه ركعة فإن كان جلوسه لسهو فصلاته وصلاة من خلفه تامة ويسجد للسهو وإن كان جلوسه لعلة فصلاتهم جائزة ولا سجود للسهو عليه وإن كان لغير علة ولا سهو فجلس قليلا لم تفسد صلاته وإن جلس فأطال الجلوس فعليه عندي إعادة الصلاة فإن جاءت الطائفة الأخرى وهو جالس فقام فأتم بهم وهو قائم فمن كان منهم عالما بإطالة الجلوس لغير علة ولا سهو ثم دخل مه فعليه عندي الإعادة لأنه عالم بأنه دخل معه وهو عالم أن الإمام قد خرج من الصلاة ولم يستأنف تكبير افتتاح يستأنف به الصلاة كما يكون على من علم أن رجلا افتتح الصلاة بلا تكبير أو صنع فيها شيئا يفسدها وصلى وراءه أن يقضى صلاته ومن لم يعلم ما صنع ممن صلى وراءه من الطائفة فصلاته تامة كما يكون من صلى خلف رجل على غير وضوء أو مفسد لصلاته بلا علم منه تام الصلاة قال أبو محمد وفيها قول آخر إذا كان الإمام قد أفسد الصلاة عامدا فصلاة من خلفه علم بإفسادها أو لم يعلم باطلة لأنا إنما أجزنا صلاته خلف الإمام لم يعمد فسادها لأن عمر قضى ولم يقض الذين صلوا خلفه وعمر إنما قضى ساهيا قال الشافعي: فإن قيل وقد لا يكون عالما بأن هذا يفسد صلاة الإمام قيل وكذلك لا يكون عالما بأن ترك الإمام التكبير للافتتاح وكلامه يفسد صلاته ثم لا يكون معذورا بأن يصلى وراءه إذا فعل بعض هذا

صفحة : 275

قال الشافعي: ولا تفسد صلاة الطائفة الأولى لأنه خرجوا من صلاة الإمام قبل يحدث ما يفسدها ولو كان كبر قائما تكبيرة ينوى بها الافتتاح بعد جلوسه تمت صلاة الطائفة الأولى لأنهم خرجوا من صلاته قبل يفسدها والطائفة الثانية لأنهم لم يدخلوا في صلاته حتى افتتح صلاة مجزئة عنه وأجزأت عنه هذه الركعة وعمن خلفه قال الشافعي: ولو صلى إمام صلاة الخوف في الحضر ففرق الناس أربع فرق فصلى بفرقة ركعة وثبت قائما وأتموا لأنفسهم تم فرقة ركعة وثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم فرقة ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم فرقة ركعة وثبت جالسا وأتموا لأنفسهم كان فيها قولان أحدهما أنه أساء ولا إعادة عليه ولا على من خلفه والثاني أن صلاة الإمام تفسد وتتم صلاة الطائفة الأولى لأنها خرجت من صلاته قبل تفسد صلاته وكذلك صلاة الطائفة الثانية لأنها خرجت من قبل فساد صلاته لأنه له في الصلاة انتظارا واحدا بعده آخر وتفسد صلاة من علم من الطائفتين الأخريين ما صنع وأتم به بعد علمه ولا تفسد صلاة من لم يعلم ما صنع ولا يكون له أن ينتظر في الصلاة قال الشافعي: وإن صلى بطائفة ثلاث ركعات وطائفة ركعة كرهت ذلك له ولا تفسد صلاته ولا صلاتهم لأنه إذا كان للطائفة الأولى أن تصلى معه ركعتين وتخرج من صلاته كانت إذا صلت ثلاثا وخرجت من صلاته قد خرجت بعد ما زادت وإن ائتمت به في ركعة من فرض صلاتها لم تفسد صلاة الإمام أنه انتظر انتظارا واحدا وتمت صلاة الطائفة الآخرة وعليه وعلى الطائفة الآخرة سجود السهو لأنه وضع الانتظار في غير موضعهقال الشافعي: فالإمام يصلى بالطائفة الأولى في المغرب ركعة وبالثانية ركعتين قال لأن النبي ﷺ صلى بالطائفة الأولى في السفر صلاة المغرب ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم صلى بالطائفة الثانية ركعة وتشهد فكان انتظاره الطائفة الثانية أكثر من انتظاره الطائفة الأولى

ID ' ' يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

صفحة : 276

تخفيف القراءة في صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويقرأ الإمام في صلاة الخوف بأم القرآن وسورة قدر سبح اسم ربك الأعلى وما أشبهها في الطول للتخفيف في الحرب وثقل السلام ولو قرأ قل هو الله أحد في الركعة الأولى أو قدرها من القرآن لم أكره ذلك له وإذا قام في الركعة الثانية ومن خلفه يقضون قرأ بأم القرآن وسورة طويلة وإن أحب جمع سورا حتى يقضى من خلفه صلاتهم تفتتح الطائفة الأخرى خلفه ويقرأ بعد افتتاحهم أقل ذلك قدر أم القرآن ويحتاط إذا كان مما لا يجهر فيه ليقرءوا بأم القرآن ولو زاد في قراءته ليزيدوا على أم القرآن كان أحب إلى قال الشافعي: فإن لم يفعل فاتتحوا معه وأدركوه راكعا أجزأه وأجزأتهم صلاتهم وكانوا كمن أدرك ركعة في أول صلاته مع الإمام قال الشافعي: ويقنت في صلاة الصبح في صلاة الخوف ولا يقنت في غيرها لأنه لم يبلغنا أن النبي ﷺ قنت في صلاة الخوف خلاف قنوته في غيرها وإن فعل فجائز لأن النبي ﷺ قد قنت في الصلوات عند قتل أهل بئر معونة قال الشافعي: فإن قال قائل كيف صارت الركعة الآخرة في صلاة الخوف أطول من الأولى وليست كذلك في غير صلاة الخوف قيل بدلالة كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ﷺ وتفريق الله عز وجل بين صلاة الخوف وغيرها من الصلوات فليس للمسئلة عن خلاف الركعة الآخرة من صلاة الخوف الركعة الآخرة من غيرها إلا جهل من سأل عنها أو تجاهله وخلاف جميع صلاة الخوف لسائر الصلوات أكثر من خلاف ركعة منها لركعة من سائر الصلوات

ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

صفحة : 277

السهو في صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى السهو في صلاة الخوف والشك كهو في غيرها من الصلوات فيصنع ما يصنع في غير صلاة الخوف فإذا سها الإمام في الركعة الأولى انبغى أن يشير إلى من خلفه ما يفهمون به أنه سها فإذا قضوا الركعة التي بقيت عليهم وتشهدوا سجدوا لسهو الإمام سلموا وانصرفوا قال الشافعي: وإن أغفل الإشارة إليهم وعلموا سهوه سجدوا لسهوه وإن أغفلها ولم يعلموا فانصرفوا ثم علموا فإن كان قريبا عادوا فسجدوا وإن تباعد ذلك لم يعودوا للسجود قال الشافعي: وإن لم يعلموا حتى صفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى ليصلوا فقد بعد ذلك وأحدثوا عملا بعد الصلاة بصفهم وصاروا حرسا لغيرهم فلا يجوز لهم أن يخلوا بغيرهم ومن قال يعيد من ترك سجود السهو أمرهم بالإعادة ولا أرى بينا أن واجبا على أحد ترك سجود السهو أن يعود للصلاة قال الشافعي: ولو سها الإمام سهوا ثم سها بعده مرة أو مرازا أجزأتهم سجدتان لذلك كله وإن تركوهما عامدين أو جاهلين لم يبن أن يكون عليهم أن يعيدوا الصلاة قال الشافعي: وإن لم يسه الإمام وسهوا هم بعد الإمام سجدوا لسهوهم قال الشافعي: وإذا سها الإمام في الركعة الأولى ثم صلت الطائفة الآخرة سجدوا معه للسهو حين يسجد ثم قاموا فأتموا لأنفسهم ثم عادوا وسجدوا عند فراغهم من الصلاة لأن ذلك موضع لسجود السهو وإن لم يفعلوا كرهت ذلك لهم ولا يبين أن يكون على إمام ولا مأموم ولا على أحد صلى منفردا فترك سجود السهو ما كان السهو نقصا من الصلاة وزيادة فيها إعادة صلاة لأنا قد عقلنا أن فرض عدد سجود الصلاة معلوم فيشبه أن يكون سجود السهو معه كالتسبيح في الركوع والسجود والقول عند الافتتاح وسجود السهو كله سواء يجب في بعضه ما يجب في كله

ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

صفحة : 278

باب ما ينوب الإمام في صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأذن الله تبارك وتعالى في صلاة الخوف بوجهين أحدهما الخوف الأدنى وهو قول الله عز وجل وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية والثاني الخوف الذي أشد منه وهو قول الله تبارك وتعالى فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فلما فرق الله بينهما ودلت السنة على افتراقهما لم يجز إلا التفريق بينهما والله تعالى أعلم لأن الله عز وجل فرق بينهما لافتراق الحالين فيهما قال الشافعي: وإذا صلى الإمام في الخوف الأول صلاة الخوف فصلى بهم صلاة لا يجوز لهم أن يعملوا فيها شيئا غير الصلاة لا يعملونه في صلاة غير الخوف فإن عملوا غير الصلاة ما يفسد قال الشافعي: فإن صلى الإمام بطائفة ركعة وثبت قائما وقاموا يتمون لأنفسهم فحمل عليهم عدو أو حدث لهم حرب فحملوا على العدو منحرفين عن القبلة بأبدانهم ثم أمنوا العدو بعد فقد قطعوا صلاتهم وعليهم استئنافها وكذلك لو فزعوا فانحرفوا عن القبلة لغير قتال ولا خروج من الصلاة وهم ذاكرون لأنهم في صلاة حتى يستدبروا القبلة استأنفوا قال الشافعي: ولو حملوا عليهم مواجهي القبلة قدر خطوة فأكثر كان قطعا للصلاة بنية القتال فيها وعمل الخطوة قال الشافعي: وكذلك لو حمل العدو عليهم فتهيؤوا بسلاح أو بترس أو ما أشبهه كان قطعا للصلاة بالنية مع العمل في دفع العدو ولو حمل عليهم فخافوا فنووا الثبوت في الصلاة وأن لا يقاتلوا حتى يكملوا أو يغشوا أو تهيؤوا بالشيء الخفيف لم يكن هذا قطعا للصلاة لأنهم لم يحدثوا نية لقتال مع التهيؤ والتهيؤ خفيف يجوز في الصلاة ولا يكون قطعا لها وإنما نووا إن كان قتال أن يحدثوا قتالا لا أن قتالا حضر ولا خافوه فنووه مكانهم وعملوا مع نيته شيئا قال الشافعي: ولو أن عدوا حضر فتكلم أحدهم يحضوره وهو ذاكر لأنه في صلاة كان قاطعا لصلاته وإن كان ناسيا للصلاة فله أن يبنى ويسجد للسهو قال الشافعي: وإذا أحدثوا عند حادث أو غيره نية قطع الصلاة أو نية القتال مكانهم كانوا قاطعين للصلاة فأما أن يكونوا على نية الصلاة ثم ينوون إن حدث إطلال عدو أن يقاتلوه فلا يحدث إطلاله فلا يكون هذا قطعا للصلاة قال الشافعي: وأيهم أحدث شيئا مما وصفته يقطع الصلاة دون غيره كان قاطعا للصلاة دون من

صفحة : 279

لم يحدثه فإن أحدث ذلك الإمام فسدت عليه صلاته وصلاة من ائتم به بعدما أحدث وهو علام بما أحدث ولم تفسد صلاة من ائتم به وهو لا يعلم ما أحدث قال الشافعي: ولو قدموا إماما غيره فصلى بهم أجزأهم إن شاء الله تعالى وأن يصلوا فرادي أحب إلى وكذلك هو أحب إلى في كل ما أحدثه الإمام قال الشافعي: وصلاة الخوف الذي هو أشد من هذا رجالا وركبانا موضوع في غير هذا الموضع مخالف لهذه الصلاة في بعض أمره

إذا كان العدو وجاه القبلة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا الثقة عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال صلى رسول الله صلاة الخوف بعسفان وعلى المشركين يؤمئذ خالد بن الوليد وهم بينه وبين القبلة فكبر رسول الله ﷺ فصففنا خلفه صفين ثم ركع فركعنا ثم رفع فرفعنا جميعا ثم سجد النبي ﷺ والصف الذي يليه فلما رفعوا سجد الآخرون مكانهم ثم سلم النبي ﷺ قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال صلاة الخوف نحو مما يصنع أمراؤكم يعني والله تعالى أعلم هكذا قال الشافعي: الموضع الذي كان فيه رسول الله ﷺ حين صلى هذه الصلاة والعدو صحراء ليس فيها شيء يوارى العدو عن رسول الله ﷺ وكان العدو مائتين على متون الخيل طليعة وكان النبي ﷺ في ألف وأربعمائة وكان لهم غير خائف لكثرة من معه وقلة العدو فكانوا لو حملوا أو تحرفوا للحمل لم يخف تحرفهم عليه وكانوا منه بعيدا لا يغيبون عن طرفه ولا سبيل لهم إليه يخفى عليهم فإذا كان هذا مجتمعا صلى الإمام بالناس هكذا وهو أن يصف الإمام والناس وراءه فيكبر ويكبرون معا ويركع ويركعون معا ثم يرفع فيرفعون معا ثم يسجد فيسجدون معا إلا صفا يليه أو بعض صف ينظرون العدو لا يحمل أو ينحرف إلى طريق يغيب عنه وهو ساجد فإذا رفع الإمام ومن سجد معه من سجودهم كله ونهضوا سجد الذين قاموا ينظرون الإمام ثم قاموا معه ثم ركع وركعوا معا ورفع ورفعوا معا وسجد وسجد معه الذين سجدوا معه أول إل صفا يحرسه منهم فإذا سجدوا سجدتين قال الشافعي: فإن خاف الذين يحرسون على الإمام فتلكلموا أعادوا الصلاة ولا بأس أن يقطع

صفحة : 280

الإمام وهم إن خافوا معا قال الشافعي: وإن صلى الإمام هذه الصلاة فاستأخر الصف الذي حرسه إلى الصف الثاني وتقدم الصف الثاني فحرسه فلا بأس وإن لم يفعلوا فواسع ولو حرسه صف واحد في هذه الحال رجوت أن تجزئهم صلاتهم ولو أعادوا الركعة الثانية كان أحب إلى قال الشافعي: وإذا كان ما وصفت مجتمعا من قلة العدو وكثرة المسلمين وما وصفت من البلاد فصلى الإمام مثل صلاة الخوف يوم ذات الرقاع ومن معه كرهت ذلك له ولم يبن أن على أحد ممن خلفه إعادة ولا عليه قال الشافعي: وإن صلى الإمام صلاة الخوف فصلى بطائفة ركعة وانحرفت قبل أن تتم فقامت بإزاء العدو ثم صلت الأخرى ركعة ثم انحرفت فوقفت بإزاء العدو قبل أن تتم وهما ذاكرتان لأنهما في صلاة كان فيها قولان أحدهما أن يعيدا معا لانحرافهم عن القبلة قبل أن يكملا الصلاةقال الشافعي: ولو أن الطائفة الأخرى صلت مع الإمام ركعة ثم أتمت صلاتها وفسدت صلاة الأولى التي انحرفت عن القبلة قبل أن تكمل الصلاة في هذا القول ومن قال هذا طرح الحديث الذي روى هذا فيه بحديث غيره قال الشافعي: والقول الثاني أن هذا كله جائز وأنه من الاختلاف المباح فكيفما صلى الإمام ومن معه على ما روى أجزأه وإن اختار بعضه على بعض قال الشافعي: وكذلك لو كانت الطائفة الأولى أكملت صلاتها قبل أن تنحرف ولم تكمل الثانية حتى انحرفت عن القبلة أجزأت الطائفة الأولى صلاتها ولم تجزيء الطائفة الثانية التي انحرفت قبل أن تكمل في القول الأول قال الشافعي: ويجزيء الإمام في كل ما وصفت صلاته لأنه لم ينحرف عن القبلة حتى أكمل قال الشافعي: ولو صلى الإمام كصلاة الخوف يوم ذات الرقاع فانحرف الإمام عن القبلة قبل أن يكمل الصلاة أو صلاها صلاة خوف أو غيره فانحرف عن القبلة وهو ذاكر لأنه لم يكمل الصلاة استأنف الصلاة قال الشافعي: أخبرنا الثقة ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ صلى صلاة الظهر صلاة الخوف ببطن نخل فصلى بطائفة ركعتين وسلم ثم صلى بأخرى ركعتين ثم سلم

صفحة : 281

قال الشافعي: وإن صلى الإمام صلاة الخوف هكذا أجزأ عنه قال الشافعي: وهذا في معنى صلاة معاذ مع النبي ﷺ العتمة ثم صلاها قال الشافعي: ويدل على أن نية المأموم أن صلاته لا تفسد عليه بأن تخالف نيته نية الإمام فيها وإن صلى الإمام صلاة الخوف بطائفة ركعة ثم سلموا ولم يسلم ثم صلى الركعة التي بقيت عليه بطائفة ركعة ثم سلم وسلموا فصلاة الإمام تامة وعلى الطائفتين معا الإعادة إذا سلموا ذاكرين لأنهم في صلاة قال أبو يعقوب وإن رأوا أن قد أكملوا الصلاة بنى الآخرون وسجدوا للسهو وأعاد الأولون لأنه قد تطاول خروجهم من الصلاة قال الشافعي: وعلى المأموم من عدد الصلاة ما على الإمام لا يختلفان فيما على كل واحد منهما من عددها وليس يثبت حديث روى في صلاة الخوف بذي قرد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي في الإملاء قال ويصلى صلاة الخوف في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين فإذا صلاها في السفر والعدو في غير جهة القبلة فرق الناس فرقتين فريقا بإزاء العدو في غير الصلاة وفريقا معه فيصلى بالذين معه ركعة ثم يثبت قائما فيقرأ فيطيل القراءة ويقرأ الذين خلفه لأنفسهم بأم القرآن وسورة ويركعون ويسجدون ويتشهدون ويسلمون معا ثم ينصرفون فيقومون مقام أصحابهم ثم يأتى أولئك فيدخلون مع الإمام ويكبرون مع الإمام تكبيرة يدخلون بها معه في الصلاة ويقرأ الإمام بعد دخولهم معه قدر أم القرآن وسورة من حيث انتهت قراءته لا يستأنف أم القرآن بهم ويسجد ويثبت جالسا يتشهد ويذكر الله ويصلى على النبي ﷺ ويدعو ويقومون هم إذا رفع رأسه من السجود فيقرءون بأم القرآن وسورة ثم يركعون ويسجدون ويجلسون مع الأمام ويزيد الإمام في الذكر بقدر ما أن يقضوا تشهدهم ثم يسلم بهم وإن صلى بهم صلاة المغرب صلى بهم الركعة الأولى ثم يثبت قائما وأتموا لأنفسهم وجاءت الطائفة الأخرى فيصلى بهم ركعتين وثبت جالسا وأتموا لأنفسهم الركعة التي سبقوا بها ثم يسلم بهم وصلاة المغرب والصبح في الحضر والسفر سواء فإن صلى ظهرا أو عصرا أو عشاء صلاة خوف في حضر صنع هكذا إلا أنه يصلى بالطائفة الأولى ركعتين ويثبت جالسا حتى يقضوا الركعتين اللتين بقيتا عليهم وتأتى الطائفة الأخرى فإذا جاءت فكبرت نهض قائما فصلى بهم الركعتين الباقيتين عليه وجلس حتى يتموا ليسلم بهم قال الشافعي: وإنما قلنا ثبت جالسا قياسا على ما جاء عن النبي ﷺ وذلك

صفحة : 282

أنه لم يحك عنه في شيء من الحديث صلاة الخوف إلا في السفر فوجدت الحكاية كلها موتفقة على أن صلى بالطائفة الأولى ركعة وثبت قائما ووجدت الطائفة الأولى لم تأتم به خلفه إلا في ركعة لا جلوس فيها والطائفة الأخرى ائتمت به في ركعة معها جلوس فوجدت الطائفة الأخرى مثل الأولى في أنها ائتمت به معه في ركعة وزادت أنها كانت معه في بعض جلوسه فلم أجدها في حال إلا مثل الأولى وأكبر حالا منها فلو كنت قلت يتشهد بالأولى ويثبت قائما حتى تتم الأولى زعمت أن الأولى أدركت مع الإمام مثل أو أكثر مما أدركت الأخرى وأكثر فإنما ذهبت إلى أن يثبت قاعدا حتى تدركه الآخرة في قعوده ويكون لها القعود الآخر معه لتكون في أكثر من حال الأولى فتوافق القياس على ما روى عنه قال الشافعي: فإن كان العدو بين الإمام والقبلة صلى هكذا أجزأه إذا كان في حال خوف منه فإن كان في حال أمان منه بقلة العدو وكثرة المسلمين وبأنهم في صحراء لا حائل دونها وليسوا حيث ينالهم النبل ولا الحسام ولا يخفى عليهم حركة العدو صفوا جميعا خلف الإمام ودخلوا في صلاته وركعوا بركوعه ورفعوا برفعه وثبت الصف الذي يليه قائما ويسجد ويسجد من بقى فإذا قام من سجوده تبعه الذين خلفه بالسجود ثم قاموا معه وهكذا حكى أبو عياش الزرقي أن رسول ﷺ صلى يوم عسفان وخالد بن الوليد بينه وبين القبلة وهكذا أبو الزبير عن جابر أن صلاة الخوف ما يصنع أمراؤكم هؤلاء قال الشافعي: وهكذا يصنع الأمراء إلا الذين يقفون فلا يسجدون بسجوده حتى يعتدل قائما من قرب منهم من الصف الأول دون من نأى عن يمينه وشماله قال الشافعي: وأحب للطائفة الحارسة إن رأت من العدو حركة للقتال أن ترفع أصواتها ليسمع الإمام وإن حوملت أن يحمل بعضها ويقف بعض يحرس الإمام وإن رأت كمينا من غير جهتها أن ينحرف بعضها إليه وأحب للامام إذا سمع ذلك أن يقرأ بأم القرآن و قل هو الله أحد ويخفف الركوع والسجود والجلوس في تمام وإن حمل عليه أو رهق أن يصير إلى القتال وقطع الصلاة هي يقضيها بعده والسهو في صلاة الخوف كهو في غير صلاة الخوف إلا في خصلة فإن الطائفة الأولى إذا استيقنت أن الإمام سها في الركعة التي أمها فيها سجدت للسهو بعد التشهد وقبل سلامها وليس سبقهم إياه بسجود السهو بأكثر من سبقهم إياه بركعة من صلب الصلاة فإذا أراد الإمام أن يسجد للسهو أخر سجوده حتى تأتى الطائفة الثانية معه بتشهدها ثم يسجد للسهو

صفحة : 283

ويسجدون معه ثم يسلم ويسلمون معه ولو ذهب على الطائفة الأولى أنه سها في الركعة الأولى أو خاف الإمام أن يذهب ذلك عليهم أحببت له أن يشير إليهم ليسجدوا من غير أن يلتفت فإن لم يفعل وفعلوا فسجدوا حتى انصرفوا أو انصرف هو فلا إعادة ولا سجود عليهم لأن سجود السهو ليس من صلب الصلاة وقد ذهب موضعه

الحال التي يجوز للناس أن يصلوا فيها صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يجوز لأحد أن يصلى صلاة الخوف إلا بأن يعاين عدوا قريبا غير مأمون أن يحمل عليه يتخوف حمله عليه من موضع أو يأتيه من يصدقه بمثل ذلك من قرب العدو منه أو مسيرهم جادين إليه فيكونون هم مخوفين فإذا كان واحد من هذين المعنيين فله أن يصلى صلاة الخوف وإذا لم يكن واحد منهما لم يكن له ذلك قال الشافعي: وإذا جاءه الخبر عن العدو فصلى صلاة الخوف ثم ذهب العدو لم يعد صلاة الخوف وهذا كله إذا كا بإزاء العدو فإن كان في حصن لا يوصل إليه إلا بتعب أو غلبة علي باب أو كان في خندق عميق عريض لا يوصل إليه إلا بدفن يطول لم يصل صلاة الخوف وإن كان في قرية حصينة فكذلك وإن كان في قرية غير ممتنعة من الدخول أو خندق صغير غير ممتنع صلى صلاة الخوف قال الشافعي: وإن رأوا سوادا مقبلا وهم ببلاد عدو أو بغير بلاد عدو فظنوه عدوا أحببت أن لا يصلوا صلاة الخوف وكل حال أحببت أن لا يصلوا فيه صلاة الخوف إذا كان الخوف يسرع إليهم أمرت الإمام أن يصلى بطائفة فيكمل كما يصلى في غير خوف وتحرسه أخرى فإذا فرغ من صلاته حرس ومن معه الطائفة الأخرى وأمر بعضهم فأمهم قال الشافعي: وهكذا آمر المسلحة في بلاد المسلمين تناظر المسلحة للمشركين أن تصنع إذا تراخى ما بين المسلحتين شيئا وكانت المسلحتان في غير حصن أو كان الأغلب أنهم إنما يتناظرون بناظر الربيئة لا يتحاملون قال الشافعي: فإن صلوا صلاة الخوف كصلاة النبي ﷺ يوم ذات القراع في حال كرهت لهم فيها صلاة الخوف أحببت للطائفة الأولى أن يعيدوا ولم أحب ذلك للامام ولا للطائفة الأخرى ولا يبين أن على الطائفة الأولى إعادة صلاة لأنها قد صلت بسبب من خوف وإن لم يكن خوفا وإن الرجل قد يصلى في غير خوف بعض صلاته مع الإمام وبعضها منفردا فلا

صفحة : 284

يكون عليه إعادة قال الشافعي: ومتى ما رأو سوادا فظنوه عدوا ثم كان غير عدو وقد صلى كصلاة النبي ﷺ يوم ذات القراع لم يعد الإمام ولا واحدة من الطائفتين لأن كل منهما لم ينحرف عن القبلة حتى أكملت الصلاة وقد صليت بسبب خوف وكذلك إن صلى كصلاة النبي ﷺ ببطن نخل وإن صلى كصلاة النبي ﷺ بعسفان أحببت للحارسة أن تعيد ولم أوجب ذلك عليها ولا يعيد الإمام ولا التي لم تحرس قال الشافعي: وإنما تقل المسائل في هذا الباب علينا أنا لا نأمر بصلاة خوف بحال إلا في غاية من شدة الخوف إلا صلاة لو صليت في غير خوف لم يتبين أن على مصليها إعادة

كم قدر من يصلى مع الإمام صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا كانت مع الإمام في صلاة الخوف طائفة والطائفة ثلاثة فأكثر أو حرسته طائفة والطائفة ثلاثة فأكثر لم أكره ذلك له غير أني أحب أن يحرسه من يمنع مثله إن أريد قال الشافعي: وسواء في هذا كثر من معه أو قل فتفرق الناس في صلاة الخوف حارسين ومصلين على قدر ما يرى الإمام ممن تجزى حراسته ويستظهر شيئا من استظهاره وسواء قل من معه فيمن يصلى وكثر ممن يحرسه أو قل من يحرسه وكثر من يصلى معه في أن صلاتهم مجزئة إذا كان معه ثلاثة فأكثر حرسه ثلاثة فإن حرسه أقل من ثلاثة أو كان معه في الصلاة أقل من ثلاثة كرهت ذلك له لأن أقل اسم الطائفة لا يقع عليهم فلا إعادة على أحد منهم بهذه الحال لأن ذلك إذا أجزأ الطائفة أجزأ الواحد إن شاء الله تعالي

ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

صفحة : 285

أخذ السلاح في صلاة الخوف

قال الله عز وجل وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم الآية قال الشافعي: وأحب للمصلى أن يأخذ سلاحه في الصلاة ما لم يكن في سلاحه نجاسة وإن قال الشافعي: ويأخذ من سلاحه ما لا يمنعه الصلاة ولا يؤذي الصف أمامه وخلفه وذلك السيف والقوس والجعبة والجفير والترس والمنطقة وما أشبه هذا قال الشافعي: ولا يأخذ الرمح فإنه يطول إلا أن يكون في حاشية ليس إلى جنبه أحد فيقدر على أن ينحيه حتى لا يؤدي به من أمامه ولا من خلفه قال الشافعي: وكذلك لا يلبس من السلاح ما يمنعه التحرف في الركوع والسجود مثل السنور وما أشبهه قال الشافعي: ولا أجيز له وضع السلاح كله في صلاة الخوف إلا أن يكون مريضا يشق عليه حمل السلاح أو يكون به أذى من مطر فإنهما الحالتان اللتان أذن الله فيهما بوضع السلاح وأمرهم أن يأخذوا حذرهم فيها لقول عز وعلا ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركمقال الشافعي: وإن لم يكن به مرض ولا أذى من مطر أحببت أن لا يضع من السلاح إلا ما وصفت مما يمنعه من التحرف في الصلاة بنفسه أو ثقله فإن وضع بعضه وبقى بعض رجوت أن يكون جائزا له لأنه أخذ بعض سلاحه ومن أخذ بعض سلاحه فهو متسلح قال الشافعي: وإن وضع سلاحه كله من غير مرض ولا مطر أو أخذ من سلاحه ما يؤذي به من يقاربه كرهت ذلك له في كل واحد من الحالين ولم يفسد ذلك صلاته في واحدة من الحالين لأن معصيته في ترك وأخذ السلاح ليس من الصلاة فيقال يفسد صلاته ولا يتمها أخذه

ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

صفحة : 286

ما لا يجوز للمصلى في الحرب أن يلبسه

مما ماسته النجاسة وما يجوز

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا أصاب السيف الدم فمسحه فذهب منه لم يتقلده في الصلاة وكذلك نصال النبل وزج الرمح والبيضة وجميع الحديد إذا أصابه الدم فإن صلى قبل أن يغسله بالماء أعاد الصلاة ولا يطهر الدم ولا شيئا من الأنجاس إلا الماء على حديد كان أو غيره ولو غسله بدهن لئلا يصدأ الحديد أو ماء غير الماء الذي هو الطهارة أو مسحه بتراب لم يطهر وكذلك ما سوى ذلك من أداته لا يطهرها ولا شيئا من الإنجاس إلا الماءقال الشافعي: ولو ضرب فأصاب سيفه فرث أو قيح كان هكذا الآن هذا كله من الأنجاس قال الشافعي: فإن شك أأصاب شيئا من أداته نجاسة أو لم تصبه أحببت أن يتوقى حمل ما شك فيه للصلاة فإن حمله في الصلاة فلا إعادة عليه حتى يعلم أنه قد أصابه نجاسة فإذا علم وقد صلى فيه أعاد قال الشافعي: وكل ما حمله متقلده أو متنكبه أو طارحه على شيء من بدنه أو في كمه أو ممسكه بيده أو بغيرها فسواء كله هو كما كان لابسه لا يجزيه فيه إلا أن يكون لم تصبه نجاسة أو تكون أصابته فطهر بالماء قال الشافعي: وإن كان معه نشاب أو نبل قد أمر عليها عرق دابة أي دابة كانت غير كلب أو خنزير من أي موضع كان أو لعابها أو أحميت فسقيت لبنا أو سمت بسم شجر فصلى فيها فلا بأس لأنه ليس من هذا شيء من الأنجاس قال الشافعي: وإن كان من هذا شيء سم بسم حية أو ودك دابة لا تؤكل أو بودك ميتة فصلى فيه أعاد الصلاة إلا أن يطهر بالماء وسواء أحمى السيف أو أي حديدة حميت في النار ثم سم أو سم بلا إحماء إذا خالطه النجس محمى أو غير محمى لم يطهره إلا الماء قال الشافعي: وهكذا لو سمت ولم تحم ثم أحميت بالنار فقيل قد ذاب كله بالنار أو أكلته النار وكان السم نجسا لم تطهره النار ولا يطهره شيء إلا الماء قال الشافعي: ولو أحمى ثم صب عليه شيء نجس أو غمس فيه فقيل قد شربته الحديدة ثم غسلت بالماء طهرت لأن الطهارات كلها إنما جعلت على ما يظهر ليس على الأجواف قال الشافعي: ولا يزيد إحماء الحديدة في تطهيرها ولا تنجيسها لأنه ليس في النار طهور إنما

صفحة : 287

الطهور في الماء ولو كان بموضع لا يجد فيه ماء فمسحه بالتراب لم يطهره التراب لأن التراب لا يطهر الأنجاس

ما يجوز للمحارب أن يلبس

مما يحول بينه وبين الأرض وما لا يجوز

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا كانت البيضة ذات أنف أو سابغة على رأس الخائف كرهت له في الصلاة لبسها لئلا يحول موضع السبوغ أو الأنف بينه وبين إكمال السجود ولا بأس أن يلبسها فإذا سجد وضعها أو حرفها أو حسرها إذا ماست جبهته الأرض متمكنا قال الشافعي: وهكذا المغفر والعمامة وغيرهما مما يغطى موضع السجودقال الشافعي: وإذا ماس شيء من مستوى جبهته الأرض كان ذلك أقل ما يجزيء به السجود وإن كرهت له أن يدع أن يماس بجبهته كلها وأنفه الأرض ساجدا قال الشافعي: وأكره له أن يكون على كفيه من السلاح ما يمنعه أن تباشر كفاه الأرض وأحب إن فعل أن يعيد الصلاة ولا يتبين أن عليه إعادة ولا أكره ذلك له في ركبتيه ولا أكره له منه في قدميه ما أكره له في كفيه قال الشافعي: وإن صلى وفي ثيابه أو سلاحه شيء من الدم وهو لا يعلم ثم علم أعاد ومتى قلت أبدا يعيد أعاد بعد زمان وفي قرب الإعادة على كل حال وهكذا إن صلى بعض الصلاة ثم انتضح عليه دم قبل أن يكملها فصلى من الصلاة شيئا إن كان في شيء من الصلاة قبل أن يكملها ولم يطرح مامسه دم مكانه أعاد الصلاة وإن طرح الثوب عنه ساعة ماسه الدم ومضى في الصلاة أجزأه وإن تحرف فغسل الدم عنه كرهت ذلك له وأمرته بأن يعيد قال الشافعي: وقد قيل يجزيه أن يغسل الدم ثم يبنى ولا آمره بهذا القول وآمره بالإعادة قال الشافعي: فإن استيقن أن الدم أصاب بعض سلاحه أو ثيابه ولا يعلم تأخى وترك الذي يرى أن الدم أصابه وصلى في غيره وأجزأه ذلك إن شاء الله تعالى فإن فعل فاستيقن أنه صلى في ثوب أو سلاح فيه نجاسه لم يطهرها قبل الصلاة أعاد كل ما صلاها فيه قال الشافعي: وإن سلب مشركا سلاحا أو اشترى منه وهو ممن يرى المشرك يمس سلاحه بنجس ما كان ولم يعلمه برؤية ولا خبر فله أن يصلى فيه ما لم يعلم أن في ذلك السلاح نجاسة ولو غسله قبل أن يصلى فيه أو توقى الصلاة فيه كان أحب إلي

صفحة : 288

ما يلبس المحارب مما ليس فيه نجاسة وما لا يلبس والشهرة في الحرب أن يعلم نفسه بعلامة قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو توقى المحارب أن يلبس ديباجا أو قزا ظاهرا كان أحب إلى وإن لبسه ليحصنه فلا بأس إن شاء الله تعالى لأنه قد يرخص له في الحرب فيما يحظر عليه في غيره قال الشافعي: والحرير والقز ليس من الأنجاس إنما كره تعبدا ولو صلى فيه رجل في غير حرب لم يعد قال الشافعي: ولو كان في نسج الثوب الذي لا يحصن قز وقطن أو كتان فكان القطن الغالب لم أكره لمصل خائف ولا غيره لبسه فإن كان القز ظاهرا كرهت لكل مصل محارب وغيره لبسه وإنما كرهته للمحارب لأنه لا يحصن إحصان ثياب القز قال الشافعي: وإن لبس رجل قباء محشوا قزا فلا بأس لأن الحشو باطن وإنما أكره إظهار القز للرجال قال الشافعي: فإن كانت درع حديد في شيء من نسجها ذهب أو كانت كلها ذهبا كرهت له لبسها إلا أن يضطر إليه فلا بأس أن يلبسها لضرورة وإنما أكره له أن يبقيها عنده لأنه يجد بثمنها دروع حديد والحديد أحصن وليس في لبسه مكروه وإن فاجأته حرب وهي عنده فلا أكره له لبسها قال الشافعي: وهكذا إن كانت في سيفه حلية ذهب كرهت له أن لا ينزعها فإن فجأته حرب فلا بأس بأن يتقلده فإذا انقضت أحببت له نقضه وهكذا هذا في ترسه وجميع جنته حتى قبائه وإن كانت فيه أزرار ذهب أو زر ذهب كرهته له على هذا المعنى وكذلك منطقته وحمائل سيفه لأن هذا كله جنة أو صلاح جنة قال الشافعي: ولو كان خاتمه ذهبا لم أر له أن يلبسه في حرب ولا سلم بحال لأن الذهب منهى عنه وليس في الخاتم جنة قال الشافعي: وحيث كرهت له الذهب مصمتا في حرب وغيرها كرهت الذهب مموها به وكرهته مخوصا بغيره إذا كان يظهر للذهب لون وإن لم يظهر للذهب لون فهو مستهلك وأحب إلى أن لا يلبس ولا أرى حرجا في أن يلبسه كما قلت في حشو القز قال الشافعي: ولا أكره للرجل لبس اللؤلؤ إلا للأدب وأنه من زي النساء لا للتحريم ولا أكره

صفحة : 289

لبس يا قوت ولا زبرجد إلا من جهة السرف أو الخيلاء قال الشافعي: ولا أكره لمن يعلم من نفسه في الحرب بلاء أن يعلم ما شاء مما يجوز لبسه ولا أن يركب الأبلق ولا الفرس ولا الدابة المشهورة قد أعلم حمزة يوم بدر ولا أكره البراز قد بارز عبيدة وحمزة وعلي بأمر رسول الله ﷺ قال الشافعي: ويلبس في الحرب جلد الثعلب والضبع إذا كانا ذكيين وعليهما شعورهما فإن لم يكونا ذكيين ودبغا لبسهما إن سمطت شعورهما عنهما ويصلي فيهما وإن لم تسمط شعورهما لم يصل فيها لأن الدباغ لا يطهر الشعر قال الشافعي: وهكذا يلبس جلد كل مذكي يؤكل لحمه ولا يلبس جلد ما يؤكل لحمه إذا لم يكن ذكيا إلا مدبوغا لا شعر عليه إلا أن يلبسه ولا يصلى فيه قال الشافعي: وهكذا لا يصلى في جلد دابة لا يؤكل لحمها ذكية كانت أو غير ذكية إلا أن يدبغه ويمعط شعره فأما لو بقى من شعره شيء فلا يصلى فيه ولا يصلى في جلد خنزير ولا كلب بحال نزعت شعورهما ودبغا أو لم يدبغا قال الشافعي: وكذلك لا يلبس الرجل فرسه شيئا من آلته جلد كلب أو خنزير بحال ولا يستمتع من واحد منهما بغير ما يستمتع به من الكلب في صيد أوماشية أو زرع فأما ما سواهما فلا بأس أن يلبسه الرجل فرسه أو دابته ويستمتع به ولا يصلى فيه وذلك مثل جلد القرد والفيل والاسد والنمر والذئب والحية وما لا يؤكل لحمه لأنه جنة للفرس ولا تعبد للفرس ولا نهى عن إهاب جنة في غير الكلب والخنزير قال الشافعي: ولا بأس أن يصلى الرجل في الخوف ممسكا عنان دابته فإن نازعته فجذبها إليه جذبة أو جذبتين أو ثلاثا أو نحو ذلك وهو غير منحرف عن القبلة فلا بأس وإن كثرت مجاذبته إياها وهو غير منحرف عن القبلة فقد قطع صلاته وعليه استئنافها وإن جذبته فانصرف وجهه عن القبلة فأقبل مكانه على القبلة لم تقطع صلاته وإن طال انحرافه عن القبلة ولا يمكنه الرجوع إليها انتقضت صلاته لأنه يقدر على أن يدعها إلى القبلة وإن لم يطل وأمكنه أن ينحرف إلى القبلة فلم ينحرف إليها فعليه أن يستأنف صلاته قال الشافعي: وإن ذهبت دابته فلا بأس أن يتبعها وإذا تبعها على القبلة شيئا يسيرا لم تفسد صلاته وان تبعها كثيرا فسدت صلاته وإن تبعها منحرفا عن القبلة قليلا أو كثيرا فسدت صلاته

ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

صفحة : 290

الوجه الثاني من صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالي حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركبانا قال الشافعي: فكان بينا في كتاب الله عز وجل فإن خفتم فرجالا أو ركبانا أن الحال التي أذن لهم فيها أن يصلوا رجالا أو ركبانا غير الحال التي أمر فيها نبيه ﷺ يصلى بطائفة ثم بطائفة فكان بينا لأنه لا يؤذن لهم بأن يصلوا رجالا أو ركبانا إلى في خوف أشد من الخوف الذي أمرهم فيه بأن يصلي بطائفة ثم بطائفةقال الشافعي: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه ذكر صلاة الخوف فساقها ثم قال فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا أو ركبانا قال الشافعي: أخبرنا محمد بن إسمعيل أو عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي ﷺ قال الشافعي: والخوف الذي يجوز فيه أن يصلوا رجالا وركبانا والله تعالى أعلم إطلال العدو عليهم فيتراأون معا والمسلمون في غير حصن حتى ينالهم السلام من الرمي أو أكثر من أن يقرب العدو فيه منهم من الطعن والضرب فإن كان هذا هكذا والعدو من وجه واحد والمسلمون كثير يستقل بعضهم بقتال العدو حتى يكون بعض في شبيه بحال غير شدة الخوف منهم قاتلتهم طائفة وصلت أخرى صلاة غير شدة الخوف وكذلك لو كان العدو من وجهين أو ثلاثة أو محيطين بالمسلمين والعدو قليل والمسملون كثير تستقل كل طائفة وليها العدو بالعدو حتى يكون من بين الطوائف التي يليها العدو في غير شدة الخوف منهم صلى هؤلاء الذين لا يلونهم صلاة غير شدة الخوف قال الشافعي: فإن قدر هؤلاءالذين صلوا أن يدخلوا بين العدو وبين الطوائف التي كانت تلى قتال العدو حتى يصير الذين كانوا يلون قتالهم في مثل حال هؤلاء في غير شدة الخوف منهم فعلوا ولم يجز الذين يلون قتالهم إلا أن يصلوا صلاة غير شدة الخوف بالأرض وإلى القبلة قال الشافعي: وإذا تعذر هذا بالتحام الحرب أو خوف إن ولوا عنهم أن يركبوا أكتافهم ويروها هزيمة أو هيبة الطائفة التي صلت بالدخول بينهم وبن العدو أو منع العدو ذلك لها أو تضايق مدخلهم حتى لا يصلوا إلى أن يكونوا حائلين بينهم وبين العدو كان للطائفة التي تليهم أن يصلوا كيفما أمكنهم مستقبلي القبلة وغير مستقبليها وقعودا على دوابهم ما كانت دوابهم وعلى الأرض

صفحة : 291

قياما يومئون برءوسهم إيماء قال الشافعي: وإن كان العدو بينهم وبين القبلة فاستقبلوا القبلة ببعض صلاتهم ثم دار العدو عن القبلة داروا بوجوههم إليه ولم يقطع ذلك صلاتهم إذا جعلت صلاتهم كلها مجزئة عنهم إلى غير القبلة إذا لم يمكنهم غير ذلك جعلتها عنهم مجزئة إذا كان بعضها كذلك وبعضها أقل من كلها قال الشافعي: وإنما يجزئهم صلاتهم هكذا إذا كانوا غير عاملين فيها ما يقطع الصلاة وذلك الاستدارة والتحرف والمشي القليل إلى العدو والمقام يقومونه فإذا فعلوا هذا أجزأتهم صلاتهم وكذلك لو حمل العدو عليهم فترسوا عن أنفسهم أودنا بعضهم منهم فضرب أحدهم الضربة بسلاحه أو طعن الطعنة أو دفع العدو بالشيء وكذلك لو أمكنته للعدو غرة ومنه فرصة فتناوله بضربة أو طعنة وهو في الصلاة أجزأته صلاته فأما إن تابع الضرب أو الطعن أو طعن طعنة فرددها في المطعون أو عمل ما يطول فلا يجزيه صلاته ويمضي فيها وإذا قدر على أن يصليها لا يعمل فيها ما يقطعها أعادها ولا يجزيه غير ذلك قال الشافعي: وإذا عمد في شيء من الصلاة كلمة يحذر بها مسلما أو يسترهب بها عدوا وهو ذاكرا أنه في صلاته فقد انتقضت صلاته وعليه إعادتها متى أمكنه قال الشافعي: وإن أمكنه صلاة شدة الخوف فصلاها ولم يعمل فيها ما يفسدها أجزأته وإن أمكنته صلاة غير شدة الخوف صلاها وكذلك إن أمكنه غير صلاة الخوف صلاها إذا صلى بعض صلاته راكبا ثم نزل أو نازلا ثم ركب أو صرف عن القبلة وجهه أو تقدم من موضعه قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإن دخل في الصلاة في شدة الخوف راكبا ثم نزل فأحب إلي أن يعيد إن لم ينقلب وجهه عن جهته لم يكن عليه إعادة لأن النزول خفيف وإن انقلب وجهه عن جهته حتى تولى جهة قفاه أعاد لأنه تارك قبلته قال الشافعي: ولو طرحته دابة أو ريح في هذه الحال لم يعدل إذا انحرف إلى القبلة مكانه حين أمكنه قال الشافعي: وإن كان نازلا فركب فقد انتقضت صلاته لأن الركوب عمل أكثر من النزول والنازل إلى الأرض أولى بتمام الصلاة من الراكب قال الشافعي: وإن لم يقدر على الصلاة إلا مقاتلا صلى وأعاد كل صلاة صلاها وهو مقاتل

صفحة : 292

قال الشافعي: وإن صلى صلاة شدة الخوف ثم أمكنه أن يصلى صلاة الخوف الأولى بنى على صلاة شدة الخوف ولم يجزه إلا أن يصلى صلاة الخوف الأولى كما إذا صلى قاعدا ثم أمكنه القيام لم يجزه إلا القيام قال الشافعي: وإذا صلوا رجالا وركبانا في شدة الخوف لم يتقدموا فإن احتاجوا إلى التقدم لخوف تقدموا ركبانا ومشاة وكانوا في صلاتهم بحالهم وإن تقدموا بلا حاجة ولا خوف فكان كتقدم المصلى إلى موضع قريب يصلى فيه فهم على صلاتهم وإن كان إلى موضع بعيد ابتدءوا الصلاة وكان هذا كالإفساد للصلاة وهكذا إذا احتاجوا إلى ركوب ركبوا وهم في الصلاة فإن لم يحتاجوا إليه وركبوا ابتدءوا الصلاة ولو كانوا ركبانا فنزلوا من غير حاجة ليصلوا بالأرض لم تفسد صلاتهم لأن النزول عمل خفيف وصلاتهم بالأرض أحب إلى من صلاتهم ركبانا قال الشافعي: وإذا كانت الجماعة كامنة للعدو أو متوارية عنه بشيء ما كان خندقا أو بناء أو سواد ليل فخافوا إن قاموا للصلاة رآهم العدو فإن كانوا جماعة ممتنعين لم يكن لهم أن يصلوا إلا قياما كيف أمكنتهم الصلاة فإن صلوا جلوسا فقد أساءوا وعليهم إعادة الصلاة وإن لم يكن بهم منعة وكانوا يخافون إن قاموا أن يروا فيصطلموا صلوا قعودا وكانت عليهم أعادة الصلاة والله تعالى أعلم قال الشافعي: وإن كان العدو يرونهم مطلين عليهم ودونهم خندق أو حصن أو قلعة أو جبل لا يناله العدو إلا بتكلف لا يغيب عن أبصار المسلمين أو أبصار الطائفة التي تحرسهم لم يجزهم أن يصلوا جلوسا ولا غير مستقبلي القبلة ولا يومئون ولا تجوز لهم الصلاة يومئون وجلوسا إلى غير القبلة إلا في حال مناظرة العدو ومساواته وإطلاله وقربه حتى ينالهم سلاحه إن أشرعها إليهم من الرمى والطعن والضرب ويكون حائل بينهم وبينه ولا تمنعهم طائفة حارسة لهم فإذا كان هكذا جاز لهم أن يصلوها رجالا وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها وهذا من أكبر الخوف قال الشافعي: وإن أسر رجل فمنع الصلاة فقدر على أن يصليها موميا صلاها ولم يدعها وكذلك إن لم يقدر على الوضوء وصلاها في الحضر صلاها متيمما وكذلك إن حبس تحت سقف لا يعتدل فيه قائما أو ربط فلم يقدر على ركوع ولا على سجود صلاها كيف قدر ولم يدعها وهي تمكنه بحال وعليه في كل حال من هذه الأحوال قضاء ما صلى هكذا من المكتوبات وكذلك إن منع الصوم فعليه قضاؤه متى أمكنهقال الشافعي: وإن حمل على شرب محرم أو أكل

صفحة : 293

محرم يخاف إن لم يفعله ففعلة فعليه إن قدر على أن يتقيأ أن يتقايأ

إذا صلى وهو ممسك عنان دابته

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا بأس أن يصلى الرجل في الخوف ممسكا عنان دابته فإن نازعته فجبذها إليه جبذة أواثنتين أو ثلاثا أو نحو ذلك وهو غير منحرف عن القبلة فلا بأس وإن كثرت مجابذته إياها وهو غير منحرف عن القبلة فقد قطع صلاته وعليه استئنافها وإن جبذته فانصرف وجهه عن القبلة فأقبل مكانه على القبلة لم تقطع صلاته وإن طال انحرافه عن القبلة ولا يمكنه الرجوع إليها انتقضت صلاته لأنه يقدر على أن يدعها وإن لم يطل وأمكنه أن ينحرف عن القبلة فلم ينحرف إليها فعليه أن يستأنف صلاته قال الشافعي: فإن ذهبت دابته فلا بأس أن يتبعها فإذا تبعها على القبلة شيئا يسيرا لم تفسد صلاته فإن تبعها كثيرا فسدت صلاته

إذا صلوا رجالا وركبانا هل يقاتلون وما الذي يجوز لهم من ذلك

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإن لم يقدر على الصلاة إلا مقاتلا صلى وأعاد كل صلاة يصليها وهو مقاتل

ID ' ' (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 294

من له من الخائفين أن يصلى صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى يصلى صلاة الخوف من قاتل أهل الشرك بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ لأن الله عز وجل أمر بها في قتال المشركين فقال في سياق الآية ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم الآية قال الشافعي: وكل جهاد كان مباحا يخاف أهله كان لهم أن يصلوا صلاة شدة الخوف لأن المجاهدين عليه مأجورون أو غير مازورين وذلك جهاد أهل البغي الذين أمر الله عز وجل بجهادهم وجهاد قطاع الطريق ومن أراد من مال رجل أو نفسه أو حريمه فإن النبي ﷺ قال من قتل دون ماله فهو شهيد قال الشافعي: فأما من قاتل وليس له القتال فخاف فليس له أن يصلى صلاة الخوف من شدة الخوف يومىء إيماء وعليه إن فعل أن يعيدها ولا له أن يصلى صلاة الخوف في خوف دون غاية الخوف إلا أن يصليها صلاة لو صلاها غير خائف أجزأت عنه قال الشافعي: وذلك من قاتل ظلما مثل أن يقطع الطريق أو يقاتل على عصبية أو يمنع من حق قبله أو أي وجه من وجوه الظلم قاتل عليه

ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 295

في أي خوف تجوز فيه صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا خافت الجماعة القليلة السبع أو السباع فصلوا صلاة الخوف كما صلى رسول الله ﷺ بذات الرقاع أجزأهم ذلك إن شاء الله تعالى وأحب إلى أن تصلى منهم طائفة بإمام ثم أخرى بإمام آخر وإذا خافوا الحريق على متاعهم أو منازلهم فأحب إلى أن يصلوا جماعة ثم جماعة أو فرادى ويكون من لم يكن معهم في صلاة في إطفاء النار قال الشافعي: وإن كانوا سفرا فغشيهم حريتي فتنحوا عن سنن الريح لم يكن لهم أن يصلوا إلا كما يصلون في كل يوم وكذلك إن كانوا حضورا فغشى الحريق لهم أهلا أو مالا أو متاعا قال الشافعي: وإن غشيهم غرق تنحوا عن سننه وكذلك إن غشيهم هدم تنحوا عن مسقطه لم يكن لهم إلا ذلك قال الشافعي: فإن صلوا في شيء من هذا صلاة خوف تجزيء عن خائف أجزأت الصلاة عنهم

في طلب العدو

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا طلب العدو المسلمين وقد تحرفوا لقتال أو تحيزوا إلى فئة فقاربوهم كان لهم أن يصلوا صلاة الخوف ركبانا ورجالا يومئون إيماء حيث توجهوا على قبلة كانوا أو على غير قبلة وكذلك لو كانوا على قبلة ثم رأوا طريقا خيرا لهم من جهة القبلة سلكوا قال الشافعي: وإن رجع عنهم الطلب أو شغلوا أو أدركوا من يمتنعون به من الطلب وقد افتتحوا الصلاة ركبانا لم يجزهم إلا أن ينزلوا فيبنوا على صلاتهم مستقبلي القبلة كما وصفت في صلاة الخوف التي ليست بشدة الخوف وإن كانوا يمتنعون ممن رأوا ولا يأمنون طلبا أن يمتنعوا منه كان لهم أن يتموا على أن يصلوا ركبانا قال الشافعي: وهكذا لوتفرقوا هم والعدو فاتبدءوا الصلاة بالأرض ثم جاءهم طلب كان لهم أن يركبوا ويتموا الصلاة ركبانا يومئون إيماء وكذلك لهم إن قعدوا رجالة قال الشافعي: وهكذا أي عدو طلبهم من أهل البغي وغيرهم إذا كانوا مظلومين قال الشافعي: وهكذا إن طلبهم سبع أو سباع قال الشافعي: وهكذا لو غشيهم سيل لا يجدون نجوة كان لهم أن يصلوا يومئون عدوا على أرجلهم وركابهم فإن أمكنتهم نجوة لهم ولركابهم ساروا إليها وبنوا على ما مضى من صلاتهم

صفحة : 296

قبل تمكنهم وإن أمكنتهم نجوة لأبدانهم ولا تمكنهم لركابهم كان لهم أن يمضوا ويصلوا صلاة الخوف على وجوههم قال الشافعي: وإن أمكنهم نجوة يلتقى من ورائها واديان فيقطعان الطريق كانت هذه كلا نجوة وكان لهم أن يصلوا صلاة الخوف يومئون عدوا وإنما لا يكون ذلك لهم إذا كان لهم طريق يتنكب قال الشافعي: وإن غشيهم حريق كان هذا لهم ما لم يجدوا نجوة من جبل يلوذون به يأمنون به الحريق أو تحول ريح ترد الحريق أو يجدون ملاذا عن سنن الحريق فإذا وجدوا ذلك بنوا على صلاتهم مستقبلي القبلة بالأرض لا يجزيهم غير ذلك فإن لم يفعلوا أعادوا الصلاة قال الشافعي: وإن طلبه رجل صائل فهو مثل العدو والسبع وكذلك الفيل له أن يصلى في هذا كله يوميء إيماء حتى يأمنه قال الشافعي: وكذلك إن طلبته حية أو عدو ما كان مما ينال منه قتلا أو عقرا فله أن يصلى صلاة شدة الخوف يوميء أين توجه قال الشافعي: فإذا تفرق العدو ورجع بعض المسلمين إلى موضع فرأوا سوادا من سحاب أو غيره إبل أو جماعة ناس ليس بعدو أو غبار وقرب منه حتى لو كان عدوا ناله سلاحه فظن أن كل ما رأى من هذا عدوا فصلى صلاة شدة الخوف يومئون إيماء ثم بان لهم أن لم يكن شيء منه عدوا أعادوا تلك الصلاة قال الشافعي: ولو صلى تلك الصلاة ثم لم يبين له شيء من عدو ولم يدر أعدو هو أم لا أعاد تلك الصلاة إنما يكون له أن يصليها على رؤية يعلم بعد الصلاة وقبلها أنها حق أو خبر وإن لم تكن رؤية يعلم أنه حق لأن الخبر عيان كعلمه أنه حق فأما إذا شك فيعيد الصلاة لأنه على غير قال الشافعي: ولو جاء خبر عن عدو فصلي تلك الصلاة ثم ثبت عنده أن العدو قد كان يطلبه ولم يقرب منه القرب الذي يخاف رهقه منه كان عليه أن يعيد وكذلك أن يطلبه وبينه وبين النجاة منه والمصير إلى جماعة يمتنع منه بها أو مدينة يمتنع فيها الشيء القريب الذي يحيط العلم أن العدو لا يناله على سرعة العدو وإبطاء المغلوب حتى يصير إلى النجاة وموضع الامتناع أو يكون خرجت إليه جماعة تلقاه معينة له على عدوه فقرب ما بينه وبينها حتى يحيط العلم أن الطلب لا يدركه حتى يصير إلى تلك الجماعة الممتنعة أو تصير إليه فمن صلى في هذه الحال مومئا أعاده كله

صفحة : 297

قال الشافعي: وكذلك إن طلبه العدو وبينه وبين العدو أميال لم يكن له أن يصلى مومئا وكان عليه أن يصلى بالأرض ثم يركب فينجو وسواء كان العدو ينزل لصلاة أو لا ينزل لها قال الشافعي: وإن كان المسلمون هم الطالبين لم يكن لهم أن يصلوا ركبانا ولا مشاة يومئون إيماء إلا في حال واحدة أن يقل الطالبون عن المطلوبين وينقطع الطالوبن عن أصحابهم فيخافون عودة المطلوبين عليهم فإذا كان هذا هكذا كان لهم أن يصلوا يومئون إيماء ولم يكن لهم الإمعان في الطلب فكان عليهم العودة إلى أصحابهم وموضع منعتهم ولم يكن لهم أن ينتقلوا بالطلب حتى يضطروا إلى أن يصلوا المكتوبة إيماء قال الشافعي: ومثله أن يكثروا ويمعنوا حتى يتوسطوا بلاد العدو فيقلوا في كثرة العدو فيكون عليهم أن يرجعوا ولهم أن يصلوا في هذه الحال مومئين إذا خافوا عودة العدو إن نزلوا ولا يكون لهم أن يمعنوا في بلاد العدو ولا طلبه إذا كانوا يضطرون إلى أن يومئوا إيماء ولهم ذلك ما كانوا عند أنفسهم لا يضطرون إليه قال الشافعي: وإذا صلوا يومئون إيماء فعاد عليهم العدو من جهة توجهوا إليهم وهم في صلاتهم لا يقطعونها وداروا معهم أين داروا قال الشافعي: ولا يقطع صلاتهم توجههم إلى غير القبلة ولا أن يترس أحدهم عن نفسه أو يضرب الضربة الخفيفة أو رهقه عدو أو التقدم الخفيف عليه برمح أو غيره فإن أعاد الضرب وأطال التقدم قطع صلاته وكان عليه إذا أمكنه أن يصلى غير مقاتل ومتى لم يمكنه ذلك صلى وهو يقاتل وأعاد الصلاة إذا أمكنه ذلك ولا يدع الصلاة في حال يمكنه أن يصلى فيها قال الشافعي: وإن كان المسلمون مطلوبين متحيزين إلى فئة أو متحرفين لقتال صلوا يومئون ولم يعيدوا إذا قدروا على الصلاة بالأرض وإن كانوا مولين المشركين أدبارهم غير متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة فصلوا يومئون أعادوا لأنه حينئذ عاصون والرخصة عندنا لا تكون إلا لمطيع فأما العاصي فلا قال الشافعي: رحمه الله تعالى والخوف في الحضر والسفر سواء فيما يجوز من الصلاة وفيه إلا أنه ليس للحاضر أن يقصر الصلاة وصلاة الخوف في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة كهو في الحضر ولا تقصر بالخوف الصلاة دون غاية تقصر إلى مثلها الصلاة في سفر ليس صاحبه بخائف قال وقد قيل إن النبي ﷺ قصر بذي قرد ولو ثبت هذا عندي لزعمت أن

صفحة : 298

الرجل إذا جمع الخوف وضربا في الأرض قريبا أو بعيدا قصر فإذا لم يثبت فلا يقصر الخائف إلا أن يسافر الذي إن سافره غير خائف قصر الصلاة قال الشافعي: وإذا أغار المسلمون في بلاد المشركين لم يقصروا إلا أن ينووا من موضعهم الذي أغاروا منه الإغارة على موضع تقصر إليه الصلاة فإذا كانت نيته أن يغير إلى موضع تقصر فيه الصلاة فإذا وجد مغارا دونه أغار عليه ورجع لم يقصر حتى يفرد النية لسفر تقصر فيه الصلاة قال الشافعي: وهكذا هو إذا غشيناقال الشافعي: وإذا فعل ما وصفت فبلغ في مغاره ما تقصر فيه الصلاة كان له قصر الصلاة راجعا إن كانت نيته العودة إلى عسكره أو بلده وإن كان نيته مغارا حيث وجده فيما بينه وبين الموضع الذي يرجع إليه لم يقصر وكان كهو بادئا لا يقصر لأن نيته ليست قصد وجه واحد تقصر إليه الصلاة قال الشافعي: ولو بلغ في مغاره موضعا تقصر فيه الصلاة من عسكره الذي يرجع إليه ثم عزم على الرجوع إلى عسكره كان له أن يقصر فإن سافر قليلا وقصر أو لم يقصر ثم حدثت له نية في أن يقصد مغار حيث وجده كان عليه أن يتم ولا يكون القصر أبدا إلا بأن يثبت سفره ينوي بلدا تقصر إلى مثله الصلاة قال الشافعي: وإذا غزا الإمام العدو فكان سفره مما تقصر فيه الصلاة أقام لقتال أو عسكر أو رد السرايا أو لحاجة أو عرجة في صحراء أو إلى مدينة أو في مدينة من بلاد العدو أو بلاد الإسلام وكل ذلك سواء فإن أجمع مقام أربع أتم وإن لم يجمع مقام أربع لم يتم فإن ألجأت به حرب أو مقام لغير ذلك فاستيقن مقام أربع أتم وإن لم يستيقن قصر ما بينه وبين ثماني عشرة ليلة فإن جاوز ذلك أتم فإذا شخص من موضعه قصر ثم هكذا كلما أقام وسافر لا يختلف قال الشافعي: وإذا غزا أحد من موضع لا تقصر فيه الصلاة أتم الصلاة وإن كان الإمام مقيما فصلى صلاة الخوف بمسافرين ومقيمين أتموا معا وكذلك يتم من المسافرين من دخل معه قبل أن يسلم من الصلاة فإذا صلى صلاة خوف فصلى الركعة الأولى وهو مسافر بمسافرين ومقيمين ثبت قائما يقرأ حتى يقضى المسافرون ركعة والمقيمون ثلاثا ثم ينصرفون وتأتى الطائفة الأخرى ويصلى لهم الركعة التي بقيت ويثبت جالسا حتى يقضى المسافرون ركعة والمقيمون ثلاثا ولو سلم ولم ينتظر الآخرين أجزأته صلاته وأجزأتهم صلاتهم إذا قصر وأكره ذلك له وصلاة الخوف

ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 299

ما جاء في الجمعة والعيدين في الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يدع الإمام الجمعة ولا العيد ولا صلاة الخسوف إذا أمكنه أن يصليها ويحرس فيها ويصليها كما يصلى المكتوبات في الخوف وإذا كان شدة الخوف صلاها كما يصلى المكتوبات في شدة الخوف يوميء إيماء ولا تكون الجمعة إلا بأن يخطب قبلها فإن لم يفعل صلاها ظهرا أربعا وإذا صلى العيدين أو الخسوف خطب بعدهما فإن أعجل فترك الخطبة لم تكن عليه إعادة وإن شغل بالحرب أحببت أن يوكل من يصلى فإن لم يفعل حتى تزول الشمس في العيدين لم يقض وإن لم يفعل حتى تنجلى الشمس والقمر في الكسوف لم يقض وإن لم يفعل حتى يدخل وقت العصر في الجمعة لم يقض وصلى الظهر أربعا قال الشافعي: وهذا إذا كان خائفا بمصر تجمع فيه الصلاة مقيما كان أو مسافرا غير أنه إذا كان مسافرا فلم يصل الجمعة صلى الظهر ركعتين وأتم أهل المصر لأنفسهم قال الشافعي: وإذا أجدب وهو محارب فلا بأس أن يدع الاستسقاء وإن كان في عدد كثير ممتنع فلا بأس أن يستسقى ويصلى في الاستسقاء صلاة الخوف في المكتوبات وإن كانت شدة الخوف لم يصل في الاستسقاء لأنه يصلح له تأخيره ويصلى في العيدين والخسوف لأنه لا يصلح له تأخيرهما وإذا كان الخوف خارجا من المصر في صحراء تقصر فيها الصلاة أو لا تقصر فلا يصلون الجمعة ويصلونها ظهرا وكذلك لا أحضهم على صلاة العيدين وإن فعلوا لم أكرهه لهم ولهم أن يستسقوا ولا أرخص لهم في ترك صلاة الكسوف وإنما أمرتهم بصلاة الكسوف لأنه يصليها السفر ولم أكره لهم صلاة العيدين لأنه يجوز أن يصليها المنفرد وكذلك أيضا صلاة الاستسقاء فأما الجمعة فلا تجوز لأنها إحالة مكتوبة إلى مكتوبة إلا في مصر وجماعة

ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

صفحة : 300

تقديم الإمام في صلاة الخوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا أحدث الإمام في صلاة الخوف فهو كحدثه في غير صلاة الخوف وأحب إلى أن لا يستخلف أحدا فإن كان أحدث في الركعة الأولى أو بعدما صلاها وهو واقف في الآخر فقرأ ولم تدخل معه الطائفة الثانية قضت الطائفة الأولى ما عليهم من الصلاة وأم الطائفة الأخرى إمام منهم أو صلوا فرادى ولو قدم رجلا فصلى بهم أجزأ عنهم إن شاء الله تعالى قال الشافعي: وإذا أحدث الإمام وقد صلى ركعة وهو قائم يقرأ ينتظر فراغ التي خلفه وقف الذي قدم كما يقف الإمام وقرأ في وقوفه فإذا فرغت الطائفة التي خلفه ودخلت الطائفة التي وراءه قرأ بأم القرآن وقدر سورة ثم ركع بهم وكان في صلاتهم لهم كالإمام الأول لا يخالفه في شيء إذا أدرك الركعة الأولى مع الإمام وانتظرهم حتى يتشهدوا ثم يسلم بهم قال الشافعي: وإن كان الإمام الذي قدمه المحدث مقيما والذي قدم آخرا مسافرا فسواء وعليه صلاة مقيم إذا دخل مع الإمام في الصلاة قبل أن يحدث وإن كان الإمام الذي قدمه مسافرا والرجل الذي قدمه مقيما وقد صلى المحدث ركعة فعلى المقدم أن يتقدم فيصلى ركعة ثم يثبت جالسا ويصلى من خلفه من المسافرين والمقيمين ركعتين ركعتين يتشهدونه ويسلمون لأنهم قد صاروا إلى صلاة مقيم فعليهم التمام ثم تأتى الطائفة الأخرى فيصلى بهم الركعتين اللتين بقيتا من صلاته ويقومون فيقضون لأنفسهم ركعتين ثم يسلم بهم ولا يجزيهم غير ذلك لأن كلا دخل مع إمام مقيم في صلاته قال الشافعي: وإن كان الذي قدم الإمام لم يدخل في صلاة الإمام حتى أحدث الإمام فقدمه الإمام فإن كان الإمام المحدث لم يركع من الصلاة ركعة وقد كبر المقدم معه قبل أن يحدث فله أن يتقدم وعليه إذا تقدم أن يقرأ بأم القرآن وأن يزيد معها شيئا أحب إلي ثم يصلى بالقوم فإن كان مقيما صلى أربعا وإن كان مسافرا صلى ركعتين لأنه مبتديء الصلاة بهم فسواء كان الإمام الذي قدمه مقيما فعلى من أدرك معه الصلاة قبل أن يحدث من المسافرين أن يصلوا أربعا وليس ذلك على من لم يدرك معه الصلاة قبل أن يحدث من السافرين فأما المقيمون فيصلون أربعا بكل حال قال الشافعي: وإن كان الإمام المحدث صلى ركعة من صلاته ثم قدم رجلا لم يدرك معه من

صفحة : 301

الصلاة شيئا فليس له أن يتقدم فإن تقدم فعليه استئناف الصلاة وإن استأنفها فتبعه من خلف الإمام ممن أدرك صلاة الإمام قبل أن يخرج منها صلى معه الركعة أو لم يصلها فعليهم معا الإعادة لأن من أدرك معه الركعة يزيد في صلاته عامدين غير ساهين ولا ساه إمامه ومن صلى معه ممن لم يدرك الصلاة مع الإمام المحدث فصلاته عنه مجزئة قال الشافعي: وإن بنى هو على صلاة الإمام فصلاته فاسدة لأنه لا داخل مع الإمام في صلاته فيتبعها ولا مبتديء لنفسه فيعمل عمل المبتديء وكذلك صلاة من خلفه كلهم فاسدة لأنه رجل عمد أن يقلب صلاته قال الشافعي: وإن كان كبر مع الإمام قبل أن يحدث الإمام وقد صلى الإمام ركعة بنى على صلاة الإمام كأنه الإمام لا يخالفه إلا فيما سأذكره إن شاء الله تعالى حتى يتشهد في آخر صلاة الإمام وذلك أن يكون الإمام أكمل ركعة وثبت قائما ثم قدمه فيثبت قائما حتى تقضى الطائفة الأولى وتسلم وتأتى الطائفة الأخرى فيصلى بهم الركعة التي بقيت على الإمام ويجلس ويتشهد حتى تقضى الطائفة الأخرى فإذا قضوا التشهد قدم رجلا منهم فسلم بهم ثم قام هو وبنى لنفسه حتى تكمل صلاته قال الشافعي: ولو لم يزد على أن يصلى ركعة ثم يجلس للتشهد فيسلم ولا ينتظر الطائفة حتى تقضي فيسلم بها كرهت ذلك له ولا تفسد صلاته ولا صلاتهم قال الشافعي: ولو أن إماما ابتدأ صلاة الخوف ثم أحدث فقدم رجلا ممن خلفه فلم يقض من الصلاة شيئا حتى حدث لهم أمن إما لجماعة كثرت وقل العدو وإما بتلف العدو أو غير ذلك من وجوه الأمن صلى الإمام المقدم صلاة أمن بمن خلفه وجاءت الطائفة فصلت معهم لأن الخوف قد ذهب فإن لم تفعل حتى صلى بها إمام غيره أو صلت فرادى وكانوا كقوم لم يصلوا مع الجماعة الأولى لعذر قال الشافعي: ولو كان خوف يوم الجمعة وكان محروسا إذا خطب بطائفة وحضرت معه طائفة الخطبة ثم صلى بالطائفة التي حضرت الخطبة ركعة وثبت قائما فأتموا لأنفسهم بقراءة يجهرون فيها ثم وقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي لم تصل فصلت معه الركعة التي بقيت عليه من الجمعة وثبت جالسا فأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم ولو انصرفت الطائفة التي حضرت الخطبة حين فرغ من خطبته فحرسوا الإمام وجاءت الطائفة التي لم تحضر فصل بهم لم يجزه أن يصليها بهم إلا

صفحة : 302

ظهرا أربعا لأنه قد ذهب عنه من حضر الخطبة فصار كإمام خطب وحده ثم جاءته جماعة قبل أن يصلى فصلى بهم قال الشافعي: ولو كان بقى معه أربعون رجلا ممن حضر الخطببة فصلى بهم وبالطائفة التي تحرسه ركعة وثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم جاءت الطائفة التي كانت حاضرة خطبته ثم لم تدخل في صلاته حتى حرست العدو فصلى بهم ركعة أجزأتهم صلاته لأنه قد صلى بأربعين رجلا حضروا الخطبة وزادت جماعة لم يحضروا الخطبة قال الشافعي: ولو شغلوا بالعدو فلم يحضروا الخطبة ويدخل معه في الصلاة أربعون رجلا لم يكن له أن يصلى صلاة الجمعة وكان عليه أن يصلى ظهرا أربعا صلاة الخوف الأولى إن أمكنه أو صلاته عند شدة الخوف إن لم يمكنه قال الشافعي: ولو لم يمكنه صلاة الجمعة فصلى ظهرا أربعا ثم حدثت للعدو حال أمكنه فيها أن يصلى الجمعة لم يجب عليه ولا على من صلى خلفه إعادة الجمعة ووجب على من لم يصل معه إن كانوا أربعين أن يقدموا رجلا فيصلى بهم الجمعة فإن لم يفعلوا وصلوا ظهرا كرهت لهم ذلك وأجزأت عنهم قال الشافعي: ولو أعاد هو ومن معه صلاة الجمعة مع إمام غيره لم أكره ذلك وإن أعادها هو إماما ومن معه مأمومين لم أكره ذلك للمأمومين وكرهته للامام ولا إعادة على من صلاها خلفه ممن صلاها أو لم يصلها إذا صلى في وقت الجمعة

ID ' ' وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

صفحة : 303

كتاب صلاة العيدين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال الله تبارك وتعالى في سياق شهر رمضان ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم وقال رسول الله ﷺ لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه يعني الهلال فإن غم عليكم فأكملوا العدة لاثين قال الشافعي: وإذا صام الناس شهر رمضان برؤية أو شاهدين عدلين على رؤية ثم صاموا ثلاثين يوما ثم غم عليهم الهلال أفطروا ولم يريدوا شهودا قال وإن صاموا تسعا وعشرين يوما ثم غم عليهم لم يكن لهم أن يفطروا حتى يكملوا ثلاثين أو يشهد شاهدان عدلان برؤيته ليلة ثلاثين قال الشافعي: يقبل فيه شاهدان عدلان في جماعة الناس ومنفردين ولا يقبل على الفطر أقل من شاهدين عدلين ولا في مقطع حق لأن الله تعالى أمر بشاهدين وشرط العدل في الشهود أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن إسحق بن عبد الله عن عمر بن عبد العزيز أنه كان لا يجيز في الفطر إلا شاهدين قال الشافعي: فإن شهد شاهدان في يوم ثلاثين أن الهلال كان بالأمس أفطر الناس أي ساعة عدل الشاهدان فإن عدلا قبل الزوال صلى الإمام بالناس صلاة العيدين وإن لم يعدلا حتى تزول الشمس لم يكن عليهم أن يصلوا يومهم بعد الزوال ولا الغد لأنه عمل في وقت فإذا جاوزث ذلك الوقت لم يعمل في غيره فإن قال قائل ولم لا يكون النهار وقتا له قيل له إن شاء الله تعالى إن رسول الله ﷺ سن صلاة العيد بعد طلوع الشمس وسن مواقيت الصلوات وكان فيما سن دلالة على أنه إذا جاء وقت صلاة مضى وقت التي قبلها فلم يجز أن يكون آخر وقتها إلا إلى وقت الظهر لأنها صلاة تجمع فيها ولو ثبت أن رسول الله ﷺ خرج بالناس من الغد إلى عيدهم قلنا به وقلنا أيضا فإن لم يخرج بهم من الغد خرج بهم من بعد الغد وقلنا يصلى في يومه بعد الزوال إذا جاز أن يزول فيه ثم يصلى جاز في هذه الأحوال كلها ولكنه لا يثبت عندنا والله تعالى أعلم ولو شهد شاهدان أو أكثر فلم يعرفوا بعدل أو جرحوا فلهم أن يفطروا وأحب لهم أن يصلوا صلاة العيد لأنفسهم جماعة وفرادي مستترين ونهيتهم أن يصلوها ظاهرين وإنما أمرتهم أن يصلوا مستترين ونهيتهم أن يصلوها ظاهرين لئلا ينكر عليهم ويطمع أهل الفرقة في فراق عوام المسلمين قال وهكذا لو شهد واحد فلم يعدل لم يسعه إلا الفطر ويخفى فطره لئلا يسيء أحد الظن به ويصلى العيد لنفسه ثم يشهد بعد إن شاء العيد مع

صفحة : 304

الجماعة فيكون نافلة خيرا له ولا يقبل فيه شهادة النساء العدول ولا شهادة أقل من شاهدين عدلين وسواء كانا قرويين أو بدويين قال وإن غم عليهم فجاءهم شاهدان بأن بأن هلال شهر رمضان رئى عشية الجمعة نهارا بعد الزوال أو قبله فهو هلال ليلة السبت لأن الهلال يرى نهارا وهو حلال الليلة المستقبلة لا الليلة الماضية ولا يقبل فيه إلا رؤيته ليلة كذا فأما رؤيته بنهار فلا يدل على أنه رئيى بالأمس وإن غم عليهم فأكملوا العدة ثلاثين ثم ثبت عندهم بعد ما مضى النهار في أول الليل أو آخره أنهم صاموا يوم الفطر إما بأن يكون قد رأوا هلال شهر رمضان رئى قبل رؤيتهم وإما أن يكون قد رأوا هلال شوال ليلة ثلاثين أفطروا من يومهم وخرجوا العيد من غدهم وهم مخالفون للذين علموا الفطر قبل يكملوا الصوم لأن هؤلاء لم يعلموه إلا بعد إكمالهم الصوم فلم يكونوا مفطرين بشهادة أولئك علموه وهم في الصوم فأفطروا بشهادة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عطاء بن إبراهيم مولى صفية بنت عبد المطلب عن عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي ﷺ قال الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون قال الشافعي: فبهذا نأخذ وإنما كلف العباد الظاهر ولم يظهر على ما وصفت أن الفطر إلا يوم أفطرنا قال ولو كان الشهود شهدوا لنا على ما يدل أن الفطر يوم الخميس فلم يعدلوا أكملنا صومه فعدلوا ليلة الجمعة أو يوم الجمعة لم نخرج للعيد لأنا قد علمنا أن الفطر كان يوم الخميس قبل يكمل صومه وإنما وقفناه على تعديل البينة فلما عدلت كان الفطر يوم الخميس بشهادتهم قال ولو لم يعدلوا حتى تحل صلاة العيد صليناها وإن عدلوا بعد ذلك لم يضرنا قال وإذا عدلوا فإن كنا نقصنا من صوم شهر رمضان يوم بأنه خفى علينا أو صمنا يوم الفطر قضينا يوما قال الشافعي: والعيد يوم الفطر نفسه والعيد الثاني يوم الأضحى نفسه وذلك يوم عاشر من ذي الحجة وهو اليوم الذي يلى يوم عرفة قال والشهادة في هلال ذي الحجة ليستدل على يوم عرفة ويوم العيد وأيام منى كهي في الفطر لا تختلف في شيء يجوز فيها ما يجوز فيها ويرد فيها ما يرد فيها ويجوز الحج إذا وقف بعرفة على الرؤية وإن علموا بعد الوقوف بعرفة أن يوم عرفة يوم النحر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج قال قلت لعطاء رجل حج فأخطأ الناس يوم عرفة أيجزى عنه قال نعم إي لعمري إنها لتجزى عنه قال الشافعي: وأحسبه قال قال النبي ﷺ فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم

صفحة : 305

تضحون أراه قال وعرفة يوم تعرفون

العبادة ليلة العيدين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء قال من قام ليلة العيد محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب قال الشافعي: وبلغنا أنه كان يقال إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في ليلة الجمعة وليلة الأضحى وليلة الفطر وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرن على مسجد النبي ﷺ ليلة العيد فيدعون ويذكرون الله حتى تمضي ساعة من الليل وبلغنا أن ابن عمر كان يحيى ليلة جمع وليلة جمع هي ليلة العيد لأن صبيحتها النحر قال الشافعي: وأنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا

التكبير ليلة الفطر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى في شهر رمضان ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم قال فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن أن يقول لتكملوا العدة عدة صوم شهر رمضان وتكبرو ا والله عند إكماله على ما هداكم وإكمال مغيب الشمس منآخر يوم قال الشافعي: فإذا رأوا هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد والأسواق والطرق والمنازل ومسافرين ومقيمين في كل حال وأين كانوا وأن يظهروا التكبير لا يزالون يكبرون حتى يغدوا إلى المصلى وبعد الغدو حتى يخرج الإمام للصلاة ثم دعوا التكبير وكذلك أحب في ليلة الأضحى لمن لم يحج فأما الحاج فذكره التلبية أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن محمد ابن زائدة أنه سمع ابن المسيب وعروة بن الزبير وأبا سلمة وأبا بكر بن عبد الرحمن يكبرون ليلة الفطر في المسجد يجهرون بالتكبير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن محمد بن زائدة عن عروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما كانا يجهران بالتكبير حين يغدوان إلى المصلى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني يزيد بن الهاد أنه سمع نافع بن جبير يجهر بالتكبير حين يغدو إلى المصلى يوم العيد

صفحة : 306

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا غدا إلى المصلى يوم العيد كبر فيرفع صوته بالتكبير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس فيكبر حتى يأتى المصلى يوم العيد ثم

الغسل للعيدين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا رضى الله عنه كان يغتسل يوم العيد ويوم الجمعة ويوم عرفة وإذا أراد أن يحرم قال الشافعي: وأستحب هذا كله وليس من هذا شيء أوكد من غسل الجمعة وإن توضأ رجوت أن يجزئه ذلك إن شاء الله تعالى إذا صلى على طهارة قال وليس لأحد أن يتيمم في المصر لعيد ولا جنازة وإن خاف فوتهما ولا له أن يكون فيهما إلا طاهرا كطهارته للصلاة المكتوبة لأن كلا صلاة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني يزيد بن أبي عبيد مولى سملة عن سلمة بن الأكوع أنه كان يغتسل يوم العيد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرنا صالح بن محمد بن زائدة عن عروة بن الزبير قال السنة أن يغتسل يوم العيدين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الزهري عن ابن المسيب أنه قال الغسل في العيدين سنة قال الشافعي: كان مذهب سعيد وعروة في أن الغسل في العيدين سنة أنه أحسن وأعرف وأنظف وأن قد فعله قوم صالحون لا أنه حتم بأنه سنة رسول الله ﷺ أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني المطلب بن السائب عن ابن أبي وداعة عن سعيد ابن المسيب أنه كان يغتسل يوم العيدين إذا غدا إلى المصلى

ID ' ' (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 307

وقت الغدو إلى العيدين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني أبو الحويرث أن النبي ﷺ كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران أن عجل الغدو إلى الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني الثقة أن الحسن قال كان النبي ﷺ يغدو إلى العيدين الأضحى والفطر حين تطلع الشمس فيتتام طلوعها قال الشافعي: يغدو إلى الأضحى قدر ما يوافى المصلى حين تبرز الشمس وهذا أعجل ما يقدر عليه ويؤخر الغدو إلى الفطر عن ذلك قليلا غير كثير قال والإمام في ذلك في غير حال الناس أما الناس فأحب أن يتقدموا حين ينصرفون من الصبح ليأخذوا مجالسهم ولينتظروا الصلاة فيكونوا في أجرها إن شاء الله تعالى ما داموا ينتظرونها وأما الإمام فإنه إذا غدا لم يجعل وجهه إلا إلى المصلى فيصلى وقد غدا قوم حين صلوا الصبح وآخرون بعد ذلك وكل ذلك حسن قال الشافعي: وإن غدا الإمام حين يصلى الصبح وصلى بعد طلوع الشمس لم يعد ولو صلى قبل الشمس أعاد لأنه صلى قبل وقت العيد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن أبي بكر عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى ابنه وهو عامل على المدينة إذا طلعت الشمس يوم العيد فاغد إلى المصلى وكل هذا واسع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد قال أخبرني ابن نسطاس أنه رأى ابن المسيب في يوم الأضحى وعليه برنس أرجوان وعمامة سوداء غاديا في المسجد إلى المصلى يوم العيد حين صلى الصبح بعد ما طلعت الشمس أخبرنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني ابن حرملة أنه رأى سعيد بن المسيب يغدو إلى المصلى يوم العيد حين يصلى الصبح قال الشافعي: وكل هذا واسع إذا وافى الصلاة وأحبه إلى أن يتمهل ليأخذ مجلسا

ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

صفحة : 308

الأكل قبل العيد في يوم الفطر

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب قال كان المسلمون يأكلون في يوم الفطر قبل الصلاة ولا يفعلون ذلك يوم النحر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك ابن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل قبل الغدو في يوم الفطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن ابن المسيب قال كان الناس يؤمرون بالأكل قبل الغدو يوم الفطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأمر بالأكل قبل الخروج إلى المصلى يوم الفطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن صفوان بن سليم أن النبي صلى الله قال الشافعي: ونحن نأمر من أتى المصلى أن يطعم ويشرب قبل أن يغدو إلى المصلى وإن لم يفعل أمرناه بذلك في طريقه أو المصلى إن أمكنه وإن لم يفعل ذلك فلا شيء عليه ويكره له أن لا يفعل ولا نأمره بهذا يوم الأضحى وإن طعم يوم الأضحى فلا بأس عليه

ID ' ' العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

صفحة : 309

الزينة للعيد

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن جده أن النبي ﷺ كان يلبس برد حبرة في كل عيد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن جعفر قال كان الني ﷺ يعتم في كل عيد أخبرنا الربيع قال قل الشافعي وأحب أن يلبس الرجل أحسن ما يجد في الأعياد الجمعة والعيدين ومحافل الناس ويتنظف ويتطيب إلا أني أحب أن يكون في الاستسقاء خاصة نظيفا متبذلا وأحب العمامة في البرد والحر للامام وأحب للناس ما أحببت للامام من النظافة والتطيب ولبس أحسن ما يقدرون عليه إلا أن استحبابي للعمائم لهم ليس كاستحبابها للامام ومن شهد منهم هذه الصلوات طاهرا تجوز له الصلاة ولابسا مما يجوز به الصلاة من رجل وامرأة أجزأه قال وأحب إذا حضر النساء الأعياد والصلوات يحضرنها نظيفات بالماء غير متطيبات ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة وأن يلبسن ثبابا قصدة من البياض وغيره وأكره لهن الصبغ كلها فإنها شبه الزينة والشهرة أو هما قال الشافعي: ويلبس الصبيان أحسن ما يقدرون عليه ذكورا أو إناثا ويلبسون الحلي والصبغ وإن حضرتها امرأة حائض لم تصل ودعت ولم أكره لها ذلك وأكره لها أن تحضرها غير حائض إلا طاهرة للصلاة لأنها لا تقدر على الطهارة وأكره حضورها إلا طاهرة إذا كان الماء يطهرها

ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 309

الزينة للعيد

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن جده أن النبي ﷺ كان يلبس برد حبرة في كل عيد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن جعفر قال كان الني ﷺ يعتم في كل عيد أخبرنا الربيع قال قل الشافعي وأحب أن يلبس الرجل أحسن ما يجد في الأعياد الجمعة والعيدين ومحافل الناس ويتنظف ويتطيب إلا أني أحب أن يكون في الاستسقاء خاصة نظيفا متبذلا وأحب العمامة في البرد والحر للامام وأحب للناس ما أحببت للامام من النظافة والتطيب ولبس أحسن ما يقدرون عليه إلا أن استحبابي للعمائم لهم ليس كاستحبابها للامام ومن شهد منهم هذه الصلوات طاهرا تجوز له الصلاة ولابسا مما يجوز به الصلاة من رجل وامرأة أجزأه قال وأحب إذا حضر النساء الأعياد والصلوات يحضرنها نظيفات بالماء غير متطيبات ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة وأن يلبسن ثبابا قصدة من البياض وغيره وأكره لهن الصبغ كلها فإنها شبه الزينة والشهرة أو هما قال الشافعي: ويلبس الصبيان أحسن ما يقدرون عليه ذكورا أو إناثا ويلبسون الحلي والصبغ وإن حضرتها امرأة حائض لم تصل ودعت ولم أكره لها ذلك وأكره لها أن تحضرها غير حائض إلا طاهرة للصلاة لأنها لا تقدر على الطهارة وأكره حضورها إلا طاهرة إذا كان الماء يطهرها

ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 310

الركوب إلى العيدين

قال الشافعي: رحمه الله تعالى بلغنا أن الزهري قال ما ركب رسول الله ﷺ في عيد ولا جنازة قط قال الشافعي: وأحب أن لا يركب في عيد ولا جنازة إلا أن يضعف من شهدها من رجل أو امرأة عن المشي فلا بأس أن يركب وإن ركب لغير علة فلا شيء عليه قال الربيع هذا عندنا على الذهاب إلى العيد والجنازة فأما الرجوع منهما فلا بأس

الإتيان من طريق غير التي غدا منها

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وبلغنا أن رسول الله ﷺ كان يغدو من طريق ويرجع من أخرى فأحب ذلك للامام والعامة وإن غدوا ورجعوا من طريق واحدة فلا شيء عليهم إن شاء الله تعالى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن عبد الله بن حنطب أن النبي ﷺ كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم فإذا رجع رجع من الطريق الأخرى على دار عمار بن ياسر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن أبيه عن جده أنه رأى النبي ﷺ رجع من المصلى يوم عيد فسلك على التمارين من أسفل السوق حتى إذا كان عند مسجد الأعرج الذي هو عند موضع البركة التي بالسوق قام فاستقبل فج أسلم فدعا ثم انصرفقال الشافعي: فأحب أن يصنع الإمام مثل هذا وأن يقف في موضع فيدعو الله عز وجل مستقبل القبلة وإن لم يفعل فلا كفارة ولا إعادة عليه

ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

صفحة : 311

الخروج إلى الأعياد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى بلغنا أن رسول الله ﷺ كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة وكذلك من كان بعده وعامة أهل البلدان إلا أهل مكة فإنه لم يبلغنا أن أحدا من السلف صلى بهم عيدا إلا في مسجدهم قال الشافعي: وأحسب ذلك والله تعالى أعلم لأن المسجد الحرام خير بقاع الدنيا فلم يحبوا أن يكون لهم صلاة إلا فيه ما أمكنهم قال وإنما قلت هذا لأنه قد كان وليست لهم هذه السعة في أطراف البيوت بمكة سعة كبيرة ولم أعلمهم صلوا عيد قط ولا استسقاء إلا فيه قال الشافعي: فإن عمر بلد فكان مسجد أهله يسعهم في الأعياد لم أر أنهم يخرجون منه ون خرجوا فلا بأس ولو أنه كان لا يسعهم فصلى بهم إمام فيه كرهت له ذلك ولا إعادة عليهم قال وإذا كان العذر من المطر أو غيره أمرته بأن يصلى في المساجد ولا يخرج إلى صحراء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني جعفر بن محمد عن رجل أن أبان بن عثمان صلى بالناس في مسجد النبي ﷺ يوم الفطر في يوم مطير ثم قال لعبد الله بن عامر حدثهم فأخذ يحكي عن عمر بن الخطاب فقال عبد الله صلى عمر بن الخطاب بالناس في المسجد في يوم مطير في يوم الفطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن محمد بن زائدة أن عمر بن الخطاب صلى بالناس في يوم مطير في المسجد مسجد النبي ﷺ M0للاة قبل العيد وبعده أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن عدى بن ثابت عن سعيد بن جبر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال صلى رسول الله يوم العيدين بالمصلي ولم يصل قبلهما ولا بعدهما شيئا ثم انفتل إلى النساء فخطبهن قائما وأمر بالصدقة قال فجعل النساء يتصدقن بالقرط وأشباهه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن ابن عمر أنه غدا مع النبي ﷺ يوم العيد إلى المصلى ثم رجع إلى بيته لم يصل قبل العيد ولا بعده أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وهكذا أحب للأمام لما جاء في الحديث عن النبي ﷺ ولما

صفحة : 312

أمرنا به أن يغدو من منزله قبل أن تحل صلاة النافلة ونأمره إذا جاء المصلى أن يبدأ بصلاة العيد ونأمره إذا خطب أن ينصرف قال الشافعي: وأما المأموم فمخالف للامام لأنا نأمر المأموم بالنافلة قبل الجمعة وبعدها ونأمر الإمام أن يبدأ بالخطبة ثم بالجمعة لا يتنفل ونحب له أن ينصرف حتى تكون نافلته في بيته وأن المأموم خلاف الإمام قال ولا أرى بأسا أن يتنفل المأموم قبل صلاة العيد وبعدها في بيته وفي المسجد وطريقه والمصلي وحيث أمكنه التنفل إذا حلت صلاة النافلة بأن تبرز الشمس وقد تنفل قوم قبل صلاة العيد وبعدها وآخرون قبلها ولم يتنفلوا بعدها وآخرون بعدها ولم يتنفلوا قبلها وآخرون تركوا التنفل قبلها وبعدها وهذا كما يكون في كل يوم يتنفلون ولا يتنفلون ويتنفلون فيقلون ويكثرون ويتنفلون قبل المكتوبات وبعدها وقبلها ولا يتنفلون بعدها ويدعون التنفل قبلها وبعدها لأن كل هذا مباح وكثرة الصلوات على كل حال أحب إلينا قال وجميع النوافل في البيت أحب إلى منها ظاهرا إلا في يوم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم قال أخبرني سعد بن إسحق عن عبد الملك بن كعب أن كعب بن عجرة لم يكن يصلى قبل العيد ولا بعده قال الشافعي: وروى هذا عن ابن مسعود أو أبي مسعود وحذيفة وجابر وابن أبي أوفى وشريح وابن معقل وروى عن سهل ابن سعد وعن رافع بن خديج أنهما كان يصليان قبل العيد وبعده أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي بن الحنفية عن أبيه قال كنا في عهد النبي ﷺ يوم الفطر والأضحى لا نصلى في المسجد حتى نأتى المصلى فإذا رجعنا مررنا بالمسجد فصلينا فيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الزهري أنه قال لم يؤذن للنبي ﷺ ولا لأبي بكر ولا لعمر ولا لعثمان في العيدين حتى أحدث ذلك معاوية بالشام فأحدثه الحجاج بالمدينة حين أمر عليها وقال الزهري وكان النبي ﷺ يأمر في العيدين المؤذن أن يقول الصلاة جامعة قال الشافعي: ولا أذان إلا للمكتوبة فإنا لم نعلمه أذن لرسول الله ﷺ إلا للمكتوبة وأحب أن يأمر الإمام المؤذن أن يقول في الأعياد وما جمع الناس له من الصلاة الصلاة جامعة أو إن الصلاة وإن قال هلم إلى الصلاة لم نكرهه وإن قال حي على الصلاة فلا بأس وإن

صفحة : 313

كنت أحب أن يتوقى ذلك لأنه من كلام الأذان وأحب أن يتوقى جميع كلام الأذان ولو أذن أو قام للعيد كرهته له ولا إعادة عليه

أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب السختياني قال سمعت عطاء بن أبي رباح يقول سمعت ابن عباس يقول أشهد على رسول الله ﷺ أنه صلى قبل الخطبة يوم العيد ثم خطب فرأى أنه لم يسمع النساء فأتاهن فذكرهن ووعظهن وأمرهن بالصدقة ومعه بلال قائل بثوبه هكذا فجعلت المرأة تلقى الخرص والشيء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبو بكر بن عمر بن عبد العزيز عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر أن البي ﷺ وأبا بكر وعمر كانوا يصلون في العيدين قبل الخطبة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر وعثمان يصلون في العيدين قبل الخطبة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرنا محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أن أبا سعيد قال أرسل إلي مروان وإلى رجل قد سماه فمشى بنا حتى أتى المصلى فذهب ليصعد فجبذته إلى فقال يا أبا سعيد ترك الذي تعلم قال أبو سعيد فهتفت ثلاث مرات فقلت والله لا تأتون إلا شرا منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني داود بن الحصين عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يبتدئون بالصلاة قبل الخطبة حتى قدم معاوية فقدم الخطبة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد أن أبا سعيد الخدري قال كان النبي ﷺ يصلي يوم الفطر والأضحى قبل الخطبة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن وهب بن كيسان قال رأيت ابن الزبير يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم قال كل سنن رسول الله ﷺ قد غيرت حتى الصلاة

صفحة : 314

قال الشافعي: فبهذا نأخذ وفيه دلائل منها أن لا بأس أن يخطب الإمام قائما على الأرض وكذلك روى أبو سعيد عن النبي ﷺ ولا بأن أن يخطب الإمام على راحلته أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني هشام حسان عن ابن سيرين أن النبي ﷺ كان يخطب على راحلته بعد ما ينصرف من الصلاة يوم الفطر والنحر قال الشافعي: ولا بأس أن يخطب على منبر فمعلوم عنه ﷺ أنه خطب على المنبر يوم الجمعة وقبل ذلك كان يخطب على رجليه قائما إلى جذع ومنها أن لا بأس أن يخطب الرجل الرجال وإن رأى أن النساء وجماعة من الرجال لم يسمعوا خطبته لم أر بأسا أن يأتيهم فيخطب خطبة خفيفة يسمعونها وليس بواجب عليه لأنه لم يرو ذلك عن النبي ﷺ إلا مرة وقد خطب خطبا كثيرة وفي ذلك دلالة على أنه فعل وترك والترك أكثر قال ولا يخطب الإمام في الأعياد إلا قائما لأن خطب النبي ﷺ كانت قائما إلا ن تكون علة فتجوز الخطبة جالسا كما تجوز الصلاة جالسا من علة قال ويبدأ في الأعياد بالصلاة قبل الخطبة وإن بدأ بالخطبة قبل الصلاة رأيت أن يعيد الخطبة بعد الصلاة وإن لم يفعل لم يكن عليه إعادة صلاة ولا كفارة كما لو صلى ولم يخطب لم يكن عليه إعادة خطبة ولا صلاة ويخطب خطبتين بينهما جلوس كما يصنع في الجمعة

ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

صفحة : 315

التكبير في صلاة العيدين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني جعفر بن محمد أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر كبروا في العيدين والاستسقاء سبعا وخمسا وصلوا قبل الخطبة وجهروا بالقراءة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كبر في العيدين والاستسقاء سبعا وخمسا وجهر بالقراءة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني إسحق بن عبد الله عن عثمان أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر قال شهدت الفطر والأضحى مع أبي هريرة فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة قال الشافعي: وإذا ابتدأ الإمام صلاة العيدين كبر للدخول في الصلاة ثم افتتح كما يفتتح في المكتوبة فقال وجهت وجهي وما بعدها ثم كبر سبعا ليس فيها تكبيرة الافتتاح ثم قرأ وركع وسجد فإذا قام في الثانية قام بتكبيرة القيام ثم كبر خمسا سوى تكبيرة القيام ثم قرأ وركع وسجد كما وصفت روى عن ابن عباس قال الشافعي: والأحاديث كلها تدل عليه لأنهم يشبهون أن يكونوا إنما حكوا من تكبيرة ما أدخل في صلاة العيدين من التكبير مما ليس في الصلاة غيره وكما لم يدخلوا التكبيرة التي قام بها في الركعة الثانية مع الخمس كذلك يشبه أن يكونوا لم يدخلوا تكبيرة الافتتاح في الأولى مع السبع بل هو أولى أن لا يدخل مع السبع لأنه لم يدخل في الصلاة إلا بها ثم يقول وجهت وجهي ولو ترك التكبير التي قوم بها لم تفسد صلاته قال الشافعي: وإذا افتتح الصلاة ثم بدأ بالتكبيرة الأولي من السبعة بعد افتتاح الصلاة فكبرها ثم وقف بين الأولى والثانية قدر قراءة آية لا طويلة ولا قصيرة فيهلل الله عز وجل ويكبره ويحمده ثم صنع هذا بين كل تكبيرتين من السبع والخمس ثم يقرأ بعد بأم القرآن وسورة وإن أتبع بعض التكبير بعضا ولم يفصل بينه بذكر كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا سجود للسهو عليه قال فإن نسى التكبير أو بعضه حتى يفتتح القراءة فقطع القراءة وكبر ثم عاد إلى القراءة لم تفسد صلاته ولا آمره إذا افتتح القراءة أن يقطعها ولا إذا فرغ منها أن يكبر وآمره أن يكبر في الثانية تكبيرها لا

صفحة : 316

يزيد عليه لأنه ذكر في موضع إذا مضى الموضع لم يكن على تاركه قضاؤه في غيره كما لا آمره أن يسبح قائما إذا ترك التسبيح راكعا أو ساجدا قال ولو ترك التكبيرات السبع والخمس عامدا أو ناسيا لم يكن عليه إعادة ولا سجود سهو عليه لأنه ذكر لا يفسد تركه الصلاة وأنه ليس عملا يوجب سجود السهو قال وإن ترك التكبير ثم ذكره فكبر أحببت أن يعود لقراءة ثانية وإن لم يفعل لم يجب عليه أن يعود ولم تفسد صلاته قال فإن نقص مما أمرته به من التكبير شيئا كرهته له ولا إعادة ولا سجود سهو عليه إلا أن يذكر التكبير قبل أن يقرأ فيكبر ما ترك منه قال وإن زاد على ما أمرته به من التكبير شيئا كرهته له ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه لأنه ذكر لا يفسد الصلاة وإن أحببت أن يضع كلا موضعه قال الشافعي: وإن استيقن أنه كبر في الأولى سبعا أو أكثر أو أقل وشك هل نوى بواحدة منهن تكبيرة الافتتاح لم تجزه صلاته وكان عليه حين شك أن يبتديء فينوي تكبيرة الافتتاح مكانه ثم يبتديء الافتتاح والتكبير والقراءة ولا يجزئه حتى يكون في حاله تلك كمن ابتدأ الصلاة في تلك الحال قال الشافعي: وإن استيقن أنه كبر سبعا أو أكثر أو أقل وأنه نوى بواحدة منهن تكبيرة الافتتاح لا يدري أهي الأولى أو الثانية أو الآخرة من تكبيره افتتح تلك اصلاة بقول وجهت وجهي وما بعدها لأنه مستيقن لأنه قد كبر للافتتاح ثم ابتدأ تكبيره سبعا بعد الافتتاح ثم القراءة وإن استيقن أنه قد كبر للافتتاح بين ظهراني تكبيره ثم كبر بعد الافتتاح لا يدري أواحدة أو أكثر بنى على ما استيقن من التكبير بعد الافتتاح حتى يكمل سبعا قال وإن كبر لافتتاح الصلاة ثم ترك الاستفتاح حتى كبر للعيد ثم ذكر الاستفتاح لم يكن عليه أن يستفتح فإن فعل أحببت أن يعيد تكبيره للعيد سبعا حتى تكون كل واحدة منهن بعد الاستفتاح فإن لم يفعل فلا إعادة ولا سجود للسهو عليه

ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صفحة : 317

رفع اليدين في تكبير العيدين

قال الشافعي: رحمه الله تعالى رفع رسول الله ﷺ يديه حين افتتح الصلاة وحين أراد أن يركع وحين رفع رأسه من الركوع ولم يرفع في السجود فلما رفع رسول الله ﷺ في كل ذكر تكبيره وقول سمع الله لمن حمده وكان حين يذكر الله جل وعز رافعا يديه قائما أو رافعا إلى قيام من غير سجود فلم يجز إلا أن يقال يرفع المكبر في العيدين يديه عند كل تكبيرة كان قائما فيها تكبيرة الافتتاح والسبع بعدها والخمس في الثانية وويرفع يديه عند قوله سمع الله لمن حمده لأنه الموضع الذي رفع رسول الله ﷺ فيه يديه من الصلاة فإن ترك ذلك كله عامدا أو ساهيا أو بعضه كرهت ذلك له ولا إعادة للتكبير عليه ولا سجود للسهو قال وكذلك يرفع يديه إذا كبر على الجنازة عند كل تكبيرة وإذا كبر لسجدة سجدها شكرا أو سجدة لسجود القرآن كان قائما أو قاعدا لأنه مبتديء بتكبير فهو في موضع القيام وكذلك إن صلى قاعدا في شيء من هذه الصلوات يرفع يديه لأنه في موضع قيام وكذلك صلاة النافلة وكل صلاة صلاها قائما أو قاعدا لأنه كل في موضع قيام

القراءة في العيدين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن ضمرة بن سعيد المازني عن أبيه عن عبيدالله ابن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله ﷺ في الأضحى والفطر فقال كان رسول الله ﷺ يقرأ ب ق والقرآن المجيد و اقتربت الساعة وانشق القمر قال الشافعي: فأحب أن يقرأ في العيدين في الركعة الأولى ب ق وفي الركعة الثانية ب قتربت الساعة وكذلك أحب أن يقرأ في الاستسقاء وإن قرأ في الركعة الثانية من الاستقساء إنا أرسلنا نوحا أحببت ذلك قال وإذا قرأ بأم القرآن في كل ركعة مما وصفت أجزأه ما قرأه به معها أو اقتصر عليها أجزأته إن شاء الله تعالى من غيرها ولا يجزيه غيرها منها قال ويجهر بالقراءة في صلاة العيدين والاستسقاء وإن خافت بها كرهت ذلك له ولا إعادة عليه وكذلك إذا جهر فيما يخافت فيه كرهت له ولا إعادة عليه

ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

صفحة : 318

العمل بعد القراءة في صلاة العيدين

قال الشافعي: رحمه اله تعالى والركوع والسجود والتشهد في صلاة العيدين كهو في سائر الصلوات لا يختلف ولا قنوت في صلاة العيدين ولا الاستسقاء وإن قنت عند نازلة لم أكره وإن قنت عند غير نازلة كرهت له

الخطبة على العصا

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وبلغنا أن رسول الله ﷺ كان إذا خطب اعتمد على عصا وقد قيل خطب معتمد على عنزة وعلى قوس وكل ذلك اعتماد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن ليث عن عطاء أن رسول الله ﷺ كان إذا خطب يعتمد على عنزته اعتمادا قال الشافعي: وأحب لكل من خطب أي خطبة كانت أن يعتمد على شيء وإن ترك الاعتماد أحببت له أن يسكن يديه وجميع بدنه ولا يعبث بيديه إما أن يضع اليمني على اليسرى وإما أن يسكنهما وإن لم يضع إحداهما على الأخرى وترك ما أحببت له كله أو عبث بهما أو وضع اليسرى على اليمنى كرهته له ولا إعادة عليه

ID ' ' والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

صفحة : 319

الفصل بين الخطبتين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الرحمن بن محمد بن عبد عبد الله عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة قال السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس قال الشافعي: وكذلك خطبة الاستسقاء وخطبة الكسوف وخطبة الحج وكل خطبة جماعة قال ويبدأ الإمام في هذا كله إذا ظهر على المنبر فيسلم ويرد الناس عليه فإن هذا يروى عاليا ثم يجلس على المنبر حين يطلع عليه جلسة خفيفة كجلوس الإمام يوم الجمعة للأذان ثم يقوم فيخطب ثم يجلس بعد الخطبة الأولى جلسة أخف من هذه أو مثلها ثم يقوم فيخطب ثم ينزل قال فالخطب كلها سواء فيما وصفت وفي أن لا يدع الصلاة على رسول الله ﷺ بأبي وأمي هو أو كلامه وآخره قال ويخطب الإمام على منبر وعلى بناء وتراب مرتفع وعلى الأرض وعلى راحلته كل ذلك واسع قال الشافعي: وإن خطب في غير يوم الجمعة خطبة واحدة وترك الخطبة أو شيئا مما أمرته به فيها فلا إعادة عليه وقد أساء وخطبة الجمعة تخالف هذا فإن تركها صلى ظهرا أربعا لأنها إنما جعلت جمعة بالخطبة فإذا لم تكن صليت ظهرا وكل ما سوى الجمعة لا يحيل فرضا إلي غيره

ID ' ' ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

صفحة : 320

التكبير في الخطبة في العيدين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة قال السنة في التكبير يوم الأضحى والفطر على المنبر قبل الخطبة أن يبتديء الإمام قبل أن يخطب وهو قائم على المنبر بتسع تكبيرات تترى لا يفصل بينها بكلام ثم يخطب ثم يجلس جلسة ثم يقوم في الخطبة الثانية فيفتتحها بسبع تكبيرات تترى لا يفصل بينها بكلام ثم يخطب أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني إسماعيل بن أمية أنه سمع أن التكبير في الأولى من الخطبتين تسع وفي الآخرة سبع قال الشافعي: وبقول عبيدالله بن عبد الله نقول فنأمر الإمام إذا قام يخطب الأولى أن يكبر تسع تكبيرات تترى لا كلام بينهن فإذا قام ليخطب الخطبة الثانية أن يكبر سبع تكبيرات تتري لا يفصل بينهن بكلام يقول الله أكبر الله أكبر حتى يوفى سبعا فإن أدخل بين التكبرتين الحمد والتهليل كان حسنا ولا ينقص من عدد التكبير شيئا ويفصل بين خطبتيه بتكبير قال الشافعي: أخبرني الثقة من أهل المدينة أنه أثبت له كتاب عن أبي هريرة فيه تكبير الإمام في الخطبة الأولى يوم الفطر ويوم الأضحى إحدى أو ثلاثا وخمسين تكبيرة في فصول الخطبة بين ظهراني الكلام قال الشافعي: أخبرني من أثق به من أهل العلم من أهل المدينة قال أخبرني من سمع عمر ابن عبد العزيز وهو خليفة يوم فطر فظهر على المنبر فسلم ثم جلس قم قال إن شعار هذا اليوم التكبير والتحميد ثم كبر مرارا الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ثم تشهد للخطبة ثم فصل بين التشهد بتكبيرة قال الشافعي: وإن ترك التكبير أو التسليم على المنبر أو بعض ما أمرته به كرهته له ولا إعادة

ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

صفحة : 321

استماع الخطبة في العيدين

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب لمن حضر خطبة عيد أو استسقاء أو حج أو كسوف أن ينصت ويستمع وأحب أن لا ينصرف أحد حتى يستمع الخطبة فإن تكلم أو ترك الاستماع أو انصرف كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا كفارة وليس هذا كخطبة يوم يوم الجمعة لأن صلاة يوم الجمعة فرض قال وكذلك أحب للمساكين إن حضرو أن يستمعوا الخطبة ويكفوا عن المسألة حتى يفرغ الإمام من الخطبة أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني يزيد بن عبد الله ابن الهاد أن عمر بن عبد العزيز كان يترك المساكين يطوفون يسألون الناس في المصلى في خطبته الأولى يوم الأضحى والفطر وإذا خطب خطبته الآخرة أمر بهم فأجلسواقال الشافعي: وسواء الأولى والأخرة أكره لهم المسألة فإن فعلوا شيد عليهم فيها إلا ترك الفضل في الاستماع

اجتماع العيدين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا إبراهيم بن عقبة عن عمر بن عبد العزيز قال اجتمع عيدان على عهد رسول الله ﷺ فقال من أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى أبن أزهر قال شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب فقال إنه قي اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل اعلاية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ومن أحب أن يرجع فليرجع فقد أذنت له قال الشافعي: وإذا كان يوم الفطر يوم الجمعة صلى الإمام العيد حين تحل الصلاة ثم أذن لمن حضره من غير أهل المصر في أن ينصرفوا إن شاءوا إلى أهليهم ولا يعودون إلى الجمعة والاختيار لهم أن يقيموا حتى يجمعوا أو يعودوا بعد انصرافهم إن قدروا حتى يجمعوا وإن لم يفعلوا فلا حرج إن شاء الله تعالى قال الشافعي: ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر أن يدعوا أن يجمعوا إلا من عذر يجوز لهم به ترك الجمعة وإن كان يوم عيد قال الشافعي: وهكذا إن كان يوم الأضحى لا يختلف إذا كان ببلد يجمع فيه الجمعة ويصلى العيد ولا يصلى أهل منى صلاة الأضحى ولا الجمعة لأنها ليست بمصر

صفحة : 322

قال الشافعي: وإن كسفت الشمس يوم جمعة ووافق ذلك يوم الفطر بدأ بصلاة العيد ثم صلى الكسوف إن لم تنجل الشمس قبل أن يدخل في الصلاة قال وإذا كسفت الشمس والإمام في صلاة العيد أو بعده قبل أن يخطب صلى صلاة الكسوف ثم خطب للعيد والكسوف معا خطبتين يجمع الكلام للكسوف وللعيد فيهما وإن كان تكلم لصلاة العيد ثم كسفت الشمس خفف الخطبتين معا ونزل فصلى الكسوف ثم خطب للكسوف ثم أذن لمن أهله في غير المصر بالانصراف كما وصفت ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر قدر على شهود الجمعة فإن وافق هذا يوم فطر وجمعة وكسوف وجدب فأراد أن يستسقى أخر صلاة الاستسقاء إلى الغد أو بعده واستسقى في خطبته ثم خرج فصلى الاستسقاء ثم خطب قال أبو يعقوب يبدأ بالكسوف ثم بالعيد ما لم تزل الشمس ثم بالجمعة إذا زالت الشمس لأن لكل هذا وقتا وليس للاستسقاء وقت قال الشافعي: ولا أحب ان يستسقى في يوم الجمعة إلا على المنبر لأن الجمعة أوجب من الاستسقاء والاستسقاء يمنع من بعد منزله قليلا من الجمعة أو يشق عليه قال وإن اتفق العيد والكسوف في ساعة صلى الكسوف قبل العيد لأن وقت اليد إلى الزوال ووقت الكسوف ذهاب الكسوف فإن بدأ بالعيد ففرغ من الصلاة قبل أن تنجلى الشمس صلى الكسوف وخطب لهما معا وإن فرغ من الصلاة وقد تجلت الشمس خطب للعيد وإن شاء ذكر فيه الكسوف قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا أرخص لأحد في ترك حضور العيدني ممن تلزمه الجمعة وأحب إلى أن يصلي العيدان والكسوف بالبادية التي لا جمعة فيها وتصليها المرأة في بيتها والعبد في مكانه لأنه ليس بإحالة فرض ولا أحب لأحد تركها قال ومن صلاها صلاها كصلاة الإمام بتكبيره وعدده قال الشافعي: وسواء في ذلك الرجال والنساء ومن فاتته صلاة العيد مع الإمام ووجد الإمام يخطب جلس فإذا فرغ الامام صلى صلاة العيد في مكانه أو بيته أو طريقه كما يصليها الإمام بكمال التكبير والقراءة وإ ترك صلاة العيدين من فاتته أو تركها من لا تجب عليه الجمعة كرهت ذلك له قال ولا قضاء عليه وكذلك صلاة الكسوف قال الشافعي: ولا بأس إن صلى قوم مسافرون صلاة عيد أو كسوف أو يخطبهم واحد منهم في السفر وفي القرية التي لا جمعة فيها وأن يصلوها في مساجد الجماعة في المصر ولا أحب أن

صفحة : 323

يخطبهم أحد في المصر إذا كان فيه إمام خوف الفرقة قال وإذا شهد النساء الجمعة والعيدين وشهدها العبيد والمسافرون فهم كالأحرار المقيمين من الرجال ويجزيء كلا فيها ما يجزيء كلا قال وأحب شهود النساء العجائز وغير ذوات الهيئة الصلاة والأعياد وأنا لشهودهن الأعياد أشد استحبابا منى لشهودهن غيرها من الصلوات المكتوبات قال وإذا أراد الرجل العيد فوافى

التكبير في العيدين

قال الشافعي: رحمه الله تعالى يكبر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفطر فرادى وجماعة في كل حال حتى يخرج الإمام لصلاة العيد ثم يقطعون التكبير قال وأحب أن يكون الإمام يكبر خلف صلاة المغرب والعشاء والصبح وبين ذلك وغاديا حتى ينتهي إلى المصلى ثم يقطع التكبير وإنما أحببت ذلك للامام أنه كالناس فيما أحب لهم وإن تركه الإمام كبر الناس قال ويكبر الحاج خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى أن يصلوا الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطعون التكبير إذا كبروا خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ويكبر إمامهم خلف الصلوات فيكبرون معا ومتفرقين ليلا ونهارا وفي كل هذه الأحوال لأن في الحج ذكرين يجهر بهما التلبية وهي لا تقطع إلا بعد الصبح من يوم النحر والصلاة مبتدأ التكبير ولا صلاة بعد رمي الجمرة يوم النحر قبل الظهر ثم لا صلاة ب منى بعد الصبح من آخر أيام منى قال ويكبر الناس في الآفاق والحضر والسفر كذلك ومن يحضر منهم الجماعة ولم يحضرها والحائض والجنب وغير المتوضيء في الساعات من الليل والنهار ويكبر الإمام ومن خلفه خلف الصلوات ثلاث تكبيرات وأكثر وإن ترك ذلك الإمام كبر من خلفه ويكبر أهل الآفاق كما يكبر أهل منى ولا يخالفونهم في ذلك إلا في أن يتقدموهم بالتكبير فلو ابتدءوا بالتكبير خلف صلاة المغرب من ليلة النحر قياسا على أمر الله في الفطر من شهر رمضان بالتكبير مع إكمال العدة وأنهم ليسوا محرمين يلبون فيكتفون بالتلبية من التكبير لم أكره ذلك وقد سمعت من يستحب هذا وإن لم يكبروا وأخروا ذلك حتى يكبروا بتكبير أهل منى فلا بأس إن شاء الله تعالى وقد روى عن بعض السلف أنه كان يبتدي التكبير خلف صلاة الصبح من يوم عرفة وأسأل الله تعالى التوفيق قال الشافعي: ويكبر الإمام خلف الصلوات ما لم يقم من مجلسه فإذا قام من مجلسه لم يكن عليه أن يعود إلى مجلسه فيكبر وأحب أن يكبر ماشيا كما هو أو في مجلس إن صار إلى غير مجلسه قال ولا يدع من خلفه التكبير بتكبيره ولا يدعونه إن ترك التكبير وإن قطع بحديث وكان في

صفحة : 324

مجلسه فليس عليه أن يكبر من ساعته وأستحب له ذلك فإذا سها لم يكبر حتى يسلم من سجدتي السهو قال وإذا فات رجلا معه شيء من الصلاة فكبر الإمام قام الذي فاته بعض الصلاة يقضى ما عليه فإن كان عليه سهو سجد له فإذا سلم كبر ويكبر خلف النوافل وخلف الفرائض وعلى كل حال

كيف التكبير

قال الشافعي: رحمه الله تعالى والتكبير كما كبر رسول الله ﷺ في الصلاة الله أكبر فيبدأ الإمام فيقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر حتى يقولها ثلاثا وإن زاد تكبيرا فحسن وإن زاد فقال الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا الله أكبر ولا نعبد إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله والله أكبر فحسن وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببته غير أني أحب أن يبدأ بثلاث تكبيرا نسقا وإن اقتصر على واحدة أجزأته وإن بدأ بشيء من الذكر قبل التكبير أو لم يأت بالتكبير فلا كفارة عليه

كتاب صلاة الكسوف

أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون وقال الله تبارك وتعالى إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس إلى قوله يعقلون مع ما ذكر من الآيات في كتابه قال الشافعي: فذكر الله عز وجل الآيات ولم يذكر معها سجودا إلا مع الشمس والقمر وأمر بأن لا يسجد لهما وأمر بأن يسجد له فاحتمل أمره أن يسجد له عند ذكر الشمس والقمر بأن يأمر بالصلاة عند حادث في الشمس والقمر واحتمل أن يكون إنما نهى عن السجود لهما كما نهى عن عبادة ما سواه فدلت سنة رسول الله عليه وسلم على أن يصلي لله عند كسوف الشمس والقمر فأشبه ذلك معنيين أحدهما أن يصلي عند كسوفهما لا يختلفان في ذلك وأن لا يؤمر عند كل آية كانت في غيرهما بالصلاة كما أمر بها عندهما لأن الله تبارك وتعالى لم يذكر في شيء من الآيات صلاة والصلاة في كل حال طاعة لله تبارك وتعالى وغبطه لمن صلاها

صفحة : 325

قال الشافعي: فيصلى عند كسوف الشمس والقمر صلاة جماعة ولا يفعل ذلك في شيء من الآيات غيرهما أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس قال كسفت الشمس على عهد رسول الله ص فصلى رسول الله ﷺ والناس معه فقام قياما طويلا قال نحوا من قراءة سورة البقرة قال ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع ثم سجد ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله قالوا يا رسول الله رأيناك قد تناولت في مقامك هذا شيئا ثم رأيناك كأنك تكعكعت فقال إن رأيت أو أريت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بيقت الدنيا ورأيت أو أريت النار فلم أر كاليوم منظرا ورأيت أكثر أهلها النساء فقالوا لم يا رسول الله قال بكفرهن قيل أيكفرن بالله قال يكفرن العشيرة ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط قال الشافعي: فذكر ابن عباس ما قال رسول الله ﷺ بعد الصلاة دليل على أنه خطب بعدها وكان في ذلك دليل على أنه فرق بين الخطبة للسنة والخطبة للفرض فقدم خطبة الجمعة لأنها مكتوبة قبل الصلاة وأخر خطبة الكسوف لأنها ليست من الصلوات الخمس وكذلك صنع في العيدين لأنهما ليستا من الصلوات وهكذا ينبغي أن تكون في صلاة الاستسقاء وذكر أنه أمر في كسوف الشمس والقمر بالفزع إلى ذكر الله وكان ذكر الله عز وجل الذي فزع إليه رسول الله ﷺ ثم التذكير فوافق ذلك قول الله عز وجل قد أفلح من تزكى وذكر اسم قال الشافعي: فكان في قول ابن عباس عن رسول الله ﷺ كفاية من أن رسول الله ﷺ قد أمر في خسوف القمر بما أمر به في كسوف الشمس والذي أمر به في كسوف الشمس فعله من الصلاة والذكر ثم ذكر سفيان ما يوافق هذا قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن إسمعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود

صفحة : 326

الأنصاري قال انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فأفزعوا إلى ذكر الله وإلى الصلاة قال الشافعي: فأمر رسول الله ﷺ في هذا الحديث أيضا فيهما معا بالصلاة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم عن عبد الله بن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم عن الحسن عن ابن عباس إن القمر انكسف وابن عباس بالبصرة فخرج ابن عباس فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتان ثم ركب فخطبنا فقال إنما صليت كما رأيت رسول الله ﷺ يصلى قال وقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم شيئا منها كاسفا فليكن فزعكم إلى الله قال الشافعي: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي ﷺ إن الشمس كسفت فصلى رسول الله ﷺ فوصفت صلاته ركعتين في كل ركعة ركعتان قال الشافعي: أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة عن النبي ﷺ مثله قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبو سهيل نافع عن أبي قلابة عن أبي موسى عن النبي ﷺ مثله قال الشافعي: وروى عن ابن عباس أنه قال قمت إلى جنب رسول الله ﷺ إلى صلاة كسوف الشمس فما سمعت منه حرفا وفي قوله بقدر سورة البقرة دليل على أنه لم يسمع ما قرأ به لأنه لو سمعه لم يقدر بغيره

ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

صفحة : 327

وقت كسوف الشمس

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فمتى كسفت الشمس نصف النهار أو بعد العصر أو قبل ذلك صلى الإمام بالناس صلاة الكسوف لأن النبي ﷺ أمر بالصلاة لكسوف الشمس فلا وقت يحرم فيه صلاة أمر بها رسول الله ﷺ كما لا يحرم في وقت الصلاة الفائتة ولا الصلاة على الجنازة ولا الصلاة للطواف ولا الصلاة يؤكدها المرء على نفسه بأن يلزمها فيشتغل عنها أو ينساها قال وإن كسفت الشمس في وقت صلاة بدأ بالصلاة لكسوف الشمس وقدر المصلى أن يخرج من صلاة كسوف الشمس ويصلى المكتوبة ثم يخطب لكسوف الشمس بعد المكتوبة قال الشافعي: وإن كسفت الشمس في وقت الجمعة بدأ بصلاة كسوف الشمس وخفف فيها فقرأ في كل واحدة من الركعتين اللتين في الركعة بأم القرآن وسورة قل هو الله أحد وما أشببها ثم خطب في الجمعة وذكر الكسوف في خطبة الجمعة وجمع فيها الكلام في الخطبة في الكسوف والجمعة ونوى بها الجمعة ثم صلى الجمعة قال وإن كان أخر الجمعة حتى يرى أنه صلى صلاة الكسوف كأخف ما تكون صلاته لم يدرك أن يخطب ويجمع حتى يدخل وقت العصر بدأ بالجمعة فإن فرغ منها والشمس كاسفة صلى صلاة الكسوف وإن فرغ منها وقد تجلت الشمس فتتام تجليها حتى تعود كما كانت قبل الكسوف لم يصل الكسوف ولم يقض لأنه عمل في وقت فإذا ذهب الوقت لم يعمل قال وهكذا يصنع في مكتوبة اجتمعت والكسوف فخيف فوتها يبدأ بالمكتوبة وإن لم يخف الفوت بدأ بصلاة الكسوف ثم المكتوبة لأنه لا وقت في الخطبة قال وإن اجتمع كسوف وعيد واستسقاء وجنازة بدأ بالصلاة على الجنازة وإن لم يكن حضر الإمام أمر من يقوم بأمرها وبدأ بالكسوف فإن فرغت الجنازة صلى عليها أو تركها ثم صلى العيد وأخر الاستسقاء إلى يوم غير اليوم الذي هو فيه قال وإن خاف فوت العيد صلى وخفف ثم خرج من صلاته إلى صلاة الكسوف ثم خطب للعيد والكسوف ولا يضره أن يخطب بعد الزوال لهما لأنه ليس كخطبة الجمعة قال وإن كان الكسوف بمكة عند رواح الإمام إلى الصلاة ب منى صلوا الكسوف وإن خاف أن تفوته صلاة الظهر ب منى صلاها بمكة قال وإن كان الكسوف بعرفة عند الزوال قدم صلاة الكسوف ثم صلي الظهر والعصر فإن خاف فوتهما بدأ بهما ثم صلى الكسوف ولم يدعه للموقف وخفف صلاة الكسوف والخطبة قال وهكذا يصنع في خسوف القمر

صفحة : 328

قال وإن كسفت الشمس بعد العصر وهو بالموقف صلى الكسوف ثم خطب على بعيره ودعا وإن خسف القمر قبل الفجر بالمزدلفة أو بعده صلى الكسوف وخطب ولو حبسه ذلك إلى طلوع الشمس ويخفف لئلا يحبسه إلى طلوع الشمس إن قدر قال الشافعي: إذا اجتمع أمران يخاف أبدا فوت أحدهما ولا يخاف فوت الآخر بدأ بالذي يخاف فوته ثم رجع إلى الذي لا يخاف فوته قال وإن خسف القمر وقت صلاة القيام بدأ بصلاة الخسوف وكذلك يبدأ به قبل الوتر وركعتي الفجر لأنه صلاة جماعة الوتر وركعتا الفجر صلاة انفراد فيبدأ به قبلهما ولو فاتا قال وإذا كسفت الشمس ولم يصلوا حتى تغيب كاسفة أو متجلية لم يصلوا لكسوف الشمس وكذلك لو خسف القمر فلم يصلوا حتى تجلى أو طلع الشمس لم يصلوا وإن صلوا الصبح وقد غاب القمر خاسفا صلوا لخسوف القمر بعد الصبح ما لم تطلع الشمس ويخففون الصلاة لخسوف القمر في هذه الحال حتى يخرجوا منها قبل طلوع الشمس فإن افتتحوا الصلاة بعد الصبح وقبل الشمس فلم يفرغوا منها حتى تطلع الشمس أتموها قال الشافعي: ويخطب بعد تجلى الشمس لأن الخطبة تكون بعد تجلى الشمس والقمر وإذا كسفت الشمس ثم حدث خوف صلى الإمام صلاة الخسوف صلاة خوف كما يصلى المكتوبة صلاة خوف لا يختلف ذلك وكذلك يصلى صلاة الخسوف وصلاة شدة الخوف إيماء حيث توجه راكبا وماشيا فإن أمكنه الخطبة والصلاة تكلم وإن لم يمكنه فلا يضره قال وإن كسفت الشمس في حضر فغشى أهل البلد عدو مضوا إلى العدو فإن أمكنهم في صلاة الكسوف ما يمكنهم في المكتوبة صلوها صلاة خوف وإن لم يمكنهم ذلك صلوها صلاة شدة الخوف طالبين ومطلوبين لا يختلف قال الشافعي: ومتى غفل عن صلاة الكسوف حتى تجلى الشمس لم يكن عليهم صلاتها ولا قضاؤها قال فإن غفلوا عنها حتى تنكسف كلها ثم ينجلى بعضها صلوا صلاة كسوف متمكنين إذا لم يكونوا خائفين ولا متفاوتين وإن انجلت لم يخرجوا من الصلاة حتى يفرغوا منها وهي كاسفة حتي تعود بحالها قبل أن تكسف قال وإن انكسفت فجللها سحاب أو غبار أو حائل ما كان فظنوا أنها تجلت صلوا صلاة الكسوف إذا علموا أنها قد كسفت فهي على الكسوف حتى يستيقنوا بتجليها ولو تجلى بعضها فرأوه صافيا لم يدعوا الصلاة لأنهم مستيقنون بالكسوف ولا يدرون انجلى المغيب منها أم لم ينجل وقد يكون الكسوف في بعضها دون بعض وتنكسف كلها

صفحة : 329

فيتجلى بعضها دون بعض حتى يتجلى الباقي بعده قال الشافعي: ولو طلعت في طخاف أو غيانة أو غمامة فتوهموها كاسفة لم يصلوها حتى يستيقنوا كسوفها قال وإذا توجه الإمام ليصلى صلاة الكسوف فلم يكبر حتى تنجلي الشمس لم يكن عليه أن يصلى الكسوف وإن كبر ثم تجلت الشمس أتم صلاة الكسوف بكمالها قال وإن صلى صلاة الكسوف فأكملها ثم انصرف والشمس كاسفة يزيد كسوفها أو لا يزيد لم يعد الصلاة وخطب الناس لأنا لا نحفظ أن النبي ﷺ صلى في كسوف إلا ركعتين وصلاة خسوف القمر كصلاة كسوف الشمس لا يختلفان في شيء إلا أن الإمام لا يجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس لأن النبي ﷺ لم يجهر فيها كما يجهر في صلاة الأعياد وأنها من من صلاة النهار ويجهر بالقراءة في صلاة الخسوف لأنها من صلاة الليل وقد سن النبي ﷺ الجهر بالقراءة في صلاة الليل قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويخطب الإمام في صلاة الكسوف نهارا خطبتين يجلس في الأولى حين يصعد المنبر ثم يقوم فإذا فرغ من الخطبة الأولى جلس ثم يقوم فيخطب الثانية فإذا فرغ نزل قال الشافعي: ويجعلها كالخطب يبدأ بحمد الله والصلاة على رسوله ﷺ وحض الناس على الخير وأمرهم بالتوبة والتقرب إلى الله عز وجل ويخطب في موضع مصلاه ويصلى في المسجد حيث يصلى الجمعة لا حيث يصلى الأعياد وإن ترك ذلك وصلى في غيره أجزأه إن شاء الله تعالى فإن كان بالموقف بعرفة خطب راكبا وفصل بين الخطبتين بسكتة كالسكتة إذا خطب على منبره وأحب إلى أن يسمع الإمام في الخطبة في الكسوف والعيدين والاستسقاء وينصت لها وإن انصرف رجل قبل أن يسمع لها أو تكلم كرهت ذلك له ولا إعادة عليه وإن ترك الإمام الخطبة أو خطب على غير ما أمر به كرهت ذلك له ولا إعادة عليه قال الشافعي: وأحب للقوم بالبادية والسفر وحيث لا يجمع فيه الصلاة أن يخطب بهم أحدهم ويذكرهم إذا صلوا الكسوف قال ولا أحب ذلك للنساء في البيوت لأنه ليس من سنة النساء أن يخطبن إذا لم يكن مع رجال

ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 330
========



[أغلق]
* اقرأ * * نزّل * استشهد * شارك في ويكي مصدر *



كتاب الأم - المجلد الأول5
اذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث


الأذان للكسوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا أذان لكسوف ولا لعيد ولا لصلاة غير مكتوبة وإن أمر الإمام من يصيح الصلاة جامعة أحببت ذلك له فإن الزهري يقول كان النبي ﷺ يأمر المؤذن في صلاة العيدين أن يقول الصلاة جامعة

قدر صلاة الكسوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب أن يقوم الإمام في صلاة الكسوف فيكبر ثم يفتتح كما يفتتح المكتوبة ثم يقرأ في القيام الأول بعد الافتتاح بسورة البقرة إن كان يحفظها أو قدرها من القرآن إن كان لا يحفظها ثم ركع فيطيل ويجعل ركوعه قدر مائة آية من سورة البقرة ثم يرفع ويقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يقرأ بأم القرآن وقدر مائتي آية من البقرة ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول ثم يرفع ويسجد ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة وخمسين آية من البقرة ثم يركع بقدر سبعين آية من البقرة ثم يرفع فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة آية من البقرة ثم يركع بقدر قراءة خمسين آية من البقرة ثم يرفع ويسجد قال الشافعي: وإن جاوز هذا في بعض وقصر عنه في بعض أو جاوزه في كل أو قصر عنه في كل إذا قرأ أم القرآن في مبتدأ الركعة وعند رفعه رأسه من الركعة قبل الركعة الثانية في كل ركعة قال الشافعي: وإن ترك أم القرآن في ركعة من صلاة الكسوف في القيام الأول أو القيام الثاني لم يعتد بتلك الركعة وصلى ركعة أخرى وسجد سجدتي السهو كما إذا ترك أم القرآن في ركعة واحدة من صلاة المكتوبة لم يعتد بها كأنه قرأ بأم القرآن عند افتتاح الصلاة ثم ركع فرفع فلم يقرأ بأم القرآن حتى رفع ثم يعود لأم القرآن فيقرؤها ثم ركع وإن ترك أم القرآن حتى يسجد ألغى السجود وعاد إلى القيام حتى يركع بعد أم القرآن قال ولا يجزيء أن يؤم في صلاة الكسوف إلا من يجزيء أن يؤم في الصلاة المكتوبة فإن أم أمى قراء لم تجزيء صلاتهم عنهم وإن قرءوا معه إذا كانوا يأتمون به قال وإن أمهم قاريء أجزأت صلاته عنهم وإذا قلت لا تجزيء عنهم أعادوا بإمام ما كانت الشمس كاسفة وإن تجلت لم يعيدوا وإن امتنعوا كلهم من الإعادة إلا واحدا أمرت الواحد أن يعيد فإن كان معه غيره أمرتهما أن يجمعا

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

صفحة : 331

صلاة المنفردين في صلاة الكسوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرو أو صفوان ابن عبد الله بن صفوان قال رأيت ابن عباس صلى على ظهر زمزم لكسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين قال الشافعي: ولا أحسب ابن عباس صلى صلاة الكسوف إلا أن الوالي تركها لعل الشمس تكون كاسفة بعد العصر فلم يصل فصلى ابن عباس أو لعل الوالى كان غائبا أو امتنع من الصلاة قال فهكذا أحب لكل من كان حاضرا إماما أن يصلى إذا ترك الإمام صلاة الكسوف أن يصلى علانية إن لم يخف وسرا إن خاف الوالي في أي ساعة كسفت الشمس وأحسب من روى عنه أن الشمس كسفت بعد العصر وهو بمكة تركها في زمان بني أمية اتقاء لهم فأما أيوب بن موسى فيذهب إلى أن لا صلاة بعد العصر لطواف ولا غيره والسنة تدل على ما وصفت من أن يصلى بعد العصر لطواف والصلاة المؤكدة تنسى ويشتغل عنها ولا يجوز ترك صلاة الكسوف عندي لمسافر ولا مقيم ولا لأحد جاز له أن يصلى بحال فيصليها كل من وصفت بإمام تقدمه ومنفردا إن لم يجد إماما ويصليها كما وصفت صلاة الإمام ركعتين في كل ركعة ركعتين وكذلك خسوف القمر قال وإن خطب الرجل الذي وصفت فدكرهم لم أكره قال وإن كسفت الشمس ورجل مع نساء فيهن ذوات محرم منه صلى بهن وإن لم يكن فيهن ذوات محرم منه كرهت ذلك له وإن صلى بهن فلا بأس إن شاء الله تعالى فإن كن اللاتي يصلين نساء فليس من شأن النساء الخطبة ولكن لو ذكرتهن إحداهن كان حسنا قال وإذا صلى الرجل وحده صلاة الكسوف ثم أدركها مع الإمام صلاها كما يصنع في المكتوبة وكذلك المرأة فلا أكره لمن لا هيئة لها بارعة من النساء ولا للعجوز ولا للصبية شهود صلاة الكسوف مع الإمام بل أحبها لهن وأحب إلى لذوات الهيئة أن يصلينها في بيوتهن

ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

صفحة : 332

الصلاة في غير كسوف الشمس والقمر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا آمر بصلاة جماعة في زلزلة ولا ظلمة ولا لصواعق ولا ريح ولا غير ذلك من الآيات وآمر بالصلاة منفردين كما يصلون منفردين سائر الصلوات

كتاب الاستسقاء

متى يستسقى الإمام

وهل يسأل الامام رفع المطر إذا خاف ضرره

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس قال جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله هلكت المواشي وتقطعت السبل فادغ الله فدعا رسول الله ﷺ فمطرنا من جمعة إلى جمعة قال فجاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبيل وهلكت المواشي فقام رسول الله ﷺ فقال اللهم على رءوس الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر فانجابت عن المدينة انجياب الثوب قال الشافعي: فإذا كان جدب أو قلة ماء في نهر أو عين أو بئر في حاضر أو باد من المسلمين لم أحب للامام أن يتخلف عن أن يعمل عمل الاستسقاء وإن تخلف عن ذلك لم تكن عليه كفارة ولا قضاء وقد أساء في تخلفه عنه وترك سنة فيه وإن لم تكن واجبة وموضع فضل فإن قال قائل فكيف لا يكون واجبا عليه أن يعمل عمل الاستسقاء من صلاة وخطبة قيل لا فرض من الصلاة إلا خمس صلوات وفي الحديث عن رسول الله ﷺ ما يدل على أن جدبا كان ولم يعمل رسول الله ﷺ في أوله عمل الاستسقاء وقد عمله بعد مدة منه فاستسقى وبذلك قلت لا يدع الإمام الاستسقاء وإن لم يفعل الإمام لم أر للناس ترك الاستسقاء لأن المواشي لا تهلك إلا وقد تقدمها جدب دائم وأما الدعاء بالاستسقاء فمما لا أحب تركه إذا كان الجدب وإن لم يكن ثم صلاة ولا خطبة وإن استسقى فلم تمطر الناس أحببت أن يعود ثم يعود حتى يمطروا وليس استحبابي لعودته الثانية بعد الأولي ولا الثالثة بعد الثانية كاستحبابي للأولى وإنما أجزت له العود بعد الأولى أن الصلاة والجماعة في الأولى فرض وأن رسول الله ﷺ إذا استسقى سقى أولا فإذا سقوا أولا لم يعد الإمام أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم عن سليمان بن عبد الله بن عويمر

صفحة : 333

الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت أصاب الناس سنة شديدة على عهد رسول الله ﷺ فمر بهم يهودي فقال أما والله لو شاء صاحبكم لمطرتم ما شئتم ولكنه لا يحب ذلك فأخبر الناس رسول الله ﷺ بقول اليهودي قال أو قد قال ذلك فقالوا نعم قال إني لأتنصر بالسنة على أهل نجد وإني لأرى السحابة خارجة من العين فأكرهها موعدكم يوم كذا أستسقى لكم فلما كان ذلك اليوم غدا الناس فما تفرق الناس حتى مطروا ما شاءوا فما أقلعت السماء جمعة وإذا خاف الناس غرقا من سيل أو نهر دعوا الله بكف الضرر عنهم كما دعا النبي ﷺ بكف الضرر عن البيوت أن تهدمت وكذلك يدعو بكف الضرر من المطر عن المنازل وأن يجعل حيث ينفع ولا يضر البيوت من الشجر والجبال والصحارى إذا دعا بكف الضرر ولم آمر بصلاة جماعة وأمرت الإمام والعام يدعون في خطبة الجمعة وبعد الصلوات ويدعو في كل نازلة نزلت بأحد من المسلمين وإذا كانت ناحية مخصبة وأخرى مجدبة فحسن أن يستسقى إمام الناحية المخصبة لأهل الناحية المجدبة ولجماعة المسلمين ويسأل الله الزيادة لمن أخصب من استسقائه لمن أجدب فإن ما عند الله واسع ولا أحضه على الاستسقاء لمن ليس بين ظهرانيه كما أحضه على الاستسقاء لمن هو بين ظهرانيه ممن قاربه ويكتب إلى الذي يقوم بامر المجدبين أن يستسقى لهم أو أقرب الأئمة بهم فإن لم يفعل أحببت أن يستسقى لهم رجل من بين ظهرانيهم

ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

صفحة : 334

من يستسقى بصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وكل إمام صلى الجمعة وصلى العيدين استسقى وصلى الخسوف ولا يصلى الجمعة إلا حيث تجب لأنها ظهر فإذا صليت جمعة قصرت منها ركعتان ويجوز أن يستسقى وأستحب أن يصلى العيدين والخسوف حيث لا يجمع من بادية وقرية صغيرة ويفعله مسافرون في البدو لأنها ليست بإحالة شيء من فرض وهي سنة ونافلة خير ولا أحب تركه بحال وإن كان أمري به واستحبابيه حيث لا يجمع ليس هو كاستحبابيه حيث يجمع وليس كأمري به من يجمع من الأئمة والناس وإنما أمرت به كما وصفت لأنها سنة ولم ينه عنه أحد يلزم أمره وإذا استسقى الجماعة بالبادية فعلوا ما يفعلون في الأمصار من صلاة أو خطبة وإذا خلت الأمصار من الولاة قدموا أحدهم للجمعة والعيدين والخسوف والاستسقاء كما قد قدم الناس أبا بكر وعبد الرحمن بن عوف للصلاة المكتوبة ورسول الله ﷺ يصلح بين بني عمرو بن عوف وعبد الرحمن في غزوة تبوك ورسول الله ﷺ قد ذهب لحاجته ثم غبط رسول الله ﷺ الناس بما صنعوا من تقديم عبد الرحمن بن عوف فإذا أجاز هذا رسول الله ﷺ في المكتوبة غير الجمعة كانت الجمعة مكتوبة وكان هذا في غير المكتوبة مما ذكرت أجوز

ID ' ' الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

صفحة : 335

الاستسقاء بغير الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويستسقى الإمام بغير صلاة مثل أن يستسقى بصلاة وبعد خطبته وصلاته وخلف صلاته وقد رأيت من يقيم مؤذنا فيأمره بعد صلاة الصبح والمغرب أن يستسقى ويحض الناس على الدعاء فما كرهت من صنع ذلك

الأذان لغير المكتوبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا أذان ولا إقامة إلا للمكتوبة فأما الخسوف والعيدان والاستسقاء وجميع صلاة النافلة فبغير أذان ولا إقامة

كيف يبتديء الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وبلغنا عن بعض الأئمة أنه كان إذا أراد أن يستسقى أمر الناس فصاموا ثلاثة أيام متتابعة وتقربوا إلى الله عز وجل بما استطاعوا من خير ثم خرج في اليوم الرابع فاستسقى بهم وأنا أحب ذلك لهم وآمرهم أن يخرجوا في اليوم الرابع صياما من غير أن أوجب ذلك عليهم ولا على إمامهم ولا أرى بأسا أن يأمرهم بالخروج ويخرج قبل أن يتقدم إليهم في الصوم وأولى ما يتقربون إلى الله أداء ما يلزمهم من مظلمة في دم أو مال أو عرض ثم صلح المشاجر والمهاجر ثم يتطوعون بصدقة وصلاة وذكر وغيره من البر وأحب كلما أراد الإمام العودة إلى الاستسقاء أن يأمر الناس أن يصموا قبل عودته إليه ثلاثا قال الشافعي: رحمه الله تعالى خرج رسول الله ﷺ في الجمعة والعيدين بأحسن هيئة وروى أنه خرج في الاستسقاء متواضعا وأحسب الذي رواه قال متبذلا فأحب في العيدين أن يخرج بأحسن ما يجد من الثياب وأطيب الطيب ويخرج في الاستسقاء متنظفا بالماء وما يقطع تغير الرائحة من سواك وغيره وفي ثياب تواضع ويكون مشيه وجلوسه وكلامه كلام تواضع واستكانة وما أحببت للامام في الحالات من هذا أحببته للناس كافة وما لبس الناس والإمام مما يحل لهم الصلاة فيه أجزأه وإياهم

ID ' ' وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 336

خروج النساء والصبيان في الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب أن يخرج الصبيان ويتنظفوا للاستسقاء وكبار النساء ومن لا هيئة له منهن ولا أحب خروج ذوات الهيئة ولا آمر بإخراج البهائم وأكره إخراج من خالف الإسلام للاستسقاء مع المسلمين في موضع مستسقى المسلمين وغيره وآمر بمنعهم من ذلك فإن خرجوا متميزين على حدة لم نمنعهم ذلك ونساؤهم فيما أكره من هذا كرجالهم ولو تميز نساؤهم لم أكره من مخرجهم ما أكره من مخرج بالغيهم ولو ترك سادات العبيد المسلمين العبيد يخرجون كان أحب إلي وليس يلزمهم تركهم والإماء مثل الحرائر وأحب إلى لو ترك عجائزهن ومن لا هيئة له منهن يخرج ولا أحب ذلك في ذوات الهيئة منهن ولا يجب على ساداتهن تركهن يخرجن

المطر قبل الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا تهيأ الإمام للخروج فمطر الناس مطرا قليلا أو كثيرا أحببت أن يمضى والناس على الخروج فيشكروا الله على سقياه ويسألوا الله زيادته وعموم خلقه بالغيث وأن لا يتخلفوا فإن فعلوا فلا كفارة ولا قضاء عليهم فإن كانوا يمطرون في الوقت الذي يريد الخروج بهم فيه استسقى بهم في المسجد أو أخر ذلك إلى أن يقلع المطر ولو نذر الإمام أن يستسقى ثم سقى الناس وجب عليه أن يخرج فيوفى نذره وإن لم يفعل فعليه قضاؤه وليس عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم ولا له أن يلزمهم أن يستسقوا في غير جدب وكذلك لو نذر رجل أن يخرج يستسقى كان عليه أن يخرج للنذر بنفسه فإن نذر أن يخرج بالناس كان عليه أن يخرج بنفسه ولم يكن عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم وأحب أن يخرج بمن أطاعه منهم من ولده وغيره فإن كان في نذره أن يخطب فيخطب ويذكر الله تعالى ويدعوا جالسا إن شاء لأنه ليس في قيامه إذا لم يكن واليا ولا معه جماعة بالذكر طاعة وإن نذر أن يخطب على منبر فليخطب جالسا وليس عليه أن يخطب على منبر لأنه لا طاعة في ركوبه لمنبر ولا بعير ولا بناء إنما أمر بهذا الإمام ليسمع الناس فإن كان إماما ومعه ناس لم يف نذره إلا بالخطبة قائما لأن الطاعة إذا كان معه ناس فيها أن يخطب قائما فإذا فعل هذا كله فوقف على منبر أو جدار أو قائما أجزأه من نذره ولو نذر أن يخرج فيستسقى أحببت له أن يستسقى في المسجد ويجزئه لو استسقى في بيته

صفحة : 337

أين يصلى للاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويصلى الإمام حيث يصلى العيد في أوسع ما يجد على الناس وحيث استسقى أجزأه إن شاء الله تعالى

الوقت الذي يخرج فيه الإمام للاستسقاء وما يخطب عليه

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويخرج الإمام للاستسقاء في الوقت الذي يصل فيه إلى موضع مصلاه وقد برزت الشمس فيبتديء فيصلى فإذا فرغ خطب ويخطب على منبر يخرجه إن شاء وإن شاء خطب راكبا أو على جدار أو شيء يرفع له أو على الأرض كل ذلك جائز له

كيف صلاة الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو أنه سمع عباد بن تميم يقول سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول خرج رسول الله ﷺ إلى المصلى فاستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم عن جعفر بن محمد أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون بالقراءة في الاستسقاء ويصلون قبل الخطبة ويكبرون في الاستسقاء سبعا وخمسا أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضي الله عنه مثله قال الشافعي: أخبرني سعد بن إسحق عن صالح عن ابن المسيب عن عثمان بن عفان أنه كبر في الاستسقاء سبعا وخمسا أخبرني إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو الحويرث عن إسحق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه أن سأل ابن عباس عن التكبير في صلاة الاستسقاء فقال مثل التكبير في صلاة العيدين سبع وخمس أخبرنا ابن عيينة قال أخبرني عبد الله بن أبي بكر قال سمعت عباد بن تميم يخبر عن عمه عبد الله بن زيد قال خرج رسول الله ﷺ إلى المصلى يستسقى فاستقبل القبلة وحول رداءه وصلى ركعتين أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني هشام بن إسحق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه عن ابن عباس مثله أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز أنه كبر في

صفحة : 338

الاستسقاء سبعا وخمسا وكبر في العيدين مثل ذلك أخبرنا إبراهيم قال حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة أن أبا بكر بن عمرو بن حزم أشار على محمد بن هشام أن يكبر في الاستسقاء سبعا وخمسا قال الشافعي: فبهذا كله نأخذ فنأمر الإمام يكبر في الاستسقاء سبعا وخمسا قبل القراءة ويرفع يديه عند كل تكبيرة من السبع والخمس ويجهر بالقراءة ويصلى ركعتين لا يخالف صلاة العيد بشيء ونأمره أن يقرأ فيها ما يقرأ في صلاة العيدين فإذا خافت بالقراءة في صلاة الاستسقاء فلا إعادة عليه وإن ترك التكبير فكذلك ولا سجود للسهو عليه وإن ترك التكبير حتى يفتتح القراءة في ركعة لم يكبر بعد افتتاحه القراءة وكذلك إن كبر بعض التكبير ثم افتتح بالقراءة لم يقض التكبير في تلك الركعة وكبر في الأخرى تكبيرها ولم يقض ما ترك من تكبير الأولى فإن صنع في الأخرى كذلك صنع هكذا يكبر قبل أن يقرأ ولا يكبر بعد ما يقرأ في الركعة التي افتتح فيها القراءة قال الشافعي: وهكذا هذا في صلاة العيدين لا يختلف وما قرأ به مع أم القرآن في كل ركعة أجزأه وإن اقتصر على أم القرآن في كل ركعة أجزأته وإن صلى ركعتين قرأ في إحداهما بأم القرآن ولم يقرأ في الأخرى بأم القرآن فإنما صلى ركعة فيضيف إليها أخرى ويسجد للسهو ولا يعتد هو ولا من خلفه بركعة لم يقرأ فيها وإن صلى ركعتين لم يقرأ في واحدة منهما بأم القرآن أعادهما خطب أم لم يخطب فان لم يعدهما حتى ينصرف أحببت له إعادتهما من الغد أو يومه إن لم يكن الناس تفرقوا وإذا أعادهما أعاد الخطبة بعدهما وإن كان هذا في صلاة العيد أعادهما من يومه ما بينه وبين أن تزول الشمس فإذا زالت لم يعدهما لأن صلاة العيد في وقت فإذا مضى لم تصل وكل يوم وقت لصلاة الاستسقاء ولذلك يعيدهما في الاستسقاء بعد الظهر وقبل العصر

ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 339

الطهارة لصلاة الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يصلى حاضر ولا مسافر صلاة الاستسقاء ولا عيد ولا جنازة ولا يسجد للشكر ولا سجود للقرآن ولا يمس مصحفا إلا طاهرا الطهارة التي تجزيه للصلاة المكتوبة لأن كلا صلاة ولا يحل مس مصحف إلا بطهارة وسواء خاف فوت شيء من هذه الصلوات أو لم يخفه يكون ذلك سواء في المكتوبات

كيف الخطبة في الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويخطب الإمام في الاستسقاء خطبتين كما يخطب في صلاة العيدين يكبر الله فيهما ويحمده ويصلى على النبي ﷺ ويكثر فيهما الاستغفار حتى يكون أكثر كلامه ويقول كثيرا استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا

الدعاء في خطبة الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويقول اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك فقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا أللهم إن كنت أوجبت إجابتك لأهل طاعتك وكنا قد قارفنا ما خالفنا فيه الذين محضوا طاعتك فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتنا في سقيانا وسعة رزقنا ويدعو بما شاء بعد للدنيا والآخرة ويكون أكثر دعائه الاستغفار يبدأ به دعاءه ويفصل به بين كلامه ويختم به ويكون أكثر كلامه حتى ينقطع الكلام ويحض الناس على التوبة والطاعة والتقرب إلى الله عز وجل قال الشافعي: وبلغنا أن رسول الله ﷺ كان إذا دعا في الاستسقاء رفع يديه أخبرنا إبراهيم بن محمد عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ كان إذا استسقى قال اللهم أمطرنا أخبرنا إبراهيم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب أن النبي ﷺ كان يقول عند المطر اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم على الظراب ومنابت الشجر اللهم حوالينا ولا علينا قال وروى سالم بن عبد الله عن أبيه أن النبي ﷺ كان إذا استسقى قال اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا عاما طبقا سحا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إن بالعباد والبلاد والبهائم والخلق من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكو إلا اليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع

صفحة : 340

واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعرى واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا قال الشافعي: وأحب أن يدعو الإمام بهذا ولا وقت في الدعاء ولا يجاوزه أخبرنا إبراهيم عن المطلب بن السائب عن ابن المسيب قال استسقى عمر وكان أكثر دعائه الاستغفار قال الشافعي: وإن خطب خطبة واحدة لم يجلس فيها لم يكن عليه إعادة وأحب أن يجلس حين يرقى المنبر أو موضعه الذي يخطب فيه ثم يخطب ثم يجلس فيخطب قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويبدأ فيخطب الخطبة الأولى ثم يجلس ثم يقوم فيخطب بعض الخطبة الآخرة فيستقبل الناس في الخطبتين ثم يحول وجه إلى القبلة ويحول رداءه ويحول الناس أرديتهم معه فيدعوا سرا في نفسه ويدعو الناس معه ثم يقبل على الناس بوجهه فيحضهم ويأمرهم بخير ويصلى على النبي ﷺ ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقرأ آية أو أكثر من القرآن ويقول استغفر الله لي ولكم ثم ينزل وإن استقبل القبلة في الخطبة الأولى لم يكن عليه أن يعود لذلك في الخطبة الثانية وأحب لمن حضر الاستسقاء استماع الخطبة والإنصات ولا يجب ذلك وجوبه في الجمعة

ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 341

كيف تحويل الإمام رداءه في الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا الدراوردي عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم قال استسقى رسول الله ﷺ وعليه خميصة له سوداء فأراد رسول الله ﷺ أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه قال الشافعي: وبهذا أقول فنأمر الإمام أن ينكس رداءه فيجعل أعلاه أسفله ويزيد مع تنكيسه فيجعل شقه الذي على منكه الأيمن على منكبه الأيسر والذي على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن فيكون قد جاء بما أراد رسول الله ﷺ من نكسه وبما فعل من تحويل الأيمن على الأيسر إذا خف له رداؤه فإن ثقل فعل ما فعل رسول الله ﷺ وسلم من تحويل ما على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر وما على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن ويصنع الناس في ذلك ما صنع الإمام فإن تركه منهم تارك أو الإمام أو كلهم كرهت تركه لمن تركه ولا كفارة ولا إعادة عليه ولا يحول رداءه إذا انصرف من مكانه الذي يخطب فيه وإذا حولوا أرديتهم أقروها محولة كما هي حتى ينزعوها متى نزعوها وإن اقتصر رجل على تحويل ردائه ولم ينكسه أجزأه إن شاء الله تعالى لسعة ذلك وكذلك لو اقتصر على نكسه ولم يحوله إلا نكسا رجوت أن يجزيه

ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

صفحة : 342

كرهية الاستمطار بالأنواء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود عن زيد بن خالد الجهني قال صلى لنا رسول الله ﷺ الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال مطرنا نبوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكبقال الشافعي: رسول الله ﷺ بأبي هو وأمي هو عربي واسع اللسان يحتمل قوله هذا معانى وإنما مطر بين ظهراني قوم أكثرهم مشركون لأن هذا في غزوة الحديبية وأرى معنى قوله والله أعلم أن من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله لأنه يعلم أنه لا يمطر ولا يعطي إلا الله عز وجل وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذلك فذلك كفر كما قال رسول الله ﷺ لأن النوء وقت والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا ولا يمطر ولا يصنع شيئا فأما من قال مطرنا بنوء كذا على معنى مطرنا بوقت كذا فإنما ذلك كقوله مطرنا في شهر كذا ولا يكون هذا كفر وغيره من الكلام أحب إلى منه قال الشافعي: أحب أن يقول مطرنا في وقت كذا وقد روى عن عمر أنه قال يوم الجمعة وهو على المنبر كم بقى من نوء الثريا فقام العباس فقال لم يبق منه شيء إلا العواء فدعا ودعا الناس حتى نزل عن المنبر فمطر مطرا حيي الناس منه وقول عمر هذه يبين ما وصفت لأنه إنما أراد كم بقى من وقت الثريا ليعرفهم بأن الله عز وجل قدر الأمطار في أوقات فيما جربوا كما علموا أنه قدر الحر والبرد بما جربوا في أوقات وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله ﷺ كان إذا أصبح وقد مطر الناس قال مطرنا بنوء الفتح ثم قرأ ما يفتح الله للناس من رحمه فلا ممسك لها وبلغني أن عمر بن الخطاب أوجف بشيخ من بني تميم غدا متكئا على عكازه وقد مطر الناس فقال أجاد ما أقرى المجدح البارحة فأنكر عمر قوله أجاد ما أقرى المجدح لإضافة المطر إلى المجدح

ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 343

البروز للمطر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى بلغنا أن النبي ﷺ كان يتمطر في أول مطرة حتى يصيب جسده وروى عن ابن عباس أن السماء أمطرت فقال لغلامه أخرج فراشي ورحلي يصيبه المطر فقال أبو الجوزاء لابن عباس لم تفعل هذا يرحمك الله فقال أما تقرأ كتاب الله ونزلنا من السماء ماء مباركا فأحب أن تصيب البركة فراشي ورحلي أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة عن ابن المسيب أنه رآه في المسجد ومطرت السماء وهو في السقاية فخرج إلى رحبة المسجد ثم كشف عن ظهره للمطر حتى أصابه ثم رجع إلى مجلسه

السيل

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرني من لا أتهم عن يزيد بن عبد الله بن الهاد أن النبي ﷺ كان إذا سال السيل يقول يقول اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه ونحمد الله عليه قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم عن إسحق بن عبد الله أن عمر كان إذا سال السيل ذهب بأصحابه إليه وقال ما كان ليجيء من مجيئه إحد إلا تمسحنا به

ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 344

طلب الإجابة في الدعاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرني من لا أتهم قال حدثني عبد العزيز بن عمر عن مكحول عن النبي ﷺ قال اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث قال الشافعي: وقد حفظت من غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيب وإقامة الصلاة

القول في الإنصات عند رؤية السحاب والريح

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرني من لا أتهم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب أن النبي ﷺ كان إذا برقت السماء أو رعدت عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سرى عنه قال الشافعي: أخبرني من أتهم قال قال المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت كان النبي ﷺ إذا أبصرنا شيئا في السماء يعنى السحاب ترك عمله واستقبل القبلة قال اللهم اني أعوذ بك من شر ما فيه فإن كشفه الله حمد الله تعالى وإن مطرت قال اللهم سقيا نافعا قال الشافعي: وأخبرني من لا أتهم قال حدثني أبو حازم عن ابن المسيب أن النبي ﷺ كان إذا سمع حس الرعد عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سرى عنه فسئل عن ذلك فقال إني لا أدرى بما أرسلت أبعذاب أم برحمة قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال حدثنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال ما هبت ريح إلا جثا النبي ﷺ على ركبتيه وقال اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا قال قال ابن عباس في كتاب الله عز وجل إنا أسلنا عليهم ريحا صرصرا و إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وقال وأرسلنا الرياح لواقح وأرسلنا الرياح مبشرات قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال أخبرنا صفوان بن سليم قال قال رسول الله ﷺ لا تسبوا وعوذوا بالله من شرها قال الشافعي: ولا ينبغي لأحد أن يسب الريح فإنها خلق الله عز وجل مطيع وجند من أجناده قال الشافعي: أخبرنا محمد بن عباس قال شكا رجل إلى النبي ﷺ الفقر فقال النبي ﷺ لعلك تسب الريح

صفحة : 345

أخبرنا الثقة عن الزهري عن ثابت بن قيس عن أبي هريرة قال أخذت الناس ريح بطريق مكة وعمر حاج فاشتدت فقال عمر رضي الله عنه لمن حوله ما بغلكم في الريح فلم يرجعوا إليه شيئا فلبلغني الذي سأل عنه عمر من أمر الريح فاستحثثت راحلتي حتى أردكت عمر وكنت في مؤخر الناس فقلت يا أمير المؤمنين أخبرت أنك سألت عن الريح وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فلا تسبوها واسألوا الله من خيرها وعوذوا بالله من شرها أخبرنا سفيان بن عيينة قال قلت لابن طاوس ما كان أبوك يقول إذا سمع الرعد قال كان يقول سبحان من سبحت له قال الشافعي: كأنه يذهب إلى قول الله عز وجل ويسبح الرعد بحمده

الإشارة إلى المطر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا من لا أتهم قال حدثنا سليمان بن عبد الله عن عروة بن قال الشافعي: ولم تزل العرب تكره الإشارة إليه في الرعد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة أن مجاهدا كان يقول الرعد ملك والبرق أجنحة الملك يسقن السحاب قال الشافعي: ما أشبه ما قلا مجاهد بظاهر القرآن أخبرنا الثقة عن مجاهد أنه قال ما سمعت بأحذ ذهب البرق ببصره كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل يكاد البرق يخطف أبصارهم قال وبلغني عن مجاهد أنه قال وقد سمعت من تصيبه الصواعق كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وسمعت من يقول الصواعق ربما قتلت وأحرقت

ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 346

كثرة المطر وقلته

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب أن النبي ﷺ قال ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء قال الشافعي: أخبرنا من لا أتهم عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن الناس مطروا ذات ليلة فلما أصبح النبي ﷺ عدا عليهم فقال ما على الأرض بقعة إلا وقد مطرت هذه الليلة قال الشافعي: أخبرنا من لا أتهم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال ليس السنة بأن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا ثم تمطروا ولا تنبت الأرض شيئا

أي الأرض أمطر

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني إسحق بن عبد الله عن الأسود عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال المدينة بين عيني السماء عين بالشام وعين باليمن وهي أقل الأرض مطرا قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال أخبرني يزيد أو نوفل بن عبد الملك الهاشمي أن النبي ﷺ قال أسكنت أقل الأرض مطرا وهي بين عيني السماء يعني المدينة عين بالشام وعين باليمن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال يوشك أن تطر المدينة مطر لا يكن أهلها البيوت ولا يكنهم إلا مظال الشعر قال الشافعي: أخبرني ما لا أتهم عن صفوان بن سليم أن النبي ﷺ قال يصيب المدينة مطر لا يكن أهلها بيت من مدرقال الشافعي: أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني محمد بن زيد بن مهاجر عن صالح بن عبد الله بن الزبير أن كعبا قال له وهو يعمل وتدا بمكة اشدد وأوثق فإنا نجد في الكتب أن السيول ستعظم في آخر الزمان أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال جاء مكة مرة سيل طبق ما بين الجبلين قال الشافعي: وأخبرني من لا أتهم قال أخبرني موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن

صفحة : 347

حنيف عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال يوشك المدينة أن يصيبها مطر أربعين ليلة لا يكن أهلها بيت من مدر

أي الريح يكون بها المطر

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني عبد الله بن عبيدة عن محمد بن عمرو أن النبي ﷺ قال نصرت بالصبا وكانت عذابا على من كان قبليقال الشافعي: وبلغني أن قتادة قال قال رسول الله ﷺ ما هبت جنوب قط قال الشافعي: يعني أن الله خلقها تهب نشرا بين يدي رحمته من المطر أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا سليمان عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن عن عبد الله بن مسعود قال إن الله تبارك وتعالى يرسل الرياح فتحمل الماء من السماء ثم تمر في السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة ثم تمطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال حدثني إسحق بن عبد الله أن النبي ﷺ قال إذا أنشئت بحرية ثم استحالت شامية فهو أمطر لها

الحكم في تارك الصلاة

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: رحمه الله تعالى من ترك الصلاة المكتوبة ممن دخل في الإسلام قيل له لم لا تصلى فإن ذكر نسيانا قلنا فصل إذا ذكرت وإن ذكر مرضا قلنا فصل كيف أطقت قائما أو قاعدا أو مضطجعا أوموميا فإن قال أنا أطيق الصلاة وأحسنها ولكن لا أصلى وإن كانت علي فرضا قيل له الصلاة عليك شيء لا يعمله عنك غيرك ولا تكون إلا بعملك فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك فإن الصلاة أعظم من الزكاة والحجة فيها ما وصفت من أن أبا بكر رضي الله عنه قال لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله ﷺ قال الشافعي: يذهب فيما أرى والله تعالى أعلم إلى قول الله تبارك وتعالى أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأخبره أبو بكر أنه إنما يقاتلهم على الصلاة والزكاة وأصحاب رسول الله ﷺ قاتلوا من منع الزكاة إذا كانت فريضة من فرائض الله جل ثناؤهونصب دونها أهلها فلم يقدر على أخذها منهم طائعين ولم كونوا مقهورين عليها فتوخذ منهم كما تقام عليهم الحدود كارهين وتؤخذ أموالهم لمن وجبت له بزكاة أو دين كارهين أو غير كارهين فاستحلوا قتالهم والقتال سبب القتل فلما كانت الصلاة وإن كان تاركها في أيدينا غير ممتنع منا فإنا لا نقدر على

صفحة : 348

أخذ الصلاة منه لأنها ليست بشيء يؤخذ من يديه مثل اللقطة والخراج والمال قلنا إن صليت وإلا قتلناك كما يكفر فنقول إن قبلت الإيمان وإلا قتلناك إذ كان الإيمان لا يكون إلا بقولك وكانت الصلاة والإيمان مخالفين معا ما في يديك وما نأخذ من مالك لأنا نقدر على أخذ الحق منك في ذلك وإن كرهت فإن شهد عليه شهود أنه ترك الصلاة سئل عما قالوا فإن قال كذبوا وقد يمكنه أن يصلى حيث لا يعلمون صدق وإن قال نسيت صدق وكذلك لو شهدوا أنه صلى جالسا وهو صحيح فإن قال أنا مريض أو تطوعت صدق قال الشافعي: وقد قيل يستتاب تارك الصلاة ثلاثا وذلك إن شاء الله تعالى حسن فإن صلى في الثلاث وإلا قتل وقد خالفنا بعض الناس فيمن ترك الصلاة إذا أمر بها وقال لا أصلها فقال لا يقتل وقال بعضهم أضربه وأحبسه وقال بعضه أحبسه ولا أضربه وقال بعضهم لا أضربه ولا أحبسه وهو أمين على صلاته قال الشافعي: فقلت لمن يقول لا أقتله أرأيت الرجل تحكم عليه بحكم برأيك وهو من أهل الفقه فيقول قد أخطأت الحكم ووالله لا أسلم ما حكمت به لمن حكم له قال فإن قدرت على أخذه منه أخذته منه ولم ألتفت إلى قوله وإن لم أقدر ونصب دونه قاتلته حتى آخذه أو أقتله فقلت له وحجتك أن أبا بكر قاتل من منع الزكاة وقتل منهم قال نعم قلت فإن قال لك الزكاة فرض من الله لا يسع جهله وحكمك رأى منك يجوز لغيرك عندك وعند غيرك أن يحكم بخلافه فكيف تقتلني على ما لست على ثقة من أنك أصبت فيه كما تقتل من منع فرض الله عز وجل في الزكاة الذي لا شك فيه قال لأنه حق عندي وعلي جبرك عليه قلت قال لك ومن قال لك إن عليك جبري عليه قال إنما وضع الحكام ليجبروا على ما رأوا قلت فإن قال لك على ما حكموا به من حكم الله أو السنة أو ما لا اختلاف فيه قال قد يحكمون بما فيه الاختلاف قلت فإن قال فهل سمعت بأحد منهم قاتل على رد رأيه فتقتدى به فقال وأنا لم إجد هذا فإني إذا كان لي الحكم فامتنع منه قاتلته عليه قلت ومن قال لك هذا وقلت أرأيت لو قال لك قائل من ارتد عن الإسلام إذا عرضته عليه فقال قد عرفته ولا أقول به أحبسه وأضربه حتى يقول به قال ليس ذلك له لأنه قد بدل دينه ولا يقبل منه إلا أن يقول به قلت أفتعدو الصلاة إذ كانت من دينه وكانت لا تكون إلا به كما لا يكون القول بالإيمان إلا به أن يقتل على تركها أو يكون أمينا فيها كما قال بعض أصحابك فلا نحبسه ولا نضربه قال لا يكون أمينا عليها إذا ظهر لي أنه لا يصليها وهي حق عليه قلت

صفحة : 349

أفتقتله برأيك في الامتناع من حكمك برأيك وتدع قتله في الامتناع من الصلاة التي هي أبين ما افترض الله عز وجل عليه بعد توحيد الله وشهادة أن محمدا رسول الله ﷺ والإيمان بما جاء به من الله تبارك وتعالى

الحكم في الساحر والساحرة

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال تبارك وتعالى واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعملون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله ﷺ قال يا عائشة أما علمت أن الله أفتاني في أمر استفتيته فيه وقد كان رسول الله ﷺ مكث كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتيهن أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رجلي والآخر عند رأسي فقال الذي عند رجلي للذي عند رأسي ما بال الرجل قال مطبوب قال ومن طبه قال لبيد بن أعصم قال وفيم قال في جف طلعة ذكر في مشط ومشاقة تحت رعونة أو رعوفة في بئر ذروان قال فجاء رسول الله ﷺ فقال هذه التي أريتها كأن رءوس نخلها رءوس الشياطين وكأن ماءها نقاعة الحناء قال فأمر بها رسول الله ﷺ فأخرج قالت عائشة فقلت يا رسول الله فهلا قال سفيان تعني تنشرت قالت فقال أما الله عز وجل فقد شفاني وأكره أن أثير على الناس منه شرا قال ولبيد بن أعصم من بني زريق حليف اليهود قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار أنه سمع بجالة يقول كتب عمر أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقلنا ثلاث سواحر قال الشافعي: وأخبرنا أن حفصة زوج النبي ﷺ قتلت جارية لها سحرتها قال الشافعي: والسحر اسم جامع لمعان مختلفة فيقال للساحر صف السحر الذي تسحر به فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه فإن تاب وإلا قتل وأخذ ماله فيئا وإن كان ما يسحر به كلاما لا يكون كفرا وكان غير معروف ولم يضر به أحدا نهى عنه فإن عاد عزر وإن

صفحة : 350

كان يعلم أنه يضر به أحدا من غير قتل فعمد أن يعمله عزر وإن كان يعمل علما إذا عمله قتل المعمول به وقال عمدت قتله قتل به قودا إلا أن يشاء أولياؤه أن يأخذوا ديته حالة في ماله وإن قال إنما أعلم بهذا لأقتل فيخطيء القتل ويصيب وقد مات مما عملت به ففيه الدية ولا قود وإن قال قد سحرته سحرا مرض منه ولم يمت منه أقسم أولياؤه لمات من ذلك العمل وكانت لهم الدية ولا قود لهم مال الساحر ولا يغنم إلا في أن يكون السحر كفرا مصرحا وأمر عمر أن يقتل السحار عندنا والله تعالى أعلم إن كان السحر كما وصفنا شركا وكذلك أمر حفصة وأما بيع عائشة الجارية ولم تأمر بقتلها فيشبه أن تكون لم تعرف ما السحر فباعتها لأن لها بيعها عندنا وإن لم تسحرها ولو أقرت عند عائشة أن السحر شرك ما تركت قتلها إن لم تتب أو دفعتها إلى الإمام ليقتلها إن شاء الله تعالى وحديث عائشة عن النبي ﷺ على أحد هذه المعاني عندنا والله تعالى أعلم قال الشافعي: حقن الله الدماء ومنع الأموال إلا بحقها بالإيمان بالله وبرسوله أو عهد من المؤمنين بالله ورسوله لأهل الكتاب وأباح دماء البالغين من الرجال بالإمتناع من الإيمان إذا لم يكن لهم عهد قال الله تبارك وتعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد إلى غفور رحيم قال الشافعي: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله قال الشافعي: والذي أراد الله عز وجل أن يقتلوا حتي يتوبوا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أهل الأوثان من العرب وغيرهم الذين لا كتاب لهم فإن قال قائل مادل على ذلك قيل له قال الله عز وجل قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم اله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عند يد وهم صاغرون قال الشافعي: فمن لم يزل على الشرك مقيما لم يحول عنه إلى الإسلام فالقتل على الرجال دون النساء منهم

ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 351

المرتد عن الإسلام

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ومن انتقل عن الشرك إلى إيمان ثم انتقل عن الإيمان إلى الشرك من بالغي الرجال والنساء استتيب فإن تاب قبل منه وإن لم يتب قتل قال الله عز وجل ولا يزالون قال الشافعي: أخبرنا الثقة من أصحابنا عن حماد عن يحيي بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عثمان بن عفان أن رسول الله ﷺ قال لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن عكرمة قال لما بلغ ابن عباس أن عليا رضي الله تعالى عنه حرق المرتدين أو الزنادقة قال لو كنت أنا لم أحرقهم ولقتلتهم لقول رسول الله ﷺ من بدل دينه فاقتلوه ولم أحرقهم لقول رسول الله ﷺ لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله قال الشافعي: أخبرنا مالك بن أني عن زيد ابن أسلم أن رسول ﷺ قال من غير دينه فاضربوا عنقه قال الشافعي: حديث يحيى بن سعيد ثابت ولم أر أهل الحديث يثبتون الحديثين بعد حديث زيد لأنه منقطع ولا الحديث قبله قال ومعنى حديث عثمان عن النبي ﷺ كفر بعد إيمان ومعنى من بدل قتل معنى يدل على أن من بدل دينه دين الحق وهو الإسلام لا من بدل غير الإسلام وذلك أن من خرج من غير دين الإسلام إلى غيره من الإديان فإنما خرج من باطل إلى باطل ولا يقتل على الخروج من الباطل إنما يقتل على الخروج من الحق لأنه لم يكن على الدين الذي أوجب الله عز وجل عليه الجنة وعلى خلافه النار إنما كان على دين له النار إن أقام عليه قال الله جل ثناؤه إن الدين عند الله الإسلام وقال الله عز وجل ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه إلى قوله من الخاسرين وقال ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب إلى قوله مسلمون قال الشافعي: وإذا قتل المرتد أو المرتدة فأموالهما فيء لا يرثها مسلم ولا ذمي وسواء ما كسبا من أموالهما في الردة أو ملكا قبلها ولا يسبى للمرتدين ذرية امتنع المرتدون في دارهم أو لم يمتنعوا أو لحقوا في الردة بدار الحرب أو أقاموا بدار الإسلام لأن حرمة الإسلام قد ثبتت للذرية بحكم الإسلام في الدين والحرية ولا ذنب لهم في تبديل آبائهم ويوارثون ويصلى عليهم ومن بلغ منهم الحنث أمر بالإسلام فإن أسلم وإلا قتل ولو ارتد المعاهدون فامتنعوا أو هربوا إلى دار الكفار وعندنا

صفحة : 352

ذراري لهم ولدوا من أهل عهد لم نسبهم وقلنا لهم إذا بلغوا ذلك إن شئتم فلكم العهد وإلا نبذنا إليكم فاخرجوا من بلاد الإسلام فأنتم حرب ومن ولد من المرتدين من المسلمين والذميين في الردة لم يسب لأن آباءهم لا يسبون ولا يؤخذ من ماله شيء ما كان حيا فإن مات على الردة أو قتل جعلنا ما له فيئا وإن رجع إلى الإسلام فما له وإذا ارتد رجل عن الإسلام أو امرأة استتيب أيهما ارتد فظاهر الخبر فيه أنه يستتاب مكانه فإن تاب وإلا قتل وقد يحتمل الخبر أن يستتاب مدة من المدد أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بم محمد بن عبد الله بن عبد القاري عن أبيه أنه قال قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فأخبره ثم قال هل كان فيكم من مغربة خبر فقال نعم رجل كفر بعد إسلامه قال فما فعلتم به قال قربناه فضربنا عنقه فقال عمر فهلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لله يترب ويراجع أمر الله إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغنيقال الشافعي: وفي حبسه ثلاثا قولان أحدهما أن يقال ثبت عن النبي ﷺ أنه قال يحل الدم بثلاث كفر بعد إيمان وهذا قد كفر بعد إيمانه وبدل دينه دين الحق ولم يأمر النبي ﷺ فيه بأناة مؤقتة تتبع فإن قال قائل إن الله جل ثناؤه أجل بعض من قضى بعذابه أن يتمتع في داره ثلاثة أيام فإن نزول نقمة الله بمن عصاه مخالف لما يجب على الأئمة أن يقوموا به من حق الله فإن قال قائل ما دل على ذلك قيل دل عليه ما قضى الله تبارك وتعالي من إمهاله لمن كفر به وعصاه وقيل أسلناه مددا طالت وقصرت ومن أخذه بعضهم بعذاب معجل وإمهاله بعضهم إلى عذاب الآخرة الذي هو أخزى فأمضى قضاءه على ما أراد لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ولم يجعل هذا لأحد من خلقه فيما وجب من حقوقه فالمتأني به ثلاثا ليتوب بعد ثلاث كهيأته قبلها إما لا ينقطع منه الطمع ما عاش لأنه يؤيس من توبته ثم يتوب وإما أن يكون إغرامه يقطع الطمع منه فذلك يكون في مجلس وهذا قول يصح والله تعالى أعلم ومن قال لا يتأنى به من زعم أن الحديث الذي روى عن عمر لو حبستموه ثلاثا ليس بثابت لأنه لا يعلمه متصلا وإن كان ثابتا كأن لم يجعل على من قتله قبل ثلاث شيئا والقول الثاني أنه يحبس ثلاثا ومن قال به احتج بأن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أمر به وأنه قد يجب الحد فيتأني به الإمام بعض الأناة فلا يعاب عليه قال الربيع قال الشافعي: في موضع آخر لا يقتل حتى يجوز كل وقت صلاة فيقال له قم فصل فإن لم يصل قتل

صفحة : 353

قال الشافعي: اختلف أصحابنا في المرتد فقال منهم قائل من ولد على الفطرة ثم ارتد إلى دين يظهره أو لا يظهره لم يستتب وقتل وقال بعضهم سواء من ولد على الفطرة ومن أسلم لم يولد عليها فأيهما ارتد فكانت ردته إلى يهودية أو نصرانية أو دين يظهره استتيب فإن تاب قبل منه وإن لم يتب قتل وإن كانت ردته إلى دين لا يظهره مثل الزندقة وما أشبهها قتل ولم ينظر إلى توبته وقال بعضهم سواء من ولد على الفطرة ومن لم يولد عليها إذا أسلم فأيهما ارتد استتبب فإن تاب قبل منه وإن لم يتب قتل قال الشافعي: وبهذا أقول فإن قال قائل لم اخترته قيل له لأن الذي أبحت به دم المرتد ما أباح الله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت

صفحة : 354

يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصم الله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل

صفحة : 355

مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين

صفحة : 356

قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد

صفحة : 357

الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة

صفحة : 358

الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا

صفحة : 359

نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد

صفحة : 360

إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر

صفحة : 361

لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا

صفحة : 362

يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا

صفحة : 363

الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة

صفحة : 364

المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن

صفحة : 365

شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي ﷺ كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي ﷺ أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي ﷺ غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ إذا جاءك

صفحة : 366

المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله ﷺ لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله ﷺ لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي ﷺ إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله ﷺ في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله ﷺ في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر

صفحة : 367

وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله ﷺ مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصم صلاة رسول الله ﷺ إذ نهى عنهم وصلاة المسليمن غيره فإن رسول الله ﷺ انتهى عن الصلاة عليهم بنهى الله له ولم ينه الله عز وجل ورسوله ﷺ عنها ولا عن مواريثهم فإن قال قائل فإن ترك قتلهم جعل لرسول الله ﷺ خاصة فذلك يدخل عليه فيما سواه من الأحكام فيقال فيمن ترك عليه السالم قتله أو قتله جعل هذا له خاصة وليس هذا لأحد إلا بأن تأتى دلالة على أن أمرا جعل خاصة لرسول الله ﷺ وإلا فما صنع عام على الناس الاقتداء به في مثله إلا ما بين هو أنه خاص أو كانت عليه دلالة بخبر قال الشافعي: وقد عاشروا أبا بكر وعمر وعثمان أئمة الهدي وهم يعرفون بعضهم فلم يقتلوا منهم أحدا ولم يمنعوه حكم الإسلام في الظاهر إذا كانوا يظهرون الإسلام وكان عمر يمر بحذيفة بن اليمان إذا مات ميت فإن أشار عليه أن اجلس جلس واستدل على أنه منافق ولم يمنع من الصلاة عليه مسلما وإنما يجلس عمر عن الصلاة عليه أن الجلوس عن الصلاة عليه مباح له في غير المنافق إذا كان لهم مني صلى عليهم سواه وقد يرتد الرجل إلى النصرانية ثم يظهر التوبة منها وقد يمكن فيه أن يكون مقيما عليه لأنه قد يجوز له ذلك عنده بغير مجامعة النصارى ولا غشيان الكنائس فليس في ردته إلى دين لا يظهره إذا أظهر التوبة شيء يمكن بأن يقول قائل لا أجد دلالة على توبته بغير قوله إلا وهو يدخل في النصرانية وكل دين يظهره ويمكن فيه قبل أن يظهر ردته أن يكون مشتملا على الردة فإن قال قائل لم أكلف هذا إنما كلفت ما ظهر والله ولي ما غاب فأقبل القول بالإيمان إذا قاله ظاهرا وأنسبه إليه وأعمل به إذا عمل فهذا واحد في كل أحد سواء لا يختلف ولا يجوز أن يفرق بينه إلا بحجة إلا أن يفرق الله ورسوله بينه ولم نعلم لله حكما ولا لرسوله ﷺ يفرق بينه وأحكام الله ورسوله تدل على أن ليس لأحد أن يحكم على أحد إلا بظاهر والظاهر ما أقر به أو ما قامت به بينة تثبت عليه فالحجة فيما وصفنا من

صفحة : 368

النافقين وفي الرجل الذي استفتى فيه المقداد رسول الله ﷺ وقد قطع يده على الشرك وقول النبي ﷺ فهلا كشفت عن قلبه يعنى أنه لم يكن لك إلا ظاهره وفي قول النبي ﷺ في المتلاعنين إن جاءت به أحمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب عليها وإن جاءت به أديعج جعدا فلا أراه إلا قد صدق فجاءت به على النعت المكروه فقال رسول الله ﷺ إن أمره لبين لولا ما حكم الله وفي قول رسول الله ﷺ إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلى فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضى له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشىء من حق أخيه فلا يأخذ به فإني إنما أقطع له قطعة من النار قال الشافعي: ففي كل هذا دلالة بينة أن رسول الله ﷺ إذا لم يقض إلا بالظاهر فالحكام بعده أولى أن لايقضوا إلا على الظاهر ولا يعلم السرائر إلا الله عز وجل والظنون محرم على الناس ومن حكم بالظن لم يكن ذلك له والله تعالى أعلم قال الشافعي: وإذا ارتد الرجل أو المرأة عن الإسلام فهرب ولحق بدار الحرب أو غيرها وله نساء وأمهات أولاد ومكاتبون ومدبرون ومماليك وأموال ماشية وأرضون وديون له وعليه أمر القاضى نساءه أن يعتدون وأنفق عليهن من ماله وإن جاء تائبا وهن في عدتهن فهو على النكاح وإن لم يأت تائبا حتى مضى عدتهن فقد انفسخن منه وينكحن من شئن ووقف أمهات الأولاد فمتى جاء تائبا فهن في ملكه وينفق عليهن من ماله فإن مات أو قتل عتقن وكان مكاتبوه على كتابتهم تؤخذ نجومهم فإن عجزوا رجعوا رقيقا ونظر فيمن بقى من رقيقه فإن كان حبسهم أزيد في ماله حبسهم أو من كان منهم يزيد في ماله بخراج أو بصناعة أو كفاية لضيعة وإن كان حبسهم ينقص من ماله أو حبس بعضهم باع من كان حبسه منهم ناقصا لما له وهكذا يصنع في ماشيته وأرضه ودوره ورقيقه ويقتضى دينه ويقضي عنه ما حل من دين عليه فإن رجع تائبا سلم إليه ما وقف من ماله وإن مات أو قتل على ردته كان ما بقى من ماله فيئا قال الشافعي: وإلى جنى في ردته جناية لها أرش أخذ من ماله وإن جنى عليه فالجناية هدر لأن دمه مباح فما دون دمه أولى أن يباح من دمه قال وإن أعتق في ردته أحدا من رقيقه فالعتق موقوف ويستغل العبد ويوقف عليه فإن مات فهو رقيق وغلته مع عنقه فيء وإن رجع تائبا فهو حر وله ما غل بعد العتق قال وإن أقر في ردته بشيء من ماله فهو كما وصفت في العتق وكذلك

صفحة : 369

لو تصدق قال وإن وهب فلا تجوز الهبة لأنها لا تجوز إلا مقبوضة قال الشافعي: فإن قال قائل ما الفرق بينه وبين المحجور عليه في ماله يعتق فيبطل عتقه ويتصدق فتبطل صدقته ولا يلزمه ذلك إذا خرج من الولاية الفرق بينهما أن الله تبارك وتعالى يقول وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم فكان قضاء الله عز وجل أن تحبس عنهم أموالهم حتى يبلغوا ويؤنس منهم رشد فكانت في ذلك دلالة على أن لا أمر لهم وأنها محبوسة برحمة الله لصلاحهم في حياتهم ولم يسطلوا على إتلافها فيما لا يلزمهم ولا يصلح معايشهم فبطل ما أتلفوا في هذا الوجه لأنه لا يلزمهم عتق ولا صدقة ولم يحبس مال المرتد بنظر ماله ولا بأنه له وإن كان مشركا ولو كان يجوز أن يترك على شركه لجاز أمره في ماله لأنا لا نلى على المشركين أموالهم فأجزنا عليه ما صنع فيه إن رجع إلى الإسلام وإن لم يرجع حتى يموت أويقتل كان لنا بموته قبل أن يرجع ما في أيدينا من ماله فيئا فإن قيل أو ليس ما له على حاله قيل بل ما له على شرط

الخلاف في المرتد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال بعض الناس إذا ارتدت المرأة عن الإسلام حبست ولم تقتل فقلت لمن يقول هذا القول أخبرا قلته أم قياسا قال بل خبرا عن ابن عباس وكان من أحسن أهل قال الشافعي: وقلت له قد حدث بعض محدثيكم عن أبي بكر الصديق أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فما كان لنا أن نحتج به إذ كان ضعيفا عند أهل العلم بالحديث قال فإني أقوله قياسا على السنة قلت فاذكره قال نهى رسول الله ﷺ عن قتل النساء والولدان من أهل دار الحرب فإذا كان النساء لا يقتلن في دار الحرب كان النساء اللاتي ثبت لهن حرمة الإسلام أولى أن لا يقتلن قال الشافعي: فقلت له أو يشبه حكم دار الحرب في دار الإسلام قال وما الفرق بينه قلت أنت تفرق بينه قال وأني قلت أرأيت الكبير الفاني والراهب الأجير أيقتل من هؤلاء أحد في دار الحرب قال لا قلت فإن ارتد رجل فترهب أو ارتد أجيرا نقلته قال نعم قلت ولم وهؤلاء قد ثبت لهم حرمة الإسلام وصاروا كفارا فلم لا تحقن دماءهم قال لأن قتل هؤلاء كالحد ليس لي تعطيله قلت أرأيت ما حكمت به حكم الحد أنسقطه عن المرأة أرأيت القتل والقطع والرجم والجلد أتجد بين المرأة والرجل من المسلمين فيه فرقا قال لا قلت فكيف لم تقلتها بالحد في الردة

صفحة : 370

قال الشافعي: وقلت له أرأيت المرأة من دار الحرب أتغنم ما لها وتسبيها وتسترقها قال نعم قلت فتصنع هذا بالمرتدة في دار الإسلام قال لا قال فقلت له فكيف جاز لك أن تقيس بالشيء ما لا يشبهه في الوجهين قال الشافعي: وقال بعض الناس وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فقتل أو مات على ردته أو لحق بدار الحرب قسمنا ميراثه بين ورثته من المسلمين وقضينا كل دين عليه إلى أجل وأعتقنا أمهات أولاده ومدبريه فإن رجع إلى الإسلام لم نرد من الحكم شيئا إلا أن نجد من ماله شيئا في يدي أحد من ورثته فيردون عليه لأنه ماله ومن أتلف من ورثته شيئا مما قضينا له به ميراثا لم يضمنه قال الشافعي: فقلت لأعلى من قال هذا القول عندهم أصول العلم عندك أربعة أصول أوجبها وأولاها أن يؤخذ به فلا يترك كتاب الله وسنة نبيه ﷺ فلا أعلمك إلا قد جردت خلافهما ثم القياس والمعقول عندك الذي يؤخذ به بعد هذين الإجماع فقد خالفت القياس والمعقول وقلت في هذا قولا متناقضا قال فأوجدني ما وصفت قلت له قال الله تبارك وتعالى إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد مع ما ذكر من آي المواريث ألا ترى أن الله عز وجل إنما ملك الأحياء بالمواريث ما كان الموتى يملكون إذا كانوا أحياء قال بلى قلت والأحياء خلاف الموتى قال نعم قلت أفرأيت المرتد ببعض ثغورنا يلحق بمسلحة لأهل الحرب يراها فيكون قائما بقتالنا أو مترهبا أو معتزلا لا تعرف حياته فكيف حكمت عليه حكم الموتى وهو حي بخبر قلته أم قياس قال ما قلته خبرا قلت وكيف عبت أن حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في امرأة المفقور تربص أربع سنين ثم تعتد ولم يحكما في ماله فقلت سبحان الله يجوز أن يحكم عليه بشيء من حكم الموتى وإن كان الأغلب أنه ميت لأنه قد يكون غير ميت ولا يحكم عليه إلا بيقين وحكمت أنت عليه في ساعة من نهار حكم الموتى في كل شيء برأيك ثم قلت قولا متناقضا قال فقال ألا تراني لو أخذته فقتلته قلت وقد تأخذه فلا تقتله بأخذه مبرسما أو أحرس فلا تقتله حتى يفيق فتستتيبه قال نعم قال وقلت له أرأيت لو كنت إذا أخذته قتلته أكان ذلك يوجب عليه حكم الموتى وأنت لم تأخذه ولم تقتله وقد تأخذه ولا تقتله بأن يتوب بعد ما تأخذه وقبل تغير حاله بالخرس قال فإني أقول إذا ارتد ولحق بدار الحرب فحكمه حكم ميت قال فقلت له أفيجوز أن يقال ميت يحيا بغير خبر قال فإن جاز هذا لك جاز لغيرك مثله ثم كان لأهل الجهل أن يتكلموا في الحلال

صفحة : 371

والحرام قال وما ذلك لهم قلت ولم قال لأن على أهل العلم أن يقولوا من كتاب أو سنة أو أمر مجمع عليه أو أثر أو قياس أو معقول ولا يقولون بما يعرف الناس غيره إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة أو إجماع أو أثر ولا يجوز في القياس أن يخالف قلت هذا سنة قال نعم قلت فقد قلت بخلاف الكتاب والقياس والمعقول قال فأين خالفت القياس قلت أرأيت حين زعمت أن عليك إذا ارتد ولحق بدار الحرب أن تحكم عليه حكم الموتى وأنك لا ترد الحكم إذا جاء لأنك إذا حكمت به لزمك إن جاءت سنة فتركته لم تحكم عليه في ماله عشر سنين حتى جاء تائبا ثم طلب منك من كنت تحكم في ماله حكم الموتى أن تسلم ذلك إليه وقال قد لزمك أن تعطينا هذا بعد عشر سنين قال ولا أعطيهم ذلك وهو أحق بماله قلت له فإن قالوا إن كان هذا لزمك فلا يحل لك إلا أن تعطيناه وإن كان لم يلزمك إلا بموته فقد أعطيتناه في حال لا يحل لك ولا لنا ما أعطيتنا منه قال الشافعي: وقلت له أرأيت إذ زعمت أنك إذا حكمت عليه بحكم الموتى فهل يعدو الحكم فيه أن يكون نافذا لا يرد أو موقوفا عليه يرد إذا جاء قال ما أقول بهذا التحديد قلت أفتفرق بينه بخبر يلزم فنتبعه قال لا فقلت إذا كان خلاف القياس والمعقول وتقول بغير خبر أيجوز قال إنما فرق أصحابكم بغير خبر قلت أفرأيت ذلك ممن فعله منهم صوابا قال لا قلت أو رأيت أيضا قولك إذا كان عليه دين إلى ثلاثين سنة فلحق بدار الحرب فقضيت صاحب الدين دينه وهو مائة ألف دينار وأعتقت أمهات أولاده ومدبريه وقسمت ميراثه بين ابنيه فأصاب كل واحد منهما ألف دينار فأتلف أحدهما نصيبه والآخر بعينه ثم جاء مسلما من يومه أو غده فقال اردد على مالي فهو هذا وهؤلاء أمهات أولادي ومدبري بأعيانهم وهذا صاحب ديني يقول لك هذا ما له في يدي لم أغيره وهذان ابناي مالي في يد أحدهما أو قد صادني الآخر فأتلف مالي قال أقول له قد مضى الحكم ولا يرد غير أني أعطيك المال الذي في يد ابنك الذي لم يتلفه فقلت له فقال لك ولم تعطينيه دون مالي قال لأنه مالك بعينه فقلت له فمدبروه وأمهات أولاده ودينه المؤجل ماله بعينه فأعطه إياه قال لا أعطيه إياه لأن الحكم قد مضى به قلت ومضى ما أعطيت ابنه قال نعم قلت فحكمت حكما واحدا فإن كان الحق فأمضه كله وإن كان الحق رده فرده كله قال أرد ما وجدته بعينه قلت له فاردد إليه دينه المؤجل بعينه ومدبريه وأمهات أولاده قال أرد عين ما وجدت في يد وارثه قلت له أفترى هذا جواب فما زاد على أن قال فأين السنةقال الشافعي:

صفحة : 372

فقلت له أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول ﷺ قال لا يرث المسلم الكافر قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله ﷺ مثله قلت أفيعدو المرتد أن يكون كافرا أو مسلما قال بل كافر وبذلك أقتله قلت أفما تبين لك السنة أن المسلم لا يرث الكافر قال فإنا قد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه ورث مرتدا قتله وورثته من المسلمين قال فقلت أنا أسمعك وغيرك تزعمون أن ما روى عن علي من توريثه المرتد خطأ وأن الحفاظ لا يروونه في الحديث قال فقد رواه ثقة وإنما قلنا خطأ بالاستدلال وذلك ظن قال فقلت له روى الثقفي وهو ثقة عن جعفر بن محمد عن أبيه رحمهما الله تعالي عن جابر أن النبي ﷺ قضى باليمين مع الشاهد فقلت فلم يذكر جابرا الحفاظ فهذا يدل على أنه غلط أفرأيت لو احتججنا عليك بمثل حجتك فقلنا هذا ظن والثقفي ثقة وان صنع غيره أوشك قال فإذا لا نصف قلت وكذلك لم تنصف أنت حين أخبرتني أن الحفاظ رووا هذا الحديث عن علي رضي الله تعالى عنه ليس فيه توريث ماله وقلت هذا غلط ثم احتججت به فقال لو كان ثابتا قلت فأصل ما نذهب إليه نحن وأنت وأهل العلم أن ما ثبت عن رسول الله ﷺ وثبت عن غيره خلافه ولو كثروا لم يكن فيه حجة قال أجل ولكني أقول قد يحتمل قول النبي ﷺ لا يرث المسلم الكافر الذي لم يسلم قط قال الشافعي: فقلت له أفتقول هذا بدلالة في الحديث قال لا ولكن عليا رضي الله تعالى عنه أعلم به فقلت أيروي علي عن النبي ﷺ هذا الحديث فنقول لا يدع شيئا رواه عن النبي ﷺ إلا وقد عرف معناه فيوجه على ما قلت قال ما علمته رواه عن النبي ﷺ قلت أفيمكن فيه أن لا يكون سمعه قال نعم قال الشافعي: فقلت له أفترى لك في هذا حجة قال لا يشبه أن يكون يخفى مثل هذا عن علي رضي الله تعالى عنه فقلت وقد وجدتك تخبر عن النبي ﷺ أنه قضى في بروع بنت واشق بمثل صداق نسائها وكانت نكحت على غير صداق فقضى بخلافه وقد سمعته وقال مثل قول علي ابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس فقلت لا حجة لأحد ولا في قوله مع النبي

صفحة : 373

ﷺ وقلت له فإن قال لك قائل قد يمكن أن يكون إنما قال هذا زيد وابن عمر وابن عباس لأنهم علموا أن النبي ﷺ قد علم أن زوج بروع فرض لها بعد عقدة النكاح فحفظ معقل أن عقدة النكاح بعد فريضة وعلم هؤلاء أن الفريضة قد كانت بعد الدخول قال ليس في حديث معقل وهؤلاء لم يرووه فيكونون قالوه برواية وإنما قالوا عندنا بالرأي حتى يدعوا فيه رواية قال الشافعي: فقلت لم لا يكون ما رويت عن علي في المرتد هكذا قال وقلت له معاذ بن جبل يورث المسلم من الكافر ومعاوية وابن المسيب ومحمد بن علي وغيرهم ويقول بعضهم نرثهم ولا يرثونا كما تحل لنا نساؤهم ولا تحل لهم نساؤنا أفرأيت إن قال لك قائل فمعاذ بن جبل من أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ وقد يحتمل حديث رسول الله ﷺ لا يرث المسلم الكافر منت أهل الأوثان لأن أكثر حكمه كان عليهم وليس يحل نساؤهم ولكن المسلم يرث الكافر من أهل الكتاب كما يحل له نكاح المرأة منهم قال ليس ذلك له والحديث يحتمل كثيرا مما حمل وليس معاذ حجة وإن قال قولا واحتمله الحديث لأنه لم يرو الحديث قلت فنقول لك ومعاذ يجهل هذا ويرويه أسامة بن زيد قال نعم قد يجهل السنة المتقدم الصحبة ويعرفها قليل الصحبة قال الشافعي: فقلت له كيف لم تقل هذا في المرتد قال الشافعي: فقطع الكلام وقال ولم قلت يكون مال المرتد فيئا قلت بأن الله تبارك وتعالى حرم دم المؤمن وماله إلا بواحدة ألزمه إياها وأباح دم الكافر وماله إلا بأن يؤدى الجزية أو يستأمن إلى مدة فكان الذي يباح به دم البالغ من المشركين هو الذي يباح به ماله وكان المال تبعا للذي هو أعظم من المال فلما خرج المرتد من الإسلام صار في معنى من أبيح دمه بالكفر لا بغيره وكان ماله تبعا لدمه ويباح بالذي أبيح به من دمه ولا يكون أن تنحل عنه عقدة الإسلام فيباح دمه ويمنع ماله قال الشافعي: فقال فإن كنت شبهته بأهل دار الحرب فقد جمعت بينهم في شيء وفرقته في آخر قلت وما ذاك قال أنت لا تغنم ماله حتى يموت أو تقتله وقد يغنم مال الحربي قبل أن يموت وتقتله قال الشافعي: فقلت له الحكم في أهل دار الحرب حكمان فأما من بلغته الدعوة فأغير عليه بغير

صفحة : 374

دعوة آخذ ماله وإن لم أقتله وأما من لم تبلغه الدعوة فلا أغير عليه حتى أدعوه ولا أغنم من ماله شيئا حتى أدعوه فيمتنع فيحل دمه وماله فلما كان القول في المرتد أن يدعى لم يغنم ماله حتى يدعى فإذا امتنع قتل وغنم ماله

كتاب الجنائز

باب ما جاء في غسل الميث

أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال قال مالك بن أنس ليس لغسل الميت حد ينتهي لا يجزيء دونه ولا يجاوز ولكن يغسل فينقى وأخبرنا مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية أن رسول الله ﷺ قال لهن في غسل بنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور قال الشافعي: وعاب بعض الناس هذا القول على مالك وقال سبحان الله كيف لم يعرف أهل المدينة غسل الميت والأحاديث فيه كثيرة ثم ذكر أحاديث عن إبراهيم وابن سيرين فرأى مالك معانيها على إنقاء الميت لأن روايتهم جاءت عن رجال غير واحد في عدد الغسل وما يغسل به فقال غسل فلان فلانا بكذا وكذا وقال غسل فلان بكذا وكذا ثم ورأينا والله أعلم ذلك على قدر ما يحضرهم مما يغسل به الميت وعلى قدر إنقائه لاختلاف الموتى في ذلك واختلاف الحالات وما يمكن الغاسلين ويتعذر عليهم فقال مالك قولا مجملا يغسل فينقى وكذلك روى الوضوء مرة واثنتين وثلاثا وروى الغسل مجملا وذلك كله يرجع إلى الإنقاء وإذا أنقى الميت بماء قراح أو ماء عد أجزأه ذلك من غسله كما ننزل ونقول معهم في الحي وقد روى فيه صفة غسله قال الشافعي: ولكن أحب إلى أن يغسل ثلاثا بماء عد لا يقصر عن ثلاث لما قال النبي ﷺ اغسلنها ثلاثا وإن لم ينقه ثلاثا أو خمسا قلنا يزيدون حتى ينقوها وإن أنقوا في أقل من ثلاث أجزأه ولا نرى أن قول النبي ﷺ إنما هو على معنى الإنقاء إذ قال وترا ثلاثا أو خمسا ولم يوقت أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن أبي جعفر أن رسول الله ﷺ غسل ثلاثا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عطاء قال يجزيء في غسل الميت مرة

صفحة : 375

فقال عمر بن عبد العزيز ليس فيه شيء مؤقت وكذلك بلغنا عن ثعلبه بن أبي مالك قال الشافعي: والذي أحب من غسل الميت أن يوضع على سرير الموتى ويغسل في قميص أخبرنا مالك عن جعفر ابن محمد عن أبيه أن رسول الله ﷺ غسل في قميص قال فإن لم يغسل في قميص ألقيت على عورته خرقة لطيفة تواريها ويستر بثوب ويدخل بيتا لا يراه إلا من يلى غسله ويعين عليه ثم يصب رجل الماء إذا وضع الذي يلى غسله على يده خرقة لطيفة فيشدها ثم يبتديء بسفلته ينقيها كما يستنجي الحي ثم ينظف يده ثم يدخل التي يلي بها سفله فإن كان يغسله واحد أبدل الخرقة التي يلى بها سفلته وأخذ خرقة أخرى نقية فشدها على يده ثم صب الماء عليها وعلى الميت ثم أدخلها في فيه بين شفتيه ولا يفغر فاه فيمرها على أسنانه بالماء ويدخل أطراف أصابعه في منخريه بشيء من ماء فينقى شيئا إن كان هنالك ثم يوضئه وضوءه للصلاة ثم يغسل رأسه ولحيته بالسدر فإن كان ملبدا فلا بأس أن يسرح بأسنان مشط مفرجة ولا ينتف شعره ثم يغسل شقه الأيمن ما دون رأسه إلى أن يغسل قدمه اليمنى ويحركه حتى يغسل ظهره كما يغسل بطنه ثم يتحول إلى شقه الأيسر فيصنع به مثل ذلك ويقلبه على أحد شقيه إلى الآخر كل غسلة حتى لا يبقى منه موضع إلا أتى عليه بالماء والسدر ثم يصنع به ذلك ثلاثا أو خمسا ثم يمر عليه الماء القراح قد ألقى فيه الكافور وكذلك في كل غسله حتى ينقيه ويمسح بطنه فيها مسحا رفيقا والماء يصب عليه ليكون أخفى لشيء إن خرج منه قال وغسل المرأة شبيه بما وصفت من غسل الرجل قال الشافعي: وقال بعض الناس يغسل الأول بماء قراح ولا يعرف زعم الكافور في الماء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت دخل علينا رسول الله ﷺ حين توفيت ابنته فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور قال الشافعي: وإن كانت امرأة ضفروا شعر رأسها كله ناصيتها وقرنيها ثلاث قرون ثم ألقيت خلفها قال الشافعي: وأنكر هذا علينا بعض الناس فقال يسدل شعرها من بين ثدييها وإنما نتبع في هذه الآثار ولو قال قائل تمشط برأيه ما كان إلا كقول هذا المنكر علينا

صفحة : 376

أخبرنا الثقة من أصحابنا عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت ضفرنا شعر بنت رسول الله ﷺ ناصيتها وقرنيها ثلاث قرون فألقيناها خلفها قال الشافعي: ونأمر بأمر رسول الله ﷺ لمن غسلت وكفنت ابنته وبحديثها يحتج الذي عاب على مالك قوله ليس في غسل الميت شيء يوقت ثم يخالفه في غير هذا الموضع قال وخالفنا في ذلك فقال لا يسرح رأس الميت ولا لحيته وإنما يكره من تسريحه أن ينتف شعره فأما التسريح الرفيق فهو أخف من الغسل بالسدر وهو تنظيف وتمشية له قال ويتبع ما بين أظفاره بعود لين يخلل ما تحت أظفار الميت من وسخ وفي ظاهر أذنيه وسماخه قال والمنهى قال الشافعي: ومن أصحابنا من قال لا أرى أن يحلق بعد الموت شعر ولا يجز له ظفر ومنهم من لم ير بذلك بأسا وإذا حنط الميت وضع الكافور على مساجده والحنوط في رأسه ولحيته قال وإن وضع فيهما وفي سائر جسده كافورا فلا بأس إن شاء الله قال ويوضع الحنوط والكافور على الكرسف ثم يوضع على منخريه وفيه وأذنيه ودبره وإن كان له جراح نافذة وضع عليها قال فإن كان يخاف من ميتته أو ميته أن يأتى عند التحريك إذا حمل شيئا لعله من العلل استحببت أن يشد على سفليهما معا بقدر ما يراه يمسك شيئا إن أتى من ثوب صفيق فإن خف فلبد صفيق قال ويجب أن يكون في البيت الذي فيه الميت تبخير لا ينقطع حتى يفرغ من غسله ليوارى ريحا إن كانت متغيرة ولا يتبع بنار إلى القبر قال وأحب إلى إن رأى من المسلم شيئا أن لا يحدث به فإن المسلم حقيق أن يستر ما يكره من المسلم وأحب إلى أن لا يغسل الميت إلا أمين على غسله قال وأولى الناس بغسله أولاهم بالصلاة عليه وإن ولى ذلك غيره فلا بأس وأحب أن يغض الذي يصب على الميت بصره عن الميت فإن عجز عن غسله واحد أعانه عليه غيره قال ثم إذا فرغ من غسل الميت جفف في ثوب حتى يذهب ما عليه من الرطوبة ثم أدرج في أكفانه قال وأحب لمن غسل الميت أن يغتسل وليس بالواجب عندي والله أعلم وقد جاءت أحاديث في ترك الغسل منها لا تنجسوا موتاكم ولا بأس أن يغسل المسلم ذا قرابته من المشركين ويتبع جنائزه ويدفنه ولكن لا يصلى عليه وذلك أن النبي ﷺ أمر عليا رضي الله عنه يغسل أبا طالب ولا بأس أن يعزى المسلم إذا مات قال الربيع إذا مات أبوه كافرا

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صفحة : 377

باب في كم يكفن الميت

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: رحمه الله ويكفن الميت في ثلاثة أثواب بيض وكذلك بلغنا أن النبي ﷺ كفن ولا أحب أن يقمص ولا يعمم أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة أن رسول الله ﷺ كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة قال الشافعي: وما كفن فيه الميت أجزأه إن شاء الله وإنما قلنا هذا لأن النبي ﷺ كفن يوم أحد بعض القتلى بنمرة واحدة فدل ذلك على أن ليس فيه لا ينبغي أن نقصر عنه وعلى أنه يجزيء ما وارى العورة قال فإن قمص أو عمم فلا بأس إن شاء الله ولا أحب أن يجاوز بالميت خمسة أثواب فيكون سرفا قال وإذا كفن الميت في ثلاثة أثواب أجمرت بالعود حتى يعبق بها المجمر ثم يبسط أحسنها وأوسعها أولها ويدر عليه شيء من الحنوط ثم بسط عليه الذي يليه في السعة ثم ذر عليه من حنوط ثم بسط عليه الذي يليه ثم ذر عليه شيء من حنوط ثم وضع الميت عليه مستقليا وحنط كما وصفت لك ووضع عليه القطن كما وصفته لك ثم يثنى عليه صنفة الثوب الذي يليه على شقه الأيمن ثم يثنى عليه صنفته الأخرى على شقه الأيسر كما يشتمل الإنسان بالساج يعني الطيلسان حتى توازيها صنفة الثوب التي ثنيت أولا بقدر سعة الثوب ثم يصنع بالأثواب الثلاثة كذلك قال ويترك فضل من الثياب عند رأسه أكثر من عند رجليه ما يغطيهما ثم يعطف فضل الثياب من عند الرأس والرجلين فإن خشى أن تنحل عقدت الثياب فإذا وضع في اللحد حلت عقده كلها قال وإن كفن في قميص جلع القميص دون الثياب والثياب فوقه وإن عمم جعلت العمامة دون الثياب والثياب فوقها وليس في ذلك ضيق إن شاء الله تعالى قال وإن لم يكن إلا ثوب واحد أجزأ وإن ضاق وقصر غطى به الرأس والعورة ووضع على الرجلين شيء وكذلك فعل يوم أحد ببعض أصحاب النبي ﷺ قال الشافعي: فإن ضاق عن الرأس والعورة غطيت به العورة قال وإن مات ميت في سفينة في البحر صنع به هكذا فإن قدروا على دفنه وإلا أحببت أن يجعلوه بين لوحين ويربطوهما بحبل ليحملاه إلى أن ينبذه البحر بالساحل فلعل المسلمين أن يجدوه فيواروه وهي أحب إلى من طرحه للحيتان يأكلوه فإن لم يفعلوا وألقوه في البحر رجوت أن يسعهم قال والمرأة يصنع بها في الغسل والحنوط ما وصفت وتخالف الرجل في الكفن إذا كان موجودا فتلبس الدرع وتؤزر وتعمم

صفحة : 378

وتلف ويشد ثوب على صدرها بجميع ثيابها قال وأحب إلى أن يجعل الإزار دون الدرع لأمر النبي ﷺ في ابنته بذلك والسقط يغسل ويكفن ويصلى عليه إن استهل وإن لم يستهل غسل وكفن ودفن قال والخرقة التي توازى لفافة تكفيه قال والشهداء الذين عاشوا وأكلوا الطعام مثل الموتى في الكفن والغسل والصلاة والذين قتلوا في المعركة يكفنون بثيابهم التي قتلوا فيها إن شاء أولياؤهم والوالي لهم وتنزع عنهم خفاف كانت وفراء وإن شاء نزع جميع ثيابهم وكفنهم في غيرها فإن قال قائل فقد قال النبي ﷺ زملوهم بكلومهم ودمائهم فالكلوم والدماء غير الثياب ولو كفن بعضهم في الثياب لم يكن هذا مضيقا وإن كفن بعض في غير الثياب التي قتل فيها وقد كفن رسول الله ﷺ بعض شهداء أحد بنمرة كان إذا غطى بها رأسه بدت رجلاه فجعل على رجليه شيئا من شجر وقد كان في الحرب لا يشك أن قد كانت عليه ثياب قال الشافعي: وكفن الميت وحنوطه ومؤنته حتى يدفن من رأس ماله ليس لغرمائه ولا لوارثه منع ذلك فإن تشاحوا فيه فثلاثة أثواب إن كان وسطا لا موسرا ولا مقلا ومن الحنوط بالمعروف لا سرفا ولا تقصيرا ولو لم يكن حنوط ولا كافور في شيء من ذلك رجوت أن يجزيء قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا قتل المشركون المسلمين في المعترك لم تغسل القتلى ولم يصل عليهم ودفنوا بكلومهم ودمائهم وكفنهم أهلوهم فيما شاءوا كما يكفن غيرهم إن شاءوا في ثيابهم التي تشبه الأكفان وتلك القمص والأزر والأردية والعمائم لا غيرها وإن شاءوا سلبوها وكفنوهم في غيرها كما يصنع بالموتى من غيرهم وتنزع عنهم ثيابهم التي ماتوا فيها ألا ترى أن بعض شهداء أحد كفن في نمرة وقد كان لا يشك إن شاء الله تعالى عليهم السلاح والثياب وقال بعض الناس يكفنون في الثياب التي قتلوا فهيا إلا فراء أو حشوا أو لبدا قال ولم يبلغنا أن أحدا كفن في جلد ولا فرو ولا حشو وإن كان الحشو ثوبا كله فلو كفن به لم أر به بأسا لأنه من لبوس عامة الناس فأما الجلد فليس يعلم من لباس الناس وقال بعض الناس يصلى عليهم ولا يغسلون واحتج بأن الشعبي روى أن حمزة صلى عليه سبعون صلاة وكان يوتى بتسعة من القتلى حمزة عاشرهم ويصلى عليهم ثم يرفعون وحمزه مكانه ثم يؤتى بآخرين فيصلى عليهم وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعون صلاة قال وشهداء أحد اثنان وسبعون شهيدا فإذا كان قد صلى عليهم عشرة عشرة في قول الشعبي فالصلاة لا تكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان فنجلعه على أكثرها على

صفحة : 379

أنه صلى على اثنين صلاة وعلى حمزة صلاة فهذه تسع صلوات فمن أين جاءت سبعون صلاة وإن كان عنى سبعين تكبيرة فنحن وهم نزعم أن التكبير على الجنائز أربع فهي إذا كانت تسع صلوات ست وثلاثون تكبيرة فمن أين جاءت أربع وثلاثون فينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحيي على نفسه وقد كان ينبغي له أن يعارض بهذه الأحاديث كلها عينان فقد جاءت من وجوه متواترة بأن النبي ﷺ لم يصل عليهم وقال زملوهم بكلومهم ولو قال قائل يغسلون ولا يصلى عليهم ما كانت الحجة عليه إلا أن يقال له تركت بعض الحديث وأخذت ببعض قال ولعل ترك الغسل والصلاة على من قتله جماعة المشركين إرادة أن يلقوا الله جل وعز بكلومهم لما جاء فيه عن النبي ﷺ أن ريح الكلم ريح المسك واللون لون الدم واستغنوا بكرامة الله جل وعز لهم عن الصلاة لهم مع التخفيف على من بقى من المسلمين لما يكون فيمن قاتل بالزحف من المشركين من الجراح وخوف عودة العدو ورجاء طلبهم وهمهم بأهليهم وهم أهلهم بهم قال وكان مما يدل على هذا أن رؤساء المسلمين غسلوا عمر وصلوا عليه وهو شهيد ولكنه إنما صار إلى الشهادة في غير حرب وغسلوا المبطون والحريق والغريق وصاحب الهدم وكلهم شهداء وذلك أنه ليس فيمن معهم من الأحياء معنى أهل الحرب فأما من قتل في المعركة وكذلك عندى لو عاش مدة ينقطع فيها الحرب ويكون الأمان وإن لم يطعم أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب غسل وكفن وصلي عليه قال الشافعي: وإن قتل صغير في معركة أو امرأة صنع بهما ما يصنع بالشهداء ولم يغسلا ولم يصل عليهما ومن قتل في العترك بسلاح أو غيره أو وطء دابة أو غير ذلك مما يكون به الحتف فحاله حال من قتل بالسلاح وخالفنا في الصبي بعض الناس فقال ليس كالشهيد وقال قولنا بعض الصحابة وقال الصغير شهيد ولا ذنب له فهو أفضل من الكبير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ لم يصل على قتلي أحد ولم يغسلهم أخبرنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ لم يصل على قتلى أحد ولم يغسلهم أخبرنا سفيان عن الزهري وثبته معمر عن ابن أبي الصغير أن النبي ﷺ أشرف

صفحة : 380

على قتلى أحد فقال شهدت على هؤلاء فزملوهم بدمائهم وكلومهم

باب المقتول الذي يغسل ويصلى عليه

ومن لم يوجد وليس في التراجم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ومن قتله مشرك منفردا أو جماعة في حرب من أهل البغي أو غيرهم أو قتل بقصاص غسل إن قدر على ذلك وصلى عليه لأن معناه غير معنى من قتله المشركون ومعنى من قتله مشرك منفردا ثم هرب غير معنى من قتل في زحف المشركين لأن المشركين لا يؤمن أن يعودوا ولعلهم أن يطلبوا واحدا منهم فيهرب وتؤمن عودته وأهل البغي منا ولا يشبهون المشركين ألا ترى أنه ليس لنا اتباعهم كما يكون لنا اتباع المشركين وقال بعض الناس من قتل مظلوما في غير المصر بغير سلاح فيغسل فقيل له إن كنت قلت هذا بأثر عقلناه قال ما فيه أثر قلنا فما العلة التي فرقت فيها بين هؤلاء أردت اسم الشهادة فعمر شهيد قتل في المصر وغسل وصلى عليه وقد نجد اسم الشهادة يقع عندنا وعندك على القتل في المصر بغير سلاح والغريق والمبطون وصاحب الهدم في المصر وغيره ولا نفرق بين ذلك ونحن وأنت نصلى عليهم ونغسلهم وإن كان الظلم به اعتللت فقد تركت من قتل في المصر مظلوما بغير سلاح من أن تصيره إلى حد الشهداء ولعله أن يكون أعظمهم أجرا لأن القتل بغير سلاح أشد منه وإذا كان أشد منه كان أعظم أجرا وقال بعض الناس أيضا إذا أغار أهل البغي فقتلوا فالرجال والنساء والولدان كالشهداء لا يغسلون وخالفه بعض أصحابه فقال الولدان أطهر وأحق بالشهادة قال الشافعي: وكل هؤلاء يغسل ويصلى عليه لأن الغسل والصلاة سنة من بنى آدم لا يخرج منها إلا من تركه رسول الله ﷺ فهم الذين قتلهم المشركون الجماعة خاصة في قال الشافعي: من أكله سبع أو قتله أهل البغي أو اللصوص أو لم يعلم من قتله غسل وصلى عليه فإن لم يوجد إلا بعض جسده صلى على ما وجد منه وغسل ذلك العضو وبلغنا عن أبي عبيدة أنه صلى على رءوس قال بعض أصحابنا عن ثور بن زيد عن خالد بن معدان إن أبا عبيدة صلى على رءوس وبلغنا أن طائرا ألقى يدا بمكة في وقعة الجمل فعرفوها بالخاتم فغسلوها وصلوا عليها قال بعض الناس يصلى على البدن الذي فيه القسامة ولا يصلى على رأس ولا يد قال الشافعي: وإن كان لاقسامة فيه عنده ولم يوجد في أرض أحد فكيف نصلى عليه وما للقسامة والصلاة والغسل وإذا جاز أن يصلي على بعض جسده دون بعض فالقليل من يديه

صفحة : 381

والكثير من ذلك لهم سواء ولا يصلى على الرأس والرأس موضع السمع والبصر واللسان وقوام البدن ويصلى على البدن بلا رأس الصلاة سنة المسلمين وحرمة قليل البدن لأنه كان فيه الروح حرمة كثيره في الصلاة

باب اختلاط موتى المسلمين بموتى الكفار

وليس في التراجم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا غرق الرجال أو أصابهم هدم أو حريق وفيهم مشركون كانوا أكثر أول أقل من المسلمين صلى عليهم وينوى بالصلاة المسلمين دون المشركين وقال بعض الناس إذا كان المسلمون أكثر صلى عليه ونوى بالصلاة المسلمين دون المشركين وإن كان المشركون أكثر لم يصل على واحد منهم قال الشافعي: لئن جازت الصلاة على مائة مسلم فيهم مشرك بالنية لتجوزن على مائة مشرك فيهم مسلم وما هو إلا أن يكونوا إذا خالطهم مشرك لا يعرف فقد حرمت الصلاة عليهم وإن الصلاة تحرم على المشركين فلا يصلى عليهم أو تكون الصلاة واجبة على المسلمين وإن خالطهم مشرك نوى المسلم بالصلاة ووسع ذلك المصلى وإن لم يسع الصلاة في ذلك مكان المشركين كانوا أكثر أو أقل قال الشافعي: وما نحتاج في هذا القول إلى أن نبين خطأه بغيره فإن الخطأ فيه لبين وما ينبغي أن يشكل على أحد له علم

ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

صفحة : 382

باب حمل الجنازة وليس في التراجم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويستحب للذي يحمل الجنازة أن يضع السرير على كاهله بين العمودين المقدمين ويحمل بالجوانب الأربع وقال قائل لا تحمل بين العمودين هذا عندنا مستنكر فلم يرض أن جهل ما كان ينبغي له أن يعلمه حتى عاب قول من قال بفعله هذا وقد روى عن بعض أصحاب رسول الله ﷺ أنهم فعلوا ذلك أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال رأيت سعد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن ابن عوف قائما بين العمودين المقدمين واضعا السرير على كاهله وأخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن يوسف ابن ماهك أنه رأى ابن عمر في جنازة رافع بن خديح قائما بين قائمتي السرير أخبرنا الثقة عن إسحق بن يحيى ابن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة قال رأيت عثمان بن عفان يحمل بين عمودي سرير أمه فلم يفارقه حتى وضعه أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن ثابت عن أبيه قال رأيت أبا هريرة يحمل بين عمودي سرير سعد بن أبي وقاص أخبرنا بعض أصحابنا عن شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال رأيت ابن الزبير يحمل بين عمودي سرير المسور ابن مخرمة قال الشافعي: فزعم الذي عاب هذا علينا أنه مستنكر لا نعلمه إلا قال برأيه وهؤلاء أصحاب رسول الله ﷺ وما سكتنا عنه من الأحاديث أكثر مما ذكرنا قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا مات المحرم غسل بماء وسدر وكفن في ثيابه التي أحرم فيها أو غيرها ليس فيها قميص ولا عمامة ولا يعقد عليه ثوب كما لا يعقد الحي المحرم ولا يمس بطيب ويخمر وجهه ولا يخمر رأسه ويصلى عليه ويدفن وقال بعض الناس إذا مات كفن كما يكفن غير المحرم وليس ميت إحرام واحتج بقول عبد الله بن عمر ولعل عبد اله بن عمر لم يسمع الحديث بل لا أشك إن شاء الله ولو سمعه ما خالفه وقد ثبت عن رسول الله ﷺ قولنا كما قلنا وبلغنا عن عثمان بن عفان مثله وما ثبت عن رسول الله ﷺ فليس لأحد خلافه إذا بلغه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت سعيد

صفحة : 383

بن جبير يقول سمعت ابن عباس يقول كنا مع النبي ﷺ فخر رجل عن بعيره فوقص فمات فقال النبي ﷺ اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه قال سفيان وزاد إبراهيم ابن أبي بحرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال وخمروا وجهه ولا تخمروا رأسه ولا تمسوه طيبا فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن شهاب أن عثمان بن عفان صنع نحو ذلك

وما يفعل بعد كل تكبيرة وليس في التراجم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا صلى الرجل على الجنازة كبر أربعا وتلك السنة ورويت عن النبي ﷺ أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي ﷺ نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف أخبره أن مسكينة مرضت فأخبر النبي ﷺ بمرضها قال وكان رسول الله ﷺ يعود المرضى ويسأل عنهم فقال رسول الله ﷺ إذا ماتت فآذنوني بها فخرج بجنازتها ليلا فكرهوا أن يوقظوا رسول الله ﷺ فلما أصبح رسول الله ﷺ أخبر بالذي كان من شأنها فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها فقالوا يا رسول الله كرهنا أن نوقظك ليلا فخرج رسول الله ﷺ حتي صف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات قال الشافعي: فلذلك نقول يكبر أربعا على الجنائز يقرأ في الأولى بأم القرآن ثم يصلى على النبي قال الشافعي: إنا صلينا على الجنازة وعلمنا كيف سنة الصلاة فيها لرسول الله ﷺ فإذا وجدنا لرسول الله ﷺ سنة اتبعناها أرأيت لو قال قائل أزيد في التكبير علي ما قلتم لأنها ليست بفرص أولا أكبر وأدعوا للميث هل كانت لنا عليه حجة إلا أن نقول قد خالفت السنة وكذلك الحجة على من قال لا يقرأ إلا أن يكون رجل لم تبلغه السنة فيها أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ كبر على الميت أربعا وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى

صفحة : 384

أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلما سلم سألته عن ذلك فقال سنة وحق أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة وقال إنما فعلت لتعلموا أنها سنة أخبرنا مطرف ابن مازن عن معمر عن الزهري قال أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي ﷺ أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ثم يصلى على النبي ﷺ ويخلص الدعاء للميت في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سرا في نفسه أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال حدثني محمد الفهري عن الضحاك بن قيس أنه قال مثل قول أبي أمامة قال الشافعي: والناس يقتدون بإمامهم يصنعون ما يصنعقال الشافعي: وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي ﷺ لا يقولان السنة إلا لسنة رسول الله ﷺ إن شاء الله قال الشافعي: أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن الزهري عن أبي أمامة قال السنة أن يقرأ على الجناز بفاتحة الكتاب قال الشافعي: وأصحاب النبي ﷺ لا يقولون بالسنة والحق إلا لسنة رسول الله ﷺ إن شاء الله تعالى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن إسحق بن عبد الله عن موسى بن وردان عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة علي الجنازة وبلغنا ذلك عن أبي بكر الصديق وسهل بن حنيف وغيرهما من أصحاب النبي ﷺ قال الشافعي: ولا بأس أن يصلى على الميت بالنية فقد فعل ذلك رسول الله ﷺ بالنجاشي صلى عليه بالنية وقال بعض الناس لا يصلى عليه بالنية وهذا خلاف سنة رسول الله ﷺ الذي لا يحل لأحد خلافها وما نعلمه روى في ذلك شيئا إلا ما قال برأيه قال ولا بأس أن يصلى على القبر بعد ما يدفن الميت بل نستحبه وقال بعض الناس لا

صفحة : 385

يصلى على القبر وهذا أيضا خلاف سنة رسول الله ﷺ الذي لا يحل لأحد علمها خلافها قد صلى رسول الله ﷺ على قبر البراء بن معرور وعلى قبر غيره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن النبي ﷺ صلى على قبر امرأة وكبر أربعا قال الشافعي: وصلت عائشة على قبر أخيها وصلى ابن عمر على قبر أخيه عاصم بن عمر قال الشافعي: ويرفع المصلى يديه كلما كبر على الجنازة في كل تكبيرة للأثر والقياس على السنة في الصلاة وأن رسول الله ﷺ رفع يديه في كل تكبيرة كبرها في الصلاة وهو قائم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه كلما كبر على الجنازة قال الشافعي: وبلغني عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير مثل ذلك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا وقال بعض الناس لا يرفع يديه رلا في التكبيرة الأولى وقال ويسلم تسليمة يسمع من يليه وإن شاء تسليمتين أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يسلم في الصلاة على الجنازة قال الشافعي: ويصلى على الجنازة فياما مستقبلى القبلة ولو صلوا جلوسا من غير عذر أو ركبانا أعادوا وإن صلوا بغير طهارة أعادوا وإن دفنوه بغير صلاة ولا غسل أو لغير القبلة فلا بأس عندي أن يماط عنه التراب ويحول فيوجه للقبلة وقيل يخرج ويغسل ويصلى عليه ما لم يتغير فإن دفن وقد غسل ولم يصل عليه لم أحب إخراجه وصلى عليه في القبر قال الشافعي: وأحب إذا كبر على الجنازة أن يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى ثم يكبر ثم يصلى على النبي ﷺ ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات ثم يخلص الدعاء للميت وليس في الدعاء شيء مؤقت وأحب أن يقول اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وارفع درجته وقه عذاب القبر وكل هول يوم القيامة وابعثه من الآمنين وإن كان مسيئا فتجاوز عنه وبلغه بمغفرتك وطولك درجات المحسنين اللهم فارق من كان يحب من سعة الدنيا والأهل وغيرهم إلى ظلمة القبر وضيقه وانقطع عمله وقد جئناك شفعاء له ورجونا له رحمتك وأنت

صفحة : 386

قال الشافعي: سمعنا من أصحابنا من يقول المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها ولم أسمع أحدا عندنا يخالف في ذلك وقال بعض الناس المشي خلفها أفضل واحتج بأن عمر إنما قدم الناس لتضايق الطريق حتى كأنا لم نحتج بغير ما رويا عن عمر في هذا الموضع واحتج بأن عليا رضي الله عنه قال المشي خلفه أفضل واحتج بأن الجنازة متبوعة وليست بتابعة وقال التفكر في أمرها إذا كان خلفها أكثر قال الشافعي: والحبة في أن المشي أمام الجنازة أفضل مشى النبي ﷺ أمامها وقد علموا أن لعامة تقتدي بهم وتفعل فعلهم ولم يكونوا مع تعليمه العامة نعلمهم يدعون موضع الفضل في اتباع الجنازة ولم نكن نحن نعرف موضع الفضل إلا بفعلهم فإذا فعلوا شيئا وتتابعوا عليه كان ذلك موضع الفضل فيه والحجة فيه من مشى رسول الله ﷺ أثبت من أن يحتاج معها إلى غيرها وإن كان في اجتماع أئمة الهدى بعده الحجة ولم يمشوا في مشيهم لتضايق الطريق إنما كانت المدينة أو عامتها فضاء حتى عمرت بعد فأين تضايق الطريق فيها ولسنا نعرف عن علي رضي الله عنه خلاف فعل أصحابه وقال قائل هذا الجنازة متبوعة فلم نر من مشى أمامها إلا لاتباعها فإذا مشى لحاجته فليس بتابع للجنازة ولا يشك عند أحد أن من كان أمامها هو معها ولو قال قائل الجنازة متبوعة فرأى هذا كلاما ضعيفا لأن الجنازة إنما هي تنقل لا تتبع أحدا وإنما يتبع بها وينقلها الرجال ولا تكون هي تابعة ولا زائلة إلا أن يزال بها ليس للجنازة عمل إنما العمل من تبعها ولمن معها ولو شاء محتج أن يقول أفضل ما في الجنازة حملها والحامل إنما يكون أمامها ثم يحملها لكان مذهبا والفكر للمتقدم والمتخلف سواء ولعمري لمن يمشى من أمامها الفكر فيها وإنما خرج من أهله يتبعها إن هذه لمن الغفلة ولا يؤمن عليه إذا كان هكذا أن يمشى وهو خلفها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي ﷺ وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة أخبرنا مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة عن عبد الله بن الهدير أنه أخبره أنه رأى عمر بن الخطاب يقدم الناس أما زينب بنت جحش

صفحة : 387

أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد مولى السائب قال رأيت ابن عمر وعبيد بن عمير يمشيان أمام الجنازة فتقدما فجلسا يتحدثان فلما جازت بهما الجنازة قاما قال الشافعي: وبحديث ابن عمر وغيره أخذنا في أنه لا بأس أن يتقدم فيجلس قبل أن لا يؤتى بالجنازة ولا ينتظر أن يأذن له أهلها في الجلوس وينصرف أيضا بلا إذن وأحب إلى لو استتم ذلك كله قال الشافعي: أحب حمل الجنازة من أين حملها ووجه حملها أن يضع ياسرة السرير المقدمة على عاتقه الأيمن ثم ياسرته المؤخرة ثم يامنة لسرير المقدمة على عاتقه الأيسر ثم يامنته المؤخرة وإذا كان الناس مع الجنازة كثيرين ثم أتى على مياسره مرة أحببت له أن يكون أكثر حمله بين العمودين وكيفما يحمل فحسن وحمل الرجل والمرأة سواء ولا يحمل النساء الميت ولا الميتة وإن ثقلت الميتة فقد رأيت من يحمل عمدا حتى يكون من يحملها على ستة وثمانية على السرير وعلى اللوح إن لم يوجد السرير وعلى المحمل وما حمل عليه أجزأ وإن كان في موضع عجلة أو بعض حاجة تتعذر فخيف عليه التغير قبل يهيأ له ما يحمل عليه حمل على الأيدي والرقاب ومشى بالجنازة أسرع سجية مشى الناس لا الإسراع الذي يشق علي ضعفة من يتبعها إلا أن يخاف تغيرها أو انبجاسها فيعجلونها ما قدروا ولا أحب لأحد من أهل الجنازة الإبطاء في شيء من حالاتها من غسل أو وقوف عند القبر فإن هذا مشقة على من يتبع الجنازة

ID ' ' عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 388

باب الخلاف في إدخال الميت القبر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وسل الميت سلا من قبل رأسه وقال بعض الناس يدخل معترضا من قبل القبلة وروى حماد عن إبراهيم أن النبي ﷺ أدخل من قبل القبلة معترضا أخبرني الثقات من أصحابنا أن قبر النبي ﷺ على يمين الداخل من البيت لاصق بالجدار والجدار الذي للحد لجنبه قبلة البيت وأن لحده تحت الجدار فكيف يدخل معترضا واللحد لاصق بالجدار لا يقف عليه شيء ولا يمكن إلا أن يسل سلا أو يدخل من خلاف القبلة وأمور الموتى وإدخالهم من الأمور المشهورة عندنا لكثرة الموت وحضور الأئمة وأهل الثقة وهو من الأمور العامة التي يستغنى فيها عن الحديث ويكون الحديث فيها كالتكليف بعموم معرفة الناس لها ورسول الله ﷺ والمهاجرون والأنصار بين أظهرنا ينقل العامة عن العامة لا يختلفون في ذلك أن الميت يسل سلا ثم جاءنا آت من غير بلدنا يعلمنا كيف ندخل الميت ثم لم يعلم حتى روى عن حماد عن إبراهيم أن النبي ﷺ أدخل معترضا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج عن عمر ان بن موسى أن رسول الله ﷺ سل من قبل رأسه والناس بعد ذلك أخبرنا الثقة عن عمرو بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال سل رسول الله ﷺ من قبل رأسه وأخبرنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وابن الضر لا اختلاف بينهم في ذلك أن رسول الله ﷺ سل من قبل رأسه وأبو بكر وعمر قال الشافعي: ويسطح القبر وكذلك بلغنا عن النبي ﷺ أنه سطح قبر إبراهيم ابنه ووضع عليه حصى من حصى الروضة وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي ﷺ رش على قبر إبراهيم ابنه ووضع عليه حصباء والحصباء لا تثبت إلا على قبر مسطح وقال بعض الناس يسنم القبر ومقبرة المهاجرين والأنصار عندنا مسطح قبورها ويشخص من الأرض نحو من شبر ويجعلعليها البطحاء مرة ومرة تطين ولا أحسب هذا من الأمور التي ينبغي أن ينقل فيها أحد علينا وقد بلغني عن القاسم ابن محمد قال رأيت قبر النبي ﷺ وأبي بكر وعمر مسطحه قال ويغسل الرجل امرأته إذا ماتت والمرأة زوجها إذا مات وقال بعض الناس تغسل

صفحة : 389

المرأة زوجها ولا يغسلها فقيل له لم فرقت بينهما قال أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء فقلت وأوصت فاطمة أن يغسلها علي رضي الله عنهما قال وإنما قلت أن تغسله هي لأنها في عدة منه قلنا إن كانت الحجة الأثر عن أبي بكر فلو لم يرو عن طلحة رضي الله عنه ولا ابن عباس ولا غيرهما في ذكل شيء كانت الحجة عليك بأن قد علمنا أنه لا يحل لها منه إلا ما حل له منها قال ألا ترى أن له أن ينكح إذا ماتت أربع نسوة سواها وينكح أختها فقيل له العدة والنكاح ليسا من الغسل في شيء أرأيت قولك ينكح أختها أو أربعا سواها أنها فارقت حكم الحياة وصارت كأنها ليست زوجة أو لم تكن زوجة قط قيل نعم قيل فهو إذا مات زوج أو كأنه لم يكن زوجا قال بل ليس بزوج قد انقطع حكم الحياة عنه كما انقطع عنها غير أن عليها منه عدة قلنا العدة جعلت عليها بسبب ليس هذا ألا ترى أنها تعتد ولا يعتد وأنها تتوفى فينكح أربعا ويتوفى تنكح دخل بها أو لم يدخل بها حتى تعتد أربعة وعشرا شيء جعله الله تعالى عليها دونه وأن كل واحد من الزوجين فيما يحل له ويحرم عليه من صاحبه سواء أرأيت لو طلقها ثلاثا أليست عليها منه عدة قال بلى قلت فكذلك لو بانت بإيلاء أو لعان قال بلى قيل فإن بانت منه ثم مات وهي في عدة الطلاق أتغسله قال لا قلت ولم قد زعمت أن غسلها إياه دون غسله إياها إنما هو بالعدة وهذه تعتد قال ليست له بامرأة قلت فما ينفعك حجتك بالعدة كالعبث كان ينبغي أن تقول تغسله إذا زعمت أن العدة تحل لها منه ما يحرم عليها فلا يحرم عليها غسله قيل أفيحل لها في العدة منه وهما حيان أن تنظر إلى فرجه وتمسكه كما كان يحل لها قبل الطلاق قال لا قيل وهي منه في عدة قال ولا تحل العدة ههنا شيئا ولا تحرمه إنما يحله عقد النكاح فإذا زال بان لا يكون له عليها فيه رجعة فهي منه فيما يحل له ويحرم كما تعد النساء قيل وكذلك هو منها قال نعم قيل فلو قال هذا غيركم ضعفتموه وهي لا تعدو وهو لا يعدو إذا ماتت أن يكون عقد النكاح زائلا بلا زوال للطلاق فلا يحل له غسلها ولا لها غسله أو يكون ثابتا فيحل لكل منهما من صاحبه ما يحل للآخر أو نكون مقلدين لسلفنا في هذا فقد أمر أبو بكر وسط المهاجرين والأنصار أن تغسله أسماء وهو فيما يحل له ويحرم عليه أعلم وأتقى لله وذلك دليل على أنه كان إذا رأى لها أن تغسله إذا مات كان له أن يغسلها إذا مات لأن العقد الذي حلت له به هو العقد الذي به حل لها ألا ترى أن الفرج كان حراما قبل العقد فلما انعقد حل حتى تنفسخ العقدة فلكل واحد من الزوجين فيما يحل لكل واحد منهما من صاحبه ما للآخر لا يكون للواحد منهما

صفحة : 390

في العقد شيء ليس لصاحبه ولا إذا انفسخت لم يكن له عليها الرجعة شيء لا يحل لصاحبه ولا إذا مات شيء لا يحل لاصحبه فهما في هذه الحالات سواء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن عروة بن الزبير أن عائشة قالت لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله ﷺ إلا نساؤه أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عمارة عن أم محمد بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله ﷺ أوصتها أن تغسلها إذا

باب العمل في الجنائز

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حق على الناس غسل الميت والصلاة عليه ودفنه لا يسع عامتهم تركه وإذا قام بذلك منهم من فيه كفاية له أجزأ إن شاء الله تعالي وهو كالجهاد عليهم حق أن لا يدعوه وإذا ابتدر منهم من يكفى الناحية التي يكون بها الجهاد أجزأ عنهم والفضل لأهل الولاية ذلك عن أهل التخلف عنه قال الشافعي: وإنما ترك عمر عندنا والله أعلم عقوبة من مر بالمرأة التي دفنها أظنه كليب لأن المار المنفرد قد كان ياتكل على غيره ممن يقوم مقامه فيه وأما أهل رفقة متفردين في طريق غير مأهولة لو تركوا ميتا منهم وهو عليهم أن يواروه فإنه ينبغي للإمام أن يعاقبهم لاستخفافهم بما يجب عليهم من حوائجهم في الإسلام وكذلك كل ما وجب على الناس فضيعوه فعلى السلطان أخذه منهم وعقوبتهم فيه بما يرى غير متجاوز القصد في ذلك قال وأحب إذا مات الميت أن لا يعجل أهله غسله لأنه قد يغشى عليه فيخيل إليهم أنه قد مات حتى يروا علامات الموت المعروفة فيه وهو أن تسترخي قدماه ولا تنتصبان وأن تنفرج زندا يديه والعلامات التي يعرفون بها الموت فإذا رأوها علجوا غسله ودفنه فإن تعجيله تأدية الحق إليه ولا ينتظر بدفن الميت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن قبيصة بن ذؤيب كان يحدث أن رسول الله ﷺ أغمض أبا سلمة قال الشافعي: ويطبق فوه وإن خيف استرخاء لحييه شد بعصابة قال ورأيت من يلين مفاصله ويبسطها لتلين ولا تجسو ورأيت الناس يضعون الحديدة السيف أو غيره على بطن الميت والشيء من الطين المبلول كأنهم يذودون أن تربو بطنه فما صنعوا من ذلك مما رجوا وعرفوا أن فيه دفع

صفحة : 391

مكروه رجوت أن لا يكون به بأس إن شاء الله تعالى ولم أر من شأن الناس أن يضعوا الزاووق يعني الزئبق في أذنه وأنفه ولا أن يضعوا المرتك يعني المرداسنج على مفاصله وذلك شيء تفعله الأعاجم يريدون به البقاء للميت وقد يجعلونه في الصندوق ويفضون به إلى الكافور ولست أحب هذا ولا شيئا منه ولكن يصنع به كما يصنع باهل الإسلام ثم يغسل والكفن والحنوط والدفن فإنه صائر إلى الله جل وعز والكرامة له برحمة الله تعالى والعمل الصالح قال وبغلني أنه قيل لسعد بن أبي وقاص نتخذ لك شيئا كأنه الصندوق من الخشب فقال اصنعوا بي ما صنعتم برسول الله ﷺ انصبوا علي اللبن وأهيلوا على التراب

باب الصلاة على الميت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا حضر الولي الميت أحببت أن لا يصلى عليه إلا بأمر وليه لأن هذا من الأمور الخاصة التي أرى الولي أحق بها من الوالي والله تعالى أعلم وقد قال بعض من له علم الوالي أحق وإذا حضر الصلاة عليه أهل القرابة فأحقهم به الأب والجد من قبل الأب ثم الولد وولد الولد ثم الأخ للأب والأم ثم الأخ للأب ثم أقرب الناس من قبل الأب وليس من قبل الأم لأنه إنما الولاية للعصبة فإذا استوى الولاة في القرابة وتشاحوا وكل ذي حق فأحبهم إلى أسنهم إلا أن تكون حاله ليست محمودة فكان أفضلهم وأفقههم أحب إلى فإن تقاربوا فأسنهم فإن استووا وقلما يكون ذلك فلم يصطلحوا أقرع بينهم فأيهم خرج سمهه ولى الصلاة عليه قال والحر من الولاة أحق بالصلاة عليه من المملوك ولا بأس بصلاة المملوك عن الجنازة وإذا حضر رجل ولي أو غير ولي مع نسوة بعلا رجلا ميتا أو امرأة فهو أحق بالصلاة عليها من النساء إذا عقل الصلاة وإن لم يبلغ مملوكا كان أو حرا فإن لم يكن يعقل الصلاة صلين على الميت صفا منفردات وإن أمتهن إحداهن وقامت وسطهن لم أر بذلك بأسا فقد صلى الناس على رسول الله ﷺ أفرادا لا يؤمهم أحد وذلك لعظم أمر رسول الله ﷺ وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة في الصلاة عليه واحد وصلوا عليه مرة بعد مرة وسنة رسول الله ﷺ في الموتى والأمر المعمول به إلى اليوم أن يصلى عليهم بإمام ولو صلى عليهم أفرادا أجزأهم الصلاة عليهم إن شاء الله تعالى وأحب أن تكون الصلاة على الميت صلاة واحدة هكذا رأيت صلاة الناس لا يجلس بعد الفراغ منها لصلاة من فاتته الصلاة عليه ولو جاء ولي له ولا يخاف على الميت التغير فصلى عليه رجوت أن لا يكون بذلك بأس إن شاء الله تعالى قال وإن أحدث

صفحة : 392

الإمام انصرف فتوضأ وكبر من خلفه ما بقى من التكبير فرادى لا يؤمهم أحد ولو كان في موضع وضوئه قريبا فانتظروه فبنى على التكبير رجوت أن لا يكون بذلك بأس ولا يصلى على الجنازة في مصر إلا طاهرا قال ولو سبق رجل ببعض التكبير أن لا يكون بذلك بأس ولا يصلى على الجنازة في مصر إلا طاهرا قال لم ينتظر بالميت حتى يقضى تكبيره ولا ينتظر المسبوق الإمام أن يكبر ثانية ولكنه يفتتح لنفسه وقال بعض الناس إذا خاف الرجل في المصر فوت الجنازة تيمم وصلي وهذا لا يجيز التيمم في المصر لصلاة نافلة ولا مكتوبة إلا لمريض زعم وهذا غير مريض ولا تعدو الصلاة على الجنازة أن تكون كالصلوات لا تصلى إلا بطهارة الوضوء وليس التيمم في المصر للصحيح المطيق بطهارة أو تكون كالذكر فيصلى عليها إن شاء غير طاهر خاف الفوت أو لم يخف كما يذكر غير طاهر

باب اجتماع الجنائز

قال الشافعي: رحمه الله تعالى لو اجتمعت جنائز رجال ونساء وصبيان وخناثى جعل الرجال مما يلي الإمام وقدم إلى الإمام أفضلهم ثم الصبيان يلونهم ثم الخناثى يلونهم ثم النساء خلفهم مما يلي القبلة وإن تشاح ولاة الجنائر وكن مختلفات صلى ولى الجنازة التي سبقت ثم إن شاء ولى سواها من الجنائز استغنى بتلك الصلاة وإن شاء أعاد الصلاة على جنازته وإن تشاحوا في موضع الجنائز فالسابق أحق إذا كانوا رجالا فإن كن رجالا ونساء وضع الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة ولم ينظر في ذلك إلى السبق لأن موضعهن هكذا وكذلك الخنثى ولكن إن سبق ولى الصبى لم يكن عليه أن يزيل الصبى من موضعه ووضع ولي الرجل الرجل خلفه إن شاء أو يذهب به إلى موضع غيره فإن افتتح المصلى على الجنازة الصلاة فكبر واحدة أو اثنتين ثم أتى بجنازة أخرى وضعت حتى يفرغ من الصلاة على الجنازة التي كانت قبلها لأنه افتتح الصلاة ينوى بها غير هذه الجنازة المؤخرة قال ولو صلى الإمام على الجنازة غير متوض ومن خلفه متوضئون أجزأت صلاتهم وإن كان كلهم غير متوضئين أعادوا وإن كان فيهم ثلاثة فصاعدا متضئون أجزأت وإن سبق بعض الأولياء بالصلاة على الجنازة ثم جاء ولي غيره أجببت أن لا توضع للصلاة ثانية وإن فعل فلا بأس إن شاء الله تعالى قال ولو سقط لرجل شيء له قيمة في قبر فدفن كان له أن يكشف عنه حتى يأخذ ما سقط أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وإن مات ميت بمكة أو المدينة أحببت أن يدفن في مقابرهما

صفحة : 393

وكذلك إن مات ببلد قد ذكر في مقبرته خبر أحببت أن يدفن في مقابرها فإن كانت ببلد لم يذكر ذلك فيها فأحب أن يدفن في المقابر لحرمة المقابر والدواعي لها وأنه مع الجماعة أشبه من أن لا يتغوط ولا يبال على قبره ولا ينبش وحيثما دفن الميت فحسن إن شاء الله تعالي وأحب أن يعمق للميت قدر بسطة وما أعمق له ووورى أجزأ وإنما أحببت ذلك أن لا تناله السباع ولا يقرب على أحد إن أراد نبشه ولا يظهر له ريح ويدفن في موضع الضرورة من الضيق والعجلة الميتان والثلاثة في القبر إذا كانوا ويكون الذي للقبلة منهم أفضلهم وأسنهم ولا أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال وإن كانت ضرورة ولا سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها وهي خلفه ويجعل بين الرجل والمرأة في القبر حاجز من تراب وأحب إحكام القبر ولا وقت فيمن يدخل القبر فإن كانوا وترا أحب إلى وإن كانوا ممن يضبطون الميت بلا مشقة أحب إلى وسل الميت من قبل رأسه وذلك أن يوضع رأس سريره عند رجل القبر ثم يسل سلا ويستر القبر بثوب نظيف حتى يسوي على الميت لحده وستر المرأة إذا دخلت قبرها أوكد من ستر الرجل وتسل المرأة كما يسل الرجل وإن ولى إخراجها من نعشها وحل عقد من الثياب إن كان عليها وتعاهدها النساء فحسن وإن وليها الرجل فلا بأس فإن كان فيهم ذو محرم كان أحب إلى وإن لم يكن فيهم ذو محرم فذو قرابة وولاء وإن لم يكن فالمسلمون ولاتها وهذا موضع ضرورة ودونها الثياب وقد صارت ميتة وانقطع عنها حكم الحياة قال وتوضع الموتى في قبورهم على جنوبهم اليمنى وترفع رءوسهم بحجر أو لبنة ويسندون لئلا ينكبوا ولا يستلقوا وإن كان بأرض شديدة لحد لهم ثم نصب على لحودهم اللبن نصبا ثم يتبع فروج اللبن بكسار اللبن والطين حتى يحكم ثم أهيل التراب عليها وإن كانوا ببلد رقيقة شق لهم شق ثم بنيت لحودهم بحجارة أو لبن ثم سقفت لحودهم عليهم بالحجارة أو الخشب لأن اللبن لا يضبطها فإن سقفت تتبعت فروجها حتى تنظم قال ورأيتهم عندنا يضعون على السقف الإذخر ثم يضعون عليه التراب مثريا ثم يهيلون التراب بعد ذلك إهالة قال الشافعي: هذا الوجه الأثر الذي يجب أن يعمل به ولا يترك وكيفما وورى الميت أجزأ إن شاء اله تعالي ويحثى من على شفير القبر بيديه معا التراب ثلاث حثيات أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهما أن النبي ﷺ حثى على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا قال الشافعي: وأحب تعجيل دفن الميت إذا بان موته فإذا أشكل أحببت الأناة به حتى يتبين

صفحة : 394

موته وإن كان الميت غريقا أحببت التأني به بقدر ما يولى من حفره وإن كان مصعوقا أحببت أن يستأني به حتى يخاف تغيره وإن بلغ ذلك يومين أو ثلاثة لأنه بلغني أن الرجل يصعق فيذهب عقله ثم يفيق بعد اليومين وما أشبه ذلك وكذلك لو كان فزعا من حرب أو سبع أو فزعا غير ذلك أو كان مترديا من جبل وإذا مات الميت فلا تخفى علامات الموت به إن شاء الله تعالى فإن خفيت على البعض لم تخف على الكل وإذا كانت الطواعين أو موت الفجأة واستبان الموت فلم يضبطه أهل البيت إلا أن يقدموا بعض الموتى فقدموا الوالدين من الرجال والنساء ثم قدموا بعد من رأوا فإن كان امرأتان لرجل أقرع بينهما أيتهما تقدم وإذا خيف التغيير على بعض الموتى قدم من كان يخاف عليه التغيير لا من لا يخاف التغيير عليه ويقدم الكبار على الصغار إذا لم يخف التغيير على من تخلف وإذا كان الضرورة دفن الاثنان والثلاثة في قبر وقدم إلى القبلة أفضلهم وأقرؤهم ثم جعل بينه وبين الذي يليه حاجز من تراب فإن كانوا رجالا ونساء وصبيانا جعل الرجل الذي يلي القبلة ثم الصبي ثم المرأة وراءه وأحب إلى لو لم تدفن المرأة مع الرجال وإنما رخصت في أن يدفن الرجلان في قبر بالسنة لم أسمع أحدا من أهل العلم إلا يتحدث أن النبي ﷺ أمر بقتلى أحد اثنان في قبر واحد وقد قيل ثلاثة

ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 395

باب ما يكون بعد الدفن

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وقد بلغني عن بعض من مضى أنه أمر أن يقعد عند قبره إذا أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال ما أحب أن أدفن بالبقيع لأن أدفن في غيره أحب إلى إنما هو واحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أكون في جواره وإما صالح فلا أحب أن ينبش في عظامه أخبرنا مالك أنه بلغه عن عائشة أنها قالت كسر عظم الميت ككسر عظم الحي قال الشافعي: تعنى في المأثم وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن وأحب أن لا يزاد في القبر تراب من غيره وليس بأن يكون فيه تراب من غيره بأس إذا زيد فيه تراب من غيره ارتفع جدا وإنما أحب أن يشخص على وجه الأرض شبرا أو نحوه وأحب أن لا يبنى ولا يجصص فإن ذلك يشبه الزينة والخيلاء وليس الموت موضع واحد منهما ولم أر قبول المهاجرين والأنصار مجصصة قال الراوي عن طاوس إن رسول الله ﷺ نهى أن تبنى القبول أو تجصص قال الشافعي: وقد رأيت من الولاة من يهدم بمكة ما يبنى فيها فلم أر الفقهاء يعيبون ذلك فإن كانت القبور في الأرض يملكها الموتى في حياتهم أو ورثتهم بعدهم لم يهدم شيء أن يبنى منها وإنما يهدم أن هدم ما لا يملكه أحد فهدمه لئلا يحجر على الناس موضع القبر فلا يدفن فيه أحد فيضيق ذلك بالناس قال الشافعي: وإن تشاح الناس ممن يحفر للموتى في موضع من المقبرة وهي غير ملك لأحد حفر الذي يسبق حيث شاء وان جاءوا معا اقرع الوالي بينهم وإذا دفن الميت فلي لأحد حفر قبره حتى يأتى عليه مدة يعلم أهل ذلك البلد أن ذلك قد ذهب وذلك يختلف بالبلدان فيكون في السنة وأكثر فإن عجل أحد بحفر قبره فوجد ميتا أو بعضه أعيد عليه التراب وإن خرج من عظامه شيء أعيد في القبر قال وإذا كانت أرض لرجل فأذن بأن يقبر فيها ثم أراد أخذها فله أخذ ما لم يقبر فيه وليس له أخذ ما قبر فيه منها وإن قبر قوم في أرض لرجل بلا إذنه فأردا تحويلهم عنها أو بناءها أو زرعها أو حفرها آبارا كرهت ذلك له وإن شح فهو أحق بحقه وأحب لو ترك الموتى حتى يبلوا قال وأكره وطء القبر والجلوس والاتكاء عليه إلا أن لا يجد الرجل السبيل إلى قبر ميته إلا بأن يطأه فذلك موضع ضرورة فأرجو حينئذ أن يسعه إن شاء الله تعالى وقال بعض أصحابنا لا بأس بالجلوس عليه وإنما نهى عن الجلوس عليه للتغوظ

صفحة : 396

قال الشافعي: وليس هذا عندنا كما قال وإن كان نهى عنه للمذهب فقد نهى عنه وقد نهى عنه مطلقا لغير المذهب أخبرنا الربع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبيه عن جده قال تبعت جنازة مع أبي هريرة فلما كان دون القبور جلس أبو هريرة ثم قال لأن أجلس على جمرة فتحرق ردائي ثم قميصي ثم إزاري ثم تفضي إلى جلدي أحب إلى من أن أجلس على قبر امريء مسلم قال وأكره أن يبنى على القبر مسجد وأن يسوى أو يصلى عليه وهو غير مسوى أو يصلى إليه قال وإن صلى إليه أجزأه وقد أساء أخبرنا مالك أن رسول الله ﷺ قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقى دينان بأرض العرب قال وأكره هذا للسنة والآثار وأنه كره والله تعالي أعلم أن يعظم أحد من المسلمين يعني يتخذ قبره مسجدا ولم تؤمن في ذلك الفتنة والضلال على من يأتى بعد فكره والله أعلم لئلا يوطأ فكره والله أعلم لأن مستودع الموتى من الأرض ليس بأنظف الأرض وغيره من الأرض أنظف

باب القول عند دفن الميت

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وإذا وضع الميت في قبر قال من يضعه بسم الله وعلى ملة رسول الله ﷺ وأحب أن يقول اللهم أسلمه إليك الإشحاء من ولده وأهله وقرابته وإخوانه وفارق من كان يحب قربه وخرج من سعة الدار والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه ونزل بك وأنت خير منزول به إن عاقبته عاقبته بذنبه وإن عفوت فأنت أهل العفو اللهم أنت غني عن عذابه وهو فقير إلى رحمتك اللهم اشكر حسنته وتجاوز عن سيئته وشفع جماعتنا فيه واغفر ذنبه وافسح له في قبره وأعذه من عذاب القبر وأدخل عليه الأمان والروح في قبره ولا بأس أخبرنا مالك عن ربيع يعني ابن أبي عبد الرحمن عن بي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال ونهيتكم عن زيارة القبول فزوروها ولا تقولوا هجرا قال الشافعي: ولكن لا يقال عندها هجر من القول وذلك مثل الدعاء بالويل والثبور والنياحة فأما إذا زرت تستغفر للميت ويرق قلبك وتذكر أمر الآخرة بهذا مما لا أكرهه ولا أحب المبيت في القبور للوحشة على البائت وقد رأيت الناس عندنا يقاربون من ذوي القرابات في الدفن وأنا أحب ذلك وأجعل الوالد أقرب إلى القبلة من الولد إذا أمكن ذلك وكيفما دفن أجزأ إن شاء الله وليس في التعزية شيء مؤقت يقال لا يعدى إلى غيره

صفحة : 397

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن جده قال لما توفى رسول الله ﷺ وجاءت التعزية سمعوا قائلا يقول إن في الله عزاء كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فأرجوا فإن المصاب من حرم الثواب قال الشافعي: قد عزى قوم من الصالحين بتغزية مختلفة فأحب أن يقول قائل هذا القول ويترحم على الميت ويدعو لمن خلفه قال والتعزية من حين موت الميت في المنزل والمسجد وطريق القبور وبعد الدفن ومتى عزى فحسن فإذا شهد الجنازة أحببت أن تؤخر التعزية إلى أن يدفن الميت إلا أن يرى جزعا من المصاب فيعزيه عند جزعه ويعزى الصغير والكبير والمرأة إلا أن تكون امرأة شابة ولا أحب مخاطبتها إلا لذي محرم وأحب لجيران الميت أو ذي قرابته أن يعملوا لأهل الميت في يوم يموت وليلته طعاما يشبعهم فإن ذلك سنة وذكر كريم وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا لأنه لما جاء نعي جعفر قال رسول الله ﷺ اجعلوا لآل جعفر طعاما فإن قد جاءهم أمر يشغلهم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن جعفر عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال جاء نعى جعفر فقال رسول الله ﷺ إجلعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم أمر يشغلهم أو ما يشغلهم شك سفيان قال الشافعي: وأحب لقيم أهل أهل الميت عند المصيبة أن يتعاهد أضعفهم عن احتمالها بالتعزية بما يظن من الكلام والفعل أنه يسليه ويكف من حزنه وأحب لولي الميت الابتداء بأولى من قضاء دينه فإن كان ذلك يستأخر سأل غرماءه أن يحللوه ويحتالوا به عليه وأرضاهم منه بأي وجه كان أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبه عن عمر بن أبي سلمة أظنه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه قال وأحب إن أوصى بشيء أن يعجل الصدقة عنه ويجعل ذلك في أقاربه وجيرانه وسبيل الخير وأحب مسح رأس اليتيم ودهنه وإكرامه وأن لا ينهر ولا يقهر فإن الله عز وجل قد أوصى به

ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

صفحة : 398

باب القيام للجنازة

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: ولا يقوم للجنازة من شهدها والقيام لها منسوخ أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمر بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير عن مسعود ابن الحكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كان رسول الله ﷺ يقوم في الجنائز ثم جلس بعد أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمه بهذا الإسناذ أو شبيها بهذا وقال قام رسول الله ﷺ وأمر بالقيام ثم جلس وأمر بالجلوس قال الشافعي: ويصلي على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو نهار وكذلك يدفن في أي ساعة شاء من ليل أو نهار وقد دفنت على عهد رسول الله ﷺ مسكينة ليلا فلم ينكر ودفن أبو بكر ليلا ودفن المسلمون بعد ليلا وقال بعض أصحابنا لا يصلى عليها مع اصفرار الشمس ولا مع طلوعها حتى تبرز واحتج في ذلك بأن ابن عمر قال لأهل جنازة وضعوها على باب المسجد بعد الصبح إما إن تصلوا عليها الآن وإما أن تدعوها حتى ترتفع الشمس قال وابن عمر يروى عن النبي ﷺ قال لا يتحرى أحدكم بصلاته طلوع الشمس ولا غروبها وقد يكون ابن عمر سمع هذا من النبي ﷺ خاصة ولم يسمع عن النبي ﷺ النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فرأى هذا حمله على كل صلاة ولم ير النهي إلا فيما سمع قال وقد جاء عن رسول الله ﷺ ما دل علي أنه نهيه عن الصلاة في هذه الساعات إنما يعني به صلاة النافلة فأما كل صلاة كرهت فلا وأثبتنا ذلك في كتاب الصلاة ولو كان علي كل صلاة وكانت الصلاة على الجنائز صلاة لا تحل إلا في وقت صلاة ما صلى على ميت العصر ولا الصبح وقد يجوز أن يكون ابن عمر أراد بذلك أن لا يجلس من تبع الجناز ولا يتفرق من أهل المسجد حتى يكثر المصلى عليها فإن أصحابنا يتحرون بالجنائز انصراف الناس من الصلاة لكثرة المصلين فيقول صلوا مع كثرة الناس أو أخروا إلى أن يأتى المصلون للضحى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة من أهل المدينة بإسناد لا أحفظه أنه صلى على عقيل ابن أبي طالب والشمس مصفرة قبل المغيب قليلا ولم ينتظر به مغيب الشمس قال الشافعي: وأكره النياحة على الميت بعد موته وأن تندبه النائحة على الانفراد لكن يعزى بما

صفحة : 399

أمر الله عز وجل من الصبر والاسترجاع وأكره المأتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الأثر قال وأرخص في البكاء بلا أن يتأثر ولا أن يعلن إلا خيرا ولا يدعون بحرب قبل الموت فإذا مات أمسكن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحرث بن عتيك أخبره عن عبد الله بن عتيك أن رسول الله ﷺ جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه فاسترجع رسول الله ﷺ وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجلع ابن عتيك يسكتهن فقال رسول الله ﷺ دعن فإذا وجب فلا تبكين باكية قالوا وما الوجوب يا رسول الله قال إذا مات

غسل الميت

أخبرنا الربيع بن سليمان قال لم أسمع هذا الكتاب من الشافعي وإنما أقرؤه على المعرفة قال الشافعي: أول ما يبدأ به من يحضر الميت من أوليائه أن يتولى أرفقهم به إغماض عينيه بأسهل ما يقدر عليه وأن يشد تحت لحييه عصابة عريضة وتربط من فوق رأسه كيلا يسترخى لحيه الأسفل فينفتح فوه ثم يجسو بعد الموت ولا ينطبق ويرد يديه حتى يلصقهما بعضديه ثم يبسطهما ثم يردهما ثم يبسطهما مرات يلبقى لينهما فلا يجسو وهما إذا لينا عند خروج الروح تباقى لينهما إلى وقت دفنه ففكتا وهما لينتان ويلين كذلك أصابعه ويرد رجله من باطن حتى يلصقهما ببطون فخذيه كما وصفت فيما يصنع في يديه ويضع على بطنه شيئا من طين أو لبنة أو حديدة سيف أو غيره فإن بعض أهل التجربة يزعمون أن ذلك يمنع بطنه أن تربو ويخرج من تحته الوطيء كله ويفضى به إلى لوح إن قدر عليه أو سرير ألواح مستو فإن بعض أهل التجربة يزعم أنه يسرع انتفاخه على الوطيء ويسلب ثيابا إن كانت عليه ويسجي ثوبا يغطى به جميع جسده ويجعل من تحت رجله ورأسه وجنبيه لئلا ينكشف فإذا أحضروا له غسله وكفنه وفرغوا من جهازه فإن كان على يديه وفي عانته شعر فمن الناس من كره أخذه عنه ومنهم من أرخص فيه فمن أرخص فيه لم ير بأسا أن يحلقه بالنورة أو يجزه بالجلم ويأخذ من شاربه ويقلم من أظفاره ويصنع به بعد الموت ما كان فطرة في الحياة ولا يأخذ من شعر رأسه ولا لحيته شيئا لأن ذلك إنما يؤخذ زينة أو نسكا وما وصفت مما يؤخذ فطرة فإن نوره أنقاه من نورة وإن لم ينوره اتخذ

صفحة : 400

قبل ذلك عيدانا طوالا الأخله من شجر لين لا يجرح ثم استخرج جميع ما تحت أظفار يديه ورجليه من الوسخ ثم أفضى به إلى مغتسله مستورا وإن غسله في قميص فهو أحب إلى وأن يكون القميص سخيفا رقيقا أحب إلى وإن ضاق ذلك عليه كان أقل ما يستره به ما يوارى ما بين سرته إلى ركبته لأن هذا هو العورة من الرجل في الحياة ويستر البيت الذي يغسله فيه بستر ولا يشركه في النظر إلى الميت إلا من لا غنى له عنه ممن يمسكه أو يقلبه أويصب عليه ويغضون كلهم وهو عنه الطرف وإلا فيما لا يجزيه فيه إلا النظر إليه ليعرف ما يغسل منه وما بلغ الغسل وما يحتاج إليه من الزيادة في الغسل ويجعل السرير الذي يغسله عليه كالمنحدر قليلا وينفذ موضع مائه الذي يغسله به من البيت فإنه أحرز له أن ينضح فيه شيء انصب عليه ولو انتضح لم يضره إن شاء الله تعالى ولكن هذا أطيب للنفس ويتخذ إناءين إناء يغرف به من الماء المجموع لغسله وإناء يصب فيه ذلك الإناء ثم يصب الإناء الثاني عليه ليكون إناء الماء غير قريب من الصب على الميت ويغسله بالماء غير السخن لا يعجبني أن يغسل بالماء المسخن ولو غسل به أجزأ إن شاء الله تعالى فإن كان عليه وسخ وكان ببلد بارد أو كانت به علة لا يبلغ الماء غير المسخن أن ينقى جسده غاية الإنقاء ولو لصق بجسده مالا يخرجه إلا الدهن دهن ثم غسل حتى يتنظف وكذلك إن طلى بنورة ولا يفضى غاسل الميت بيده إلى شيء من عورته ولو توقى سائر جسده كان أحب إلى ويعد خرقتين نظيفتين قبل غسله فيلف على يده إحداهما ثم يغسل بها أعلى جسده وأسفله فإذا أفضى إلى ما بين رجليه ومذاكيره فغسل ذلك ألقاها فغسلت ولف الأخرى وكلما عاد على المذاكير وما بين الإليتين ألقى الخرقة التي على يده وأخذ الأخرى المغسولة لئلا يعود بما مر على المذاكير وبما بين الإلتين على سائر جسده إن شاء الله

ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 401

باب عدة غسل الميت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أقل ما يجزيء من غسل الميت الإنقاء كما يكون أقل ما يجزيء في الجنابة وأقل ما أحب أن يغسل ثلاثا فإن لم يبلغ بإنقائه ما يريد الغاسل فخمس فإن لم يبلغ ما يحب فسبع ولا يغسله بشيء من الماء إلا ألقى فيه كافورا للسنة وإن لم يفعل كرهته ورجوت أن يجزئه ولست أعرف أن يلقى في الماء ورق سدر ولا طيب غير كافور ولا غيره ولكن يترك ماء على وجهه ويلقى في الكافور

ما يبدأ به في غسل الميت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى يلقى الميت على ظهره ثم يبدأ غاسله فيوضئه وضوءه للصلاة ويجلسه إجلاسا رفيقا ويمر يده على بطنه إمرارا رفيقا بليغا ليخرج شيئا إن كان فيه ثم فإن خرج شيء ألقاه وألقى الخرقة عن يده ووضأه ثم غسل رأسه ولحيته بالسدر حتى ينقيهما ويسرحهما تسريحا رفيقا ثم يغسله من صفحة عنقه اليمنى صبا إلى قدمه اليمنى وغسل في ذلك شق صدره وجنبه وفخذه وساقه الأيمن كله يحركه له محرك ليتغلغل الماء ما بين فخذيه ويمر يده فيما بينهما وليأخذ الماء فيغسل يامنة ظهره ثم يعود على شقه الأيسر فيصنع به ذلك ثم يحرف على جنبه الأيسر فيغسل ثانية ظهره وقفاه وفخذه وساقه إلى قدمه وهو يراه ممكنا ثم يحرف على جنبه الأيمن حتى يصنع بياسرة قفاه وظهره وجميع بدنه وإليتيه وفخذيه وساقه وقدمه مثل ذلك وأي شق حرفه إليه لم يحرفه حتى يغسل ما تحته وما يليه ليحرفه على موضع نقي نظيف ويصنع هذا في كل غسلة حتى يأتيه على جميع غسله وإن كان على بدنه وسخ بحي إلى إمكان غسله بأشنان ثم ماء قراح وإن غسله بسدر أو إشنان أو غيره لم نحسب شيئا خالطه من هذا شيء يعلو فيه غسلا ولكن إذا صب عليه الماء حتى يذهب هذا أمر عليه بعده الماء القراح كما وصفت وكان غسله بالماء وكان هذا تنظيفا لا يعد غسل طهارة والماء ليس فيه كافور كالماء فيه شيء من الكافور ولا يغير الماء عن سجية خلقته ولا يعلو فيه منه إلا ريحه والماء بحالة فكثرة الكافور في الماء لا تضر ولا تمنعه أن يكون طهارة يتوضأ به الحي ولا يتوضأ الحي بسدر مضروب بماء لأن السدر لا يطهر ويتعهد بمسح بطن الميت في كل غسلة ويقعد عند آخر كل غسلة فإذا فرغ من آخر غسلها تعهدت يداه ورجلاه وردتا لئلا تجسوا ثم مدتا فألصقتا بجنبه وصف بين قدميه وألصق أحد كعبيه بالأخر وضم إحدى فخذيه إلى

صفحة : 402

الأخرى فإن خرج من الميت بعد الفراغ من غسله شيء أنقى واعتدت غسلة واحدة ثم يستجف في ثوب فإذا جف صير في أكفانه

عدد كفن الميت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أحب عدد كفن الميت إلى ثلاثة أثواب بيض ريطات ليس فيها قميص ولا عمامة فمن كفن فيها بديء بالتي يريدون أن تكون أعلاها فبسطت أولا ثم بسطت الأخرى فوقها ثم الثالثة فوقهما ثم حمل الميت فوضع فوق العليا ثم أخذ القطن منزوع الحب فجعل فيه الحنوط والكافور وألقى على الميت ما يستره ثم أدخل بين إلييه إدخالا بليغا وأكثر ليرد شيئا إن جاء منه عند تحريكه إذا حمل فإن خيف أن يأتى شيء لعلة كانت به أو حدثت يرد بها أدخلوا بينه وبين كفنه لبدا ثم شدوه عليه كما يشد التبان الواسع فيمنع شيئا إن جاء منه من أن يظهر أو ثوبا صفيقا أقرب الثياب شبها باللبد وأمنعها لما يأتى منه إن شاء الله تعالى وشدوه عليه خياطة وإن لم يخافوا ذلك فلفوا مكان ذلك ثوبا لا يضرهم وإن تركوه رجوت أن يجزئهم والاحتياط بعمله أحب إلى ثم يؤخذ الكرسف فيوضع عليه الكافور فيوضع على فيه ومنخريه وعينيه وموضع سجوده فإن كانت به جراح نافذ وضع عليها ويحنط رأسه ولحيته ولو ذر الكافور على جميع جسده وثوبه الذي يدرج فيه أحببت ذلك ويوضع الميت من الكفن الموضع الذي يبقى من عند رجليه منه أقل ما بقى من عند رأسه ثم تؤخذ صنفة الثوب اليمنى فترد على شق الرجل الأيسر ثم تؤخذ صنفته اليسرى فترد على شق الرجل الأيمن حتى يغطى بها صنفته الأولى ثم يصنع بالثوب الذي يليه مثل ذلك ثم بالثوب الأعلى مثل ذلك وأحب أن يذر بين أضعافها حنوط والكافور ثم يجمع ما عند رأسه من الثياب جمع العمامة ثم يرد على وجهه حتى يإتى به صدره وما عند رجليه كذلك حتى يؤتى به على ظهر رجليه إلى حيث بلغ فإن خافوا انتشار الثياب من الطرفين عقدوها كيلا تنتشر فإن أدخلوه القبر لم يدعوا عليه عقدة إلا حلوها ولا خياطة إلا فتقوها وأضجعوه على جنبه الأيمن ورفعوا رأسه بلبنة وأسندوه لئلا يستلقى على ظهره وأدنوه في اللحد من مقدمه كيلا ينقلب على وجهه فإن كان ببلد شديد التراب أحببت أن يلحد له وينصب اللبن على قبره ثم تسد فرج اللبن ثم يهال التراب عليه وإن كان ببلد رقيق ضرح له والضرح أن تشق الأرض ثم تبنى ثم يوضع فيه الميت كما وصفت ثم سقف بألواح ثم سدت فرج الألواح ثم ألقى على الألواح والفرج إذخر وشجر ما كان فيمسك التراب أن

صفحة : 403

ينتخل على الميت فوضع مكتلا مكتلا لئلا يتزايل الشجر عن مواضعه ثم أهيل عليه التراب والإهالة عليه أن يطرح من على شفير القبر التراب بيديه جميعا عليه ويهال بالمساحي ولا نحب أن يزداد في القبر أكثر من ترابه ليس لأنه يحرم ذلك ولكن لئلا يرتفع جدا ويشخص القبر عن وجه الأرض نحو من شبر ويسطح ويوضع عليه حصباء وتسد أرجاؤه بلبن أو بناء ويرش على القبر ويوضع عند رأسه صخرة أو علامة ما كانت فإذا فرغ من القبر فذلك أكمل ما يكون من اتباع الجنازة فلينصرف من شاء والمرأة في غسلها وتعاهد ما يخرج منها مثل الرجل وينبغي أن يتفقد منها أكثر ما يتفقد من الرجل وإن كان بها بطن أو كانت نفساء أو بها علة أحتيط فخيط عليها لبد ليمنع ما يأتي منها إن جاء والمشي بالجنازة الإسراع وهو فوق سجية المشي فإن كانت بالميت علة يخاف لها أن تجيء منه شيء أحببت أن يرفق بالمشيء وأن يدارى لئلا يأتى منه أذى وإذا غسلت المرأة ضفر شعرها ثلاثة قرون فألقين خلفها وأحب لو قريء عند القبر ودعى للميت وليس في ذلك دعاء مؤقت وأحب تعزية أهل الميت وجاء الأثر في تعزيتهم وأن يخص بالتعزية كبارهم وصغارهم العاجزون عن احتمال المصيبة وأن يجعل لهم أهل رحمهم وجيرانهم طعاما لشغلهم بمصيبتهم عن صنعة الطعام

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

صفحة : 404

العلل في المبيت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا كان الميت مصعوقا أو ميتا غما أو محمولا عليه عذاب أو حريقا أو غريقا أو به علة قد توارت بمثل الموت استؤنى بدفنه وتعوهد حتى يستيقن موته لا وقت غير ذلك ولو كان يوما أو يومين أو ثلاثة ما لم يبن به الموت أو يخاف أثره ثم غسل ودفن وإذا استيقن موته عجل غسله ودفنه وللموت علامات منها امتداد جلدة الولد مستقبله قال الربيع يعنى خصاه فإنها تفاض عند الموت وافتراج زندي يديه واسترخاء القدمين حتى لا ينتصبان وميلان الأنف وعلامات سوى هذه فإذا رؤيت دلت على الموت

من يدخل قبر الرجل

قال الشافعي: رحمه الله تعالى لا يضر الرجل من دخل قبره من الرجال ولا يدخل النساء قبر رجل ولا امرأة إلا أن لا يوجد غيرهن وأحب أن يكونوا وترا في القبر ثلاثة أو خمسة أو سبعة ولا يضرهم أن يكونوا شفعا ويدخله من يطيقه وأحبهم أن يدخل قبره أفقههم ثم أقربهم به رحما ثم يدخل قبر المرأة من العدد مثل من يدخل قبر الرجل ولا تدخله امرأة إلا أن لا يوجد غيرها ولا بأس أن يليها النساء لتخليص شيء إن كن يلينه وحل عقد عنها وإن وليها الرجال في ذلك كله فلا بأس إن شاء الله تعالى ولا أحب أن يليها إلا زوج أو ذو محرم إلا أن لا يوجد وإن لم يوجدوا أحببت أن يليها رقيق إن كانوا لها فإن لم يكونوا فخصيان فإن لم يكن لها رقيق فذو محرم أو ولاء فإن لم يكونوا فمن وليها من المسلمين ولا بأس إن شاء الله تعالى وتغسل المرأة زوجها والرجل امرأته إن شاء وتغسلها ذات محرم منها أحب إلى فإن تكن فامرأة من المسلمين ويدخل المرأة قبرها إذا لم يكن معها من قرابتها أحد الصالحون الذين لو احتاجت إليهم في حياتها لجاز لهم أن ينظروا إليها ويشهدوا عليها

ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 405

باب التكبير على الجنائز

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويكبر على الجنائز أربعا ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويسلم عن يمينه وشماله عند الفراغ ويقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ثم يصلى على النبي ﷺ ويدعو لجملة المؤمنين والمؤمنات ثم يخلص الدعاء للميت ومما يستحب في الدعاء أن يقول اللهم عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غنى عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم فإن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه وبلغه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وافسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين وإذا أدخل قبره أن يقال اللهم أسلمه إليك الأهل والإخوان ورجع عنه كل من صحبه وصحبه عمله اللهم فزد في حسنته واشكره واحطط سيئته واغفر له واجمع له برحمتك الأمن من عذابك واكفه كل هول دون الجنة اللهم واخلفه في تركته في الغابرين وارفعه في عليين وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين باب الحكم فيمن دخل في صلاة أو صوم هل له قطع ما دخل فيه قبل تمامه وليس في التراجم أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: من دخل في صوم واجب عليه من شهر رمضان أو قضاء أو صوم نذر أو كفارة من وجه من الوجوه أو صلى مكتوبة في وقتها أو قضاها أو صلاة نذرها أو صلاة طواف لم يكن له أن يخرج من صوم ولا صلاة ما كان مطيقا للصوم والصلاة على طهارة في الصلاة وإن خرج من واحد منهما بلا عذر مما وصفت أو ما أشبهه عامدا كان مفسدا آثما عندنا والله تعالى أعلم وكان عليه إذا خرج منه الإعادة لما خرج منه بكماله فإن خرج منه بعذر من سهو أو انتقاض وضوء أو غير ذلك من العذر كان عليه أن يعود فيقضى ما ترك من الصوم والصلاة بكماله لا يحل له غيره طال تركه له أو قصر وأصل هذا إذا لم يكن للمرء ترك صلاة ولا صوم قبل أن يدخل فيه وكان عليه أن يعود فيقضى ما ترك بكماله فخرج منه قبل إكماله عاد ودخل فيه فأكمله لأنه إذا لم يكمله بعد دخوله فيه فهو بحاله لأنه قد وجب عليه فلم يأت به كما وجب عليه وإنما تكمل صلاة المصلى الصلاة الواجبة وصوم الصائم الواجب عليه إذا قدم فيه مع دخوله في الصلاة نية يدخل بها في الصلاة فلو كبر لا ينوى واجبا من الصلاة أو دخل في الصوم

صفحة : 406

لا ينوى واجبا لم تجزه صلاته ولا صيامه من الواجب عليه منهما وما قلت في هذا داخل في دلالة سنة أو أثر لا أعلم أهل العلم اختلفوا فيه قال الشافعي: ومن تطوع بصلاة أو طواف أو صيام أحببت له أن لا يخرج من شيء منه حتى يأتى به كاملا إلا من أمر يعذر به كما يعذر في خروجه من الواجب عليه بالسهو أو العجز عن طاقته أو انتقاض وضوء في الصلاة أو ما أشبهه فإن خرج بعذر أو غير عذر فلو عاد له فكمله كان أحب إلى وليس بواجب عندي أن يعود له والله تعالى أعلم فإن قال قائل ولم لا يعود لما دخل فيه من التطوع من صوم وصلاة وطواف إذا خرج منه كما يعود لما وجب عليه قيل له إن شاء الله تعالى لاختلاف الواجب من ذلك والنافلة فإن قال قائل فأين الخلاف بينهما قيل له إن شاء الله تعالى لا اختلاف مختلفان قبل الدخول فيهما وبعده فإن قال قائل ما وجد في اختلافهما قيل له أرأيت الواجب عليه أكان له تركه قبل أن يدخل فيه فإن قال لا قيل أفرأيت النافلة أكان له تركها قبل أن يدخل فيها فإن قال نعم قيل أتفراهما متباينتين قبل الدخول فإن قال نعم قيل أفرأيت الواجب عليه من صوم وصلاة لا يجزئه أن يدخل فيه لا ينوي الصلاة التي وجبت بعينها والصوم الذي وجب عليه بعينه فإن قال لا ولو فعل لم يجزه من واحد منهما قيل له أفيجوز له أن يدخل في صلاة نافلة وصوم لا ينوي نافلة بعينها ولا فرضا أفتكون نافلة فإن قال نعم قيل له وهل يجوز له وهو مطيق على القيام في الصلاة أن يصلى قاعدا أو مضطجعا وفي السفر راكبا أين توجهت به دابته يوميء إيماء فإن قال نعم قيل له وهل يجوز له هذا في المكتوبة فإن قال لا قيل أفتراهما مفترقتين بين الافتراق قبل الدخول فيهما ومع الدخول وبعد الدخول عندنا وعندك استدلالا بالسنة وما لم أعلم من أهل العلم مخالفا فيه

ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

صفحة : 407

باب الخلاف فيه

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فخالفنا بعض الناس وآخر في هذا فكلمت بعض الناس ولكمني ببعض ما حكيت في صدر هذه المسألة وأتيت على معانيه وأجابني بجمل ما قلت غير أني لا أدرى لعلى أوضحتها حين كتبتها بأكثر من اللفظ الذي كان منى حين كلمته فلم أحب أن أحكى إلا ما قلت على وجهه وإن كنت لم أحك إلا معنى ما قلت له بل تحريت أن يكون أقل ما قلت له وأن آتى على ما قال ثم كلمني فيها هو وغيره ممن ينسب إلى العلم من أصحابه مما سأحكى إن شاء الله تعالى ما قالوا وقلت فقال لي قد علمت أن فقهاء المكيين وغيرهم وأحدا من فقهاء المدنيين يقولون ما قلت لا يخالفونك فيه وقد وافقنا في قولنا بعض المدنيين فخالفك مرة وخالفنا في شيء منه فقلت لا أعرفه بعينه فاذكر قولك والحجة فيه ذكر من لا يحتج إلا بما يرى مثله حجة ولا تذكر مما يوافق قولك قول من لا يرى قول حجة بحال قال أفعل ثم قال أخبرني ابن جريج عن ابن شهاب أو أخبرنا ثقة عن ابن جريج عن ابن شهاب أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين فأهدى لهما شيء فذكرتا ذلك للنبي ﷺ قال صوما يوما مكانه فقلت هل عندك حجة من رواية أو أثر لازم غير هذا قال ما يحضرني الآن شيء غيره وهذا الذي كنا نبنى عليه من الأخبار في هذا قال فقلت له هل تقبل منى أن أحدثك مرسلا كثيرا عن ابن شهاب وابن المنكدر ونظرائهما ومن هو أسن منهما عمرو بن دينار وعطاء وابن المسيب وعروة قال لا قلت فكيف قبلت عن ابن شهاب مرسلا في شيء ولا تقبله عنه ولا عن مثله ولا أكبر منه في شيء غيره قال فقال فلعله لم يحمله إلا عن ثقة قلت وهكذا يقول لك من أخذ بمرسله في غير هذا ومرسل من هو أكبر فيقول كلما غاب عنى مما يمكن فيه أن يحمله عن ثقة أو عن مجهول لم تقم على به حجة حتى أعرف من حمله عنه بالثقة فأقبله أو أجهله فلا أقبله قلت ولم إلا أنك إنما أنزلته بمنزلة الشهادات ولا تأمن أن يشهد لك شاهدان على ما لم يريا ولم يسميا من شهدا على شهادته قال أجل وهكذا نقول في الحديث كله قال فقلت له وقد كلمني في حديث ابن شهاب كلام من كأنه لم يعلم فيه ومن حديث ابن شهاب هذا عند ابن شهاب وفيه شيء يخالفه ولم نعرف ثقة ثبتا يخالفه وهو أولى أن تصير إليه منه في حديث ابن شهاب قال فكان ذاهبا عند ابن شهاب قلت نعم أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال الحديث الذي رويت عن حفصه وعائشة عن النبي ﷺ قال ابن جريج فقلت له أسمعته من

صفحة : 408

عروة بن الزبير قال لا إنما أخبرنيه رجل بباب عبد الملك بن مروان أو رجل من جلساء عبد الملك ابن مروان قال الشافعي: فقلت له أفرأيت لو كنت ترى الحجة تقوم بالحديث المرسل ثم علمت أن ابن شهاب قال في الحديث ما حكيت له أتقبله قال لا هذا يوهنه بأن يخبر أنه قبله عن رجل لا يسميه ولو عرفه لسماه أو وثقه قال الشافعي: فقال أفليس يقبح أن يدخل رجل في صلاته ثم يخرج منها قبل أن يصلى ركعتين وفي صوم فيخرح منه قبل أن يتم صوم يوم أو في طواف فيخرج منه قبل أن يكمل سبعا فقلت له وقد صرت إذ لم تجد حجة فيما كنت تحتج به إلى أن تكلم كلام أهل الجهالة قال الذي قلت أحسن قلت أتقول أن يكمل الرجل ما دخل فيه قال نعم قلت وأحسن منه أن يزيد على أضعافه قال أجل قلت أفتوجبه عليه قال لا قلت له أفرأيت رجلا قويا نشيطا فارغا لا يصوم يوما واحد تطوعا أو لا يطوف سبعا أو لا يصلى ركعة هو أقبح فعلا أم من طاف فلم يكمل طوافا حتى قطعه من عذر فلم يبن أو صنع ذلك في صوم أو صلاة قال الذي امتنع من أن يدخل من ذلك سيء قلت أفتأمره إذا كان فعله أقبح أن يصلى ويصوم ويطوف تطوعا أمرا توجبه عليه قال لا قلت فليس قولك أحسن وأقبح من موضع الحجة بسبيل ههنا إنما هو موضع اختيار قال نعم فلم يدخل الاختيار في موضع الحجة وقد أجزنا له قبل أن نقول هذا ما اخترت له وأكثر قلنا ما نحب أن يطيق رجل صوما فيأتى عليه شهر لا يصوم بعضه ولا صلاة فيأتى عليه ليل ولا نهار إلا تطوع في كل واحد منهما بعدد كثير من الصلاة وما يزيد في ذلك أحد شيئا إلا كان خيرا له ولا ينقص منه أحد إلا والحظ له في ترك النقص ولكن لا يجوز لعالم أن يقول لرجل هذا معيب وهذا مستخف والاستخفاف والعيب بالنية والفعل وقد يكون الفعل والترك ممن لا يستخف فقال فيما قلت من الرجل يخرج من التطوع في الصلاة أو الصوم أو الطواف فلا يجب عليه قضاؤه خبر يلزم أو قياس يعرف قلت نعم قال فاذكر بعض ما يحضرك منها قلنا أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت دخل على رسول الله ﷺ فقلت إنا خبأنا لك حيسا فقال أما أني كنت أريد الصوم ولكن قربيه قال الشافعي: فقال قد قيل إنه يصوم يوما مكانه قال الشافعي: فقلت له ليس فيما حفظت عن سفيان في الحديث وأنا أسألك قال فسل قلت

صفحة : 409

أرأيت من دخل في صوم واجب عليه من كفارة أو غيرها له أن يفطر ويقضى يوما مكانه قال لا قلت أفرأيت إن كان من دخل في التطوع عندك بالصوم كمن وجب عليه أيجوز أن تقول من غير ضرورة ثم يقضى قال لا قلت ولو كان هذا في الحديث وكان على معنى ما ذهبت إليه كنت قد خالفته قال فلو كان في الحديث أيحتمل معنى غير أنه واجب عليه أن يقضيه قلت نعم يحتمل إن شاء تطوع يوما مكانه قال وأياما أفتجد في شيء روى عن النبي ﷺ ما يدل على ما وصفت قلت نعم أخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد قال سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة فبينما هو على المنبر إذ قال يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة فسلها عن صلاة رسول الله ﷺ بعد العصر قال أبو سلمة فذهبت معه إلى عائشة وبعث ابن عباس عبد الله بن الحرث بن نوفل معنا فأتي عائشة فسألها عن ذلك فقالت له اذهب فسل أم سلمة فذهبت معه إلى أم سلمة فسألها فقالت أم سلمة يدخل علي رسول الله ﷺ ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما قالت أم سلمة فقلت يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها قال إني كنت أصلى ركعتين قبل الظهر وأنه قال الشافعي: وثابت عن رسول الله ﷺ أنه قال أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل وإنما أراد والله تعالى أعلم المداومة على عمل كان يعمله فلما شغل عنه عمله في أقرب الأوقات منه ليس أن ركعتين قبل العصر واجبتان ولا بعدها وإنما هما نافلة وقال عمر بن الخطاب من فاته شيء من صلاة الليل فليصله إذا زالت الشمس فإنه قيام الليل ليس أنه يوجب قيام الليل ولا قضاءه ولكن يقول من أراد تحرى فصلى فليفعل أخبرنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن عمر نذر أن يعتكف في الجاهلية فسأل النبي ﷺ فأمره أن يعتكف في الإسلام وهو على هذا المعنى والله تعالى أعلم أنه إنما أمره إن أراد أن يسبق باعتكاف اعتكف ولم يمنعه أنه نذره في الجاهلية أخبرنا الدراوردي وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله تعالى عنهما عن جابر أن النبي ﷺ صام في سفره إلى مكة عام الفتح في شهر رمضان وأمر الناس أن يفطروا فقيل له إن الناس صاموا حين صمت فدعا بإناء فيه ماء فوضعه على يده وأمر من بين يديه أن يحبسوا فلما حبسوا ولحقه من وراءه رفع الإناء إلى فيه فشرب وفي حديثهما أو حديث أحدهما وذلك بعد

صفحة : 410

العصر أخبرنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال خرج النبي ﷺ من المدينة حتى إذا كان بكراع الغميم وهو صائم ثم رفع إناء فيه ماء فوضعه على يده وهو على الرحل فحبس من بين يديه وأدركه من وراءه ثم شرب والناس ينظرون قال الشافعي: فقال هذا في شهر رمضان قلت فذلك أوكد للحجة عليك أنه إذا كان له أن يفطر في السفر في شهر رمضان لا علة غيره برخصة الله وكان له أن يصوم إن شاء فيجزى عنه من أفطر قبل أن يستكمله دل هذا على معنى قولي من أنه لما كان له قبل الدخول في الصوم أن لا يدخل فيه كان بالدخول فيه في تلك الحال غير واجب عليه بكل حال وكان له إذا دخل فيه أن يخرج منه بكل حال كما فعل رسول الله ﷺ فالتطوع بكل وجه أولى أن يكون هكذا من الفرض الذي له تركه في ذلك الوقت إلى أن يقضيه في غيره قال فتقول بهذا قلت نعم أقوله اتباعا لأمر النبي ﷺ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم قال لي فقد ذكر لي أنك تحفظ في هذا أثرا عن بعض أصحاب رسول الله ﷺ فقلت له الذي جئتك به أقطع للعذر وأولى أن تتبعه من الأثر قال فاذكر الأثر قلت فإن ذكرته بما ثبت بمثله عن واحد من أصحاب رسول الله ﷺ ولم تأت بشيء يخالفه ثابت عن واحد منهم تعلم أن فيما قلنا الحجة وفي خلافه الخطأ قال فاذكره قلت أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح أن ابن عباس كان لا يرى بأسا أن يفطر الإنسان في صيام التطوع ويضرب لذلك أمثالا رجل قد طاف سبعا ولم يوفه فله ما احتسب أو صلى ركعة ولم يصل أخرى فله أجر ما احتسب أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال كان ابن عباس لا يرى بالإفطار في صيام التطوع بأسا أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن الزبير عن جابر أنه كان لا يرى بالإفطار في صيام التطوع بأسا أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء أنه كان يأتي أهله حين ينتصف النهار أو قبله فيقول هل من غداء فيجده أولا يجده فيقول لأصومن هذا اليوم فيصومه وإن كان

صفحة : 411

مفطرا وبلغ ذلك الحين وهو مفطر قال ابن جريج أخبرنا عطاء وبلغنا أنه كان يفعل ذلك حين يصبح مفطرا حتى الضحى أو بعده ولعله أن يكون وجد غداء أو لم يجده قال الشافعي: في قوله يصبح مفطرا يعني يصبح لم ينوه صوما ولم يطعم شيئا قال الشافعي: وهذا لا يجزيء في صوم واجب حتى ينوي صومه قبل الفجر أخبرنا الثقات من أصحابنا عن جرير بن عبد المجيد عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه قال دخل عمر ابن الخطاب المسجد فصلى ركعة ثم خرج فسئل عن ذلك فقال إنما هو تطوع فمن شاء زاد ومن شاء نقص أخبرنا غير واحد من أهل العلم بإسناد لا يحضرني ذكره فيما يثبت مثله عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه مثل معنى ما روى عن عمر لا يخالفه أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال حدثني من رأي أبا ذر يكثر الركوع والسجود فقيل له أيها الشيخ تدرى على شفع تنصرف أم على وتر قال لكن الله يدرى أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن أبي تميم المنذري عن مطرف قال أتيت بيت المقدس فإذا أنا بشيخ يكثر الركوع والسجود فلما انصرف قلت إنك شيخ وإنك لا تدري على شفع انصرفت أم على وتر فقال إنك قد كفيت حفظه وإنى لأرجو أني لا أسجد سجدة إلا رفعني الله بها درجة أو كتب لي بها حسنة أو جمع لي كلتيهما قال عبد الوهاب الشيخ الذي صلى وقال المقالة أبو ذر قال الشافعي: قول أبي ذر لكن الله يدري وقوله قد كفيت حفظه يعنى علم الله به ويتوسع وإن لم يعلم هو والله أعلم وهذا لا يتسع في الفرض إلا أن ينصرف على عدد لا يزيد فيه ولا قال الشافعي: وقلت مذهبك فيما يظهر اتباع الواحد من أصحاب رسول الله ﷺ إذا لم يخالفه غيره من روايتك وراية أصحابك الثابتة عندهم ما وصفت عن علي وعمر وأبي ذر من الرواية التي لا يدفع عالم أنها غاية في الثبت روينا عن ابن عباس ونحن وأنت نثبت روايتنا عن جابر بن عبد الله ويروى عن أبي ذر عدد من أصحاب رسول الله ﷺ ما يوافق ما قلنا فلو لم يكن في هذا دلالة من سنة لم يكن فيه إلا الآثار وأيا كان لم يك على أصل مذهبك أن تقول قولنا فيه وأنت تروى عن عمر إذا أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب

صفحة : 412

المهر وتقول ولو تصادقا أنه لم يمسها وجب المهر والعدة اتباعا لقول عمر فترد على من خالفه وقد خالفه ابن عباس وشريح وتأول حجة لقول الله تعالى وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ولقوله فما لكم عليهن من عدة تعتدونها قالوا إنما أوجب الله المهر والعدة في الطلاق بالمسيس فقلت لا تنازع عمر ولا تتأول معه بل تتبعه وتتبع ابن عباس في قوله من نسى من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما وفي قوله ما الذي نهى عنه رسول الله ﷺ في الطعام أن يباع حتى يقبض ثم يقول برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله فقلت لا يجوز أن يباع شيء أشترى حتى يقبض اتباعا لابن عباس وتروى ذلك حجة على من خالفك إذا كان معك قول ابن عباس وتروى عن علي رضي الله عنه في امرأة المفقود خلاف عمر وتحتج به عليه وترى لك فيه حجة على من خالفك ثم تدع عمر وعليا وابن عباس وجابرا وأبا ذر وعددا من أصحاب رسول الله ﷺ متفقة أقاويلهم وأفعالهم وتخالفهم على أقاويلهم بالقياس ثم تخطيء القياس أرأيت لا يمكن أحدا في قول واحد منهم أن يدخل عليك قياسا صحيحا ومعهم دلائل السنة التي ليس لأحد خلافها قال أفتكون صلاة ركعة واحدة قلت مسألتك مع ما وصفت من الأخبار جهالة أو تجاهل فإن زعمت أن لنا ولك أن نكون متكلمين مع سنة أو أثر عن بعض أصحاب النبي ﷺ فقد سألت في موضع مسألة وإن زعمت أن أقاويلهم غاية ينتهى إليها لا تجاوز وإن لم يكن معها سنة لم يكن لمسألتك موضع قال أفرأيت إن كنعت عن القول في الصيام والطواف وكلمتك في الصلاة وزعمت أني لا أقيس شريعة بشريعة ولا يكون ذلك لك فلما لم أجد في الصوم حديثا يثبت يخالف ما ذهبت إليه ولا في الطواف وكنعت عن الكلام فيهما قلت ورجعت إلى إجازة أن يخرج من صوم التطوع والطواف فقال بل أقف فيه قلت أفتقبل من غيرك الوقوف عند الحجة قال لعلى سأجد حجة فيما قلت قلت فإن قال لك غيرك فلعلى سأجد الحجة عليك فلا أقبل منك أيكون ذلك له وبايده وقوفك والخبر الذي يلزم مثله عندك ثابت بخلاف قولك فإن قال فإن قلت لك في الصلاة أن النبي ﷺ قال صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يسلم بين كل ركعتين قلت فأنت تخالف هذا فتقول صلاة النهار أربع وصلاة الليل مثنى قال بحديث قلت فهو إذن يخالف هذا الحديث فإيهما الثابت قلت فاقتصر على صلاة الليل وأنت تعرف الحديث فيها وتثبته قلت نعم وليست لك حجة فيه إن لم تكن عليك قال وكيف قلت إنما سن رسول الله

صفحة : 413

ﷺ أن تكون صلاة الليل مثنى لمن أراد صلاة تجاوز مثنى فأمر بأن يسلم بين كل ركعتين لئلا تشتبه بصلاة الفريضة لا أنه حرام أن يصلى أقل من مثنى ولا أكثر قال وأين أجاز أن يصلى أقل من مثنى قلت في قوله فإذا خشى الصبح صلى واحدة يوتر بها ما قد صلى فقد صلى ركعة واحدة منفردة وجعلها صلاة وقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي ﷺ كان يوتر بخمس ركعات لا يسلم ولا يجلس إلا في أخراهن وروى ابن عباس أن النبي ﷺ سلم من الركعة والركعتين وأخبر أن وجه الصلاة في التطوع أن تكون مثنى ولم يحرم أن تجاوز مثنى ولا تقصر عنه قال فإن قلت بل حرم أن لا يصلي إلا مثنى قلت فأنت إذن تخالف أن زعمت أن الوتر واحدة وإن زعمت أنه ثلاث لا يفصل بسلام بينهن أو أكثر فليس واحدة ولا ثلاث مثنى قال فقال بعض من حضره من أصحابه ليس الذي ذهب إليه من هذا بحجة عليك عنده فما زال الناس يأمرون بأن يصلوا مثنى ولا يحرمون دون مثنى فإذا جاز أن يصلى غير مثنى قلت فلم أحتج به قال الشافعي: قلت له نحن وأنت مجمعون على إنما يحب للرجل إذا قرأ السجدة طاهرا أن يسجد وأنت توجبها عليه أفسجدة لا قراءة فيها أقل أم ركعة قال هذا ستة وأثر قلت له ولا يدخل على السنة ولا الأثر قال لا قلت فلم أدخلته علينا في السنة والأثر وإذا كانت سجدة تكون صلاة ولم تبطلها بقول النبي ﷺ صلاة الليل مثنى لأنه لم يبلغ بها أن يجاوز بها مثنى فيقصر بها على مثنى فكيف عبث أن نقول أقل من مثنى وأكثر من سجدة صلاة قال فإن قلت السجود واجب قلنا فذلك أوكد للحجة عليك أن يجب من الصلاة سجدة بلا قراءة ولا ركوع ثم تعيب أن يجوز أكثر منها قلت له سجد رسول الله ﷺ سجدة شكرا لله عز وجل قال الشافعي: أخبرنا بذلك الدراوردي وسجد أبو بكر شكرا لله تبارك وتعالى حين جاءه قتل مسيلمة وسجد عمر حين جاءه فتح مصر شكرا لله جل اسمه فإذا جاز أن يتطوع لله بسجدة فكيف كرهت أن يتطوع بأكثر منها وقلت له ولو أن رجلا ذهب في قول الله تبارك وتعالى في المزمل حين خفف قيام الليل ونصفه قال فاقرءوا ما تيسر منه يعني صلوا ما تيسر أن يكون جعل ذلك إليهم فيما قد وضع عنهم فرضه بلا توقيت كان أقرب إلى أن يشبه أن يكون هذا له حجة والله تعالى أعلم منك وقد أوتر عثمان بن عفان وسعد وغيرهما بركعة في الليل لم يزيدوا عليها

صفحة : 414

أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عتبة بن محمد بن الحرث أن كريبا مولى ابن عباس أخبره أنه رأى معاوية صلى العشاء ثم أوتر بركعة لم يزد عليها فأخبر ابن عباس فقال أصاب أي بنى ليس أحد منا أعلم من معاوية هي واحدة أو خمس أو سبع إلى أكثر من ذلك الوتر ما شاء أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن زيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أن رجلا سأل عبد الرحمن التيمي عن صلاة طلحة قال إن شئت أخبرتك عن صلاة عثمان قال قلت لأغلبن الليلة على المقام فقمت فإذا برجل يزحمني متقنعا فنظرت فإذا عثمان قال فتأخرت عنه فصلى فإذا هو يسجد سجود القرآن حتى إذا قلت هذه هوادي الفجر فأوتر بركعة لم يصل غيرها قال الشافعي: فقال فما حجتك على صاحبك الذي خالف مذهبك قلت له حجتي عليك حجتي عليه ولو سكت عن جميع ما احتججت به عليك سكات من لم يعرفه كنت محجوجا على لسان نفسك قال وأين قلت هل تعدو النافلة من الصلاة والطواف من الصيام كما قلت من أنها لم يجب على الرجل الدخول فيها فدخل فيها فقطعها أن لا يكون عليه بدلها إذا لم يكن أصلها مما يلزمه تأديته أو تكون غير واجبة عليه فإذا دخل فيها وجبت بدخوله فيها فلزمه تمامها قال ما تعدو واحدا من هذين قلت فقوله خارج من هذين قال وكيف قلت يزعم أن من قطع صلاة أو صياما أو طوافا من غير عذر يلزمه أن يقضيه كما يلزمه قضاء المفروض عليه من هذا كله ومن قطع من عذر لم يزمه أن يقضيه وهو يزعم في المفروض عليه أنه يلزمه إذا قطعه من علة أن يقضية كما يلزمه إذا قطعه من غير عذر قال ليس لقائل هذا حجة يحتاج عالم معه إلى مناظراته وقد كنت أعلم أنه يوافقنا منه في شيء ويخالفنا في شيء لم أعرفه حتى ذكره قلت فهكذا قوله قال فلعل عنده فيه أثرا قلنا فيوهم أن عنده أثرا ولا يذكره وأنت تراه يذكر من الآثار ما لا يوافق قوله لا ترى أنت له فيه حجة ولا أثرا قال الشافعي: فقال فبقيت لنا عليك حجة وهي أنك تركت فيها بعض الأصل الذي ذهبت إليه قال الشافعي: فقلت وما هي قال أنت تقول من تطوع بحج أو عمرة فدخل فيهما لم يكن له الخروج منهما وهما نافلة فما فرق بين الحج والعمرة وغيرهما من صلاة وطواف وصوم قلت الفرق الذي لا أعلمك ولا أحد يخالف فيه قال فما هو قلت أفرأيت من أفسد صلاته أو صومه أو طوافه أيمضى في واحد منها أو يستأنفها قال بل يستأنفها قلت ولو مضى في صلاة فاسدة أو

صفحة : 415

صوم أو طواف لم يجزه وكان عاصيا ولو فسدت طهارته ومضى مصليا أو طائفا لم يجز قال نعم قلت يؤمر بالخروج منها قال نعم قلت أفرأيت إذا فسد حجه وعمرته أيقال له أخرج منهما فإنه لا يجوز له أن يمضى في واحد منهما وهو فاسد قال لا قلت ويقال له اعمل للحج والعمرة وقد فسدا كما تعمله صحيحا لا تدع من عمله شيئا للفساد واحجج قابلا واعتمر وافتد قال نعم قلت أفتراهما يشبها شيئا مما وصفت والله أعلم

بسم الله الرحمن الرحيم
================

==============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اندكس بريد مكة

 الرابط